الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ لَيْسَ مُسلما، وَالْمُسلم لَا يُخرجهُ قتل نَفسه عَن كَونه مُسلما فَلَا يحكم بِكُفْرِهِ، وَيصلى عَلَيْهِ. وَأجِيب: عَن ذَلِك بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اطلع من أمره على سره: فَعلم بِكُفْرِهِ لِأَن الْوَحْي عِنْده عتيد. قَوْله: {إِن الله ليؤيد} (آل عمرَان: 31) . ويروى: يأيد، بِدُونِ: اللَّام، وَيجوز فِي: إِن، هَذِه الْفَتْح وَالْكَسْر وَقد قرىء فِي السَّبْعَة:{إِن الله يبشرك} (آل عمرَان: 93 و 54) . فَإِن قلت: يُعَارض هَذَا قَوْله، صلى الله عليه وسلم: إِنَّا لَا نستعين بمشرك، رَوَاهُ مُسلم. قلت: لَا تعَارض، لِأَن الْمُشرك غير الْمُسلم الْفَاجِر، رُوِيَ هَذَا أَيْضا عَن الشَّافِعِي، أَو يُقَال: إِنَّه خَاص بذلك الْوَقْت، وَقد اسْتَعَانَ، صلى الله عليه وسلم، بِصَفْوَان بن أُميَّة فِي هوَازن، واستعار مِنْهُ مائَة درع بأداتها، وَخرج مَعَه صَفْوَان حَتَّى قَالَت لَهُ هوَازن: تقَاتل مَعَ مُحَمَّد وَلست على دينه؟ فَقَالَ: رب من قُرَيْش خير من رب من هوَازن، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: قتال صَفْوَان مَعَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يُعَارض قَوْله:(إِنَّا لَا نستعين بمشرك) وَقَالَ بَعضهم: هِيَ تَفْرِقَة لَا دَلِيل عَلَيْهَا، وَلَا أثر. قلت: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قد علم بِالْوَحْي أَنه لَا بُد من إِسْلَامه، وَلِهَذَا أعْطى لَهُ من الْغَنَائِم يَوْم حنين شَيْئا كثيرا، ثمَّ أسلم وَالله أعلم. وَمن قَوْله صلى الله عليه وسلم: إِن الله ليؤيد
…
الحَدِيث، اسْتحْسنَ الْعلمَاء الدُّعَاء للسلاطين بالتأييد، وَشبهه من أهل الْخَيْر من حَيْثُ تأييدهم للدّين لَا من أَحْوَالهم الْخَارِجَة.
381 -
(بابُ مَنْ تَأمَّرَ فِي الحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إمْرَةٍ إذَا خافَ العَدُوَّ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من تَأمر، أَي: جعل نَفسه أَمِيرا على قوم فِي الْحَرْب من غير تأمير الإِمَام أَو نَائِبه، وَجَوَاب: مَن، مَحْذُوف أَي: جَازَ ذَلِك.
3603 -
حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا ابنُ عُلَيَّةَ عنْ أيُّوبَ عنْ حُمَيْدِ بنِ هِلَالٍ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قالَ خطَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقالَ أخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فأُصِيبَ ثُمَّ أخَذَهَا جَعْفَرٌ فأصِيبَ ثُمَّ أخَذَها عبْدُ الله بنُ رَواحَةَ فأُصِيبَ ثُمَّ أخَذَها خالِدُ بنُ الوَلِيدِ منْ غَيْرِ إمْرَةٍ فَفُتِحَ علَيْهِ وَمَا يَسُرُّني أَو قالَ مَا يَسُرهُمْ أنَّهُمْ عندَنا وقالَ وإنَّ عَيْنَيْهِ لَتَذْرِفانِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ثمَّ أخدها خَالِد بن الْوَلِيد من غير إمرة) . وَيَعْقُوب ابْن إِبْرَاهِيم بن كثير الدَّوْرَقِي وَابْن علية، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، هُوَ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْبَصْرِيّ، وَعليَّة أمه مولاة لبني أَسد، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَمضى هَذَا الحَدِيث فِي أَوَائِل الْجِهَاد فِي: بَاب تمني الشَّهَادَة.
وَهَذَا الحَدِيث فِي غَزْوَة مُؤْتَة، وَسَيَأْتِي بأتم مِنْهُ فِي الْمَغَازِي، وَكَانَت فِي السّنة الثَّامِنَة من الْهِجْرَة فِي جمادي الأوى. وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك مَا قَالَه الْوَاقِدِيّ عَن الزُّهْرِيّ: بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، كَعْب بن عُمَيْر الْغِفَارِيّ فِي خَمْسَة عشر رجلا حَتَّى انْتَهوا إِلَى ذَات أطلاح من الشَّام، وَهُوَ مَوضِع على لَيْلَة من البلقاء، وَقيل: مَوضِع من وَرَاء وَادي الْقرى، فوجدوا جمعا كثيرا من بني قضاعة فدعوهم إِلَى الْإِسْلَام فَلم يَسْتَجِيبُوا أورشقوهم بِالنَّبلِ، فَلَمَّا رَآهُمْ أَصْحَاب رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم قاتلوهم أَشد الْقِتَال، فَقتلُوا، فَأَفلَت مِنْهُم رجل جريح فِي الْقَتْلَى، فَلَمَّا أَن برد عَلَيْهِ اللَّيْل تحامل حَتَّى أَتَى رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم فَأخْبر بذلك، وَبعث سَرِيَّة عَلَيْهَا زيد بن حَارِثَة فِي نَحْو من ثَلَاثَة آلَاف إِلَى أَرض البلقاء لأجل هَؤُلَاءِ الَّذين قتلوا، وَقَالَ: إِن أُصِيب زيد فجعفر على النَّاس، وَإِن أُصِيب جَعْفَر فعبد الله بن رَوَاحَة، فَخَرجُوا حَتَّى نزلُوا معَان من أَرض الشَّام، فَبَلغهُمْ أَن هِرقل قد نزل مآب من أَرض البلقاء فِي مائَة ألف من الرّوم، وانضم إِلَيْهِ من لخم وجذام والقين وبهرام وبلي مائَة ألف مِنْهُم، عَلَيْهِم رجل من بلي، ثمَّ أحد أراشه يُقَال لَهُ: مَالك بن نَافِلَة، فَلَمَّا بلغ ذَلِك لمسلمين أَقَامُوا على معَان لَيْلَتَيْنِ ينظرُونَ فِي أَمرهم، وَقَالُوا: نكتب إِلَى رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم نخبره بِعَدَد عدونا، فإمَّا أَن يمدنا بِالرِّجَالِ، وَإِمَّا أَن يَأْمُرنَا بِأَمْر فنمضي لَهُ، قَالَ: فشجع النَّاس عبد الله بن رَوَاحَة، وَقَالَ: يَا قوم إِن الَّذِي تَكْرَهُونَ للَّتِي خَرجْتُمْ تطلبون الشَّهَادَة، وَمَا نُقَاتِل بِعَدَد وَلَا قُوَّة وَلَا نُقَاتِل إلَاّ لهَذَا الدّين، فانطلِقوا فإحدى الحسنيين: إِمَّا ظُهُور وَإِمَّا شَهَادَة، فصدقوه فَمَضَوْا حَتَّى إِذا كَانُوا بتخوم البلقاء لَقِيَهُمْ جموع هِرقل من الرّوم وَالْعرب بقرية من قرى البلقاء يُقَال