الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَم يَسْتَطِيعُوا هُمْ وِشُرَكَاؤهُمْ وَشُهَداؤهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ مِنَ القُرآنِ الكَرِيمِ (وَهُمْ لَنْ يَسْتَطِيعُوا ذلِكَ أَبَداً مَهْمَا طَالَ الزَّمَنُ) فَلْيَعْلَمُوا أَنَّ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مُحَمَّدٌ هُوَ مِنْ وَحيِ المُكَابِرِينَ المُعانِدِينَ المُكَذِّبينَ بِالحَقِّ، وَفِيما يُبَلِّغُهُ عَنْ رَبِّهِ، وَيَكُونُونَ هُمُ المُكَابِرِينَ المُعَانِدِينَ المُكَذِّبينَ بِالحَقِّ، وَعَلَيهِمْ أَنْ يَخْشَوْا عَذَابَ اللهِ وَنَارَهُ التِي يَكُونُ النَّاسُ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ أَصْنَامٍ وَحِجَارَةٍ. . . مِنَ الوَقُودِ الذِي تَشْتَعِلُ بِهِ، وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِتَعْذِيبِ الكَافِرِينَ الجَاحِدِينَ المُعَانِدِينَ.
ولا يخفى ما في هذا من التهويل إذ أنَّ هذه النار توقد بنفس ما يراد إحراقه بها.
فعَنْ عَبْد اللَّه فِي قَوْله: {وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة} قَالَ: هِيَ حِجَارَة مِنْ كِبْرِيت خَلَقَهَا اللَّه يَوْم خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي السَّمَاء الدُّنْيَا يُعِدّهَا لِلْكَافِرِينَ. وعَنْ ابْن مَسْعُود فِي قَوْله: {وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة} قَالَ: حِجَارَة الْكِبْرِيت جَعَلَهَا اللَّه كَمَا شَاءَ.
وعَنْ ابْن عَبَّاس ، وَعَنْ مُرَّة ، عَنْ ابْن مَسْعُود ، وَعَنْ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:{اتَّقُوا النَّار الَّتِي وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة} أَمَّا الْحِجَارَة فَهِيَ حِجَارَة فِي النَّار مِنْ كِبْرِيت أَسْوَد يُعَذَّبُونَ بِهِ مَعَ النَّار
وعَنْ ابْن جُرَيْجٍ فِي قَوْله: {وَقُودهَا النَّاس وَالْحِجَارَة} قَالَ: حِجَارَة مِنْ كِبْرِيت أَسْوَد فِي النَّار. (1)
قال القرطبي: هي حجارة الكبريت الأسود- عن ابن مسعود والفرَّاء- وخصّت بذلك لأنها تزيد على جميع الأحجار بخمسة أنواع ٍمن العذاب: سرعة الاتقاد، نتن الرائحة، كثرة الدخان، شدة الالتصاق بالأبدان، قوة حرِّها إذا حَمِيت" (2).
•
شدة حر جهنم وزمهريرها:
قال تعالى: (وَقَالُواْ لَا تَنفِرُواْ فِي الْحَرّ قُلْ نَارُ جَهَنّمَ أَشَدّ حَرّاً لّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)[التوبة: 81]
(1) - تفسير الطبري - (ج 1 / ص 189)(420 - 423) حسن صحيح
(2)
- تفسير القرطبي (10/ 25)
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، إِغْرَاءً لَهُمْ بِالثَّبَاتِ عَلَى المُنْكَرِ، وَتَثْبِيطاً لِعَزَائِمِ الْمُؤْمِنِينَ: لَا تَخْرُجُوا إِلَى الجِهَادِ فِي الحَرِّ. فَأَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ: إِنَّ نَارَ جَهَنَّمَ الَّتِي سَيَصِيرُونَ إِلَيْهَا، هِيَ أَشَدُّ حَرّاً مِنْ قَيْظِ الصَّحْرَاءِ الذِي فَرُّوا مِنْهُ. وَلَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُدْرِكُونَ وَيَعْقِلُونَ لَمَا خَالَفُوا وَقَعَدُوا، وَلَمَا فَرِحُوا بِقُعُودِهِمْ.
وعن يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى كَعْبِ الأَحْبَارِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ يُحَدِّثُ، فَجَاءَ عُمَرُ، فَجَلَسَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: وَيْحُك يَا كَعْبُ، خُوِّفْنَا، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ النَّارَ لَتُقَرَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ، حَتَّى إِذَا أُدْنِيَتْ وَقُرِّبَتْ، زَفَرَتْ زَفْرَةً مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ، وَلَا صِدِّيقٍ، وَلَا شَهِيدٍ، إِلَاّ وَجَثَا لِرُكْبَتَيْهِ سَاقِطًا، حَتَّى يَقُولَ كُلُّ نَبِيٍّ، وَكُلُّ صِدِّيقٍ، وَكُلُّ شَهِيدٍ: اللَّهُمَّ لَا أُكَلِّفُك الْيَوْمَ إِلَاّ نَفْسِي، وَلَوْ كَانَ لَكَ يَابْنَ الْخَطَّابِ عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا، لَظَنَنْت أَنْ لَا تَنْجُوَ، قَالَ عُمَرُ: وَاللهِ إِنَّ الأَمْرَ لَشَدِيدٌ. (1)
(1) - مصنف ابن أبي شيبة (ج 13 / ص 154)(35265) صحيح مقطوع
وعن كعب قال: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَوْمًا وَأَنَا عِنْدَهُ: " يَا كَعْبُ خَوِّفْنَا " قَالَ: فَقُلْتُ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوَلَيْسَ فِيكُمْ كِتَابُ اللَّهِ وَحِكْمَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ " قَالَ: " بَلَى، وَلَكِنْ يَا كَعْبُ خَوِّفْنَا " قَالَ: قُلْتُ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اعْمَلْ عَمَلَ رَجُلٍ لَوْ وَافَيْتَ الْقِيَامَةَ بِعَمَلِ سَبْعِينَ نَبِيًّا لَازْدَرَأْتَ عَمَلَكَ مِمَّا تَرَى " قَالَ: فَأَطْرَقَ عُمَرُ وَأَنْكَسَ وَنَكَّسَ قَالَ: ثُمَّ أَفَاقَ قَالَ: " زِدْنَا يَا كَعْبُ زِدْنَا " قَالَ: قُلْتُ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ فُتِحَ مِنْ جَهَنَّمَ قَدْرُ مِنْخَرِ ثَوْرٍ بِالْمَشْرِقِ وَرَجُلٌ بِالْمَغْرِبِ لَغَلَا دِمَاغُهُ حَتَّى يَسِيلَ مِنْ حَرِّهَا " قَالَ: فَأَطْرَقَ عُمَرُ وَنُكِّسَ قَالَ: ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ:" زِدْنَا يَا كَعْبُ " قَالَ: قُلْتُ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَتَزْفُرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ زَفْرَةً مَا بَقِيَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُصْطَفًى إِلَّا عَلَى رُكْبَتَيْهِ " قَالَ: " وَيَقُولُ: رَبِّ نَفْسِي نَفْسِي لَا أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي " قَالَ: عُمَرُ قَالَ: قُلْتُ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوَلَيْسَ تَجِدُونَ هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ " قَالَ: " كَيْفَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: " قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ "(1)
مليا: وقتا طويلا.
خر: سقط وهوى بسرعة.
الجثو: الجلوس على الركبتين.
أطرق: أمال رأسه إلى صدره وسكت فلم يتكلم.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم. قيل: يا رسول الله، إن كانت لكافية، قال: (فضلت عليهن بتسعة وستين جزءا، كلهن مثل حرها.
[*] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:
(1) - الزهد لأحمد بن حنبل (647) حسن مقطوع