الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[*] • أورد ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه التخويف من النار عن مطرف بن الشخير عن كعب قال كنت عند عمر فقال يا كعب خوفنا فقلت يا أمير المؤمنين إن جهنم لتزفر يوم القيامة زفرة لا يبقي ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر ساجدا على ركبتيه حتى إن ابراهيم خليله عليه السلام ليخر جاثيا ويقول نفسي نفسي لا أسألك اليوم إلا نفسي قال فأطرق عمر مليا قال قلت يا أمير المؤمنين أو لستم تجدون هذا في كتاب الله عز وجل قال عمر كيف قلت يقول الله عز وجل في هذه الآية (يَوْمَ تَأْتِي كُلّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نّفْسِهَا وَتُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[النحل: 111]
وقال مجاهد في قوله (وَهِيَ تَفُورُ) قال تغلي بهم كما يغلي القدر.
وقال ابن عباس: (تَمَيّزُ) تفرق وعنه قال يكاد يفارق بعضها بعضا وتتفطر.
وعن الضحاك تميز تفطر وقال ابن زيد التميز التفرق من شدة الغيظ على أهل معاصي الله عز وجل غضبا له عز وجل وانتقاما له.
[*] • وكان سعيد الجرمي يقول في موعظته إذا وصف الخائفين كأن زفير النار في آذانهم.
[*] • وعن الحسن أنه قال في وصفهم إذا مروا بآية فيها ذكر الجنة بكوا شوقا وإذا مروا بآية فيها ذكر النار ضجوا صراخا كأن زفير جهنم عند أصول آذانهم.
[*] • وروى ابن أبي الدنيا عن أبي وائل قال خرجنا مع ابن مسعود ومعنا الربيع بن خيثم فأتينا على تنور على شاطئ الفرات فلما رآه عبد الله والنار تلتهب في جوف قرأ هذه الآية (إِذَا رَأَتْهُمْ مّن مّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيّظاً وَزَفِيراً * وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيّقاً مّقَرّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً)[الفرقان 12، 12] فصعق الربيع بن خثيم فاحتملناه إلى أهله فرابطه عبد الله حتى صلى الناس الظهر فلم يفق ثم رابطه إلى العصر فلم يفق ثم رابطه إلى المغرب فأفاق فرجع عبد الله إلى أهله.
•
ذكر طعام أهل النار وشرابهم:
• طعام أهل النار نار، شراب أهل النار نار.
• أولاُ طعام أهل النار:
قال تعالى: (إِنّ شَجَرَةَ الزّقّومِ * طَعَامُ الأثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ)[الدخان 43: 46]
[*] قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره:
يقول تعالى مخبرًا عما يعذب به [عباده] الكافرين الجاحدين للقائه: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأثِيمِ}
والأثيم أي: في قوله وفعله، وهو الكافر. وذكر غير واحد أنه أبو جهل، ولا شك في دخوله في هذه الآية، ولكن ليست خاصة به.
(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه؟
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
(لو أن قطرة من الزقوم) شجرة خبيثة مرة كريهة الطعم والريح ويكره أهل النار على تناولها
(قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه) قال: حين قرأ (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ حَقّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102] قال أبو الدرداء: يلقى عليهم الجوع حتى يعدل ما بهم من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة وعذاب أليم، والقصد بهذا الحديث وما أشبهه التنبيه على أن أدوية القلوب استحضار أحوال الآخرة وأحوال أهل الشقاء وديارهم فإن النفس مشفولة بالتفكر في لذائذ الدنيا وقضاء الشهوات وما من أحد إلا وله في كل حالة ونفس من أنفاسه شهوة سلطت عليه واستزقته فصار عقله مسخراً لشهوته فهو مشغول بتدبير حيلته وصارت لذته في طلب الحيلة أو مباشرة قضاء الشهوة فعلاج ذلك أن تقول لقلبك ما أشد غباوتك في الاحتراز من الفكر في الموت وما بعده من أهوال الموقف ثم عذاب جهنم وطعام أهلها وشرابهم فيها يورد على فكرة مثل هذا الحديث ويقول كيف تصبر على مقاساته إذا وقع وأنت عاجز عن الصبر على أدنى آلام الدنيا أهـ.
[*] • قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه التبصرة تعليقاً على هذا الحديث:
أسفاً لأهل النار قد هلكوا وشقوا، لا يقدر الواصف أن يصف ما قد لقوا، كلما عطشوا جيء بالحميم فسقوا، وهذا جزاؤهم إذ خرجوا عن الطاعة وفسقوا، قطعوا والله بالعذاب ومزقوا، وأفرد كل منهم عن فريقه وفرقوا، فلو رأيتهم قد كبلوا في السلاسل وأوثقوا، واشتد زفيرهم وتضرع أسيرهم وقلقوا، وتمنوا أن لم يكونوا وتأسفوا كيف خلقوا، وندموا إذا أعرضوا عن النصح وقد صدقوا، فلا اعتذارهم يسمع ولا بكاؤهم ينفع ولا أعتقوا. أهـ
• وقد دل القرآن على أنهم يأكلون منها حتى تمتلئ منها بطونهم فتغلي في بطونهم كما يغلي الحميم وهو الماء الذي قد انتهى حره ثم بعد أكلهم منها يشربون عليه من الحميم شرب الهيم.
[*] • قال ابن عباس رضي الله عنهما: الهيم الابل العطاش.
[*] • وقال السدي: هو داء يأخذ الإبل فلا تُرْوَى أبداً حتى تموت فكذلك أهل جهنم لا يروون من الحميم أبدا.
[*] • أورد ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه التخويف من النار عن سعيد بن جبير قال إذا جاع أهل النار استغاثوا من الجوع فأغيثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فانسلخت وجوههم حتى لو أن ماراً مَرَّ عليهم يعرفهم لعرف جُلودَ وجوههم فإذا أكلوا منها ألقي عليه العطش فاستغاثوا من العطش فأغيثوا بماء كالمهل والمهل الذي قد انتهى حره فإذا أدنوه من أفواههم أنضج حره الوجوه فيصهر به ما في بطونهم ويضربون بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالثبور وقوله تعالى ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم [الصافات 86] أي بعد أكل الزقوم.
[*] • قال سلام بن مسكين سمعت الحسن تلا هذه الآية إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم قال إنها هناك قد حميت عليها جهنم.
و قال تعالى: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزّقّومِ * إِنّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لّلظّالِمِينَ * إِنّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيَ أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنّهُ رُءُوسُ الشّيَاطِينِ * فَإِنّهُمْ لَاكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمّ إِنّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ * ثُمّ إِنّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ)[الصافات 62 - 68]
[*] • قال قتادة: في قوله فتنة للظالمين [الصافات 63]
قال زادتهم تكذيبا حين أخبرهم أن في النار شجرة قال يخبرهم أن في النار شجرة والنار تحرق الشجر فأخبرهم أن غذاءها من النار.
و قال تعالى: (ثُمّ إِنّكُمْ أَيّهَا الضّآلّونَ الْمُكَذّبُونَ * لَاكِلُونَ مِن شَجَرٍ مّن زَقّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هََذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدّينِ)[الواقعة 51: 56]
و قال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرّؤيَا الّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لّلنّاسِ وَالشّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاّ طُغْيَاناً كَبِيراً)[الإسراء: 60]
قال تعالى: (إِنّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً)[المزمل 12، 13]
[*] • قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله (وَطَعَاماً ذَا غُصّةٍ)
قال: شوك يأخذ بالحلق لا يدخل ولا يخرج.
وقال تعالى: (لّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاّ مِن ضَرِيعٍ * لاّ يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ)[الغاشية 6، 7]
[*] • قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله (لّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاّ مِن ضَرِيعٍ)
قال: شجر في جهنم.
وقال مجاهد: الضريع الشبرق اليابس.
قال تعالى: (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلاّ مِنْ غِسْلِينٍ * لاّ يَأْكُلُهُ إِلاّ الْخَاطِئُونَ)[الحاقة 35 - 37]
[*] • قال ابن عباس رضي الله عنهما: من غسلين قال هو صديد أهل النار.
• ثانياً شرابُ أهل النار:
فهذه أربعة أنواع ذكرناها من شرابهم وقد ذكرها الله في كتابه:
• (النوع الأول) الحميم.
قال تعالى: (وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطّعَ أَمْعَآءَهُمْ)[محمد: 15]
و قال تعالى: (هََذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسّاقٌ * وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ)[ص 57، 58]
[*] قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره:
{وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا} أي: حارا شديد الحر، لا يستطاع. {فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} أي: قطع ما في بطونهم من الأمعاء والأحشاء، عياذا بالله من ذلك.
[*] • قال ابن عباس رضي الله عنهما: الحميم الحار الذي يحرق.
[*] • وقال الحسن والسدي رحمهما الله تعالى: الحميم الذي قد انتهى حره.
[*] • وقال الضحاك رحمه الله: يسقى من حميم يغلي يوم خلق الله السموات والأرض إلى يوم يسقونه ويصب على رؤوسهم.
[*] • وقال ابن وهب عن ابن زيد: الحميم دموع أعينهم في النار يجتمع في حياض النار فيسقونه.
و قال تعالى: (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ)[الرحمن: 44]
[*] • قال ابن عباس رضي الله عنهما: (حَمِيمٍ آنٍ) الذي قد انتهى غليه.
وقال تعالى: (تُسْقَىَ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ)[الغاشية: 5]
[*] • قال مجاهد رحمه الله تعالى: قد بلغ حرها وحان شربها.
[*] • وقال الحسن رحمه الله تعالى: كانت العرب تقول للشيء إذا انتهى حره حتى لا يكون شيء أحر منه قد آن حره، فقال الله عز وجل من عين آنية يقول قد أوقد الله عليها جهنم منذ خلقت وآن حرها وعنه قال إن طبخها منذ خلق السموات والأرض.
[*] • وقال السدي رحمه الله تعالى: انتهى حرها فليس بعده حر.
• (النوع الثاني) الغساق.
[*] • قال ابن عباس رضي الله عنهما: الغساق ما يسيل من بين جلد الكافر ولحمه وعنه قال الغساق الزمهرير البارد الذي يحرق من برده ويدل عليه قوله تعالى: (لاّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَا شَرَاباً * إِلاّ حَمِيماً وَغَسّاقاً)[النبأ 24، 25] فاستثنى من البرد الغساق ومن الشراب الحميم.
[*] • و قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: الغساق القيح الغليظ، لو أن قطرة منه تهرق في المغرب لأنتنت أهل المشرق ولو أهرقت في المشرق لأنتنت أهل المغرب.
[*] • قال مجاهد رحمه الله تعالى: غساق الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من برده.
[*] • وقال كعب غساق عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة من حية وعقرب وغير ذلك فيستنقع فيؤتى بالآدمي فيغمس فيها غمسة واحدة فيخرج وقد سقط جلده ولحمه عن العظام ويتعلق جلده ولحمه في عقبيه وكعبيه ويجر لحمه كما يجر الرجل ثوبه.
[*] • قال السدي رحمه الله تعالى: الغساق الذي يسيل من أعينهم من دموعهم يسقونه مع الحميم.
[*] • وقال بلال بن سعد رحمه الله تعالى: لو أن دلوا من الغساق وضع على الأرض لمات من عليها، وعنه قال لو أن قطرة منه وقعت على الأرض لأنتن من فيها.
• (النوع الثالث) الصديد.
قال تعالى: (مّن وَرَآئِهِ جَهَنّمُ وَيُسْقَىَ مِن مّآءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ)[إبراهيم 16، 17]
[*] • قال مجاهد رحمه الله تعالى في قوله تعالى (وَيُسْقَىَ مِن مّآءٍ صَدِيدٍ)[ابراهيم 16] قال يعني القيح والدم.
[*] • قال قتادة رحمه الله تعالى:
(وَيُسْقَىَ مِن مّآءٍ صَدِيدٍ) قال ما يسيل من بين لحمه وجلده.
وقال (يَتَجَرّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ) قال: هل لكم بهذا يدان أم لكم على هذا صبر طاعة الله أهون عليكم يا قوم فأطيعوا الله ورسوله.
(حديث جابر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل مسكر حرام إن على الله عز وجل عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال قالوا يا رسول الله وما طينة الخبال قال عرق أهل النار أو عصارة أهل النار.