المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌باب التخويف من النار:

- ‌ أكثروا ذكر النار:

- ‌ صورٌ مشرقة لخوف السلف من النار:

- ‌ من السلف من منعه خوف النار من الضحك:

- ‌ من السلف من مَرِضَ من خوفه من النار:

- ‌ تخويف أصناف الخلق بالنار:

- ‌ غير الحيوان من الجمادات وغيرها تخشى الله تعالى:

- ‌ البكاء من خشية النار ينجي منها:

- ‌ أسباب عذاب النار:

- ‌ ذكر مكان جهنم:

- ‌ أسماء النار:

- ‌ وصف النار:

- ‌ سعة جهنم طولا وعرضا:

- ‌ ذكر قعر جهنم وعمقها:

- ‌ طبقات جهنم ودركاتها وصفتها:

- ‌ ذكر حجارة النار:

- ‌ ذكر حيات جهنم وعقاربها:

- ‌ ذكر سلاسل جهنم وأغلالها وأنكالها:

- ‌ سجن جهنم:

- ‌ ذكر دخان جهنم وشررها ولهبها:

- ‌ ذكر أبواب جهنم وسرادقها:

- ‌ أبواب جهنم مغلقة:

- ‌ أبواب جهنم مغلقة قبل دخول أهلها إليها:

- ‌ إحاطة سرادق جهنم بالكافرين:

- ‌ ظلمة جهنم وسوادها وشررها:

- ‌ وقود النار:

- ‌ شدة حر جهنم وزمهريرها:

- ‌ زمهرير جهنم:

- ‌ ذكر سجر جهنم وتسعيرها:

- ‌ تسجر جهنم كل يوم نصف النهار:

- ‌ تسجر جهنم بخطايا بني آدم:

- ‌ تسجر جهنم على أهلها بعد دخولهم إليها:

- ‌ ذكر تغيظ النار وزفيرها:

- ‌ ذكر طعام أهل النار وشرابهم:

- ‌ ذكر كسوة أهل النار ولباسهم فيها:

- ‌ فراش أهل النار وغطاؤهم:

- ‌ ذكر عِظَمِ خَلْقِ أهل النار فيها وَقُبْحِ صُوَرِهم وهيئاتهم:

- ‌ تفاوت أهل النار في العذاب:

- ‌ أنواع عذاب أهل النار:

- ‌ أعظم عذاب أهل النار حجابهم عن الله تعالى:

- ‌ ما يتحف به أهل النار عند دخولهم إليها:

- ‌ تخاصم أهل النار:

- ‌ ذكر بكاء أهل النار وزفيرهم وشهيقهم وصراخهم:

- ‌ طلب أهل النار الخروج منها:

- ‌ أهل النار لا يزالون في رجاء حتى يذبح الموت:

- ‌ ذكر نداء أهل النار أهل الجنة وأهل الجنة أهل النار وتكليم بعضهم بعضا:

- ‌ وصف خزنة جهنم وزبانيتها:

- ‌ مجيء النار يوم القيامة وخروج عنق منها يتكلم:

- ‌ ذكر ورود النار نجانا الله منه برحمته:

- ‌ إذا وقف العبد بين يدي ربه تستقبله النار:

- ‌ أهل النار الذين هم أهلها يخلدون فيها

- ‌ أول من يدخل النار من عصاة الموحدين:

- ‌ أعمال أهل الجنة وأعمال أهل النار:

- ‌ أنقذوا أنفسكم من النار:

- ‌باب معرفة‌‌ حقيقة الدنيا:

- ‌ حقيقة الدنيا:

- ‌ التحذير من الافتتان بالدنيا والركون إليها:

- ‌ ذم الدنيا:

- ‌ أمرُ الدّنيا في جنب الآخرة قليل:

- ‌ الدنيا عمرها قد قارب على الانتهاء:

- ‌ زوال الدنيا:

- ‌ فتنافسوها

- ‌ تحول حال الدنيا:

- ‌باب‌‌ حال المؤمن في الدنيا:

- ‌ حال المؤمن في الدنيا:

- ‌ رفض الدنيا:

- ‌باب ذم طول الأمل:

- ‌باب مجالسة الصالحين:

- ‌باب المواظبة على قراءة القرآن الكريم:

- ‌ فضائل تلاوة القرآن الكريم:

- ‌ فضل تعلم القرآن وتعليمه:

- ‌ فضائل حفظ القرآن الكريم:

- ‌ولا تستطيعها البطلة:

- ‌ عناية السلف الصالح بحفظ القرآن:

- ‌ فضائل ختم القرآن، وفي كم يختم

- ‌باب اغتنام كنوز الحسنات:

- ‌ الحث على اغتنام أوقات العمر:

- ‌ اغتنام كنوز الحسنات:

- ‌باب البكاء من خشية الله:

- ‌ كيفية اكتساب البكاء من خشية الله:

- ‌ نماذج من بكاء السلف من خشية الله:

- ‌ استحباب إخفاء البكاء:

- ‌باب‌‌ ذم المعاصيوقبح آثارها:

- ‌ ذم المعاصي

- ‌ قبح آثار المعاصي:

- ‌ توبيخ العاصي:

- ‌ كيفية الوقاية من الذنوب:

- ‌ الأدوية التي تزهدك في المعاصي:

- ‌ كيفية الوقاية من الذنوب:

- ‌ كيف أتخلص من المعاصي:

- ‌ التحذير من المجاهرة بالمعصية:

- ‌ مفاسد المجاهرة بالمعاصي:

- ‌باب ذم الهوى والشهوات:

- ‌ تعريف الهوى:

- ‌ مدح مخالفة الهوى:

- ‌ استحباب مخالفة الهوى وإن كان مباحاً:

- ‌باب استحضار سنة الجزاء من جنس العمل:

- ‌ أثر استحضار قاعدة الجزاء من جنس العمل في ترقيق القلب:

- ‌ تأصيل سنة الجزاء من جنس العمل:

- ‌ الأدلة على سنة الجزاء من جنس العمل:

- ‌ الثواب والعقاب من جنس العمل:

- ‌ العقوبات في الجنايات الواقعة بين الناس من جنسها:

- ‌ أروع القصص للجزاء من جنس العمل:

- ‌باب التحذير من الغفلةِ المُهْلِكة:

- ‌ حقيقة الغفلة:

- ‌ أما آن لك أن تنتبه من غفلتك:

- ‌باب أسباب شرح الصدور:

- ‌باب مجاهدة النفس:

- ‌باب ذكر الشيطان وكيده ومحاربته للإنسان:

- ‌ التحذير من كيد الشيطان:

- ‌ الشيطان لابن آدم بالمرصاد:

- ‌ كيف ندفع شر الشياطين:

- ‌ على من يتسلط الشيطان:

- ‌باب‌‌ المبادرة بالأعمال الصالحة:

- ‌ المبادرة بالأعمال الصالحة:

- ‌ ذم التسويف:

