الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَي: مَا أَرَادَ، يَعْنِي: كَانَت الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين ثمَّ نسخ مِنْهَا من كَانَ وَارِثا بِآيَة الْفَرَائِض. وَبِقَوْلِهِ: (لَا وَصِيَّة لوَارث) وَأبقى حق من لَا يَرث من الْأَقْرَبين بِالْوَصِيَّةِ على حَاله، قَالَه طَاوُوس وَغَيره. قَوْله:(وَجعل للْمَرْأَة الثّمن)، يَعْنِي: عِنْد وجود الْوَلَد، وَجعل (الرّبع) عِنْد عَدمه. قَوْله:(والشطر) أَي: وَجعل للزَّوْج الشّطْر أَي: النّصْف، أَي: نصف المَال عِنْد عدم الْوَلَد، وَجعل (الرّبع) عِنْد وجود الْوَلَد، ثمَّ الحَدِيث دلّ على أَن: لَا وَصِيَّة للْوَارِث.
وَاخْتلفُوا إِذا أوصى لبَعض ورثته، فَأَجَازَهُ بَعضهم فِي حَيَاته، ثمَّ بدا لَهُم بعد وَفَاته. فَقَالَت طَائِفَة: ذَلِك جَائِز عَلَيْهِم وَلَيْسَ لَهُم الرُّجُوع فِيهِ، هَذَا قَول عَطاء وَالْحسن وَابْن أبي ليلى وَالزهْرِيّ وَرَبِيعَة وَالْأَوْزَاعِيّ. وَقَالَت طَائِفَة: لَهُم الرُّجُوع فِي ذَلِك إِن أَحبُّوا، هَذَا قَول ابْن مَسْعُود وَشُرَيْح وَالْحكم وطاووس، وَهُوَ قَول الثَّوْريّ وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأبي ثَوْر. وَقَالَ مَالك: إِذا أذنوا لَهُ فِي صِحَّته فَلهم أَن يرجِعوا، وَإِن أذنوا فِي مَرضه وَحين يحجب عَن مَاله فَذَلِك جَائِز عَلَيْهِم، وَهُوَ قَول إِسْحَاق، وَعَن مَالك أَيْضا: لَا رُجُوع لَهُم إلَاّ أَن يَكُونُوا فِي كفَالَته فيرجعوا. وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: إِنَّمَا يبطل الْوَصِيَّة للْوَارِث فِي قَول أَكثر أهل الْعلم من أجل حُقُوق سَائِر الْوَرَثَة، فَإِذا أجازوها جَازَت كَمَا إِذا أَجَازُوا الزِّيَادَة على الثُّلُث، وَذهب بَعضهم إِلَى أَنَّهَا لَا تجوز، وَإِن أجازوها، لِأَن الْمَنْع لحق الشَّرْع فَلَو جوزناها كُنَّا قد استعملنا الحكم الْمَنْسُوخ، وَذَلِكَ غير جَائِز، وَهَذَا قَول أهل الظَّاهِر، وَقَالَ أَبُو عمر: وَهُوَ قَول عبد الرَّحْمَن بن كيسَان والمزني، وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: وَاتفقَ مَالك وَالثَّوْري والكوفيون وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر أَنه إِذا أَجَازُوا ذَلِك بعد وَفَاته لَزِمَهُم. وَهل هُوَ ابْتِدَاء عَطِيَّة مِنْهُم أم لَا؟ فِيهِ خلاف، وَاتَّفَقُوا على اعْتِبَار كَون الْمُوصي لَهُ وَارِثا بِيَوْم الْمَوْت حَتَّى لَو أوصى لِأَخِيهِ الْوَارِث، حَيْثُ لَا يكون لَهُ ابْن يحجب الْأَخ الْمَذْكُور، فولد لَهُ ابْن قبل مَوته يحجب الْأَخ، فَالْوَصِيَّة للْأَخ الْمَذْكُور صَحِيحَة، وَلَو أوصى لِأَخِيهِ وَله ابْن فَمَاتَ الإبن قبل موت الْمُوصي فَهِيَ وَصِيَّة لوَارِثه.
7 -
(بابُ الصَّدَقَةِ عِنْدَ المَوْتِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الصَّدَقَة عِنْد الْمَوْت، وَإِن كَانَ فِي حَال الصِّحَّة أفضل.
8472 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ العَلاءِ قَالَ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ عنْ سُفْيَانَ عنْ عُمَارَةَ عنْ أبِي زُرْعَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رجُلٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم يَا رَسُولَ الله أيُّ الصَّدَقةِ أفْضلُ قَالَ أنْ تَصَدَّقَ وأنْتَ صَحيحٌ حَرِيصٌ تأمَلَ الغِناى وتَخْشاى الفَقْرَ وَلَا تمْهِلْ حتَّى إذَا بَلَغَتِ الحلْقُومَ قلْتَ لِفُلانِ كذَا ولِفُلانٍ كَذَا وقَدْ كانَ لِفُلانٍ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (حَتَّى إِذا بلغت الْحُلْقُوم) إِلَى آخِره، وَمُحَمّد بن الْعَلَاء بن كريب الْهَمدَانِي الْكُوفِي وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَعمارَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم: ابْن الْقَعْقَاع بن شبْرمَة الضَّبِّيّ الْكُوفِي، وَأَبُو زرْعَة ابْن جرير بن عبد الله البَجلِيّ الْكُوفِي، قيل: اسْمه هرم، وَقيل: عبد الله، وَقيل عبد الرَّحْمَن، وَقيل: جرير، وَقيل: عَمْرو.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بَاب أَي الصَّدَقَة أفضل؟ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْوَاحِد عَن عمَارَة، وَلَكِن الْإِسْنَاد هُنَاكَ كُله بِالتَّحْدِيثِ وَهنا بِالتَّحْدِيثِ فِي موضِعين وَالْبَاقِي بالعنعنة. قَوْله:(قَالَ رجل للنَّبِي، صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله)، وَهُنَاكَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي، صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ. قَوْله:(أَي الصَّدَقَة أفضل؟) وَهُنَاكَ: أَي الصَّدَقَة أعظم أجرا؟ قَوْله: (وَأَنت صَحِيح حَرِيص)، وَهُنَاكَ:(وَأَنت صَحِيح شحيح)، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله:(وَلَا تمهل) بِالْجَزْمِ، لِأَنَّهُ نهي، ويروى بِالرَّفْع على أَنه نفي، وَيجوز النصب على تَقْدِير: وَأَن لَا تمهل. قَوْله: (قلت لفُلَان كَذَا) إِلَى آخِره، قَالَ الْخطابِيّ: فلَان الأول وَالثَّانِي الْمُوصى لَهُ، وَفُلَان الْأَخير الْوَارِث، لِأَنَّهُ إِن شَاءَ أبْطلهُ، وَإِن شَاءَ أجَازه. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قد كَانَ لفُلَان أَي: للْوَارِث، وَالثَّانِي للمورث، وَالثَّالِث للْمُوصى لَهُ.
8 -
(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {مِنْ بعْدِ وصِيَّةٍ يُوصِي بِها أوْ دَيْنٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان المُرَاد من قَول الله تَعَالَى: {من بعد وَصِيَّة} (النِّسَاء: 22) . وَكَأن غَرَض البُخَارِيّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة الِاحْتِجَاج إِلَى جَوَاز