الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَزِيَادَةُ بَيْنَهُمْ لِإِفَادَةِ أَنَّهُمْ تَعَاوَنُوا وَتَظَاهَرُوا عَلَى تَقَطُّعِ أَمْرِهِمْ. فَرُبَّ قَبِيلَةٍ اتَّخَذَتْ صَنَمًا لَمْ تَكُنْ تَعْبُدُهُ قَبِيلَةٌ أُخْرَى ثُمَّ سَوَّلُوا لِجِيرَتِهِمْ وَأَحْلَافِهِمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ فَأَلْحَقُوهُ بِآلِهَتِهِمْ.
وَهَكَذَا حَتَّى كَانَ فِي الْكَعْبَةِ عِدَّةُ أَصْنَامٍ وَتَمَاثِيلَ لِأَنَّ الْكَعْبَةَ مَقْصُودَةٌ لِجَمِيعِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ الْمُلَقَّبَ بِخُزَاعَةَ هُوَ الَّذِي نَقَلَ الْأَصْنَامَ إِلَى الْعَرَبِ.
وَجُمْلَةُ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا لِجَوَابِ سُؤَالٍ يَجِيشُ فِي نَفْسِ سَامِعِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ وَهُوَ مَعْرِفَةُ عَاقِبَةِ هَذَا التَّقَطُّعِ.
وَتَنْوِينُ كُلٌّ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ كُلُّهُمْ، أَيْ أَصْحَابُ ضَمَائِرِ الْغَيْبَةِ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ. وَالْكَلَامُ يُفِيدُ تَعْرِيضًا بِالتَّهْدِيدِ.
وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ التَّفْرِيعُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ [الْأَنْبِيَاء: 94] إِلَى آخِره.
[94]
[سُورَة الْأَنْبِيَاء (21) : آيَة 94]
فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ (94)
فُرِّعَ عَلَى الْوَعِيدِ الْمُعَرَّضِ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ [الْأَنْبِيَاء: 94] تَفْرِيعٌ بَدِيعٌ مِنْ بَيَانِ صِفَةِ مَا تُوُعِّدُوا بِهِ، وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الْأَنْبِيَاء: 97] الْآيَاتِ.
وَقَدَّمَ وَعْدَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَزَاءِ أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَةِ اهْتِمَامًا بِهِ، وَلِوُقُوعِهِ عَقِبَ الْوَعِيدِ تَعْجِيلًا لِمَسَرَّةِ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعُوا قَوَارِعَ تَفْصِيلِ الْوَعِيدِ، فَلَيْسَ هُوَ مَقْصُودًا مِنَ التَّفْرِيعِ، وَلَكِنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِطْرَادَ تَنْوِيهًا بِالْمُؤْمِنِينَ