الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدِّرَاسَاتُ الْحَدِيثَةُ وَالتَّصَوُّفُ الْإِسْلَامِيُّ
الشاب المسلم في 8/ 5/ 1953
ــ
إن المفكر الإنجليزي ألدوس هكسلي، يبدو الكاتب الوحيد الذي تناول، كتابه ((الفلسفة الخالدة)) دراسة التصوف كموضوع علمي أو بالضبط كطريقة بحث، وكمنهج يتبعه الاجتهاد العقلي لاكتشاف مجهول من نوع خاص، أي على أن التصوف ((علم)) يبحث عن هذا المجهول، حيث أن كل علم هو في جوهره الجهد الذي يبذله الإِنسان من أجل اكتشاف ما يجهل
…
وإِننا لنعلم أن المتصوف هو، فعلا، باحث عن الحقيقة الخفية، بل هو أحياناً أكثر الباحثين حرارة وروعة في بحثه عن الحقيقة، يبحث عنها في خفايا نفسه الحميمة، وأبعد من هذا المجال النسبي، في سر ذلك الأفق النائي الذي تسبح فيه الحقائق المطلقة.
كما نعلم أيضاً أن هذه التجربة الذاتية، قد تؤدي أحياناً إلى كارثة عندما ينتهي الطواف إلى فكرة ((وحدة الوجود))، وهي الكارثة التي تنتظر المتصوف عندما تضيع معالم الطرق أمامه، في حالة من أحواله، فيفقد فيها الاتزان النفسي، فيصبح لا يفرق بين الحقيقة النسبية التي تكنها نفسه في عالم الـ ((أنا)) المحدود، والحقيقة المطلقة التي يكنها ملكوت السموات والأرض في عالم لا حدود له .. هكذا يخلط بين هاتين الحقيقتين كما حدث لمؤسس البابية الذي وقع في مثل هذا الخبط فخرج به عن الجادة إِلى أحقر صور الكفر.
وإنما يجب أن نقول: إن هذه التجربة، مهما تكن قيمتها الروحية من ناحية أخرى، فهي تخص مجالا تقاس وقائعه غالباً بالمقياس الأخلاقي، وأحياناً حتى بالمقياس الجمالي كما حدث، على سبيل المثال، فيما يخص عمر الخيام الذي يعده
البعض من شعراء التصوف والبعض يعده من شعراء الغزل والخمريات.
ومهما يكن من الأمر، فالتصوف يعتبر الميدان الذي نقدر فيه الأشياء في نوعيتها وخصوصيتها، كل شيء بميزته، وكل شخصية متصوفة بما يميزها، بينما يأتي الدوس هكسلي، فيحاول ضم هذه النوعية في إطار وحدة شاملة، ووضع هذه الأشياء والشخصيات المختلفة تحت قانون عام، في نطاق منهج شامل يحيط بروح التصوف لا بتفاصيله، أي يحيط به كظاهرة خاصة بالفكر الإِنساني.
وهو يصل إلى هذه النتيجة لأن اطلاعه المتسع يتيح له استخدام معطيات كل الثقافات الدينية فيقارن بعضها ببعض، ليصل بعد مقابلة النصوص المختلفة، إِلى حقيقة علمية تعطي التصوف صورة المنهج الموحد، المتشابه الأطراف، المتماسك الأجزاء، المتقارب المصطلحات في مختلف الأديان واللغات، رغم هذا الاختلاف، حتى إننا نجد في التصوف ما يوحد تصوراته واتجاهاته في كل العصور وفي كل البلاد، ويتخذ بذلك في نظرنا السمة التي يطلق عليها ألدوس هكسلي ((الفلسفة الخالدة)).
لا شك أن موقف المفكر الإِنجليزي لا يخلو هنا من بعض الغرابة، ولكن محاولته تذهب إلى أبعد مما يبدو فيها من مجرد غرابة، أو كأنها تتعداها لتأخذ مكانها في محاولة أوسع نطاقاً، هي محاولة التوفيق والتوحيد التي توجه العالم اليوم بصورة غامضة، وسواء عن شعور، أو غير شعور، إلى توحيد مصيره في كل المجالات. فالتصوف يأخذ مكانه، في ضوء هذه الدراسة، في أحد هذه المجالات.
فمحاولة هكسلي تأخذ هكذا مكانها في هذا الاتجاه العام مع محاولات أخرى كالتي يقوم بها روني جنون ومدرسته في نفس الموضوع، ومع ما ينشر من حين إلى آخر ككتاب ((وحدة الأديان من الناحية الميتافيزيقية)) الذي يعبر بمجرد عنوانه عن أهميته بالنسبة لموضوعنا.
فليس إذاً من اللغو أن نتساءل عن مكان التصوف الإسلامي عند هذا المؤلف
الإنجليزي: إذ لا نجده قد أعطى الفكرة الصوفية الإسلامية حقها مع أن كتابه القيم كان يهدف إلى ضم كل رحاب الموضوع بين دفتيه.
