الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَوْلُ الْآخَرِ «1» :
أَلَمْ تَسْأَلِ الرَّبْعَ الْقَوَاءَ فَيَنْطِقُ؟
…
وهل تخبرنّك الْيَوْمَ بَيْدَاءُ سَمْلَقُ؟ «2»
وَيُقَالُ: أَقْوَى إِذَا سَافَرَ، أَيْ: نَزَلَ الْقَوَى. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْمُقْوِينَ: الْمُسْتَمْتِعِينَ بِهَا مِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ فِي الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ وَالِاصْطِلَاءِ وَالِاسْتِضَاءَةِ، وَتَذَكُّرِ نَارِ جَهَنَّمَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لِلْجَائِعِينَ فِي إِصْلَاحِ طَعَامِهِمْ، يُقَالُ: أَقْوَيْتُ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، أَيْ: مَا أَكَلْتُ شَيْئًا، وَبَاتَ فُلَانٌ الْقَوَى، أَيْ: بَاتَ جَائِعًا، وَمِنْهُ قول الشاعر «3» :
وإنّي لأختار القوى طاوي الحشى
…
مُحَافَظَةً مِنْ أَنْ يُقَالَ لَئِيمُ
وَقَالَ قُطْرُبٌ: المقوي مِنَ الْأَضْدَادِ يَكُونُ بِمَعْنَى الْفَقْرِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْغِنَى يُقَالُ: أَقْوَى الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ زَادٌ، وَأَقْوَى إِذَا قَوِيَتْ دَوَابُّهُ وَكَثُرَ مَالُهُ. وَحَكَى الثَّعْلَبِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ الْفَاءُ لِتَرْتِيبِ مَا بَعْدَهَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ سبحانه، وتنزيه عَلَى مَا قَبْلَهَا مِمَّا عَدَّدَهُ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ وجحوده الْمُشْرِكِينَ لَهَا وَتَكْذِيبِهِمْ بِهَا.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، وَضَعَّفَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ زَرَعْتُ، وَلَكِنْ يَقُولُ: حَرَثْتُ» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلَمْ تَسْمَعُوا اللَّهَ يَقُولُ: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ تَفَكَّهُونَ قَالَ: تَعْجَبُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ:
الْمُزْنِ: السَّحَابِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً قَالَ: تَذْكِرَةً لِلنَّارِ الْكُبْرَى وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ قال: للمسافرين.
[سورة الواقعة (56) : الآيات 75 الى 96]
فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَاّ الْمُطَهَّرُونَ (79)
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (80) أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84)
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (87) فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89)
وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92) فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)
إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (95) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)
(1) . هو جميل.
(2)
. «سملق» : هي الأرض المستوية.
(3)
. هو حاتم الطائي.
قوله: فَلا أُقْسِمُ ذهب جمهور المفسرين إلا أَنَّ «لَا» مَزِيدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ، وَالْمَعْنَى: فَأُقْسِمُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ بَعْدَ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّهَا لِلنَّفْيِ، وَإِنَّ الْمَنْفِيَّ بِهَا مَحْذُوفٌ، وَهُوَ كَلَامُ الْكُفَّارِ الْجَاحِدِينَ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ نَفْيٌ، وَالْمَعْنَى: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَقُولُونَ. ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ: أُقْسِمُ، وَضُعِّفَ هَذَا بِأَنَّ حَذْفَ اسْمِ لَا وَخَبَرِهَا غَيْرُ جَائِزٍ، كَمَا قَالَ أَبُو حَيَّانَ وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: إِنَّهَا لَامُ الِابْتِدَاءِ، وَالْأَصْلُ:
فَلَأُقْسِمُ فَأُشْبِعَتِ الْفَتْحَةُ فَتَوَلَّدَ مِنْهَا أَلِفٌ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْعَقْرَابِ «1»
وَقَدْ قَرَأَ هَكَذَا فَلَأُقْسِمُ بِدُونِ أَلِفٍ الْحَسَنُ وَحُمَيْدٌ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةِ يُقَدَّرُ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَلَأَنَا أُقْسِمُ بِذَلِكَ. وَقِيلَ: إِنَّ «لَا» هُنَا بِمَعْنَى أَلَا الَّتِي لِلتَّنْبِيهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ. وَقِيلَ:«لَا» هُنَا عَلَى ظَاهِرِهَا، وَإِنَّهَا لِنَفْيِ الْقَسَمِ، أَيْ: فَلَا أُقْسِمُ عَلَى هَذَا لِأَنَّ الْأَمْرَ أَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا مَدْفُوعٌ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ مَعَ تَعْيِينِ الْمُقْسَمِ بِهِ وَالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: بِمَواقِعِ النُّجُومِ مَسَاقِطِهَا، وَهِيَ مَغَارِبُهَا، كَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ:
مَنَازِلُهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: انْكِدَارُهَا وَانْتِثَارُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هِيَ الْأَنْوَاءُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ نُزُولُ الْقُرْآنِ نُجُومًا مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَبِهِ قَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ، وَحَكَى الْفَرَّاءُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ مَوَاقِعَ النُّجُومِ هُوَ مُحْكَمُ الْقُرْآنِ. قَرَأَ الجمهور: بِمَواقِعِ على الجمع، وقرأ ابن مسعود والنخغي وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَوَرْشٌ «2» عَنْ يَعْقُوبَ «بِمَوْقِعِ» عَلَى الْإِفْرَادِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ:«مَوْقِعِ» هَاهُنَا مَصْدَرٌ، فَهُوَ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ. ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ تَعْظِيمِ هَذَا الْقَسَمِ وَتَفْخِيمِهِ فَقَالَ: وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُقْسَمِ بِهِ وَالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: لَوْ تَعْلَمُونَ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُزْأَيِ الْجُمْلَةِ الْمُعْتَرِضَةِ، فَهُوَ اعْتِرَاضٌ فِي اعْتِرَاضٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ نُزُولُ الْقُرْآنِ، وَالضَّمِيرُ فِي «إِنَّهُ» عَلَى الْقَسَمِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ أُقْسِمُ، وَالْمَعْنَى إِنَّ الْقَسَمَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ لَقَسَمٌ عَظِيمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ الْمُقْسَمَ عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ أَيْ: كَرَّمَهُ اللَّهُ وَأَعَزَّهُ وَرَفَعَ قَدْرَهُ عَلَى جَمِيعِ الْكُتُبِ، وَكَرَّمَهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ سِحْرًا أَوْ كِهَانَةً أَوْ كَذِبًا، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَرِيمٌ لِمَا فِيهِ مِنْ كَرَمِ الْأَخْلَاقِ وَمَعَالِي الْأُمُورِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُكَرِّمُ حَافِظَهُ وَيُعَظِّمُ قَارِئَهُ.
وَحَكَى الْوَاحِدِيُّ عَنْ أَهْلِ الْمَعَانِي أَنَّ وَصْفَ الْقُرْآنِ بِالْكَرِيمِ، لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْطِيَ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ بِالدَّلَائِلِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى الْحَقِّ فِي الدِّينِ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْكَرِيمُ اسْمٌ جَامِعٌ لِمَا يُحْمَدُ، وَالْقُرْآنُ كَرِيمٌ يُحْمَدُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْهُدَى وَالْبَيَانِ وَالْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ أَيْ: مَسْتُورٍ مَصُونٍ، وَقِيلَ: مَحْفُوظٌ عن الباطل، وهو اللوح
(1) . وتتمته في تاج العروس:
الشّائلات عقد الأذناب والشاهد في قوله: «عقراب» حيث أشبعت الراء المفتوحة فصارت عقراب. والأصل: عقرب.
(2)
. في تفسير القرطبي: رويس بدل ورش.
