الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7082 -
حدَّثنا أبُو اليَمانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدَّثني إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني أخِي عَن سُلَيْمَانَ أُرَاهُ عنْ مُحَمَّدِ بنِ أبِي عَتِيقٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ خارِجَةَ بنِ زَيْدٍ أنَّ زَيْدَ بنَ ثابِتٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ نَسَخْتُ الصُّحُف فِي المَصَاحِفِ فَفَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأحْزَابِ كُنْتُ أسْمعُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِها فَلَمْ أجِدْهَا إلَاّ مَعَ خُزَيْمَةَ بنِ ثابِتٍ الأنْصَارِيِّ الَّذِي جعَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شَهَادَتَهُ شَهادَةَ رجُلَيْنِ وهْوَ قَوْلُهُ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا الله علَيْهِ} (الْأَحْزَاب: 32) ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأخرجه من طَرِيقين: الأول عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَهَذَا السَّنَد بِعَيْنِه قد مر غير مرّة. وَالثَّانِي: عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن أَخِيه أبي بكر عبد الحميد عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن مُحَمَّد بن أبي عَتيق ضد الْجَدِيد عَن ابْن شهَاب هُوَ الزُّهْرِيّ عَن خَارِجَة بن زيد بن ثَابت الْأنْصَارِيّ، والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب، وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن بنْدَار عَن ابْن مهْدي. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن الْهَيْثَم بن أَيُّوب.
قَوْله: (نسخت الصُّحُف فِي الْمَصَاحِف) الصُّحُف، بِضَمَّتَيْنِ جمع صحيفَة، والصحيفة قِطْعَة قرطاس مَكْتُوب والمصحف الكراسة وحقيتها: مجمع الصُّحُف، قَوْله:(فَلم أَجدهَا إلَاّ مَعَ خُزَيْمَة) لم يرد: أَن حفظهَا قد ذهب عَن جَمِيع النَّاس فَلم يكن عِنْدهم، لِأَن زيد بن ثَابت قد حفظهَا، وَلِهَذَا قَالَ: كنت أسمع رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم يقْرؤهَا. فَإِن قلت: كَيفَ جَازَ إِثْبَات الْآيَة فِي الْمُصحف بقول وَاحِد أَو اثْنَيْنِ وَشرط كَونه قرانا التَّوَاتُر؟ قلت: كَانَ متواتراً عِنْدهم، وَلِهَذَا قَالَ: كنت أسمع رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(يقْرَأ بهَا)، لكنه لم يجدهَا مَكْتُوبَة فِي الْمُصحف إلَاّ عِنْد خُزَيْمَة. وَيُقَال: التَّوَاتُر وَعَدَمه، إِنَّمَا يتَصَوَّر أَن فِيمَا بعد أَصْحَابه لأَنهم إِذا سمعُوا من الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَنه قُرْآن، علمُوا قطعا قرآنيته. قلت: رُوِيَ أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: أشهد لسمعتها من رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم وَقد رُوِيَ عَن أبي بن كَعْب وهلال بن أُميَّة مثله، فَهَؤُلَاءِ جمَاعَة، وَخُزَيْمَة بن ثَابت بن الْفَاكِه بن ثَعْلَبَة بن سَاعِدَة بن عَامر بن عنان بن عَامر ابْن خطمة، واسْمه: عبد الله بن جشم بن مَالك بن الْأَوْس أَبُو عمَارَة الخطمي الْأنْصَارِيّ، يعرف بِذِي الشَّهَادَتَيْنِ، كَانَت مَعَه راية بني خطمة يَوْم الْفَتْح، شهد بَدْرًا وَمَا بعْدهَا من الْمشَاهد، وَكَانَ مَعَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بصفين فَلَمَّا قتل عمار جرد سَيْفه فقاتل حَتَّى قتل، وَكَانَت صفّين سنة سبع وَثَلَاثِينَ. وَقَالَ أَبُو عمر: لما قتل عمار بصفين قَالَ خُزَيْمَة: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم يَقُول: تقتل عماراً الفئة الباغية.
وَسبب كَون شَهَادَته بشهادتين أَنه صلى الله عليه وسلم كلم رجلا فِي شَيْء فَأنكرهُ، فَقَالَ خُزَيْمَة أَنا أشهد، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَتَشهد وَلم تستشهد؟ فَقَالَ: نَحن نصدقك على خبر السَّمَاء، فَكيف بِهَذَا؟ فَأمْضى شَهَادَته وَجعلهَا بشهادتين. وَقَالَ لَهُ: لَا تعد، وَهَذَا من خَصَائِصه، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
31 -
(بابٌ عمَلٌ صالِحٌ قَبْلَ القِتالِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تَقْدِيم عمل صَالح قبل الْقِتَال، هَذَا على تَقْدِير إِضَافَة الْبَاب إِلَى عمل، وَيجوز قطعه عَن الْإِضَافَة، وَيكون التَّقْدِير: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ عمل صَالح قبل الْقِتَال، يَعْنِي: كَون عمل صَالح قبله.