إنه لا شك يذكر الغزالي وجلال الدين الرومي، مرة أو مرتين. ولكن هذه القلة نفسها تدل على نقص في الكتاب إذا ما قدرنا الأشياء بالنسبة إلى خصوبة الموضوع أي بالنسبة إلى مجال ثقافة دينية- كالثقافة الاسلامية- يتضمن بجانب تصوف تاريخي يُرى بأسيماء لامعة، تصوفاً حياً أو معاصراً، تبدو آثاره حتى وراء ملامح مؤدب الكتاتيب البسيطة بالأرياف الجزائرية، في صور جميلة تدل على أن الحياة الإسلامية ما زالت، رغم الفقر الروحي المنتشر في العالم، ما زالت توقظ رسالات صوفية تستحق الاعجاب، وتمدها من الاشعاع الروحي بما يناسب حاجاتها والتزاماتها
…
وإننا لواثقون- لو أن هذا الموضوع أغرى بض المثقفين السائحين في
…
سبيل الله- أنه يستطيع في هذا السبيل جمع ما يكفيه من الآثار لتأليف كتاب جميل
…
وربما خامرت هذه الفكرة عقل كاتب مراكشي من فاس حيث أنه أعطانا صوراً رائعة انتقاها من حياة الشارع والسوق والمسجد، وصبها بأسلوب قصصي لطيف في كتاب استحق عنوانه ((عقد العنبر)).
إننا لا نستغرب إذا لم نجد هذا الجانب من التصوف الإِسلامي الذي يمكن أن نسميه الجانب الشعبي، في كتاب مثل كتاب هكسلي الذي يمتاز بالطابع العلمي.
ولكن كنا نود لو وجدنا فيه بعض ما يستحق الذكر من التصوف الإِسلامي التاريخي .. ، أي الفكرة الصوفية الإسلامية التي سجلها التاريخ في الحركة الصوفية العالمية.
ولكن إذا كان هذا النقص في الكتاب، مما يؤسف له.
فيجب مع ذلك أن لا ننسى أنه أيضاً ومن ناحية أخرى يعبر عن عجز الطبقة المثقفة المسلمة، التي لم تقم، باستثناء محمد إقبال، بتبليغ القيم الإسلامية إلى
لغات الثقافة العصرية في العالم، بحيث ضاعت عليها الفرصة لتساهم في التراث الروحي العالمي في زمننا.
وهذا العجز يعبر عن هذا الزهد- الذي أشرنا إليه في مكان آخر (1) - الذي يتصف به العالم الإِسلامي في التعريف بنفسه .. حتى إِننا نحيي الترجمة الفرنسية التي نشرت تحت إشراف هيئة ((اليونسكو)) لرسالة الغزالي ((أيها الولد)) نحييها كمبادرة تأتي في أوانها لتسد فراغاً في محاولة التوحيد والتوفيق الروحي التي تجري تفاصيلها تحت عيوننا في هذا العصر .. بالخحوص إذا لاحظنا أن المقدمة التي وضعت لهذه الرسالة تعطي للشباب المسلم- المثقف بالثقافة الغربية- بالإضافة إلى ما تعطيه من المعلومات عن وجه هو أكثر وجوه الماضي جاذبية في تاريخ الإِسلام، وإلى ما تمنحه من فرصة ليعيش بعض اللحظات الممتعة في حضرة هذا الوجه المشرق بأنوار الروح الإسلامي، فإنها تعطيه ملخصاً مهماً عن تاريخ الفكرة الصوفية في الإِسلام.
…
(1) كتاب وجهة العالم الإسلامي.
فهرس
الموضوع .............................................. الصفحة
_________
تقديم الاستاذ عمر مسقاوي ............................. 7
مقدمة الاستاذ محمود محمد شاكر ....................... 10
مقدمة المؤلف .......................................... 13
ـ[الفصل الأول- الاستعمار تحت المجهر]ـ
سيكولوجية الاستعمار ................................... 17
الاستعمار يفتح وجهة ثالثة في التاريخ ................... 33
الفوضى الاستعمارية .................................... 50
ـ[الفصل الثاني- في وحل السياسة]ـ
حقد على الإسلام ........................................ 51
تعليق عليه ............................................. 57
الملك محمد بن يوسف يعترف ........................... 60
بلا خوف ومن دون تأنيب ............................... 64
من المؤتمرات إلى المؤامرات ............................. 68
من مؤتمر كولومبو إلى مؤتمر جنيف .................... 73
أقلام وأبواق الاستعمار ................................... 76
تعليق عليه .............................................. 79
رجل ووجهان ............................................ 82
بصيص الأمل .......................................... 85
الموضوع .............................................. الصفحة
_________
ـ[الفصل الثالث - في الحقل الاجتماعي]ـ
من أجل إصلاح التراب الجزائري ............................ 93
قضية المرأة المسلمة ........................................ 97
تهورأم تطور ................................................ 101
ضرورة مؤتمر جزائري لتوجيه العمل ......................... 106
تعليق عليه ................................................. 110
تفاهات جزائرية ............................................. 112
باعة الحضارة ............................................... 116
ثمن حضارتنا ............................................... 121
ـ[الفصل الرابع- في حديقة الثقافة]ـ
بين الأفكار الميتة والأفكار القاتلة ............................ 127
اكتب بضميرك .............................................. 137
النقد السليم .................................................. 140
وحدة الثقافة في الهند ........................................ 143
تحية الى داعية اللاعنف .................................... 149
رومان رولان ورسالة الهند .................................... 153
الأساس الغيبي لفلسفة الانسان في الاسلام .................... 159
الدراسات العصرية والتصوف الإسلامي ....................... 167
مشكِلَات الحضَارة
إصدار
نَدوَة مَالِك بنْ نبي
ـ[صدر منها]ـ
ميلاد مجتمع
تأملات
في مهب المعركة
بين الرشاد والتيه
دور المسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين
شروط النهضة
الظاهرة القرآنية
وجهة العالم الإسلامي
فكرة الأفريقية الآسيوية
مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
فكرة كومنولث إسلامي
المسلم في عالم الاقتصاد
الصراع الفكري في البلاد المستعمرة