الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله} (النِّسَاء: 001) . قَالَ: كَانَ رجل من خُزَاعَة يُقَال لَهُ ضَمرَة بن الْعيص بن ضَمرَة بن زنباع الْخُزَاعِيّ، لما أمروا بِالْهِجْرَةِ، وَكَانَ مَرِيضا، فَأمر أَهله أَن يفرشوا لَهُ على سَرِير ويحملوه إِلَى رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَفَعَلُوا، فَأَتَاهُ الْمَوْت وَهُوَ بِالتَّنْعِيمِ، فَنزلت هَذِه الْآيَة. وَقد قيل فِي ضَمرَة هَذَا: أَبُو ضَمرَة بن الْعيص، قَالَ أَبُو عمر: وَالصَّحِيح أَنه ضَمرَة لَا أَبُو ضَمرَة، روينَا عَن زيد بن حَكِيم عَن الحكم بن أبان قَالَ: سَمِعت عِكْرِمَة يَقُول: اسْم الَّذِي خرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ضَمرَة بن الْعيص، قَالَ عِكْرِمَة: طلبت اسْمه أَربع عشرَة سنة حَتَّى وقفت عَلَيْهِ. فَإِن قلت: مَا الْمُنَاسبَة بَين التَّرْجَمَة وَالْآيَة؟ قلت: يُدْرِكهُ الْمَوْت، أَعم من أَن يكون بقتل، أَو وُقُوع من دَابَّته أَو غير ذَلِك. قَوْله:(وَقع وَجب) ، لم يثبت هَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَثَبت لغيره، وَقد فسره أَبُو عُبَيْدَة هَكَذَا فِي قَوْله تَعَالَى:{فقد وَقع أجره على الله} (النِّسَاء: 001) . أَي: وَجب ثَوَابه.
0082 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يوسُفَ قَالَ حدَّثني اللَّيْثُ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى عنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَبَّانَ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ عَن خالَتِهِ أمِّ حرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ قالَتْ نامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْماً قَرِيباً مِنِّي ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ فَقُلْتُ مَا أضْحَكَكَ قَالَ أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا علَيَّ يَرْكَبُونَ هَذَا البَحْرَ الأخْضَرَ كالمُلُوكِ علَى الأسِرَّةِ قالَتْ فادْعُ الله أنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فدَعَا لَهَا ثُمَّ نامَ الْثَّانِيَةَ فَفَعَلَ مِثْلَهَا فقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا فأجابَهَا مِثْلَها فقالَتِ ادْعُ الله أنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ فَقَالَ أنْتِ منَ الأوَّلِينَ فخَرَجَتْ معَ زَوْجِها عُبَادةَ بنِ الصَّامِتِ غازِياً أوَّلَ مَا رَكِبَ المسْلِمُونَ البَحْرَ معَ مُعَاوِيَةَ فلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزْوِهِمْ قافِلِينَ فنَزَلُوا الشَّامَ فقُرِّبَتْ إلَيْهَا دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا فصَرَعَتْهَا فَماتَتْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فصرعتها فَمَاتَتْ) ، لِأَنَّهَا صرعت فِي سَبِيل الله تَعَالَى. وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَمُحَمّد بن يحيى ابْن حبَان، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، مر فِي الْوضُوء، وَفِي الْإِسْنَاد تابعيان: يحيى وَمُحَمّد، وصحابيان: أنس وخالته، وَقد مر الحَدِيث عَن قريب فِي: بَاب الدُّعَاء بِالْجِهَادِ، وروى ابْن وهب من حَدِيث عقبَة بن عَامر مَرْفُوعا:(من صرع عَن دَابَّته فِي سَبِيل الله فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيد)، وَلما لم يكن هَذَا الحَدِيث على شَرطه أَشَارَ إِلَيْهِ فِي التَّرْجَمَة وَلم يُخرجهُ. فَإِن قيل: قَالَ فِي: بَاب العاء بِالْجِهَادِ: فصرعت عَن دابتها، أَي: بعد الرّكُوب، وَهنا: فقربت دَابَّة لتركبها فصرعتها، أَي: قبل الرّكُوب. أُجِيب: بِأَن الْفَاء فصيحة، أَي: فركبتها فصرعتها. قَوْله: (فَلَمَّا انصرفوا من غزوهم قافلين) أَي: رَاجِعين من غزوهم. قَوْله: (فنزلوا الشَّام) أَي: متوجهين إِلَى نَاحيَة الشَّام.
9 -
(بابُ منْ يُنْكَبُ فِي سَبِيلِ الله)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل من ينكب، وَهُوَ على الْمَجْهُول من الْمُضَارع من النكبة، وَهُوَ أَن يُصِيب الْعُضْو شَيْء فيدميه، كَذَا قَالَ بَعضهم. قلت: هَذَا التَّفْسِير غير صَحِيح، بل النكبة أَعم من ذَلِك، قَالَ ابْن الْأَثِير: النكبة مَا يُصِيب الْإِنْسَان من الْحَوَادِث، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: النكبة وَاحِدَة نكبات الدَّهْر،، تَقول: أَصَابَته نكبة، وَفِي بعض النّسخ: بَاب من تنكب، على وزن: تفعل من بَاب التفعل، وَفِي بَعْضهَا أَيْضا: أَو يطعن، بعد قَوْله: فِي سَبِيل الله.
1082 -
حدَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ الحَوْضِيُّ قَالَ حدَّثنا هَمَّامٌ عنْ أسْحَاقَ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ بعَثَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أَقْوَامًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إِلَى بَنِي عامِرٍ فِي سَبْعِينَ رَجُلاً فلَمَّا قَدِمُوا قَالَ لَهُمْ خَالِي أتَقَدَّمُكُمْ فإنْ أمَّنُونِي حَتَّى أُبَلِّغُهُمْ عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وإلَاّ كُنْتُمْ مِنِّي قَرِيباً فتَقَدَّمَ فأمَّنُوهُ فبَيْنَمَا يُحَدِّثُهُمْ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذْ أوْمؤا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَطَعَنَهُ فأنْفَذَهُ فَقَالَ الله أكبَرُ فُزْتَ ورَبِّ الكعْبَةِ ثُمَّ مالُو علَى بَقِيَّةِ أصْحَابِهِ فقَتَلُوهُمْ إلَاّ رَجُلٌ أعْرَجُ صَعِدَ
الجَبَلَ قَالَ هَمَّامٌ فأُرَاهُ آخَرَ مَعَهُ فأخْبَرَ جِبْرِيلُ عليه السلام النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُمْ قدْ لَقُوا رَبَّهُمْ فَرَضِيَ عَنْهُمْ وأرْضَاهُمْ فَكُنَّا نَقْرَأُ {أنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أنْ قَدْ لَقينا رَبَّنَا فرَضِيَ عنَّا وأرْضَانَا ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ فدَعا علَيْهِمْ أرْبَعِينَ صباحَاً علَى رِعْلٍ وذَكْوَانَ وبَنِي لِحْيَانَ وبَني عُصَيَّةَ الَّذِينَ عَصَوُا الله ورسُولَهُ صلى الله عليه وسلم..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي كَون هَذَا الْبَعْث الْمَذْكُور قد نكبوا فِي سَبِيل الله بِالْقَتْلِ.
وَحَفْص بن عمر بن الْحَارِث أَبُو عمر الحوضي، والحوضي: نِسْبَة إِلَى حَوْض دَاوُد، وَهِي محلّة بِبَغْدَاد، وَحَفْص من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَهَمَّام، بِالتَّشْدِيدِ: ابْن يحيى الْبَصْرِيّ، وَإِسْحَاق هُوَ ابْن عبد الله بن أبي طَلْحَة.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل.
قَوْله: (من بني سليم)، قَالَ الدمياطي: هُوَ وهم، فَإِن بني سليم مَبْعُوث إِلَيْهِم، والمبعوث هم الْقُرَّاء، وهم من الْأَنْصَار. وَقَالَ الْكرْمَانِي: بَنو سليم، بِضَم الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، قيل: إِنَّه وهم من الْمُؤلف، إِذْ الْمَبْعُوث إِلَيْهِم هم من بني سليم لِأَن رعلاً هُوَ ابْن مَالك بن عَوْف بن امرىء الْقَيْس بن بهثة، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْهَاء وبالمثلثة: ابْن سليم بن مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن خصفة، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة ثمَّ الصَّاد الْمُهْملَة وَالْفَاء المفتوحات. وذكوان هُوَ ابْن ثَعْلَبَة بن بهثة. وَعصيَّة هُوَ ابْن خفاف، بِضَم الْمُعْجَمَة وخفة الْفَاء الأولى: ابْن امرىء الْقَيْس بن بهثة. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: رعل وذكوان قبيلتان من بني سليم، وَعصيَّة بطن من بني سليم. وَقَالَ بَعضهم: الْوَهم من حَفْص بن عمر شيخ البُخَارِيّ، فقد أخرجه هُوَ فِي الْمَغَازِي: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن همام، فَقَالَ: بعث أَخا لأم سليم فِي سبعين رَاكِبًا، وَكَانَ رَئِيس الْمُشْركين عَامر بن الطُّفَيْل، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الطُّفَيْل هُوَ ابْن مَالك بن خصفة، فَهُوَ إِذن هُوَ أَبُو سليم، وَأما بَنو عَامر فهم أَوْلَاد عَامر بن صعصعة، بالمهملات، ثمَّ قَالَ: إعلم أَنه لَا وهم فِي كَلَام البُخَارِيّ، إِذْ يجوز أَن يُقَال: إِن أَقْوَامًا، هُوَ مَنْصُوب بِإِسْقَاط الْخَافِض، أَي: إِلَى أَقوام من بني سليم منضمين إِلَى بني عَامر. فَإِن قلت: أَيْن مفعول بعث؟ قلت: اكْتفى بِصِيغَة الْمَفْعُول عَن الْمَفْعُول أَي بعث بعثاً أَو طَائِفَة، فِي جملَة سبعين أَو كلمة: فِي، تكون زَائِدَة، وَسبعين هُوَ الْمَفْعُول، وَمثله قَوْله:
(وَفِي الرَّحْمَن للضعفاء كافٍ)
أَي: الرَّحْمَن كافٍ وَقَالَ تَعَالَى: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} (الْأَحْزَاب: 12) . وَأهل الْمعَانِي يسمونها: بفي، التجريدية. وَقد يُجَاب أَيْضا: بِأَن: من لَيْسَ بَيَانا بل ابتدائية، أَي: بعث من جهتهم، أَو بعث بعثاً يساويهم بَنو سليم. انْتهى. قلت: هَذَا كُله تعسف، أما النصب بِنَزْع الْخَافِض فَهُوَ خلاف الأَصْل، وَإِن كَانَ مَوْجُودا فِي الْكَلَام، وَأما حذف الْمَفْعُول فشائع ذائع، لَكِن لَا بُد من نُكْتَة فِيهِ، وَأما القَوْل بِزِيَادَة كلمة: فِي، فَغير صَحِيح، وَالَّذِي أجَازه خصّه بِالضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَة هَهُنَا، وَأما تمثيله بقول الشَّاعِر:
(وَفِي الرَّحْمَن للضعفاء كافٍ)
فَلَا يتم، لِأَنَّهُ من بَاب الضَّرُورَة، على أَنه يُمكن أَن يُقَال: إِن كافٍ بمعني: كِفَايَة، لِأَن وزن كافٍ فِي الأَصْل: فَاعل، وَيَأْتِي بِمَعْنى الْمصدر، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{لَيْسَ لوقعتها كَاذِبَة} (الْوَاقِعَة: 2) . أَي: تكذب، فَإِن كَاذِبَة على وزن فاعلة، وَهُوَ بِمَعْنى الْمصدر. قَوْله:(فِي سبعين رجلا)، قَالَ التوربشتي: كَانُوا من أوراع النَّاس ينزلون الصّفة يتعلمون الْقُرْآن، وَكَانُوا ردأ للْمُسلمين إِذا نزلت بهم نازلة، بَعثهمْ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم إِلَى أهل نجد لِيَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَام، فَلَمَّا نزلُوا بِئْر مَعُونَة، بِفَتْح الْمِيم وبالنون، قصدهم عَامر بن الطُّفَيْل فِي أَحيَاء من بني سليم، وهم: رعل وذكوان وَعصيَّة، فَقَتَلُوهُمْ. قلت: كَانَت سَرِيَّة بِئْر مَعُونَة فِي صفر من سنة أَربع من الْهِجْرَة، وَأغْرب محكول حَيْثُ قَالَ: إِنَّهَا كَانَت بعد الخَنْدَق. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: فَأَقَامَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم بعد أحد بَقِيَّة شَوَّال وَذُو الْقعدَة وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم، ثمَّ بعث أَصْحَاب بِئْر مَعُونَة فِي صفر على رَأس أَرْبَعَة أشهر من أحد، قَالَ مُوسَى بن عقبَة. وَكَانَ أَمِير الْقَوْم الْمُنْذر بن عَمْرو، وَيُقَال: مرْثَد بن أبي مرْثَد. قَوْله: (خَالِي)، هُوَ حرَام ضد حَلَال ابْن ملْحَان. قَوْله:(وإلَاّ) أَي: وَإِن لم يُؤمنُوا. قَوْله: (فَبَيْنَمَا يُحَدِّثهُمْ) أَي: يحدث بني سليم. قَوْله: (إِذْ)، جَوَاب: بَيْنَمَا. قَوْله: (أومؤا) أَي: أشاروا. قَوْله: (فأنفذه) ، بِالْفَاءِ والذال الْمُعْجَمَة، من: نفذ السهْم من الرَّمية. قَوْله: (إِلَّا رجل أعرج)، ويروى: رجلا، بِالنّصب. وَقَالَ الْكرْمَانِي وَفِي بعض الرِّوَايَات: كتب، بِدُونِ الْألف على اللُّغَة الربيعية. قَوْله:(قَالَ همام)، وَهُوَ من رُوَاة الحَدِيث الْمَذْكُور فِي سَنَده. قَوْله:(فَأرَاهُ)، أَي: أَظُنهُ و: يرى بِالْوَاو وَأرَاهُ. قَوْله: (فَكُنَّا نَقْرَأ: أَن بلغُوا)
إِلَى آخِره، أنزل الله تَعَالَى على النَّبِي، صلى الله عليه وسلم فِي حَقهم هَذَا ثمَّ نسخ بعد ذَلِك. قَوْله:(فَدَعَا) أَي: النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ صباحاً فِي الْقُنُوت. قَوْله:(على رعل)، بدل من: عَلَيْهِم، بِإِعَادَة الْعَامِل، كَقَوْلِه تَعَالَى:{للَّذين استضعفوا لمن آمن مِنْهُم} (الْأَعْرَاف: 57) . ورعل، بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة، وذكوان، بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الْكَاف، وَعصيَّة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف.
وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: جَوَاز الدُّعَاء على أهل الْغدر وانتهاك الْمَحَارِم، والإعلان بإسمهم وَالتَّصْرِيح بذكرهم. وَجَاء من حَدِيث أنس فِي بَاب قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} (آل عمرَان: 961) . أَنه دَعَا عَلَيْهِم ثَلَاثِينَ صباحاً، وَهنا: فَدَعَا عَلَيْهِم أَرْبَعِينَ صباحاً، وَفِي (الْمُسْتَدْرك) : قنت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم عشْرين يَوْمًا.
2082 -
حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنِ الأسْوَدِ بنِ قَيْسٍ عنْ جُنْدَبِ ابنِ سُفْيَانَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ فِي بَعْضِ المَشَاهِدِ وقَدْ دَمِيَتْ إصْبَعُهُ فَقَالَ:
(هلْ أنْتِ إلَاّ إصْبَعٌ دَميتِ
…
وفِي سَبِيلِ الله مَا لَقِيتِ)
(الحَدِيث 2082 طرفه فِي: 6416) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَقد دميت إصبعه) ، لِأَنَّهُ نكب فِي إصبعه، وَأَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين: الوضاح الْيَشْكُرِي، وَالْأسود ابْن قيس أَخُو عَليّ بن قيس البَجلِيّ الْكُوفِي، وجندب، بِضَم الْجِيم وَسُكُون النُّون وَفتح الدَّال وَضمّهَا: ابْن عبد الله بن سُفْيَان البَجلِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن أبي نعيم عَن الثَّوْريّ. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن يحيى وقتيبة، كِلَاهُمَا عَن أبي عوَانَة وَعَن أبي بكر وَإِسْحَاق كِلَاهُمَا عَن ابْن عُيَيْنَة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير وَفِي الشَّمَائِل عَن ابْن أبي عمر عَن ابْن عُيَيْنَة وَفِي الشَّمَائِل عَن مُحَمَّد بن الْمثنى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن عَمْرو بن مَنْصُور.
قَوْله: (الْمشَاهد)، أَي: الْمَغَازِي، وَسميت بهَا لِأَنَّهَا مَكَان الشَّهَادَة. قَوْله:(وَقد دميت أُصْبُعه)، يُقَال: دمي الشَّيْء يدمى دَمًا، ودمياً، فَهُوَ دم، مثل: فرق يفرق فرقا فَهُوَ فرق، وَالْمعْنَى: أَن إصبعه جرحت فَظهر مِنْهَا الدَّم. قَوْله: (هَل أَنْت؟) مَعْنَاهُ: مَا أَنْت إلَاّ إِصْبَع دمِيتِ. قَالَ النَّوَوِيّ: الرِّوَايَة الْمَعْرُوفَة كسر التَّاء، وسكنها بَعضهم، والإصبع فِيهَا عشر لُغَات: تثليث الْهمزَة، مَعَ تثليث الْبَاء، والعاشرة: أصبوع. قَوْله: (دميت)، بِفَتْح الدَّال: صفة للإصبغ، والمستثنى فِيهِ أَعم عَام الصّفة أَي: مَا أَنْت يَا إِصْبَع مَوْصُوفَة بِشَيْء إلَاّ بِأَن دميت، كَأَنَّهَا لما توجعت خاطبها على سَبِيل الِاسْتِعَارَة أَو الْحَقِيقَة معْجزَة تسلياً لَهَا، أَي: تثبتي فَإنَّك مَا ابْتليت بِشَيْء من الْهَلَاك وَالْقطع سوى أَنَّك دميت، وَلم يكن ذَلِك أَيْضا هدرا بل كَانَ فِي سَبِيل الله وَرضَاهُ. قيل: كَانَ ذَلِك فِي غَزْوَة أحد. وَفِي (صَحِيح مُسلم) : كَانَ النَّبِي، صلى الله عليه وسلم فِي غَار فنكبت أُصْبُعه، وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: قَالَ أَبُو الْوَلِيد: لَعَلَّه غازياً فتصحف، كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: فِي بعض الْمشَاهد، وكما جَاءَ فِي رِوَايَة البُخَارِيّ: يمشي إِذا أَصَابَهُ حجر، فَقَالَ القَاضِي: قد يُرَاد بِالْغَارِ الْجمع والجيش لَا الْكَهْف، وَمِنْه قَول عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: مَا ظَنك بامرىء جمع بَين هذَيْن الغارين؟ أَي العسكرين قَالَ الْكرْمَانِي (فَإِن قلت) هَذَا شعر وَقد نفى الله تَعَالَى عَنهُ أَن يكون شَاعِر أفلت أجابوا عَنهُ بِوُجُوه بِأَنَّهُ رجز، وَالرجز لَيْسَ بِشعر، كَمَا هُوَ مَذْهَب الْأَخْفَش، وَإِنَّمَا يُقَال لصانعه: فلَان الراجز، وَلَا يُقَال: الشَّاعِر، إِذْ الشّعْر لَا يكون إلَاّ بَيْتا تَاما مقفًى على أحد أَنْوَاع الْعرُوض الْمَشْهُورَة. وَبِأَن الشّعْر لَا بُد فِيهِ من قصد ذَلِك، فَمَا لم يكن مصدره عَن نِيَّة لَهُ وروية فِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ على اتِّفَاق كَلَام يَقع مَوْزُونا بِلَا قصد إِلَيْهِ لَيْسَ مِنْهُ كَقَوْلِه:{وجفان كالجواب وقدور راسيات} (سبإ: 31) . وكما يحْكى عَن السُّؤَال: اختموا صَلَاتكُمْ بِالدُّعَاءِ وَالصَّدَََقَة، وَعَن بعض المرضى وَهُوَ يعالج الكي ويتضور: إذهبوا بِي إِلَى الطَّبِيب، وَقُولُوا: قد اكتوى. وَبِأَن الْبَيْت الْوَاحِد لَا يُسمى شعرًا، وَقَالَ بَعضهم:{وَمَا علمناه الشّعْر} (يس: 96) . هُوَ رد على الْكفَّار الْمُشْركين فِي قَوْلهم: بل هُوَ شَاعِر، وَمَا يَقع على سَبِيل الندرة لَا يلْزمه هَذَا الإسم، إِنَّمَا الشَّاعِر هُوَ الَّذِي ينشد الشّعْر ويشبب، ويمدح ويذم ويتصرف فِي الأفانين وَقد برأَ الله تَعَالَى رَسُوله صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك، وصان قدره عَنهُ، فَالْحَاصِل أَن الْمَنْفِيّ هُوَ صَنْعَة الشاعرية لَا غير، وَفِي (التَّوْضِيح) : هَل أنتِ إلَاّ اصبع
…
إِلَى آخِره، رجز مَوْزُون، وَقد يَقع على لِسَانه صلى الله عليه وسلم مِقْدَار الْبَيْت من الشّعْر أَو الْبَيْتَيْنِ من الرجز كَقَوْلِه:
(أَنا النَّبِي لَا كذِب
…
أَنا ابنُ عبد المُطلب)