المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سورة يوسف 1 - قوله تعالى: (وَالشَمْسَ وَالقَمَرَ رَأيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) - فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن - جـ ١

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌سُورَة الفَاتِحة

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سُورَة النسِّاء

- ‌سُورة المَائِدَة

- ‌سُورَة الأَنعام

- ‌سُورَة الأعراف

- ‌سورة الأَنفَال

- ‌سورة التَّوبة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة الإسْرَاء

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌سورة طه

- ‌سورة الأَنبياء

- ‌سورة الحجّ

- ‌سورة المؤمنون

- ‌سُورة النُّور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعَراء

- ‌سُورَة النَّمْل

- ‌سُوَرة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سُورَة الرُّوم

- ‌سورة لقمان

- ‌سُوَرة السجْدة

- ‌سُورَة الأحزاب

- ‌سُوَرة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سُوَرة يس

- ‌سُورة الصّافَّات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزُمر

- ‌سُوَرة غافر

- ‌سورة فصلَتْ

- ‌سورة الشورى

- ‌سُورَة الزُّخْرُف

- ‌سورة الدُّخَان

- ‌سورة الجاثية

- ‌سُورَة الأَحقاف

- ‌سُورَة محمد

- ‌سورة الفتح

- ‌سُورَة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌سُوَرة الذّارِيَات

- ‌سُورَة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سُورَة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سُورة الوَاقِعَة

- ‌سورة الحديد

- ‌سُورة المجادَلة

- ‌سُورة الحشْر

- ‌سُورة الممتَحنة

- ‌سُوَرة الصَّف

- ‌سُورَة الجُمُعة

- ‌سُورة المنافِقون

- ‌سُوَرة التغَابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سُورة التحريم

- ‌سورَة الملك

- ‌سوَرة القَلَم

- ‌سُورة الحَاقَّة

- ‌سورة المعارج

- ‌سُورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سُورة المُزَّمِّل

- ‌سورة المدثر

- ‌سُورة القيامَة

- ‌سورة الإنسان

- ‌سُورَة المرُسلات

- ‌سورة النبأ

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة عبس

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة الانفِظار

- ‌سُورة المطُفِّفين

- ‌سورة الانشقاق

- ‌سورة البرُوج

- ‌سورة الطارق

- ‌سورة الأعلى

- ‌سورة الغاشِيَة

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة البَلَد

- ‌سورة الشمس

- ‌سُورَة اللَّيْل

- ‌سورة الضحى

- ‌سُورة الشرح

- ‌سورة التين

- ‌سُورَة العَلَق

- ‌سُورة القَدْر

- ‌سُورَة البينة

- ‌سورة الزلزلة

- ‌سُورة العاديات

- ‌سُورَة القَارعَة

- ‌سُوَرة التكاثر

- ‌سُورة العصر

- ‌سُوَرة الهُمزة

- ‌سُورَة الفِيل

- ‌سورة قريش

- ‌سُورة الماعُون

- ‌سُورَة الكوثَر

- ‌سورة الكافرون

- ‌سورة النصر

- ‌سُورَة المَسد

- ‌سورة الإخْلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة الناس

الفصل: ‌ ‌سورة يوسف 1 - قوله تعالى: (وَالشَمْسَ وَالقَمَرَ رَأيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ)

‌سورة يوسف

1 -

قوله تعالى: (وَالشَمْسَ وَالقَمَرَ رَأيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) .

ذِكرُ الرؤيةِ ثانياً، جواباً لسؤالٍ مقدَّر من " يعقوب " عليه السلام، كأنه قال ليوسف بعد قوله:" إِنِّي رأيتُ أحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ والقمَرَ " كيفَ رأيتها؟ سائلًا عن حال رؤيتها، فقال مجيباً له: رأيتُهم لي ساجدين.

وقيل: ذكره توكيداً، وجمع الكواكب في قوله " رأيتُهُمْ لي سَاجِدِينَ " جمع العقلاء، لوصفه لها بما هو من صفات العقلاء وهو السجود، كقوله تعالى:(قَالَتْ نَمْلَةٌ يا أيُّها النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكنكُمْ لَا يَحْطِمنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ. .) .

2 -

قوله تعالى: (اقْتُلُوا يُوسُفَ أوِ اطْرَحُوهُ

ص: 275

أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أبِيكُمْ. .) الآية. هذا قولُ إخوة يوسف.

إن قلتَ: كيف قالوا ذلك وهم أنبياءُ؟!

قلتُ: لم يكونوا أنبياءَ على الصحيح (1) ، وبتقدير أنهم كانوا أنبياءَ، إنما قالوا ذلك قبل نبوِّتهم. والجوابُ بأن ذلك من الصغائر، أو بانهم قالوه

في صغرهم ضعيفٌ.

3 -

قوله تعالى: (أرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً نَرتَعْ وَنَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(2) .

إن قلتَ: كيف قالوا ذلك، مع أنهم كانوا بالغينَ عاقلين، وأنبياء أيضاً على قول؟ وكيف رضي يعقوب بذلك منهم على قراءة النون؟!

قلتُ: كان لعبُهم المسابقة والمناضلة، يؤيده

ص: 276

" إنَّا ذهبنا نستبقُ "، وسمَّوه لعباً لأنه في صورة اللَّعب.

قال الفخر الرازي: وُيرَدُّ على أصل السؤال أن يُقال: كيف يتورَّعون عن اللَّعب، وهم قد فعلوا ما هو أعظم حرمةً من اللَّعب وأشدُّ، وهو إلقاءُ أخيهم في الجُبِّ على قصد القتل إ!

قلتُ: لم يكن وقتَ إلقاء أخيهم يوسف في الجبِّ،

وقتُ طلب تورّعهم عن اللَّعب ولا قتله، وأصلُ السؤال إنما وقع على طلب التورًّع المتقدِّم على الِإلقاء، لكنْ يُطلب الجوابُ عن إلقائهم له في الجب من أن ذلك من المعاصي؟

وُيجابُ بما مرَّ في الجواب عن قولهم " اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً "!!

4 -

قوله تعالى: (وَأوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِئَنَّهُمْ بِأمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشعُرُونَ) .

" وأوحينا إليه " أي وحيَ إلهام لا وحيَ رسالة، لأنه يومئذٍ لم يكن بالغاً، ووحيُ الرسًالةِ إنما يكونُ بعد الأربعين.

5 -

قوله تعالى: (وَلَمَّا بَلَغَ أشدهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلماً وَكَذَلِكَ نَجْزي المُحْسِنِينَ) . قاله هنا بدون "

ص: 277

واستوى " وقال في القصص به، لأن يوسف أوحيَ إليه في الصغر، و " موسى " أوحي إليه بعد أربعين سنة، فقولُه " واستَوَى " إشارة إلى تلك الزِّيادة.

6 -

قوله تعالى: (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ..) الآية. وحَّد الباب هنا، وجمعه قبلُ في قوله " وَغَلَّقَتِ الأبْوَابَ " لأن إغلاقَ الباب للاحتياط لا يتمُّ إلَّا بإغلاق الجميِع، وأمَّا هروبه منها فلا يكون إلَّا إلى باب واحد، حتى لو تعدَّدت أمامه لم يقصد منها أوَّلًا إلّا لأول، فلهذا وحَّد البابَ هنا وجَمَعه ثَمَّ.

7 -

قوله تعالى: (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)) .

كرر " لعلَّ " رعايةً للفواصل، إذْ لو قال: لعلِّي أرجع إلى الناس فيعلموا بحذف النون، جواباً لـ " لعل " لفاتت الرعاية.

ص: 278

8 -

قوله تعالى: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) .

إن قلتَ: كيف قال ذلكَ، مع أن الأنبياء عليهم السلام أعظمُ النَّاسِ زُهْداً في الدُّنيا، ورغبةً في الآخرة؟!

قلتُ: إنما طلبَ ذلكَ ليتوصَّل به، إلى إمضاءِ أحكام الله تعالى، وإقامة الحقِّ، وبسط العدل ونحوِه، ولعلْمِه أنَّ أحداً غيره لا يقوم مقامه في ذلك.

9 -

قوله تعالى: (وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأخٍ لَكُمْ مِنْ أبِيكُمْ. .) .

قاله هنا بالواو، وقاله بعدُ بالفاء، لأنه ذكر هنا أول مجيئهم إلى يوسف، فناسبته الواو، الدَّالةُ على الاستئناف.

وذُكر بعدُ عند انصرافهم عنه، عطفاً على " لمَّا دخلوا " فناسبته الفاء الدَّالةُ على الترتيب والتعقيب.

ص: 279

15 -

قوله تعالى: (ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)) .

إن قلتَ: كيف جاز ليوسف أن يأمر المؤذن بأن يقول ذلك، مع أنَّ فيه بهتاناً، واتِّهامَ من لم يسرقْ بأنه سَرَق؟!

قلتُ: إنما قاله " توريةً " عما جرى منهم مجرى السرقة، من فعلهم بيوسف ما فعلوا أولًا.

أو كان ذلك القولُ من المؤذِّن، بغير أمر يوسف عليه السلام.

أو أنَّ حكم ذلك حكم " الحِيَل الشَّرعيةِ " التي يُتوصل بها إلى مصالح دينيَّة، كقوله تعالى لأيوب:(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ)، وقول إبراهيم في حقِّ زوجته:" هي أختي " لِتَسْلَم من يد الكافر.

ص: 280

11 -

قوله تعالى: (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87) . " مِنْ رَوْحِ اللَّهِ " أي من رحمته " إِلَّا القَومُ الكَافِرُونَ ".

إن قلتَ: منَ المؤمنينَ منْ ييأسُ من روْحِ اللَّهِ، لشدَّةِ مصيبته، أو كثرةِ ذنوبه، كما في قصة الذي أمر أهله إذا مات أن يحرقوه. (1) الحديث ثم إنَّ اللَّهَ تعالى غفرَ له؟!

قلتُ: إنما ييأس من رَوْحِ اللَّه الكافرُ، لا المؤمنُ عملاً بظاهر الآية، فكلُّ من أيِسَ من روْح اللهِ فهو كافرٌ، حتَّى يعود إلى الِإيمان، ولا نُسلَم أن صاحبَ القصَّةِ مات آيساً، ولم يسمح له الرجوع عن وصيَّته.

12 -

قوله تعالى: (فَلَمَّا أنْ جَاءَ البَشِيرُ ألْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً. .) الآية. قال هنا وفي العنكبوت

ص: 281

آخراً في قوله تعالى " ولمَّا أن جاءت رسلنا لوطاً " بذكر " أن ".

وقال في هود: " ولمَّا جاءت رسلُنا لُوطاً " وفي العنكبوت أولًا " ولمَّا جاءت رسلُنَا إبراهيمَ بِالبُشْرَى " بحذفها بنيَّتها على جواز الأمرين.

والقولُ بأنَّ ذكرَ " أنْ " يدلُّ على وقوع جواب " لمَّا " حالَاَ، بخلاف ما إذا حُذفت، يُرَدُّ بأنَّ آية هود، وآية العنكبوت، التي ذُكرَ فيها " أنْ " متَّحدتان شرطاً وجواباً، مع أنَّ " أنْ " ذُكرت في إحداهما، وحُذفت من الأخرى. إلَا أن يُقال إنها إذا لم تُذكر، لم يلزم وقوعُ جواب " لما " حالَاَ.