- ‌باب‌‌ ترويض النفس على خصال الخير:

- ‌ ترويض النفس على خصال الخير:

- ‌ تفاوت النفوس في الخير والشر:

- ‌باب حفظ الوقت:

- ‌ قيمة الوقت وأهميته:

- ‌ أهمية حفظ الوقت:

- ‌ وهاك بعض الأدلة على أهمية حفظ الوقت:

- ‌ أسباب تعين على حفظ الوقت:

- ‌ التحذير من إضاعة الوقت:

- ‌ التخلي عن إهدار أوقات الآخرين:

- ‌ الترويح عن النفس ليس مضيعةً للوقت:

- ‌ ضوابط الترويح عن النفس في الإسلام:

- ‌ تفاوت الناس في اغتناهم لأوقاتهم:

- ‌السبب في تفاوت أحوال الناس مع الوقت يرجع إلى ثلاثة أسباب رئيسة:

- ‌ واجب المسلم نحو وقته:

- ‌ وقت السالك جِدٌ كُلُه:

- ‌ من مظاهر حفظ الوقت:

- ‌ اغتنام كنوز الحسنات:

- ‌ آفات تقتل الوقت:

- ‌ صورٌ مشرقة لحفظ السلف لوقتهم رحمهم الله:

الفصل: ‌ اغتنام كنوز الحسنات:

[*] • قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قال ابن بطال: معنى الحديث أن المرء لا يكون فارغا، حتى يكون مكفيا صحيح البدن، فمن حصل له ذلك، فليحرص على ألاّ يغبن، بأن يترك شكر الله على ما أنعم به عليه، ومن شكره امتثال أوامره واجتناب نواهيه، فمن فرط في ذلك، فهو المغبون" [فتح الباري: (11/ 230)

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(نعمتان) تثنية نعمة، وهي الحالة الحسنة، أو النفع المفعول على وجه الإحسان للغير. وزاد في رواية " من نعم اللّه "

(مغبون فيهما) بالسكون والتحريك قال الجوهري: في البيع بالسكون وفي الراوي بالتحريك، فيصح كل في الخبر. إذ من لا يستعملهما فيما ينبغي فقد غبن ولم يحمد رأيه

(كثير من الناس: الصحة والفراغ) من الشواغل الدنيوية المانعة للعبد عن الاشتغال بالأمور الآخروية، فلا ينافي الحديث المار: إن اللّه يحب العبد المحترف، لأنه في حرفة لا تمنع القيام بالطاعات. شبه المكلف بالتاجر، والصحة والفراغ برأس المال لكونهما من أسباب الأرباح ومقدمات النجاح فمن عامل اللّه بامتثال أوامره ربح، ومن عامل الشيطان باتباعه ضيع رأس ماله. والفراغ نعمة غبن فيها كثير من الناس. ونبه بكثير على أن الموفق لذلك قليل. وقال حكيم: الدنيا بحذافيرها في الأمن والسلامة. وفي منشور الحكم: من الفراغ تكون الصبوة، ومن أمضى يومه في حق قضاه، أو فرض أدَّاه، أو مجد أثله، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه فقد عتق يومه وظلم نفسه. قال: لقد هاج الفراغ عليك شغلا * وأسباب البلاء من الفراغ. أهـ

[*] • قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه التبصرة:

كان الأسود بن يزيد يصوم حتى يصفر ويخضر وحج ثمانين حجة، وصام منصور بن المعتمر أربعين سنة وقام ليلها وكان يبكي طول الليل فقالت له أمه يا بني لعلك قتلت قتيلاً فيقول أنا أعلم بما صنعت نفسي.

•‌

‌ اغتنام كنوز الحسنات:

ص: 380

من تقرب إلى الله بما افترض عليه فقد نجح، ومن زاد في تقربه إلى ربه بالنوافل فقد أحبه ربه، فعليك أخي أن تستكثر من الأعمال الصالحة مبتدئاً بالفرائض فكملها على أحسن وجه تستطيع، ثم النوافل فالإكثار منها مرقق للقلب، وهناك بعض الأعمال اليسيرة والتي يترتب عليها بإذن الله من الأجرِ العميم ما الله به عليم، ويكون مَنْ وُفِّق لاغتنامها قد عَمِلَ قليلاً وأُجِرَ كثيرا لأنها تُعَدُّ من كنوز الحسنات، وتلك الأعمال يغفل عنها كثير من الناس ويتهاونون بها، مع ما فيها من الثواب العظيم والأجر الجزيل فكم فَرَّطْنَا في قراريطٍ كثيرة، وقد آن الأوان أن نستدرك ما فات بما بقي من الأيام قبل انصرام العمر ومرور الأيام، فَمَنْ كَانَ مِنَّا أَحْسَنَ فَعَلَيْهِ بالتَّمَامِ، وَمَنْ كَانَ مِنَّا أساء فَلْيَخْتِم بالْحُسْنَى، فَالعَمَلُ بَالْخِتَامِ، واعلموا أن السعي للجنة لا يكون بالكلام، ولا بالأماني والأحلام، ولكن بالجِدِ والاهتمام، ودونك باقةً من أجلِّ هذه الأعمال:

(1)

الإكثار من الصلاة في الحرمين الشريفين:

(2)

الصلاة في مسجد قباء:

(3)

المواظبة على صلاة الضحى:

(4)

صلاة ركعتين بعد الشروق:

(5)

الحرص على صلاة الجنازة:

(6)

صلاة العشاء والفجر في جماعة:

(7)

صلاة أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها:

(8)

قيام الليل وإفشاء السلام وإطعام الطعام:

(9)

اغتنام السنن الراتبة مع الفرائض:

(10)

قيام ليلة القدر:

(11)

الإكثار من ذكر الله تعالى:

(12)

الاستغفار المضاعف:

(13)

التسبيح المضاعف:

(14)

الإكثار من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله):

(15)

الإكثار من الصلاة على النبي:

(16)

التسبيح والتحميد والتكبير دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين:

(17)

الإكثار من الباقيات الصالحات:

(18)

الإكثار من تلاوة وحفظ القرآن الكريم:

(19)

تكرار قراءة سورة الإخلاص:

(20)

الترديد خلف المؤذن:

(21)

الإكثار من قول لا إله إلا الله:

(22)

الإكثار من قول سبحان الله وبحمده:

(23)

قول دعاء دخول السوق عند دخول السوق:

(24)

الاعتمار في رمضان:

(25)

التحلي ببعض آداب الجمعة:

(26)

الصيام:

(27)

تفطير الصائمين:

(28)

الدعوة إلى الله والنصح للآخرين:

(29)

عيادة المريض:

(30)

الصيام وإتباع الجنازة وعيادة المريض وإطعام المسكين:

(31)

الإصلاح بين الناس:

(32)

الصدقة الجارية:

(33)

قضاء حوائج الناس:

(34)

اصطناع المعروف والدلالة على الخير:

(35)

السعي على الأرملة والمسكين:

ص: 381

(36)

كفالة اليتيم:

(37)

اغتنام العمل في أيام عشر ذي الحجة:

• وهاك تفصيل هذه الأعمال في إيجازٍ غيرِ مُخِّل:

(1)

الإكثار من الصلاة في الحرمين الشريفين:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.

(حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح ابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام و صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنة و منبري على حوضي.

(حديث أبي سعيد الثابت في صحيح مسلم) قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه فقلت يا رسول الله أي المسجدين الذي أسس على التقوى قال فأخذ كفاً من حصباء فضرب به الأرض ثم قال هو مسجدكم هذا (لمسجد المدينة).

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام و مسجدي هذا و المسجد الأقصى.

(2)

الصلاة في مسجد قباء:

(حديث أُسَيْد بن ظُهَيْر الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاةٌ في مسجد قُباء كعمرة.

(3)

المواظبة على صلاة الضحى:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الضحى صلاة الأوابين.

[4]

تكفَّل الله تعالى لمن ركع أربع ركعات من الضحى كفاه آخر النهار من المؤنة وغيرها.

(حديث أبي ذر الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى: ابن آدم اركع لي أربع ركعات في أول النهار أكفك آخره.

[*] • أفضل وقت الضحى:

(حديث زيد بن أرقم الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الأوابين حين ترمض الفصال.

(صلاة الأوابين) بالتشديد أي الرجاعين إلى اللّه بالتوبة والإخلاص في الطاعة وترك متابعة الهوى

ص: 382

(حين ترمض الفصال) أي حين تصيبها الرمضاء فتحرق أخفافها لشدة الحر فإن الضحى إذا ارتفع في الصيف يشتد حر الرمضاء فتحرق أخفاف الفصال لمماستها وإنما أضاف الصلاة في هذا الوقت إلى الأوابين لأن النفس تركن فيه إلى الدعة والاستراحة فصرفها إلى الطاعة والاشتغال فيه بالصلاة رجوع من مراد النفس إلى مرضاة الرب ذكره القاضي.

[*] • أقل ركعات الضحى ركعتان ويزيد ما شاء:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة و كل تحميدة صدقة و كل تهليلة صدقة و كل تكبيرة صدقة و أمر بالمعروف صدقة و نهي عن المنكر صدقة و يجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى.

(حديث أم هانئ الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة اغتسل في بيتها فصلى ثمان ركعات، فما رأيته صلى صلاة أخف منها غير أنه يُتم الركوع والسجود.

(حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم) قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء.

[*] • يستحب تخفيف صلاة الضحى:

(حديث أم هانئ الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة اغتسل في بيتها فصلى ثمان ركعات، فما رأيته صلى صلاة أخف منها غير أنه يُتم الركوع والسجود.

(4)

صلاة ركعتين بعد الشروق:

(حديث أنس في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلعَ الشمسُ ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ تامةٍ تامة.

(5)

الحرص على صلاة الجنازة:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اتبع جنازة مسلمٍ إيماناً واحتساباً وكان معه حتى يصلي عليها ويُفْرَغ من دفنها فإنه يرجع من الأجرِ بقيراطين كلُ قيراطٍ مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجعُ بقيراط.

(6)

صلاة العشاء والفجر في جماعة:

(حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله.

(7)

صلاة أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها:

(حديث أم حبيبة الثابت في صحيح السنة الأربعة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حافظ على أربع ركعاتٍ قبل الظهر وأربعٍ بعدها حَرُم على النار.

ص: 383

وتكون الأربع القبلية بتسليمتين بعد أذان الظهر وقبل الإقامة، وتكون الأربع البعدية بتسليمتين.

(8)

قيام الليل وإفشاء السلام وإطعام الطعام:

(حديث عبد الله بن سلام الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يأيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام.

[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

(أَفْشُوا السَّلَامَ) أَيْ أَظْهِرُوهُ وَأَكْثِرُوهُ عَلَى مَنْ تَعْرِفُونَهُ وَعَلَى مَنْ لَا تَعْرِفُونَهُ

(وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ) أَيْ لِنَحْوِ الْمَسَاكِينِ وَالْأَيْتَامِ

(وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْغَفْلَةِ فَلِأَرْبَابِ الْحُضُورِ مَزِيدُ الْمَثُوبَةِ أَوْ لِبُعْدِهِ عَنِ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ

(تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ) أَيْ مِنَ اللَّهِ أَوْ مِنْ مَلَائِكَتِهِ مِنْ مَكْرُوهٍ أَوْ تَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ.

• لله در أقوامٍ غسلوا وجوههم بدموع الأحزان، وأحيوْا ليلهم بالذكرِ وتلاوة القرآن، ونصبوا أقدامهم في خدمة الملكِ الديَّان، فكلُ زمانهم رمضان، أفشوْا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، عساهم أن يدخلوا الجنة بسلام.

• لله در أقوامٍ تصوروا مآلهم واستقلوا أعمالهم، (كَانُواْ قَلِيلاً مّن اللّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * َوفِيَ أَمْوَالِهِمْ حَقّ لّلسّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ) عساهم أن ينجو من نار السموم، تعبوا والله قليلاً واستراحوا كثيراً، والمسكين من لم يجد إلى لحاقهم سبيلاً، والمغبون من رَضِيَ بحظه العاجلِ بديلا.

• لله در أقوامٍ غسلتها الدموع وأذلها الخشوع وظهر عليها الاصفرار من الجوع، أحسنوا في الإسلام ثم رحلوا بسلام، لقد سبقوا سبقاً بعيدا وأتعبوا مَنْ بعدهم إتعاباً شديدا، ما بقيَ إلا من إذا صام افتخر بصيامه وطال، وإذا قام أُعجب بقيامه وقال، وتناسى أن هذا وإن كان من كسبه فإنه من فضل ربه الكبير المتعال، وفضله فوق ما يخطر ببال أو يدور في الخيال، ولو سلب الله تعالى عنه فضله لصار قلبه أخلى من جوف البعير.

ص: 384

• لله درُّ تلك القلوبُ الطاهرة، أنوارها في ظلام الدُجى ظاهرة، لله درُّ أقوامٍ تدرعوا بالوقار والسكينة، وعملوا ليومٍ فيه كلُ نفسٍ بما كسبت رهينة، كلُ واحدٌ منهم صدره مشروح، وقلبه مجروح، وجسمه بين يدي ربه مطروح، فلو رأيتهم بين ساجدٍ وراكع، وذليلٍ مخمومٍ متواضع، ومُنَكَّسِ الطرفِ من الخوفِ خاشع، تتجافى جنوبهم عن المضاجع.

• لله درّ أقوامٍ خلعوا الراحة واستفرغوا الوِسْعَ في الطاعة وتاجروا مع ربهم فربحت البضاعة، وبقي الثناء عليهم إلى قيام الساعة.

كان همام بن الحارث يدعو: اللهم ارزقني سهراً في طاعتك فما كان ينام إِلا هنيهة وهو قاعد.

وكان طاوس يتقلب على فراشه ثم يدرجه ويقول: طير ذكر جهنم نوم العابدين 0

وقال القاسم بن راشد الشيباني: كان ربيعة نازلاً بيننا وكان يصلي ليلاً طويلاً فإِذا كان السحر نادى بأَعلى صوته: يا أيها الركب المعرّسون: أهذا الليل تنامون ألا تقومون فترحلون قال: فيسمع من ههنا باك ومن ههنا داع 0

قال الضحَّاك: أدركت قوماً يستحيون من الله في سواد هذا الليل من طول الضجعة 0

(35)

اغتنام السنن الراتبة مع الفرائض:

(حديث أم حبيبة الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة.

(حديث عائشة الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ثابر على اثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة أربع ركعات قبل الظهر و ركعتين بعده و ركعتين بعد المغرب و ركعتين بعد العشاء و ركعتين قبل الفجر.

(10)

قيام ليلة القدر:

• فضل ليلة القدر:

ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر: ثواب قيامها أفضل من ثواب العبادة لمدة ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريباً.

قال تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)) القدر / 3)

وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن قيامها يترتب عليه غفران الذنب،

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يقم ليلة القدر إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)

• في أي الليالي تكون ليلة القدر؟

القول الصحيح الذي دلت عليه السنة الثابتة الصحيحة وتجتمع فيه الأدلة أن ليلة القدر تكون في العشر الأواخر من رمضان، وأرجاها في الوتر من العشر الأواخر، وأشدَّها رجاءاً أن تكون ليلة سبعٍ وعشرين:

ص: 385

(حديث عائشة الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان)

(حديث أبيَّ بن كعب الثابت في صحيح مسلم) أنه قال: والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان، يحلفُ ما يستثني والله إني لأعلمُ أيُ ليلةٍ هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلةُ سبعٍ وعشرين وأمارتُها أن تطلع الشمسُ في صبيحة يومها بيضاءَ لا شعاعَ فيها)

(حديث معاوية الثابت في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليلة القدر ليلةُ سبعٍ وعشرين)

• الدعاء المستحب في ليلة القدر:

(حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي) قالت: (قُلْتُ يا رَسُولَ الله أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أيّ لَيْلَةٍ لَيْلَةٍ القَدْرِ مَاذا أقُولُ فِيهَا؟ قالَ: قُولِي اللّهُمّ إِنّكَ عَفُوّ تُحِبُ العَفْوَ فاعْفُ عَنّي)

(11)

الإكثار من ذكر الله تعالى:

قال تعالى (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ اللّهَ ذِكْراً كَثِيراً، وَسَبّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)

[الأحزاب:41، 42]

و قال تعالى: (وَالذّاكِرِينَ اللّهَ كَثِيراً وَالذّاكِرَاتِ أَعَدّ اللّهُ لَهُم مّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)

[الأحزاب / 35]

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملٍ خيرٌ منهم، وإن تقَّرب إليَّ شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إليَّ ذراعا تقربت إليه باعا و إن أتاني مشيا أتيته هَرْوَلَةً.

ص: 386

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لله ملائكة يطوفون في الطرقات يلتمسون الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجاتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا فيسألهم ربهم و هو أعلم منهم: ما يقول عبادي؟ فيقولون: يسبحونك و يكبرونك و يحمدونك و يمجدونك فيقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا و الله ما رأوك فيقول: كيف لو رأوني؟ فيقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة و أشد لك تمجيدا و أكثر لك تسبيحا فيقول: فما يسألوني؟ فيقولون: يسألونك الجنة فيقول: و هل رأوها؟ فيقولون: لا و الله يا رب ما رأوها فيقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ فيقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا و أشد لها طلبا و أعظم فيها رغبة قال: فمم يتعوذون؟ فيقولون: من النار فيقول الله: هل رأوها؟ فيقولون: لا و الله يا رب ما رأوها فيقول: فكيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارا و أشد لها مخافة فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم فيقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة! فيقول: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم.

(حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة) قال: قلت يا رسول الله ما غنيمة مجالس الذكر؟ قال: "غنيمة مجالس الذكر الجنة".

الغنيمة: هو الفوز بالشيء وحيازته، وهو مافيه من الأجر والثواب.

(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) قال: خرج معاوية على حلقة في المسجد فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله تعالى، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم استحلفكم تهمة لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل عنه حديثًا مني، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: ((ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنَّ علينا بك، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: آلله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن الله تبارك وتعالى يباهي بكم الملائكة.

(حديث أبي موسى الأشعري في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت.

ص: 387

(حديث أبي موسى الأشعري في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت.

[*] قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: إن الذي يوصف بالحياة والموت حقيقة هو الساكن لا الموطأ، وإن إطلاق الحي والميت في وصف البيت إنما يراد به ساكن البيت، فشبه الذاكر بالحي الذي ظاهره متزين بنور الحياة وباطنة بنور المعرفة وغير الذاكر بالبيت الذي ظاهره عاطل وباطنه باطل، وقيل موقع التشبيه بالحي والميت لما في الحي من النفع لمن يواليه والضر لمن يعاديه وليس ذلك في الميت. اهـ

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملٍ خيرٌ منهم، وإن تقَّرب إليَّ شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إليَّ ذراعا تقربت إليه باعا و إن أتاني مشيا أتيته هَرْوَلَةً.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبق المُفَرِدون، قالوا وما المفردون؟ قال الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.

(حديث عائشة في صحيح مسلم) قالت: كان رسول صلى الله عليه وسلم الله يذكر الله على كلِ أحيانه.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده.

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله عز وجل لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم منادٍ من السماء أن قوموا مغفوراً لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات.

(حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قال: كان رجلٌ يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين، فتغشته سحابة، فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: تلك السكينة تنزلت بالقرآن.

(حديث أبي هريرة في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثلِ جيفةِ حمار و كان لهم حسرة.

ص: 388

(حديث عائشة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها إلا حسر عليها يوم القيامة.

(حديث أبي الدر داء في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أنبئكم بخيرأعمالكم و أزكاها عند مليككم و أرفعها في درجاتكم و خيرٌ لكم من إنفاق الذهب و الورق و خيرٌ لكم من أن تلقوْا عدوكم فتضربوا أعناقهم و يضربوا أعناقكم؟ قالوا بلى، قال: ذكر الله.

(حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خذوا جُنَّتَكم من النار قولوا: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات و معقبات و مجنبات و هن الباقيات الصالحات.

(حديث أبي هريرة في صحيح أبي داوود) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثلِ جيفةِ حمار و كان لهم حسرة.

(حديث ابن مسعود في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفارة المجلس أن يقول العبد: سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أستغفرك وأتوب إليك.

(حديث أبي هريرة في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم ربنا و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك.

(حديث عائشة في صحيح مسلم) قالت: كان رسول صلى الله عليه وسلم الله يذكر الله على كلِ أحيانه.

(حديث علي الثابت في الصحيحين) أن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى – وبلغها أنه قد جاءه رقيق – فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة، قال فجاء وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم له فقال على مكانكما فقعد بيني وبيننا حتى وجدت برد قدمه على بطني فقال ألا أدلكما على خيرٍ مما سألتما، إذا أخذتما مضاجعكما - أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبِّرا أربعاً وثلاثين فهو خير لكما من خادم.

ص: 389

- ولا يزال المرء مُكْثِرَاً من ذكر الله تعالى حتى يظهر ذلك على جوارحه، بل إذا رؤي ذكر الله.

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أولياء الله تعالى: الذين إذا رءوا ذكر الله تعالى.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة). قال: قلت: يا رسول الله، شكا حاجة شديدة، وعيالا فرحمته فخليت سبيله، قال:(أما إنه قد كذبك، وسيعود). فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنه سيعود). فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يا أباهريرة ما فعل أسيرك). قلت: يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالا، فرحمته فخليت سبيله، قال:(أما إنه كذبك، وسيعود). فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله، وهذا آخر ثلاث مرات تزعم لا تعود، ثم تعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت ما هو؟ قال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي:{الله لا إله إلا هو الحي القيوم} . حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما فعل أسيرك البارحة). قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله، قال:(ما هي). قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم:{الله لا إله إلا هو الحي القيوم} . وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح - وكانوا أحرص شيء على الخير - فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة). قال: لا، قال:(ذاك شيطان).

ص: 390

(حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن وأن يأمر بني اسرائيل أن يعملوا بهن فكأنه أبطأ بهن فأوحى الله الى عيسى: إما أن يبلغهن أو تبلغهن فأتاه عيسى فقال له انك أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن وتأمر بني اسرائيل أن يعملوا بهن فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن فقال له يا روح الله ان أخشى ان سبقتني أن أعذب أو يخسف بي فجمع يحيى بني اسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد فقعد على الشرفات فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن ، ثم ذكر التوحيد والصلاة والصيام والصدقة

ثم ذكر الخامسة: وأمركم بذكر الله كثيرا ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه ، وان العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى.

فهذا الحديث مشتمل على فضيلة عظيمة للذكر، وأنه يطرد الشيطان وينجي منه، وأنه بمثابة الحصن الحصين والحرز المكين الذي لا يحرز العبد نفسه من هذا العدو اللدود إلا به.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نودي لصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى النداء أقبل، حتى إذا ثوّب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضى التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى.

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال إذا خرج من بيته: بسم الله توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كفيت ووقيت، وتنحى عنه الشيطان.

(حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه.

ص: 391

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قال: جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضلٌ من أموالاٍ يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أحدثكم بما إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدركم أحدٌ بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم إلا من عمل مثله؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين، فاختلفنا بيننا فقال بعضنا نسبح ثلاثاً وثلاثين ونحمد ثلاثاً وثلاثين ونكبِّر ثلاثاً وثلاثين فرجعت إليه فقال: تقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر حتى يكون منهن كلهن ثلاثاً وثلاثين.

أهل الدثور: أي أهل الأموال والدثور: بضم الدال وجمع دثر بفتحها وهو المال الكثير.

والبُضْع: هو بضم الباء ويطلق على الجماع ويطلق على الفرج نفسه، هو الجماع وقيل الفرج نفسه.

[*] قال الإمام النووي رحمه الله تعالى:

قوله صلى الله عليه وسلم:" وفي بضع أحدكم صدقة" وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به أو طلب ولد صالح أو إعفاف نفسه أو إعفاف الزوجة ومنعها جميعاً من النظر إلى الحرام أو الفكر فيه أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد الصالحة.

- وقد ظنّ الفقراء أن لا صدقة إلا بالمال، وهم عاجزون عن ذلك، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ جميع أنواع فعل المعروف والإحسان صدقةٌ، وذكر في مقدّمة ذلك هؤلاء الكلمات الأربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

[*] قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " لأن أسبح الله تعالى تسبيحات أحب إلي من أن أنفق عددهن دنانير في سبيل الله عز وجل ".

(حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما عمل امرؤ بعمل أنجى له من عذاب الله عز وجل من ذكر الله.

ص: 392

(حديث عبد الله بن عمرو في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يُصاحُ برجلٍ من أمتي يوم القيامة على رءوس الخلائق فينشر له تسعة و تسعون سجلا كل سجل مد البصر ثم يقول الله تبارك و تعالى: هل تنكر من هذا شيئا؟ فيقول: لا يا رب فيقول: أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب ثم يقول: ألك عذر ألك حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة و إنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول: إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة و البطاقة في كفة فطاشت السجلات و ثقلت البطاقة.

(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا". قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: "حلق الذكر.

الرتع: هو الأكل والشرب في خصب وسعة.

[*] قال المناوي في فيض القدير:

"إذا مررتم برياض الجنة": جمع روضة وهي الموضع المعجب بالزهر سميت به لاستراضة الماء السائل إليها.

"فارتعوا": أي ارتعوا كيف شئتم وتوسعوا في اقتناص الفوائد قالوا: أي الصحابة أي بعضهم.

"وما رياض الجنة": أي ما المراد بها "قال حلق الذكر" بكسر ففتح جمع حلقة بفتح فسكون، وهي جماعة من الناس يستديرون لحلقة الباب وغيره والتحلق تفعل منها وهو أن يتعمد ذلك.

[*] قال النووي رحمه الله: كما يستحب الذكر يستحب الجلوس في حلق أهله وقد تظاهرت على ذلك الأدلة. اهـ.

(12)

الاستغفار المضاعف:

وهو مثل قولك: (اللهم إغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات).

(حديث عبادة في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمنٍ حسنة.

(13)

التسبيح المضاعف:

وهو مثل قولك: (سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود) قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند جويرية وكان اسمها برة فحول اسمها فخرج وهي في مصلاها ورجع وهي في مصلاها فقال لم تزالي في مصلاك هذا قالت نعم قال قد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

(14)

الإكثار من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله):

ص: 393

(حديث أبي موسى في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.

(حديث حازم بن حرملة الأسلمي رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) قال: مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: يا حازم! أكْثر منْ قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنّها من كنوز الجنّة.

معنى كنز من كنوز: سمي هذه الكلمة كنزاً لنفاستها وصيانتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله من ذخائر الجنة ومحصلات نفائسها ويحصل لقائله ثواباً نفيساً يدخر له في الجنة.

[*] قال النووي رحمه الله تعالى: قوله صلى الله عليه وسلم: "لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة" قال العلماء: سبب ذلك أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى واعتراف بالإذعان له وأنه لا صانع غيره ولا راد لأمره وأن العبد لا يملك شيئاً من الأمر.

- ومعنى الكنز هنا: أنه ثواب مدخر في الجنة وهو ثواب نفيس كما أن الكنز النفيس أموالكم. ويدل لذلك الحديث الآتي:

(حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أدلك على باب من أبواب الجنة؟ " قلت: بلى قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله.

فمن صلّى عليه صلاةً واحدة صلى الله عليه بها عشراً، ويكون أولى الناس به يوم القيامة، وقد وكل الله سبحانه وتعالى ملائكة سياحين يحملون صلاة الأمة إلى نبيهم.

قال تعالى: (إِنّ اللّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النّبِيّ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ صَلّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً)[الأحزاب / 56]

(حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله و أرجوا أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة

.

(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح النسائي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى عليَّ صلاة واحدة، صلى اللَّه عليه عشر صلوات، وحُطت عنه عشر خطيئات، ورُفعت له عشر درجات.

(حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى عليَّ أو سأل ليَ الوسيلة حقت عليه شفا عتي يوم القيامة.

ص: 394

(حديث أبي بن كعب رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) قال: قلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي فقال ما شئت قال قلت الربع قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قلت النصف قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قال قلت فالثلثين قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قلت أجعل لك صلاتي كلها قال إذا تُكْفَى هَمُك ويغفر لك ذنبك.

(16)

التسبيح والتحميد والتكبير دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين:

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا و ثلاثين و حمد الله ثلاثا و ثلاثين و كبر الله ثلاثا و ثلاثين فتلك تسع و تسعون و قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير غفرت خطاياه و إن كانت مثل زبد البحر.

(17)

الإكثار من الباقيات الصالحات:

الباقيات الصالحات هن (سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر) بنص السنة الصحيحة.

• معنى الباقيات الصالحات:

الباقيات الصالحات: هي ما يتبقى لنا في الآخرة من الأعمال الصالحه، فالباقيات الصالحات أي: التي يبقى ثوابها، ويدوم جزائها وهذا خير أمل يأمله العبد و أفضل ثواب يتمناه.

- وهذا هو المأمول الحقيقي الذي يكون للعبد ويبقى قال تعالى: ""الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا""[الكهف/ 46]

وقال تعالى: ""وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا""[مريم/ 76]

- بخلاف الآمال الزائلة التي تذهب وقد لا يحصل على شيء منها، وإذا حصل فلا حظ له في شيء من ذلك إلا ما قَدَّمَه كما في الحديثين الآتيين:

(حديث عبد الله بن الشخير الثابت في صحيح مسلم) أنه إنتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ (ألهاكم التكاثر) قال: يقول بن آدم مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأمضيت أو أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت)

ص: 395

(حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح النسائي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا يا رسول الله ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعلموا أنه ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله مالك ما قدمت ومال وارثك ما أخرت.

فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الباقي هو المقدم، وأن الذي أخره ليس من ماله، وليس له من الدنيا إلا ما لبس فأبلى، أو أكل فأمنى أو تصدق فأمضى، وعلى هذا فجديرٌ بكل مسلمٍ أن يندم أشد الندم على كل يومٍ غربت شمسُه نقص فيه أجله ولم يزد فيه عمله.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خذوا جنتكم من النار قولوا: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر فإنهنَّ يأتين يوم القيامة مقدمات و معقبات و مجنبات و هن الباقيات الصالحات.

"مقدمات": يعني يُقدّمْن صاحبَهنّ إلى الجنة.

"ومعقبات": يعني حافظات.

"ومجنبات": يعني يُجَنِّبْنَ صاحبَهنَّ النار.

(حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لا يضرك بأيهن بدأت.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس.

(حديث أم هانئ بنت أبي طالب الثابت في السلسلة الصحيحة) قالت: مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: "إنِّي قد كبرتُ وضعُفت - أو كما قالت - فمُرني بعمل أعمله وأنا جالسة. قال: "سبّحي اللهَ مائة تسبيحة، فإنَّها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدة، تعدل لكِ مائة فرس مُسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكَبِّري اللهَ مائة تكبيرة فإنَّها تعدل لك مائة بدَنة مُقلّدة متقبّلَة، وهلِّلي مائة تهليلة - قال ابن خلف (الراوي عن عاصم) أحسبه قال -: تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحدٍ عملٌ إلا أن يأتي بمثل ما أتيتِ به".

مُسرجة ملجمة: أي: عليها سرجها ولجامها لحمل المجاهدين في سبيل الله

ص: 396

(حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما على الأرض أحد يقول لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله إلا كفرت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر.

(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي): أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بشجرة يابسة الورق فضربها بعصاه فتناثر الورق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر لَتُساقط من ذنوب العبد كما تَساقط ورق هذه الشجرة.

(حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

قيعان: جمع قاع وهي الأرض المستوية الخالية من الشجر.

غراس جمع غرس وهو: ما يستر الأرض من البذر ونحوه.

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر غرس الله بكل واحدة منهن شجرة في الجنة.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى اصطفى من الكلام أربعا: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر فمن قال: سبحان الله كتبت له عشرون حسنة و حطت عنه عشرون سيئة و من قال: الله أكبر مثل ذلك و من قال: لا إله إلا الله مثل ذلك و من قال: الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتبت له ثلاثون حسنة و حط عنه ثلاثون خطيئة.

(حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئا فعلمني ما يجزئني منه قال قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله قال يا رسول الله هذا لله عز وجل فما لي قال قل اللهم ارحمني وارزقني وعافني واهدني فلما قام قال هكذا بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد ملأ يده من الخير.

ص: 397

(حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد ينعطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل تذكر بصاحبها أما يحب أحدكم أن يكون له أو لا يزال له من يذكر به.

(حديث ثوبان رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان: لا إله إلا الله و سبحان الله و الحمد لله و الله أكبر و الولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه.

(حديث أبي ذر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم): أنَّ ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله ذهب أهل الدُّثور بالأجور، يصلّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدّقون بفضولِ أموالهم". قال: "أوَ ليس قد جعل الله لكم ما تصدّقون؟ إنَّ بكلِّ تسبيحة صدقة، وكلِّ تكبيرة صدقة، وكلِّ تحميدة صدقة، وكلِّ تهليلةٍ صدقة، وأمرٍ بالمعروف صدقة، ونهيٍ عن منكرٍ صدقة، وفي بُضعِ أحدكم صدقة". قالوا: "يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوتَه ويكون له فيها أجرٌ؟ " قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ".

أهل الدثور: أي أهل الأموال والدثور: بضم الدال وجمع دثر بفتحها وهو المال الكثير.

