الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ بِفَتْحِ النُّونِ، وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ عَدَا أَبَا جَعْفَرٍ- بِضَمِّ النُّونِ- يُقَالُ: سَقَاهُ وَأَسْقَاهُ بِمَعْنًى، وَقَرَأَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ مَفْتُوحَةً عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْأَنْعَامِ.
وَعَطْفُ عَلَى الْفُلْكِ
إِدْمَاجٌ وَتَهْيِئَةٌ لِلتَّخَلُّصِ إِلَى قصَّة نوح.
[23- 25]
[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (23) : الْآيَات 23 إِلَى 25]
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (23) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً مَا سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (24) إِنْ هُوَ إِلَاّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ (25)
لَمَّا كَانَ الِاسْتِدْلَالُ وَالِامْتِنَانُ اللَّذَانِ تَقَدَّمَا مُوَجَّهَيْنِ إِلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كفرُوا بالنبيء صلى الله عليه وسلم وَاعْتَلُّوا لِذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِرِسَالَةِ بَشَرٍ مِثْلِهِمْ وَسَأَلُوا إِنْزَالَ مَلَائِكَةٍ وَوَسَمُوا الرَّسُولَ عليه الصلاة والسلام بِالْجُنُونِ، فَلَمَّا شَابَهُوا بِذَلِكَ قَوْمَ نُوحٍ وَمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ نَاسَبَ
أَنْ يُضْرَبَ لَهُمْ بِقَوْمِ نُوحٍ مَثَلٌ تَحْذِيرًا مِمَّا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ مِنَ الْعَذَابِ، وَقَدْ جَرَى فِي أَثْنَاءِ الِاسْتِدْلَالِ وَالِامْتِنَانِ ذِكْرُ الْحَمْلِ فِي الْفُلْكِ فَكَانَ ذَلِكَ مُنَاسَبَةً لِلِانْتِقَالِ فَحَصَلَ بِذَلِكَ حُسْنُ التَّخَلُّصِ، فَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ قَصَصِ الرُّسُلِ إِمَّا اسْتِطْرَادًا فِي خِلَالِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ، وَإِمَّا انْتِقَالًا كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ [الْمُؤْمِنُونَ:
78] .
وَتَصْدِيرُ الْجُمْلَةِ بِلَامِ الْقَسَمِ تَأْكِيدٌ لِلْمَضْمُونِ التَّهْدِيدِيِّ مِنَ الْقِصَّةِ، فَالْمَعْنَى تَأْكِيدُ الْإِرْسَالِ إِلَى نُوحٍ وَمَا عَقَّبَ بِهِ ذَلِكَ.
وَعَطْفُ مَقَالَةِ نُوحٍ عَلَى جُمْلَةِ إِرْسَالِهِ بِفَاءِ التَّعْقِيبِ لِإِفَادَةِ أَدَائِهِ رِسَالَةَ رَبِّهِ بِالْفَوْرِ مِنْ أَمْرِهِ وَهُوَ شَأْنُ الِامْتِثَالِ.
وَأَمْرُهُ قَوْمَهُ بِأَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْرِضِينَ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ بِأَنْ أَقْبَلُوا عَلَى عِبَادَةِ أَصْنَامِهِمْ (وَدٍّ، وَسُوَاعَ، وَيَغُوثَ، وَيَعُوقَ، وَنَسْرٍ) حَتَّى أَهْمَلُوا عِبَادَةَ اللَّهِ وَنَسُوهَا.
وَكَذَلِكَ حُكِيَتْ دَعْوَةُ نُوحٍ قَوْمَهُ فِي أَكْثَرِ الْآيَاتِ بِصِيغَةِ أَمْرٍ بِأَصْلِ عِبَادَةِ اللَّهِ دُونَ الْأَمْرِ بِقَصْرِ عِبَادَتِهِمْ عَلَى اللَّهِ مَعَ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يُنْكِرُونَ وُجُودَ اللَّهِ وَلِذَلِكَ عَقَّبَ كَلَامَهُ بِقَوْلِهِ: مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ.
وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَهُمْ مُثْبِتُونَ لِوُجُودِ اللَّهِ، فَجُمْلَةُ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ فِي مَوْقِعِ التَّعْلِيلِ لِلْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ وَهُوَ تَعْلِيلٌ أَخَصُّ مِنَ الْمُعَلَّلِ، وَهُوَ أَوْقَعُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِيجَازِ لِاقْتِضَائِهِ مَعْنَى: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ. فَالْمَعْنَى: اعْبُدُوا اللَّهَ الَّذِي تَرَكْتُمْ عِبَادَتَهُ وَهُوَ إِلَهُكُمْ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ الْعِبَادَةَ فَلَا تَعْبُدُوا أَصْنَامَكُمْ مَعَهُ.
