الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلئلا يظنّ أَن الصّيام يلْزم يَوْم الْفطر إِلَى أَن يُصَلِّي صَلَاة الْعِيد مَعَ التأسي برَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ مُرَجَّى رَجاء حدَّثني عُبَيْدُ الله قَالَ حدَّثني أنسٌ عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ويَأكُلُهُنَّ وَتْرا
ذكر البُخَارِيّ هَذَا الْمُعَلق لإِفَادَة أَرْبَعَة أَشْيَاء: الأول: أَن فِيهِ التَّصْرِيح بِإِخْبَار عبيد الله بن أبي بكر عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِأَن فِي الرِّوَايَة الأولى: عنعنة. وَالثَّانِي: الْإِشَارَة إِلَى أَن الْأكل مُقَيّد بالوتر للحكمة الَّتِي ذَكرنَاهَا. وَالثَّالِث: الْإِشَارَة إِلَى أَن مرجَّى قد تَابع هشيما على رِوَايَته عَن عبيد الله بن أبي بكر. وَالرَّابِع: أَن مرجَّى، ضم الْمِيم وَفتح الرَّاء وَتَشْديد الْجِيم الْمَفْتُوحَة وَالْيَاء الْمَقْصُورَة، ورجاء، بِفَتْح الرَّاء وَتَخْفِيف الْجِيم وبالمد: السَّمرقَنْدِي.
5 -
(بابُ الأكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْأكل يَوْم عيد النَّحْر، وَلم يذكر الْأكل هُنَا فِي وَقت معِين كَمَا ذكره معينا فِي بَاب الْأكل يَوْم الْفطر، فَإِنَّهُ قَيده بقوله: قبل الْخُرُوج، يَعْنِي إِلَى الْمصلى، لِأَن فِي حَدِيث الْبَاب: فَقَامَ رجل فَقَالَ: هَذَا يَوْم يشتهى فِيهِ اللَّحْم، وَلم يُقيد بِوَقْت، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث الْبَراء:(إِن الْيَوْم يَوْم أكل وَشرب)، وَلَكِن يُمكن أَن يكون المُرَاد من الْيَوْم بعض الْيَوْم كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وَمن يولهم يَوْمئِذٍ دبره} (سُورَة: {} ) . ثمَّ إِن هَذَا الْبَعْض مُجمل، وَقد فسره فِي حَدِيث بُرَيْدَة، أخرجه التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي الْبَاب السَّابِق، فَإِنَّهُ بَين فِيهِ أَن وَقت الْأكل فِي هَذَا الْيَوْم بعد الصَّلَاة، كَمَا بَين أَن وقته فِي عيد الْفطر قبل الصَّلَاة.
954 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ عنْ أيُّوبَ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ أنَسٍ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ فقامَ رَجُلٌ فَقَالَ هاذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيِهِ اللَّحْمُ وذَكَرَ منْ جِيرَانِهِ فكأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَدَّقَهُ قالَ وَعِنْدِي جذَعَةٌ أحَب ألَيَّ مِنْ شَاتِي لَحْمٍ فَرَخَّصَ لَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَا أدْرِي أبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سِوَاهُ أمْ لَا؟ .
