المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌باب التخويف من النار:

- ‌ أكثروا ذكر النار:

- ‌ صورٌ مشرقة لخوف السلف من النار:

- ‌ من السلف من منعه خوف النار من الضحك:

- ‌ من السلف من مَرِضَ من خوفه من النار:

- ‌ تخويف أصناف الخلق بالنار:

- ‌ غير الحيوان من الجمادات وغيرها تخشى الله تعالى:

- ‌ البكاء من خشية النار ينجي منها:

- ‌ أسباب عذاب النار:

- ‌ ذكر مكان جهنم:

- ‌ أسماء النار:

- ‌ وصف النار:

- ‌ سعة جهنم طولا وعرضا:

- ‌ ذكر قعر جهنم وعمقها:

- ‌ طبقات جهنم ودركاتها وصفتها:

- ‌ ذكر حجارة النار:

- ‌ ذكر حيات جهنم وعقاربها:

- ‌ ذكر سلاسل جهنم وأغلالها وأنكالها:

- ‌ سجن جهنم:

- ‌ ذكر دخان جهنم وشررها ولهبها:

- ‌ ذكر أبواب جهنم وسرادقها:

- ‌ أبواب جهنم مغلقة:

- ‌ أبواب جهنم مغلقة قبل دخول أهلها إليها:

- ‌ إحاطة سرادق جهنم بالكافرين:

- ‌ ظلمة جهنم وسوادها وشررها:

- ‌ وقود النار:

- ‌ شدة حر جهنم وزمهريرها:

- ‌ زمهرير جهنم:

- ‌ ذكر سجر جهنم وتسعيرها:

- ‌ تسجر جهنم كل يوم نصف النهار:

- ‌ تسجر جهنم بخطايا بني آدم:

- ‌ تسجر جهنم على أهلها بعد دخولهم إليها:

- ‌ ذكر تغيظ النار وزفيرها:

- ‌ ذكر طعام أهل النار وشرابهم:

- ‌ ذكر كسوة أهل النار ولباسهم فيها:

- ‌ فراش أهل النار وغطاؤهم:

- ‌ ذكر عِظَمِ خَلْقِ أهل النار فيها وَقُبْحِ صُوَرِهم وهيئاتهم:

- ‌ تفاوت أهل النار في العذاب:

- ‌ أنواع عذاب أهل النار:

- ‌ أعظم عذاب أهل النار حجابهم عن الله تعالى:

- ‌ ما يتحف به أهل النار عند دخولهم إليها:

- ‌ تخاصم أهل النار:

- ‌ ذكر بكاء أهل النار وزفيرهم وشهيقهم وصراخهم:

- ‌ طلب أهل النار الخروج منها:

- ‌ أهل النار لا يزالون في رجاء حتى يذبح الموت:

- ‌ ذكر نداء أهل النار أهل الجنة وأهل الجنة أهل النار وتكليم بعضهم بعضا:

- ‌ وصف خزنة جهنم وزبانيتها:

- ‌ مجيء النار يوم القيامة وخروج عنق منها يتكلم:

- ‌ ذكر ورود النار نجانا الله منه برحمته:

- ‌ إذا وقف العبد بين يدي ربه تستقبله النار:

- ‌ أهل النار الذين هم أهلها يخلدون فيها

- ‌ أول من يدخل النار من عصاة الموحدين:

- ‌ أعمال أهل الجنة وأعمال أهل النار:

- ‌ أنقذوا أنفسكم من النار:

- ‌باب معرفة‌‌ حقيقة الدنيا:

- ‌ حقيقة الدنيا:

- ‌ التحذير من الافتتان بالدنيا والركون إليها:

- ‌ ذم الدنيا:

- ‌ أمرُ الدّنيا في جنب الآخرة قليل:

- ‌ الدنيا عمرها قد قارب على الانتهاء:

- ‌ زوال الدنيا:

- ‌ فتنافسوها

- ‌ تحول حال الدنيا:

- ‌باب‌‌ حال المؤمن في الدنيا:

- ‌ حال المؤمن في الدنيا:

- ‌ رفض الدنيا:

- ‌باب ذم طول الأمل:

- ‌باب مجالسة الصالحين:

- ‌باب المواظبة على قراءة القرآن الكريم:

- ‌ فضائل تلاوة القرآن الكريم:

- ‌ فضل تعلم القرآن وتعليمه:

- ‌ فضائل حفظ القرآن الكريم:

- ‌ولا تستطيعها البطلة:

- ‌ عناية السلف الصالح بحفظ القرآن:

- ‌ فضائل ختم القرآن، وفي كم يختم

- ‌باب اغتنام كنوز الحسنات:

- ‌ الحث على اغتنام أوقات العمر:

- ‌ اغتنام كنوز الحسنات:

- ‌باب البكاء من خشية الله:

- ‌ كيفية اكتساب البكاء من خشية الله:

- ‌ نماذج من بكاء السلف من خشية الله:

- ‌ استحباب إخفاء البكاء:

- ‌باب‌‌ ذم المعاصيوقبح آثارها:

- ‌ ذم المعاصي

- ‌ قبح آثار المعاصي:

- ‌ توبيخ العاصي:

- ‌ كيفية الوقاية من الذنوب:

- ‌ الأدوية التي تزهدك في المعاصي:

- ‌ كيفية الوقاية من الذنوب:

- ‌ كيف أتخلص من المعاصي:

- ‌ التحذير من المجاهرة بالمعصية:

- ‌ مفاسد المجاهرة بالمعاصي:

- ‌باب ذم الهوى والشهوات:

- ‌ تعريف الهوى:

- ‌ مدح مخالفة الهوى:

- ‌ استحباب مخالفة الهوى وإن كان مباحاً:

- ‌باب استحضار سنة الجزاء من جنس العمل:

- ‌ أثر استحضار قاعدة الجزاء من جنس العمل في ترقيق القلب:

- ‌ تأصيل سنة الجزاء من جنس العمل:

- ‌ الأدلة على سنة الجزاء من جنس العمل:

- ‌ الثواب والعقاب من جنس العمل:

- ‌ العقوبات في الجنايات الواقعة بين الناس من جنسها:

- ‌ أروع القصص للجزاء من جنس العمل:

- ‌باب التحذير من الغفلةِ المُهْلِكة:

- ‌ حقيقة الغفلة:

- ‌ أما آن لك أن تنتبه من غفلتك:

- ‌باب أسباب شرح الصدور:

- ‌باب مجاهدة النفس:

- ‌باب ذكر الشيطان وكيده ومحاربته للإنسان:

- ‌ التحذير من كيد الشيطان:

- ‌ الشيطان لابن آدم بالمرصاد:

- ‌ كيف ندفع شر الشياطين:

- ‌ على من يتسلط الشيطان:

- ‌باب‌‌ المبادرة بالأعمال الصالحة:

- ‌ المبادرة بالأعمال الصالحة:

- ‌ ذم التسويف:

- ‌باب‌‌ ترويض النفس على خصال الخير:

- ‌ ترويض النفس على خصال الخير:

- ‌ تفاوت النفوس في الخير والشر:

- ‌باب حفظ الوقت:

- ‌ قيمة الوقت وأهميته:

- ‌ أهمية حفظ الوقت:

- ‌ وهاك بعض الأدلة على أهمية حفظ الوقت:

- ‌ أسباب تعين على حفظ الوقت:

- ‌ التحذير من إضاعة الوقت:

- ‌ التخلي عن إهدار أوقات الآخرين:

- ‌ الترويح عن النفس ليس مضيعةً للوقت:

- ‌ ضوابط الترويح عن النفس في الإسلام:

- ‌ تفاوت الناس في اغتناهم لأوقاتهم:

- ‌السبب في تفاوت أحوال الناس مع الوقت يرجع إلى ثلاثة أسباب رئيسة:

- ‌ واجب المسلم نحو وقته:

- ‌ وقت السالك جِدٌ كُلُه:

- ‌ من مظاهر حفظ الوقت:

- ‌ اغتنام كنوز الحسنات:

- ‌ آفات تقتل الوقت:

- ‌ صورٌ مشرقة لحفظ السلف لوقتهم رحمهم الله:

الفصل: ‌ تحول حال الدنيا:

وكان أحد الصالحين إذا أثقل الناس فى الجلوس عنده يقول: "أما تريدون أن تقوموا، إن ملك الشمس يجرها لا يفتر ".

وقال رجل لأحد العلماء: " قف أكلمك " قال: " أوقف الشمس ".

•‌

‌ تحول حال الدنيا:

[*] • أورد الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في بحر الدموع عن محمد بن غسان صاحب الكوفة وقاضيها قال: دخلت على أمي في يوم عيد أضحى، فرأيت عندها عجوزًا في أطمار رثة، وإذا لها بيان ولسان، فقلت لأمي: من هذه؟ فقالت: خالتك عانية أم جعفر بن يحيى البرمكي، وزير هارون الرشيد، فسلمت عليها، وسلمت علي، فسألتها عن حالها، وقلت لها: صيّرك الدهر إلى ما أرى!.