وغَيْرُهُ نَعْتٌ لِ إِلهٍ. قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِالرَّفْعِ عَلَى اعْتِبَارِ مَحَلِّ الْمَنْعُوتِ بِ (غَيْرِ) لِأَنَّ الْمَنْعُوتَ مَجْرُورٌ بِحَرْفِ جَرٍّ زَائِدٍ، وَقَرَأَهُ الْكِسَائِيُّ بِالْجَرِّ عَلَى اعْتِبَارِ اللَّفْظِ الْمَجْرُورِ بِالْحَرْفِ الزَّائِدِ.
وَفُرِّعَ عَلَى الْأَمْرِ بِإِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ عَلَى عَدَمِ اتِّقَائِهِمْ عَذَابَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَدْ خُولِفَتْ فِي حِكَايَةِ جَوَابِ الْمَلَأِ مِنْ قَوْمِهِ الطَّرِيقَةُ الْمَأْلُوفَةُ فِي الْقُرْآنِ فِي حِكَايَةِ الْمُحَاوَرَاتِ وَهِيَ تَرْكُ الْعَطْفِ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا قَوْلُهُ: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [30] . فَعُطِفَ هُنَا جَوَابُ الْمَلَأِ مِنْ قَوْمِهِ بِالْفَاءِ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ لَمْ يُوَجِّهُوا الْكَلَامَ إِلَيْهِ بَلْ تَرَكُوهُ وَأَقْبَلُوا عَلَى قَوْمِهِمْ يُفَنِّدُونَ لَهُمْ مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ نُوحٌ.
وَالثَّانِي: لِيُفَادَ أَنهم أَسْرعُوا بتكذيبه وَتَزْيِيفِ دَعْوَتِهِ قَبْلَ النَّظَرِ. وَوَصْفُ الْمَلَأِ بِأَنَّهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ كُفْرَهُمْ هُوَ الَّذِي أَنْطَقَهُمْ
بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى نُوحٍ، وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الرَّدِّ لَا نُهُوضَ لَهُ وَلَكِنَّهُمْ رَوَّجُوا بِهِ كُفْرَهُمْ خَشْيَةً عَلَى زَوَالِ سِيَادَتِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: مِنْ قَوْمِهِ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ.
وَقَوْلُ الْمَلَأِ مِنْ قَوْمِهِ: مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ خَاطَبَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِذِ الْمَلَأُ هُمُ الْقَوْمُ ذَوُو السِّيَادَةِ وَالشَّارَةِ، أَيْ فَقَالَ عُظَمَاءُ الْقَوْمِ لِعَامَّتِهِمْ.
وَإِخْبَارُهُمْ بِأَنَّهُ بَشَرٌ مِثْلُهُمْ مُسْتَعْمَلٌ كِنَايَةً عَنْ تَكْذِيبِهِ فِي دَعْوَى الرِّسَالَةِ بِدَلِيلٍ مِنْ ذَاتِهِ، أَوْهَمُوهُمْ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْبَشَرِيَّةِ مَانِعَةٌ مِنَ الْوَسَاطَةِ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَهَذَا مِنَ الْأَوْهَامِ الَّتِي أَضَلَّتْ أُمَمًا كَثِيرَةً. وَاسْمُ الْإِشَارَةِ مُنْصَرِفٌ إِلَى نُوحٍ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَ الْمَلَأِ وَقَعَ بِحَضْرَةِ نُوحٍ فِي وَقْتِ دَعْوَتِهِ، فَعَدَلُوا مِنَ اسْمِهِ الْعَلَمِ إِلَى الْإِشَارَةِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُمْ تَصْغِيرُ أَمْرِهِ وَتَحْقِيرُهُ لَدَى عَامَّتِهِمْ كَيْلَا يَتَقَبَّلُوا قَوْلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا فِي سُورَةِ هُودٍ.
وَزَادَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ بِحِكَايَةِ قَوْلِهِمْ: يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ سَادَةَ الْقَوْمِ ظَنُّوا أَنَّهُ مَا جَاءَ بِتِلْكَ الدَّعْوَةِ إِلَّا حُبًّا فِي أَنْ يُسَوَّدَ عَلَى قَوْمِهِمْ فَخَشُوا أَنْ تَزُولَ سِيَادَتُهُمْ وَهُمْ بِجَهْلِهِمْ لَا يَتَدَبَّرُونَ أَحْوَالَ النُّفُوسِ وَلَا يَنْظُرُونَ مَصَالِحَ النَّاسِ وَلَكِنَّهُمْ يَقِيسُونَ غَيْرَهُمْ عَلَى مِقْيَاسِ أَنْفُسِهِمْ.
فَلَمَّا كَانَتْ مَطَامِحُ أَنْفُسِهِمْ حُبَّ الرِّئَاسَةِ وَالتَّوَسُّلَ إِلَيْهَا بِالِانْتِصَابِ لِخِدْمَةِ الْأَصْنَامِ تَوَهَّمُوا أَنَّ الَّذِي جَاءَ بِإِبْطَالِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ إِنَّمَا أَرَادَ مُنَازَعَتَهُمْ سُلْطَانَهُمْ.