والبُضْع: هو بضم الباء ويطلق على الجماع ويطلق على الفرج نفسه، هو الجماع وقيل الفرج نفسه.

(حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود) قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزئني منه قال قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله قال يا رسول الله هذا لله عز وجل فما لي قال قل اللهم ارحمني وارزقني وعافني واهدني فلما قام قال هكذا بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد ملأ يده من الخير.

(18)

الإكثار من تلاوة وحفظ القرآن الكريم:

قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ [فاطر:29]،

ص: 398

(حديث ابن مسعودٍ في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة و الحسنة بعشر أمثالها لا أقول: {ألم} حرف و لكن: ألف حرف و لام حرف و ميم حرف.

(حديث عبد الله بن عمرو في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقال لصاحب القرآن: اقرأ و ارق و رتل كما كنت ترتل في دار الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها.

(19)

تكرار قراءة سورة الإخلاص:

فإنها تعدل ثلث القرآن في الأجر والمعنى لما تحويه من توحيد الله وتعظيمه وتقديسه.

(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أن رجلا سمع رجلا يقرأ: {قل هو الله أحد} . يرددها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن).

(حديث ابن عباس في صحيح الترمذي){إذا زلزلت} تعدل نصف القرآن و {قل يا أيها الكافرون} تعدل ربع القرآن و {قل هو الله أحد} تعدل ثلث القرآن.

[*] قال الشيخ الألباني: صحيح دون فضل زلزلت

(20)

الترديد خلف المؤذن:

(حديث أبي سعيد في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن.

(حديث عمر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله فقال أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله فقال أشهد أن محمدا رسول الله فقال أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة فقال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر فقال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله فقال لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة.

(حديث معاوية في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول حتى إذا بلغ: حي على الصلاة حي على الفلاح قال: لا حول و لا قوة إلا بالله.

ص: 399

(حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله و أرجوا أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة.

(حديث سعد بن أبي وقاص في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يسمع النداء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله رضيت بالله ربا و بمحمد رسولا و بالإسلام دينا غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

(حديث جابر في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة و الصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة و الفضيلة و ابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفا عتي يوم القيامة.

(21)

الإكثار من قول لا إله إلا الله:

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب و كتبت له مائة حسنة و محيت عنه مائة سيئة و كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي و لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل عملا أكثر من ذلك.

(22)

الإكثار من قول سبحان الله وبحمده:

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال: سبحان الله و بحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه و إن كانت مثل زبد البحر.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح و حين يمسي: سبحان الله العظيم و بحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ذلك و زاد عليه.

(23)

قول دعاء دخول السوق عند دخول السوق:

(حديث ابن عمر في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يدخل السوق: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يُحيي ويُميت وهو حيٌ لا يموت بيده الخير و هو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحى عنه ألف ألف سيئةٍ وبنى له بيتاً في الجنة.

(24)

الاعتمار في رمضان:

(حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فإن عمرةً في رمضان تعدل حجة معي.

ص: 400

(25)

التحلي ببعض آداب الجمعة:

(حديث أوس ابن أوس الثابت في صحيح السنن الأربعة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من اغتسل يوم الجمعة وغسَّل وبكَّر وابتكر ودنا واستمع وأنصت كان له بكلِ خُطوةٍ يخطوها أجرُ سنةٍ صيامُها وقيامها.

(26)

الصيام:

حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإكثار من صوم النفل طوال أيام السنة فرغب في صيام أيام الإثنين والخميس، وأيام البيض، وشهر شعبان، وصيام ست من شوال، وشهر الله المحرم، وعشر ذي الحجة، وصيام يوم عرفة لغير الحاج، ويوم عاشوراء.

• الصيام له أجرٌ عظيم:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عز وجل: كلُ عملِ بن آدم له إلا الصيامُ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيامُ جنةُ فإذا كان يومُ صومِ أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل فإن شاتمه أحدُ أو قاتله فليقل صائمٌ مرتين، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيبُ عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه)

(حديث أبي أمامة الثابت في صحيح النسائي) أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم مُرني بأمرٍ ينفعني الله به، قال: عليك بالصيام فإنه لا مثل له)

• والصيام مما يتقى به من النار:

(حديث أبي سعيد الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صام يوماً في سبيل الله بَعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)

{تنبيه} المقصود (بسبعين خريفاً) أي سبعين سنة، وإنما خص فصل الخريف عن سائر الفصول لأنه أزكى الفصول لأنه يُجنى فيه الثمار.

• في الجنة باب خاصٌ للصائمين:

(حديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في الجنة ثمانية أبواب، فيها بابٌ يُسمى الريَّان لا يدخله إلا الصائمون)

(27)

تفطير الصائمين:

(حديث زيد بن خالد الجهني الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فطَّر صائماً كان له مثلُ أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً)

(28)

الدعوة إلى الله والنصح للآخرين:

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا و من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا.

ص: 401

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء.

[*] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

هذان الحديثان صريحان في الحث على استحباب سن الأمور الحسنة وتحريم سن الأمور السيئة، وأن من سن سنة حسنة كان له مثل أجر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة، وأن من دعا إلى هدى كان له مثل أجور متابعيه، أو إلى ضلالة كان عليه مثل آثام تابعيه، سواء كان ذلك الهدى والضلالة هو الذي ابتدأه أم كان مسبوقاً إليه، وسواء كان ذلك تعليم علم أو عبادة أو أدب أو غير ذلك. قوله صلى الله عليه وسلم:"فعمل بها بعده" معناه إن سنها سواء كان العمل في حياته أو بعد موته والله أعلم.

(29)

عيادة المريض:

(حديث ثوبان الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خُرفة الجنة حتى يرجع، قيل يا رسول الله وما خُرفة الجنة؟ قال: جناها.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل يقول يوم القيامة يا بن آدم مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يا رب وكيف أطعمك وأنت رب العالمين قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي يا بن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي.

(حديث علي الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي و إن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح و كان له خريف في الجنة.

[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

ص: 402

(غُدْوَةً) بِضَمِّ الْغَيْنِ: مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْغَدْوَةِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَلِكِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَوَّلُ النَّهَارِ، وَمَا قَبْلَ الزَّوَالِ (إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ: دَعَا لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ

(حَتَّى يُمْسِيَ) مِنَ الْإِمْسَاءِ

(وَإِنْ عَادَهُ) إِنْ نَافِيَةٌ بِدَلَالَةِ إِلَّا، وَلِمُقَابَلَتِهَا مَا

(عَشِيَّةً) أَيْ: مَا بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ أَوَّلَ اللَّيْلِ

(وَكَانَ لَهُ) أَيْ: لِلْعَائِدِ (خَرِيفٌ) أَيْ: بُسْتَانٌ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الثَّمَرُ الْمُجْتَنَى أَوْ مَخْرُوفٌ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.

