الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الغاشِيَة
1 -
قوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ. عَامِلَةٌ نَاصِبةٌ)
قال ذلك هنا، وقال بعده " وجوهٌ يَوْمئِذٍ نَاعِمةٌ " وليس بتكرارٍ، لأن الأول في الكفار، والثاني في المؤمنين، والمرادُ بالوجوه فيهما جميعُ الأبدان، لأنَّ ما ذُكر من الأوصاف، لا يختصُّ بالوجوه، فهو كقوله تعالى " وَعَنَتِ الوجوهُ للحَيِّ القَيُّومِ " أو المرادُ بها الأعيانُ والرؤساءُ، كما يُقال: هؤلاء وجوهُ القومِ، ويا وجهَ العرب.
2 -
قوله تعالى: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الِإبِلِ كَيفَ خُلِقَتْ. .) .
إن قلتَ: كيف ارتبط هذا بما قبله، وأيُّ مناسبةٍ بين الِإبلِ والمعطوفاتِ عليها حتى جُمع بينهما؟
قلتُ: أما الجوابُ عن الأول، فلأنه لَمَّا وصف الله
تعالى الجنة بما وصف، عجب الكفَّارُ من ذلك، فذكَّرهم غرائب صنعه، ولأنه لَمَّا ذكر ارتفاع سُرُرها. قالوا: كيف نصعدها؟ فنزلت هذه الآية.
والمعنى: أفلا ينظرون إلى الإِبلِ نظر اعتبارٍ، كيف خُلقت للأثقال، وحملها إلى البلاد البعيدة، وبروكها لتُحَمَّل، ونهوضها بما حملتْه، وسُخِّرتْ لكلّ من قادها، حتى الصبيِّ الصغير، وأُعطيت الصبرَ على العطش عشرة أيامِ فأكثر، وجُعلتْ ترعى كلَّ نباتٍ في المفاوز، دون غيرها منَ الدوابّ، وإنما لم يُذكر الفيلُ، والزرافةُ، والكدكند وغيرها، مما هو أعظم من الجمل، لأن العرب لم يروا شيئاً من ذلك ولا عرفوه.
وأما الجوابُ عن الثاني، فلأنَّ الإِبل كانت أنفسَ أموالهم وأكثرها، وإنما جمع بينها وبين ما بعدها، لأنهما جاءا على وفق عادة العرب، في انتفاعهم بالِإبل أكثر، ولا يحصل إلا بأن ترعى وتشرب، وذلك بنزول المطر من السماء، فعطفها في الذِّكر على الِإبل، ثم لا بدَّ لهم من حصنٍ يتحصنون به، ولا شيء في ذلك لهم كالجبال،