المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الذاريات (51) : الآيات 38 الى 60] - فتح القدير للشوكاني - جـ ٥

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الخامس

- ‌سورة الجاثية

- ‌[سورة الجاثية (45) : الآيات 1 الى 15]

- ‌[سورة الجاثية (45) : الآيات 16 الى 26]

- ‌[سورة الجاثية (45) : الآيات 27 الى 37]

- ‌سورة الأحقاف

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 10 الى 16]

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 21 الى 28]

- ‌[سورة الأحقاف (46) : الآيات 29 الى 35]

- ‌سورة محمّد

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 13 الى 19]

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 20 الى 31]

- ‌[سورة محمد (47) : الآيات 32 الى 38]

- ‌سورة الفتح

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 1 الى 7]

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 8 الى 15]

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 16 الى 24]

- ‌[سورة الفتح (48) : الآيات 25 الى 29]

- ‌سورة الحجرات

- ‌[سورة الحجرات (49) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة الحجرات (49) : الآيات 9 الى 12]

- ‌[سورة الحجرات (49) : الآيات 13 الى 18]

- ‌سورة ق

- ‌[سورة ق (50) : الآيات 1 الى 15]

- ‌[سورة ق (50) : الآيات 16 الى 35]

- ‌[سورة ق (50) : الآيات 36 الى 45]

- ‌سورة الذّاريات

- ‌[سورة الذاريات (51) : الآيات 1 الى 23]

- ‌[سورة الذاريات (51) : الآيات 24 الى 37]

- ‌[سورة الذاريات (51) : الآيات 38 الى 60]

- ‌سورة الطّور

- ‌[سورة الطور (52) : الآيات 1 الى 20]

- ‌[سورة الطور (52) : الآيات 21 الى 34]

- ‌[سورة الطور (52) : الآيات 35 الى 49]

- ‌سورة النجم

- ‌[سورة النجم (53) : الآيات 1 الى 26]

- ‌[سورة النجم (53) : الآيات 27 الى 42]

- ‌[سورة النجم (53) : الآيات 43 الى 62]

- ‌سورة القمر

- ‌[سورة القمر (54) : الآيات 1 الى 17]

- ‌[سورة القمر (54) : الآيات 18 الى 40]

- ‌[سورة القمر (54) : الآيات 41 الى 55]

- ‌سورة الرّحمن

- ‌[سورة الرحمن (55) : الآيات 1 الى 25]

- ‌[سورة الرحمن (55) : الآيات 26 الى 45]

- ‌[سورة الرحمن (55) : الآيات 46 الى 78]

- ‌سورة الواقعة

- ‌[سورة الواقعة (56) : الآيات 1 الى 26]

- ‌[سورة الواقعة (56) : الآيات 27 الى 56]

- ‌[سورة الواقعة (56) : الآيات 57 الى 74]

- ‌[سورة الواقعة (56) : الآيات 75 الى 96]

- ‌سورة الحديد

- ‌[سورة الحديد (57) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة الحديد (57) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة الحديد (57) : الآيات 12 الى 15]

- ‌[سورة الحديد (57) : الآيات 16 الى 19]

- ‌[سورة الحديد (57) : الآيات 20 الى 24]

- ‌[سورة الحديد (57) : الآيات 25 الى 29]

- ‌سورة المجادلة

- ‌[سورة المجادلة (58) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة المجادلة (58) : الآيات 5 الى 10]

- ‌[سورة المجادلة (58) : الآيات 11 الى 13]

- ‌[سورة المجادلة (58) : الآيات 14 الى 22]

- ‌سورة الحشر

- ‌[سورة الحشر (59) : الآيات 1 الى 7]

- ‌[سورة الحشر (59) : الآيات 8 الى 10]

- ‌[سورة الحشر (59) : الآيات 11 الى 20]

- ‌[سورة الحشر (59) : الآيات 21 الى 24]

- ‌سورة الممتحنة

- ‌[سورة الممتحنة (60) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الممتحنة (60) : الآيات 4 الى 9]

- ‌[سورة الممتحنة (60) : الآيات 10 الى 13]

- ‌سورة الصّفّ

- ‌[سورة الصف (61) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة الصف (61) : الآيات 10 الى 14]

- ‌سورة الجمعة

- ‌[سورة الجمعة (62) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة الجمعة (62) : الآيات 9 الى 11]

- ‌سورة المنافقون

- ‌[سورة المنافقون (63) : الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة المنافقون (63) : الآيات 9 الى 11]

