الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الحجر
1 -
قوله تعالى: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) .
إن قلتَ: كيف وصفوه بالجنون، مع قولهم:" نُزِّلَ عليهِ الذِّكْرُ " أي القرآن، المستلزمُ ذلكَ لاعترافهم بنبوَّته؟!
قلتُ: إنما قالوا ذلكَ استهزاءً وسُخرية، لا اعترافاً،
كما قال فرعون لقومه: (إنَّ رسولكُمُ الَّذِي أرْسِلَ إِليكُمْ لَمَجْنُونٌ) .
أو فيه حذف: أي يا أيها الذي تدَّعى أنَّكَ نزل عليك الذِّكرُ.
2 -
قوله تعالى: (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيى وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الوَارِثُونَ) .
إن قلتَ: كيف قال ذلك، والوارثُ من يتجدَّدُ له المُلْكُ، بعد فناءِ المورِّث، واللَّهُ تعالى لم يتجدَّدْ له مُلْكٌ، لأنه لم يزل مالكاً للعَالَم؟!
قلتُ: الوارثُ لغةً هو الباقي بعد فناءِ غيره، وإن لم يتجدَّدْ له مُلْك، فمعنى الآية: ونحن الباقون بعد فناء الخلائق، أو إنَّ الخلائق لمَّا كانوايعتقدون أنهم مالكون، ويسمون بذلك أيضاً مجازاً ثم ماتوا، خلُصت الأملاكُ كلُّها للَّهِ تعالى عن ذلك التعلق، فبهذا الاعتبار سُمِّي وارثاً. ونظيرُ ذلك قولُه تعالى (لِمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ) ، والمُلْكُ له أزليٌّ وأبديٌّ.
3 -
قوله تعالى: (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) .
قال ذلك هنا بتعريف الجنسِ، ليناسب ما قبلَه من التعبير بالجنس، في قوله تعالى " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الِإنْسَانَ "" والجَانَّ خَلَقْنَاهُ "" فَسَجَدَ المَلَائِكَةُ ".
وقال في " ص ": (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتي إِلى يَوْمِ الدِّين) . بالإِضافة، ليناسب ما قبله من قوله " مَا مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بَيَدِيَّ "؟.
4 -
قوله تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) .
قاله هنا يزيادة " إِخْوَاناً " لأنه نزل في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقاله في غير هذه السورة بدونهم، لأنه نزل في عامَّة المؤمنين.
5 -
قوله تعالى: (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُواسَلَاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) .
حذف منه قبل قال اختصاراً، قولَه في هود " قالَ سلامٌ " وفي هود (قالوا سَلَاماً قال سَلَامٌ فما لبث أن جَاءَ بعجلٍ حنيذٍ. فلمَّا رأى أيديَهمْ لا تَصِلُ إليهِ نكرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنهُمْ خِيفَةً) فحُذف للدلالة عليه.
6 -
قوله تعالى: (قَالُوا لَا تَوْجَلْ إنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَام عَلِيمً) .
" لا تَوْجَلْ " أي لا تخف، وبه عبَّر في هود
توسعةً في التعبير عن الشيءِ الواحدِ بمتساوييْن، وخصَّ ما هنا بالأول لموافقته قولَه:" إنا منكمْ وَجِلُونَ " وما في هود بالثاني لموافقتهِ قولَه: " خِيفَةً ".
7 -
قوله تعالى: (إلّاَ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إنَّهَا لَمِنَ الغَابِرِينَ) .
إسنادُ التقديرِ إلى الملائكةِ مجازٌ، إذِ المقدِّر حقيقةً هو الله تعالى، وهذا كما يقول خواصُّ المَلِكِ: دبَّرنا كذا، وأمرنا بكذا، والمدَبِّر، والآمرُ هو الملِكُ، وفي ذلك إظهارٌ لمزيد قربهم بالملك.
8 -
قوله تعالى: (إنَّ في ذلِكَ لأيَاتٍ لِلْمُتَوسِّمِينَ. وإنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ. إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنينَ) .
إن قلتَ: كيف جمع الآية أولًا، ووحَّدها ثانياً، والقصَةُ واحدةٌ؟!
قلت: جمع أولًا باعتبار تعدُّد ما قصَّ من حديث
لوطٍ، وضيف إبراهيم، وتعرُّض أهلِ لوطٍ لهم، وما كان من إهلاكهم، وقلب المدينة على من فيها، وإمطار الحجارة على من غاب عنها.
ووحَّد ثانياً: باعتبار وحْدَةٍ قرية قوم لوط، المُشار
إليها بقوله: " وَإنَّهَا لَبِسبِيلٍ مُقِيمٍ ".
9 -
قوله تعالى: (وَلَقَدْ كذَّبَ أَصحَابُ الحِجْرِ المُرسَلِينَ) .
" الحِجْر " اسمُ واديهم أو مدينتهم.
فإن قلتَ: أصحابهُ وهم قومُ صالحٍ، إنما كذبوا صالحاً، لأنه المُرْسلُ إليهم، لا المُرْسَلينَ كلَّهُم؟!
قلتُ: من كذَّب رسولًا واحداً، كذَّب جميع الرُّسل، لاتفاقهم في دعوة النَّاس إلى توحيد اللَّهِ تعالى.
10 -
قوله تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُون)
إن قلتَ: كيف قال ذلك هنا، وقال في الرحمن (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْألُ عَنْ ذَنْبِهِ إنسٌ وَلَا جَانٌّ) ؟
قلتُ: لأن في يوم القيامة مواقف، ففي بعضها يُسألون، وفي بعضها لا يُسألون، وتقدَّم نظيرُه في هود. أو لأن المراد هنا أنهم يُسألون سؤال توبيخٍ، وهو لم فعلتم أو نحوه، وثَمَّ لا يُسألون سؤال استعلامٍ واستخبار.
" تَمَّتْ سُورَةُ الحِجْر "