المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الحج (22) : الآيات 42 إلى 44] - التحرير والتنوير - جـ ١٧

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌21- سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ

- ‌أغراض السُّورَة:

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 2 الى 3]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 11 إِلَى 14]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 16 إِلَى 17]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 19 إِلَى 20]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 26 إِلَى 29]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 38 إِلَى 40]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 42 الى 44]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 48 إِلَى 50]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 51 إِلَى 57]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 58 إِلَى 61]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 62 إِلَى 67]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 68 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 70]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 71 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 74 إِلَى 75]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 76 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 78 الى 79]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 80]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 81]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 82]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 83 إِلَى 84]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 85 إِلَى 86]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 87 إِلَى 88]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 89 الى 90]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 92]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 93]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 94]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 95]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 96 إِلَى 97]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 98 إِلَى 100]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 101 إِلَى 103]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 104]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : الْآيَات 105 إِلَى 106]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 107]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 108]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 109]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 110]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 111]

- ‌[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 112]

- ‌22- سُورَةُ الْحَجِّ

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 6 إِلَى 7]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 8 إِلَى 10]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 19 إِلَى 22]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 23 إِلَى 24]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 26]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 27 إِلَى 28]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 30 الى 31]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 34 الى 35]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 38]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 39]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 42 إِلَى 44]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 45]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 46]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 49 إِلَى 51]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 52 إِلَى 54]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 55]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 56 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 63]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 64]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 65]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 66]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 68 إِلَى 69]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 70]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 71]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 72]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 73]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 75]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 76]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 77]

- ‌[سُورَة الْحَج (22) : آيَة 78]

الفصل: ‌[سورة الحج (22) : الآيات 42 إلى 44]

وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ [الْحَج: 40]، أَوْ عَلَى جُمْلَةِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الْحَج: 40] ، وَالْمَآلُ وَاحِدٌ، وَهُوَ تَحْقِيقُ وُقُوعِ النَّصْرِ، لِأَنَّ الَّذِي وَعَدَ بِهِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ تَحْقِيقِ وَعْدِهِ مَانِعٌ، وَفِيهِ تَأْنِيسٌ لِلْمُهَاجِرِينَ لِئَلَّا يَسْتَبْطِئُوا النَّصْرَ.

وَالْعَاقِبَةُ: آخِرُ الشَّيْءِ وَمَا يَعْقُبُ الْحَاضِرَ. وَتَأْنِيثُهَا لِمُلَاحَظَةِ مَعْنَى الْحَالَةِ وَصَارَتْ بِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ اسْمًا. وَفِي حَدِيثِ هِرَقْلَ «ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ» .

وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ هُنَا لِلِاهْتِمَامِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ مَا هُوَ لِلَّهِ فَهُوَ يُصَرِّفُهُ كَيفَ يَشَاء.

[42- 44]

[سُورَة الْحَج (22) : الْآيَات 42 إِلَى 44]

وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (44)

لَمَّا نَعَى عَلَى الْمُشْرِكِينَ مساويهم فِي شؤون الدِّينِ بِإِشْرَاكِهِمْ وَإِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ وَصَدِّهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ وَعَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا نَاسَبَ ذَلِكَ فِي غَرَضِهِ مِنْ إِخْرَاجِ أَهْلِهِ مِنْهُ، عَطَفَ هُنَا إِلَى ضَلَالِهِمْ بِتَكْذِيبِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم فَقَصَدَ مِنْ ذَلِكَ تَسْلِيَةَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَتَمْثِيلَهُمْ بِأَمْثَالِ الْأُمَمِ الَّتِي اسْتَأْصَلَهَا اللَّهُ، وَتَهْدِيدَهُمْ

ص: 282

بِالْمَصِيرِ إِلَى مَصِيرِهِمْ، وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ إِجْمَالًا وَتَفْصِيلًا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَغَيْرِهَا.

وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ إِلَخْ إِذِ التَّقْدِيرُ: فَلَا عَجَبَ فِي تَكْذِيبِهِمْ، أَوْ فَلَا غَضَاضَةَ عَلَيْكَ فِي تَكْذِيبِ قَوْمِكَ إِيَّاكَ فَإِنَّ تِلْكَ عَادَةُ أَمْثَالِهِمْ.

وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ هُمُ الْكَلْدَانُ، وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ هُمْ قَوْمُ شُعَيْبٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعَبَّرْ عَنْهُمْ بِقَوْمِ شُعَيْبٍ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ لَفْظُ قَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ.

وَقَالَ: وَكُذِّبَ مُوسى لِأَنَّ مُكَذِّبِيهِ هُمُ الْقِبْطُ قَوْمُ فِرْعَوْنَ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ قَوْمُهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ.

وَقَوْلُهُ: فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ مَعْنَاهُ فَأَمْلَيْتُ لَهُمْ، فَوَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ عِلَّةَ الْإِمْلَاءِ لَهُمْ ثُمَّ أَخْذِهِمْ هُوَ الْكُفْرُ بِالرُّسُلِ تَعْرِيضًا بِالنِّذَارَةِ لِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ.

