الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التبعة، على مَا حُكيَ أَن الْحسن الْبَصْرِيّ وعامر الشّعبِيّ حضرا مجْلِس عمر بن هُبَيْرَة، فَقَالَ لَهما: إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ يكْتب إِلَيّ فِي أُمُور، فَمَا تريان؟ فَقَالَ الشّعبِيّ: أصلح الله الْأَمِير، أَنْت مَأْمُور والتبعة على آمُرك، فَقَالَ الْحسن: إِذا خرجت من سَعَة قصرك إِلَى ضيق قبرك فَإِن الله تَعَالَى ينجيك من الْأَمِير، وَلَا ينجيك الْأَمِير من الله تَعَالَى، وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال.
011 -
(بابُ البَيْعَةِ فِي الحَرْبِ أنْ لَا يَفِرُّوا)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْبيعَة فِي الْحَرْب على أَن لَا يَفروا، أَو فِي بعض النّسخ لَفْظَة: على مَوْجُودَة وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة، تَقْدِيره: بِأَن لَا يَفروا، أَي: بِعَدَمِ الْفِرَار.
وَقَالَ بَعْضُهُم على المَوْتِ
أَي: الْبيعَة فِي الْحَرْب على الْمَوْت، وَقَالَ بَعضهم: كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَن لَا تنَافِي بَين الرِّوَايَتَيْنِ لاحْتِمَال أَن يكون ذَلِك فِي مقامين. قلت: عدم التَّنَافِي بَينهمَا لَيْسَ من هَذَا الْوَجْه، بل المُرَاد بالمبايعة على الْمَوْت أَن لَا يَفروا وَلَو مَاتُوا، وَلَيْسَ المُرَاد أَن يَقع الْمَوْت وَلَا بُد.
لِقَوْلِ الله تعَالى {لَقَدْ رَضِيَ الله علَى الْمؤْمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (الْفَتْح: 81) .
هَذَا تَعْلِيل لقَوْله، وَقَالَ بَعضهم: على الْمَوْت، وَجه الِاسْتِدْلَال بِهِ أَن لفظ: يُبَايعُونَك، مُطلق يتَنَاوَل الْبيعَة على أَن لَا يَفروا وعَلى الْمَوْت، وَلَكِن المُرَاد الْبيعَة على الْمَوْت بِدَلِيل أَن سَلمَة بن الْأَكْوَع، وَهُوَ مِمَّن بَايع تَحت الشَّجَرَة، أخبر أَنه بَايع على الْمَوْت وَأَرَادَ بِالْمُؤْمِنِينَ: هم الَّذين ذكرهم الله فِي قَوْله: {إِن الَّذين يُبَايعُونَك إِنَّمَا يبايعون الله. .} (الْفَتْح: 01) . الْآيَة، وَقيل: هَذَا عَام فِي كل من بَايع رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، والشجرة كَانَت سَمُرَة، وَقيل: سِدْرَة، وَرُوِيَ أَنَّهَا عميت عَلَيْهِم من قَابل فَلم يدروا أَيْن ذهبت، وَكَانَ هَذَا فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة سنة سِتّ فِي ذِي الْقعدَة بِلَا خلاف، وَسميت هَذِه الْبيعَة بيعَة الرضْوَان.
8592 -
حدَّثنا مُوساى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا جُوَيْرِيَةُ عنْ نافِعٍ قَالَ قَالَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما رجَعْنَا مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فَما اجْتَم مِنَّا اثْنَانِ علَى الشَّجَرَةِ الَّتِي بايَعْنَا تَحْتَها كانَتْ رَحْمةً مِنَ الله فسَألْتُ نافِعاً علَى أيِّ شَيْءٍ بايَعَهُمْ علَى المَوْتِ قَالَ لَا بَلْ بايَعَهُمْ على الصَّبْرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (بل بايعهم على الصَّبْر) فَإِن الْمُبَايعَة على الصَّبْر هُوَ عدم الْفِرَار فِي الْحَرْب، ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْمنْقري التَّبُوذَكِي، وَجُوَيْرِية تَصْغِير جَارِيَة ابْن أَسمَاء الضبعِي الْبَصْرِيّ. وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (من الْعَام الْمقبل) أَي: الَّذِي بعد صلح الْحُدَيْبِيَة. قَوْله: (فَمَا اجْتمع منا إثنان على الشَّجَرَة الَّتِي بَايعنَا تحتهَا) أَي: مَا وَافق منا رجلَانِ على هَذِه الشَّجَرَة أَنَّهَا هِيَ الَّتِي بَايعنَا تحتهَا، بل خَفِي مَكَانهَا، وَقيل: أشبهت عَلَيْهِم. قَوْله: (كَانَت رَحْمَة)، أَي: كَانَت هَذِه الشَّجَرَة مَوضِع رَحْمَة الله وَمحل رضوانه، قَالَ تَعَالَى:{لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة} . (الْفَتْح: 81) . وَقَالَ النَّوَوِيّ: سَبَب خفائها أَن لَا يفتتن النَّاس بهَا لما جرى تحتهَا من الْخَيْر، ونزول الرضْوَان والسكينة وَغير ذَلِك، فَلَو بقيت ظَاهِرَة مَعْلُومَة لخيف تَعْظِيم الْأَعْرَاب والجهال إِيَّاهَا وعبادتهم إِيَّاهَا، وَكَانَ خفاؤها رَحْمَة من الله تَعَالَى. قَوْله:(فَسَأَلت نَافِع اً) السَّائِل هُوَ جوَيْرِية الرَّاوِي. قَوْله: (على الْمَوْت)، أَي: أَعلَى الْمَوْت؟ وهمزة الِاسْتِفْهَام مقدرَة فِيهِ. قَوْله: (قَالَ: لَا) أَي: قَالَ نَافِع: لم يكن مُبَايَعَتهمْ على الْمَوْت، بل كَانَت على الصَّبْر، وَاعْترض الْإِسْمَاعِيلِيّ بِأَن هَذَا من قَول نَافِع وَلَيْسَ بِمُسْنَد، وَقَالَ بَعضهم: وَأجِيب: بِأَن الظَّاهِر أَن نَافِعًا إِنَّمَا جزم بِمَا أجَاب بِهِ لما فهمه من مَوْلَاهُ ابْن عمر، فَيكون مُسْندًا بِهَذِهِ الطَّرِيقَة، وَفِيه نظر لَا يخفى.
9592 -
حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا وُهَيْبٌ قَالَ حدَّثنا عَمْرُو بنُ يَحْيَى عَنْ عَبَّادِ بنِ تَمِيمٍ عنْ عَبْدِ الله بن زَيْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قالَ لَمَّا كانَ زَمنُ الحَرَّةِ أتاهُ آتٍ فَقالَ لَهُ إنَّ ابنَ حَنْظَلَةَ يُبايِعُ النَّاسَ علَى المَوْتِ فقالَ لَا أُبَايِعُ على هَذَا أحَدَاً بَعْدَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
(الحَدِيث 9592 طرفه فِي: 7614) .
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تكون لقَوْله: (وَقَالَ بَعضهم: على الْمَوْت لِأَنَّهُ من التَّرْجَمَة، وَالْمَفْهُوم من كَلَام عبد الله بن زيد أَنه بَايع على الْمَوْت، ووهيب بِالتَّصْغِيرِ هُوَ ابْن خَالِد، وَعَمْرو بن يحيى بن عمَارَة الْمَازِني الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، وَعباد بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن تَمِيم بن زيد بن عَاصِم الْأنْصَارِيّ، يروي عَن عبد الله بن زيد بن عَاصِم بن كَعْب الْأنْصَارِيّ الْمَازِني الْمدنِي.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن إساعيل عَن أَخِيه أبي بكر. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن إِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم.