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إنَّمَا تُقَاتِلُونَ بأعْمَالِكُمْ
أَبُو الدَّرْدَاء اسْمه عُوَيْمِر بن مَالك الخزرجي الْأنْصَارِيّ، وروى الدينَوَرِي هَذَا التَّعْلِيق من طَرِيق أبي إِسْحَاق الْفَزارِيّ عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن ربيعَة بن يزِيد أَن أَبَا الدَّرْدَاء قَالَ: أَيهَا النَّاس! عمل صَالح قبل الْغَزْو فَإِنَّمَا تقاتلون بأعمالكم، أَي: متلبسين بأعمالكم. فَإِن قلت: مَا وَجه تَقْسِيم البُخَارِيّ هَذَا حَيْثُ جعل الشّطْر الأول تَرْجَمَة والشطر الثَّانِي أصلا مُعَلّقا؟ . قلت: نظر البُخَارِيّ فِي هَذَا دَقِيق، وَذَلِكَ أَنه لما علم انْقِطَاع الطَّرِيق فِي الشّطْر الأول بَين ربيعَة بن يزِيد وَأبي الدَّرْدَاء جعله تَرْجَمَة، وَعلم
اتِّصَال الطَّرِيق فِي الشّطْر الثَّانِي وَعَزاهُ إِلَى أبي الدَّرْدَاء بالجزمم فَإِن قلت: مَا وَجه الِاتِّصَال؟ قلت: روى عبد الله بن الْمُبَارك فِي كتاب الْجِهَاد عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن ربيعَة بن يزِيد عَن ابْن حَلبس عَن أبي الدَّرْدَاء. قَالَ: إِنَّمَا تقاتلون بأعمالكم، فاقتصر على هَذَا الْمِقْدَار، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام وَفتح الْبَاء وَفِي آخِره سين مُهْملَة. وَقَالَ ابْن مَاكُولَا، يزِيد بن ميسرَة بن حَلبس، يروي عَن أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء، وَأَخُوهُ يُونُس بن ميسرَة بن حَلبس، يروي عَن مُعَاوِيَة ابْن أبي سُفْيَان وَأبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ وَغَيرهمَا، وأخوهما أَيُّوب بن ميسرَة بن حَلبس.
وقَوْلُهُ عز وجل {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ الله أنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ إنَّ الله يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كأنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصَّفّ: 2 4) .
وَقَوله تَعَالَى، يجوز بِالرَّفْع والجر بِحَسب عطفه على قَوْله: عمل صَالح قبل الْقِتَال، قيل: لَا مُنَاسبَة بَين التَّرْجَمَة وَالْآيَة. ورد بِأَنَّهَا مَوْجُودَة من حَيْثُ إِن الله عَاتب من قَالَ بِمَا لَا يفعل، وَأثْنى على من وفى وَثَبت عِنْد الْقِتَال، والثبات عِنْده من أصلح الْأَعْمَال. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَالْمَقْصُود من ذكر هَذِه الْآيَة ذكر: صفا أَي: صافين أنفسهم، أَو مصفوفين، إِذْ هُوَ عمل صَالح قبل الْقِتَال. وَقيل: يجوز أَن يُرَاد اسْتِوَاء بنيانهم فِي الْبناء حَتَّى يَكُونُوا فِي اجْتِمَاع الْكَلِمَة كالبنيان. وَقيل: مَفْهُومه مدح الَّذين قَالُوا وعزموا وقاتلوا، وَالْقَوْل فِيهِ والعزم عملان صالحان. قَوْله:{يَا أَيهَا الَّذين} (الصَّفّ: 2 4) . إِلَى آخِره. قَالَ مقَاتل فِي (تَفْسِيره) قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا. .