قالت: نعم يا بنيّ، إنما كنا في عوار ارتجعها الدّهر منا.

فقلت أنت: حدّثني ببعض شأنك.

قالت: خذ جملة، وقس على ذلك. لقد مضى عليّ عيد في مثل هذا منذ ثلاث سنين، وعلى رأسي أربعمائة وصيفة، وأنا أزعم أن ابني عاق، وقد كان بعث إليّ برسم الضاحي ألف رأس من الغنم، وثلاثمائة رأس من البقر، دون ما يتبع ذلك من الزينة واللباس، وقد جئتكم اليوم أطلب جلدي شاتين أجعل إحداهما شعارًا، والآخر دثارًا، تعني غطاء بليل.

قال: فغمّني ذلك من قولها، وكربني ما رأيت من حالها، وأبكاني والله قولها، فوهبت لها دنانير كانت عندي.

فانظر أخي حال الدنيا، وكيف يحوّل نعيمها وكيف يذهب ويزول، فالمغرور، والله من اغترّ بها، والمسعود من رأى عيبها وفرّ منها والمصائب في الدنيا أعداد: فواحد يصاب في الأموال والأولاد، والآخر يعرى من الإسلام بالطرد والإبعاد.

• والآخرة هي الباقية، وهى دار القرار:

كما قال مؤمن آل فرعون:

(يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ)[غافر: 39، 40]

- ولهذا فقد أمرنا بالتنافس في طلب الآخرة وفي العمل الصالح، ونهينا عن التنافس في الدنيا.

قال: ابن عباس رضي الله عنهما: (يؤتى بالدنيا يوم القيامة على صورة عجوز شمطاء زرقاء أنيابها بادية مشوهة الخلقة، لا يراها أحد إلا كرهها فتشرف على الخلائق فيقال لهم: أتعرفون هذه؟ هذه التي تفاخرتم وتحاربتم عليها ثم يؤمر بها إلى النار، فتقول: يا رب أين أتباعي وأحبابي وأصحابي فيلحقونها).

ص: 329

وقال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

ومن يذق الدنيا فإني طعمتها

وسيق إلينا عذبها وعذابها

فلم أرها إلا غروراً وباطلاً

كما لاح في ظهر الفلاة سرابها

وما هي إلا جيفة مستحيلة

عليها كلاب همهن اجتذابها

فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها

وإن تجتذبها تنازعتك كلابها

• ومما ورد في ذم التنافس على الدنيا ما يلي:

(حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشترى رجل من رجل عقارا له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض، ولم أبتع منك الذهب. وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنحكوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا.

وقد تضمن هذا الحديث غرر الفوائد، ودرر الفرائد:

ففي هذا الحديث الجليل يخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن رجلين صالحين من الأمم السابقة اشترى أحدهما من الآخر أرضاً فوجد في هذه الأرض جرّة (إناء كبير من الخزف) مملوءة ذهباً فلم يقع منهما التنافس للحصول على هذا الذهب والاستئثار به دون الآخر، بل لم يقبل كل واحد منهما أن يأخذ من الذهب شيئاً ويترك لصاحبه الباقي خوفاً من أن يكون حراماً، والمال الحرام يّذهب البركة ويجلب غضب الربا ويمنع إجابة الدعاء ويؤدي إلى دخول النار ويكون الحساب عليه يوم القيامة بالحسنات والسيئات حيث لا درهم ولا دينار.

فلصلاح هذين الرجلين ذهبا يحتكمان إلى عالم من علمائهم، وكانت حجة البائع أنه باع الأرض بما فيها، فالذهب ليس له، وكانت حجة المشتري أنه اشترى الأرض ولم يشتر الذهب، ولو كان غيرهما من الناس لكانت هذه الحجج يستدل بها كل طرف على استحقاقه هو للمال دون صاحبه، ولكن الخوف من الله تعالى زهدهما في هذا المال المشتبه فيه.

فجاء الحكم الذي رضي به الطرفان وهو تزويج ابن أحدهما ببنت الآخر، والإنفاق من هذا المال على الأسرة الجديدة التي تقوي أخوة الإيمان بين هاتين الأسرتين الصالحتين، وكذلك التصدق من هذا المال.

ص: 330