الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة العاديات
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ، وَمَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَقَتَادَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ وَالْعادِياتِ بِمَكَّةَ. وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِهِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا زُلْزِلَتْ تَعْدِلُ نِصْفَ الْقُرْآنِ، وَالْعَادِيَّاتُ تَعْدِلُ نِصْفَ الْقُرْآنِ» ، وَهُوَ مُرْسَلٌ. وَأَخْرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ، وَزَادَ:«وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ تَعْدِلُ ربع القرآن» .
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة العاديات (100) : الآيات 1 الى 11]
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (1) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (2) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (4)
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (5) إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)
الْعادِياتِ جَمْعُ عَادِيَةٍ، وَهِيَ الْجَارِيَةُ بِسُرْعَةٍ، مِنَ الْعَدْوِ: وَهُوَ الْمَشْيُ بِسُرْعَةٍ، فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرِ مَا قَبْلَهَا كَالْغَازِيَاتِ مِنَ الْغَزْوِ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْخَيْلُ الْعَادِيَةُ فِي الْغَزْوِ نَحْوَ الْعَدْوِ، وَقَوْلُهُ: ضَبْحاً مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِاسْمِ الْفَاعِلِ، فَإِنَّ الضَّبْحَ نَوْعٌ مِنَ السَّيْرِ وَنَوْعٌ مِنَ الْعَدْوِ، يُقَالُ: ضَبَحَ الْفَرَسُ إِذَا عَدَا بشدّة، مأخوذ من الضبح، وَهُوَ الدَّفْعُ، وَكَأَنَّ الْحَاءَ بَدَلٌ مِنَ الْعَيْنِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْمُبَرِّدُ: الضَّبْحُ مِنْ إِضْبَاعِهَا في السير، ومنه قول عنترة:
والخيل تعلم حين تض
…
بح فِي حِيَاضِ الْمَوْتِ ضَبْحًا
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، أَيْ: ضَابِحَاتٍ، أَوْ ذَوَاتِ ضَبْحٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: تَضْبَحُ ضَبْحًا، وَقِيلَ: الضَّبْحُ: صَوْتُ حَوَافِرِهَا إِذَا عَدَتْ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الضَّبْحُ صَوْتُ أَنْفَاسِ الْخَيْلِ إِذَا عَدَتْ. قِيلَ: كَانَتْ تَكْعَمُ «1» لِئَلَّا تَصْهَلَ فَيَعْلَمَ الْعَدُوُّ بِهِمْ، فَكَانَتْ تَتَنَفَّسُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِقُوَّةٍ، وَقِيلَ: الضَّبْحُ: صَوْتٌ يُسْمَعُ مِنْ صُدُورِ الْخَيْلِ عِنْدَ الْعَدْوِ لَيْسَ بِصَهِيلٍ. وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ «الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا» هِيَ الْخَيْلُ. وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَالسُّدِّيُّ: هِيَ الْإِبِلُ، وَمِنْهُ قَوْلُ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ المطلب:
(1) . «تكعم» : الكعام: شيء يجعل على فم البعير.
