الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التّرْك قلت: قَوْله: (لَا تبادروني فَإِنِّي قد بدنت) يدل على أَن ذَلِك كَانَ لعِلَّة، وَلِأَن هَذِه الجلسة للاستراحة وَالصَّلَاة غير مَوْضُوعَة لتِلْك، وَقَالَ بَعضهم: إِن مَالك بن الْحُوَيْرِث هُوَ رَاوِي حَدِيث: (صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)، فحكاياته لصفات صَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم دَاخِلَة تَحت هَذَا الْأَمر. قلت: هَذَا لَا يُنَافِي وجود الْعلَّة لأجل هَذِه الجلسة، وبقولنا قَالَ مَالك وَأحمد. وَفِي (التَّمْهِيد) : اخْتلف الْفُقَهَاء فِي النهوض عَن السُّجُود إِلَى الْقيام، فَقَالَ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: ينْهض على صُدُور قَدَمَيْهِ وَلَا يجلس، وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس، وَقَالَ النُّعْمَان ابْن أبي عَيَّاش: أدْركْت غير وَاحِد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم يفعل ذَلِك. وَقَالَ أَبُو الزِّنَاد: ذَلِك السّنة، وَبِه قَالَ أَحْمد ابْن رَاهَوَيْه. وَقَالَ أَحْمد: وَأكْثر الْأَحَادِيث على هَذَا. قَالَ الْأَثْرَم: رَأَيْت أَحْمد ينْهض بعد السُّجُود على صُدُور قَدَمَيْهِ وَلَا يجلس قبل أَن ينْهض. وروى التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينْهض فِي الصَّلَاة على رُؤُوس قَدَمَيْهِ)، ثمَّ قَالَ: وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد أهل الْعلم. وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه كَانَ ينْهض فِي الصَّلَاة على صُدُور قَدَمَيْهِ وَلم يجلس. وَأخرج نَحوه عَن عَليّ وَابْن عمر وَابْن الزبير وَابْن عَبَّاس وَنَحْو ذَلِك. وَأخرج أَيْضا عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
143 -
(بابٌ كيْفَ يَعْتَمِدُ عَلَى الأرْضِ إذَا قامَ مِنَ الرَّكْعَةِ)
أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: كَيفَ يعْتَمد الْمُصَلِّي على الأَرْض إِذا قَامَ من الرَّكْعَة، أَي: رَكْعَة كَانَت، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني: من الرَّكْعَتَيْنِ. أَي: الرَّكْعَة الأولى والركعة الثَّانِيَة.
824 -
حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ قَالَ حدَّثنا وُهَيْبٌ عنْ أيُّوبَ عَن أبِي قِلَابَةَ قَالَ جاءَنا مالِكُ بنُ الحُوَيْرثِ فصَلَّى بِنَا فِي مَسْجِدِنَا هَذا فَقَالَ إنِّي لأصلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلَاةَ ولَكِنْ أريدُ أنْ أرِيكُمْ كَيْفَ رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي. قَالَ أيُّوبُ فقُلْتُ لأبي قِلَابَةَ وَكيْفَ كانَتْ صَلاتُهُ قَالَ مِثْلَ صَلَاةِ شَيْخِنَا هذَا يَعْنِي عَمْرَو بنَ سَلِمَةَ قَالَ أيُّوبُ وكانَ ذَلِكَ الشَّيْخُ يُتِمُّ التَّكْبِيرَ وإذَا رَفَعَ رَأسَهُ عَنِ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جَلَسَ وَاعْتَمَدَ عَلَى الأرْضِ ثُمَّ قامَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَاعْتمد على الأَرْض) ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي: التَّرْجَمَة لبَيَان كَيْفيَّة الِاعْتِمَاد لَا لبَيَان نفس الِاعْتِمَاد، فَمَا وَجه مُوَافقَة الحَدِيث لَهَا؟ قلت: فِيهِ بَيَان الْكَيْفِيَّة بِأَن يجلس أَولا ثمَّ يعْتَمد ثمَّ يقوم. قَالَ الْفُقَهَاء: يعْتَمد كَمَا يعْتَمد العاجن للخمير. وَقيل: المُرَاد من الِاعْتِمَاد أَن يكون بِالْيَدِ، يدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عمر: أَنه كَانَ يقوم إِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة مُعْتَمدًا على يَدَيْهِ قبل أَن يرفعهما.
