الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(حديث صُهَيْبٍ رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في قَوْلِهِ {لِلّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قالَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنّةِ الْجَنّةَ، نَادَى مُنَادٍ إِنّ لَكُمْ عِنْدَ الله مَوْعِداً، قَالُوا أَلَمْ يُبَيّضْ وُجُوهَنَا وَيُنَجّينَا مِنَ النّارِ وَيُدْخِلْنَا الْجَنّةَ؟ قَالُوا بَلَى، فَينكشفُ الْحِجَابُ، قالَ: فَوَالله مَا أَعْطَاهُمْ شَيْئاً أَحَبّ إِلَيْهِمْ مِنَ النظَرِ إِلَيْهِ» .
وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا.
•
ما يتحف به أهل النار عند دخولهم إليها:
ما يتحف به أهل النار عند دخولهم إليها أجارنا الله منها بمنه وكرمه. قال الله تعالى {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} [الواقعة 51 – 56]
والنزل هو ما يعد للضيف عند قدومه. فدلت هذه الآيات على أن أهل النار يتحفون عند دخولها بالأكل من شجر الزقوم، والشرب من الحميم، وهم إنما يساقون إلى جهنم عطاشا، كما قال تعالى:{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم 86].
•
تخاصم أهل النار:
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالى عَنْ أَهْلِ النَّارِ، وَكَيْفَ يَتَنَكَّرُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَكَيْفَ يَتَشَاتَمُونَ وَيَتَلَاعَنُونَ، وَيُكَذِّبُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَحِينَمَا يَرَى جَمَاعَةُ الكُبَرَاءِ، الذِينَ دَخَلُوا النَّارَ، فَوْجاً يَدْخُلُهَا مِنَ الأَتْبَاعِ الذِينَ يَعْرِفُونَهُمْ فِي الدُّنْيَا، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا فَوْجٌ مِنَ الكَفَرَةِ الضَّالينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ مَعَكُمْ، فَلَا مَرْحَباً بِهِمْ، إِنَّهُمْ َسَيَذُوقُونَ عَذَابَ النَّارِ، وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرَهَا.
فَيَردُّ عَلَيْهِمُ الأَتْبَاعُ الدَّاخِلُونَ قَائِلِينَ لَهُمْ، وَقَدْ سَمِعُوا مَقَالَتَهُمْ: بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَباً بِكُمْ فَأَنْتُمْ الذِينَ أَضْلَلْتُمُونَا وَدَعَوْتُمُونَا إِلَى مَا أَفْضَى بِنَا إِلَى هَذَا
فَيَقُولُ الأَتباعُ دَاعِينَ عَلَى رُؤُوسِ الضَّلَالَةِ: رَبَّنَا عَذِّبْ مَنْ كَانَ السَّبَبَ فِي وُصُولِنَا إِلَى هَذَا العَذَابِ وأذِقْهُ عَذَاباً مُضَاعَفاً فِي النَّارِ: عَذَاباً لِضَلَالِهِ، وَعَذَاباً آخَرَ لإِضْلَالِهِ غَيْرَهُ.
ثُمَّ يَلْتَفِتُ أَهْلُ النَّارِ لِيَبْحَثُوا بِأنْظَارِهِمْ فِي النَّارِ عَنْ فُقَرَاءِ المُؤْمِنِينَ، وَضُعَفَائِهِمْ، الذِينَ كَانُوا يَسْخَرُونَ مِنْهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَعُدُّونَهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ، فَلَا يَرَوْنَهُمْ فِي النَّارِ، فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لِمَاذَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ أَشْرَاراً فِي الدُّنْيَا، وَكُنَّا نَسْخَرُ مِنْ دَعْوَتِهِمْ إِيَّانَا إِلى الإِيْمَانِ؟ (وَهُمْ يَقْصِدُونَ فَقَرَاءَ المُؤْمِنِينَ).
ثُمَّ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَلِ اتَّخَذْنَاهُمْ مَوْضُوعاً لِلْهُزْءِ والسُّخْرِيَةِ، وَهُمْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلاً لِذَلِكَ، فَكَانُوا عَلَى حَقٍّ، وَكُنَّا عَلَى بَاطِلٍ، فَفَازُوا بِدُخُولِ الجَنَّةِ، وَلَمْ يَدْخُلُوا النَّارَ مَعَنَا، أَمْ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ مَعَنَا وَلَكِنَّ أَبْصَارَنَا زَاغَتْ عَنْهُمْ، فَلَمْ تَقَعْ عَلَيْهِمْ؟
وَهَذَا الذِي أَخْبَرْنَاكَ بِهِ يَا مُحَمَّدُ مِنْ أَحَادِيثِ أَهْلِ النَّارِ وَتَخَاصُمِهِمْ وَتَلَاعُنِهِمْ، لَحَقٌّ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَقَع.
إن الله طرد الكافرين من رحمته في الدنيا والآخرة، وأعدَّ لهم في الآخرة نارًا موقدة شديدة الحرارة، ماكثين فيها أبدًا، لا يجدون وليًّا يتولاهم ويدافع عنهم، ولا نصيرًا ينصرهم، فيخرجهم من النار. يوم تُقَلَّب وجوه الكافرين في النار يقولون نادمين متحيِّرين: يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا رسوله في الدنيا، فكنا من أهل الجنة.
وقال الكافرون يوم القيامة: ربنا إنا أطَعْنا أئمتنا في الضلال وكبراءنا في الشرك، فأزالونا عن طريق الهُدى والإيمان. ربنا عذِّبهم من العذاب مثلَيْ عذابنا الذي تعذبنا به، واطردهم من رحمتك طردًا شديدًا. وفي هذا دليل على أن طاعة غير الله في مخالفة أمره وأمر رسوله، موجبة لسخط الله وعقابه، وأن التابع والمتبوع في العذاب مشتركون، فليحذر المسلم ذلك.
وَيَوْمَ القِيَامَةِ تَبْرُزُ الخَلَائِقُ كُلُّهَا لِلوَاحِدِ القَهَّارِ، وَتَجْتَمِعُ فِي بَرَازٍ وَاحِدٍ (وَهُوَ المَكَانُ الوَاسِعُ الخَالِي الذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَسْتُرُهُ)، فَيَقُولُ الأَتْبَاعُ (الضُّعَفَاءُ) لِلقَادَةِ الذِينَ اسْتَكْبَرُوا عَنْ عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ: لَقَدْ كُنَّا تَابِعِينَ لَكُمْ نَأْتَمِرُ بِأَمْرِكُمْ، وَقَدْ فَعَلْنَا مَا أَمَرْتُمُونَا بِهِ، فَهَلْ تَدْفَعُونَ عَنَّا اليَوْمَ شَيْئاً مِنَ العَذَابِ {فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا}؟ فَيَرُدُّ عَلَيْهِمُ القَادَةُ الكُبَرَاءُ قَائِلِينَ: لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانَا لَهَدَيْنَاكُمْ مَعَنَا، وَلَكِنَّنَا ضَلَلْنَا فَضَلَلْتُمْ مَعَنَا، فَحَقَّتْ كَلِمَةُ العَذَابِ عَلَى الكَافِرِينَ، وَلَا بُدَّ مِنَ الصَّبْرِ لأنَّ الجَزَعَ لَا يُفِيدُ، وَسَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا فَلَا نَجَاةَ لَنَا مِنَ النَّارِ، وَلَا مَصْرِفَ لَنَا عَنْهَا.
وَفِي يَوْمِ القِيَامَةِ أَهْلُ النَّارِ فِي الحِجَاجِ وَالخِصَامِ، فَيَقُولُ الأَتْبَاعُ لِلْقَادَةِ: إِنَّا أَطَعْنَاكُمْ فِيمَا دَعَوْتُمُونَا إِلَيهِ فِي الدُّنْيَا مِنَ الكُفْرِ والضَّلَالِ، فَهَلْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا عَنَّا قِسْطاً مِنَ العَذَابِ فَتُخَفِّفُوهُ عَنَّا؟ فَقَدْ كُنَا لَكُمْ أَتْبَاعاً، وَإِنَّمَا دَخَلْنَا النَّارَ بِسَبَبِ إِطَاعَتِنَا لَكُمْ.
وَيَقُولُ الكُبَرَاءُ لِلْمُسْتَضْعَفِينَ: إِنَّهُمْ جَمِيعاً فِي النَّارِ يَذُوقُونَ العَذَابَ، وَقَدْ فَصَلَ اللهُ بِقَضَائِهِ بَيْنَ العِبَادِ، فَأَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ، فَلَا يُعَذَّبُ أَحَدٌ بِذَنْبِ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا يُعَذَّبُ كُلُّ إِنْسَانٍ بِذَنْبِهِ، وَإِنَّهُمْ جَمِيعاً كَافِرُونَ وَقَدِ اسْتَحَقُّوا العَذَابَ بِسَبَبِ كُفِرِهِمْ.
وَلَمَّا يَئِسَ المُسْتَضْعَفُونَ مِنْ أَنْ يَحْمِلَ السَّادَةُ الذِينَ كَانُوا سَبَبَ كُفْرِهِمْ، وَإِدْخَالِهِمْ فِي النَّارِ، شَيْئاً مِنَ العَذَابِ عَنْهُمْ، اتَّجَهُوا إِلَى خَزَنَةِ جَهَنَّمَ يَسْأَلُونَهُمْ الاتِّجَاهَ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ لِيُخَفِّفَ عَنْهُمْ شَيْئاً مِنَ العَذَابِ فِي النَّارِ.
وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ يُقَرِّعُونَهُمْ عَلَى سُوءِ صَنِيعِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَيَقُولُونَ لَهُمْ: أَلَمْ تَأْتِكُمْ رُسُلُ رَبِّكُمْ بِالحُجَجِ وَالبَرَاهِينِ عَلَى صِدْقِ مَا يَدْعُونَكُمْ إِلَيهِ؟ وَيَقُولُ المُسْتَضْعَفُونَ: نَعَمْ لَقَدْ جَاءَهُمْ رُسُلُ اللهِ بِالحُجَجِ والبَيِّنَاتِ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَقُولُ لَهُمْ خَزنَةُ جَهَنَّمَ: إِذاً فَادْعُوا أَنْتُمْ وَحْدَكُمْ. وَلكِنَّ دُعَاءَ الكَافِرِينَ لَا يُفِيدُ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُ، وَيَذْهَبُ سُدًى.
وَمَنْ يَتَغَافَلْ وَيَتَعَامَ عَنِ القُرْآنِ، وَعَنْ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، وَيَنْهَمِك فِي المَعَاصِي، وَلَذَّاتِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا. . فَإِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ عَلَيْهِ شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ فَيَكُونُونَ لَهُ قُرْنَاءَ، يُزَيِّنُونَ لَهُ ارْتِكَابَ المَعَاصِي، وَالاشْتِغَالَ بِاللَّذَّاتِ، فَيَسْتَرْسِلُ فِيهَا فَيَحِقُّ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ وَعِقَابُهُ.
وَهَؤُلَاءِ القُرنَاءُ مِن شَيَاطِينِ الإِنْسِ والجِنِّ، الذِينَ يُقَيِّضُهُم اللهُ لِكُلِّ مَنْ يَعْشُوا عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ، يُحَاوِلُونَ صَرْفَهُ عَنِ الحَقِّ إِلَى البَاطِلِ، وَيُوسْوِسُونَ لَهُ أَنَّهُ عَلَى جَادَّةِ الهُدَى والحَقِّ والصَّوَابِ، وَأَنَّ غَيْرَهُ عَلَى البَاطِلِ، وَيُكَرِّهُونَ إِلَيهِ الإِيْمَانَ فَيُطِيعُهُمْ.
وَحِينَ يُوَافِي هَذَا الغَافِلُ، الذِي تَسَلّطَتْ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ، رَبَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَتَبَرَّمُ بالشَّيْطَانِ الذِي وُكِّلَ بِهِ، وَيَقُولُ لَهُ: يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ مَا بَينَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، فَبِئْسَ القَرِينُ أَنْتَ، لأَنَّكَ أَضْلَلْتَنِي، وَأَوْصَلْتَنِي إِلَى مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الخِزْيِ والعَذَابِ المُهِينِ.
وَيُقَالُ لِهَذَا الغَافِلِ الجَاهِلِ وَأَمْثَالِهِ، وَشَيَاطِينِهِمْ تَقْرِيعاً وَتَوْبِيخاً: لَنْ يَنْفَعَكُمْ، وَلَنْ يُغَنِيَ عَنْكُم اجْتَمَاعُكُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ وَقرنَاؤُكُمْ، وَلَا اشْتِرَاكُكُمْ فِي العَذَابِ الأَلِيمِ، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُعَانِي مِنَ العَذَابِ مَا يَكْفِيهِ.
وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ مُشْرِكِي العَرَبِ: لَنْ نُؤْمِنَ بِهذا القُرْآنِ، وَلَا بِالكُتُبِ التِي تَقَدَّمَتْهُ، وَلَا بِمَا اشْتَملَتْ عَليهِ مِنْ أُمورِ الغَيْبِ، وَالبَعْثِ، وَالنُّشُورِ، وَالحِسَابِ، وَالجَزَاءِ، وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالى عَليهم، قَائِلاً لرَسُولِهِ الكَرِيمِ: لَوْ تَرَى يَا مُحَمَّدُ حَالَ أُولئِكَ الكُفَّارِ، يَوْمَ القِيَامَةِ، وَهُمْ وَقُوفٌ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِمْ، لِلْحِسَابِ وَالجَزَاءِ، وَقَدْ عَلَتْهُمُ الذِّلَّةُ والمَهَانَةُ. . إذاً لَرَأَيْتَ أَمراً عَجَباً، إِذْ يَقُولُ الأتْبَاعُ المُسْتَضْعَفُونَ لِلسَّادَةِ المُسْتَكْبِرِينَ الذِينَ حَمَلُوهُمْ عَلى اتِّبَاعِ سَبيلِ الغَيِّ والضَّلَالةِ: لَولا أَنَّكُم صَدَدْتُمُونا عَنِ الهُدَى، وَحَمَلْتُمُونَا عَلى اتِّبَاعِكُمْ حَمْلاً لَكُنّا آمَنَّا بِرَبِّنا، وَبِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ.
فَيَرُدُّ السَّادةُ المُسْتَكْبِرُونَ عَلَى المُستَضْعَفِينَ قَائِلِينَ: هَلْ نَحْنُ الذِينَ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ اتِّبَاعِ الحَقِّ الذِي جَاءَكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ؟ لَيْسَ هذا حَقَّاً، إِنَّكُمْ الذِينَ مَنَعْتُمْ الذِينَ مَنَعْتُمْ أَنْفُسَكُمْ حَظَّهَا مِنِ اتِّبَاعِ الهُدَى لإِجْرَامِكُمْ وَإِيثارِكُمُ الكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ.
فَقَالَ الأَتباعُ المُسْتَضْعَفُونَ لِلسَّادَةِ: بَلْ أَنْتُمُ الذِينَ كُنْتُمْ تُوَسْوِسُونَ لَنَا بِالكُفْرِ لَيلاً وَنَهَاراً، وَتُغُونَنا بِالّّثَّبَاتِ عَلَى الكًُفْرِ، وَالإِقَامَةِ عَلَيهِ، وَتُخْبِرُونَنا أَنَّنا عَلَى هُدىً فِيمَا نَعْبُدُهُ مِنْ أَصْنَامٍ وَأَوْثَانٍ وَأَندَادٍ.
وَيَتَوَقَّفُ الحِوَارُ بَيْنَ الأَتْبَاعِ المُسْتَضْعَفِينَ وَبَينَ السَّادَةِ المَتْبُوعِينَ، وَيُسِرُّ كُلُّ فَرِيقٍ في نَفْسِهِ ما يَشْعُرُ بِهِ مِنْ حَسْرَةٍ وَنَدَمٍ عَلَى ما فَرَّطَ في جَنْبِ اللهِ، وَمَا قَصَّرَ في طَاعَتِهِ، حِينَ يَرَى العَذابَ الذِي أَعَدَّهُ اللهُ لِلْكَفَرةِ المُجْرِمينَ. ثُمَّ تُوضَعُ الأَغْلالُ وَسِلاسِلُ الحَدِيدِ فِي أَعْنَاقِ هؤلاءِ، وَهُمْ في النَّارِ.
والعَذَابُ الذِي يَلْقَوْنَهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ إِنَما هُوَ الجَزَاءُ الذِي يَسْتَحِقُّونَهُ عَلى مَا اجْتَرَحُوا مِنَ الكُفْرِ وَالآثامِ والسَّيِّئَاتِ فِي الدُّنيا.