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: (هَذَا يَوْم يَشْتَهِي فِيهِ اللَّحْم) ، فَإِنَّهُ أطلق ذكر الْيَوْم، وَكَذَلِكَ فِي التَّرْجَمَة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة، قد ذكرُوا غير مرّة، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَضَاحِي عَن مُسَدّد، وَعَن عَليّ بن عبد الله، وَعَن صَدَقَة بن الْفضل، وَفِي صَلَاة الْعِيد عَن حَامِد بن عمر. وَأخرجه مُسلم فِي الذَّبَائِح عَن يحيى بن أَيُّوب وَزُهَيْر بن حَرْب وَعَمْرو النَّاقِد، ثَلَاثَتهمْ عَن ابْن علية بِهِ، وَعَن زِيَاد بن يحيى وَعَن مُحَمَّد بن عبيد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة، وَفِي الْأَضَاحِي عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَضَاحِي عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن إِسْمَاعِيل بن علية بِهِ مُخْتَصرا.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (من ذبح قبل الصَّلَاة فليعد)، أَي: من ذبح أضحيته قبل صَلَاة عيد الْأَضْحَى فليعد أضحيته، لِأَن الذّبْح للتضحية لَا يَصح قبل الصَّلَاة. قَوْله:(فَقَامَ رجل) هُوَ أَبُو بردة بن نيار كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث الَّذِي يَأْتِي بعده وَهُوَ خَال الْبَراء بن عَازِب. قَوْله: (فَقَالَ هَذَا يَوْم يُشتهى فِيهِ اللَّحْم)، وَهَذَا يدل على أَنه يَوْم فطر. قَوْله:(وَذكر من جِيرَانه)، يَعْنِي: ذكر مِنْهُم فَقرهمْ واحتياجهم، كَمَا يَجِيء هَذَا الْمَعْنى فِي الحَدِيث الَّذِي يَأْتِي فِي: بَاب كَلَام الإِمَام وَالنَّاس فِي خطْبَة الْعِيد، وَفِي لفظ:(وَذكره هنة من جِيرَانه، وَكَذَا هُوَ فِي نُسْخَة شَيْخه قطب الدّين، وبخط الدمياطي. وَذكر) : (من جِيرَانه) بِدُونِ لفظ: هنة، كَمَا هُوَ الْمَذْكُور هَهُنَا، والهنة: الْحَاجة والفقر، وَحكى الْهَرَوِيّ عَن بَعضهم شدّ النُّون فِي: هن وهنة، وَأنْكرهُ الْأَزْهَرِي، وَقَالَ الْخَلِيل: من الْعَرَب من يسكنهُ يجريه مجْرى: من، وَمِنْهُم من ينونه فِي الْوَصْل، قَالَ ابْن قرقول: وَهُوَ أحسن من الإسكان. قَوْله:
(فَكَأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صدقه) أَي: فِيمَا قَالَ عَنْهُم. قَوْله: (جَذَعَة)، بِفَتْح الْجِيم والذال الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة: الطاعنة فِي السّنة الثَّانِيَة، وَالذكر الْجذع، وَعَن الْأَصْمَعِي: الْجذع من الْمعز لسنة وَمن الضان لثمانية أشهر أَو تِسْعَة. وَفِي (الصِّحَاح) : وَالْجمع جذعات. وَفِي (الْمُحكم) الْجذع الصَّغِير السن. وَقيل: الْجذع من الْغنم، تَيْسًا كَانَ أَو كَبْشًا: الدَّاخِل فِي السّنة الثَّانِيَة، وَقيل: الْجذع من الْغنم لسنة وَالْجمع جذعات وجذعان وجذاع وَالِاسْم: الجذوعة، وَقيل: الجذوعة فِي الدَّوَابّ والأنعام قبل أَن يثنى بِسنة، وَفِي (الموعب) : الْجَذعَة السمينة من الضان، وَالْجمع: جذع، وَعَن عِيَاض: الْجذع مَا قوي من الْغنم قبل أَن يحول عَلَيْهِ الْحول فَإِذا تمّ لَهُ حول صَار ثنيا. قَوْله: (فَلَا أَدْرِي) أَي: هَذَا الحكم كَانَ خَاصّا بِهِ أَو عَاما لجَمِيع الْمُكَلّفين، وَهَذَا يدل على أَن أنسا لم يبلغهُ. قَوْله صلى الله عليه وسلم:(لَا تذبحوا إلاّ مُسِنَّة) . قَوْله: (الرُّخْصَة) أَي: فِي تضحية الْجَذعَة، وَالْمرَاد مِنْهَا: جَذَعَة الْمعز، كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى:(عنَاقًا جَذَعَة) ، والعناق من أَوْلَاد الْمعز.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن من ذبح أضحيته قبل صَلَاة الْعِيد فَإِنَّهُ لَا يجوز، وَوقت الْأُضْحِية يدْخل بِطُلُوع الْفجْر من يَوْم النَّحْر، وَقَالَ إِسْحَاق وَأحمد وَابْن الْمُنْذر: إِذا مضى من نَهَار يَوْم الْعِيد قدر مَا تحل فِيهِ الصَّلَاة والخطبتان جَازَت الْأُضْحِية، سَوَاء صلى الإِمَام أَو لم يصل، وَسَوَاء كَانَ فِي الْمصر أَو فِي الْقرى، وَعِنْدنَا: لَا يجوز لأهل الْأَمْصَار أَن يضحوا حَتَّى يُصَلِّي الإِمَام الْعِيد، فَأَما أهل السوَاد فَيذبحُونَ بعد الْفجْر، وَلَا يشْتَرط فيهم صَلَاة الإِمَام، وَاشْترط الشَّافِعِي فرَاغ الإِمَام عَن الْخطْبَة، وَاشْترط مَالك نحر الإِمَام، وَاخْتلف أَصْحَاب مَالك فِي الإِمَام الَّذِي لَا يجوز أَن يُضحي قبل تضحيته، فَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَمِير الْبَلَد، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاة الْعِيد. وَفِيه: مواساة الْجِيرَان بِالْإِحْسَانِ. وَفِيه: أَن جَوَاز التَّضْحِيَة بالجذعة من الْمعز اخْتصَّ لأبي بردة، وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَن الْجَذعَة من الْمعز لَا تجوز بِخِلَاف جَذَعَة الضَّأْن، وَقد قُلْنَا: إِن المُرَاد من الْجَذعَة فِي الحَدِيث الْجَذعَة من الْمعز لَا الْجَذعَة من الضان، لما فِي رِوَايَة مُسلم:(لَا تذبحوا إلاّ مُسِنَّة) ، وَهِي التَّثْنِيَة من كل شَيْء، فَفِيهِ تَصْرِيح بِأَنَّهُ: لَا تجوز الْجَذعَة من غير الضَّأْن، وَحكي عَن الْأَوْزَاعِيّ وَعَطَاء جَوَاز الْجذع من كل حَيَوَان حَتَّى الْمعز، وَكَأن الحَدِيث لم يبلغهما. وَفِيه: حجَّة لأبي حنيفَة على وجوب الْأُضْحِية لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمر بِإِعَادَة أضْحِية من ذَبحهَا قبل الصَّلَاة، وَلَو لم تكن وَاجِبَة لما أَمر بإعادتها عِنْد وُقُوعهَا فِي غير محلهَا.
955 -
حدَّثنا عُثْمَانُ قَالَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عنِ الشَّعْبيِّ عنِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ خطَبَنَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الأضْحَى بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَالَ منْ صَلى صَلَاتَنَا أوْ نَسَكَ نُسُكَنَا فَقَدْ أصِابَ النُّسْكَ ومَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فإنَّهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ ولَا نُسُكَ لَهُ فقالَ أبُو بُرْدَةَ ابنُ نِيَارٍ خالُ البَرَاءِ يَا رسولَ الله فَإنِّي نَسَكْتُ شاتِي قَبْلَ الصَّلَاةِ وعَرَفْتُ أنَّ اليَوْمَ يَوْمُ أكْلٍ وشُرْبٍ وأحْبَبْتُ أنْ تَكُونَ شاتِي أوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي فَذَبَحْتُ شاتِي وتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أنْ آتِيَ الصَّلَاةَ قَالَ شاتُكَ شاةُ لَحْمٍ قَالَ يَا رسولَ الله فإنَّ عِنْدَنَا عَنَاقا لَنَا جَذَعَةً هِيَ أحَبُّ إلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ أفَتَجْزِي عَنِّي قَالَ نَعَمْ ولَنْ تَجْزِيَ عنْ أحَدٍ بَعْدَكَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَعرفت أَن الْيَوْم يَوْم أكل وَشرب)، وَلِهَذَا إِنَّه صلى الله عليه وسلم لم يعنف أَبَا بردة لما قَالَ لَهُ:(تغديت قبل أَن آتِي الصَّلَاة) .
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عُثْمَان بن أبي شيبَة إسمه إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان أَبُو الْحسن الْعَبْسِي الْكُوفِي، أَخُو أبي بكر بن أبي شيبَة، وَهُوَ أكبر من أبي بكر بِثَلَاث سِنِين، مَاتَ فِي الْمحرم سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: جرير، بِفَتْح الْجِيم: ابْن عبد الحميد الضَّبِّيّ، أَبُو عبد الله الرَّازِيّ، وَقد تقدم. الثَّالِث: مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر الْكُوفِي. الرَّابِع: الشّعبِيّ عَامر ابْن شرَاحِيل. الْخَامِس: الْبَراء بن عَازِب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي