الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2)
وحشة يجدها العاصي فى قلبة بينه و بين الله لا توازنها ولا تقارنها لذة أصلا ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة وهذا لا يحس بها الا من كان فى قلبة حياة.
(3)
وحشة تحصل بينه و بين الناس لاسيما اهل الخير منهم و كلما قويت تلك الوحشة ابتعد عنهم و عن مجالسهم و حرم بركة الانتفاع بهم.
(4)
تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه.
(5)
ظلمة يجدها فى قلبه حقيقة يحس بها كما يحس بظلمة الليل.
(6)
المعاصي توهن القلب و البدن فالفاجر و إن كان قوى البدن فإنة أضعف شئ عند الحاجة.
(7)
المعاصي تؤدى الى حرمان الطاعة فإنها تصد عن طاعة تكون بدل المعصية.
(8)
المعاصي تقصر العمر و تمحق بركته فالبر كما يزيد العمر فالفجور يقصر العمر.
(9)
المعاصي تزرع أمثالها ويولد بعضها بعضاً حتى يعز على العبد مقاطعتها و الخروج منها.
(10)
المعاصي تضعف القلب عن إرادته فتقوى إرادة المعصية و تضعف إرادة التوبة.
(11)
المعاصي باستمرار فعلها تصير عادة فلا يستقبح من يفعلها حتى يفتخر أحدهم بالمعصية و يحدث بها من لم يعلم أنة عملها.
(12)
المعصية سبب لهوان العبدعلى ربه و سقوطه من عينه
(13)
العاصي يجعل غيره من الناس و الدواب يعود عليهم شؤم ذنبه فيحترق هو و غيره بشؤم الذنوب و الظلم.
(14)
المعصية تورث الذل فإن العز فى طاعة الله لا محال
(15)
المعاصي تدخل العبد تحت لعنة الرسول صلى الله عليه و سلم كما لعن آكل الربا و لعن شارب الخمر و لعن الواشمةو المستوشمة وغيرهم.
(16)
المعاصي تؤدي الى الحرمان من دعاء الرسول صلى الله عليه و سلم و دعاء الملائكة.
(17)
تحدث المعاصي فى الأرض أنواعا من فساد المياه و و الهواء و الزروع و الثمار و المساكن و ما يحل بها من الخسف و الزلازل و يمحق بركتها.
(18)
تطفئ المعاصي من القلب نار الغيرة.
(19)
المعاصي تذهب الحياء الذى هو مادة حياة القلب.
(20)
المعاصي تضعف فى القلب تعظيم الرب جل جلالة.
(21)
المعاصي تستدعى نسيان الله لعبده و تركه و تخليته بينه و بين نفسه و شيطانه.
(22)
العاصي يلقى فى قلبه الرعب و الخوف دائما.
(23)
ينصرف العاصي عن صحته واستقامته فتجده مريضاً معلولاً لا ينتفع بالأغذية التي بها حياته و صلاحه.
(24)
العاصي دائما أسير مسجون مقيد فى يد شيطانه.
•
توبيخ العاصي:
• أيها العاصي ما أغدرك!
• تسأل الله فيعطيك، فتستعين بما أعطاك على معصيته، أو أمنت أن يهتك سترك أو يغضب عليك غضبةً لا يرضى بعدها أبدا، كيف أمنت هذه الحالة ويمكن وقوعها لا محالة، أراك ضعيف اليقين يا مؤثر الدنيا على الدين.
• إلى متى تستمر على عصيانه، وقد غذاك برزقه وإحسانه، أما خلقك بيده؟ أما نفخ فيك من روحه؟ أما علمت فعله بمن أطاعه، وأخذي لمن عصاه؟ أما تستحي تذكره في الشدائد وفي الرخاء تنساه؟ عين بصيرتك أعماها الهوى.
هذا حال من لم تؤثر فيه الموعظة، فإلى كم هذا التواني؟ إن تبت من ذنبك، آتيتك أماني.
اترك دارًا صفوها كدر، وآمالها أماني
• يا من يسير بعمره وقد تعدّى الحدود، إبك على معصيتك فلعلك مطرود. يا من عمره ينتهب وليس الماضي يعود، قد أسمعتك المواعظ من أرشادها نصحًا، وأخبرك الشيب أنك بالموت تقصد وتنحّا، وناداك لسان الاعتبار:{يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا} [الانشقاق 6].
[*] • قال مالك بن دينار رحمه الله تعالى: دخلت على جار لي وهو في الغمرات يعاني عظيم السكرات، يُغمى عليه مرة، ويفيق أخرى، وفي قلبه لهيب الزفرات، وكان منهمكًا في دنياه، متخلفًا عن طاعة مولاه، فقلت له: يا أخي، تب إلى الله، وارجع عن غيّك، عسى المولى أن يشفيك من ألمك، ويعافيك من مرضك وسقمك، ويتجاوز بكرمه عن ذنبك. فقال: هيهات هيهات! قد دنا ما هو آت، وأنا ميّت لا محالة، فيا أسفي على عمر أفنيته في البطالة. أردت أن أتوب مما جنيت، فسمعت هاتفًا يهتف من زاوية البيت: عاهدناك مرارًا فوجدناك غدارًا.
نعوذ بالله من سوء الخاتمة، ونستغفره من الذنوب المتقادمة.
• يا أسير دنياه، يا عابداً لهواه، يا مَوْطِن الخطايا، ويا مِسْتَودِعَ الرزايا، اذكر ما قدّمت يداك، وكن خائفًا من سيدك ومولاك أن يطّلع على باطن زللك وجفاك، فيصدك عن بابه، ويبعدك عن جنابه، ويمنعك عن مرافقة أحبابه، فتقع في حضرة الخذلان، وتتقيد بشرك الخسران، وكلما رُمت التخلص من غيّك وعناك، صاح بك لسان الحال وناداك:
إليك عنا فما تحظى بنجوانا
…
يا غادرًا قد لها عنا وقد خانا
أعرضت عنا ولم تعمل بطاعتنا
…
وجئت تبغي الرضا والوصل قد بانا
بأي وجه نراك اليوم تقصدنا
…
وطال ما كنت في الأيام تنسانا
يا ناقض العهد ما في وصلنا طمع
…
إلا لمجتهد بالجدّ قد دانا
• كم عاهدته مرارًا فوجدك غدارًا، أراك ضعيف اليقين، يا مؤثر الدنيا على الدين.
• أيا كثير الشقاق، يا قليل الوفاق، يا مرير المذاق، يا قبيح الأخلاق، يا عظيم التواني قد سار الرفاق، يا شديد التمادي قد صعب اللحاق، إخلاصك معدم وما للنفاق نفاق، معاصيك في إدراك والعمر في إمحاق، وساعي الأجل مجد كأنه في سباق، لا الوعظ يزجرك ولا الموت ينذرك ما تطاق.
• يا من نسي العهد القديم وخان، من الذي سواك في صورة الإنسان، من الذي غذاك في أعجب مكان، من الذي بقدرته استقام الجثمان، الذي بحكمته أبصرت العينان، من الذي بصنعته سمعت الأذنان، من الذي وهب العقل فاستبان للرشد وبان، من الذي بارزته بالخطايا وهو يستر العصيان، مَنِ الذي تركت شكره فلم يؤاخذ بالكفران، إلى كم تخالفه وما يصبر على الخلاف الأبوان، وتعامله بالغدر الذي لا يرضاه الإخوان، وتنفق في خِلافه ما عَزَّ وهان، ولو علم الناس منك ما يعلم: ما جالسوك في مكان، فارجع إليَّه ما دمت في زمن الإمكان، وتب إليه فإنه الرحيم الرحمن، عساه أن يعفو عما سلف وكان من الذنوب والعصيان.
• يا مخدوعاً قد غُبِن، يا مفتوناً قد فُتِن، مَنْ لكَ إذا سُوِّيَ عليك اللَبِن.
• يا حليف النوم والوسادة، يا أسير الشهوات وقد نسي مَعَادَه، يا قليل الزاد مع قُربِ مماته، أما آن لك أن تفِيق من تلك الرُقَادة، لقد ربح القوم وأنت نائم، وَخِبْتَ ورجعوا بالغنائم، بالليل نائم وبالنهار هائم وتعيش عيش البهائم، ثم تدعي أنك فاهم وأنت لا شك واهم.
• يا مَنْ شاب وما تاب، أموقنٌ أنت أم مُرْتاب، مَنْ آمن بالسؤالِ فليُعدَّ له جواب، وللجواب صواب.
• يا مَنْ كلما طال عمره زاد ذنبه، يا مَنْ كلما ابيض شَعْرُه اسوَّدَ بالآثام قلبه.
• يا مَنْ ضيَّعَ عمرَه في غير طاعة، يا مَنْ بضاعته التسويف والتفريط فَبِئْسَت البضاعة، إلى متى هذا التسويف، ولا ينفعُ فيك وعظٌ ولا تعنيف، إذا وُعِظت لم تنتفع وإذا رُدِعْتَ لم ترتدع، وإذا لم تجد جواباً قلت لم أقتنع، هذا كتاب الله لو أُنزل على جبلٍ رأيته يتصدع، ومع ذلك فلا قلبٌ لك يخشع ولا عينُ تدمع، أين الخشوع والخضوع أين البكاء وجَرَيانُ الدموع أين التوبةُ والرجوع.
• أما بان لك العيب، أما أنذرك الشيب، وما في نُصحه ريب، أما اعتبرت بمن رحل أما وعظتك العبر أما كان لك سمعٌ ولا بصر 0
• إلى متى هذا التواني، يا مغروراً بالأماني.
• إلى متى هذا الإعراض والعمر في انقراض.
• إلى متى هذا التقصير، وإلى البلى المصير، أو ما علمت أن العمر قصير ولم يبق منه إلا اليسير، فتزود للسفر الطويل، ولا تتكلم بغير تفكير ولا تعمل بغير تدبير، ولا يشغلنك أحدٌ عن جد المَسِيْر، ولا تُضَيِّعُ الأوقات النفيسة في الأفعال الخسيسة، الدنيا ساعة فاجعلها طاعة والنفس طماعة فَرَوِّضْهَا القناعة.
• أو ما علمت أن معالي الأُمور لا تنال بالفتور، وإنما تنال بالجد والاجتهاد والتشمرِ ليومِ المعاد، وخلعِ الراحة واستفراغ الوسع في الطاعة، أو ما علمت أن من جد وجد ومن زرع حصد، وليس من سهر كمن رقد والأمور تحتاج إلى وثبة أسد، فإذا عزمت فبادر وإذا هممت فثابر، واعلم أنه لا يدرك المفاخر من كان في الصف الآخر.
• أيها العبد انظر بعين فكرك وعقلك، هل تجد سبيلا لخلاص مثلك، مع إقامته على فعلك، أين اعتبارك بانطلاق أسلافك، أين فكرك في فراق ألافك، متى تنتقل على قبيح خلافك.
• يا كثير السيئات غدا ترى عملك، يا هاتك الحرمات إلى متى تديم زللك، أما تعلم أن الموت يسعى في تبديد شملك أما تخاف أن تؤخذ على قبيح فعلك.
• يا مبارزا بالذنوب خذ حذرك وتوق عقابه بالتقى فقد أنذرك، وخل الهوى فإنه كما ترى إلى الردى صَيَرَك.
• يا من يرجو الثواب بغير عمل، ويرجئ التوبة بطول الأمل، أتقول في الدنيا قول الزاهدين، وتعمل فيها عمل الراغبين، لا بقليل منها تقنع ولا بكثير منها تشبع، لا تثق من الرزق بما ضُمِنَ لك، ولا تعمل من العمل ما فرض عليك، تستكثر من معصية غيرك ما تحقره من نفسك، أما تعلم أن الدنيا كالحية لين لمسها والسم الناقع في جوفها، يهوى إليها الصبي الجاهل ويحذرها ذو اللب العاقل، كيف تقر بالدنيا عين من عرفها وما أبعد أن يفطم عنها من ألفها.
• واعجباً لك من راحل تركت الزاد في غير رحلك، أين فطنتك ويقظتك وتدبير عقلك.
• أما بارزت بالقبيح فأين الحَزَن، أما علمت أن الحق يعلم السر والعلن، ستعرف خبرك يوم ترحل عن الوطن وستنتبه من رقادك ويزول هذا الوسن.
• اجتهد في تقوية يقينك قبل خسر موازينك، وقم بتضرعك وخيفتك قبل نشر دواوينك، وتَقَرَب إليه في ضعفك ولينك.
• قل للمذنبين تأملوا العواقب، الآثام تبقى وتفنى الأطايب، والذنوب تحصى وما يغفل الكاتب، والسهم مفوق والرامي صائب، واللذات وإن نيلت فبعدها المصائب، فليتدبر العاقل وليحضر الغائب.
(يا مشغولاً بذنوبك، يا مغموراً بعيوبك، يا غافلا عن مطلوبك، كيف نسيت قبيح مكتوبك، لا بد عن سؤالك عن مطعومك ومشروبك، ألا تتفكر في فراقك لمحبوبك ألا تتذكر النعش قبل ركوبك.
(يا من يبارز مولاه بما يكره، ويخالفه في أمره آمناً مكره، وينعم عليه وهو ينسى شكره، والرحيل قد دنا وماله فيه فكرة، يا من قبائحه ترفع عشياً وبكرة، يا قليل الزاد ما أطول السفرة، والنقلة قد دنت والمصير الحفرة،
(متى تعمل في قلبك المواعظ متى تراقب العواقب وتلاحظ، أما تحذر من أوعد وهدد، أما تخاف من أنذر وشدد، متى تضطرم نار الخوف في قلبك وتتوقد، إلى متى بين القصور والتواني تتردد، متى تحذر يوماً فيه الجلود تشهد، متى تترك ما يفنى رغبة فيما لا ينفد، متى تهب بك ريح الخوف كأنك غصن يتأود، البدار البدار إلى الفضائل، والحذار الحذار من الرذائل فإنما هي أيام قلائل.
(يا سكران الهوى وإلى الآن ما صحا، يا مفنياً زمانه الشريف لهوا ومرحا، يا معرضا عن لوم من لام وعتب من لحا، متى يعود هذا الفاسد مصلحا، متى يرجع هذا الهالك مفلحا، لقد أتعبت النصحاء الفصحاء، أما وُعِظْتَ بما يكفي أما رأيت من العبرة ما يشفي، فانظر لنفسك قبل أن يعمى الناظر، وتفكر في أمرك بالقلب الحاضر ولا تساكن الفتور فإنك إلى مسكن القبور صائر، فالحي للممات والجمع للشتات والأمر ظاهر.
(يا من يُدعى إلى نجاته فلا يجيب، يا من قد رضي أن يخسر ويخيب، إن أمرك طريف وحالك عجيب، اذكر في زمان راحتك ساعة الوجيب، ويحك إن الحق حاضر ما يغيب، تحصى عليك أعمال الطلوع وأفعال المغيب، ضاعت الرياضة في غير نجيب، سيماك تدل وما يخفى المريب، لا بد لغربان الفراق من نعيب، أنساكن الغفلة ولغيرنا نعيب، يا من سِلَعَهُ كلها معيب اذكر يوم الفزع والتأنيب لا بد والله من فراق العيش الرطيب، والتحاف البلى مكان الطيب، واعجباً للذات بعد هذا كيف تطيب، ويحك أحضر قلبك لوعظ الخطيب، تذكر من قد أصيب، كيف نزل بهم يوم عصيب، وانتبه لأحظ الحظ والنصيب، واحترز فعليك شهيد ورقيب، ستخرج والله من هذا الوادي الرحيب، ولا ينفعك البكاء والنحيب، لا بد من يوم يتحير فيه الشبان والشيب، ويذهل فيه الطفل للهول ويشيب، يا من عمله كله رديء فليته قد شيب، كيف بك إذا أحضرت في حال كئيب، وعليك ذنوب أكثر من رمل كثيب، والمهيمن الطالب والعظيم الحسيب، فحينئذ يبعد عنك الأهل والنسيب، النوح أولى بك يا مغرور من التشبيب، أتؤمن أم عندك تكذيب، أم تراك تصبر على التعذيب، كأنك بدمع العين ومائها قد أذيب، اقبل نصحي وأقبل على التهذيب يا مطالباً بأعماله، يا مسئولاً عن أفعاله، يا مكتوباً عليه جميع أقواله، يا مناقشاً على كل أحواله، نسيانك لهذا أمر عجيب، أتسكن إلى العافية وتساكن العيشة الصافية وتظن أيمان الغرور واقية لا بد من سهم مصيب.
(يا متحيرا في طريقه قد بان البيان، يا بليد الاعتبار وقد أنذره الأقران، يا من تقرع قلبه المواعظ وهو قاس ما لان، لو حضرت بالذهن كفاك زجر القرآن.
(يا من راح في المعاصي وَغَدَا، ويقول سأتوب اليوم أو غدا، كيف تجمع قلباً قد صار في الهوى مبددا، كيف تلينه وقد أمسى بالجهل جلمدا، كيف تحثه وقد راح بالشهوات مقيداً، لقد ضاع قلبك فاطلب له ناشدا، تفكر بأي وجه تتلقى الردى تذكر ليلة تبيت في القبر منفرداً.
• يا من في حلل جهله يرفل ويميس، يا مؤثراً الرذائل على أنفس نفيس، يا طويل الأمل ماذا صنع الجليس، يا كثير الخطايا أشْمَتَّ إبليس، من لك إذا فاجأك مُذِلُ الرئيس، واحتوشتك أعوان ملك الموت وحمى الوطيس، ونقلت إلى لحد مالك فيه إلا العمل أنيس.
• يا من عمره كلما زاد نقص، يا من يأمن الموت وكم قد قنص، يا مائلاً إلى الدنيا هل سلمت من نغص، يا مُفَرِّطَاً في الوقت هلا بادرت الفرص، يا من إذا ارتقى في سلم الهدى فلاح له الهوى نكص، من لك يوم الحشر إذا نُشرت القصص، ذنوبك كثيرة جمة، ونفسك بغير الصلاح مهتمة، وأنت في المعاصي إمام وأمة، يا من إذا طلب في المتقين لم يوجد ثمة، متى تنقشع هذه الظلمة والغمة، يا من قد أعماه الهوى ثم أصمه، يا من لا يفرق بين المديح والمذمة، يا من باع فَرَحَه ثم اشترى غَمَه، يا عقلاً خرباً يحتاج إلى مرمة.
• يا من يجول في المعاصي قلبه وهمه، يا مؤثر الهوى على التقى لقد ضاع حزمه، يا معتقدا صحته فيما هو سقمه، يا من كلما زاد عمره زاد إثمه، يا طويل الأمل وقد رق عظمه، أما وعظك الزمان وزجرك ملمه، أين الشباب قل لي قد بان رَسْمُه، أين زمان المرح لم يبق إلا اسمه، أين اللذة ذهب المطعوم وطعمه، كيف يقاوي المقاوي والموت خصمه، كيف خلاص من قد أغرق فيه سهمه، يا لديغ الأمل قد بالغ فيه سمه، يا قليل العبر وقد رحل أبوه وأمه، يا من سيجمعه اللحد عن قليل ويضمه، كيف يوعظ من لا يعظه عقله ولا فهمه، كيف يوقظ من نام قلبه لا عينه ولا جسمه.
• يا من قد سارت بالمعاصي أخباره، يا من قد قبح إعلانه وإسراره، فقيراً يا من الهدى أهلكه إعساره، أتؤثر الخسران قل لي أو تختاره، يا كثير الذنوب وقد دنا إحضاره، يا مأسورا في حبس الزلل لا ينفعه إحصاره، نقدك بهرج إذا حك معياره، كم رد على مثلك درهمه وديناره، يا محترقاً بنار الهوى متى تخبو ناره.
• أيها المقيم على الخطايا والعصيان، التارك لما أمرك الرحمن، المطيع للغويّ الفتان، إلى متى أنت على جرمك مصرّ، ومما يقرّبك إلى مولاك تفرّ؟ تطلب من الدنيا ما لا تدركه، وتتقي من الآخرة ما لا تملكه، لا أنت بما قسم الله من الرزق واثق، ولا أنت بما أمرك به لاحق.
يا أخي، الموعظة، والله لا تنفعك، والحوادث لا تردعك. لا الدهر يدعك، ولا داعي الموت يسمعك، كأنك يا مسكين لم تزل حيًا موجودًا، كأنك لا تعود نسيًا مفقودًا.
فاز، والله، المُخِفُّون من الأوزار، وَسَلَمَ المتقون من عذاب النار، وأنت مقيم على كسب الجرائم والأوزار.
• أخي الحبيب:
أعرض عن غيّك وهواك وأقبل مولاك الذي خلقك فسوَّاك ويعلم سِرَك ونجواك، وواصل بقية العمر بوظائف الطاعات، واصبر على ترك عاجل الشهوات، فالفرار أيها المكلف كل الفرار من مواصلة الجرائم والأوزار، فالصبر على الطاعة في الدنيا أيسر من الصبر على النار.
• ولله درُ من قال:
أمولاي إني عبد ضعيف
…
أتيتك أرغب بما لديك
أتيتك أشكو مصاب الذنوب
…
وهل يشتكى الضر إلا إليك
فمنّ بعفوك يا سيّدي
…
فليس اعتمادي إلا عليك
[*] • قال بعض الأخيار لولده لما حضرته الوفاة: يا بنيّ، اسمع وصيتي، واعمل ما أوصيك به. قال نعم يا أبت.
قال يا بنيّ: اجعل في عنقي حبلًا، وجرّني إلى محرابي، ومرّغ خدي على التراب، وقل: هذا جزاء من عصى مولاه، وآثر شهوته وهواه، ونام عن خدمة مولاه.
قال: فلما فعل ذلك به، رفع طرفه إلى السماء وقال: إلهي وسيدي ومولاي، قد آن الرحيل إليك، وأزف القدوم عليك، ولا عذر لي بين يديك، غير أنك الغفور وأنا العاصي، وأنت الرحيم وأنا الجاني، وأنت السيد وأنا العبد، ارحم خضوعي وذِلتي بين يديك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك.
قال: فخرجت روحه في الحال، فإذا بصوت ينادي من زاوية البيت سمعه كل من حضر وهو يقول: تذلل العبد لمولاه، واعتذر إليه مما جناه، فقرّبه وأدناه وجعل الجنة مأواه.
• أخي الحبيب:
• أما آن لك أن تنتبه من غفلتك.
• أما آن لك أن تُصْلِحَ الفاسدَ وتُرَقِّعَ الخَرْقَ وَتَسُدُ الثّغْر.
• أما آن لك أن تؤاخذ نفسك بتقصيرها وتحاسبها على تفريطها.
• أما آن لك أن تخلع عنك الكسل وترتدي ثوب الجد والنشاط.
• أما آن لك أن تخلع عنك الراحة وتستفرغ الوِسْعَ في الطاعة.
• أما آن لك أن تخشى الرحمن وتمتثل القرآن، وتنسلخ من العصيان واستحواذ الشيطان، وتُفيق من نومك قبل فوات الأوان.
• أما آن لك أن تُقبل على النصائح، وتتقرَّب إلى الله تعالى بالمنائح.
• أما آن لك أن تُقْلِعَ عن هواك وترجع إلى ربك الذي خلقك فسواك ويعلم سرك ونجواك.
• أما آن لك أن تحفظ لحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى وأن تتذكر الموت والبلى فنستحي من الله حق الحيا، أما اعتبرت بمن نُقِل إلى دار البِلى، أما اعتبرت بوضعه تحت الثرى، المدفوع إلى هول ما ترى.