الْمَحْفُوظُ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَقِيلَ: هُوَ كِتَابٌ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ فِيهِمَا ذُكِرَ الْقُرْآنُ وَمَنْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ الزَّبُورُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: هُوَ الْمُصْحَفُ الَّذِي فِي أَيْدِينَا لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إِلَى الْكِتَابِ الْمَكْنُونِ، أَيْ: لَا يَمَسُّ الْكِتَابَ الْمَكْنُونَ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَقِيلَ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّسُلُ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَمَعْنَى «لَا يَمَسُّهُ» الْمَسَّ الْحَقِيقِيَّ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: لَا يَنْزِلُ بِهِ إلا المطهرون، وقيل: معناه: لا يقرؤه، وعلى كون المراد الكتاب الْمَكْنُونِ هُوَ الْقُرْآنُ، فَقِيلَ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالْأَنْجَاسِ. كَذَا قَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ: وَقَالَ الْكَلْبِيُّ:
الْمُطَهَّرُونَ مِنَ الشِّرْكِ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: الْمُطَهَّرُونَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَغَيْرُهُ:
مَعْنَى لَا يَمَسُّهُ: لَا يَقْرَؤُهُ، إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ أَيْ: إِلَّا الْمُوَحِّدُونَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا يَجِدُ نَفْعَهُ وَبَرَكَتَهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، أَيِ: الْمُؤْمِنُونَ. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: لَا يَعْرِفُ تَفْسِيرَهُ وَتَأْوِيلَهُ إِلَّا مَنْ طَهَّرَهُ اللَّهُ مِنَ الشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ.
وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى مَنْعِ الْمُحْدِثِ مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ، وَبِهِ قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَسَعْدُ بْنُ أبي وقاص وسعيد ابن زَيْدٍ وَعَطَاءٌ وَالزَّهْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحَدِثِ مَسُّهُ، وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَا هُوَ الْحَقُّ فِي هَذَا فِي شَرْحِنَا لِلْمُنْتَقَى فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: الْمُطَهَّرُونَ بِتَخْفِيفِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْهَاءِ مَفْتُوحَةً اسْمُ مَفْعُولٍ. وَقَرَأَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ بِكَسْرِ الْهَاءِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ، أَيِ: الْمُطَهِّرُونَ أَنْفُسَهُمْ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عُمَرَ، وفي رِوَايَةٍ عَنْهُمَا عِيسَى بْنُ عُمَرَ، بِسُكُونِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ خَفِيفَةً، اسْمَ مَفْعُولٍ مِنْ أَطْهَرَ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، وَأَصْلُهُ الْمُتَطَهِّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِالرَّفْعِ، وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ، فَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ أخرى للقرآن، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالنَّصْبُ عَلَى الْحَالِ أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى الْقُرْآنِ الْمَنْعُوتِ بِالنُّعُوتِ السَّابِقَةِ، وَالْمُدْهِنُ وَالْمُدَاهِنُ الْمُنَافِقُ.
كَذَا قَالَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ عَطَاءٌ وَغَيْرُهُ: هُوَ الْكَذَّابُ. وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَقَتَادَةُ: «مُدْهِنُونَ» :
كَافِرُونَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ وَقَالَ الضَّحَّاكُ: «مُدْهِنُونَ» : مُعْرِضُونَ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مُمَالِئُونَ لِلْكُفَّارِ عَلَى الْكُفْرِ، وَقَالَ أَبُو كَيْسَانَ: الْمُدْهِنُ: الَّذِي لَا يَعْقِلُ حَقَّ اللَّهِ عَلَيْهِ وَيَدْفَعُهُ بِالْعِلَلِ.
