الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز. وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله مُسلم، وَقَالَ: حَدثنَا الْحسن بن عَليّ الْحلْوانِي وَعبد بن حميد قَالَا: حَدثنَا أَبُو عَامر الْعَقدي عَن الْمُغيرَة وَهُوَ أَبُو عبد الرَّحْمَن الْحزَامِي عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاء الْعَدو فَإِذا لقيتموهم فَاصْبِرُوا) .
وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا.
وَفِي الحَدِيث: نهى عَن تمني لِقَاء الْعَدو لما فِيهِ من الْإِعْجَاب والاتكال على الْقُوَّة، وَلِأَن النَّاس يَخْتَلِفُونَ فِي الصَّبْر على الْبلَاء ألَا يُرى الَّذِي أحرقته الْجراح فِي بعض الْمَغَازِي مَعَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم فَقتل نَفسه، وَقَالَ الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لِأَن أعافَى فأشكر أحب إِلَيّ من أَن أبتلى فأصبر. وَرُوِيَ عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَالَ لأبنه: يَا بني! لَا تدعوَنَّ أحدا إِلَى المبارزة، وَمن دعَاك إِلَيْهَا فَاخْرُج إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ بَاغ وَالله تَعَالَى قد ضمن نصر من بغى عَلَيْهِ وَأما أَقْوَال الْعلمَاء فِيهِ فقد ذكر ابْن الْمُنْذر أَنه: أجمع كل من يحفظ عَنهُ الْعلم من الْعلمَاء على أَن للمرء أَن يبارز وَيَدْعُو إِلَى البرَاز بِإِذن الإِمَام غير الْحسن الْبَصْرِيّ، فَإِنَّهُ كرهها، هَذَا قَول الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق. وأباحته طَائِفَة وَلم يذكرُوا إِذن الإِمَام وَلَا غَيره، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ، فَإِن طلبَهَا كَافِر يسْتَحبّ الْخُرُوج إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يحسن مِمَّن جرب نَفسه وَيَأْذَن الإِمَام، وَسُئِلَ مَالك عَن الرجل يَقُول بَين الصفين: من يبارز؟ قَالَ: ذَلِك إِلَى نِيَّته، إِن كَانَ يُرِيد بذلك وَجه الله تَعَالَى فأرجو أَن لَا يكون بِهِ بَأْس، قد كَانَ فعل ذَلِك من مضى، وَقَالَ أنس بن مَالك: قد بارز الْبَراء ابْن مَالك مرزبان فَقتله، وَقَالَ أَبُو قَتَادَة: بارزت رجلا يَوْم حنين فَقتلته، فَأَعْطَانِي رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، سلبه وَلَيْسَ فِي خَبره أَنه اسْتَأْذن فِيهِ.
751 -
(بابٌ الحَرْبُ خَدْعَةٌ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ الْحَرْب خدعة، بِضَم الْخَاء وَفتحهَا، على مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
7203 -
حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا عبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنْ هَمَّامٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لَا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ وقَيْصَرُ لَيَهْلكَنَّ ثُمَّ لَا يَكُونُ قَيْصَرُ بَعْدَهُ ولَتُقْسَمَنَّ كُنُوزُهُما فِي سَبِيلِ الله. وسَمَّى الْحَرْبَ خُدْعَةً.
(الحَدِيث 8203 طرفه فِي: 9203) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، قد ذكرُوا غير مرّة، والْحَدِيث أخرجه مُسلم عَن مُحَمَّد بن رَافع.
قَوْله: (كسْرَى) ، بِفَتْح الْكَاف وَكسرهَا، لقب ملك الْفرس، وَذكره ثَعْلَب بِكَسْر الْكَاف، وَقَالَ الْفراء: الْكسر أَكثر من الْفَتْح، وَأنكر أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ الْفَتْح، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْكسر أفْصح وَكَانَ أَبُو حَاتِم يخْتَار الْكسر، وَقَالَ الْقَزاز: الْجمع كسور وأكاسرة وكياسرة وَالْقِيَاس أَن يجمع كسرون، كَمَا يجمع مُوسَى موسون، وَعَن أبي إِسْحَاق الزّجاج أَنه أنكر على أبي الْعَبَّاس قَوْله: كسْرَى، بِكَسْر الْكَاف، قَالَ: وَإِنَّمَا هُوَ كسْرَى بِالْفَتْح وَقَالَ: أَلا تراهم يَقُولُونَ: كسروي، وَقَالَ ابْن فَارس: لَا اعْتِبَار بِالنِّسْبَةِ، فقد يفتح فِي النِّسْبَة مَا هُوَ مكسور فِي الأَصْل أَو مضموم فَيُقَال فِي: ثعلبي بِالْفَتْح، ثعلبي بِالْكَسْرِ، وَفِي أموي بِالضَّمِّ، أموي بِالْفَتْح، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ مُعرب خسر، وَمَعْنَاهُ وَاسع الْملك. فَكيف عربه المعرب، إِذا لم يخرج عَن بِنَاء كَلَام الْعَرَب، فَهُوَ جَائِز، وَفِي (الْمُجْمل) قَالَ أَبُو عَمْرو: ينْسب إِلَى كسْرَى، بِكَسْر الْكَاف: كسْرَى وكسروي، وَذكر اللحياني أَن مَعْنَاهُ: شاهان شاه، وَهُوَ اسْم لكل من ملك الْفرس. قَوْله:(وَقَيْصَر) ، مُبْتَدأ، وَقَوله:(ليهلكن) خَبره، وَهُوَ غير منصرف للعلمية والعجمة، ويروى: قَيْصر، بعد النَّفْي بِالتَّنْوِينِ لزوَال العلمية بالتنكير، وَكَذَا الْكَلَام فِي كسْرَى، وَإِنَّمَا قَالَ فِي كسْرَى، هلك بِلَفْظ الْمَاضِي وَفِي قَيْصر بِلَفْظ الْمُضَارع لِأَن كسْرَى الَّذِي كَانَ فِي عَهده صلى الله عليه وسلم كَانَ هَالكا حِينَئِذٍ، وَأما قَيْصر فَكَانَ حَيا إِذْ ذَاك. فَإِن قلت: قد كَانَ بعدهمَا غَيرهمَا. قلت: مَا قَامَ لَهُم الناموس على الْوَجْه الَّذِي قبل ذَلِك. قلت: روى مُسلم من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم: قد مَاتَ كسْرَى فَلَا كسْرَى بعده، وَإِذا هلك قَيْصر فَلَا قَيْصر بعده، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لتتنفقن كنوزهما فِي سَبِيل الله. وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ أَيْضا عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم: إِذا هلك كسْرَى فَلَا كسْرَى بعده، وَإِذا هلك قَيْصر فَلَا قَيْصر بعده. . الحَدِيث، وَبَين اللَّفْظَيْنِ
بَون عَظِيم فَلفظ مُسلم يَقْتَضِي أَن موت كسْرَى قد وَقع فَأخْبر عَنهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يُؤَيّد رِوَايَة البُخَارِيّ: هلك كسْرَى، وَلَفظ التِّرْمِذِيّ يدل على أَن هَلَاكه سيقع لِأَن إِذا للمستقبل، وَلَفظ مُسلم: قد مَاتَ كسْرَى، بِلَفْظ الْمَاضِي الْمُؤَكّد بِكَلِمَة: قد، وَلَا يَصح أَن يُقَال فِي: قد مَاتَ، إِذا مَاتَ. قلت: الْجَواب من وَجْهَيْن أَحدهمَا: أَن يُقَال أَن أَبَا هُرَيْرَة سمع الحَدِيث مرَّتَيْنِ، فَسمع أَولا: إِذا هلك كسْرَى، ثمَّ سمع بعده: قد مَاتَ، فِي رِوَايَة مُسلم، وَهلك فِي رِوَايَة البُخَارِيّ، ومعناهما وَاحِد، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم أخبر أَولا قبل موت كسْرَى بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ علم أَنه يَمُوت ثمَّ لما مَاتَ، قَالَ: قد مَاتَ كسْرَى، وَالْآخر: أَن يفرق بَين الْمَوْت والهلاك، فموته قد وَقع فِي حَيَاته صلى الله عليه وسلم فَأخْبر بذلك، وَأما هَلَاك ملكه فَلم يَقع إلَاّ بعد مَوته، صلى الله عليه وسلم، وَمَوْت أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَإِنَّمَا هلك ملكه فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَتَمَامه وتلاشيه فِي أَيَّام عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله:(ولتقسمن) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَهَكَذَا جرى، اقتسم الْمُسلمُونَ كنوزهما فِي سَبِيل الله، وَهَذِه معْجزَة ظَاهِرَة، والكنوز جمع: كنز، وَهُوَ المَال المدفون وَالَّذِي يجمع ويدخر. وَاعْلَم أَن الْهَلَاك فِي كسْرَى عَام وَفِي قَيْصر خَاص، لِأَن معنى الحَدِيث: لَا قَيْصر بعده فِي أَرض الشَّام، وَقد دَعَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم لقيصر لما قَرَأَ كِتَابه أَن يثبت الله ملكه، فَلم يذهب ملك الرّوم أصلا إلَاّ من الْجِهَة الَّتِي خلا مِنْهَا. وَأما كسْرَى فَإِنَّهُ مزق كِتَابه صلى الله عليه وسلم فَدَعَا عَلَيْهِ أَن يمزق ملكه كل ممزق فَانْقَطع إِلَى الْيَوْم وَإِلَى يَوْم الْقِيَامَة. قَوْله:(وسمى) أَي: رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم (الْحَرْب خدعة) وَضبط الْأصيلِيّ: خدعة، بِضَم الْخَاء وَسُكُون الدَّال، وَعَن يُونُس: ضم الْخَاء وَفتح الدَّال، وَعَن عِيَاض: فتحهما، وَقَالَ الْقَزاز: فتح الْخَاء وَسُكُون الدَّال لُغَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم ولغته أفْصح اللُّغَات، وَقَالُوا: الخدعة الْمرة الْوَاحِدَة من الخداع، فَمَعْنَاه: أَن من خدع فِيهَا مرّة وَاحِدَة عطب وَهلك وَلَا عودة لَهُ.
وَقَالَ ابْن سَيّده فِي (العويص) : من قَالَ خدعة أَرَادَ تخدع أَهلهَا وَفِي (الواعي) : أَي: تمنيهم بالظفر وَالْغَلَبَة، ثمَّ لَا تفي لَهُم، وَقَالَ: وَمن قَالَ: خدعة، أَرَادَ هِيَ أَن تخدع، كَمَا يُقَال: رجل لعنة يلعن كثيرا، وَإِذ خدع أحد الْفَرِيقَيْنِ صَاحبه فِي الْحَرْب فَكَأَنَّهَا خدعت هِيَ، وَقَالَ قَاسم بن ثَابت فِي (كِتَابه الدَّلَائِل) : كثر استعمالهم لهَذِهِ الْكَلِمَة حَتَّى سموا الْحَرْب خدعة، وَحكى مكي وَمُحَمّد بن عبد الْوَاحِد: خدعة، بِالْكَسْرِ، وَقَالَ المطرزي: الْأَفْصَح بِالْفَتْح لِأَنَّهُ لُغَة قُرَيْش، وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه: لَيست بلغَة قوم دون قوم، وَإِنَّمَا هِيَ كَلَام الْجَمِيع لِأَنَّهَا الْمرة الْوَاحِدَة من الخداع، فَلذَلِك فتحت. وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو بكر بن طَلْحَة: أَرَادَ ثَعْلَب أَن سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم كَانَ يخْتَار هَذِه البنية ويستعملها كثيرا لِأَنَّهَا بلفظها الْوَجِيز تُعْطِي معنى البنيتين الْأُخْرَيَيْنِ وَيُعْطِي أَيْضا مَعْنَاهَا: اسْتعْمل الْحِيلَة فِي الْحَرْب مَا أمكنك، فَإِذا أعيتك الْحِيَل فقاتل، فَكَانَت هَذِه اللُّغَة على مَا ذكرنَا مختصرة اللَّفْظ كَثِيرَة الْمَعْنى، فَلذَلِك كَانَ سيدنَا يختارها قَالَ اللحياني: خدعت الرجل أخدعه خدعاً وخدعاً وخديعة وخدعة. إِذْ أظهرت لَهُ خلاف مَا تخفي، وَأَصله: كل شَيْء كتمته فقد خدعته، وَرجل خداع وخدوع وخدع وخديعة وخدعة: إِذا أظهرت لَهُ خلاف مَا تخفي، وَأَصله: كل شَيْء كتمته فقد خدعته، وَرجل خداع وخدوع خدع وخدعة: إِذا كَانَ خباً. وَفِي (الْمُحكم) : الخدع والخديعة الْمصدر، والخدع وَالْخداع الإسم، وَرجل خيدع: كثير الخداع، وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: الخديعة فِي الْحَرْب تكون بالتورية وَتَكون بالكمين وَتَكون بخلف الْوَعْد، وَذَلِكَ من الْمُسْتَثْنى الْجَائِز الْمَخْصُوص من الْمحرم.
وَالْكذب حرَام بِالْإِجْمَاع جَائِز فِي مَوَاطِن بِالْإِجْمَاع أَصْلهَا الْحَرْب، أذن الله فِيهِ وَفِي أَمْثَاله رفقا بالعباد لضعفهم، وَلَيْسَ لِلْعَقْلِ فِي تَحْرِيمه وَلَا فِي تَحْلِيله أثر، إِنَّمَا هُوَ إِلَى الشَّرْع، وَلَو كَانَ تَحْرِيم الْكَذِب كَمَا يَقُول المبتدعون عقلا، وَيكون التَّحْرِيم صفة نفسية كَمَا يَزْعمُونَ، مَا انْقَلب حَلَالا أبدا، وَالْمَسْأَلَة لَيست معقولة فتستحق جَوَابا، وخفي هَذَا على عُلَمَائِنَا. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: إِنَّمَا يجوز فِي المعاريض دون حَقِيقَة الْكَذِب، فَإِنَّهُ لَا يحل. وَقَالَ النَّوَوِيّ: الظَّاهِر إِبَاحَة حَقِيقَة الْكَذِب لَكِن الِاقْتِصَار على التَّعْرِيض أفضل، وَقَالَ بعض أهل السّير: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَلِك يَوْم الْأَحْزَاب لنعيم بن مَسْعُود، وَعَن الْمُهلب: الخداع فِي الْحَرْب جَائِز كَيفَ مَا يُمكن إلَاّ بالأيمان والعهود وَالتَّصْرِيح بالأيمان فَلَا يحل شَيْء من ذَلِك.
9203 -
حدَّثنا أبُو بَكْرِ بنُ أصْرَمَ قَالَ أخبرَنا عبْدُ الله قالَ أخبرَنَا مَعْمَرٌ عنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ سَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الحَرْبَ خُدْعَةً.
.