{تنبيه} : يجوز للمسلم أن يعود الكافر بغرض الدعوة إن رُجِي إسلامه وإلا فلا:

(حديث أنس الثابت في صحيح البخاري) قال: كان غلامٌ يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه وقال له أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أخرج من في النار.

(30)

الصيام وإتباع الجنازة وعيادة المريض وإطعام المسكين:

إذا اجتمعت في مسلم في يوم دخل الجنة بفضل الله كما حصل لأبي بكر صلى الله عليه وسلم.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أصبح منكم صائماً؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم منكم مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة.

(31)

الإصلاح بين الناس:

قال تعالى: (لاّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مّن نّجْوَاهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَآءَ مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)(النساء / 114)

وقال تعالى: (فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ)(الأنفال / 1)

وقال تعالى: (إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)(الحجرات / 10)

ص: 403

(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل سُلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الاثنين صدقة و يعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع له عليها متاعه صدقة و الكلمة الطيبة صدقة و كل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة و يميط الأذى عن الطريق صدقة.

(حديث أم كلثوم بنت عقبة في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الكذاب بالذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا.

زاد مسلم (ولم أسمعه يُرَخَّص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها)

(حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل الكذب إلا في ثلاث: يحدث الرجل امرأته والكذب في الحرب والكذب ليصلح بين الناس.

(حديث أبي الدر داء في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام و الصلاة و الصدقة؟ إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة.

(32)

الصدقة الجارية:

كالمساعدة في بناء مسجد أو بئر أو مدرسة أو ملجأ أو تربية الأطفال على الدين الصحيح والآداب الإسلامية وتربية الولد على الصلاح، فإنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ومنها ولد صالح يدعو له، وكذلك نشر وطباعة الكتب ونسخ الأشرطة المفيدة وتوزيعها ودعم ذلك مادياً عن طريق مكاتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات والمؤسسات الخيرية وغيرها.

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقةٍ جارية أو علمٍ ينتفع به أو ولدٌ صالحٌ يدعو له.

(33)

قضاء حوائج الناس:

(حديث جابر في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن يألف و يؤلف و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس.

(حديث محمد بن المنكدر في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أفضل العمل إدخال السرور على المؤمن تقضي عنه دينا تقضي له حاجة تنفس له كربة.

ص: 404

(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أحب الناس إلى الله أنفعهم و أحب الأعمال إلى الله عز و جل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا و من كف غضبه ستر الله عورته و من كظم غيظا و لو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة و من مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام و إن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل.

(34)

اصطناع المعروف والدلالة على الخير:

(حديث جابر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل معروف صدقة.

(حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل معروف صدقة، والدال على الخير كفاعله.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(كل معروف صدقة) قال القاضي: المعروف في اصطلاح الشارع ما عرف حسنه بالشرع وبإزائه المنكر وهو ما أنكره وحرمه وقال الراغب: المعروف اسم لكل ما عرف حسنه بالشرع والعقل معاً ويطلق على الاقتصاد لثبوت النهي عن السرف وقال ابن أبي جمرة: يطلق المعروف على ما عرف بأدلة الشرع أنه من عمل البرّ جرت به العادة أم لا.

(والدال على الخير كفاعله) أي المتحير في أمره الحزين المسكين. (تنبيه) قال الماوردي: المعروف نوعان قول وعمل فالقول طيب الكلام وحسن البشر والتودد بجميل القول والباعث عليه حسن الخلق ورقة الطبع لكن لا يسرف فيه فيكون ملقاً مذموماً وإن توسط واقتصد فهو برٌّ محمود وفي منثور الحكم من قلَّ حياؤه قلَّ أحباؤه والعمل بذل الجاه والإسعاف بالنفس والمعونة في النائبة والباعث عليه حب الخير للناس وإيثار الصلاح لهم وليس في هذه الأمور سرف ولا لغايتها حد بخلاف الأولى فإنها وإن كثرت أفعال تعود بنفعين نفع على فاعلها في اكتساب الأجر وجميل الذكر ونفع على المعان بها في التخفيف والمساعدة فلذلك سماه هنا صدقة.

(35)

السعي على الأرملة والمسكين:

(حديث صفوان بن سليم رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو: كالذي يصوم النهار ويقوم الليل.

[*] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:

ص: 405

ومعنى الساعي: الذي يذهب ويجيء في تحصيل ما ينفع الأرملة والمسكين والارملة بالراء المهملة التي لا زوج لها. أهـ

مسألة: ما الفرق بين الفقير والمسكين؟

(الفقير) الذين لا يجد شيئاً، أو يجد بعض الكفاية (أقل من النصف)

(المسكين) يجد نصف الكفاية أو أكثر من النصف، ودون الكفاية.

مسألة: كيف تعرف أن الرجل عنده نصف الكفاية أو أقل أو يزيد؟

يكون ذلك بخصم الإيرادات من المصروفات.

مسألة: إنسان يأخذ راتب شهري مقداره خمسة آلاف في السنة، وينفق في السنة عشرة آلاف، هل هو فقير أم مسكين؟

هو مسكين لأنه يجد نصف الكفاية.

مسألة: إذا كان راتبه أربعة آلاف، ومصروفه عشرة آلاف هل هو فقير أم مسكين؟

هو فقير لأنه يجد أقل من النصف.

مسألة: إذا لم يكن عنده شيئ ولا وظيفة ولا عمل؟

يكون فقير.

مسألة: هل المعتبر ما يكفي الإنسان للأكل والشرب فقط، أم المعتبر أيضاً السكنى و الإعفاف بالنكاح؟

المعتبر، الأكل والشرب والسكنى والإعفاف.

مسألة: إنسان عنده ما يكفيه من الأكل والشرب والكسوة و المسكن، وليس عنده مهرٌ ليتزوج به، هل يستحق الزكاة؟

نعم نعطيه ليعف نفسه.

[*] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

المراد بالساعي الكاسب لهما العامل لمؤنتهما، والأرملة من لا زوج لها سواء كانت تزوجت أم لا، وقيل هي التي فارقت زوجها، قال ابن قتيبة: سميت أرملة لمايحصل لها من الإرمال وهو الفقر وذهاب الزاد بفقد الزوج، يقال أرمل الرجل إذا فني زاده.

(36)

كفالة اليتيم:

(حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وقال بإصبعيه السبابة والوسطى.

[*] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح:

أنا وكافل اليتيم أي القيم بأمره ومصالحه.

قال بن بطال حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك. أهـ

[*] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم:

كافل اليتيم القائم بأموره من نفقه وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك، وهذه الفضيلة تحصل لمن كفله من مال نفسه أو من مال اليتيم بولاية شرعية.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(أنا وكافل اليتيم) أي القائم بأمره ومصالحه هبه من مال نفسه أو من مال اليتيم كان ذا قرابة أم لا

ص: 406