المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وبدأت تلتفت عنها … باحثة عن أشياء أخرى، وعن عمل - في مهب المعركة

[مالك بن نبي]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌مقدّمة

- ‌مقَدِّمَة المؤلف

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُالاِسْتِعْمَارُ تَحْتَ الْمِجْهَرِ

- ‌سِيكُولُوجِيَّةُ الاِسْتِعْمَارِ

- ‌الاِسْتِعْمَارُ يَفْتَحُ وِجْهَةٌ ثَالِثَةٌ فِي التَّارِيخِ

- ‌الْفَوْضَى الْاِسْتِعْمَارِيَّةُ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِيفِي السِّيَاسَةِ

- ‌حِقْدٌ عَلَى الإِسْلَامِ

- ‌تَعْلِيقٌ

- ‌الْمَلِكُ مُحَمَّدَ بْنُ يُوسُفَ ((يَعتَرِفُ))

- ‌بِلَا خَوْفٍ وَمِنْ دُونِ تَأْنِيبٍ

- ‌مِنَ الْمُؤْتَمَرَاتِ إِلَى الْمُؤَامَرَاتِ

- ‌مِنْ مُؤْتَمَرِ كُولُومْبُو إِلَى مُؤْتَمَرِ جِنِيفْ

- ‌أَقْلَامُ وَأَبْوَاقُ الاِسْتِعْمَارِ

- ‌تَعْليِقٌ

- ‌رَجُلٌ وَوَجْهَانِ

- ‌بَصِيصُ الْأَمَلِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُفِي الْحَقْلِ الْاِجْتِمَاعِيِّ

- ‌مِنْ أَجْلِ إِصْلَاحِ التُّرَابِ الْجَزَائِريِّ

- ‌قَضِيَّةُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ

- ‌تَهَوُّرٌ أَمْ تَطَوُّرٌ

- ‌ضَرُورَةُ مُؤْتَمَرٍ جَزَائِرِيٍ لِتَوْجِيهِ الْعَمَلِ

- ‌تَعْلِيقٌ

- ‌تَفَاهَاتٌ جَزَائِرِيَّةٌ

- ‌بَاعَةُ الْحَضَارَةِ

- ‌ثَمَنُ حَظَارَتِنَا

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُفِي حَدِيقَةِ الثَّقَافَةِ

- ‌بَيْنَ الْأَفْكَارِ الْمَيْتَةِ وَالْأَفْكَارِ الْقَاتِلَةِ

- ‌أُكْتُبْ بِضَمِيرِكَ

- ‌النَّقْدُ السَّلِيمُ

- ‌وِحْدَةُ الثَّقَافَةِ فِي الْهِنْدِ

- ‌تَحِيَّةٌ إِلَى دَاعِيَةِ اللَّاعُنْفِ

- ‌رُومَان رُولَان وَرِسَالَةُ الْهِنْدِ

- ‌الْأَسَاسُ الْغَيْبِيِّ لِفَلْسَفَةِ الْإِنْسَانِ فِي الْإِسْلَامِ

- ‌الدِّرَاسَاتُ الْحَدِيثَةُ وَالتَّصَوُّفُ الْإِسْلَامِيُّ

الفصل: وبدأت تلتفت عنها … باحثة عن أشياء أخرى، وعن عمل

وبدأت تلتفت عنها

باحثة عن أشياء أخرى، وعن عمل أجدى من أن تبقي يدها ممدودة نحو

القمر.

وها إِن الاستعمار يشعر بأكبر خطر، ويلجأ إلى آخر وسيلة عنده، يلجأ للمرة الأخيرة إلى شنطته فيخرج منها أرَضَةً قد امتلأ بطنها من غبار تاريخ عصر ما بعد الموحدين عصر الانحطاط، لقد امتلأت من هذا الانحطاط وأصبحت تلقي منه في كل جشأ تكتبه أو تقوله.

إننا نرى هذه الأرَضَة تحت ملامح الطالب الجاد، نراها جادة في الانحطاط على مدرج كلية جادة في تحضير مؤهلات ((النائب الحر)) (1).

وقد يكفي للحصول على هذه المؤهلات أن يكون للطالب قلم حسن أو بوق جيد في التعبير عن رغبات الاستعمار وأفكاره. إن الاستعمار الذي كان يقتنع بمن يعبر عن رغباته بلغة الصعاليك، أصبح في حاجة إلى من يعبر عنها بلغة تقرب إلى الفصحى، وهذه الحاجة الجديدة اتي يشعر بها الاستعمار، تشهد على أنه يستطيع أن يتحضر وإن لم يكن مستعدا لتحضير غيره.

