الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف بَين حَدِيث أبي مُوسَى وَبَين الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي كَونهَا بعد الْعَصْر أَو آخر سَاعَة مِنْهُ، فإمَّا أَن يُصَار إِلَى الْجمع أوالترجيح، فَأَما الْجمع فَإِنَّمَا يُمكن بِأَن يُصَار إِلَى القَوْل بالانتقال، وَإِن لم يقل بالانتقال يكون الْأَمر بالترجيح، فَلَا شكّ أَن الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي كَونهَا بعد الْعَصْر أرجح لكثرتها واتصالها بِالسَّمَاعِ، وَلِهَذَا لم يخْتَلف فِي رَفعهَا، والاعتضاد بِكَوْنِهِ قَول أَكثر الصَّحَابَة فَفِيهَا أوجه من وُجُوه التَّرْجِيح.
وَفِي حَدِيث أبي مُوسَى وَجه وَاحِد من وُجُوه التَّرْجِيح، وَهُوَ كَونه فِي أحد الصَّحِيحَيْنِ دون بَقِيَّة الْأَحَادِيث، وَلَكِن عَارض كَونه فِي أحد الصَّحِيحَيْنِ أَمْرَانِ: أَحدهمَا: أَنه لَيْسَ مُتَّصِلا بِالسَّمَاعِ بَين مخرمَة بن بكير وَبَين أَبِيه بكير بن عبد الله بن الْأَشَج، قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: مخرمَة ثِقَة وَلم يسمع من أَبِيه، وَقَالَ عَبَّاس الدوري عَن ابْن معِين: مخرمَة ضَعِيف الحَدِيث لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء، يَقُولُونَ: إِن حَدِيثه عَن أَبِيه كتاب. وَالْأَمر الثَّانِي: أَن أَكثر الروَاة جَعَلُوهُ من قَول أبي بردة مَقْطُوعًا، وَأَنه لم يرفعهُ غير مخرمَة عَن أَبِيه، وَهَذَا الحَدِيث مِمَّا استدركه الدَّارَقُطْنِيّ على مُسلم.
38 -
(بابٌ إذَا نَفَرَ النَّاسُ عنُ الإمَامِ فِي صَلَاةِ الجُمُعَةِ فَصَلَاةُ الإمَامِ ومَنْ بَقِيَ جَائِزَةٌ)
أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته إِذا نفر النَّاس عَن الإِمَام
…
إِلَى آخِره، يَعْنِي خَرجُوا عَن مجْلِس الإِمَام وذهبوا. قَوْله:(فَصَلَاة الإِمَام) كَلَام إضافي مُبْتَدأ. قَوْله: (وَمن بَقِي) ، عطف عَلَيْهِ، أَي: وَصَلَاة منبقي من الْقَوْم مَعَ الإِمَام. قَوْله: (جَائِزَة) خبر الْمُبْتَدَأ. وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: تَامَّة. وَظَاهر هَذِه التَّرْجَمَة يدل على أَن البُخَارِيّ، رحمه الله، لَا يرى اسْتِمْرَار الْجُمُعَة الَّذين تَنْعَقِد بهم الْجُمُعَة إِلَى تَمامهَا شرطا فِي صِحَة الْجُمُعَة، وَسَيَجِيءُ بَيَان الِاخْتِلَاف فِيهِ مفصلا، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
936 -
حدَّثنا مُعَاوِيَةُ بنُ عَمْرٍ وَقَالَ حدَّثنا زَائِدَةُ عنْ حُصَيْنٍ عنْ سَالِمِ بنِ أبِي الجَعْدِ قَالَ حدَّثنا جابِرُ بنُ عَبْدِ الله قَالَ بَيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أذْ أقْبلَتْ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعَاما فالْتَفَتُوا إلَيْهَا حَتَّى مَا بقِيَ مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلاّ اثْنا عشَرَ رَجُلاً فنَزلَتْ هاذِهِ الآيَةُ وَإِذا رَأوْا تِجارَةً أوْ لَهْوا انفًضُّوا إِلَيْهَا وترَكُوكَ قَائِما. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الصَّحَابَة لما انْفَضُّوا حِين إقبال العير وَلم يبْق مِنْهُم إلاّ اثْنَا عشر نفسا أتم النَّبِي صلى الله عليه وسلم صَلَاة الْجُمُعَة بهم، لِأَنَّهُ لم ينْقل أَنه أعَاد الظّهْر، فَدلَّ على التَّرْجَمَة من هَذِه الْحَيْثِيَّة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُعَاوِيَة بن عَمْرو بن الْمُهلب الْأَزْدِيّ الْبَغْدَادِيّ، أَصله كُوفِي، مَاتَ فِي جمادي الأولى سنة أَربع عشرَة وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: زَائِدَة بن قدامَة أَبُو الصَّلْت الْكُوفِي. الثَّالِث: حُصَيْن، بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعدهَا نون: ابْن عبد الرَّحْمَن الوَاسِطِيّ. الرَّابِع: سَالم بن أبي الْجَعْد وَاسم أبي الْجَعْد رَافع الْكُوفِي. الْخَامِس: جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن البُخَارِيّ روى هُنَا عَن مُعَاوِيَة بن عمر وَبلا وَاسِطَة وروى فِي مَوَاضِع عَنهُ بِوَاسِطَة عبد الله بن المسندي وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم وَأحمد بن أبي رَجَاء. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بغدادي وكوفي وواسطي، وَقد علم ذَلِك مِمَّا سلف. وَفِيه: أَن مدَار هَذَا الحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ على حُصَيْن الْمَذْكُور، لِأَنَّهُ تَارَة يرويهِ عَن سَالم بن أبي الْجَعْد وَحده كَمَا هُنَا، وَهِي رِوَايَة أَكثر أَصْحَابه، وَتارَة عَن أبي سُفْيَان طَلْحَة بن نَافِع وَحده، وَهِي رِوَايَة قيس بن الرّبيع وَإِسْرَائِيل عِنْد ابْن مرْدَوَيْه، وَتارَة جمع بَينهمَا عَن جَابر وَهِي رِوَايَة خَالِد بن عبد الله عِنْد البُخَارِيّ فِي التَّفْسِير، وَعند مُسلم وَكَذَا رِوَايَة هشيم عِنْده أَيْضا.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْبيُوع عَن طلق بن غَنَّام عَن زَائِدَة وَعَن مُحَمَّد هُوَ ابْن سَلام عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل وَفِي التَّفْسِير عَن حَفْص بن عمر عَن خَالِد بن عبد الله. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن عُثْمَان ابْن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن رِفَاعَة بن الْهَيْثَم وَعَن إِسْمَاعِيل بن سَالم. وَأخرجه
التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن أَحْمد بن منيع. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ وَفِي الصَّلَاة عَن عبد الله بن أَحْمد بن عبد الله.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بَيْنَمَا)، قد مر غير مرّة أَن أَصله: بَين، فزيدت عَلَيْهِ: الْألف وَالْمِيم، وأضيف إِلَى الْجُمْلَة بعده. وَقَوله:(إِذا أَقبلت) جَوَابه، ويروى:(بَينا) بِدُونِ الْمِيم. قَوْله: (نَحن نصلي) ظَاهره أَن انفضاضهم كَانَ بعد دُخُولهمْ فِي الصَّلَاة، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ رِوَايَة خَالِد بن عبد الله عِنْد أبي نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) :(بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فِي الصَّلَاة) . وَلَكِن وَقع عِنْد مُسلم: (وَرَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، يخْطب) وَله فِي رِوَايَة: (بَينا النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، قَائِم) وَزَاد أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه) وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيقه: (يخْطب) . فَإِن قلت: كَيفَ التَّوْفِيق بَين الْكَلَامَيْنِ؟ قلت: قَالُوا: قَوْله: (نصلي) أَي: نَنْتَظِر الصَّلَاة، وَهُوَ معنى: قَوْله: (فِي الصَّلَاة) فِي رِوَايَة أبي نعيم فِي الْخطْبَة، وَهُوَ من تَسْمِيَة الشَّيْء بِمَا قاربه. وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَالْمرَاد بِالصَّلَاةِ انتظارها فِي حَال الْخطْبَة ليُوَافق رِوَايَة مُسلم، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: مَعْنَاهُ حَضَرنَا الصَّلَاة وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يخْطب يَوْمئِذٍ قَائِما، وَبَين هَذَا فِي حَدِيث جَابر أَنه، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يخْطب قَائِما. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: الْأَشْبَه أَن يكون الصَّحِيح رِوَايَة من روى أَن ذَلِك كَانَ فِي الْخطْبَة. قلت: إِخْرَاج كَلَام جَابر الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيّ يُؤَدِّي إِلَى عدم مطابقته للتَّرْجَمَة، لِأَنَّهُ وضع التَّرْجَمَة فِي نفور الْقَوْم عَن الإِمَام وَهُوَ فِي الصَّلَاة، وَمَا ذكره يدل على أَنهم نفروا وَالْإِمَام يخْطب. قَوْله:(عير)، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره رَاء: وَهِي الْإِبِل الَّتِي تحمل التِّجَارَة طَعَاما كَانَت أَو غَيره، وَهِي مُؤَنّثَة لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى:{فَأذن مُؤذن أيتها العير} (يُوسُف: 70) . إِنَّهَا الْإِبِل الَّتِي عَلَيْهَا الْأَحْمَال لِأَنَّهَا تعير أَي: تذْهب وتجيء. وَقيل: هِيَ قافلة الْحمير، ثمَّ كثر حَتَّى قيل لكل قافلة: عير، كَأَنَّهَا جمع: عير، بِفَتْح الْعين وَالْمرَاد: أَصْحَاب العير، فعلى هَذَا إِسْنَاد الإقبال إِلَى العير مجَاز وَفِي (الْمُحكم) : وَالْجمع: عيرات وعير، وَنقل عبد الْحق فِي جمعه: أَن البُخَارِيّ لم يخرج قَوْله: (إِذا أَقبلت عير تحمل طَعَاما) ، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِنَّهُ ثَبت هُنَا وَفِي أَوَائِل الْبيُوع، نعم سقط ذَلِك فِي التَّفْسِير. وَزَاد البُخَارِيّ فِي الْبيُوع، أَنَّهَا أَقبلت من الشَّام، وَمثله لمُسلم من طَرِيق جرير عَن حُصَيْن فَإِن قلت: لمن كَانَت العير الْمَذْكُورَة؟ قلت: فِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ من طَرِيق السّديّ أَن الَّذِي قدم بهَا من الشَّام هُوَ دحْيَة بن خَليفَة الْكَلْبِيّ، وَقَالَ السُّهيْلي: ذكر أهل الحَدِيث أَن دحْيَة بن خَليفَة الْكَلْبِيّ قدم من الشَّام بعير لَهُ تحمل طَعَاما وَبرا، وَكَانَ النَّاس إِذْ ذَاك مُحْتَاجين، فَانْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتركُوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَفِي رِوَايَة ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق الضَّحَّاك، عَن ابْن عَبَّاس: جائت عير لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَإِن قلت: كَيفَ التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ؟ قلت: قيل جمع بَين هَاتين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن التِّجَارَة كَانَت لعبد الرَّحْمَن وَكَانَ دحْيَة السفير فِيهَا. قلت: يحْتَمل أَن يَكُونَا مشتركين فَصحت نسبتها لكل مِنْهُمَا بِهَذَا الِاعْتِبَار. قَوْله: (فالتفتوا إِلَيْهَا) أَي: إِلَى العير، وَفِي رِوَايَة ابْن فُضَيْل فِي الْبيُوع:(فانفض النَّاس) أَي: فَتفرق النَّاس، وَهُوَ مُوَافق لنَصّ الْقُرْآن، فَدلَّ هَذَا على أَن المُرَاد من الِالْتِفَات: الِانْصِرَاف، وَبِهَذَا يرد على من حمل الِالْتِفَات على ظَاهره حَيْثُ قَالَ: لَا يفهم من هَذَا الِانْصِرَاف عَن الصَّلَاة وقطعها، وَإِنَّمَا الَّذِي يفهم مِنْهُ التفاتهم بِوُجُوهِهِمْ أَو بقلوبهم، وَيرد هَذَا أَيْضا قَوْله:(حَتَّى مَا بَقِي مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا اثْنَا عشر رجلا) فَإِن بَقَاء اثْنَي عشر رجلا مِنْهُم يدل على أَن البَاقِينَ مَا بقوا مَعَه صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ بَعضهم: وَفِي قَوْله: (فالتفتوا)، الْتِفَات لِأَن السِّيَاق يَقْتَضِي أَن يَقُول: فالتفتنا، وَكَأن النُّكْتَة فِي عدُول جَابر عَن ذَلِك أَنه هُوَ لم يكن مِمَّن الْتفت. قلت: لَيْسَ فِيهِ الْتِفَات، لِأَن جَابِرا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ من الاثْنَي عشر، على مَا جَاءَ أَنه قَالَ: وَأَنا فيهم، فَيكون هَذَا إِخْبَارًا عَن الَّذين انْفَضُّوا، فَلَا عدُول فِيهِ عَن الأَصْل. قَوْله:(إلاّ اثْنَا عشر) اسْتثِْنَاء من الضَّمِير الَّذِي فِي لَفظه: بَقِي، الَّذِي يعود إِلَى الْمُصَلِّي، فَإِذا كَانَ كَذَلِك يجوز فِيهِ الرّفْع وَالنّصب، وَجَاءَت الرِّوَايَة بهما، وَلَا يُقَال: إِن الِاسْتِثْنَاء مفرغ، فَيتَعَيَّن الرّفْع لِأَن إعرابه على حسب العوامل، لِأَن مَا ذكر يمْنَع أَن يكون مفرغا. وَهنا وَجه آخر لجَوَاز الرّفْع وَالنّصب، أما الرّفْع فَيكون الْمُسْتَثْنى فِيهِ محذوفا تَقْدِيره: مَا بَقِي أحد مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إلاّ عدد كَانُوا اثْنَي عشر رجلا، وَأما النصب فلإعطاء اثْنَي عشر حكم أخواته الَّتِي هِيَ ثَلَاثَة عشر وَأَرْبَعَة عشر وَغَيرهمَا، لِأَن الأَصْل فِيهَا الْبناء لتضمنها الْحَرْف. فَافْهَم.
ثمَّ تعْيين عدد الَّذين بقوا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مثل مَا هُوَ فِي (الصَّحِيح) وهم: اثْنَي عشر، وَفِي الدَّارَقُطْنِيّ لَيْسَ مَعَه صلى الله عليه وسلم إلاّ أَرْبَعِينَ رجلا أَنا فيهم، ثمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يقل كَذَلِك
إلاّ عَليّ بن عَاصِم عَن حُصَيْن، وَخَالفهُ أَصْحَاب حُصَيْن فَقَالُوا: اثْنَي عشر رجلا، وَفِي (الْمعَانِي) للفراء إلاّ ثَمَانِيَة نفر، وَفِي تَفْسِير عبد بن حميد: إلاّ سَبْعَة. وَوَقع فِي (تَفْسِير الطَّبَرِيّ) وَابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَاد صَحِيح إِلَى قَتَادَة (قَالَ: قَالَ لَهُم النَّبِي صلى الله عليه وسلم: كم أَنْتُم؟ فعدوا أنفسهم فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَة) . وَفِي تَفْسِير إِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد الشَّامي: وَامْرَأَتَانِ، وَلابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: وَسبع نسْوَة، لَكِن إِسْنَاده ضَعِيف.
وَأما تسميتهم فَوَقع فِي رِوَايَة خَالِد الطَّحَّان عِنْد مُسلم أَن جَابِرا قَالَ: أَنا فيهم، وَله فِي رِوَايَة هشيم: فيهم أَبُو بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَفِي تَفْسِير إِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد الشَّامي: أَن سالما مولى أبي حُذَيْفَة مِنْهُم، روى الْعقيلِيّ عَن ابْن عَبَّاس: أَن مِنْهُم الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة وَابْن مَسْعُود وأناس من الْأَنْصَار، وَحكى السُّهيْلي أَن أَسد بن عَمْرو روى بِسَنَد مُنْقَطع أَن الاثْنَي عشر هم: الْعشْرَة المبشرة وبلال وَابْن مَسْعُود. قَالَ: وَفِي رِوَايَة: عمار، بدل: ابْن مَسْعُود. وأهمل جَابِرا، وَهُوَ مِنْهُم. كَمَا ذكر فِي الصَّحِيح.
قَوْله: (فَنزلت هَذِه الْآيَة) ظَاهر هَذَا أَن سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة قدوم العير الْمَذْكُورَة، وَفِي (مَرَاسِيل أبي دَاوُد) : حَدثنَا مَحْمُود بن خَالِد حَدثنَا الْوَلِيد أَخْبرنِي بكير بن مَعْرُوف أَنه سمع مقَاتل بن حبَان قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الْجُمُعَة قبل الْخطْبَة مثل الْعِيدَيْنِ، حَتَّى كَانَ يَوْم جُمُعَة، وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخْطب، وَقد صلى الْجُمُعَة فَدخل رجل فَقَالَ: إِن دحْيَة قدم بتجارته، وَكَانَ دحْيَة إِذا قدم تَلقاهُ أَهله بِالدُّفُوفِ، فَخرج النَّاس لم يَظُنُّوا إلاّ أَنه لَيْسَ فِي ترك الْخطْبَة شَيْء، فَأنْزل الله عز وجل: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة} (الْجُمُعَة: 11) . الْآيَة، فَقدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة وَأخر الصَّلَاة، فَكَانَ أحد لَا يخرج لرعاف أَو حدث بعد النَّهْي حَتَّى يسْتَأْذن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، يُشِير إِلَيْهِ بإصبعه الَّتِي تلِي الْإِبْهَام، فَيَأْذَن لَهُ صلى الله عليه وسلم ثمَّ يُشِير إِلَيْهِ بِيَدِهِ) قَالَ السُّهيْلي: هَذَا، وَإِن لم ينْقل من وَجه ثَابت، فالظن الْجَمِيل بالصحابة يُوجب أَن يكون صَحِيحا. وَقَالَ عِيَاض: وَقد أنكر بَعضهم كَونه صلى الله عليه وسلم خطب قطّ بعد صَلَاة الْجُمُعَة، وَفِي (سنَن الشَّافِعِي) رحمه الله: عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد (حَدثنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة، وَكَانَت لَهُم سوق يُقَال لَهَا: الْبَطْحَاء، كَانَت بَنو سليم يجلبون إِلَيْهَا الْخَيل وَالْإِبِل وَالسمن، وَقدمُوا فَخرج إِلَيْهِم النَّاس وَتركُوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ لَهُم لَهو إِذا تزوج أحد من الْأَنْصَار يضربونه، يُقَال لَهُ: الْكبر، فعيرهم الله بذلك فَقَالَ: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا} (الْجُمُعَة: 11) . وَهُوَ مُرْسل، لِأَن مُحَمَّد الباقر من التَّابِعين، وَوَصله أَبُو عوَانَة فِي (صَحِيحه) والطبري يذكر جَابِرا فِيهِ: أَنهم كَانُوا إِذْ نكحوا تضرب لَهُم الْجَوَارِي بالمزامير فيشتد النَّاس إِلَيْهِم وَيدعونَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلمقائما، فَنزلت هَذِه الْآيَة، وَفِي تَفْسِير عبد بن حميد: حَدثنَا يعلى عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس: قدم دحْيَة بِتِجَارَة فَخَرجُوا ينظرُونَ إلاّ سَبْعَة نفر، وَأَخْبرنِي عَمْرو بن عَوْف عَن هشيم عَن يُونُس، (عَن الْحسن قَالَ: فَلم يبْق مَعَه صلى الله عليه وسلم إلاّ رَهْط مِنْهُم: أَبُو بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَنزلت هَذِه الْآيَة:{وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة} (الْجُمُعَة: 11) . فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو تَتَابَعْتُمْ حَتَّى لَا يبْقى معي أحد مِنْكُم لَسَالَ بكم الْوَادي نَارا) . حَدثنَا يُونُس عَن شَيبَان (عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَامَ يَوْم جُمُعَة فخطبهم، فَقيل: جَاءَت عير، فَجعلُوا يقومُونَ حَتَّى بقيت عِصَابَة مِنْهُم، فَقَالَ: كم أَنْتُم فعدوا أنفسهم فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَة، ثمَّ قَامَ الْجُمُعَة الثَّانِيَة فخطبهم ووعظهم فَقيل: جَاءَت عير، فَجعلُوا يقومُونَ حَتَّى بقيت مِنْهُم عِصَابَة، فَقيل لَهُم: كم أَنْتُم فعدوا أنفسهم فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَة. فَقَالَ: وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو اتبع آخركم أولكم لألهب الْوَادي عَلَيْكُم نَارا، فَأنْزل الله تَعَالَى فِيهَا مَا تَسْمَعُونَ: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة} (الْجُمُعَة: 11) . الْآيَة) . حَدثنَا شَيبَان عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لَهو} (الْجُمُعَة: 11) . قَالَ: كَانَ رجال يقومُونَ إِلَى نواضحهم وَإِلَى السّفر يقدمُونَ يتبعُون التِّجَارَة وَاللَّهْو. وَفِي (تَفْسِير ابْن عَبَّاس) : جمع إِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد الشَّامي عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن أبان (عَن أنس: بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، يخْطب يَوْم الْجُمُعَة إِذْ سمع أهل الْمَسْجِد صَوت الطبول والمزامير، وَكَانَ أهل الْمَدِينَة إِذا قدمت عَلَيْهِم العير من الشَّام بِالْبرِّ وَالزَّبِيب استقبلوها فَرحا بالمعازف، فَقدمت عير لدحية وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يخْطب، فتركوا النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَخَرجُوا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: من هَهُنَا؟ فَقَالَ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَابْن مَسْعُود وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة. . فَإِذا اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَتَانِ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: لَو اتبع آخركم أولكم لاضطرم الْوَادي عَلَيْكُم نَارا، وَلَكِن الله تطول على بكم
فَرفع الْعقُوبَة بكم عَمَّن خرج، فَنزلت الْآيَة. وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : وَكَانُوا إِذا أَقبلت العير استقبلوها بالطبل والتصفيق، وَهُوَ المُرَاد باللهو، وَفِيه أَيْضا:(بَينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخْطب يَوْم الْجُمُعَة، إِذْ قدم دحْيَة بن خَليفَة الْكَلْبِيّ ثمَّ أحد بني الْخَزْرَج ثمَّ أحد بني زيد بن مَنَاة من الشَّام بِتِجَارَة، وَكَانَ إِذا قدم لم يبْق بِالْمَدِينَةِ عاتق، وَكَانَ يقدم إِذا قدم بِكُل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من دَقِيق أَو بر أَو غَيره، فَنزل عِنْد أَحْجَار الزَّيْت، وَهُوَ مَكَان فِي سوق الْمَدِينَة، ثمَّ يضْرب الطبل ليؤذن النَّاس بقدومه فَيخرج إِلَيْهِ النَّاس ليبتاعوا مِنْهُ، فَقدم ذَات يَوْم جُمُعَة، وَكَانَ ذَلِك قبل أَن يسلم، وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَائِم على الْمِنْبَر يخْطب، فَخرج إِلَيْهِ النَّاس فَلم يبْق فِي الْمَسْجِد إلاّ اثْنَا عشر رجلا وَامْرَأَة، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: كم بَقِي فِي الْمَسْجِد؟ فَقَالُوا: اثْنَي عشر رجلا وَامْرَأَة. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: لَوْلَا هَؤُلَاءِ لقد سومت لَهُم الْحِجَارَة من السَّمَاء، وَأنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة) .
