الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الشعَراء
1 -
قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) .
كرَّره في ثمانية مواضع، أولها في قصة موسى، ثم إبراهيم، ثم نوح، ثم هود، ثم صالح، ثم لوط، ثم شعيب، ثم في ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإِن لم يذكر صريحاً.
2 -
قوله تعالى: (فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العَالَمِينَ) .
إن قلتَ: كيف أفرد " رسولُ " مع أنه خبر متعدِّد، والقياسُ رَسُولا كما في طه؟
قلتُ: الرسول بمعنى الرسالة، وهي مصدر يُطلق على المتعدد وغيره.
أو تقديره: كلُّ واحدٍ منَّا رسولُ ربِّ العالمين.
أو أفرده نظراً إلى موسى لأنه الأصلُ، وهارونُ تَبَعٌ له.
3 -
قوله تعالى: (قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنا مِنَ الضَّالِّينَ) .
إن قلتَ: كيف قال موسى " وأنا من الضَّالين " والنبيُّ لا يكونُ ضالّاً؟
قلتُ: أراد به وأنا من الجاهلين، أو من الناسين كقوله تعالى:(أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إحداهُمَا الأخرَى) .
أو من المخطئين لا من المتعمدين، كما يُقال:
ضلَّ عن الطريق إذا عدل عن الصواب إلى الخطأ.
4 -
قوله تعالى: (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ العَالَمِينَ) .
لم يقل فرعون: " ومنْ ربُّ العالمينَ " لأنه كان منكراً لوجود الربِّ، فلا يُنْكَر عليهِ التعبيرُ ب " مَا ".
5 -
قوله تعالى: (قَالَ رَبُّ السَّموَاتِ وَالَأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كنْتُمْ مُوقِنِينَ) .
إن قلتَ: كيف علَّق كونه ربُّ السموات والأرضِ،
بكونِ فرعون وقومِه كانوا موقنين، مع أن هذا الشرط منتفٍ، والرُّبوبيةُ ثابتةٌ؟!
قلتُ: معناه إن كنتم موقنين أن السمواتِ والأرضَ موجوداتٍ، وهذا الشرطُ موجود، و " إِن " نافية لا شرطيَّة.
فإِن قلتَ: ذكرُ السمواتِ والأرض مستوعبٌ جميعَ المخلوقاتِ، فما فائدة قولهِ:" ربُّكُمْ وربُّ آبائكمُ الأوَّلين "؟ وقولِهِ " ربُّ المشرقِ والمغرب "؟!
قلتُ: فائدتهما تمييزُهما في الاستدلال على وجود الصَّانع.
أما الأول: فإِن أقربَ ما للِإنسان نفسُه، وما يشاهده
من تغييراته، وانتقاله من ابتداء ولادته.
وأمِّا الثاني: فلِمَا تضمِّنه ذكرُ المشرقِ والمغربِ وما بينهما، من بديع الحكمة في تصريف الليل والنهار، وتغيير الفصولِ بطلوع الشمس من المشرق، وغروبها في المغرب، على تقديرٍ مستقيم في فصول السنة.
فإِن قلتَ: لمَ قال أوَّلاً (إن كنتُمْ مُوقِنينَ) وثانياً (إنْ كنتُمْ تَعْقِلُونَ) ؟
قلتُ: لاطَفَهم أولاً بقوله " إنْ كنتُم مُوقِنينَ " فلما رأى عنادهم خاشنَهم بقوله " إنْ كنتُمْ تَعْقِلُون " وعَارَضَ بِهِ قولَ فرعون (إِنَّ رسُولَكُمُ الّذي أرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ) .
6 -
قوله تعالى: (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِتهاً غَيْرِي لأجْعَلَنَّكَ مِنَ المَسْجُونِينَ) .
إن قلت: لمَ عَدَلَ إليه عن " لأسجُنَنَّك " مع أنه أخصرُ منه؟
قلتُ: لِإرادةِ تعريف العهد، أي لأجعلنك ممِّنْ عُرفتْ حالُهم في سجني - وكان إذا سجن إنساناً طرَحه
في هوَّةٍ عميقة مظلمة، لا يُبصر فيها ولا يسمع -.
7 -
قوله تعالى: (قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) .
قاله هنا بحذف لام التأكيد، وفي الزخرف بإِثباتها، لأنَّ ما هنا كلامُ السَّحرة حين آمنوا، ولا عمومَ فيه فناسب عدم التأكيد، وما في الزخرف عامٌّ لمن ركب سفينةً أو دابةً، فناسبَه التأكيدُ.
8 -
قوله تعالى: (فَلَمَّا تَرَاءَى الجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) .
إن قلتَ: قضيَّتُه أنَّ كُلَّ جمعٍ منهما رأى الآخرِ، لأن التَّراءي تفاعلٌ، مع أَنَّ كلَاَ منها لم يرَ الآخر (1) ، لأن الله تعالى أرسل غيماً أبيضَ، فحال بينهما حتى منع الرؤية؟
قلتُ: التراءي يُستعمل بمعنى التقابل، كما في خبرِ
" المؤمنُ والكافر لا يتراءيان " أي لا يُدانيان ولا يتقابلان.
9 -
قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لأَبيه وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ)
قاله في قصة إبراهيم هنا بدون ذكر " ذا " وفي " والصافات " بذكره، لأن " ما " لمجرد الاستفهام، فأجابوا بقولهم " قالوا نعبد أصناماً " و " ماذا " فيه مبالغة، لتضمنه معنى التوبيخ، فلما وبَّخهم ولم يجيبوه، زاد على التوبيخ فقال:(أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ الله تُرِيدُونَ. فمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ العَالَمينَ) فذكر في كل سورةٍ ما يناسب ما ذُكر فيها.
15 -
قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ. وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ. وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ. وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) .
زاد " هو " عقِبَ الذي في الِإطعام والسقي، لأنهما ممَّا يصدران من الإِنسان عادةً، فيُقال: زيدٌ يُطعِم ويسقي، فذكر " هو " تأكيداً إعلاماً بأن ذلك منه تعالى، لا من غيره، بخلاف الخلْقِ، والموت، والحياة، لا تصدر من غير الله. . ويجوز في " الذي خلقني " النصبُ، نعتاً لربِّ العالمين، أو بدلًا، أو عطف بيانٍ، أو بإِضمار أعني. . والرفعُ خبراً لضمير " الذي " أو مبتدأ خبرُه الجملةُ بعده،
ودخلتْ عليه الفاء على مذهب الأخفش، من جواز دخولها على خبر المبتدأ نحو: زيدٌ فاضربه، وقيل: دخلت عليه لما تضمَّنه المبتدأ من معنى الشرط لكونه موصولَاَ، ورُدَّ بأن الموصول هنا معيَّنٌ لا عامٌّ.
وقوله (وَإِذَا مَرِضْتُ) ولم يقل: أمرضني، كما قال قبله:" خلقني، ويهدين " لأنه كان في معرِض الثناء على الله تعالى، وتعدادِ نعمه، فأضاف ذَيْنِكَ إليه تعالى، ثم أضاف المرض إلى نفسه تأدباً مع الله تعالى، كما في قول الخضر " فأردتُ أن أعيبها " وإِنما أضاف الموت إلى الله تعالى في قوله " والَّذي يميتُني " لكونه سبباً لِلِقائِه الذي هو من أعظم النِّعم.
11 -
قوله تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونٌ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بقلبِ سَلِيمٍ) ، فينفعه مالُه الذي أنفقه في الخير، وولدُه الصَالح بدعائه، كما جاء في خبر " إذا ماتَ ابن آدمَ انقطع عمله إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جارية، أوعلمٍ يُنتفعُ به، أو ولدٍ صالح يدعو له " (1) .
12 -
قوله تعالى: (وَأُزْلِفَتِ الجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) أي قُرِّبتْ.
فإِن قلتَ: كيف قُرِّبت مع أنها لم تنتقل من مكانها؟
قلتُ: فيه قلبٌ أي وأزلف المتقون إلى الجنة، كما يقول الحاج إذا دنوا إلى مكة: قربت مكة منا.
13 -
قوله تعالى: (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ. وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ) ، جَمَع الشَّافعَ، وأفردَ الصَّديقِ، لكثرة الشفعاء عادةً وقلة الصديق، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه: ما في زمانِكَ من تَرْجُو مودَّتَه
ولا صَديقٍ إذا جارَ الزَّمانُ وَفَى
فعِشْ فَريداً ولا تَرْكَنْ إِلى أحَدٍ
هَا قَدْ نصحْتُكَ فيما قلْتُهُ وَكَفَى
14 -
قوله تعالى: (ألَا تَتَّقُونَ) . إِلى قوله: وَمَا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلَى رَبِّ العَالَمِين) ذُكر في خمسة مواضع: في قصة نوحٍ، وهودٍ،
وصالحً، ولوطٍ، وشعيب (1) .
15 -
قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللهَ وَأطِيعُونِ) .
ذُكر مكرَّراً في ثلاثة مواضع: في قصة نوح، وهود، وصالح تأكيداً.
فإِن قلتَ: لمَ خُصتِ الثلاثةُ بالتأكيد، دون قصة لوطٍ، وشعيبٍ؟!
قلتُ: اكتفاءً عنه في قصة لوط بقوله: (قَالَ إِني لِعَمَلِكُمْ مِنَ القَالِينَ) وفي قصة شعيب بقوله: (واتَّقُوا الَّذي خَلَقَكُمْ والجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ) لاستلزامهما له.
16 -
قوله تعالى في قصة صالح: (مَا أَنْتَ إِلَّا بشَرٌ مِثْلُنَا. .) .
قاله فيها بلا " واوٍ " وقاله في قصة شعيب بواوٍ.
لأنه هنا بدلٌ مما قبله، وثمَّ معطوف على ما قبله، وخُصَّتِ الأولى بالبدل، لأن صالحاً قلَّل في الخطاب، فقلَّلوا في الجواب.
وأكثرَ شعيب في الخطاب، فأكثروا في الجواب.
17 -
قوله تعالى: (فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ. فَأَخَذَهُمُ العَذَابُ) الآية.
إن قلتَ: كيف أخذهُم العذابُ بعدما ندموا على جنايتهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم:(النَّدَم توبةٌ)
قلتُ: ندمهم كان عند معاينة العذاب، وهي ليست وقت التوبة كما قال تعالى:(وليست التوبةُ للذين يعملون السيئات. .) الآية.
وقيل: كان ندمُهم ندم خوفٍ من العقاب العاجل، لا ندم توبة فلم تنفعهم.
18 -
قوله تعالى: (يُلْقُونَ السَّمْعَ وأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ) .
الضميرُ للأَفَّاكين وهم الكذَّابون.
فإِن قلتَ: كيف قال " أَكْثَرُهُمْ " بعدما حكَمَ بأنَّ كل أفَاكٍ أثيمٌ أي فاجرٌ؟!
قلتُ: الضمير في " أكثرُهُم " للشياطين، لا للأفاكين، ولو سُلِّم فالأفَّاكون هم الذين يكثرون الكذبَ، لا أَنهم الذين لا ينطقون إلّاَ بالكذب.
" تَمَّتْ سُورَةُ الشعراء "