} (الصَّفّ: 2 4) . إِلَى آخِره: يَعِظهُمْ بذلك، وَذَلِكَ أَن الْمُؤمنِينَ قَالُوا: لَو نعلم أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله لعملنا، فَأنْزل الله تَعَالَى:{إِن الله يحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله} (الصَّفّ: 2 4) . يَعْنِي: فِي طَاعَته {صفا كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص} (الصَّفّ: 2 4) . فَأخْبر الله تَعَالَى بِأحب الْأَعْمَال إِلَيْهِ بعد الْإِيمَان، فكرهوا الْقَتْل فوعظهم الله وأدبهم فَقَالَ:{لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (الصَّفّ: 2 4) . وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : قيل: إِن الرجل كَانَ يَجِيء إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَيَقُول: فعلت كَذَا وَكَذَا، وَمَا فعل فَنزلت:{لم تَقولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} (الصَّفّ: 2 4) . وَقَالَ الضَّحَّاك: كَانَ الرجل يَقُول: قَاتَلت وَلم يُقَاتل، وطعنت وَلم يطعن، وَصَبَرت وَلم يصبر، فَنزلت هَذِه الْآيَة. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ نَاس من الْمُؤمنِينَ قبل أَن يفْرض الْجِهَاد يَقُولُونَ: وَدِدْنَا لَو أَن الله تَعَالَى دلنا على أحب الْأَعْمَال إِلَيْهِ فنعمل بِهِ، فَأخْبرهُم الله تَعَالَى: أَن أفضل الْأَعْمَال الْجِهَاد، وَكره ذَلِك نَاس مِنْهُم، وشق عَلَيْهِم الْجِهَاد وتباطؤا عَنهُ، فَنزلت هَذِه الْآيَة. وَقَالَ ابْن زيد: نزلت فِي الْمُنَافِقين، كَانُوا يُعِدون الْمُؤمنِينَ النَّصْر وَيَقُولُونَ: لَو خَرجْتُمْ خرجنَا مَعكُمْ ونصرناكم، فَلَمَّا خرج النَّبِي، صلى الله عليه وسلم نكصوا عَنهُ، فَنزلت هَذِه الْآيَة. قَوْله:(لِمَ؟) هِيَ لَام الْإِضَافَة دَاخِلَة على: مَا، الاستفهامية، كَمَا دخل عَلَيْهَا غَيرهَا من حُرُوف الْجَرّ فِي قَوْلك: بِمَ وفيم وَعم وإلام وعلام، وَإِنَّمَا حذفت الْألف لِأَن مَا، والحرف كشيء وَاحِد، وَوَقع اسْتِعْمَالهَا كثيرا فِي كَلَام المستفهم. وَقَالَ الْحسن: إِنَّمَا بدأهم بِالْإِيمَان تهكماً بهم، لِأَن الْآيَة نزلت فِي الْمُنَافِقين وبإيمانهم. قَوْله:(كبر مقتاً) هَذَا من أفْصح الْكَلَام وأبلغه فِي مَعْنَاهُ، قصد فِي كبر التَّعَجُّب من غير لَفظه، وَمعنى التَّعَجُّب تَعْظِيم الْأَمر فِي قُلُوب السامعين، لِأَن التَّعَجُّب لَا يكون إلَاّ من شَيْء خَارج عَن نَظَائِره وأشكاله، وَأسْندَ: كبر، إِلَى: أَن تَقولُوا، وَنصب: مقتاً، على تَفْسِيره، دلَالَة على أَن قَوْلهم: مَا لَا يَفْعَلُونَ) ، مقت خَالص لَا شوب فِيهِ لفرط تمكن المقت مِنْهُ، واختير لفظ: المقت، لِأَنَّهُ أَشد البغض وأبلغه. قَوْله:(صفا) أَي: صافين أنفسهم أَو مصفوفين. قَوْله: (مرصوص)، أَي: كَأَنَّهُمْ فِي تراصهم من غير فُرْجَة بُنيان رص بعضه إِلَى بعض.
8082 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حدَّثنا شَبَابَةُ بنُ سَوَّارِ الفَزَارِيُّ قَالَ حدَّثنا إسْرَائيلُ عنْ أبِي إسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مُقَنَّعٌ بالحَدِيدِ فقالَ يَا رسولَ الله أُقَاتِلُ واسْلِمُ قَالَ أسْلِمْ ثُمَّ قاتِلْ فأسْلَمَ ثُمَّ قاتَلَ فقُتِلَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَمِلَ قَلِيلاً وأُجِرَ كَثِيراً.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أسلم ثمَّ قَاتل) فَأسلم ثمَّ قَاتل وَقد أَتَى بِالْعَمَلِ الصَّالح بل بِأَفْضَل الْأَعْمَال وأقواها صلاحاً، وَهُوَ الْإِسْلَام، ثمَّ قَاتل بعد أَن أسلم. وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم أَبُو يحيى كَانَ يُقَال لَهُ: صَاعِقَة.
وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وشبابة بِفَتْح