المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ضوابط الترويح عن النفس في الإسلام: - فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب - جـ ٣

[محمد نصر الدين محمد عويضة]

فهرس الكتاب

- ‌باب التخويف من النار:

- ‌ أكثروا ذكر النار:

- ‌ صورٌ مشرقة لخوف السلف من النار:

- ‌ من السلف من منعه خوف النار من الضحك:

- ‌ من السلف من مَرِضَ من خوفه من النار:

- ‌ تخويف أصناف الخلق بالنار:

- ‌ غير الحيوان من الجمادات وغيرها تخشى الله تعالى:

- ‌ البكاء من خشية النار ينجي منها:

- ‌ أسباب عذاب النار:

- ‌ ذكر مكان جهنم:

- ‌ أسماء النار:

- ‌ وصف النار:

- ‌ سعة جهنم طولا وعرضا:

- ‌ ذكر قعر جهنم وعمقها:

- ‌ طبقات جهنم ودركاتها وصفتها:

- ‌ ذكر حجارة النار:

- ‌ ذكر حيات جهنم وعقاربها:

- ‌ ذكر سلاسل جهنم وأغلالها وأنكالها:

- ‌ سجن جهنم:

- ‌ ذكر دخان جهنم وشررها ولهبها:

- ‌ ذكر أبواب جهنم وسرادقها:

- ‌ أبواب جهنم مغلقة:

- ‌ أبواب جهنم مغلقة قبل دخول أهلها إليها:

- ‌ إحاطة سرادق جهنم بالكافرين:

- ‌ ظلمة جهنم وسوادها وشررها:

- ‌ وقود النار:

- ‌ شدة حر جهنم وزمهريرها:

- ‌ زمهرير جهنم:

- ‌ ذكر سجر جهنم وتسعيرها:

- ‌ تسجر جهنم كل يوم نصف النهار:

- ‌ تسجر جهنم بخطايا بني آدم:

- ‌ تسجر جهنم على أهلها بعد دخولهم إليها:

- ‌ ذكر تغيظ النار وزفيرها:

- ‌ ذكر طعام أهل النار وشرابهم:

- ‌ ذكر كسوة أهل النار ولباسهم فيها:

- ‌ فراش أهل النار وغطاؤهم:

- ‌ ذكر عِظَمِ خَلْقِ أهل النار فيها وَقُبْحِ صُوَرِهم وهيئاتهم:

- ‌ تفاوت أهل النار في العذاب:

- ‌ أنواع عذاب أهل النار:

- ‌ أعظم عذاب أهل النار حجابهم عن الله تعالى:

- ‌ ما يتحف به أهل النار عند دخولهم إليها:

- ‌ تخاصم أهل النار:

- ‌ ذكر بكاء أهل النار وزفيرهم وشهيقهم وصراخهم:

- ‌ طلب أهل النار الخروج منها:

- ‌ أهل النار لا يزالون في رجاء حتى يذبح الموت:

- ‌ ذكر نداء أهل النار أهل الجنة وأهل الجنة أهل النار وتكليم بعضهم بعضا:

- ‌ وصف خزنة جهنم وزبانيتها:

- ‌ مجيء النار يوم القيامة وخروج عنق منها يتكلم:

- ‌ ذكر ورود النار نجانا الله منه برحمته:

- ‌ إذا وقف العبد بين يدي ربه تستقبله النار:

- ‌ أهل النار الذين هم أهلها يخلدون فيها

- ‌ أول من يدخل النار من عصاة الموحدين:

- ‌ أعمال أهل الجنة وأعمال أهل النار:

- ‌ أنقذوا أنفسكم من النار:

- ‌باب معرفة‌‌ حقيقة الدنيا:

- ‌ حقيقة الدنيا:

- ‌ التحذير من الافتتان بالدنيا والركون إليها:

- ‌ ذم الدنيا:

- ‌ أمرُ الدّنيا في جنب الآخرة قليل:

- ‌ الدنيا عمرها قد قارب على الانتهاء:

- ‌ زوال الدنيا:

- ‌ فتنافسوها

- ‌ تحول حال الدنيا:

- ‌باب‌‌ حال المؤمن في الدنيا:

- ‌ حال المؤمن في الدنيا:

- ‌ رفض الدنيا:

- ‌باب ذم طول الأمل:

