الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الفرقان
1 -
قوله تعالى: (تَبَارَكَ إلَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) . " تبارك " هذه كلمةٌ لا تُستعمل إِلَّا لله بلفظ الماضي، وذُكرت في هذه السورة في ثلاثة مواضع تعظيماً لله تعالى.
وخُصَّتْ مواضُعها بذكرها، لِعظَم ما بعدها.
الأول: ذكرُ الفرقان وهو القرآنُ، المشتملُ على معاني جميع كتبِ الله.
والثاني: ذكرُ النبي صلى الله عليه وسلم ومخاطبةِ الله له فيه، وروي (1) :" لولاك يا محمدُ ما خَلقتُ الكائناتِ ".
والثالث: ذكرُ البروج، والشمس، والقمر، والليل
والنهار، ولولاها لما وُجد في الأرض حيوان ولا نباتٌ.
2 -
قوله تعالى: (وَخَلَقَ كلَّ شَيْءٍ فَقَدَّره تَقْدِيراً)
إن قلتَ: الخلقُ هو التقديرُ، ومنه قوله تعالى " وإِذْ تخلُقُ من الطِّينِ " فكيف جمع بينهما؟
قلتُ: الخلقُ من الله هو الِإيجادُ، فصحَّ الجمعُ بينه وبين التقدير، ولو سُلِّم أنه التقديرُ، فساغ الجمعُ بينهما لاختلافهما لفظاً، كما في قوله تعالى:" أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ " -.
3 -
قوله تعالى: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ. .) الآية.
قاله هنا بالضمير " مِنْ دونه " وقاله في مريم، ويسَ بلفظ " الله " موافقةً لما قبله في المواضع الثلاثة.
4 -
قوله تعالى: (وَلَا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلَا نَفْعاً. .) . قدَّم الضرَّ على النفع لمناسبة ما بعده، من تقديم الموت على الحياة.
5 -
قوله تعالى: (أَمْ جَنَّةُ الخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيراً) .
إن قلتَ: كيف قال في وصف الجنة ذلك، مع أنها لم تكن حينئذٍ جزاءً ومصيراً؟
قلتُ: إنما قال ذلك، لأن ما وعد الله به، فهو فىِ تحقّقه كأنه قد كان. أو أنه كان في اللوح المحفوظ، أنَّ الجنة جزاؤُهم ومصيرُهم.
6 -
قوله تعالى: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) .
إِن قلتَ: لمَ أخَّر " هَوَاهُ " مع أنه المفعولُ الأول؟
قلتُ: للعناية بتقديم الأول كقوله: علمتُ فاضلاً زيداً.
7 -
قوله تعالى: (لِنُحْييَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماَ وَأَنَاسِيَّ كثِيراً) .
ذكر الصفة مع أن الموصوف
مؤنَّثٌ، نظراً إلى معنى البلدة وهو المكان، لا إلى لفظها، والسرُّ فيه تخفيف اللفظ.
وقدَّم في الآية إحياءَ الأرضِ، وسقيَ الأنعامِ، على سقي الأناسيّ، لأن حياة الأناسيّ بحياة أرضهم وأنعامهم، فقدَّم ما هو سببُ حياتهم ومعاشهم، ولأن سقْيَ الأرضِ بماء المطرِ، سابقٌ فِي الوجود على سقي الأناسيّ.
8 -
قوله تعالى: (وَيَعْبُدُونَ منْ دُونِ الله مَا لَا يَنْفَعُهُم وَلَا يَضُرُّهُمْ. .) الآية، قدَّم النفع على الضُّرِّ، موافقةَ لقوله قبل " هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أجاج ".
9 -
قوله تعالى: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً) ، أي ما أسألكم على إبلاع ما أنزل عليَّ من أجرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتخِذَ إِلى رَبه) أي إلى ثوابه سَحبِيلاً أي فأنا أدله على ذلك، فهو استثناءٌ منقطع.
وأمَّا الاستثناءُ في قوله تعالى: (قُلْ لا أَسأَلكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا المَوَدَّةَ في القُرْبى) فمنسوخ بقوله تعالى: (قل ما سألتكُمْ مِن أجْرٍ فهُوَ لكمْ إِنْ أَجْريَ إِلَّا عَلَى الله) على ما
روى ابن عباس رضي الله عنهما.
أو هو استثناءٌ منقطعٌ كما عليه المحققون تقديره: لكِنِّي أذكّركم المودَّة في القربى.
10 -
قوله تعالى: (وَالَّذِين يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) ، لم يقل " أئمة " رعايةً للفواصل، أو تقديرُه: واجعل كلَّ واحدٍ منا إماماً.
11 -
قوله تعالى: (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً) ، جمع بين التحية والسلام، مع أنهما بمعنى لقوله تعالى " تحيتُهُمْ يوم يلقونه سلامٌ " ولخبرِ " تحيةُ أهلِ الجنة في الجنة السلام " لأن المراد هنا بالتحية: سلامُ بعضِهم على بعض، أو سلامُ الملائكة -، وبالسَّلامِ سلام الله عليهم لقوله تعالى (سلَامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمً) .
أو المرادُ بالتحية إكرامُ الله لهم بالهدايا والتُّحف، وبالسلام سلامه عليهم بالقول، ولو سُلِّم أنهما بمعنى، فساغ الجمَعُ بينهما، لاختلافهما لفظاً كما مرَ نظيره.
" تَمَّتْ سُورَةُ الفرقان "