الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الغاشية
هي ست وعشرون آية، وهي مكية بلا خلاف، أَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وَالنَّحَّاسُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْغَاشِيَةِ بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَقْرَأُ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَالْغَاشِيَةَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ، وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ» .
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة الغاشية (88) : الآيات 1 الى 26]
بسم الله الرحمن الرحيم
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (2) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (3) تَصْلى نَارًا حامِيَةً (4)
تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَاّ مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (8) لِسَعْيِها راضِيَةٌ (9)
فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ (10) لَا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (11) فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (12) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (14)
وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16) أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19)
وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلَاّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (24)
إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (26)
قَوْلُهُ: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: هَلْ هُنَا بِمَعْنَى قَدْ، وَبِهِ قَالَ قُطْرُبٌ، أَيْ: قَدْ جَاءَكَ يَا مُحَمَّدُ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ، وَهِيَ الْقِيَامَةُ لِأَنَّهَا تَغْشَى الْخَلَائِقَ بِأَهْوَالِهَا. وَقِيلَ: إِنَّ بَقَاءَ هَلْ هُنَا عَلَى مَعْنَاهَا الِاسْتِفْهَامِيِّ الْمُتَضَمِّنِ لِلتَّعْجِيبِ مِمَّا فِي خَبَرِهِ، وَالتَّشْوِيقِ إِلَى اسْتِمَاعِهِ أَوْلَى. وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَاشِيَةِ هُنَا الْقِيَامَةُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: الْغَاشِيَةُ: النَّارُ تَغْشَى وُجُوهَ الْكُفَّارِ كَمَا في قوله: وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ «1» . وَقِيلَ: الْغَاشِيَةُ أَهْلُ النَّارِ لِأَنَّهُمْ يَغْشُونَهَا وَيَقْتَحِمُونَهَا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَالَ الْكَلْبِيُّ: الْمَعْنَى إِنْ لَمْ يَكُنْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ، فَقَدْ أَتَاكَ، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا هُوَ؟ أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا نَحْوِيًّا لِبَيَانِ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ كَوْنٍ ثُمَّ وُجُوهٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مُتَّصِفَةٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَوُجُوهٌ مُرْتَفِعٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَإِنْ كَانَتْ نَكِرَةً لِوُقُوعِهِ فِي مَقَامِ التَّفْصِيلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي سُورَةِ الْقِيَامَةِ، وَفِي سُورَةِ النَّازِعَاتِ. وَالتَّنْوِينُ فِي يَوْمَئِذٍ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ: يَوْمَ غَشَيَانِ الْغَاشِيَةِ، وَالْخَاشِعَةُ: الذَّلِيلَةُ الْخَاضِعَةُ، وَكُلُّ مُتَضَائِلٍ سَاكِنٍ يُقَالُ لَهُ خَاشِعٌ، يُقَالُ: خَشَعَ الصَّوْتُ إِذَا خَفِيَ، وَخَشَعَ فِي صِلَاتِهِ إِذَا تَذَلَّلَ وَنَكَّسَ رَأْسَهُ. وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوهِ هنا أصحابها.
(1) . إبراهيم: 50.