وَالتَّفَضُّلُ: تَكَلُّفُ الْفَضْلِ وَطَلَبُهُ، وَالْفَضْلُ أَصْلُهُ الزِّيَادَةُ ثُمَّ شَاعَ فِي زِيَادَةِ الشَّرَفِ والرفعة، أَي يُرِيد أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ النَّاسِ لِأَنَّهُ نَسَبَهُمْ كُلَّهُمْ إِلَى الضَّلَالِ.
وَقَوْلُهُمْ: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ بَعْدَ أَنْ مَهَّدُوا لَهُ بِأَنَّ الْبَشَرِيَّةَ مَانِعَةٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا رَسُولًا لِلَّهِ، وَحَذْفُ مَفْعُولِ فِعْلِ الْمَشِيئَةِ لِظُهُورِهِ مِنْ جَوَابِ (لَوْ) ، أَيْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ إِرْسَالَ
رَسُولٍ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً رُسُلًا، وَحَذْفُ مَفْعُولِ الْمَشِيئَةِ جَائِزٌ إِذَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ، وَذَلِكَ مِنَ الْإِيجَازِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَفْعُولِ الْغَرِيبِ مِثْلَمَا قَالَ صَاحِبُ «الْمِفْتَاحِ» : أَلَا تَرَى قَوْلَ الْمَعَرِّي:
وَإِنْ شِئْتَ فَازْعُمْ أَنَّ مَنْ فَوْقَ ظَهْرِهَا
…
عَبِيدُكَ وَاسْتَشْهِدْ إِلَهَكَ يَشْهَدِ
وَهَلْ أَغْرَبُ مِنْ هَذَا الزَّعْمِ لَوْ كَانَتِ الْغَرَابَةُ مُقْتَضِيَةً ذِكْرَ مَفْعُولِ الْمَشِيئَةِ. فَلَمَّا دَلَّ عَلَيْهِ مَفْعُولُ جَوَابِ الشَّرْطِ حَسُنَ حَذْفُهُ مِنْ فِعْلِ الشَّرْطِ.
وَجُمْلَةِ مَا سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ مُسْتَأْنَفَةٌ قَصَدُوا بِهَا تَكْذِيبَ الدَّعْوَةِ بَعْدَ تَكْذِيبِ الدَّاعِي، فَلِذَلِكَ جِيءَ بِهَا مُسْتَأْنَفَةً غَيْرَ مَعْطُوفَةٍ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا مَقْصُودَةٌ بِذَاتِهَا وَلَيْسَت تَكْمِلَة لَهَا قَبْلَهَا، بِخِلَافِ أُسْلُوبِ عَطْفِ جُمْلَةِ: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً إِذْ كَانَ مَضْمُونُهَا مِنْ تَمَامِ غَرَضِ مَا قَبْلَهَا.
فَالْإِشَارَةُ بِ هَذَا إِلَى الْكَلَامِ الَّذِي قَالَهُ نُوحٌ، أَيْ مَا سَمِعْنَا بِأَنْ لَيْسَ لَنَا إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ فِي مُدَّةِ أَجْدَادِنَا، فَالْمَقْصُودُ بِالْإِشَارَةِ مَعْنَى الْكَلَامِ لَا نَفْسُهُ، وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ شَائِعٌ. وَلَمَّا كَانَ حَرْفُ الظَّرْفِيَّةِ يَقْتَضِي زَمَنًا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَدْخُولُهُ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ فِي مُدَّةِ آبَائِنَا لِأَنَّ الْآبَاءَ لَا يَصْلُحُ لِلظَّرْفِيَّةِ. وَالْآبَاءُ الْأَوَّلُونَ هُمُ الْأَجْدَادُ.
وَلَمَّا كَانَ السَّمَاعُ الْمَنْفِيُّ لَيْسَ سَمَاعًا بِآذَانِهِمْ لِكَلَامٍ فِي زَمَنِ آبَائِهِمْ بَلِ الْمُرَادُ مَا بَلَغَ إِلَيْنَا وُقُوعُ مِثْلِ هَذَا فِي زَمَنِ آبَائِنَا، عُدِّيَ فِعْلُ سَمِعْنا بِالْبَاءِ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى الِاتِّصَالِ.
جَعَلُوا انْتِفَاءَ عِلْمِهِمْ بِالشَّيْءِ حُجَّةً عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَهُوَ مجادلة سفسطائيّة إِذْ قَدْ يَكُونُ انْتِفَاءُ الْعِلْمِ عَنْ تَقْصِيرٍ فِي اكْتِسَابِ الْمَعْلُومَاتِ، وَقَدْ يَكُونُ لِعَدَمِ وُجُودِ سَبَبٍ يَقْتَضِي حُدُوثَ مِثْلِهِ بِأَنْ كَانَ النَّاسُ عَلَى حَقٍّ فَلَمْ يَكُنْ دَاعٍ إِلَى مُخَاطَبَتِهِمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ النَّاسُ مِنْ زَمَنِ آدَمَ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى حَدَثَ الشِّرْكُ فِي النَّاسِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ نُوحًا فَهُوَ أَوَّلُ رَسُولٍ أُرْسِلَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ.