الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنَته وَهِي عِنْد زَوجهَا إِذا كَانَت لَهُ بذلك عَادَة. السَّابِع فِيهِ الْأَب ابْنَته بِحَضْرَة الزَّوْج وَإِن تَركه الزَّوْج إِذْ التَّأْدِيب وَظِيفَة الْآبَاء والعطف مَشْرُوع من الْأزْوَاج للنِّسَاء. الثَّامِن فِيهِ الرِّفْق بِالْمَرْأَةِ واستجلاب مودتها. التَّاسِع فِيهِ أَن مَوَاضِع أهل الْخَيْر تنزه عَن اللَّهْو واللغو وَإِن لم يكن لَهُم فِيهِ إِثْم إِلَّا بإذنهم. الْعَاشِر فِيهِ أَن التلميذ إِذا رأى عِنْد شَيْخه مَا يستنكر مثله بَادر إِلَى إِنْكَاره وَلَا يكون فِي ذَلِك افتيات على شَيْخه بل هُوَ أدب مِنْهُ ورعاية لِحُرْمَتِهِ وإجلال منصبه. الْحَادِي عشر فِيهِ فَتْوَى التلميذ بِحَضْرَة شَيْخه بِمَا يعرف من طَرِيقَته وَيحْتَمل أَن أَبَا بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ظن أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - نَام فخشي أَن يَسْتَيْقِظ فيغضب على ابْنَته فبادر إِلَى سد هَذِه الذريعة وَفِي قَول عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فِي آخر هَذَا الحَدِيث " فَلَمَّا غفل غمزتهما فخرجتا " دلَالَة على أَنَّهَا مَعَ ترخيص النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - لَهَا فِي ذَلِك راعت خاطر أَبِيهَا أَو خشيت غَضَبه عَلَيْهَا فأخرجتهما واقتناعها فِي ذَلِك بِالْإِشَارَةِ فِيمَا يظْهر للحياء من الْكَلَام بِحَضْرَة من هُوَ أكبر مِنْهَا. الثَّانِي عشر فِيهِ جَوَاز سَماع صَوت الْجَارِيَة بِالْغنَاءِ وَإِن لم تكن مَمْلُوكَة لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لم يُنكر على أبي بكر سَمَاعه بل أنكر إِنْكَاره واستمرت إِلَى أَن أشارت إِلَيْهِمَا عَائِشَة بِالْخرُوجِ وَلَكِن لَا يخفى أَن مَحل الْجَوَاز مَا إِذا أمنت الْفِتْنَة بذلك وَقَالَ الْمُهلب الَّذِي أنكرهُ أَبُو بكر كَثْرَة التغنيم وَإِخْرَاج الإنشاد من وَجهه إِلَى معنى التطريب بالألحان أَلا ترى أَنه لم يُنكر الإنشاد وَإِنَّمَا أنكر مشابهة الزمر بِمَا كَانَ فِي الْمُعْتَاد الَّذِي فِيهِ اخْتِلَاف النغمات وَطلب الإطراب فَهُوَ الَّذِي يخْشَى مِنْهُ وَقطع الذريعة فِيهِ أحسن وَمَا كَانَ دون ذَلِك من الإنشاد وَرفع الصَّوْت حَتَّى لَا يخفى معنى الْبَيْت وَمَا أَرَادَهُ الشَّاعِر بِشعرِهِ فَغير مَنْهِيّ عَنهُ وَقد رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه رخص فِي غناء الْأَعرَابِي وَهُوَ صَوت كالحداء يُسمى النصب إِلَّا أَنه رَقِيق. الثَّالِث عشر اسْتدلَّ بِهِ ابْن حزم وَقَالَ الْغناء واللعب واللزفن فِي أَيَّام الْعِيدَيْنِ حسن فِي الْمَسْجِد وَغَيره وَقَالَ ابْن التِّين كَانَ هَذَا فِي أول الْإِسْلَام لتعلم الْقِتَال وَقَالَ أَبُو الْحسن فِي التَّبْصِرَة هُوَ مَنْسُوخ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيم قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله} الْآيَة وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم َ - " جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ مجانينكم وَصِبْيَانكُمْ ". الرَّابِع عشر فِيهِ جَوَاز اكْتِفَاء الْمَرْأَة فِي السّتْر بِالْقيامِ خلف من تتستر بِهِ من زوج أَو ذِي محرم. الْخَامِس عشر فِيهِ بَيَان أَخْلَاق النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - الْحَسَنَة ولطفه وَحسن شمائله صلى الله عليه وسلم َ -.
3 -
(بابُ سُنَّةِ العِيدَيْنِ لأِهْلِ الإسْلَامِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان سنية الدُّعَاء فِي الْعِيد، وَهَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْحَمَوِيّ، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: بَاب سنة الْعِيدَيْنِ لأهل الْإِسْلَام، وَسَنذكر وَجه الترجمتين على الْقَوْلَيْنِ.