13 -

قوله تعالى: (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً. .) الآية.

إن قلتَ: كيف جاز لهم أن يسجدوا ليوسف، والسجودُ لغير الله حرامٌ؟!

قلتُ: المرادُ أنهم جعلوه كالقِبْلَةِ، ثم سجدوا للهِ تعالى، شكراً لنعمة وُجْدَان يوسف، كما تقول: سجدتُ وصلَّيتُ للقِبْلة.

ص: 282

واللَّامُ للتعليل (1) أي لأجله سجدوا للَّهِ، ومنه قوله تعالى " رأيتُهم لي سَاجِدينَ " أي إنما سجدتْ للَّهِ، لأجل مصلحتي، والسعي في إعلاء منصبي.

14 -

قوله تعالى: (وَقَدْ أحْسَنَ بِي إِذْ أخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ البَدْوِ) .

إن قلتَ: لمَ ذكر " يوسف " عليه السلام، نعمةَ الله عليه في إخراجه من السجن، دون إخراجه من الجبِّ، معِ أنه أعظم نعمةً، لأن وقوعَه في الجبِّ كان أعظمَ خَطَراَ؟!

قلتُ: لأن مصيبة السجن كانت عنده أعظم، لطول مدَّتها، ولمصاحبته الأوباش وأعداءَ الدينِ فيه، بخلاف مصيبة الجبِّ، لقِصَر مدَّتها، ولكون المؤنس له فيه جبريل عليه السلام، وغيره من الملائكة. أو لأن في ذكر الجُبِّ " توبيخاً وتقريعاً " لِإخوته، بعد قوله:" لا تَثْرِيبَ عليكُمُ اليَوْمَ ".

15 -

قوله تعالى: (أنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَألْحِقْنِي بالصَّالِحِينَ) .

ص: 283

إن قلتَ: كيف قال يوسف ذلك، مع علمه بأنَّ كل نبيٍّ لا يموت إلّاَ مسلماً؟

قلتُ: قاله إظهاراً للعبودية والافتقار، وشدَّة الرغبة في طلب سعادة الخاتمة، وتعليماً للأمة، وطلباً للثواب.

16 -

قوله تعالى: (وَمَا يُؤْمِنُ أكثَرُهُم بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) .

إن قلتَ: كيف قال ذلك، مع أن الِإيمان والشرك لا يجتمعان؟

قلتُ: معناه: وما يؤمنُ أكثرُهم بأن اللَّهَ خالقُه ورازقُه، وخالقُ كل شىءٍ قولًا، إلا وهو مشرك بعبادة الأصنام فعلاً.

أو أن المراد به المنافقون، يؤمنون بألسنتهم قولًا، ويشركون بقلوبهم اعتقاداً.

17 -

قوله تعالى: (أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. .) . قاله هنا، وفي الحج، وفي آخر غافر بالفاء، وقاله

ص: 284

في الروم، وفاطر، وأول غافر بالواو.

لأن ما في الثلاثة الأول، تقدّمه التعبير في الِإنكار بالفاء في قوله هنا " أفامنوا أن تأتيهم غاشية " وفي الحج " فهي خاوية على عروشها " وفي آخر غافر " فَأيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ "؟

وما في الثلاثة الأخيرة، تقدَّمه التعبيرُ بالواو في قوله في الروم:" أو لم يَتَفَكَّروا في أنْفسِهمْ " وفي فاطر " أو لَمْ نعَمَركمْ مَا يَتَذَكَّرُ فيهِ مَنْ تَذَكَّرَ " وفي أول غافر " وانْذِرْهمْ يَوْمَ الآزِفَةِ "" وما تُخْفي الصُّدور "" واللَّه يَقْضِي بِالحقِّ والَّذِينَ يَدْعونَ منْ دُونهِ لَا يَقْضُون بِشيءٍ ".

" تَمَّتْ سُورَةُ يوسف "

ص: 285