قَوْله: (وَلما كَانَ زمن الْحرَّة) ، وَهِي الْوَاقِعَة الَّتِي كَانَت بِالْمَدِينَةِ فِي زمن يزِيد بن مُعَاوِيَة سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ، ووقعة الْحرَّة حرَّة زهرَة، قَالَه السُّهيْلي. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ وَأَبُو عبيد وَآخَرُونَ: هِيَ حرَّة وأقم، أَطَم شَرْقي الْمَدِينَة، و: الْحرَّة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء وَهِي فِي الأَصْل كل أَرض كَانَت ذَات حِجَارَة سود محرقة والحرار فِي بِلَاد الْعَرَب كَثِيرَة وأشهرها ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ حرَّة، قَالَه ياقوت. وَسبب وقْعَة الْحرَّة أَن عبد الله بن حَنْظَلَة وَغَيره من أهل الْمَدِينَة وفدوا إِلَى يزِيد فَرَأَوْا مِنْهُ مَا لَا يصلح، فَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَة فخلعوه وَبَايَعُوا عبد الله بن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَأرْسل إِلَيْهِم يزيدُ مسلمَ بن عقبَة الَّذِي قيل فِيهِ: مُسْرِف بن عقبَة، فأوقع بِأَهْل الْمَدِينَة وقْعَة عَظِيمَة، قتل من وُجُوه النَّاس ألفا وَسَبْعمائة، وَمن أخلاط النَّاس عشرَة آلَاف سوى النِّسَاء وَالصبيان. قَوْله:(إِن ابْن حَنْظَلَة) وَهُوَ عبد الله بن حَنْظَلَة بن أبي عَامر الَّذِي يعرف أَبوهُ بغسيل الْمَلَائِكَة، وَذَلِكَ أَن حَنْظَلَة قتل شَهِيدا يَوْم أحد، قَتله أَبُو سُفْيَان بن حَرْب، وَقَالَ: حَنْظَلَة بحنظلة، يَعْنِي بِأَبِيهِ حَنْظَلَة الْمَقْتُول ببدر، وَأخْبر رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم بِأَن الْمَلَائِكَة غسلته، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لامْرَأَة حَنْظَلَة: مَا كَانَ شَأْنه؟ قَالَت: كَانَ جنبا وغسلت إِحْدَى شقي رَأسه، فَلَمَّا سمع لَهِيعَة خرج. فَقتل. فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم: رَأَيْت الْمَلَائِكَة تغسله، وعلقت امْرَأَته تِلْكَ اللَّيْلَة بابنة عبد الله بن حَنْظَلَة، وَمَات النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَله سبع سِنِين، وَقد حفظ عَنهُ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: ابْن حَنْظَلَة هُوَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذ ليزِيد واسْمه عبد الله، أَو المُرَاد بِهِ نفس يزِيد، لِأَن جده أَبَا سُفْيَان كَانَ يكنى أَيْضا بِأبي حَنْظَلَة، لَكِن على هَذَا التَّقْدِير يكون لفظ الْأَب محذوفاً بَين الْأَب وحَنْظَلَة تَخْفِيفًا، كَمَا أَنه مَحْذُوف معنى، لِأَنَّهُ نِسْبَة إِلَى الْجد أَو جعله مَنْسُوبا إِلَى الْعم اسْتِخْفَافًا واستهجاناً واستبشاعاً لهَذِهِ الْكَلِمَة الْمرة. انْتهى. قلت: الْكرْمَانِي خبط هَهُنَا خبط عشواء وتعسف فِي هَذَا الْكَلَام من غير أصل، وَالصَّوَاب مَا ذَكرْنَاهُ. قَوْله: (لَا أبايع على هَذَا أحدا بعد رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنه بَايع رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم على الْمَوْت، وَلكنه لَيْسَ بِصَرِيح، فَلذَلِك ذكر البُخَارِيّ عَقِيبه حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع لتصريحه فِيهِ بِأَنَّهُ بَايعه على الْمَوْت.
0692 -
حدَّثنا المَكِّيُّ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثنا يَزِيدُ بنُ أبِي عُبَيْدٍ عنْ سَلَمَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ بايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ عَدَلْتُ إِلَى ظِلِّ الشَّجرةِ فلَمَّا خَفَّ النَّاسُ قَالَ يَا ابنَ الأكْوَعِ ألَا تُبَايِعُ قَالَ قُلْتُ قدْ بايَعْتُ يَا رسُولَ الله قَالَ وأيْضَاً فبَايَعْتُهُ الثَّانِيَةَ فَقُلْتُ لَهُ يَا أبَا مُسْلِمٍ على أيِّ شَيءٍ كُنْتُم تُبَايِعُونَ يَوْمَئِذٍ قَالَ على المَوْتِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَقَالَ بَعضهم: على الْمَوْت، الْمَكِّيّ، بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف هُوَ اسْمه وَلَيْسَ بِنِسْبَة، وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن أبي عبيد مولى سَلمَة بن الْأَكْوَع، والأكوَع اسْمه سِنَان بن عبد الله.
وَهَذَا الحَدِيث من ثلاثيات البُخَارِيّ الْحَادِي عشر. وَأخرجه أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن قُتَيْبَة وَفِي الْأَحْكَام عَن القعْنبِي. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن إِسْحَاق إِبْنِ إِبْرَاهِيم. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فِي السّير جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة.
قَوْله: (قَالَ يَا ابْن الْأَكْوَع) أَي: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَا ابْن الْأَكْوَع! ألَا تبَايع؟ إِنَّمَا قَالَ ذَلِك مَعَ أَنه بَايع مَعَ النَّاس، لِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ تَأْكِيد بيعَته لشجاعته وشهرته بالثبات، فَلذَلِك أمره بتكرير الْمُبَايعَة. وَقَالَ أَيْضا: أَي بَايع أَيْضا، فَبَايعهُ مرّة أُخْرَى، وَهُوَ معنى قَوْله: فَبَايَعته الثَّانِيَة، أَي: الْمرة الثَّانِيَة. قَوْله: (فَقلت لَهُ: يَا با مُسلم) ، الْقَائِل هُوَ يزِيد بن أبي عبد الرَّاوِي عَنهُ، وَأَبُو مُسلم كنية سَلمَة بن الْأَكْوَع. قَوْله:(على الْمَوْت) ، قد ذكرنَا أَن المُرَاد بالمبايعة على الْمَوْت أَن لَا يَفروا وَلَو مَاتُوا، وَلَيْسَ المُرَاد أَن يَقع الْمَوْت أَلْبَتَّة، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن جَابر بن
عبد الله فِي قَوْله تَعَالَى: {لقد رَضِي الله عَن الْمُؤمنِينَ إِذْ يُبَايعُونَك تَحت الشَّجَرَة} (الْفَتْح: 81) . قَالَ جَابر: (بَايعنَا رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، على أَن لَا نفر وَلم نُبَايِعهُ على الْمَوْت) ، وَسَيَأْتِي عَن عبَادَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بَايعنَا رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم على السّمع وَالطَّاعَة، وَرُوِيَ من حَدِيث معقل بن يسَار، قَالَ: لقد رَأَيْتنِي يَوْم الشَّجَرَة وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (يُبَايع النَّاس وَأَنا رَافع غصناً من أَغْصَانهَا عَن رَأسه وَنحن أَربع عشرَة وَمِائَة) . وَقَالَ: لم نُبَايِعهُ على الْمَوْت.
3692 -
حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ فُضَيْلٍ عنْ عاصِمٍ عنْ أبِي عُثْمانَ عنْ مُجَاشِعٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أنَا وأخِي فَقُلْتُ بايعْنَا على الهِجْرَةِ فَقالَ مَضَتِ الهِجْرَةُ لأِهْلِهَا فَقُلْتُ عَلامَ تبَايِعُنا قَالَ علَى الإسْلامِ والجِهَادِ.