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ أَصْلَ الْمُدْهِنِ الَّذِي ظَاهِرُهُ خِلَافُ بَاطِنِهِ كَأَنَّهُ يُشْبِهُ الدُّهْنَ فِي سُهُولَتِهِ. قَالَ الْمُؤَرِّجُ: الْمُدْهِنُ:
الْمُنَافِقُ الَّذِي يَلِينُ جانبه لِيُخْفِيَ كُفْرَهُ، وَالْإِدْهَانُ وَالْمُدَاهَنَةُ: التَّكْذِيبُ وَالْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ، وَأَصْلُهُ اللِّينُ، وَأَنْ يُسِرَّ خِلَافَ مَا يُظْهِرُ، وَقَالَ فِي الْكَشَّافِ:«مُدْهِنُونَ» أَيْ: مُتَهَاوِنُونَ بِهِ، كَمَنْ يُدْهِنُ فِي الْأَمْرِ، أَيْ:
يَلِينُ جَانِبُهُ وَلَا يَتَصَلَّبُ فِيهِ تَهَاوُنًا بِهِ، انْتَهَى. قَالَ الرَّاغِبُ: وَالْإِدْهَانُ فِي الْأَصْلِ مِثْلُ التَّدْهِينِ لَكِنْ جعل عبارة عن المدارة وَالْمُلَايَنَةِ، وَتَرْكِ الْجِدِّ: كَمَا جُعِلَ التَّقْرِيدُ، وَهُوَ نَزْعُ الْقُرَادِ عِبَارَةً عَنْ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ قَوْلُ أَبِي قَيْسِ بْنِ الْأَسْلَتِ:
الْحَزْمُ والقوّة خير من ال
…
إدهان والفهّة والهاع «1»
(1) . «الفهة» : العي. «الهاع» : سوء الحرص مع ضعف. [.....]
وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ فِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ، كَمَا حَكَاهُ الْوَاحِدِيُّ عَنِ الْمُفَسِّرِينَ، أَيْ: تَجْعَلُونَ شُكْرَ رِزْقِكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ فَتَضَعُونَ التَّكْذِيبَ مَوْضِعَ الشُّكْرِ. وَقَالَ الْهَيْثَمُ: إِنَّ أَزْدَ شَنُوءَةَ يَقُولُونَ: مَا رُزِقَ فُلَانٌ؟ أَيْ: ما شكره. وَعَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ لَا يَكُونُ فِي الْآيَةِ مضاف محذوف بل معنى الرزق والشكر. وَوَجْهُ التَّعْبِيرِ بِالرِّزْقِ عَنِ الشُّكْرِ أَنَّ الشُّكْرَ يفيض زيادة الرِّزْقِ فَيَكُونُ الشُّكْرُ رِزْقًا تَعْبِيرًا بِالسَّبَبِ عَنِ الْمُسَبَّبِ، وَمِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُ الْكُفَّارِ إِذَا سَقَاهُمُ اللَّهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْمَطَرَ: سُقِينَا بِنَوْءِ كَذَا، وَمُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: مَعْنَى الْآيَةِ وَتَجْعَلُونَ بَدَلَ شُكْرِكُمْ رِزْقَكُمُ الَّذِي رَزَقَكُمُ اللَّهُ التَّكْذِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الرَّزَّاقِ. وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ «وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ» وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّكْذِيبِ، وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِالتَّخْفِيفِ مِنَ الْكَذِبِ. فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ أَيْ: فَهَلَّا إِذَا بَلَغَتِ الرُّوحُ، أَوِ النَّفْسُ، الْحُلْقُومَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى مَفْهُومٌ عِنْدَهُمْ إِذَا جَاءُوا بِمِثْلِ هذه العبارة، ومنه قول حاتم طيء:
أَمِاوِيَّ مَا يُغْنِي الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى
…
إِذَا حَشْرَجَتْ يَوْمًا وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ إِلَى مَا هُوَ فِيهِ ذَلِكَ الَّذِي بَلَغَتْ نَفْسُهُ أَوْ رُوحُهُ الْحُلْقُومَ. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَأَنْتُمْ يَا أَهْلَ الْمَيِّتِ فِي تِلْكَ الْحَالِ تَرَوْنَ الْمَيِّتَ قَدْ صَارَ إِلَى أَنْ تَخْرُجَ نَفْسُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يُمْكِنُهُمُ الدَّفْعُ عَنْهُ، وَلَا يَسْتَطِيعُونَ شَيْئًا يَنْفَعُهُ أَوْ يُخَفِّفُ عَنْهُ مَا هُوَ فِيهِ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ أَيْ: بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالرُّؤْيَةِ، وَقِيلَ: أَرَادَ وَرُسُلُنَا الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ قَبْضَهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لَا تُبْصِرُونَ أَيْ: لَا تُدْرِكُونَ ذَلِكَ لِجَهْلِكُمْ بِأَنَّ اللَّهَ أَقْرَبُ إِلَى عَبْدِهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، أَوْ لَا تُبْصِرُونَ مَلَائِكَةَ الْمَوْتِ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ الْمَيِّتَ وَيَتَوَلَّوْنَ قَبْضَهُ فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ- تَرْجِعُونَها يُقَالُ: دَانَ السُّلْطَانُ رَعِيَّتَهُ إِذَا سَاسَهُمْ وَاسْتَعْبَدَهُمْ. قَالَ الفراء: دنته ملكته، وأنشد للحطيئة:
لقد ديّنت أَمْرَ بَنِيكِ حَتَّى
…
تَرَكْتِهِمْ أَدَقَّ مِنَ الطَّحِينِ
أَيْ: مَلَكْتِ، وَيُقَالُ دَانَهُ إِذَا أَذَلَّهُ وَاسْتَعْبَدَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَى مَدِينِينَ مُحَاسَبِينَ، وَقِيلَ: مَجْزِيِّينَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَمْ يَبْقَ سِوَى الْعُدْوَا
…
نِ دِنَّاهُمْ كَمَا دَانُوا
وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَلْصَقُ بِمَعْنَى الْآيَةِ، أَيْ: فَهَلَّا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْبُوبِينَ وَمَمْلُوكِينَ تَرْجِعُونَهَا، أَيِ: النَّفْسَ الَّتِي قَدْ بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ إِلَى مَقَرِّهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَلَنْ تَرْجِعُوهَا، فَبَطَلَ زَعْمُكُمْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مَرْبُوبِينَ وَلَا مَمْلُوكِينَ، وَالْعَامِلُ فِي قَوْلِهِ: إذا بلغت هو قوله: ترجعونها، ولولا الثَّانِيَةُ تَأْكِيدٌ لِلْأُولَى. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَرُبَّمَا أَعَادَتِ الْعَرَبُ الْحَرْفَيْنِ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. ثُمَّ ذَكَرَ سُبْحَانَهُ طَبَقَاتِ الْخَلْقِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ فَقَالَ:
فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ أَيِ: السَّابِقِينَ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْأَصْنَافِ الْمُتَقَدِّمِ تَفْصِيلُ أَحْوَالِهِمْ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ قرأ الجمهور فَرَوْحٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَمَعْنَاهُ الرَّاحَةُ مِنَ الدُّنْيَا وَالِاسْتِرَاحَةُ من أحوالها. وقال
الْحَسَنُ: الرَّوْحُ: الرَّحْمَةُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الرَّوْحُ: الْفَرَحُ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَالْجَحْدَرِيُّ فَرَوْحٌ بِضَمِّ الرَّاءِ، وَرُوِيَتْ هذه القراءة عن يعقوب، قيل: ومعنى هذه القراءة الرحمة لأنها كالحياة للمرحوم، والريحان: الرزق في الجنة، قاله مجاهد وسعيد بن جبير ومقاتل. هُوَ الرِّزْقُ بِلُغَةِ حِمْيَرَ، يُقَالُ خَرَجْتُ أَطْلُبُ رَيْحَانَ اللَّهِ: أَيْ رِزْقَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّمِرِ بن تولب:
سلام الإله وريحانه
…
ورحمته وسماء دَرَرْ
وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّهُ الْجَنَّةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ الرَّحْمَةُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الرَّيْحَانُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يُشَمُّ.