ورواة الحَدِيث قد ذكرُوا غير مرّة، ووهيب مُصَغرًا: ابْن خَالِد، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة عبد الله بن زيد الْجرْمِي، وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي الْبَاب الَّذِي قبله، وَفِي الَّذِي قبل قبله، وَفِيمَا مضى أَيْضا، وَقد ذكرنَا جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ. قَوْله:(لكني) ويروى: (لَكِن)، بِدُونِ نون الْوِقَايَة. قَوْله:(يتم التَّكْبِير) أَي: كَانَ يكبر عِنْد كل انْتِقَال غير الِاعْتِدَال لَا ينقص من التَّكْبِيرَات شَيْئا عِنْد الِانْتِقَالَات، أَو كَانَ يمده من أول الِانْتِقَال إِلَى آخِره. قَوْله:(فَإِذا رفع)، ويروى:(وَإِذا رفع) بِالْوَاو. قَوْله: (من السَّجْدَة) كَذَا هُوَ بِكَلِمَة: من رِوَايَة أبي ذَر، وَهِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ أَيْضا، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني:(فِي السَّجْدَة)، وَفِي رِوَايَة غَيرهم (عَن السَّجْدَة) بِكَلِمَة: عَن.
144 -
(بابٌ يُكَبِّرُ وَهْوَ يَنْهَضُ منَ السَّجدَتَيْنِ)
أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: يكبر الْمُصَلِّي فِي حَالَة نهوضه من السَّجْدَتَيْنِ، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن التَّكْبِير عِنْد الْقيام إِلَى الرَّكْعَة الثَّالِثَة من التَّشَهُّد الأول وَقت النهوض من السَّجْدَتَيْنِ، وَعند بَعضهم: وَقت الاسْتوَاء، وَنقل ذَلِك عَن مَالك، وَالْكَلَام فِي الْأَوْلَوِيَّة. فَافْهَم.
وكانَ ابنُ الزَّبَيْرِ يُكَبِّرُ فِي نَهْضَتِهِ
هُوَ عبد الله بن الزبير بن الْعَوام، وَقد غلب عَلَيْهِ هَذَا دون غَيره من أَوْلَاد الزبير، وَهَذَا تَعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار: أَن ابْن الزبير كَانَ يكبر لنهضته.
8225 -
حدَّثنا يَحْيَى بنُ صَالِحٍ قَالَ حدَّثنا فُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ عنْ سعِيدِ بنِ الحَارِثِ قَالَ صَّلَّى لَنَا أبُو سَعِيدٍ فجَهَرَ بالتَّكْبِيرِ حِينَ رَفَعَ رَأسَهُ منَ السُّجُودِ وحِينَ سَجَدَ وحينَ رفَعَ وحِينَ قامَ مِنَ الرَّكّعَتَيْنِ وَقَالَ هَكذَا رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (حِين قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ) ، وَهِي حَالَة النهوض من السَّجْدَتَيْنِ، وَبِهَذَا يرد على ابْن الْمُنِير حَيْثُ قَالَ: أجْرى البُخَارِيّ التَّرْجَمَة وَأثر ابْن الزبير مجْرى التَّبْيِين لحديثي الْبَاب، لِأَنَّهُمَا ليسَا صريحين فِي أَن ابْتِدَاء التَّكْبِير يكون مَعَ أول النهوض. انْتهى. بَيَان وَجه الرَّد أَن قَول البُخَارِيّ: بَاب يكبر. . إِلَى آخِره، هُوَ حَاصِل معنى قَوْله فِي الحَدِيث:(وَحين قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ) ، فالمطابقة تَامَّة، وَلم يقل: بَاب يكبر مَعَ أول النهوض، حَتَّى يَصح كَلَام الْمُنِير. وَقَالَ ابْن رشيد: فِي هَذِه التَّرْجَمَة إِشْكَال لِأَنَّهُ ترْجم فِيمَا مضى: بَاب التَّكْبِير إِذا قَامَ من السُّجُود، وَأورد فِيهِ حَدِيث ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة، وَفِيهِمَا التَّنْصِيص على أَنه يكبر فِي حَالَة النهوض، وَهُوَ الَّذِي اقتضته هَذِه التَّرْجَمَة، فَكَأَن ظَاهرهَا التّكْرَار. انْتهى. قلت: لَا نسلم أَن فِي هَذِه التَّرْجَمَة إشْكَالًا، وَلَا يلْزم مِمَّا ذكره التّكْرَار، فَقَوله فِي: بَاب التَّكْبِير إِذا قَامَ من السُّجُود، أَعم من أَن يكون من سُجُود الرَّكْعَة الأولى أَو الثَّانِيَة أَو الثَّالِثَة. وَهَذِه التَّرْجَمَة فِي التَّكْبِير عِنْد الْقيام إِلَى الرَّكْعَة الثَّالِثَة من بعد التَّشَهُّد خَاصَّة، وَأما فَائِدَة ذكر هَذَا بعد شُمُول الْأَعَمّ إِيَّاه، فلأجل إِيرَاده هَهُنَا حَدِيثي أبي سعيد وَعلي بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: يحيى بن صَالح أَبُو زَكَرِيَّا الوحاظي الْحِمصِي. الثَّانِي: فليح، بِضَم الْفَاء: ابْن سُلَيْمَان بن أبي الْمُغيرَة، وَكَانَ اسْمه: عبد الْملك ولقبه فليح، فغلب على اسْمه واشتهر بِهِ. الثَّالِث: سعيد بن الْحَارِث بن الْمُعَلَّى الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، قاضيها. الرَّابِع: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، واسْمه: سعد بن مَالك.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين حمصي ومدنيين.
وهذ الحَدِيث تفرد بِهِ البُخَارِيّ عَن أَصْحَاب الْكتب، وَذكر الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَته عَن أبي يعلى: حَدثنَا أَبُو خَيْثَمَة حَدثنَا يُونُس حَدثنَا فليح عَن سعيد سَمِعت هَذَا الحَدِيث مطولا، وَلَفظه:(اشْتَكَى أَبُو هُرَيْرَة أَو غَابَ فصلى أَبُو سعيد فجهر بِالتَّكْبِيرِ حِين افْتتح وَحين ركع. .) الحَدِيث، وَزَاد فِي آخِره:(فَلَمَّا انْصَرف قيل لَهُ: قد اخْتلف النَّاس على صَلَاتك، فَقَامَ عِنْد الْمِنْبَر فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِنِّي وَالله مَا أُبَالِي اخْتلفت صَلَاتكُمْ أم لم تخْتَلف، إِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَكَذَا يُصَلِّي) . وَذكر الْحميدِي فِي (الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ) أَن البرقاني خرجه فِي صَحِيحه بِلَفْظ: (أَن النَّاس قد اخْتلفُوا فِي صَلَاتك) . انْتهى. وَالِاخْتِلَاف بَينهم كَانَ فِي الْجَهْر بِالتَّكْبِيرِ والإسرار بِهِ، وَكَانَ مَرْوَان وَغَيره من بني أُميَّة يسرون، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي إِمَارَة مَرْوَان على الْمَدِينَة.
وَفِيه دلَالَة على أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يُصَلِّي خلاف صلَاتهم، فَروِيَ فِي (الْمُوَطَّأ) عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يكبر فِي حَال قِيَامه، وَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عمر وَغَيره، وَقد تقدم فِي: فِي بَاب مَا يَقُول الإِمَام وَمن خَلفه، من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ:(وَإِذا قَامَ من السَّجْدَتَيْنِ قَالَ: الله أكبر) . والتوفيق بَينهمَا أَن يحمل على أَن الْمَعْنى: إِذا شرع فِي الْقيام.
826 -
حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ قَالَ حدَّثنا غَيْلَانُ بنُ جَرِيرٍ عنْ مُطَرِّفٍ قَالَ صَلَّيْتُ أَنا وعِمْرَانُ صَلَاةً خَلْفَ عَليِّ بن أبي طالِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فكانَ إذَا سَجَدَ كَبَّرَ وإذَا رَفَعَ كَبَّرَ وإذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ فَلَمَّا سَلَّمَ أخَذَ عِمْرَانُ بِيَدِي فَقَالَ