. .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَالْجهَاد) لِأَن مُبَايَعَتهمْ على الْجِهَاد لم تكن إلَاّ على أَن لَا يَفروا، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، وَمُحَمّد بن فُضَيْل، بِضَم الْفَاء مصغر فضل ابْن غَزوَان أَبُو عبد الرَّحْمَن الضَّبِّيّ مَوْلَاهُم الْكُوفِي، وَعَاصِم هُوَ ابْن سُلَيْمَان الْأَحول، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، بالنُّون الْبَصْرِيّ، وَقد مر غير مرّة ومجاشع، بِضَم الْمِيم وَتَخْفِيف الْجِيم وَكسر الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره عين مُهْملَة: ابْن مَسْعُود السّلمِيّ، بِضَم السِّين، وَفِي بعض النّسخ أَبوهُ مَسْعُود مَذْكُور، ومجاشع هَذَا قتل يَوْم الْجمل، وَكَانَ لَهُ فرس يسابق عَلَيْهَا، وَقد أَخذ فِي غَايَة وَاحِدَة خمسين ألف دِينَار.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن عَمْرو بن خَالِد وَعَن مُحَمَّد بن أبي بكر وَفِي الْجِهَاد أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن الصَّباح وَعَن سُوَيْد بن سعيد وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
قَوْله: (وَأخي)، أَخُوهُ اسْمه: مجَالد بِضَم، الْمِيم وَتَخْفِيف الْجِيم: ابْن مَسْعُود السّلمِيّ، قَالَ أَبُو عمر: لَهُ صُحْبَة وَلَا أعلم لَهُ رِوَايَة، كَانَ إِسْلَامه بعد إِسْلَام أَخِيه، بعد الْفَتْح، ذكر ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه: أَن مجَالد بن مَسْعُود قتل يَوْم الْجمل، وَأَنه رُوِيَ عَنهُ أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ وَقَالَ أَبُو عمر لم يقل فِي مجاشع أَنه قتل يَوْم الْحمل قَوْلهم وَلَا شكّ أَنه قتل يَوْم الْجمل وَلَا تبعد رِوَايَة أبي عُثْمَان عَنْهُمَا، كَذَا قَالَ فِي (الِاسْتِيعَاب) قَوْله:(بَايعنَا)، بِكَسْر الْيَاء: أَمر من بَايع، يُخَاطب بِهِ مجاشع النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَأَجَابَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بقوله:(مَضَت الْهِجْرَة لأَهْلهَا) ، وهم الَّذين هَاجرُوا قبل الْفَتْح، وَحَدِيث مجاشع كَانَ بعد الْفَتْح، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد قَالَ:(لَا هِجْرَة بعد الْفَتْح إِنَّمَا هُوَ جِهَاد وَنِيَّة) ، فَكَانَ من بَايع قبل الْفَتْح لزمَه الْجِهَاد أبدا مَا عَاشَ إلَاّ لعذر يجوز لَهُ التَّخَلُّف، وَأما من أسلم بعد الْفَتْح فَلهُ أَن يُجَاهد وَله أَن يتَخَلَّف بنية صَالِحَة. كَمَا قَالَ:(جِهَاد وَنِيَّة) ، إلَاّ أَن ينزل عَدو أَو ضَرُورَة، فَيلْزم الْجِهَاد كل أحد. قَوْله:(فَقلت علامَ تبايعنا؟) أَي: على أَي شَيْء تبايعنا؟ وَأَصله: على مَا، لِأَن: مَا، الاستفهامية جرت فَيجب حذف الْألف عَنْهَا وإبقاء الفتحة دَلِيلا عَلَيْهَا، نَحْو: فيمَ، وإلامَ، وعلامَ، وَعلة حذف الْألف الْفرق بَين الِاسْتِفْهَام وَالْخَبَر، وَأما قِرَاءَة عِكْرِمَة وَعِيسَى {عَمَّا يتساءلون} (النبأ: 1) . فنادر. وَقَالَ ابْن التِّين: كَانَ من هَاجر إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قبل الْفَتْح من غير أهل مَكَّة وَبَايَعَهُ على الْمقَام بِالْمَدِينَةِ كَانَ عَلَيْهِ الْمقَام بهَا حَيَاته، صلى الله عليه وسلم، وَمن لم يشْتَرط الْمقَام من غير أهل مَكَّة بَايع وَرجع إِلَى مَوْضِعه، كَفعل عمر بن