فلا والعاديات غداة جمع
…
بأيديها إذا سطع الْغُبَارُ
وَنَقَلَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ أَصْلَ الضَّبْحِ لِلثَّعْلَبِ فَاسْتُعِيرَ لِلْخَيْلِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
تَضْبَحُ فِي الْكَفِّ ضِبَاحَ الثَّعْلَبِ
فَالْمُورِياتِ قَدْحاً هِيَ الْخَيْلُ حِينَ تُورِي النَّارَ بِسَنَابِكِهَا، وَالْإِيرَاءُ: إِخْرَاجُ النَّارِ، وَالْقَدَحُ: الصَّكُّ، فَجُعِلَ ضَرْبُ الْخَيْلِ بِحَوَافِرِهَا كَالْقَدْحِ بِالزِّنَادِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: إِذَا عَدَتِ الْخَيْلُ بِاللَّيْلِ وَأَصَابَ حَوَافِرَهَا الْحِجَارَةُ انْقَدَحَ مِنْهَا النِّيرَانُ، وَالْكَلَامُ فِي انْتِصَابِ قَدْحًا كَالْكَلَامِ فِي انْتِصَابِ ضَبْحًا، وَالْخِلَافُ فِي كَوْنِهَا الْخَيْلَ أَوِ الْإِبِلَ كَالْخِلَافِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْعَادِيَاتِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا الْخَيْلُ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَكَمَا هُوَ الظاهر في هَذِهِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا وَمَا سَيَأْتِي، فَإِنَّهَا فِي الْخَيْلِ أَوْضَحُ مِنْهَا فِي الْإِبِلِ، وَسَيَأْتِي مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْخِلَافِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً أَيِ: الَّتِي تُغِيرُ عَلَى الْعَدُوِّ وَقْتَ الصَّبَاحِ، يُقَالُ: أَغَارُ يُغِيرُ إِغَارَةً: إِذَا بَاغَتَ عَدُوَّهُ بِقَتْلٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ نَهْبٍ وَأَسْنَدَ الْإِغَارَةَ إِلَيْهَا وَهِيَ لِأَهْلِهَا لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهَا عُمْدَتُهُمْ فِي إِغَارَتِهِمْ، وَانْتِصَابُ صُبْحًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً مَعْطُوفٌ عَلَى الْفِعْلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ اسْمُ الْفَاعِلِ، إِذِ الْمَعْنَى:
وَاللَّاتِي عَدَوْنَ فَأَثَرْنَ، أَوْ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ نَفْسِهِ لِكَوْنِهِ فِي تَأْوِيلِ الْفِعْلِ لِوُقُوعِهِ صِلَةً لِلْمَوْصُولِ، فَإِنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي الصِّفَاتِ أَسْمَاءٌ مَوْصُولَةٌ، فَالْكَلَامُ فِي قوّة: واللاتي عدون فأغرن فأثرن، والنقع: الغبار الّذي أثرنه فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ عِنْدَ الْغَزْوِ، وَتَخْصِيصُ إِثَارَتِهِ بِالصُّبْحِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِغَارَةِ، وَلِكَوْنِهِ لَا يَظْهَرُ أَثَرُ النَّقْعِ فِي اللَّيْلِ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِ الصُّبْحُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: فَأَثَرْنَ بِمَكَانِ عَدْوِهِنَّ نَقْعًا، يُقَالُ ثَارَ النَّقْعُ وَأَثَرْتُهُ: أَيْ هَاجَ أَوْ هَيَّجْتُهُ.
قَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَأَثَرْنَ بِتَخْفِيفِ الْمُثَلَّثَةِ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: فَأَظْهَرْنَ بِهِ غُبَارًا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: النَّقْعُ: رَفْعُ الصَّوْتِ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ لَبِيدٍ:
فَمَتَى يَنْقَعْ صراخ صادق
…
يحلبوها ذَاتَ جَرَسٍ وَزَجَلِ
يَقُولُ حِينَ سَمِعُوا صُرَاخًا: أحلبوا الْحَرْبَ، أَيْ: جَمَعُوا لَهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَعَلَى هَذَا رَأَيْتُ قَوْلَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ انْتَهَى، وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْمُفَسِّرِينَ أَنَّ النَّقْعَ الْغُبَارُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
يَخْرُجْنَ مِنْ مُسْتَطَارِ النَّقْعِ دَامِيَةً
…
كَأَنَّ أَذْنَابَهَا أَطْرَافُ أَقْلَامِ
وَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ:
عَدِمْنَا خَيْلَنَا إِنْ لَمْ تَرَوْهَا
…
تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءَ
وَقَوْلُ الْآخَرِ:
كَأَنَّ مَثَارَ النَّقْعِ فَوْقَ رُؤُوسِنَا
…
وَأَسْيَافَنَا لَيْلٌ تَهَاوَى كَوَاكِبُهُ
وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَعْنَى الْآيَةِ، وَلَيْسَ لِتَفْسِيرِ النَّقْعِ بِالصَّوْتِ فِيهَا كَثِيرُ مَعْنًى، فَإِنَّ قَوْلَكَ أَغَارَتِ الْخَيْلُ عَلَى بَنِي فُلَانٍ صُبْحًا فَأَثَرْنَ بِهِ صَوْتًا، قَلِيلُ الْجَدْوَى مَغْسُولُ الْمَعْنَى بَعِيدٌ مِنْ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ الْمُعْجِزَةِ. وَقِيلَ:
النَّقْعُ: شَقُّ الْجُيُوبِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: النَّقْعُ مَا بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى، وَقِيلَ: إِنَّهُ طَرِيقُ الْوَادِي. قَالَ فِي الصِّحَاحِ: النَّقْعُ: الْغُبَارُ، وَالْجَمْعُ: أَنْقَاعٌ، وَالنَّقْعُ: مَحْبِسُ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ مَا اجْتَمَعَ فِي الْبِئْرِ مِنْهُ، وَالنَّقْعُ:
الْأَرْضُ الْحُرَّةُ الطِّينِ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً أَيْ: تَوَسَّطْنَ بِذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ تَوَسَّطْنَ متلبسات بِالنَّقْعِ جَمْعًا مِنْ جُمُوعِ الْأَعْدَاءِ، أَوْ صِرْنَ بِعَدْوِهِنَّ وَسَطَ جَمْعِ الْأَعْدَاءِ، وَالْبَاءُ إِمَّا لِلتَّعْدِيَةِ، أَوْ لِلْحَالِيَّةِ، أَوْ زَائِدَةٌ يُقَالُ: وَسَطْتُ الْمَكَانَ، أَيْ: صِرْتُ فِي وَسَطِهِ، وَانْتِصَابُ «جَمْعًا» عَلَى أنه مفعول له، وَالْفَاءَاتُ فِي الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَرَتُّبِ ما بعد كل واحد مِنْهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَوَسَطْنَ بِتَخْفِيفِ السِّينِ، وَقُرِئَ بِالتَّشْدِيدِ إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ هَذَا جَوَابُ الْقَسَمِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ بَعْضُ أَفْرَادِهِ، وَهُوَ الْكَافِرُ، وَالْكَنُودُ: الْكَفُورُ لِلنِّعْمَةِ، وَقَوْلُهُ: لِرَبِّهِ مُتَعَلِّقٌ بِكَنُودٍ، قُدِّمَ لِرِعَايَةِ الْفَوَاصِلِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كَنُودٌ لِنَعْمَاءِ الرِّجَالِ وَمَنْ يَكُنْ
…
كَنُودًا لِنَعْمَاءِ الرِّجَالِ يَبْعُدُ
أَيْ: كَفُورٌ لِنَعْمَاءِ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَاحِدُ لِلْحَقِّ، قِيلَ: إِنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ كِنْدَةَ لِأَنَّهَا جَحَدَتْ أَبَاهَا.
وَقِيلَ: الْكَنُودُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْكَنْدِ، وَهُوَ الْقَطْعُ، كَأَنَّهُ قَطَعَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُوَاصِلَهُ مِنَ الشُّكْرِ. يُقَالُ كَنَدَ الْحَبْلَ:
إِذَا قَطَعَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:
وُصُولُ حِبَالٍ وَكَنَادُهَا «1»
وَقِيلَ: الْكَنُودُ: الْبَخِيلُ، وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ:
إِنَّ نَفْسِي لَمْ تَطِبْ مِنْكَ نَفْسًا
…
غَيْرَ أَنِّي أُمْسِي بِدَيْنٍ كَنُودِ
وَقِيلَ: الْكَنُودُ: الْحَسُودُ، وَقِيلَ: الْجَهُولُ لِقَدْرِهِ، وَتَفْسِيرُ الْكَنُودِ بِالْكَفُورِ لِلنِّعْمَةِ أَوْلَى بِالْمَقَامِ، وَالْجَاحِدُ لِلنِّعْمَةِ كَافِرٌ لَهَا، وَلَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ سَائِرُ مَا قِيلَ، وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ أَيْ: وَإِنَّ الْإِنْسَانَ عَلَى كُنُودِهِ لَشَهِيدٌ يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ بِهِ لِظُهُورِ أَثَرِهِ عَلَيْهِ وَقِيلَ الْمَعْنَى: وَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ مِنِ ابْنِ آدَمَ لَشَهِيدٌ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ بِالْأَوَّلِ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، وَهُوَ أَرْجَحُ مِنْ قَوْلِ الْجُمْهُورِ لِقَوْلِهِ: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ فَإِنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إِلَى الْإِنْسَانِ، وَالْمَعْنَى: إِنَّهُ لِحُبِّ الْمَالِ قَوِيٌّ مُجِدٌّ فِي طَلَبِهِ وَتَحْصِيلِهِ مُتَهَالِكٌ عَلَيْهِ، يُقَالُ: هُوَ شَدِيدٌ لِهَذَا الْأَمْرِ وَقَوِيٌّ لَهُ إِذَا كَانَ مُطِيقًا لَهُ، ومنه قوله تعالى: إِنْ تَرَكَ خَيْراً «2» وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ:
مَاذَا تُرَجِّي النُّفُوسُ مِنْ طَلَبِ الْ
…
خَيْرِ وَحُبُّ الْحَيَاةِ كاربها «3»
(1) . وصدر البيت: أميطي تميطي بصلب الفؤاد.