951 -
حدَّثنا حَجَّاجٌ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبرنِي زُبَيْدٌ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبيَّ عنِ البَرَاءِ قَالَ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فَقَالَ إنَّ أوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنُ يَوْمنَا هاذَا أَن نُصلِّي ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أصَابَ سُنَّتَنَا.
مطابقته للتَّرْجَمَة المروية عَن الْحَمَوِيّ فِي قَوْله: يخْطب) ، فَإِن الْخطْبَة مُشْتَمِلَة على الدُّعَاء كَمَا أَنَّهَا تشْتَمل على غَيره من بَيَان أَحْكَام الْعِيد، وَأما التَّرْجَمَة المروية عَن الْأَكْثَرين فَظَاهره، لِأَن فِيهِ بَيَان سنة الْعِيد لأهل الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا ذكر قَوْله:(لأهل الْإِسْلَام) ، إيضاحا أَن سنة أهل الْإِسْلَام فِي الْعِيد خلاف مَا يَفْعَله غير أهل الْإِسْلَام، لِأَن غير أهل الْإِسْلَام أَيْضا لَهُم أعياد كَمَا ذكر فِي الحَدِيث. (إِن لكل قوم عيدا وَهَذَا عيدنا) . فَإِن قلت: الحَدِيث فِي بَيَان سنة عيد النَّحْر، فَمَا وَجه قَوْله:(سنة الْعِيدَيْنِ) بالتثنية؟ قلت: من جملَة سنة الْعِيدَيْنِ وَأَعْظَمهَا: الصَّلَاة، وَلَا يَخْلُو العيدان مِنْهَا بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره دَال مُهْملَة: ابْن الْحَارِث اليامي الْكُوفِي
وكل مَا فِي البُخَارِيّ: زبيد فَهُوَ بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وكل مَا فِي (الْمُوَطَّأ) فَهُوَ: بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف. الرَّابِع: عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ. الْخَامِس: الْبَراء بن عَازِب.
ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع. وَفِيه: السماع فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع. وَفِيه: أَن الأول من الروَاة بَصرِي وَالثَّانِي واسطي وَالثَّالِث وَالرَّابِع كوفيان.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْعِيدَيْنِ عَن آدم وَعَن سُلَيْمَان بن حَرْب وَفِي الْعِيدَيْنِ أَيْضا عَن بنْدَار عَن شُعْبَة وَفِي الْعِيدَيْنِ أَيْضا عَن أبي نعيم وَفِي الْأَضَاحِي عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَعَن مُسَدّد وَفِي الْعِيدَيْنِ أَيْضا عَن عُثْمَان عَن جرير وَعَن مُسَدّد عَن أبي الْأَحْوَص وَفِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور وَكتب إِلَيّ مُحَمَّد بن بشار. وَأخرجه مُسلم فِي الذَّبَائِح عَن يحيى بن يحيى عَن هشيم وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن يحيى بن يحيى عَن خَالِد وَعَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار، كِلَاهُمَا عَن غنْدر وَعَن عبد الله بن معَاذ وَعَن هناد وقتيبة، كِلَاهُمَا عَن أبي الْأَحْوَص وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، كِلَاهُمَا عَن جرير وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن عبد الله بن نمير وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَعَن أَحْمد بن سعيد. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَضَاحِي عَن مُسَدّد عَن أبي الْأَحْوَص وَعَن خَالِد بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن عَليّ بن حجر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن عُثْمَان ابْن عبد الله وَعَن مُحَمَّد بن عُثْمَان وَفِي الْأَضَاحِي عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن هناد عَن يحيى.