الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وطيبا. مَنْصُوب بقوله: (يمس) . قَوْله: (فَقَالَ)، أَي: ابْن عَبَّاس. قَوْله: (لَا أعلمهُ) أَي: لَا أعلم أَنه قَول النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَلَا كَونه مَنْدُوبًا.
7 -
(بابٌ يَلْبَسُ أحْسَنَ مَا يَجِدُ)
أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته يلبس من يَجِيء إِلَى الْجُمُعَة أحسن مَا يجد من الثِّيَاب.
886 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ نَافِعٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رأى حُلَّةً سِبَرَاءَ عِنْدَ بابِ المَسْجِدِ فقالَ يَا رسُولَ الله لَوِ اشْتَرَيْتَ هاذِهِ فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وللْمِوَفدِ إِذا قَدِمُوا عَلَيْكَ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إنَّمَا يَلْبَسُ هاذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ ثُمَّ جاءَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مِنْهَا حُلَلٌ فأعْطَى عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ مِنْهَا حُلَّةً فقالَ عُمَرُ يَا رَسولَ الله كَسَوْتَنِيهَا وقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إنِّي لَمْ أكْسُكهَا لِتَلْبِسَهَا فَكَسَاهَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أَخا لَهُ بِمَكَّةَ مُشْرِكا. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يدل على اسْتِحْبَاب التجمل يَوْم الْجُمُعَة، والتجمل يكون بِأَحْسَن الثِّيَاب، وإنكاره صلى الله عليه وسلم على عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لم يكن لأجل التجمل بِأَحْسَن الثِّيَاب، وَإِنَّمَا كَانَ لأجل تِلْكَ الْحَالة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا عمر بشرائها من الْحَرِير، وَبِهَذَا يرد على الدَّاودِيّ قَوْله: لَيْسَ فِي الحَدِيث دلَالَة على التَّرْجَمَة، لِأَنَّهُ لَا يلْزم أَن تكون الدّلَالَة صَرِيحًا، وَلم يلْتَزم البُخَارِيّ بذلك، وَقد جرت عَادَته فِي التراجم بِمثل ذَلِك، وبأبعد مِنْهُ فِي الدّلَالَة عَلَيْهَا. فَافْهَم.
ذكر بَقِيَّة الْكَلَام فِيهِ: أما رِجَاله فَإِنَّهُم قد تكَرر ذكرهم خُصُوصا على هَذَا النسق، وَهَذَا السَّنَد من أَعلَى الْأَسَانِيد وأحسنها: مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر.
وَأما البُخَارِيّ فَإِنَّهُ أخرجه فِي الْهِبَة أَيْضا عَن القعْنبِي، وَأخرجه مُسلم فِي اللبَاس عَن يحيى ابْن يحيى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن القعْنبِي. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة، الْكل عَن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهُوَ من مُسْند ابْن عمر، وَجعله مُسلم من مُسْند عمر لَا ابْنه.
وَأما مَعْنَاهُ فَقَوله: (حلَّة) : هِيَ الْإِزَار والرداء، لَا تكون حلَّة حَتَّى تكون ثَوْبَيْنِ، سَوَاء كَانَا من برد أَو غَيره. وَقَالَ ابْن التِّين: لَا تكون حلَّة حَتَّى تكون جَدِيدَة، سميت بذلك لحلها عَن طيها، وَقَالَ أَبُو عبيد: الْحلَل برود الْيمن، وَتجمع على: حَلَال أَيْضا وَالْأَشْهر: حلل. قَوْله: (سيراء) ، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا رَاء ممدودة، قَالَ ابْن قرقول: هُوَ الْحَرِير الصافي، فَمَعْنَاه: حلَّة حَرِير، وَعَن مَالك: السيراء شَيْء من حَرِير، وَعَن ابْن الْأَنْبَارِي: السيراء الذَّهَب، وَقيل: هُوَ نبت ذُو ألوان وخطوط ممتدة كَأَنَّهَا السيور ويخالطها حَرِير، وَقَالَ الْفراء: هِيَ نبت، وَهِي أَيْضا ثِيَاب من ثِيَاب الْيمن. وَفِي (الصِّحَاح) : برود فِيهَا خطوط صفر. وَفِي (الْمُحكم) : قيل هُوَ ثوب مسير فِيهِ خطوط يعْمل من القز. وَفِي (الْجَامِع) : قيل هِيَ ثِيَاب يخالطها حَرِير. وَفِي (الْعين) : يُقَال: سيرت الثَّوْب والسهم جعلته خُطُوطًا. وَفِي (المغيث) : برود يخالطها حَرِير كالسيور، فَهُوَ فعلاء من السّير وَهُوَ: الْقد. وَقَالَ الطقرطبي: هِيَ المخططة بالحرير، ذكره الْخَلِيل والأصمعي، ثمَّ إِعْرَاب: حلَّة سيراء، وَرَوَاهُ بَعضهم على الوصفية. قلت: فعلى هَذَا: حلَّة، بِالتَّنْوِينِ، وسيراء، صفته وَقيل: إِن سيراء، بدل من: حلَّة، وَلَيْسَ بِصفة. وَقَالَ الْخطابِيّ: حلَّة سيراء كناقة عشراء قلت: يَعْنِي بِالتَّنْوِينِ، وَلَكِن أهل الْعَرَبيَّة يختارون الْإِضَافَة. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لم يَأْتِ فعلاء صفة، وَاخْتلفت الرِّوَايَات فِي هَذِه اللَّفْظَة. فَقَالَ أَبُو عمر: قَالَ أهل الْعلم: إِنَّهَا كَانَت حلَّة من حَرِير، وَجَاء: من استبرق وَهُوَ الْحَرِير الغليظ، وَقَالَ الدَّاودِيّ: هُوَ رَقِيق الْحَرِير، وَأهل اللُّغَة على خِلَافه، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى:(من ديباج أَو خَز) . وَفِي رِوَايَة: (حلَّة سندس) ، وَكلهَا دَالَّة على أَنَّهَا كَانَت حَرِيرًا مَحْضا. وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ هُوَ الْمحرم. وَأما الْمُخْتَلط فَلَا يحرم إلاّ أَن يكون الْحَرِير أَكثر وزنا عِنْد الشَّافِعِيَّة، وَعند الْحَنَفِيَّة الْعبْرَة للحمة كَمَا عرف فِي مَوْضِعه. قَوْله:(لَو اشْتريت هَذِه؟) يجوز أَن تكون كلمة: لَو، للشّرط، وَيكون جزاؤها محذوفا تَقْدِيره: لَكَانَ حسنا، وَيجوز أَن تكون لِلتَّمَنِّي فَلَا تحْتَاج إِلَى الْجَزَاء. قَوْله:(فلبستها يَوْم الْجُمُعَة وللوفد؟) وَفِي رِوَايَة
للْبُخَارِيّ: (فلبستها للعيد وللوفود)، وَفِي رِوَايَة الشَّافِعِي: فلبستها للْجُمُعَة والوفود) ، وَهُوَ جمع: وَفد، والوفد جمع: وَافد، وَهُوَ القادم رَسُولا وزائرا منتجعا أَو مسترفدا. قَوْله:(إِنَّمَا يليس هَذِه من لَا خلاق لَهُ)، وَفِي رِوَايَة:(إِنَّمَا يلبس الْحَرِير) ، ويلبس بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة، والخلاق: الْحَظ والنصيب من الْخَيْر وَالصَّلَاح. وَقَالَ ابْن سَيّده: لَا خلاق لَهُ، يَعْنِي: لَا رَغْبَة لَهُ فِي الْخَيْر. وَقَالَ عِيَاض: وَقيل: الْحُرْمَة، وَقيل: الدّين، فعلى قَول من يَقُول: النَّصِيب والحظ، يكون مَحْمُولا على الْكفَّار، وعَلى الْقَوْلَيْنِ الْأَخيرينِ يتَنَاوَل الْمُسلم وَالْكَافِر. قَوْله:(مِنْهَا)، أَي: من الْحلَّة السيراء، وَالضَّمِير فِي: مِنْهَا، الثَّانِي يرجع إِلَى الْحلَل. قَوْله:(فِي حلَّة عُطَارِد)، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الطَّاء الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وَفِي آخِره دَال مُهْملَة: وَهُوَ عُطَارِد بن حَاجِب بن زُرَارَة بن زيد بن عبد الله ابْن درام بن حَنْظَلَة بن مَالك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم، وَفد على النَّبِي صلى الله عليه وسلم سنة تسع وَعَلِيهِ الْأَكْثَرُونَ، وَقيل: سنة عشر، وَهُوَ صَاحب الديباج الَّذِي أهداه للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ كسْرَى كَسَاه إِيَّاه فَعجب مِنْهُ الصَّحَابَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:(لمناديل سعد بن معَاذ فِي الْجنَّة خير من هَذَا) . وَقَالَ الذَّهَبِيّ: لَهُ وفادة مَعَ الْأَقْرَع والزبرقان، ذكره فِي (كتاب الصَّحَابَة) وَكَانَ عُطَارِد يُقيم بِالسوقِ الْحلَل أَي: يعرضهَا للْبيع، فأضاف الْحلَّة إِلَيْهِ بِهَذِهِ الملابسة، وَقَالَ أَبُو عمر: قَالَ أَيُّوب: عَن ابْن سِيرِين: حلَّة عُطَارِد أَو لبيد على الشَّك. قَوْله: (فكساها عمر)، أَي: فكسا الْحلَّة الَّتِي أرسلها النَّبِي صلى الله عليه وسلم (أَخا لَهُ بِمَكَّة مُشْركًا) وانتصاب: أَخا، على أَنه مفعول ثَان: لكسا، يُقَال: كسوته جُبَّة، فيتعدى إِلَى مفعولين أَحدهمَا غير الأول. قَوْله:(لَهُ) فِي مَحل النصب لِأَنَّهُ صفة لقَوْله: (أَخا) تَقْدِيره أَخا كَائِنا لَهُ، وَكَذَلِكَ: بِمَكَّة، فِي مَحل النصب، ومشركا أَيْضا نصب على أَنه صفة بعد صفة. قيل: إِنَّه أَخُوهُ من أمه. وَقيل: أَخُوهُ من الرضَاعَة. وَفِي النَّسَائِيّ و (صَحِيح أبي عوَانَة) : (فكساها أَخا لَهُ من أمه مُشْركًا)، واسْمه: عُثْمَان ابْن حَكِيم، وَقد اخْتلف فِي إِسْلَامه، قَالَه بَعضهم. قلت: وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ: أرسل بهَا عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى أَخ لَهُ من أهل مَكَّة قبل أَن يسلم، وَهَذَا يدل على إِسْلَامه بعد ذَلِك.
وَأما الَّذِي يُسْتَفَاد مِنْهُ: فعلى أوجه: الأول: فِيهِ دلَالَة على حُرْمَة الْحَرِير للرِّجَال، قَالَ الْقُرْطُبِيّ، رحمه الله: اخْتلف النَّاس فِي لِبَاس الْحَرِير، فَمن مَانع وَمن مجوز على الْإِطْلَاق، وَالْجُمْهُور من الْعلمَاء على مَنعه للرِّجَال، وَقد صَحَّ أَنه، صلى الله عليه وسلم قَالَ:(شققها خمرًا بَين نِسَائِك)، وَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ: أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم قَالَ:(حرم لِبَاس الْحَرِير وَالذَّهَب على ذُكُور أمتِي وَأحل لإناثهم) . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح: (وَعَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه خطب بالجابية فَقَالَ: نهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الْحَرِير إلاّ مَوضِع إِصْبَعَيْنِ أَو ثَلَاث أَو أَربع) . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. الثَّانِي: فِيهِ جَوَاز البيع وَالشِّرَاء على أَبْوَاب الْمَسَاجِد. الثَّالِث: فِيهِ مُبَاشرَة الصَّالِحين والفضلاء البيع وَالشِّرَاء،. الرَّابِع: فِيهِ جَوَاز ملك مَا لَا يجوز لبسه لَهُ، وَجَوَاز هديته وَتَحْصِيل المَال مِنْهُ، وَقد جَاءَ:(لتصيب بهَا مَالا) . الْخَامِس: فِيهِ مَا كَانَ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ من السخاء والجود وصلَة الإخوان وَالْأَصْحَاب بالعطاء. السَّادِس: فِيهِ صلَة للأقارب الْكفَّار وَالْإِحْسَان إِلَيْهِم، وَجَوَاز الْهَدِيَّة إِلَى الْكَافِر. السَّابِع: فِيهِ جَوَاز إهداء الْحَرِير للرِّجَال لِأَنَّهَا لَا تتَعَيَّن للبسهم. فَإِن قلت: يُؤْخَذ مِنْهُ عدم مُخَاطبَة الْكفَّار بالفروع حَيْثُ كَسَاه عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِيَّاه؟ قلت: هَذِه حجَّة الْحَنَفِيَّة، فَإِن الْكفَّار غير مخاطبين بالشرائع عِنْدهم. وَقَالَت الشَّافِعِيَّة: يُؤْخَذ مِنْهُ ذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ الْإِذْن، وَإِنَّمَا هُوَ الْهَدِيَّة إِلَى الْكَافِر، وَقد بعث الشَّارِع ذَلِك إِلَى عمر وَعلي وَأُسَامَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَلم يلْزم مِنْهُ إِبَاحَة لبسهَا لَهُم، بل صرح صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ إِنَّمَا اعطاها لينْتَفع بهَا بِغَيْر اللّبْس، حَيْثُ قَالَ صلى الله عليه وسلم:(تبيعها وتصيب بهَا حَاجَتك) . الثَّامِن: فِيهِ عرض الْمَفْضُول على الْفَاضِل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من مَصَالِحه الَّتِي لَا يذكرهَا. التَّاسِع: فِيهِ أَن من لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا من الرِّجَال وَالنِّسَاء ظَاهره أَنه يحرم من ذَلِك فِي الْآخِرَة، لِأَن كلمة: من، تدل على الْعُمُوم وتتناول الذُّكُور وَالْإِنَاث، لَكِن الحَدِيث مَخْصُوص بِالرِّجَالِ لقِيَام دَلَائِل أُخْرَى بإباحته للنِّسَاء، وَأما مَسْأَلَة الحرمان فِي الْآخِرَة فَمنهمْ من حمله على حَقِيقَته، وَزعم أَن لابسه يحرم فِي الْآخِرَة من لبسه سَوَاء تَابَ عَن ذَلِك أَو لَا، جَريا على الظَّاهِر، وَالْأَكْثَرُونَ على أَنه لَا يحرم إِذا تَابَ وَمَات على تَوْبَته. الْعَاشِر: فِيهِ اسْتِحْبَاب لبس الثِّيَاب الْحَسَنَة يَوْم الْجُمُعَة، وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن سَلام، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا على أحدكُم لَو اشْترى ثَوْبَيْنِ ليَوْم الْجُمُعَة سوى ثوبي مهنته؟) . وروى ابْن مَاجَه من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: قَالَ رَسُول