قَالَ قَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: هذا عن الْمَوْتِ، وَالْجَنَّةُ مَخْبُوءَةٌ لَهُ إِلَى أَنْ يُبْعَثَ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْجَوْزَاءِ وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَمَعْنَى «وَجَنَّةُ نَعِيمٍ» : أَنَّهَا ذَاتُ تَنَعُّمٍ، وَارْتِفَاعُ رَوْحٌ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: فَلَهُ رَوْحٌ. وَأَمَّا إِنْ كانَ ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وقد تقدّم ذكرهم وَتَفْصِيلُ أَحْوَالِهِمْ وَمَا أَعَدَّهُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْجَزَاءِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ أَيْ: لَسْتَ تَرَى فِيهِمْ إِلَّا مَا تُحِبُّ مِنَ السَّلَامَةِ، فَلَا تَهْتَمَّ بِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَسْلَمُونَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: سَلَامٌ لَكَ مِنْهُمْ، أَيْ: أَنْتَ سَالِمٌ مِنَ الِاغْتِمَامِ بِهِمْ، وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِنَّهُمْ يَدْعُونَ لَكَ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْكَ، وَقِيلَ: إنه صلى الله عليه وسلم يحين بِالسَّلَامِ إِكْرَامًا، وَقِيلَ: هُوَ إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِتَسْلِيمِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: سَلَامٌ لَكَ يَا صَاحِبَ الْيَمِينِ مِنْ إِخْوَانِكَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ أَيِ: الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ الضَّالِّينَ عَنِ الْهُدَى، وَهُمْ أَصْحَابُ الشِّمَالِ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُمْ، وَتَفْصِيلُ أَحْوَالِهِمْ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ أَيْ: فَلَهُ نُزُلٌ يُعَدُّ لِنُزُولِهِ مِنْ حَمِيمٍ، وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي قَدْ تَنَاهَتْ حَرَارَتُهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الزَّقُّومِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ يُقَالُ: أَصْلَاهُ النَّارَ وَصَلَّاهُ، أَيْ: إِذَا جَعَلَهُ فِي النَّارِ، وَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى الْمَفْعُولِ، أَوْ إِلَى الْمَكَانِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: وَجَوَابُ الشَّرْطِ في هذه المواضع الثلاثة مَحْذُوفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ فَرَوْحٌ إِلَخْ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: إِنَّ الْفَاءَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ هِيَ جَوَابُ أَمَّا، وَجَوَابُ حَرْفِ الشَّرْطِ. قَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَتَصْلِيَةُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى فَنُزُلٌ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى حَمِيمٍ، أَيْ: فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَمِنْ تَصْلِيَةِ جَحِيمٍ. إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ الْإِشَارَةُ إِلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، أَوْ إِلَى الْمَذْكُورِ قَرِيبًا مِنْ أَحْوَالِ المتفرقين له حَقُّ الْيَقِينِ، الْإِشَارَةُ إِلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، أَوْ إِلَى الْمَذْكُورِ قَرِيبًا مِنْ أحوال المتفرقين له حَقُّ الْيَقِينِ، أَيْ:
مَحْضُ الْيَقِينِ وَخَالِصُهُ، وَإِضَافَةُ حَقِّ إِلَى الْيَقِينِ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ. قَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ كَقَوْلِكَ عَيْنُ الْيَقِينِ وَمَحْضُ الْيَقِينِ، هَذَا عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَجَوَّزُوا ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ وَأَمَّا الْبَصْرِيُّونَ فَيَجْعَلُونَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَحْذُوفًا، وَالتَّقْدِيرُ: حَقُّ الْأَمْرِ الْيَقِينِ أَوِ الْخَبَرِ الْيَقِينِ، وَالْفَاءُ فِي فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ لِتَرْتِيبِ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا، أَيْ: نَزِّهْهُ عَمًّا لَا يَلِيقُ بِشَأْنِهِ، وَالْبَاءُ متعلقة بمحذوف، أي: فسبح متلبسا بَاسِمِ رَبِّكَ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى: فَصَلِّ بِذِكْرِ رَبِّكَ: وَقِيلَ: الْبَاءُ زَائِدَةٌ، وَالِاسْمُ بِمَعْنَى الذَّاتِ. وَقِيلَ: هِيَ لِلتَّعْدِيَةِ لِأَنَّ سَبِّحْ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ تَارَةً وَيَتَعَدَّى بِالْحَرْفِ أُخْرَى، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ فُرِّقَ فِي السِّنِينَ، وَفِي لَفْظٍ: ثُمَّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِلَى الْأَرْضِ نُجُومًا. ثُمَّ قَرَأَ فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ قَالَ الْقُرْآنُ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ قَالَ: الْقُرْآنُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْآيَةِ قَالَ: نُجُومُ الْقُرْآنِ حِينَ يَنْزِلُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ، مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قَالَ الْكِتَابُ الْمُنَزَّلُ فِي السَّمَاءِ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمَلَائِكَةُ.
وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَنَسٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قَالَ: الْمَلَائِكَةُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: أَتَيْنَا سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ فَخَرَجَ عَلَيْنَا مِنْ كَنِيفٍ، فَقُلْنَا لَهُ: لَوْ تَوَضَّأْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ قَرَأْتَ عَلَيْنَا سُورَةَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ: فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ- لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمَلَائِكَةُ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا مِنَ الْقُرْآنِ مَا شِئْنَا. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ فِي كِتَابِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ:«لَا تَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ» . وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي المراسيل، من حديث الزهري قال: قرأت فِي صَحِيفَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَلَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ» وَقَدْ أَسْنَدَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عمرو بن حزم وعبد الله بن عمر وعثمان ابن أَبِي الْعَاصِ، وَفِي أَسَانِيدِهَا نَظَرٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ إِلَّا مُتَوَضِّئًا.
وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ سَلْمَانَ فَانْطَلَقَ إِلَى حَاجَةٍ، فَتَوَارَى عَنَّا ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا، فَقُلْنَا: لَوْ تَوَضَّأْتَ فَسَأَلْنَاكَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ، فقال: سلوني، فإني لست أَمَسَّهُ، إِنَّمَا يَمَسُّهُ الْمُطَهَّرُونَ، ثُمَّ تَلَا: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ كَتَبَ لَهُ فِي عَهْدِهِ: أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ قَالَ: مُكَذِّبُونَ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «مُطِرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ وَمِنْهُمْ كَافِرٌ، قَالُوا: هَذِهِ رَحْمَةٌ وَضَعَهَا اللَّهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ حَتَّى بَلَغَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ» . وَأَصْلُ الْحَدِيثِ بِدُونِ ذِكْرِ أَنَّهُ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَنِيعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ، عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ:
وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ قَالَ: «شُكْرَكُمْ، تَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا وَبِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا» .
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا فَسَّرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْقُرْآنِ إِلَّا آيَاتٍ يَسِيرَةً، قوله:
وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ قال: «شكركم» . وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ: «وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ» . وَأَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِهِ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ:«وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ» قَالَ: يَعْنِي الْأَنْوَاءَ، وَمَا مُطِرَ قَوْمٌ إِلَّا أَصْبَحَ بَعْضُهُمْ كَافِرًا كَانُوا يَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَرَأَ: «وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ» وَقَالَ:
سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقرؤها كَذَلِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: غَيْرَ مَدِينِينَ قَالَ: غَيْرَ مُحَاسَبِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ الْآيَةَ قَالَ: هَذَا لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ تُخَبَّأُ لَهُ الْجَنَّةُ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُ وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ- فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ قَالَ: هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ قَالَ:
تُخَبَّأُ لَهُ الْجَحِيمُ إلى يوم يبعث. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فَرَوْحٌ قَالَ:
رَائِحَةٌ وَرَيْحانٌ قَالَ: اسْتِرَاحَةٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ قَالَ: يَعْنِي بِالرَّيْحَانِ: الْمُسْتَرِيحَ مِنَ الدُّنْيَا وَجَنَّةُ نَعِيمٍ يَقُولُ: مَغْفِرَةٌ وَرَحْمَةٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: الرَّيْحَانُ: الرِّزْقُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ قَالَ: تَأْتِيهِ الْمَلَائِكَةُ بِالسَّلَامِ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَتُخْبِرُهُ أَنَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أبي حاتم حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ قَالَ:
مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ. وَأَخْرَجَ عَنْهُ أَيْضًا: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قَالَ: فَصَلِّ لِرَبِّكَ.
وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قَالَ:
اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال: اجعلوها في سجودكم» .