(2)
. البقرة: 180. [.....]
(3)
. أي غامّها، من كربه الأمر: أي اشتدّ عليه.
وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَإِنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ أَجْلِ حُبِّ المال لبخيل، والأوّل أولى. واللام في لِحُبِّ مُتَعَلِّقَةٌ بِشَدِيدٍ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: سَمَّى اللَّهُ الْمَالَ خَيْرًا، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ شَرًّا، وَلَكِنَّ النَّاسَ يَجِدُونَهُ خَيْرًا، فَسَمَّاهُ خَيْرًا. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَصْلُ نَظْمِ الْآيَةِ أَنْ يُقَالَ: وَإِنَّهُ لَشَدِيدُ الحبّ للخير، فلما قدّم الحبّ قال: لشديد، وحذف من آخره ذكر الحبّ، لأنه قد جرى ذكره، ولرؤوس الآي كقوله: فِي يَوْمٍ عاصِفٍ «1» وَالْعُصُوفُ لِلرِّيحِ لَا لِلْيَوْمِ، كَأَنَّهُ قَالَ: فِي يوم عاصف الريح أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ الِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ، وَالْفَاءُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ، أَيْ: يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ مِنَ الْقَبَائِحِ فَلَا يَعْلَمُ، وَبَعْثَرَ مَعْنَاهُ: نَثَرَ وَبَحَثَ، أَيْ: نَثَرَ مَا فِي الْقُبُورِ مِنَ الْمَوْتَى وَبَحَثَ عَنْهُمْ وَأَخْرَجُوا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: بَعْثَرْتُ الْمَتَاعَ: جَعَلْتُ أَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي أَسَدٍ يَقُولُ: بَحْثَرَ بِالْحَاءِ مَكَانَ الْعَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا في قوله: وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ «2» وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ أَيْ: مُيِّزَ وَبُيِّنَ مَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالتَّحْصِيلُ: التَّمْيِيزُ، كَذَا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ، وَقِيلَ: حُصِّلَ: أُبْرِزَ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: حُصِّلَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ مَكْسُورًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ «حَصَلَ» بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالصَّادِ وَتَخْفِيفِهَا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، أَيْ: ظَهَرَ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ أَيْ:
إِنَّ رَبَّ الْمَبْعُوثِينَ بِهِمْ لَخَبِيرٌ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ فَيُجَازِيهِمْ بِالْخَيْرِ خَيْرًا، وَبِالشَّرِّ شَرًّا. قَالَ الزَّجَّاجُ:
اللَّهُ خَبِيرٌ بِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفِي غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى: إِنَّ اللَّهَ يُجَازِيهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ «3» مَعْنَاهُ: أُولَئِكَ الَّذِينَ لَا يَتْرُكُ اللَّهُ مُجَازَاتَهُمْ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ إِنَّ رَبَّهُمْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَبِاللَّامِ في «لخبير» ، وقرأ أبو السمّال بفتح الهمزة وإسقاط اللام من «الخبير» .
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْأَفْرَادِ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
«بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْلًا فَاسْتَمَرَّتْ شَهْرًا لَا يَأْتِيهِ مِنْهَا خَبَرٌ، فَنَزَلَتْ: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً ضَبَحَتْ بِأَرْجُلِهَا» وَلَفْظُ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ: ضَبَحَتْ بِمَنَاخِرِهَا فَالْمُورِياتِ قَدْحاً قَدَحَتْ بِحَوَافِرِهَا الْحِجَارَةَ فَأَوْرَتْ نَارًا فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً صَبَّحَتِ الْقَوْمَ بِغَارَةٍ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً أَثَارَتْ بِحَوَافِرِهَا التُّرَابَ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً صَبَّحَتِ الْقَوْمَ جَمِيعًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً إِلَى الْعَدُوِّ فَأَبْطَأَ خَبَرُهَا، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ خَبَرَهُمْ وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ، فَقَالَ: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً قَالَ: «هِيَ الْخَيْلُ» . وَالضَّبْحُ: نَخِيرُ الْخَيْلِ حِينَ تَنْخُرُ، فَالْمُورِياتِ قَدْحاً قَالَ: حِينَ تَجْرِي الْخَيْلُ تُورِي نَارًا أَصَابَتْ سَنَابِكُهَا الْحِجَارَةَ فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً قَالَ: هِيَ الْخَيْلُ أَغَارَتْ فَصَبَّحَتِ الْعَدُوَّ، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً قَالَ: هِيَ الْخَيْلُ أَثَرْنَ بِحَوَافِرِهَا، يَقُولُ: بِعَدْوِ الْخَيْلِ، وَالنَّقْعُ: الْغُبَارُ، فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً قَالَ: الْجَمْعُ: الْعَدُوُّ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: تَقَاوَلْتُ أَنَا وَعِكْرِمَةُ فِي شَأْنِ الْعَادِيَّاتِ، فَقَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ الْخَيْلُ فِي الْقِتَالِ، وَضَبْحُهَا حِينَ ترخي مشافرها إذا عدت فَالْمُورِياتِ قَدْحاً
(1) . إبراهيم: 18.
(2)
. الانفطار: 4.
(3)
. النساء: 63.
أَرَتِ الْمُشْرِكِينَ مَكْرَهُمْ فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً قَالَ: إِذَا أصبحت الْعَدُوَّ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً قَالَ: إِذَا تَوَسَّطَتِ الْعَدُوَّ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَقُلْتُ: قَالَ عَلِيٌّ: هِيَ الْإِبِلُ فِي الْحَجِّ، وَمَوْلَايَ كَانَ أَعْلَمَ مِنْ مَوْلَاكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ الْأَضْدَادِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحِجْرِ جَالِسٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلٌ يَسْأَلُ عَنِ «الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا» فَقُلْتُ: الْخَيْلُ حِينَ تُغِيرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى اللَّيْلِ فَيَصْنَعُونَ طَعَامَهُمْ وَيُورُونَ نَارَهُمْ، فَانْفَتَلَ عَنِّي فَذَهَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ جَالِسٌ تَحْتَ سِقَايَةِ زَمْزَمَ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا، فَقَالَ: سَأَلْتَ عَنْهَا أَحَدًا قَبْلِي؟ قَالَ:
نَعَمْ سَأَلْتُ عَنْهَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: هِيَ الْخَيْلُ حِينَ تُغِيرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ: اذْهَبْ فَادْعُهُ لِي، فَلَمَّا وَقَفْتُ عَلَى رَأْسِهِ قَالَ: تُفْتِي النَّاسَ بِمَا لَا عِلْمَ لك، والله إن كانت لَأَوَّلَ غَزْوَةٍ فِي الْإِسْلَامِ لَبَدْرٌ، وَمَا كَانَ مَعَنَا إِلَّا فَرَسَانِ فَرَسٌ لِلزُّبَيْرِ وَفَرَسٌ لِلْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، فَكَيْفَ تَكُونُ الْعادِياتِ ضَبْحاً إِنَّمَا الْعَادِيَاتُ ضَبْحًا مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، فَإِذَا أووا إلى المزدلفة أوقدوا النيران، فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، فَذَلِكَ جَمْعٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَهِيَ نَقْعُ الْأَرْضِ تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا وَحَوَافِرِهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَنَزَعْتُ عَنْ قَوْلِي، وَرَجَعْتُ إِلَى الَّذِي قَالَ عَلِيٌّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْعادِياتِ ضَبْحاً قَالَ: الْإِبِلُ، أَخْرَجُوهُ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ:
