الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الرعد
1 -
قوله تعالى: (إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْم يَتَفَكَّرُونَ) .
ختم الآية هنا بـ " يَتَفَكَّرُونَ " وختمها بعد بـ " يَعْقِلُونَ "، لأن التفكُّر في الشيء سببٌ لتعقُّله، والسبب مقدَّم على المسبَّب، فناسَب تقدم التفكر على التعقُّل.
2 -
قوله تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ في السَّمواتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً. .) الآية.
إن قلتَ: كيف قال ذلكَ هنا، وقال في الحج (ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ في السَّمواتِ وَمَنْ في الأرْضِ. .) . وفي النَّحل (ولّلهِ يَسْجُدُ مَا في السَّموَاتِ
وَمَا فِي الأرْضِ. .) ؟!
قلتُ: لأنه هنا ذكر العلوَّيات، من الرَّعد، والبرق، والسَّحاب، ثم الملائكة بتسبيحهم، ثم الأصنام والكفار، فبدأ بذكر " مَنْ في السَّموات " ليقدّم ذكرهم، وأتبعهم من في الأرض، ولم يذكر " مَنْ " استخفافاً بالأصنام والكفار. وفي الحج تقدَّم ذكر المؤمنين وسائر الأديان، فقد ذكر " مَنْ في السَّمواتِ " لشرفهم، ثم قال " وَمَنْ في الأرْضِ " ليقدّم ذكر المؤمنين.
وفي النَّحل: تقدَّم ذكرُ ما خلقه الله عامًّا، ولم يكن فيه ذكرُ الملائكةِ والرعد، ولا الِإنس بالتصريح، فاقتضت الآية ُ " ما في السَّمواتِ وما في الأرضِ " فقال في كلِّ آيةٍ ما يناسبها.
3 -
قوله تعالى: (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ. .) قاله هنا، وفي القَصَص،
والعنكبوتِ، والرُّومِ، بلفظ " اللَّهُ " وفي الِإسراء، وفي سبأ في موضعين بلفظ الرب، وفي الشورى بإضممار لفظ " الله " وبزيادة " له " في العنكبوت، وفي ثاني موضعيْ سبأ، موافقةً لتقدم تكرر لفظ " الله " في السور الأربع، ولتقدّم تكرر لفظ الربّ في المواضع الثلاثة، ولتقدم تكرّر الِإضمار في الشورى.
وزاد في العنكبوت " من عباده " و " له " موافقةً لبسْطِ الكلام على الرزق المذكور فيها صريحاً.
وزاد في القَصَص " مِنْ عِبَادِهِ " موافقةً لذلك، وإن كان لفظ الرزق فيه تضمناً.
وزَادَ " له " في ثاني موضعَيْ سبأ، لأنه نزل في المؤمنين، وما قبله في الكافرين.
وحذف لفظ " الله " في غير العنكبوت، وفي أول موضعَيْ سبأ اختصاراً.
4 -
قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27)) .
إن قلتَ: كيف طابقَ هذا الجوابُ قولهم (لَوْلَا أنْزِلَ عَلَيْهِ آيةٌ مِنْ رَبِّهِ "؟
قلتُ: المعنى قل لهم: إنَّ اللَّهَ أنزل عليَّ آياتٍ ظاهرة، ومعجزاتٍ قاهرة، لكنَّ الِإضلال والهداية من اللَّهِ، فأضلَّكم عن تلك الآيات، وهَدَى إليها آخرين، فلا فائدةَ في تكثيرِ الآياتِ والمعجزاتِ. أو هو كلام جرى مجرى التعجب من قولهم، لأن الآيات الباهرة المتكاثرة، التي ظهرت على يد النبي صلى الله عليه وسلم، كانت أكثَر من أن تشتبه على العاقل، فلمَّا طلبوا بعدها آياتٍ أخَر، كان محلَّ التعجب والِإنكار، فكانَّه قيل لهم: ما أعظم عنادكم!! إن الله يُضلّ من يشاء، كمن كان على صنيعكم، من التَّصْميم
على الكفر، فلا سبيل إلى هدايتكم، وإنْ أنزلت كلُّ آية!! ويهدي من كان على خلاف صنيعكم.
5 -
قوله تعالى: (أفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ. .) الآية.
إن قلتَ: كيف طابَق قوله عقبه " وجعلوا للَّهِ شركاء قل سَمُّوهم "؟
قلتُ: فيه محذوفٌ تقديره: أفمن هو رقيبٌ على كل نفسٍ، صالحةٍ وطالحةٍ، يعلمُ ما كسبتْ من خيرٍ وشرٍّ، كمن ليس كذلك؟ من شركائهم التي لا تضر ولا تنفع؟ ويدل له قوله تعالى:" وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ " ونحوُه قولُه تعالى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلِإسْلَامِ) تقديره: كمنْ قَسَا قَلبُه؟ يدلُّ له قوله: (فويلٌ للقاسية قلوبُهم من ذَكرِ اللَّهِ) .
6 -
قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أمِرْتُ أنْ أعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أشْرِكَ بِهِ. .) .
إن قلتَ: كيف اتصل هذا بقوله قبله: " وَمِن الأحْزَابِ مَنْ يُنكِرُ بَعْضَهُ "؟
قلتُ: هو جوابٌ للمنكرين معناه: قل إنما أُمرت فيما أنزل إلي، بأن أعبد الله ولا أشرك به، فإِنكاركُم لبعضه إنكارٌ لعبادة الله وتوحيده.
7 -
قوله تعالى: (وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ المَكرُ جميعاً. .) .
إن قلتَ: كيف أثبتَ لهم مكراً ثم نفاه عنهم بقوله " فللَّهِ المكُر جميعاً "؟.
قلتُ: معناه إن مكر الماكرين مخلوقٌ له، ولا يضرُّ إلا بإرادته، فإِثباتُه لهم باعتبار الكسب، ونفيُه عنهم باعتبار الخلق.
" تَمَّتْ سُورَةُ الرعد "