- ‌سورة التغابن

- ‌[سورة التغابن (64) : الآيات 1 الى 6]

- ‌[سورة التغابن (64) : الآيات 7 الى 13]

- ‌[سورة التغابن (64) : الآيات 14 الى 18]

- ‌سورة الطّلاق

- ‌[سورة الطلاق (65) : الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الطلاق (65) : الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الطلاق (65) : الآيات 8 الى 12]

- ‌سورة التّحريم

- ‌[سورة التحريم (66) : الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة التحريم (66) : الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة التحريم (66) : الآيات 9 الى 12]

- ‌سورة الملك

- ‌[سورة الملك (67) : الآيات 1 الى 11]

- ‌[سورة الملك (67) : الآيات 12 الى 21]

- ‌[سورة الملك (67) : الآيات 22 الى 30]

- ‌سورة القلم

- ‌[سورة القلم (68) : الآيات 1 الى 16]

- ‌[سورة القلم (68) : الآيات 17 الى 33]

- ‌[سورة القلم (68) : الآيات 34 الى 52]

- ‌سورة الحاقّة

- ‌[سورة الحاقة (69) : الآيات 1 الى 18]

- ‌[سورة الحاقة (69) : الآيات 19 الى 52]

- ‌سورة المعارج

- ‌[سورة المعارج (70) : الآيات 1 الى 18]

- ‌[سورة المعارج (70) : الآيات 19 الى 39]

- ‌[سورة المعارج (70) : الآيات 40 الى 44]

- ‌سورة نوح

- ‌[سورة نوح (71) : الآيات 1 الى 20]

- ‌[سورة نوح (71) : الآيات 21 الى 28]

- ‌سورة الجنّ

- ‌[سورة الجن (72) : الآيات 1 الى 13]

- ‌[سورة الجن (72) : الآيات 14 الى 28]

- ‌سورة المزّمّل

- ‌[سورة المزمل (73) : الآيات 1 الى 18]

- ‌[سورة المزمل (73) : الآيات 19 الى 20]

- ‌سورة المدّثّر

- ‌[سورة المدثر (74) : الآيات 1 الى 30]

- ‌[سورة المدثر (74) : الآيات 31 الى 37]

- ‌[سورة المدثر (74) : الآيات 38 الى 56]

- ‌سورة القيمة

- ‌[سورة القيامة (75) : الآيات 1 الى 25]

- ‌[سورة القيامة (75) : الآيات 26 الى 40]

- ‌سورة الإنسان

- ‌[سورة الإنسان (76) : الآيات 1 الى 12]

- ‌[سورة الإنسان (76) : الآيات 13 الى 22]

- ‌[سورة الإنسان (76) : الآيات 23 الى 31]

- ‌سورة المرسلات

- ‌[سورة المرسلات (77) : الآيات 1 الى 28]

- ‌[سورة المرسلات (77) : الآيات 29 الى 50]

- ‌سورة النّبأ

- ‌[سورة النبإ (78) : الآيات 1 الى 30]

- ‌[سورة النبإ (78) : الآيات 31 الى 40]

- ‌سورة النّازعات

- ‌[سورة النازعات (79) : الآيات 1 الى 26]

- ‌[سورة النازعات (79) : الآيات 27 الى 46]

- ‌سورة عبس

- ‌[سورة عبس (80) : الآيات 1 الى 42]

- ‌سورة التّكوير

- ‌[سورة التكوير (81) : الآيات 1 الى 29]

- ‌سورة الانفطار

- ‌[سورة الانفطار (82) : الآيات 1 الى 19]

- ‌سورة المطفّفين

- ‌[سورة المطففين (83) : الآيات 1 الى 17]

- ‌[سورة المطففين (83) : الآيات 18 الى 36]

- ‌سورة الانشقاق

- ‌[سورة الانشقاق (84) : الآيات 1 الى 25]

- ‌سورة البروج

- ‌[سورة البروج (85) : الآيات 1 الى 22]

- ‌سورة الطّارق

- ‌[سورة الطارق (86) : الآيات 1 الى 17]

- ‌سورة الأعلى

- ‌[سورة الأعلى (87) : الآيات 1 الى 19]

- ‌سورة الغاشية

- ‌[سورة الغاشية (88) : الآيات 1 الى 26]

- ‌سورة الفجر

- ‌[سورة الفجر (89) : الآيات 1 الى 14]

- ‌[سورة الفجر (89) : الآيات 15 الى 30]

- ‌سورة البلد

- ‌[سورة البلد (90) : الآيات 1 الى 20]

- ‌سورة الشمس

- ‌[سورة الشمس (91) : الآيات 1 الى 15]

- ‌سورة الليل

- ‌[سورة الليل (92) : الآيات 1 الى 21]

- ‌سورة الضّحى

- ‌[سورة الضحى (93) : الآيات 1 الى 11]

- ‌سورة الشرح

- ‌[سورة الشرح (94) : الآيات 1 الى 8]

- ‌سورة التّين

- ‌[سورة التين (95) : الآيات 1 الى 8]

- ‌سورة العلق

- ‌[سورة العلق (96) : الآيات 1 الى 19]

- ‌سورة القدر

- ‌[سورة القدر (97) : الآيات 1 الى 5]

- ‌سورة البيّنة

- ‌[سورة البينة (98) : الآيات 1 الى 8]

- ‌سورة الزّلزلة

- ‌[سورة الزلزلة (99) : الآيات 1 الى 8]

- ‌سورة العاديات

- ‌[سورة العاديات (100) : الآيات 1 الى 11]

- ‌سورة القارعة

- ‌[سورة القارعة (101) : الآيات 1 الى 11]

- ‌سورة التّكاثر

- ‌[سورة التكاثر (102) : الآيات 1 الى 8]

- ‌سورة العصر

- ‌[سورة العصر (103) : الآيات 1 الى 3]

- ‌سورة الهمزة

- ‌[سورة الهمزة (104) : الآيات 1 الى 9]

- ‌سورة الفيل

- ‌[سورة الفيل (105) : الآيات 1 الى 5]

- ‌سورة قريش

- ‌[سورة قريش (106) : الآيات 1 الى 4]

- ‌سورة الماعون

- ‌[سورة الماعون (107) : الآيات 1 الى 7]

- ‌سورة الكوثر

- ‌[سورة الكوثر (108) : الآيات 1 الى 3]

- ‌سورة الكافرون

- ‌[سورة الكافرون (109) : الآيات 1 الى 6]

- ‌سورة النّصر

- ‌[سورة النصر (110) : الآيات 1 الى 3]

- ‌سورة المسد

- ‌[سورة المسد (111) : الآيات 1 الى 5]

- ‌سورة الإخلاص

- ‌[سورة الإخلاص (112) : الآيات 1 الى 4]

- ‌سورة الفلق

- ‌[سورة الفلق (113) : الآيات 1 الى 5]

- ‌سورة النّاس

- ‌[سورة الناس (114) : الآيات 1 الى 6]

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌[سورة الذاريات (51) : الآيات 38 الى 60]

تَقْدِيمُ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى اللُّغَوِيَّةِ، وَالْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ هَذِهِ الَّتِي أَخْبَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وإجابة سُؤَالَ السَّائِلِ لَهُ عَنْ ذَلِكَ بِهَا وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ أَيْ: وَتَرْكَنَا فِي تِلْكَ الْقُرَى عَلَامَةً وَدَلَالَةً تَدُلُّ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ، كُلَّ مَنْ يَخَافُ عَذَابَ اللَّهِ وَيَخْشَاهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ آثَارُ الْعَذَابِ فِي تِلْكَ الْقُرَى، فَإِنَّهَا ظَاهِرَةٌ بَيِّنَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الْحِجَارَةُ الَّتِي رُجِمُوا بِهَا، وَإِنَّمَا خَصَّ الَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يَتَّعِظُونَ بِالْمَوَاعِظِ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي الْآيَاتِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا يَخَافُ ذَلِكَ، وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ الْمُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أبي حاتم عن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فِي صَرَّةٍ قَالَ: فِي صَيْحَةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها قَالَ: لَطَمَتْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: لُوطٍ وَابْنَتَيْهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانُوا ثلاثة عشر.

[سورة الذاريات (51) : الآيات 38 الى 60]

وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَاّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42)

وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (43) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (44) فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (45) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (46) وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47)

وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (48) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51) كَذلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَاّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52)

أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)

إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ (59) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60)

قَوْلُهُ: وَفِي مُوسى مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ «فِيهَا» بِإِعَادَةِ الْخَافِضِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَتَرَكْنَا فِي قِصَّةِ مُوسَى آيَةً، أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى وَفِي الْأَرْضِ وَالتَّقْدِيرُ: وَفِي الْأَرْضِ وَفِي مُوسَى آيَاتٌ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ وَابْنُ عَطِيَّةَ وَالزَّمَخْشَرِيُّ. قَالَ أَبُو حَيَّانَ: وَهُوَ بِعِيدٌ جِدًّا يُنَزَّهُ الْقُرْآنُ عَنْ مثله. ويجوز أن يكون متعلقا بجعلنا مقدّر لِدَلَالَةِ وَتَرَكْنا عَلَيْهِ قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَفَ عَلَى «وَتَرَكْنا» عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِ الْقَائِلِ:

عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا

وَالتَّقْدِيرُ: وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً، وَجَعَلْنَا فِي مُوسَى آيَةً. قَالَ أَبُو حَيَّانَ: وَلَا حَاجَةَ إِلَى إِضْمَارِ وَجَعَلْنَا لِأَنَّهُ قَدْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِي الْمَجْرُورِ: وَتَرَكْنَا. وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ هُوَ الْأَوْلَى، وَمَا عَدَاهُ مُتَكَلَّفٌ مُتَعَسَّفٌ لَمْ تُلْجِئْ

ص: 107

إِلَيْهِ حَاجَةٌ، وَلَا دَعَتْ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بمحذوف هو نعت لآية، أَيْ: كَائِنَةً وَقْتَ أَرْسَلْنَاهُ، أَوْ بِآيَةٍ نَفْسِهَا، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَالسُّلْطَانُ الْمُبِينُ: الْحُجَّةُ الظَّاهِرَةُ الْوَاضِحَةُ، وهي العصي وما معه مِنَ الْآيَاتِ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ التَّوَلِّي: الْإِعْرَاضُ، وَالرُّكْنُ: الْجَانِبُ.

قَالَهُ الْأَخْفَشُ. وَالْمَعْنَى: أَعْرَضَ بِجَانِبِهِ كَمَا في قوله: أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ «1» قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: رُكْنُ الشَّيْءِ جَانِبُهُ الْأَقْوَى، وَهُوَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، أَيْ: عِزٍّ وَمَنَعَةٍ. وقال ابن زيد ومجاهد وغير هما: الرُّكْنُ جَمْعُهُ وَجُنُودُهُ الَّذِينَ كَانَ يَتَقَوَّى بِهِمْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ «2» أَيْ: عَشِيرَةٍ وَمَنَعَةٍ، وَقِيلَ:

الرُّكْنُ: نَفْسُ الْقُوَّةِ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:

فَمَا أَوْهَى مِرَاسُ الْحَرْبِ رُكْنِي

وَلَكِنْ مَا تَقَادَمَ مِنْ زَمَانِي

وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَيْ: قَالَ فِرْعَوْنُ فِي حَقِّ مُوسَى: هُوَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، فَرَدَّدَ فِيمَا رَآهُ مِنْ أَحْوَالِ مُوسَى بَيْنَ كَوْنِهِ سَاحِرًا أَوْ مَجْنُونًا، وَهَذَا مِنَ اللَّعِينِ مُغَالَطَةٌ وَإِيهَامٌ لِقَوْمِهِ، فَإِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ مَا رَآهُ مِنَ الْخَوَارِقِ لَا يَتَيَسَّرُ عَلَى يَدِ سَاحِرٍ، وَلَا يَفْعَلُهُ مَنْ به جنون. وقيل: إنّ «أو» بمعنى واو، لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ ذَلِكَ جَمِيعًا وَلَمْ يَتَرَدَّدْ، قَالَهُ الْمُؤَرِّجُ وَالْفَرَّاءُ، كَقَوْلِهِ: وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً «3» أَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ

أَيْ: طَرَحْنَاهُمْ فِي الْبَحْرِ، وجملة هُوَ مُلِيمٌ

فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ: آتٍ بِمَا يُلَامُ عَلَيْهِ حِينَ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ، وَكَفَرَ بِاللَّهِ، وَطَغَى فِي عِصْيَانِهِ وَفِي عادٍ أَيْ: وَتَرَكْنَا فِي قِصَّةِ عَادٍ آيَةً إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ وَهِيَ الَّتِي لَا خَيْرَ فِيهَا وَلَا بَرَكَةَ، لَا تُلَقِّحُ شَجَرًا وَلَا تَحْمِلُ مَطَرًا، إِنَّمَا هِيَ رِيحُ الْإِهْلَاكِ وَالْعَذَابِ، ثُمَّ وَصَفَ سُبْحَانَهُ هَذِهِ الرِّيحَ فَقَالَ: مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ أَيْ: مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَنْعَامِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالشَّيْءِ الْهَالِكِ الْبَالِي. قَالَ الشَّاعِرُ «4» :

تَرَكَتْنِي حِينَ كَفَّ الدَّهْرُ مِنْ بَصَرِي

وَإِذْ بَقِيتُ كَعَظْمِ الرِّمَّةِ الْبَالِي

وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّهُ الَّذِي دِيسَ مِنْ يَابِسِ النَّبَاتِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ: إِنَّهُ التُّرَابُ الْمَدْقُوقُ، وَقَالَ قُطْرُبٌ: إِنَّهُ الرَّمَادُ، وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنْ رَمَّ الْعَظْمُ: إِذَا بَلِيَ فَهُوَ رَمِيمٌ، وَالرِّمَّةُ: الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ أَيْ: وَتَرَكْنَا فِي قِصَّةِ ثَمُودَ آيَةً وَقْتَ قلنا لهم: عيشوا بِالدُّنْيَا إِلَى حِينِ وَقْتِ الْهَلَاكِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ «5» فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ أَيْ: تَكَبَّرُوا عَنِ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهِيَ كُلُّ عَذَابٍ مُهْلِكٍ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: الصَّاعِقَةُ وَقَرَأَ عُمَرُ

(1) . الإسراء: 83.

(2)

. هود: 80.

(3)

. هو جرير.

(4)

. الإنسان: 24.

(5)

. هود: 65.

ص: 108

ابن الْخَطَّابِ وَحُمَيْدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْكِسَائِيُّ «الصَّعْقَةُ» . وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى الصَّاعِقَةِ فِي الْبَقَرَةِ، وَفِي مَوَاضِعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ أَيْ: يَرَوْنَهَا عَيَانًا، وَالْجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: إِنَّ الْمَعْنَى:

يَنْتَظِرُونَ مَا وُعِدُوهُ مِنَ الْعَذَابِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ أَيْ: لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْقِيَامِ. قَالَ قَتَادَةُ: مِنْ نُهُوضٍ، يَعْنِي لَمْ يَنْهَضُوا مِنْ تِلْكَ الصَّرْعَةِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ عَجَزُوا عَنِ الْقِيَامِ فَضْلًا عَنِ الْهَرَبِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ «1» . وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ أَيْ: مُمْتَنِعِينَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ بِغَيْرِهِمْ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ أَيْ: مِنْ قَبْلِ هَؤُلَاءِ الْمُهْلَكِينَ، فَإِنَّ زَمَانَهُمْ مُتَقَدِّمٌ عَلَى زَمَنِ فِرْعَوْنَ وَعَادٍ وَثَمُودَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ أَيْ: خَارِجِينَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ. قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو بِخَفْضِ قَوْمٍ أَيْ: وَفِي قَوْمِ نُوحٍ آيَةٌ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالنَّصْبِ، أَيْ: وَأَهْلَكْنَا قَوْمَ نُوحٍ، أَوْ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَفْعُولِ أَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ، أَوْ عَلَى مَفْعُولِ نَبَذْنَاهُمْ، أَيْ: نَبَذْنَاهُمْ وَنَبَذْنَا قَوْمَ نُوحٍ، أَوْ يَكُونُ الْعَامِلُ فِيهِ اذْكُرْ وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ أَيْ: بِقُوَّةٍ وَقُدْرَةٍ، قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِنَصْبِ السَّمَاءَ عَلَى الِاشْتِغَالِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَبَنَيْنَا السَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا. وقرأ أبو السمال وَابْنُ مِقْسَمٍ بِرَفْعِهَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ الْمُوَسِعُ: ذُو الْوُسْعِ وَالسَّعَةِ، وَالْمَعْنَى: إِنَّا لَذُو سَعَةٍ بِخَلْقِهَا وَخَلْقِ غَيْرِهَا لَا نَعْجِزُ عَنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: لَقَادِرُونَ، مِنَ الْوُسْعِ بِمَعْنَى الطَّاقَةِ وَالْقُدْرَةِ، وَقِيلَ: إِنَّا لَمُوسِعُونَ الرِّزْقَ بِالْمَطَرِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَأَوْسَعَ الرَّجُلُ: صَارَ ذَا سَعَةٍ وَغِنًى وَالْأَرْضَ فَرَشْناها قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِنَصْبِ الْأَرْضَ عَلَى الاشتغال. وقرأ أبو السمال وَابْنُ مِقْسَمٍ بِرَفْعِهَا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَالسَّماءَ بَنَيْناها وَمَعْنَى فَرَشْنَاهَا: بَسَطْنَاهَا كَالْفِرَاشِ فَنِعْمَ الْماهِدُونَ أَيْ: نَحْنُ، يُقَالُ: مَهَدْتُ الْفِرَاشَ: بَسَطْتُهُ وَوَطَّأْتُهُ، وَتَمْهِيدُ الْأُمُورِ: تَسْوِيَتُهَا وَإِصْلَاحُهَا وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ أَيْ: صِنْفَيْنِ وَنَوْعَيْنِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَبَرٍّ وَبَحْرٍ، وَشَمْسٍ وَقَمَرٍ، وَحُلْوٍ وَمُرٍّ، وَسَمَاءٍ وَأَرْضٍ، وَلَيْلٍ وَنَهَارٍ، وَنُورٍ وَظُلْمَةٍ، وَجِنٍّ وَإِنْسٍ، وَخَيْرٍ وَشَرٍّ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ أَيْ: خَلَقْنَا ذَلِكَ هَكَذَا لِتَتَذَكَّرُوا فَتَعْرِفُوا أَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَتَسْتَدِلُّوا بِذَلِكَ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَصِدْقِ وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَيْ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ مِنْ ذُنُوبِكُمْ عَنِ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، وَجُمْلَةُ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِالْفِرَارِ، وَقِيلَ: مَعْنَى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ اخْرُجُوا مِنْ مَكَّةَ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: احْتَرِزُوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ غَيْرِ اللَّهِ، فَمَنْ فَرَّ إِلَى غَيْرِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْهُ. وَقِيلَ: فِرُّوا مِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَةِ الرَّحْمَنِ، وَقِيلَ: فِرُّوا مِنَ الْجَهْلِ إِلَى الْعِلْمِ، وَمَعْنَى إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ أَيْ: مِنْ جِهَتِهِ مُنْذِرٌ بَيِّنُ الْإِنْذَارِ وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ نَهَاهُمْ عَنِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ بَعْدَ أَمْرِهِمْ بِالْفِرَارِ إِلَى اللَّهِ، وَجُمْلَةُ:

إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ كَذلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ فِي هَذَا تَسْلِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبَيَانِ أَنَّ هَذَا شَأْنُ الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَأَنَّ مَا وَقَعَ مِنَ الْعَرَبِ مِنَ التَّكْذِيبِ لرسول الله، وَوَصْفِهِ بِالسِّحْرِ وَالْجُنُونِ، قَدْ كَانَ مِمَّنْ قَبْلَهُمْ لرسلهم، وكَذلِكَ في محل رفع على أنه

(1) . الأعراف: 78.

ص: 109

خبر مَحْذُوفٍ، أَيِ: الْأَمْرُ كَذَلِكَ. ثُمَّ فَسَّرَ مَا أَجْمَلَهُ بِقَوْلِهِ: مَا أَتَى إِلَخْ، أَوْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: أُنْذِرُكُمْ إِنْذَارًا كَإِنْذَارِ مَنْ تَقَدَّمَنِي مِنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ أَنْذَرُوا قَوْمَهُمْ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى أَتَواصَوْا بِهِ الِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ وَالتَّعْجِيبِ مِنْ حَالِهِمْ، أَيْ: هَلْ أوصى أوّلهم آخرهم بالتكذيب وتواطؤوا عليه بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ إضراب على التَّوَاصِي إِلَى مَا جَمَعَهُمْ مِنَ الطُّغْيَانِ، أَيْ: لَمْ يَتَوَاصَوْا بِذَلِكَ، بَلْ جَمَعَهُمُ الطُّغْيَانُ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي الْكُفْرِ. ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ فَقَالَ: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ أَيْ: أَعْرِضْ عَنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْ جِدَالِهِمْ وَدُعَائِهِمْ إِلَى الْحَقِّ، فَقَدْ فَعَلْتَ مَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ وَبَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ عِنْدَ اللَّهِ بَعْدَ هَذَا لِأَنَّكَ قَدْ أَدَّيْتَ مَا عَلَيْكَ، وَهَذَا مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ. ثُمَّ لَمَّا أَمَرَهُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ أَمَرَهُ بِأَنْ لَا يَتْرُكَ التَّذْكِيرَ وَالْمَوْعِظَةَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، فَقَالَ: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الْكَلْبِيُّ: الْمَعْنَى عِظْ بِالْقُرْآنِ مَنْ آمَنَ مِنْ قَوْمِكَ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُهُمْ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: عِظْ كُفَّارَ مَكَّةَ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يُؤْمِنُ. وَقِيلَ: ذَكِّرْهُمْ بِالْعُقُوبَةِ وَأَيَّامِ اللَّهِ، وَخَصَّ الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّذْكِيرِ لِأَنَّهُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِهِ، وَجُمْلَةُ وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا لِأَنَّ كَوْنَ خَلْقِهِمْ لِمُجَرَّدِ الْعِبَادَةِ مِمَّا يُنَشِّطُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلتَّذْكِيرِ، وَيُنَشِّطُهُمْ لِلْإِجَابَةِ. قِيلَ: هَذَا خَاصٌّ فِي من سبق في عِلْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ يَعْبُدُهُ، فَهُوَ عُمُومٌ مُرَادٌ بِهِ الْخُصُوصُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذَا خَاصٌّ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ، يَعْنِي مَنْ أُهِّلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْكَلْبِيِّ وَالضَّحَّاكِ وَاخْتِيَارُ الْفَرَّاءِ وَابْنِ قُتَيْبَةَ.

قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَالْآيَةُ دَخَلَهَا التَّخْصِيصُ بِالْقَطْعِ، لِأَنَّ الْمَجَانِينَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالْعِبَادَةِ وَلَا أَرَادَهَا مِنْهُمْ، وَقَدْ قَالَ:

وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ «1» وَمَنْ خُلِقَ لِجَهَنَّمَ لَا يَكُونُ مِمَّنْ خُلِقَ لِلْعِبَادَةِ. فَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ:«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّ الْمَعْنَى: إِلَّا لِيَعْرِفُونِي. قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْلُقْهُمْ لَمَا عُرِفَ وُجُودُهُ وَتَوْحِيدُهُ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمَعْنَى إِلَّا لِآمُرَهُمْ وَأَنْهَاهُمْ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ «2» وَاخْتَارَ هَذَا الزَّجَّاجُ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ:

هُوَ مَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنَ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ، فَخَلَقَ السُّعَدَاءَ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لِلْعِبَادَةِ، وَخَلَقَ الْأَشْقِيَاءَ لِلْمَعْصِيَةِ.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الْمَعْنَى إِلَّا لِيُوَحِّدُونِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيُوَحِّدُهُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُوَحِّدُهُ فِي الشِّدَّةِ دُونَ النِّعْمَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ «3» وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إِلَّا لِيَخْضَعُوا لِي وَيَتَذَلَّلُوا، وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ فِي اللُّغَةِ: الذُّلُّ وَالْخُضُوعُ وَالِانْقِيَادُ، وَكُلُّ مَخْلُوقٍ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ خَاضِعٌ لِقَضَاءِ اللَّهِ، مُتَذَلِّلٌ لِمَشِيئَتِهِ، مُنْقَادٌ لِمَا قَدَّرَهُ عَلَيْهِ. خَلَقَهُمْ عَلَى مَا أَرَادَ، وَرَزَقَهُمْ كَمَا قَضَى، لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا. ووجه تقديم الجن على الإنس ها هنا تَقَدُّمُ وَجُودِهِمْ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِيهَا بَيَانُ اسْتِغْنَائِهِ سُبْحَانَهُ عَنْ عِبَادِهِ، وَأَنَّهُ لَا يريد منهم منفعة كما تريده السادة

(1) . الأعراف: 179.

(2)

. التوبة: 31. [.....]

(3)

. لقمان: 32.

ص: 110

مِنْ عَبِيدِهِمْ، بَلْ هُوَ الْغَنِيُّ الْمُطْلَقُ الرَّازِقُ الْمُعْطِي. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ أَنْ يَرْزُقُوا أَحَدًا مِنْ خَلْقِي وَلَا أَنْ يَرْزُقُوا أَنْفُسَهُمْ، وَلَا يُطْعِمُوا أَحَدًا مِنْ خَلْقِي وَلَا يُطْعِمُوا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنَّمَا أَسْنَدَ الْإِطْعَامَ إِلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ الْخَلْقَ عِيَالُ اللَّهِ، فَمَنْ أَطْعَمَ عِيَالَ اللَّهِ فَهُوَ كَمَنْ أَطْعَمَهُ. وَهَذَا كَمَا وَرَدَ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«يَقُولُ اللَّهُ عَبْدِي اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي» أَيْ: لَمْ تُطْعِمْ عِبَادِي، وَ «مِنْ» فِي قَوْلِهِ: مِنْ رِزْقٍ زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ الْعُمُومِ.

ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ هُوَ الرَّزَّاقُ لَا غَيْرُهُ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ لَا رَزَّاقَ سِوَاهُ وَلَا مُعْطِيَ غَيْرُهُ، فَهُوَ الَّذِي يَرْزُقُ مَخْلُوقَاتِهُ، وَيَقُومُ بِمَا يُصْلِحُهُمْ، فَلَا يَشْتَغِلُوا بِغَيْرِ مَا خُلِقُوا لَهُ مِنَ الْعِبَادَةِ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ارْتِفَاعُ المتين على أنه وصف للرزاق، أو لذو، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ:

الرَّزَّاقُ وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ: «الرزاق» وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: الْمَتِينُ بِالرَّفْعِ، وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ بِالْجَرِّ صِفَةً لِلْقُوَّةِ، وَالتَّذْكِيرُ لِكَوْنِ تَأْنِيثِهَا غَيْرَ حَقِيقِيٍّ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانَ حَقُّهُ الْمَتِينَةِ، فَذَكَّرَهَا لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِهَا إِلَى الشَّيْءِ الْمُبْرَمِ الْمُحْكَمِ الْفَتْلِ، يُقَالُ: حَبْلٌ مَتِينٌ، أَيْ: مُحْكَمُ الْفَتْلِ، وَمَعْنَى الْمَتِينِ: الشَّدِيدُ الْقُوَّةِ هُنَا فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ أَيْ: ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، فَإِنَّ لَهُمْ ذَنُوبًا، أَيْ: نَصِيبًا مِنَ الْعَذَابِ مِثْلَ نَصِيبِ الْكُفَّارِ مِنَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ يَوْمٌ ذَنُوبٌ، أَيْ: طَوِيلُ الشَّرِّ لَا يَنْقَضِي، وَأَصْلُ الذَّنُوبِ فِي اللُّغَةِ الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ، ومن استعمال الذنوب في النصب مِنَ الشَّيْءِ قَوْلُ الشَّاعِرِ «1» :

لَعَمْرُكَ وَالْمَنَايَا طَارِقَاتٌ

لِكُلِّ بَنِي أَبٍ مِنْهَا ذَنُوبُ

وَمَا فِي الْآيَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ مُقَاسَمَةِ السُّقَاةِ الْمَاءَ بِالدَّلْوِ الْكَبِيرِ، فَهُوَ تَمْثِيلٌ، جَعَلَ الذَّنُوبَ مَكَانَ الْحَظِّ وَالنَّصِيبِ، قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ أَيْ: لَا يَطْلُبُوا مِنِّي أَنْ أُعَجِّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ، كَمَا فِي قَوْلِهِمْ: فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ «2» . فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ قِيلَ: هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: يَوْمُ بَدْرٍ، وَالْفَاءُ لِتَرْتِيبِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا.

وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ فِي قَوْلِهِ: فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِقَوْمِهِ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: الرِّيحَ الْعَقِيمَ قَالَ: الشَّدِيدَةُ الَّتِي لَا تُلَقِّحُ شَيْئًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: لَا تُلَقِّحُ الشَّجَرَ وَلَا تُثِيرُ السَّحَابَ، وَفِي قَوْلِهِ: إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ قَالَ: كَالشَّيْءِ الْهَالِكِ. وَأَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: الرِّيحُ:

الْعَقِيمُ النَّكْبَاءُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ قَالَ: بِقُوَّةٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي نَاسِخِهِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ فِي قَوْلِهِ: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ قَالَ: أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَتَوَلَّى عَنْهُمْ لِيُعَذِّبَهُمْ، وَعَذَرَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ فَنَسَخَتْهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي قَوْلُهُ: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ

(1) . هو أبو ذؤيب.

(2)

. الأعراف: 70.

ص: 111

قَالَ: لِيُقِرُّوا بِالْعُبُودِيَّةِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ: عَلَى مَا خَلَقْتُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ طَاعَتِي وَمَعْصِيَتِي وَشِقْوَتِي وَسَعَادَتِي. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: الْمَتِينُ يَقُولُ: الشَّدِيدُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ:

ذَنُوباً قال: دلوا.

ص: 112