الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إِذا قَالَ الإِمَام: {غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين} فَقَالَ من خَلفه: آمين، وَوَافَقَ ذَلِك قَول أهل السَّمَاء: آمين، غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) . وَرَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد الدَّارمِيّ فِي (مُسْنده) : عَن يزِيد بن هَارُون عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بِهِ، وَرَوَاهُ أَيْضا عَن يزِيد بن هَارُون وَابْن خُزَيْمَة والسراج وَابْن حبَان وَغَيرهم من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بِهِ.
وَنُعَيْمٌ المُجْمِرُ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
عطف على: مُحَمَّد بن عَمْرو، أَي: تَابع سميّا أَيْضا، نعيم بن المجمر. وأخرجها الْبَيْهَقِيّ أَيْضا من طَرِيق عبد الْملك بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن خَالِد بن يزِيد عَن سعيد بن أبي هِلَال (عَن نعيم المجمر: صلى بِنَا أَبُو هُرَيْرَة، فَقَالَ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، ثمَّ قَرَأَ بِأم الْقُرْآن حَتَّى بلغ {وَلَا الضَّالّين} قَالَ: آمين. ثمَّ قَالَ: إِنِّي لأشبهكم صَلَاة برَسُول الله صلى الله عليه وسلم . وَقَالَ: رُوَاته ثِقَات، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن خُزَيْمَة والسراج وَابْن حبَان وَغَيرهم من طَرِيق سعيد بن أبي هِلَال عَن نعيم المجمر، قَالَ: (صليت وَرَاء أبي هُرَيْرَة فَقَرَأَ بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ثمَّ قَرَأَ بِأم الْقُرْآن حَتَّى بلغ: {وَلَا الضَّالّين} فَقَالَ آمين. وَقَالَ النَّاس: آمين، وَيَقُول كلما سجد: الله أكبر، وَإِذا قَامَ من الْجُلُوس فِي الاثنتين قَالَ: الله أكبر، وَيَقُول: إِذا سلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأشبهكم صَلَاة برَسُول الله صلى الله عليه وسلم . قلت: التَّشْبِيه لَا عُمُوم لَهُ، فَلَا يلْزم أَن يكون فِي جَمِيع أَجزَاء الصَّلَاة، بل فِي معظمها.
114 -
(بابٌ إذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ)
أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: إِذا ركع الْمُصَلِّي قبل وُصُوله إِلَى الصَّفّ، وَقَالَ بَعضهم: كَانَ اللَّائِق إِيرَاد هَذِه التَّرْجَمَة فِي أَبْوَاب الْإِمَامَة. قلت: لَا نسلم ذَلِك، لِأَن هَذَا حكم مصل يرْكَع قبل وُصُوله إِلَى الصَّفّ، فعلى قَوْله: كَانَ يلْزم أَن يذكر: بَاب إِذا اسْمَع الإِمَام الْآيَة، وَهُوَ الْمَذْكُور قبل هَذَا الْبَاب بأَرْبعَة أَبْوَاب، فِي أَبْوَاب الْإِمَامَة، فَإِنَّهُ مُتَعَلق بِالْإِمَامَةِ. وَلم يراع البُخَارِيّ بَين الْأَبْوَاب من أَي كتاب كَانَ الْمُنَاسبَة التَّامَّة، وَمَعَ هَذَا فَلَا يَخْلُو عَن بعض مُنَاسبَة بَين كل بَابَيْنِ مذكورين مَعًا، وَهَهُنَا يُمكن أَن يُقَال: الْمُنَاسبَة بَين هَذَا الْبَاب والأبواب الَّتِي قبله من حَيْثُ إِن الرُّكُوع يكون بعد الْقِرَاءَة الَّتِي هِيَ قِرَاءَة الْفَاتِحَة، لِأَنَّهَا هِيَ الأَصْل عِنْدهم، وَيكون ختم الْفَاتِحَة بِلَفْظ: آمين، وَلَيْسَ بَين الْقِرَاءَة وَالرُّكُوع شَيْء آخر. وَقَالَ ابْن الْمُنِير: هَذِه التَّرْجَمَة مِمَّا نوزع فِيهَا البُخَارِيّ حَيْثُ لم يَأْتِ بِجَوَاب إِذا، لإشكال الحَدِيث وَاخْتِلَاف الْعلمَاء فِي المُرَاد بقوله وَلَا تعد. انْتهى. قلت: جَوَاب: إِذا، على كل حَال مَحْذُوف، فَيحْتَمل أَن يقدر الْجَواب: يجوز، وَيحْتَمل: لَا يجوز، وَلَكِن الظَّاهِر: لَا يجوز، لِأَن طَرِيقَته فِي الْقِرَاءَة خلف الإِمَام تُشِير إِلَى عدم الْجَوَاز.
783 -
حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا هَمَّامٌ عنِ الأعْلَمِ وَهْوَ زِيادٌ عنِ الحَسَنِ عنِ أبي بَكْرَةَ أنَّهُ انْتَهَى ألَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ زَادَكَ الله حِرْصا ولَا تَعُدْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي فِي قَوْله:(فَرَكَعَ قبل أَن يصل إِلَى الصَّفّ) .
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو سَلمَة الْمنْقري التَّبُوذَكِي، الثَّانِي: همام على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ ابْن يحيى. الثَّالِث: الأعلم، على وزن أفعل الَّذِي هُوَ للتفضيل من الْعلم، بِفتْحَتَيْنِ، من علم علما إِذا صَار أعلم، وَهُوَ المشقوق الشّفة الْعليا، لَا من الْعلم، بِكَسْر الْعين وَسُكُون اللَّام. وَقد فسر اسْمه بقوله: وَهُوَ زِيَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف: ابْن حسان، على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ. الرَّابِع: الْحسن الْبَصْرِيّ. الْخَامِس: أَبُو بكرَة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْكَاف، واسْمه: نفيع بن الْحَارِث بن كلدة، من فضلاء الصَّحَابَة بِالْبَصْرَةِ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: عَن الأعلم، وَفِي رِوَايَة عَفَّان عَن همام: حَدثنَا زِيَاد الأعلم، أخرجه ابْن أبي شيبَة. وَفِيه: زِيَاد مَذْكُور بلقبه وَهُوَ: الأعلم، لقب بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مشقوق الشّفة السُّفْلى، قَالَ بَعضهم: هَكَذَا السُّفْلى وَلَيْسَ كَذَلِك، بل الأعلم إِنَّمَا يُقَال
للمشقوق الشّفة الْعليا، كَمَا ذَكرْنَاهُ. وَفِيه: عَن الْحسن عَن أبي بكرَة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْكَاف، أعله بَعضهم بِأَن الْحسن عنعنه، وَقيل: إِنَّه لم يسمع من أبي بكرَة، وَإِنَّمَا يروي عَن الْأَحْنَف عَنهُ، ورد هَذَا الإعلال بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ: أخبرنَا حميد بن مسْعدَة عَن يزِيد بن زُرَيْع، قَالَ: حَدثنَا سعيد عَن زِيَاد الأعلم، قَالَ: أخبرنَا الْحسن أَن أَبَا بكرَة حَدثهُ أَنه دخل الْمَسْجِد وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رَاكِع فَرَكَعَ دون الصَّفّ. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا وَلَا تعد. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم بصريون. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ، لِأَن زيادا من صغَار التَّابِعين، وَالْحسن من كبارهم، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن حميد بن مسْعدَة عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن سعيد ابْن أبي عرُوبَة عَن زِيَاد، وَعَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن حَمَّاد عَن زِيَاد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن حميد بن مسْعدَة بِهِ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَنه انْتهى إِلَى النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ رَاكِع)، أَي: وَالْحَال أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَاكِع. وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ عَن زِيَاد: (أخبرنَا الْحسن أَن أَبَا بكرَة حَدثهُ أَنه دخل الْمَسْجِد وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رَاكِع) . وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن الْحسن: (أَن أَبَا بكرَة جَاءَ وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَاكِع) . وَفِي رِوَايَة الطَّحَاوِيّ: عَن الْحسن عَن أبي بكرَة، قَالَ:(جِئْت وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَاكِع، وَقد حفزني النَّفس فركعت دون الصَّفّ) . قَوْله: (فَذكر ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَي: فَذكر مَا فعله أَبُو بكرَة من رُكُوعه دون الصَّفّ، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: (فَلَمَّا قضى النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلَاته، قَالَ: أَيّكُم الَّذِي ركع دون الصَّفّ ثمَّ مَشى إِلَى الصَّفّ؟ فَقَالَ أَبُو بكرَة: أَنا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا، وَلَا تعد) . وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة: (فَلَمَّا انْصَرف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَيّكُم دخل الصَّفّ وَهُوَ رَاكِع؟) قَوْله: (زادك الله حرصا) أَي: على الْخَيْر. قَوْله: (وَلَا تعد) قَالَ السفاقسي عَن الشَّافِعِي، يَعْنِي: لَا تركع دون الصَّفّ. وَقيل: لَا تعد أَن تسْعَى إِلَى الصَّلَاة سعيا يحفزك فِي النَّفس. وَقيل: لَا تعد إِلَى الإبطاء. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: قَوْله: (لَا تعد)، عندنَا يحْتَمل معنين: يحْتَمل وَلَا تعد أَن تركع دون الصَّفّ حَتَّى تقوم فِي الصَّفّ، كَمَا قد روى عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذا أَتَى أحدكُم الصَّلَاة فَلَا يرْكَع دون الصَّفّ حَتَّى يَأْخُذ مَكَانَهُ من الصَّفّ) . وَيحْتَمل أَي وَلَا تعد أَن تسْعَى إِلَى الصَّفّ سعيا يحفزك فِيهِ النَّفس، كَمَا جَاءَ عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا تأتوها وَأَنْتُم تسعون، واتوها وَأَنْتُم تمشون وَعَلَيْكُم السكينَة، فَمَا أدركتم فصلوا وَمَا فاتكم فَأتمُّوا) . وَقَالَ القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ: يحْتَمل أَن يكون عَائِدًا إِلَى الْمَشْي إِلَى الصَّفّ فِي الصَّلَاة، فَإِن الخطوة والخطوتين، وَإِن لم تفْسد الصَّلَاة، لَكِن الأولى التَّحَرُّز عَنْهَا. ثمَّ قَوْله:(وَلَا تعد) فِي جَمِيع الرِّوَايَات، بِفَتْح التَّاء وَضم الْعين: من الْعود. وَقيل: رُوِيَ بِضَم التَّاء وَكسر الْعين: من الْإِعَادَة، فَإِن صحت هَذِه الرِّوَايَة فَمَعْنَاه: وَلَا تعد صَلَاتك.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ الطَّحَاوِيّ: فِي هَذَا الحَدِيث أَنه ركع دون الصَّفّ فَلم يَأْمُرهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِإِعَادَة الصَّلَاة. انْتهى. وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود وَزيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَنَّهُمَا فعلا ذَلِك، ركعا دون الصَّفّ ومشيا إِلَى الصَّفّ رُكُوعًا، وَفعله عُرْوَة بن الزبير وَسَعِيد بن جُبَير وَأَبُو سَلمَة وَعَطَاء، وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث: لَا بَأْس بذلك إِذا كَانَ قَرِيبا قدر مَا يلْحق. وحد الْقرب فِيمَا حَكَاهُ القَاضِي إِسْمَاعِيل عَن مَالك: أَن يصل إِلَى الصَّفّ قبل سُجُود الإِمَام. وَقيل: يدب قدر مَا بَين الفرجتين. وَفِي (الغنية) : ثَلَاث صُفُوف، وَفِي (الْأَوْسَط) : من حَدِيث عَطاء ان ابْن الزبير قَالَ على الْمِنْبَر: إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد وَالنَّاس رُكُوع فليركع حِين يدْخل ثمَّ يدب رَاكِعا حَتَّى يدْخل فِي الصَّفّ، فَإِن ذَلِك السّنة. قَالَ عَطاء: ورأيته يصنع ذَلِك، وَفِي (المُصَنّف) بِسَنَد صَحِيح: عَن زيد بن وهب، قَالَ:(خرجت مَعَ عبد الله من دَاره فَلَمَّا توسطنا الْمَسْجِد ركع الإِمَام فَكبر عبد الله ثمَّ ركع وركعت مَعَه، ثمَّ مشينا إِلَى الصَّفّ راكعين حَتَّى رفع الْقَوْم رؤوسهم، فَلَمَّا قضى الإِمَام الصَّلَاة قُمْت لأصلي فَأخذ بيَدي عبد الله فأجلسني، وَقَالَ: إِنَّك قد أدْركْت) . وَرُوِيَ فِي (المُصَنّف) أَيْضا: أَن أَبَا أُمَامَة فعل ذَلِك وَزيد بن ثَابت وَسَعِيد بن جُبَير وَعُرْوَة بن الزبير وَمُجاهد وَالْحسن. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يكره ذَلِك للْوَاحِد وَلَا يكره للْجَمَاعَة، ذكره الطَّحَاوِيّ.
وَفِيه: أَن دُخُول أَبَا بكرَة فِي الصَّلَاة دون الصَّفّ لما كَانَ صَحِيحا كَانَت صَلَاة الْمُصَلِّي كلهَا دون الصَّفّ صَلَاة صَحِيحَة، وَهُوَ صَلَاة