‌تَعْليِقٌ

إِنه يجب أن نعلق على هذا المقال بأن الاستعمار لا زال في حاجة إلى أقلام يكتب بها، وإلى أبواق يتكلم بها، حتى لا يعرف خطه ولا صوته عندما يخادع الجماهير الطيبة، وهذا يعني أن الأرَضَةَ المتعلمة لا زالت منتشرة في البلاد الإِسلامية على وجه العموم، وقد عرفنا منها أصنافا بالجزائر على وجه الخصوص.

إن هذا النوع من الحشرات لا ينقطع ما دامت ثقافتنا تفقد المبدأ الأخلاقي المهيمن على سلوك المثقفين.

(1) هذا لقب النواب الذين تعينهم السلطات الاستعمارية للنيابة عن الشعب الجزائري في المجالس المنخبة

ص: 79

ولا زال الاستعمار يستخدم فعلا هذه الحشرات المدسوسة في صفوف الطلبة لمهمات معينة حسب الظروف.

وقد بلغني على وجه المثال أن بعض هذه الأبواق المختارة لإذاعة أنباء الاستعمار شرعت تذيع بين صفوف الطلبة الجزائريين أن مالك بن نبي رجل انعزل في برجه العاجي عن الثورة الجزائرية ولم يساهم فيها بشيء.

ومن طبيعة الحشرات أن لا تحقق مهماتها، كما أن الأبواق لا تتحرى فيما تذيع، وإلا فإن كل طالب جزائري يعلم أنني نشرت بوسائلي الخاصة (دون أي تأييد مادي أو معنوي) ما هو مسجل في إِنتاجي الفكري منذ حضوري القاهرة مثل رسالة ((النجدة!! الشعب الجزائري يباد)).

وبالإِضافة إلى هذا فإنني بمجرد وصولي إلى القاهرة وضعت نفسي تحت تصرف من يتكلم باسم الثورة الجزائرية، ولم أقتنع بالعرض الشفاهي، بل كتبت إِلى المسؤولين هذا الخطاب الذي أترجمه بالحرف:

القاهرة في 1 سبتمبر 1956

إلى السادة ممثلي جبهة التحرير الجزائري

بالقاهرة

إنني حضرت إلى القاهرة للقيام بواجبين:

أحدهما يخص مهمتي ككاتب يريد نشر كتابه ((الفكرة الأفريقية - الآسيوية))، وقد يدلكم عنوانه عن صلته بالقضية الجزائرية سواء اعتبرناها من الناحية الداخلية (كتوجيهات تخص الكفاح) أو من الناحية الخارجية (كنشر هذه القضية في المجال الدولي).

وبخصوص هذا الواجب فقد قمت به بالقدر المستطاع، حيث أنني وضعت كتابي في أيدي من سيعنى بنشره، حتى أنني أعتبر نفسي متحرراً في المستقبل من مسؤولية هذا النشر.

ص: 80

وأما الواجب الثاني الذي حضرت من أجله إلى القاهرة، فهو يتعلق بشخصي كجزائري ساهم في الكفاح ضد الاستعمار منذ ربع قرن، ويأتي الآن كي يواصل هذا الكفاح تحت راية الثورة الجزائرية.

وأعتقد أنني إذا وجهت داخل الجزائر كممرض عسكري في جبهة القتال - أستطيع في نفس الوقت إن أقوم بكتابة تاريخ الثورة الجزائرية على طريق المشاهدة تقريبا.

كما أعتقد أنه يفيد أن أوجه بهذه المناسبة خطاباً مفتوحاً إلى رئيس الوزراء الفرنسي (1)، حتى يعلم ما هي الأسباب الإنسانية التي تدفع بكاتب جزائري - في المعركة.

وتقبلوا تحياتي

مالك بن نبي

وقد يتساءل الآن القارئ لماذا لم يأتني رد؟

فربما اعتقد المسؤولون أن الثورة الجزائرية ليست في حاجة إلى تطوعي، وربما فكروا أن مؤهلاتي ليست كافية، وربما ..

(1) وسلمت فعلا لأحد المسؤولين خطابا موجها إلى جي مولي كي يذاع مع نشرات جبهة التحرير بالقاهرة

ص: 81