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: هِيَ الْإِبِلُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ الْخَيْلُ، فَبَلَغَ عَلِيًّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَقَالَ: مَا كَانَتْ لَنَا خَيْلٌ يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ فِي سَرِيَّةٍ بُعِثَتْ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: تَمَارَى عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْعَادِيَاتِ ضَبْحًا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ الْخَيْلُ وَقَالَ عَلِيٌّ: كَذَبْتَ يَا ابْنَ فُلَانَةَ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مَعَنَا يَوْمَ بَدْرٍ فَارِسٌ إِلَّا الْمِقْدَادَ كَانَ عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ هِيَ الْإِبِلُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُثِيرُ نَقْعًا فَمَا شَيْءٌ تُثِيرُ إِلَّا بِحَوَافِرِهَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْعادِياتِ ضَبْحاً قَالَ: الْخَيْلُ فَالْمُورِياتِ قَدْحاً قَالَ: الرَّجُلُ إِذَا أَوْرَى زَنْدَهُ فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً قَالَ: الْخَيْلُ تُصَبِّحُ الْعَدُوَّ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً قَالَ: التُّرَابُ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً قَالَ: الْعَدُوُّ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْعادِياتِ ضَبْحاً قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
الْقِتَالُ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْحَجُّ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْعادِياتِ ضَبْحاً قَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ يَضْبَحُ إِلَّا الْكَلْبُ أَوِ الْفَرَسُ فَالْمُورِياتِ قَدْحاً قَالَ: هُوَ مَكْرُ الرَّجُلِ قَدَحَ فَأَوْرَى فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً قَالَ:
غَارَةُ الخيل صبحا فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً قال: غبار وَقْعُ سَنَابِكِ الْخَيْلِ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً قَالَ: جَمْعُ الْعَدُوِّ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْعادِياتِ ضَبْحاً قَالَ: الْخَيْلُ ضَبْحُهَا زَحِيرُهَا، أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفَرَسَ إِذَا عَدَا قَالَ: أَحْ أَحْ، فَذَلِكَ ضَبْحُهَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الضَّبْحُ مِنَ الْخَيْلِ الْحَمْحَمَةُ، وَمِنَ الْإِبِلِ النَّفَسُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْعادِياتِ ضَبْحاً قَالَ: هِيَ الْإِبِلُ فِي الْحَجِّ فَالْمُورِياتِ قَدْحاً إِذَا سَفَّتِ الْحَصَى بِمَنَاسِمِهَا فَضَرَبَ الْحَصَى بَعْضُهُ بَعْضًا فَيَخْرُجُ مِنْهُ النَّارُ
فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً حِينَ يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً قَالَ: إِذَا سِرْنَ يُثِرْنَ التُّرَابَ.
وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْكَنُودُ بِلِسَانِنَا أَهْلُ الْبَلَدِ الْكَفُورُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ قَالَ لَكَفُورٌ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ، وَالْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: الْكَنُودُ الَّذِي يَمْنَعُ رِفْدَهُ، وَيَنْزِلُ وَحْدَهُ، وَيَضْرِبُ عَبْدَهُ. وَرَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالدَّيْلَمِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ مَرْفُوعًا- وَضَعَّفَ إِسْنَادَهُ السُّيُوطِيُّ- وَفِي إِسْنَادِهِ جَعْفَرُ بْنُ الزبير وهو متروك، والموقوف أصحّ لأنه لمن يَكُنْ مِنْ طَرِيقِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ قَالَ: الْإِنْسَانُ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ قَالَ: الْمَالُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ إِذا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ قَالَ: بُحِثَ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ قال: أبرز.