الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ وَالْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ فَتُوَافِقُ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .
زَادَ مُسْلِمٌ «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ»
ــ
[طرح التثريب]
لَفْظَهَا «إذَا قَالَ الْإِمَامُ آمِينَ» فَهَذِهِ لَا تَحْتَمِلُ الْمَحْمَلَ الَّذِي أَوَّلُوا عَلَيْهِ «إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَيْضًا يُنَافِي تَأْوِيلُهُمْ قَوْلَهُ «فَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى» .
1 -
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلْمَلَائِكَةِ قُوَّةَ الْإِدْرَاكِ بِالسَّمْعِ وَهُمْ فِي السَّمَاءِ لِمَا يَنْطِقُ بِهِ بَنُو آدَمَ فِي الْأَرْضِ أَوْ لِبَعْضِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَكَانَ تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالسَّمَاءِ الْعُلُوُّ وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
(الثَّالِثَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةَ غَيْرُ الْحَفَظَةِ لِتَقْيِيدِ تَأْمِينِهِمْ بِالسَّمَاءِ وَالْحَفَظَةُ مَعَ بَنِي آدَمَ وَقَدْ حَكَى الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ خِلَافًا هَلْ هُمْ الْحَفَظَةُ أَوْ غَيْرُهُمْ.
[فَائِدَةٌ الْمُرَادَ بِمُوَافَقَةِ تَأْمِينُ ابْنِ آدَمَ تَأْمِينُ الْمَلَائِكَةِ]
1
(الرَّابِعَةُ) اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ «فَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى» فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُوَافَقَةُ فِي الزَّمَنِ بِحَيْثُ يَقَعُ تَأْمِينُ ابْنِ آدَمَ وَتَأْمِينُ الْمَلَائِكَةِ مَعًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْمُوَافَقَةُ فِي صِفَةِ التَّأْمِينِ مِنْ كَوْنِهِ بِإِخْلَاصٍ وَخُشُوعٍ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهَذَا بَعِيدٌ وَقِيلَ: مَنْ وَافَقَ الْمَلَائِكَةَ فِي اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ غُفِرَ لَهُ وَقِيلَ: مَنْ وَافَقَهُمْ فِي لَفْظِ الدُّعَاءِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
(الْخَامِسَةُ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ «غُفِرَ لَهُ» رَاجِعٌ إلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى ذِكْرٌ لِلْمَأْمُومِ أَصْلًا فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى الْإِمَامِ.
(السَّادِسَةُ) ظَاهِرُ الْحَدِيثِ مَغْفِرَةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الذُّنُوبِ سَوَاءٌ فِيهِ الصَّغَائِرُ وَالْكَبَائِرُ وَقَدْ خَصَّ الْعُلَمَاءُ هَذَا وَأَشْبَاهَهُ بِتَكْفِيرِ الصَّغَائِرِ فَقَطْ وَقَالُوا: إنَّمَا يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ التَّوْبَةُ وَكَأَنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا التَّقْيِيدَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ بِالصَّغَائِرِ حَمَلُوا مَا أُطْلِقَ فِي غَيْرِهَا عَلَيْهَا كَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(السَّابِعَةُ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْإِمَامِيَّةِ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ التَّأْمِينَ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لَهَا وَهُمْ فِي ذَلِكَ خَارِقُونَ لِإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لَا صَحِيحَةً وَلَا سَقِيمَةً.
1 -
(الطَّرِيقُ الثَّانِي لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ)«إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ وَالْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ فَتُوَافِقُ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غَفَرَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .
وَفِيهَا فَائِدَتَانِ
وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَلَمْ يَقُلْ مُسْلِمٌ «فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ» وَلَهُ «إذَا قَالَ الْقَارِئُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقَالَ مَنْ خَلْفَهُ: آمِينَ فَوَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَلِلْبُخَارِيِّ «إذَا قَالَ الْإِمَامُ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقُولُوا آمِينَ» الْحَدِيثَ..
ــ
[طرح التثريب]
الْأُولَى) فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّأْمِينِ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْمَأْمُومِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ «أَحَدُكُمْ» قَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ: وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْفَذَّ يُؤَمِّنُ مُطْلَقًا وَالْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فِيمَا يُسِرَّانِ فِيهِ يُؤَمِّنَانِ.
(الثَّانِيَةُ) أَطْلَقَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ التَّأْمِينَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالصَّلَاةِ فَمَنْ قَالَ: يُعْمَلُ بِالْمُطْلَقِ كَالْحَنَفِيَّةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ يَقُولُونَ: إنَّ هَذَا الثَّوَابَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالصَّلَاةِ بَلْ التَّأْمِينُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ حُكْمُهُ هَكَذَا وَيُقَالُ لَهُمْ: إنَّ الثَّوَابَ مُتَرَتِّبٌ عَلَى مُوَافَقَةِ تَأْمِينِ ابْنِ آدَمَ لِتَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ وَإِنَّمَا نُقِلَ لَنَا تَأْمِينُ الْمَلَائِكَةِ لِتَأْمِينِ الْمُصَلِّي كَمَا سَيَأْتِي فِي الطَّرِيقِ الثَّالِثِ وَأَمَّا مَنْ حَمَلَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَإِنَّهُ يَخُصُّهُ بِالصَّلَاةِ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ آمِينَ» .
1 -
(الطَّرِيقُ الثَّالِثُ)«إذَا أَمَّنَ الْقَارِئُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .
فِيهِ فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ التَّأْمِينُ لِلْمَأْمُومِ إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ رَتَّبَهُ عَلَى تَأْمِينِهِ فَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ التَّأْمِينَ لَمْ يُؤَمِّنْ الْمَأْمُومُ وَهَذَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ بَلْ ادَّعَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى خِلَافِهِ وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يُؤَمِّنْ الْإِمَامُ فَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ الْجَهْرُ بِهِ سَوَاءٌ تَرَكَهُ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ إنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ انْتَهَى.
وَظَاهِرُهُ إطْلَاقُ