الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة التّحريم
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، وَتُسَمَّى سُورَةَ النَّبِيِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ وَالنَّحَّاسُ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ التَّحْرِيمِ بِالْمَدِينَةِ، وَلَفْظُ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ سُورَةُ الْمُحَرَّمِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أنزلت بالمدينة سورة النساء يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ.
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة التحريم (66) : الآيات 1 الى 5]
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (4)
عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً (5)
قوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ اخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ عَلَى أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ حَفْصَةَ فَزَارَتْ أَبَاهَا، فَلَمَّا رَجَعَتْ أَبْصَرَتْ مَارِيَةَ فِي بَيْتِهَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ تَدْخُلْ حَتَّى خَرَجَتْ مَارِيَةُ ثُمَّ دَخَلَتْ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِ حَفْصَةَ الْغَيْرَةَ وَالْكَآبَةَ قَالَ لَهَا: لَا تُخْبِرِي عَائِشَةَ وَلَكِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَقَرَبُهَا أَبَدًا، فَأَخْبَرَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ وَكَانَتَا مُتَصَافِيَتَيْنِ، فَغَضِبَتْ عَائِشَةُ وَلَمْ تَزَلْ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرُبُ مَارِيَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ السُّورَةَ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي حَفْصَةَ، وَذَكَرَ الْقِصَّةَ. وَقِيلَ: السَّبَبُ أَنَّهُ كَانَ صلى الله عليه وسلم يَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَتَوَاطَأَتْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ أَنْ تَقُولَا لَهُ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِمَا: إِنَّا نَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ. وَقِيلَ: السَّبَبُ الْمَرْأَةُ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَسَيَأْتِي دَلِيلُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ آخِرَ الْبَحْثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَسَتَعْرِفُ كَيْفِيَّةَ الجمع بينهما، وجملة تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ مُسْتَأْنَفَةٌ، أَوْ مُفَسِّرَةٌ لِقَوْلِهِ:
«تُحَرِّمُ» ، أَوْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ تُحَرِّمُ، أَيْ: مُبْتَغِيًا بِهِ مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ، وَمَرْضَاةُ اسم مصدر، وهو الرضى، وَأَصْلُهُ مَرْضُوَةُ، وَهُوَ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ، أَيْ: أَنْ تُرْضِيَ أَزْوَاجَكَ، أَوْ إِلَى الْفَاعِلِ، أَيْ:
أَنْ يَرْضَيْنَ هُنَّ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَيْ: بَلِيغُ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِمَا فَرَطَ مِنْكَ مِنْ تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ،