الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لَوْ أُبِيحَتْ الصَّلَاةُ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَالْعَصْرِ لَمْ يُؤْمَنْ التَّمَادِي فِيهَا إلَى الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَهِيَ حِينَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَحِينَ غُرُوبِهَا.
هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَنْهَى أَحَدًا يُصَلِّي مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ غَيْرَ أَنْ لَا يَتَحَرَّى طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ذَلِكَ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ.
(قُلْت) هُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ.
وَهُوَ مَذْهَبُ عَائِشَةَ قَالَتْ أُوهِمَ عُمَرُ إنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الصَّلَاةِ أَنْ يَتَحَرَّى بِهَا طُلُوعَ الشَّمْسِ أَوْ غُرُوبَهَا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَنِصْفَ النَّهَارِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، وَتَحْرُمُ فِي سَاعَتَيْنِ حِينَ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّمْسِ حَتَّى يَسْتَوِيَ طُلُوعُهَا وَحِينَ تَصْفَرُّ حَتَّى يَسْتَوِيَ غُرُوبُهَا انْتَهَى.
وَهُوَ مَذْهَبٌ رَابِعٌ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورِينَ قَبْلَهُ لَمْ يَكْرَهُوا الصَّلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَالْعَصْرِ وَهَذَا كَرِهَهَا (فَإِنْ قَلْتَ) هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ اقْتَصَرُوا فِي كُتُبِهِمْ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَعَبَّرُوا فِي الصُّوَرِ الْأُخْرَى بِعَدَمِ الْجَوَازِ (قُلْتُ) هُوَ كَذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَيُخَالِفُهُمْ؛ لِأَنَّهُ ضَمَّ حَالَةَ الِاسْتِوَاءِ إلَى هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فِي الْكَرَاهَةِ وَهُمْ ضَمُّوهَا إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا فِي عَدَمِ الْجَوَازِ.
وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ إلَى التَّحْرِيمِ فِي حَالَتَيْ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ، وَالْكَرَاهَةِ فِيمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، وَالصُّبْحِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَجُوزُ بَعْدَ الصُّبْحِ أَيْ وَيَجُوزُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ قُدَامَةَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ مَاتَتْ عَمَّتِي، وَقَدْ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَجِئْته حِينَ صَلَّيْنَا الصُّبْحَ فَأَعْلَمْته فَقَالَ اجْلِسْ فَجَلَسْت حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَصَفَتْ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى عَلَيْهَا قَالُوا فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ يُبِيحُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ قَدْ كَرِهَهَا بَعْدَ الصُّبْحِ انْتَهَى.
فَهَذَا مَذْهَبٌ خَامِسٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ مَنَعَ الصَّلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَجَوَّزَهَا بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى الِاصْفِرَارِ لِحَدِيثِ الرَّكْعَتَيْنِ وَلِحَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَّا، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ» وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَزَادَ عَلَيْهِ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ فَجَوَّزَهَا إلَى بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَرَأَى النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخًا.
[فَائِدَةٌ النَّهْيَ فِيمَا بَعْدَ الْعَصْرِ عَنْ الصَّلَاة مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ]
1
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
السَّابِعَةُ) الَّذِينَ قَالُوا بِالنَّهْيِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِيمَا بَعْدَ الْعَصْرِ مُتَعَلِّقٌ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ قَدَّمَهَا اتَّسَعَ وَقْتُ النَّهْيِ، وَإِنْ أَخَّرَهَا ضَاقَ فَأَمَّا فِيمَا بَعْدَ الصُّبْحِ فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ إنَّمَا تَحْصُلُ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ فِعْلِ الصُّبْحِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى ثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ سِوَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فِي التَّتِمَّةِ وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ كَانُوا يَكْرَهُونَ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَنْ يُصَلُّوا إلَّا رَكْعَتَيْنِ.
وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ وَحُمَيْدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: وَرُوِيَتْ كَرَاهَتُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلَيْسَ يَثْبُتُ ذَلِكَ عَنْهُمَا وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَالَ: يَا يَسَارُ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ فَقَالَ لِيُبْلِغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا سَجْدَتَيْنِ» وَفِي لَفْظٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ لَا صَلَاةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَّا سَجْدَتَانِ وَفِي لَفْظٍ لَهُ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَقَالَ غَرِيبٌ.
وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ إنَّمَا تَثْبُتُ الْكَرَاهَةُ بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَلَهُ قَبْلَهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الْمَذْكُورُ أَوَّلًا وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ أَوْقَاتَ الْكَرَاهَةِ خَمْسَةٌ ثَلَاثَةٌ يَتَعَلَّقُ النَّهْيُ فِيهَا بِالزَّمَانِ وَاثْنَانِ يَتَعَلَّقُ النَّهْيُ فِيهِمَا بِالْفِعْلِ.
وَعَدَّهَا النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ ثَلَاثَةً عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ وَنَسَبَ فِي ذَلِكَ إلَى نَوْعِ تَسَاهُلٍ وَقَالَ هُوَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: إنَّ عَدَّهَا خَمْسَةً أَجْوَدُ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتْ يُكْرَهُ لَهُ التَّنَفُّلُ، وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ عَدِّهَا ثَلَاثًا وَفِي الْمُغْنِي لِابْنِ قُدَامَةَ أَنَّ أَحْمَدَ عَدَّهَا ثَلَاثَةً وَعَدَّهَا أَصْحَابُهُ خَمْسَةً.
وَكَذَا فَعَلَ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ خَلَطَ وَقْتَيْ الْفِعْلِ بِوَقْتَيْ الزَّمَانِ فَأَفْرَدَ الْكَرَاهَةَ فِيمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فَجَعَلَهَا وَقْتًا آخَرَ فَقَالَ: إنَّ أَوْقَاتَ الْكَرَاهَةِ أَرْبَعَةٌ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حَتَّى