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (يخْطب) ، جملَة فعلية فِي مَحل النصب على أَنَّهَا أحد مفعولي سَمِعت على مَذْهَب الْفَارِسِي، وَالصَّحِيح أَنه لَا يتَعَدَّى إلاّ إِلَى مفعول وَاحِد، فَحِينَئِذٍ يكون مَحل: يخْطب، نصبا على الْحَال. قَوْله:(هَذَا) أَشَارَ بِهِ إِلَى يَوْم الْعِيد، وَهُوَ عيد النَّحْر. قَوْله:(ثمَّ نرْجِع) ، بِالنّصب وَالرَّفْع، فالنصب على الْعَطف على:(أَن نصلي)، وَالرَّفْع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: ثمَّ نَحن نرْجِع. قَوْله: (فَمن فعل) أَي: الِابْتِدَاء بِالصَّلَاةِ ثمَّ بعْدهَا بالنحر فقد أصَاب سنة النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه: الأول: فِيهِ أَن صَلَاة الْعِيد سنة وَلكنهَا مُؤَكدَة، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَقَالَ الاصطخري من أَصْحَابه فرض كِفَايَة، وَبِه قَالَ أَحْمد وَمَالك وَابْن أبي ليلى، وَالصَّحِيح عَن مَالك أَنه كَقَوْل الشَّافِعِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعند أبي حنيفَة وَأَصْحَابه: وَاجِبَة. وَقَالَ صَاحب (الْهِدَايَة) : وَتجب صَلَاة الْعِيد على كل من تجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة. وَفِي مُخْتَصر أبي مُوسَى الضَّرِير، هِيَ فرض كِفَايَة، وَكَذَا قَالَ فِي الغزنوي، وَفِي (الْقنية) : قيل: هِيَ فرض. وَنقل الْقُرْطُبِيّ عَن الْأَصْمَعِي أَنَّهَا فرض. وَاخْتلف فِيمَن يُخَاطب بالعيد، فروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك: فِي الْقرْيَة فِيهَا عشرُون رجلا أرى أَن يصلوا الْعِيدَيْنِ، وروى ابْن نَافِع عَنهُ أَنه: لَيْسَ ذَلِك إلاّ على من تجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة، وَهُوَ قَول اللَّيْث، وَأكْثر أهل الْعلم فِيمَا حَكَاهُ ابْن بطال. وَقَالَ ربيعَة: كَانُوا يرَوْنَ الفرسخ وَهُوَ ثَلَاثَة أَمْيَال. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: من آواه اللَّيْل إِلَى أَهله فَعَلَيهِ الْجُمُعَة والعيد. وَقَالَ ابْن الْقَاسِم وَأَشْهَب: إِن شَاءَ من لَا تلزمهم الْجُمُعَة أَن يصلوها بِإِمَام فعلوا، وَلَكِن لَا خطْبَة عَلَيْهِم، فَإِن خطب فَحسن، وَحجَّة أَصْحَابنَا فِي الْوُجُوب مواظبته، صلى الله عليه وسلم، من غير ترك. وَاسْتدلَّ شيخ الْإِسْلَام على وُجُوبهَا بقوله تَعَالَى:{ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} (الْبَقَرَة: 185 وَالْحج: 37) . قيل: المُرَاد من صَلَاة الْعِيد، وَالْأَمر للْوُجُوب. وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى:{فصل لِرَبِّك وانحر} (الْكَوْثَر: 2) . إِن المُرَاد بِهِ صَلَاة عيد النَّحْر، فَتجب بِالْأَمر.
الْوَجْه الثَّانِي: أَن السّنة أَن يخْطب بعد الصَّلَاة، لما روى البُخَارِيّ وَمُسلم عَن نَافِع عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ:(كَانَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، ثمَّ أَبُو بكر وَعمر يصلونَ الْعِيد قبل الْخطْبَة) . وَقَالَ ابْن بطال: فِيهِ أَن صَلَاة الْعِيد سنة، وَأَن النَّحْر لَا يكون إلاّ بعد الصَّلَاة، وَأَن الْخطْبَة أَيْضا بعْدهَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْأَخير مَمْنُوع، بل الْمُسْتَفَاد مِنْهُ أَن الْخطْبَة مُقَدّمَة على الصَّلَاة. قلت: لَا نسلم مَا قَالَه لِأَنَّهُ صرح بِأَن أول مَا يبْدَأ بِهِ يَوْم الْعِيد الصَّلَاة ثمَّ النَّحْر، وَلَقَد غر الْكرْمَانِي ظَاهر قَوْله:(يخْطب، فَقَالَ: فالفاء فِيهِ تفسيرية، فسر فِي خطبَته الَّتِي خطب بهَا بعد الصَّلَاة أَن أول مَا يبْدَأ بِهِ يَوْم الْعِيد الصَّلَاة، وَلِأَنَّهَا هِيَ الْأَمر المهم، وَالْخطْبَة من التوابع، حَتَّى لَو تَركهَا لَا يضر صلَاته، بِخِلَاف خطْبَة الْجُمُعَة. فَإِن قلت: وَقع للنسائي استدلاله بِحَدِيث الْبَراء على أَن الْخطْبَة قبل الصَّلَاة، وَترْجم لَهُ: بَاب الْخطْبَة يَوْم الْعِيد قبل الصَّلَاة، وَاسْتدلَّ فِي ذَلِك بقوله: (أول مَا نبدأ بِهِ فِي يَوْمنَا هَذَا أَن نصلي ثمَّ نَنْحَر)، وَتَأَول أَن قَوْله: هَذَا قبل الصَّلَاة لِأَنَّهُ كَيفَ يَقُول: (أول مَا نبدأ بِهِ أَن نصلي)