الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• لله درُّ تلك القلوب الطاهرة، أنوارها في ظلام الدُجى ظاهرة، لله درُّ أقوامٍ تدرعوا بالوقار والسكينة، وعملوا ليومٍ فيه كلُ نفسٍ رهينة، كلُ واحدٌ منهم صدره مشروح، وقلبه مجروح، وجسمه بين يدي ربه مطروح، فلو رأيتهم بين ساجدٍ وراكع، وذليلٍ مخمومٍ متواضع، ومُنَكَّسِ الطرفِ من الخوفِ خاشع، تتجافى جنوبهم عن المضاجع.
•
ذم التسويف:
• إلى كم تماطلون بالعمل، و تطمعون في بلوغ الأمل، وتغترّون بفسحة المهل، ولا تذكرون هجوم الأجل؟ ما ولدتم فللتراب، وما بنيتم للخراب، وما جمعتم فللذهاب، وما عملتم ففي كتاب مدّخر ليوم الحساب.
• يا أخي كم من يوم قطعته بالتسويف؟ وأضعت فيه التكليف، وكم من أذنٍ لا يردعها التخويف؟. أما اعتبرت بمن رحل أما وعظتك العبر أما كان لك سمعٌ ولا بصر.
• يا بطال، إلى كم تؤخر التوبة وما أنت في التأخير بمعذور؟ إلى متى يقال عنك: مفتون ومغرور؟ يا مسكين، قد انقضت أشهر الخير وأنت تعد الشهور؟ أترى مقبول أنت أم مطرود؟ أترى مواصل أنت أم مهجور؟ أترى تركب النجب غدًا أم أنت على وجهك مجرور؟ أترى من أهل الجحيم أنت أم من أرباب النعيم والقصور. فاز والله المخفون، وخسر هنالك المبطلون، ألا إلى الله تصير الأمور.
• يا من سوّف بالمتاب حتى شاب، يا من ضيّع في الغفلة أيام الشباب، يا مطرودًا بذنوبه عن الباب، إذا كنت في الشباب غافلًا، في المشيب مسوّفًا، متى تقف بالباب؟ كم عوملت على الوفاء؟ ما هكذا فعل الأحباب، الظاهر منك عامر، والباطن ويحك، خراب، كم عصيان كم مخالفة، كم رياء ، كم حجاب؟ ولّى طيب العمر في الخطايا، يا ترى تعود إلى الصواب؟.
ما بعد الشيب لهو، كيف يجمل بالشيخ التصاب؟ أنت لو قدمت في متقادم عمرك الطاعة، لخفف عنك الحساب. كيف والعمر ولى في الغفلة وفي طلب الأسباب؟ إذا أنذرك المشيب بالرحلة، ولم تقدّم الزاد ماذا يكون الجواب.
• ولله درُ من قال:
ولو أننا إذا متنا تركنا
…
لكان الموت راحة كل حيّ
ولكنّا إذا متنا بعثنا
…
ونُسأل بعدها عن كل شيء
باب
ترويض النفس على خصال الخير:
[*] • عناصر الباب:
• ترويض النفس على خصال الخير:
• تفاوت النفوس في الخير والشر:
وهاك تفصيل ذلك في إيجازٍ غيرِ مُخِّل:
• ترويض النفس على خصال الخير:
[*] • قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه المواعظ:
يا هذا: طهر قلبك من الشوائب فالمحبة لا تلقى إلا في قلبٍ طاهر أما رأيت الزارع يتخير الأرض الطيبة ويسقيها ويرويها ثم يثيرها ويقلبها وكلما رأى حجراً ألقاه وكلما شاهد ما يؤذى نجاه ثم يلقى فيها البذر ويتعاهدها من طوارق الأذى وكذلك الحق عز وجل إذا أراد عبداً لوداده حصد من قلبه شوك الشرك وطهره من أوساخ الرياء والشك ثم يسقيه ماء التوبة والإنابة ويثيره بمسحاة الخوف والإخلاص فيستوي ظاهره وباطنه في التقى ثم يلقى فيه بذر الهدى فيثمر حب المحبة فحينئذ تحمد المعرفة وطناً ظاهراً وقوتاً طاهراً فيسكن لب القلب ويثبت به سلطانها في رستاق البذر فيسري من بركاتها إلى العين ما يفضها عن سوى المحبوب وإلى الكف ما يكفها عن المطلوب وإلى اللسان ما يحبسه عن فضول الكلام وإلى القدم ما يمنعه من سرعة الإقدام فما زالت تلك النفس الطاهرة رائدها العلم ونديمها الحلم وسجنها الخوف وميدانها الرجاء وبستانها الخلوة وكنزها القناعة وبضاعتها اليقين ومركبها الزهد وطعامها الفكر وحلوها الأنس وهي مشغولة بتوطئة رحلها لرحيلها وعين أملها ناظرة إلى سبيلها فإن صعد حافظاها فالصحيفة نقية وإن جاء البلاء فالنفس صابرة تقية وإن أقبل الموت وجدها من الغش خلية فيا طوبى لها إذا نوديت يوم القيامة: (ياأَيَّتُهَا النَّفسُ المُطمَئِنَّةُ ارجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرضِيَّة)
وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يُوَقَّه.
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
(إنما العلم) أي تحصيله