وَالْأَخْذُ حَقِيقَتُهُ: التَّنَاوُلُ لِمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْيَدِ، وَاسْتُعِيرَ هُنَا لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِتَسْلِيطِ الْإِهْلَاكِ بَعْدَ إِمْهَالِهِمْ، وَمُنَاسِبَةُ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ أَنَّ الْإِمْلَاءَ لَهُمْ يُشْبِهُ بُعْدَ الشَّيْءِ عَنْ مُتَنَاوِلِهِ فَشُبِّهَ انْتِهَاءَ ذَلِكَ الْإِمْلَاءِ بِالتَّنَاوُلِ، شُبِّهَ ذَلِكَ بِأَخْذِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ عِنْدَهُ، لِظُهُورِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ وَعِيدِهِمْ، وَهَذَا الْأَخْذُ مَعْلُومٌ فِي آيَاتٍ أُخْرَى عَدَا أَنَّ قَوْمَ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرٌ لِعَذَابِهِمْ أَوْ أَخْذِهِمْ سِوَى أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي [سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ: 70] وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ مُشِيرٌ إِلَى سُوءِ عَاقِبَتِهِمْ مِمَّا أَرَادُوا بِهِ مِنَ الْكَيْدِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ هُنَالِكَ.

وَمُنَاسَبَةُ عَدِّ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ هُنَا فِي عِدَادِ الْأَقْوَامِ الَّذِينَ أَخَذَهُمُ اللَّهُ دُونَ الْآيَاتِ الْأُخْرَى الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا مَنْ أُخِذُوا مِنَ الْأَقْوَامِ، أَنَّ

ص: 283

قَوْمَ إِبْرَاهِيمَ أَتَمُّ شَبَهًا بِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ فِي أَنَّهُمْ كَذَّبُوا رسولهم وآذوه. وألجئوه إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ مَوْطِنِهِ وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ [الصافات: 99] . فَكَانَ ذِكْرُ إِلْجَاءِ قُرَيْشٍ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ مَوْطِنِهِمْ فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ [الْحَج: 40] مُنَاسَبَةً لِذِكْرِ قَوْمِ إِبْرَاهِيمَ.

وَالْإِمْلَاءُ: تَرْكُ الْمُتَلَبِّسِ بِالْعِصْيَانِ دُونَ تَعْجِيلِ عُقُوبَتِهِ وَتَأْخِيرِهَا إِلَى وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ حَتَّى يَحْسَبَ أَنَّهُ قَدْ نَجَا ثُمَّ يُؤْخَذَ بِالْعُقُوبَةِ.

وَالْفَاءُ فِي فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ لِلتَّعْقِيبِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ تَقْدِيرَ هَلَاكِهِمْ حَاصِل من وَقْتِ تَكْذِيبِهِمْ وَإِنَّمَا أُخِّرَ لَهُمْ، وَهُوَ تَعْقِيبٌ مُوَزَّعٌ، فَلِكُلِّ قَوْمٍ مِنْ هَؤُلَاءِ تَعْقِيبُ إِمْلَائِهِ، وَالْأَخْذُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْإِمْلَاءِ بِمُهْلَةٍ، فَلِذَلِكَ عُطِفَ فِعْلُهُ بِحَرْفِ الْمُهْلَةِ.

وَعُطِفَتْ جُمْلَةُ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ بِالْفَاءِ لِأَنَّ حَقَّ ذَلِكَ الِاسْتِفْهَامِ أَنْ يَحْصُلَ عِنْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ الْأَخْذِ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ تَعْجِيبِيٌّ، أَيْ فَاعْجَبْ مِنْ نَكِيرِي كَيْفَ حَصَلَ. وَوَجْهُ التَّعْجِيبِ مِنْهُ أَنَّهُمْ أُبْدِلُوا بِالنِّعْمَةِ مِحْنَةً، وَبِالْحَيَاةِ هَلَاكًا، وَبِالْعِمَارَةِ خَرَابًا فَهُوَ عِبْرَةٌ لِغَيْرِهِمْ.

وَالنَّكِيرُ: الْإِنْكَارُ الزَّجْرِيُّ لِتَغْيِيرِ الْحَالَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الَّذِي يُنْكَرُ عَلَيْهِ:

ونَكِيرِ- بِكَسْرَةٍ فِي آخِرِهِ- دَالَّة على يَاء الْمُتَكَلِّمِ الْمَحْذُوفَةِ تَخْفِيفًا.

وَكَانَ مُنَاسَبَةُ اخْتِيَارِ النَّكِيرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دُونَ الْعَذَابِ وَنَحْوِهِ أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ التَّنْوِيهِ بِالنَّهْيِ عَن الْمُنكر لِيُنَبِّهَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَبْذُلُوا فِي تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ مُنْتَهَى اسْتِطَاعَتِهِمْ، فَإِنَّ

اللَّهَ عَاقَبَ عَلَى الْمُنْكَرِ بِأَشَدِّ الْعِقَابِ، فَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ الِائْتِسَاءُ بِصُنْعِ اللَّهِ، وَقَدْ قَالَ الْحُكَمَاءُ: إِنَّ

ص: 284