- ‌باب مجالسة الصالحين:

- ‌باب المواظبة على قراءة القرآن الكريم:

- ‌ فضائل تلاوة القرآن الكريم:

- ‌ فضل تعلم القرآن وتعليمه:

- ‌ فضائل حفظ القرآن الكريم:

- ‌ولا تستطيعها البطلة:

- ‌ عناية السلف الصالح بحفظ القرآن:

- ‌ فضائل ختم القرآن، وفي كم يختم

- ‌باب اغتنام كنوز الحسنات:

- ‌ الحث على اغتنام أوقات العمر:

- ‌ اغتنام كنوز الحسنات:

- ‌باب البكاء من خشية الله:

- ‌ كيفية اكتساب البكاء من خشية الله:

- ‌ نماذج من بكاء السلف من خشية الله:

- ‌ استحباب إخفاء البكاء:

- ‌باب‌‌ ذم المعاصيوقبح آثارها:

- ‌ ذم المعاصي

- ‌ قبح آثار المعاصي:

- ‌ توبيخ العاصي:

- ‌ كيفية الوقاية من الذنوب:

- ‌ الأدوية التي تزهدك في المعاصي:

- ‌ كيفية الوقاية من الذنوب:

- ‌ كيف أتخلص من المعاصي:

- ‌ التحذير من المجاهرة بالمعصية:

- ‌ مفاسد المجاهرة بالمعاصي:

- ‌باب ذم الهوى والشهوات:

- ‌ تعريف الهوى:

- ‌ مدح مخالفة الهوى:

- ‌ استحباب مخالفة الهوى وإن كان مباحاً:

- ‌باب استحضار سنة الجزاء من جنس العمل:

- ‌ أثر استحضار قاعدة الجزاء من جنس العمل في ترقيق القلب:

- ‌ تأصيل سنة الجزاء من جنس العمل:

- ‌ الأدلة على سنة الجزاء من جنس العمل:

- ‌ الثواب والعقاب من جنس العمل:

- ‌ العقوبات في الجنايات الواقعة بين الناس من جنسها:

- ‌ أروع القصص للجزاء من جنس العمل:

- ‌باب التحذير من الغفلةِ المُهْلِكة:

- ‌ حقيقة الغفلة:

- ‌ أما آن لك أن تنتبه من غفلتك:

- ‌باب أسباب شرح الصدور:

- ‌باب مجاهدة النفس:

- ‌باب ذكر الشيطان وكيده ومحاربته للإنسان:

- ‌ التحذير من كيد الشيطان:

- ‌ الشيطان لابن آدم بالمرصاد:

- ‌ كيف ندفع شر الشياطين:

- ‌ على من يتسلط الشيطان:

- ‌باب‌‌ المبادرة بالأعمال الصالحة:

- ‌ المبادرة بالأعمال الصالحة:

- ‌ ذم التسويف:

- ‌باب‌‌ ترويض النفس على خصال الخير:

- ‌ ترويض النفس على خصال الخير:

- ‌ تفاوت النفوس في الخير والشر:

- ‌باب حفظ الوقت:

- ‌ قيمة الوقت وأهميته:

- ‌ أهمية حفظ الوقت:

- ‌ وهاك بعض الأدلة على أهمية حفظ الوقت:

- ‌ أسباب تعين على حفظ الوقت:

- ‌ التحذير من إضاعة الوقت:

- ‌ التخلي عن إهدار أوقات الآخرين:

- ‌ الترويح عن النفس ليس مضيعةً للوقت:

- ‌ ضوابط الترويح عن النفس في الإسلام:

- ‌ تفاوت الناس في اغتناهم لأوقاتهم:

- ‌السبب في تفاوت أحوال الناس مع الوقت يرجع إلى ثلاثة أسباب رئيسة:

- ‌ واجب المسلم نحو وقته:

- ‌ وقت السالك جِدٌ كُلُه:

- ‌ من مظاهر حفظ الوقت:

- ‌ اغتنام كنوز الحسنات:

- ‌ آفات تقتل الوقت:

- ‌ صورٌ مشرقة لحفظ السلف لوقتهم رحمهم الله:

الفصل: ‌ ضوابط الترويح عن النفس في الإسلام:

(وتعليم الرجل السباحة) أي العوم فإنه عون ولهذا كانت لذة اللعب بالدف جائزة لإعانتها على النكاح كما تعين لذة الرمي بالقوس وتأديب الفرس على الجهاد وكلاهما محبوب للّه فما أعان على حصول محبوبه فهو من الحق ولهذا عد ملاعبة الرجل امرأته من الحق لإعانتها على النكاح المحبوب للّه ولما كانت النفوس الضعيفة كالمرأة والصبي لا تنقاد إلى أسباب اللذة العظمى إلا بإعطائها شيئاً من اللهو واللعب بحيث لو فطمت بالكلية طلبت ما هو شر لها منه رخص لهما في ذلك ما لم يرخص لغيرهما كما دخل عمر على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده جوار يضربن بالدف فأسكتهنّ لدخوله قائلاً: هو لا يحب الباطل ولم يمنعهن لما يترتب عليه من المفسدة.

وهذه الأحاديث هي الميزان الحقيقي الذي تطمئن إليه النفس والنفس إذا جعلتها دائما في جد لا بد أن تمل وتسأم.

•‌

‌ ضوابط الترويح عن النفس في الإسلام:

(1)

الأصل في الترويح الإباحة:

ويدل لذلك الحديث الآتي:

(حديث أبي الدرداء رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عافية، فاقبلوا من الله العافية، فإن الله لم يكن نَسيّاً، ثم قرأ هذه الآية ((وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِياً)) [مريم: 64]

ومن القواعد المتقررة في الشرع أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم.

(2)

الترويح وسيلة لا غاية:

الترويح وسيلة من الوسائل التي يستطيع بها الإنسان تحقيق التوازن بين جوانبه المختلفة، في حالة وجود اختلال بالإفراط في جانب على حساب بقية الجوانب الأخرى، وإذا تجاوز النشاط الترويحي هذا الحد وأصبح هدفاً وغاية في ذاته، فإنه يخرج من دائرة المستحب أو المباح إلى دائرة الكراهية أو الحرمة.

وبهذا الضابط يخرج الاحتراف لبعض الأنشطة الترويحية عن دائرة المباح أو المشروع لأن فيه إخلالاً ببنية وهيكل النظام الاجتماعي القائم على تعاليم الإسلام، وفيه قيادة أفراد الأمة إلى الميوعة والترف والانحلال، أضف إلى ذلك: تحقيق ذلك لرغبات أعداء الأمة في إلهاء أفرادها وإشغالهم عن جوهر الصراع الحضاري الذي يمارسونه ضدها.

وأدلة هذا الضابط ظاهرة في الشريعة، ومنها:

ص: 565

أن الإسلام رفض الإفراط في كمية العبادات الشرعية التي جاء آمراً بنوعها أمر وجوب أو استحباب، إذا أُخرجت عن حد المألوف المستطاع، ومن النصوص الدالة على ذلك ما يلي:

(حديث أنس الثابت في الصحيحين) قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبلٌ ممدود بين ساريتين فقال ما هذا؟ قالوا هذا حبلٌ لزينب فإذا فترت تعلقت، قال حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليرقد.

(حديث عائشة الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذاصلى أحدكم وهو ناعسٌ فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يستغفر فيسب نفسه.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فليضطجع.

• الشاهد من هذه النصوص:

إذا كان هذا النهي عن أمر مشروع، فما الحال بأمر مباح ـ لم يأمر الشارع بنوعه ـ، يُزاد في كميته زيادة مفرطة، تسبب ضياع المأمور به، وتجحف بالتوازن بين جوانب الإنسان المختلفة، وتغير هيكل النظام الاجتماعي الإسلامي، وتحقق مكائد ومخططات أعداء الأمة الساعين إلى إلهائها وتقويض بنيانها؟!.

(3)

الجد هو الأصل والترويح فرع:

سبق ذِكْرُ أن النشاط الترويحي في التصور الإسلامي ما هو إلا حالة علاجية، لحصول الاختلال في إعطاء كل جانب من جوانب الكائن البشري ما يستحقه من النشاط والقوة، ليعود الإنسان بكافة جوانبه لمواصلة السير في طريقه إلى الله عز وجل بجد ونشاط ومثابرة، فإذا حصل تعارض بين الجد والترويح قدمنا الجد (الأصل) على الترويح (الفرع) لأن هذا هو الذي دلت عليه السنة الصحيحة كما في الأحاديث الآتية.

(حديث أبي برزة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها.

[*] • قال الحافظ ابن حجر أثناء شرحه لهذا الحديث: قوله: وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها لأن النوم قبلها قد يؤدي إلى إخراجها عن وقتها مطلقاً، أو عن الوقت المختار، والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم عن الصبح أو عن وقتها المختار.

والقارئ الكريم يلاحظ أن الشارع لم يكره الترويح المتمثل في النوم لراحة البدن أو السمر لكونه سيؤدي إلى تضييع الواجب يقيناً، بل لاحتمال أن يكون ذريعة إلى الوقوع في ذلك.

ص: 566

(حديث أبي هريرة في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتق المحارم تكن أعبد الناس و ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس و أحسن إلى جارك تكن مؤمنا و أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما و لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب.

(حديث أبي هريرة في صحيح ابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا هريرة كن ورعا تكن أعبد الناس وكن قنعا تكن أشكر الناس وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا وأحسن جوار من جاورك تكن مسلما وأقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب.

(حديث جابر بن سمرة في صحيح الترمذي) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويل الصمت قليل الضحك.

ولهذا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحك إنما كان يبتسم

(حديث عائشة في الصحيحين) قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً حتى أرى لهواته إنما كان يبتسم.

(4)

ألا يكون في النشاط الترويحي مخالفة شرعية:

يعتبر هذا الضابط الأهم من ضوابط النشاط الترويحي، ولتطبيقه صور مختلفة، منها ما يلي:

• ألا يكون في النشاط الترويحي أذية للآخرين من سخرية، أو لمز، ونبز، أو ترويع، أو غيبة، أو اعتداء على ممتلكاتهم بإتلاف أو استخدام

ونحو ذلك؛ قال الله (تعالى): ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَاًكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)) [الحجرات: 11، 12]،

(حديث يزيد ابن سعيد في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يأخذ أحدكم متاع أخيه لاعباً و لا جاداً و من أخذ عصا أخيه فليرُدَّها.

(حديث عبد الرحمن ابن أبي ليلى في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحلُ لمسلمٍ أن يُروِّعَ مسلماً.

ص: 567

• ألا يكون في النشاط الترويحي كذب وافتراء:

(حديث معاوية ابن حيدة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ويلٌ للذي يُحَدِّثُ فيكذبُ ليضحك به القوم ويلٌ له ويلٌ له.

• ألا يكون في النشاط الترويحي تبذير للمال واستهلاك باذخ؛ قال تعالى: ((وَآتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً)) [الإسراء: 26، 27]، وسياق الآية في الإنفاق على ذي القربى والمسكين وابن السبيل، فكيف الحال في الترويح؟!.

• ألا يكون في النشاط الترويحي اختلاط بين الرجال والنساء لما يفضي إليه ذلك من النظر المحرم، والخلوة المحرمة، بالإضافة إلى أنه قد يكون ذريعة لمخالفات شرعية أكبر؛ قال تعالى:((وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ)) [الأحزاب: 53]،

وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم أيما تحذير من الاختلاط بين الرجال والنساء ومن ذلك ما يلي:

(حديث عقبة بن عامر في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم و الدخول على النساء قالوا: يا رسول اللّه أرأيت الحمو قال: الحمو الموت.

(حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الثابت في صحيح مسلم) أن نفرا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر الصديق وهي تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لم أر إلا خيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان.

(حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري.

• ألا يكون في النشاط الترويحي نص على الحرمة.

ولقد جاءت بعض النصوص بتحريم بعض أنواع ووسائل الترويح، ومن ذلك:

(أ) المعازف:

ورد في تحريمها نصوص، منها ما يلي:

(حديث أبي أمامة في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا القينات و لا تشتروهن و لا تعلموهن و لا خير في تجارة فيهن و ثمنهن حرام في مثل هذا أنزلت هذه الآية {و من الناس من يشتري لهو الحديث} الآية.

ص: 568

(حديث أبي مالك الأشعري في صحيح أبي داود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير و الخمر و المعازف.

(حديث عمران ابن حُصَين في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في هذه الأمة خسف و مسخ و قذف فقال رجلٌ من المسلمين: يا رسول الله ومتى ذلك؟ إذا ظهرت القيان و المعازف و شربت الخمور.

معنى القيان: أي المغنيات

(ب) النرد:

(حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه.

[*] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

قال العلماء: النردشير هو النرد فالنرد عجمي معرب وشير معناه حلو، وهذا الحديث حجة للشافعي والجمهور في تحريم اللعب بالنرد. وقال أبو إسحاق المروزي من أصحابنا يكره ولا يحرم. وأما الشطرنج فمذهبنا أنه مكروه ليس بحرام وهو مروي عن جماعة من التابعين. وقال مالك وأحمد: حرام. قال مالك: هو شر من النرد وألهى عن الخير وقاسوه على النرد وأصحابنا يمنعون القياس ويقولون هو دونه، ومعنى صبغ يده في لحم الخنزير ودمه في حال أكله منهما وهو تشبيه لتحريمه بتحريم أكلهما والله أعلم.

(حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله "".

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

ص: 569

(من لعب بالنرد فقد عصى اللّه ورسوله) وفي رواية مسلم " من لعب بالنردشير فكأنما صنع يده في لحم الخنزير ودمه " والنردشير هو النرد ومعناه الفرس حلو، قيل: سبب حرمته أن واضعه سابور بن أزدشير أول ملوك ساسان شبه رقعته بوجه الأرض والتقسيم الرباعي بالفصول الأربعة والشخوص الثلاثين بثلاثين يوماً والسواد والبياض بالليل [ص 220] والنهار والبيوت الاثني عشر بشهور السنة والكعاب الثلاثة بالأقضية السماوية فيما للإنسان وعليه وما ليس له ولا عليه والخصال بالأغراض التي يسعى الإنسان واللعب بها بالكسب فصار من يلعب بها حقيقاً بالوعيد المفهوم من تشبيه أحد الأمرين بالآخر لاجتهاده في إحياء سنة المجوس المستكبرة على اللّه. وقد اتفق السلف على حرمة اللعب به ونقل ابن قدامة عليه الإجماع ولا يخلو عن نزاع قال الزمخشري: دخلت في زمن الحداثة على شيخ يلعب بالنرد مع آخر يعرف بازدشير فقلت الأزدشير النردشير بئس المولى وبئس العشير. أهـ

(ج) الميسر:

؛ قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) [المائدة: 90]

(د) اتخاذ ما له روح غرضاً:

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً.

[*] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

(لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً) قال العلماء: صبر البهائم أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمي ونحوه، وهو معنى لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً أي لا تتخذوا الحيوان الحي غرضاً ترمون إليه كالغرض من الجلود وغيرها، وهذ النهي للتحريم ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في رواية ابن عمر التي بعد هذه:(لعن الله من فعل هذا) ولأنه تعذيب للحيوان وإتلاف لنفسه وتضييع لماليته وتفويت لذكاته إن كان مذكى ولمنفعته إن لم يكن مذكى.

(حديث سعيد بن جُبَير الثابت في الصحيحين) قال: كنت عند ابن عمر، فمروا بفتية، أو بنفر، نصبوا دجاجة يرمونها، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها، وقال ابن عمر: من فعل هذا؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا.

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُصبر البهائم.

[*] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

تُصبر البهائم: وهو حبسها لتقتل برمي ونحوه.

ص: 570

(هـ) تصوير ما له روح:

(حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون).

(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم).

(حديث سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما: إذ أتاه رجل فقال: يا أبا عباس، إني إنسان، إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير. فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سمعته يقول: (من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبدا). فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه، فقال: ويحك، إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بهذا الشجر، كل شيء ليس فيه روح.

(حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين) قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت قرام فيه صور، فتلون وجهه ثم تناول الستر فهتكه، وقالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور).

(حديث أبي طلحة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل).

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل عليه السلام فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتين منبوذتين توطآن ومر بالكلب فليخرج.

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصورة الرأس فإذا قطع الرأس فلا صورة.

(و) كثرة الضحك:

(حديث أبي هريرة في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتق المحارم تكن أعبد الناس و ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس و أحسن إلى جارك تكن مؤمنا و أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما و لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب.

ص: 571