قَوْله: (انْفَضُّوا إِلَيْهَا) من الانفضاض، وَهُوَ التَّفَرُّق. يُقَال: فضضت الْقَوْم فَانْفَضُّوا أَي: فرقتهم فَتَفَرَّقُوا. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: كَيفَ قَالَ: إِلَيْهَا، وَقد ذكر شَيْئَيْنِ؟ قلت: تَقْدِيره إِذا رَأَوْا تِجَارَة انْفَضُّوا إِلَيْهَا أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهِ، فَحذف أَحدهمَا لدلَالَة الْمَذْكُور عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ قِرَاءَة من قَرَأَ: انْفَضُّوا إِلَيْهِ، وَقِرَاءَة من قَرَأَ لهوا أَو تِجَارَة انْفَضُّوا إِلَيْهَا. وقرىء: إِلَيْهِمَا. انْتهى. وَقيل: أُعِيد الضَّمِير إِلَى التِّجَارَة فَقَط لِأَنَّهَا كَانَت أهم إِلَيْهِم. وَقَالَ الزّجاج: يجوز فِي الْكَلَام: انْفَضُّوا إِلَيْهِ وإليها وإليهما، وَلِأَن الْعَطف إِذا كَانَ ضميرا فقياسه عوده إِلَى أَحدهمَا لَا إِلَيْهِمَا، وَأَن الضَّمِير أُعِيد إِلَى الْمَعْنى دون اللَّفْظ أَي: انْفَضُّوا إِلَى الرُّؤْيَة الَّتِي رأوها، أَي: مالوا إِلَى طلب مَا رَأَوْهُ.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: يُسْتَفَاد من ظَاهر حَدِيث الْبَاب أَن الْقَوْم إِذا نفروا عَن الإِمَام وَهُوَ فِي صَلَاة الْجُمُعَة فَصَلَاة من بَقِي وَصَلَاة الإِمَام على حَالهَا، فَلذَلِك ترْجم البُخَارِيّ الْبَاب بقوله: بَاب إِذا نفر النَّاس. . إِلَى آخِره. وَقَالَ ابْن بطال: اخْتلف الْعلمَاء فِي الإِمَام يفْتَتح صَلَاة الْجُمُعَة بِجَمَاعَة ثمَّ يتفرقون، فَقَالَ الثَّوْريّ: إِذا ذَهَبُوا إلاّ رجلَيْنِ صلى رَكْعَتَيْنِ، وَإِن بَقِي وَاحِد صلى أَرْبعا. وَقَالَ أَبُو ثَوْر: يُصليهَا جُمُعَة. انْتهى. قلت: إِذا اقْتدى النَّاس بِالْإِمَامِ فِي صَلَاة الْجُمُعَة ثمَّ عرض للنَّاس عَارض أداهم إِلَى النفور فنفروا وَبَقِي الإِمَام وَحده، وَذَلِكَ قبل أَن يرْكَع وَيسْجد اسْتقْبل الظّهْر عِنْد أبي حنيفَة، وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد: إِن نفروا عَنهُ بَعْدَمَا افْتتح الصَّلَاة صلى الْجُمُعَة، وَإِن بَقِي وَحده. وَبِه قَالَ الْمُزنِيّ: فِي قَول، وَإِن نفروا عَنهُ بَعْدَمَا ركع وَسجد سَجْدَة بنى على الْجُمُعَة، فِي قَوْلهم جَمِيعًا، خلافًا لزفَر، فَعنده: يُصَلِّي الظّهْر، وَعند مَالك: ان انْفَضُّوا بعد الْإِحْرَام ويئس من رجوعهم بنى على إِحْرَامه أَرْبعا، وإلاّ جعلهَا نَافِلَة وانتظرهم، وَإِن انْفَضُّوا بعد رَكْعَة، قَالَ أَشهب وَعبد الْوَهَّاب: يُتمهَا جُمُعَة، وَهُوَ اخْتِيَار الْمُزنِيّ. وَقَالَ سَحْنُون: هُوَ كَمَا بعد الْإِحْرَام، فتشترط إِلَى الِانْتِهَاء. وَقَالَ إِسْحَاق: إِن بَقِي مَعَه اثْنَا عشر صلى الْجُمُعَة، وَظَاهر كَلَام أَحْمد اسْتِدَامَة الْأَرْبَعين.
وَقَالَ النَّوَوِيّ: لَو أحرم بالأربعين الْمَشْرُوطَة ثمَّ انْفَضُّوا، فَفِيهِ خَمْسَة أَقْوَال: أَصَحهَا: يُتمهَا ظهرا كالابتداء، وللمزني تخريجان: أَحدهمَا: يُتمهَا جُمُعَة وَحده، وَالثَّانِي: إِن صلى رَكْعَة بسجدتيها أتمهَا جُمُعَة. وَقيل: إِن بَقِي مَعَه وَاحِد أتمهَا جُمُعَة، نَص عَلَيْهِ فِي الْقَدِيم وَذكر ابْن الْمُنْذر: إِن بَقِي مَعَه اثْنَان أتمهَا جُمُعَة. وَهِي رِوَايَة الْبُوَيْطِيّ. وَقَالَ صَاحب (التَّقْرِيب) : يحْتَمل أَن يَكْتَفِي بِالْعَبدِ وَالْمُسَافر، وَأقَام الْمَاوَرْدِيّ الصَّبِي وَالْمَرْأَة مقامهما، فَالْحَاصِل بَقَاء الْأَرْبَعين فِي كل الصَّلَاة، هَل هُوَ شَرط أم لَا؟ قَولَانِ: فَإِن قُلْنَا: لَا، فَهَل يشْتَرط بَقَاء عدد أم لَا؟ فَقَوْلَانِ: فَإِن قُلْنَا: لَا. فَهَل يفصل بَين الرَّكْعَة الأولى وَالثَّانيَِة أم لَا؟ قَولَانِ، فَإِن قُلْنَا: نعم فكم يشْتَرط؟ قَولَانِ: أَحدهمَا: ثَلَاثَة، وَالْآخر، إثنان فَإِذا أردْت اخْتِصَار ذَلِك؟ قلت: فِي الْمَسْأَلَة خَمْسَة أَقْوَال: أَحدهَا: يُتمهَا ظهرا كَيفَ مَا كَانَ، وَهُوَ الصَّحِيح. وَالثَّانِي: جُمُعَة كَيفَ مَا كَانَ. وَالثَّالِث: إِن بَقِي مَعَه إثنان أتمهَا جُمُعَة. وإلاّ ظهرا. الرَّابِع: إِن بَقِي مَعَه وَاحِد أتمهَا جُمُعَة. وَالْخَامِس: إِن انْفَضُّوا أَو بَعضهم بعد تَمام الرَّكْعَة بسجدتيها أتمهَا جُمُعَة وإلاّ ظهرا.
قلت: الأَصْل أَن الْجَمَاعَة من شَرَائِط الْجُمُعَة لِأَنَّهَا مُشْتَقَّة مِنْهَا. وأجمعت الْأمة على أَن الْجُمُعَة لَا تصح من الْمُنْفَرد إلاّ مَا ذكر ابْن حزم فِي (الْمحلى) عَن بعض النَّاس: أَن الْفَذ يُصَلِّي الْجُمُعَة كالظهر. ثمَّ أقل الْجَمَاعَة عِنْد أبي حنيفَة ثَلَاثَة سوى الإِمَام، وَبِه قَالَ زفر وَاللَّيْث بن سعد، وَحَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري فِي قَول وَأبي ثَوْر، وَاخْتَارَهُ الْمُزنِيّ وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد: اثْنَان سوى الإِمَام. وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر وَالثَّوْري فِي قَول: وَهُوَ قَول الْحسن الْبَصْرِيّ، ثمَّ الْجَمَاعَة للْجُمُعَة شَرط تأحكد العقد بِالسَّجْدَةِ عِنْد أبي حنيفَة، وَعِنْدَهُمَا للشروع، وَعند زفر يشْتَرط دوامها كالوقت