المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌النَّقْدُ السَّلِيمُ الجمهورية الجزائرية في 22/ 1/ 1954 ــ إنني لا أخل، فيما - في مهب المعركة

[مالك بن نبي]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌مقدّمة

- ‌مقَدِّمَة المؤلف

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُالاِسْتِعْمَارُ تَحْتَ الْمِجْهَرِ

- ‌سِيكُولُوجِيَّةُ الاِسْتِعْمَارِ

- ‌الاِسْتِعْمَارُ يَفْتَحُ وِجْهَةٌ ثَالِثَةٌ فِي التَّارِيخِ

- ‌الْفَوْضَى الْاِسْتِعْمَارِيَّةُ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِيفِي السِّيَاسَةِ

- ‌حِقْدٌ عَلَى الإِسْلَامِ

- ‌تَعْلِيقٌ

- ‌الْمَلِكُ مُحَمَّدَ بْنُ يُوسُفَ ((يَعتَرِفُ))

- ‌بِلَا خَوْفٍ وَمِنْ دُونِ تَأْنِيبٍ

- ‌مِنَ الْمُؤْتَمَرَاتِ إِلَى الْمُؤَامَرَاتِ

- ‌مِنْ مُؤْتَمَرِ كُولُومْبُو إِلَى مُؤْتَمَرِ جِنِيفْ

- ‌أَقْلَامُ وَأَبْوَاقُ الاِسْتِعْمَارِ

- ‌تَعْليِقٌ

- ‌رَجُلٌ وَوَجْهَانِ

- ‌بَصِيصُ الْأَمَلِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُفِي الْحَقْلِ الْاِجْتِمَاعِيِّ

- ‌مِنْ أَجْلِ إِصْلَاحِ التُّرَابِ الْجَزَائِريِّ

- ‌قَضِيَّةُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ

- ‌تَهَوُّرٌ أَمْ تَطَوُّرٌ

- ‌ضَرُورَةُ مُؤْتَمَرٍ جَزَائِرِيٍ لِتَوْجِيهِ الْعَمَلِ

- ‌تَعْلِيقٌ

- ‌تَفَاهَاتٌ جَزَائِرِيَّةٌ

- ‌بَاعَةُ الْحَضَارَةِ

- ‌ثَمَنُ حَظَارَتِنَا

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُفِي حَدِيقَةِ الثَّقَافَةِ

- ‌بَيْنَ الْأَفْكَارِ الْمَيْتَةِ وَالْأَفْكَارِ الْقَاتِلَةِ

- ‌أُكْتُبْ بِضَمِيرِكَ

- ‌النَّقْدُ السَّلِيمُ

- ‌وِحْدَةُ الثَّقَافَةِ فِي الْهِنْدِ

- ‌تَحِيَّةٌ إِلَى دَاعِيَةِ اللَّاعُنْفِ

- ‌رُومَان رُولَان وَرِسَالَةُ الْهِنْدِ

- ‌الْأَسَاسُ الْغَيْبِيِّ لِفَلْسَفَةِ الْإِنْسَانِ فِي الْإِسْلَامِ

- ‌الدِّرَاسَاتُ الْحَدِيثَةُ وَالتَّصَوُّفُ الْإِسْلَامِيُّ

الفصل: ‌ ‌النَّقْدُ السَّلِيمُ الجمهورية الجزائرية في 22/ 1/ 1954 ــ إنني لا أخل، فيما

‌النَّقْدُ السَّلِيمُ

الجمهورية الجزائرية في 22/ 1/ 1954

ــ

إنني لا أخل، فيما أعتقد بمصلحة القارئ، إذا رجعت إلى قضية مررت عليها مر الكرام في المقالة التي تحدثت فيها عن العطلة في بلادنا، وأعني لذلك قضية النقد التي ألمحت إليها في تلك المقالة.

ولكن يجب أولا أن نلاحظ شيئا، نعتقد أنه في غنى عن لفت النظر لأنه في منتهى الوضوح ولا بأس إذا لفتنا النظر إليه، وهو أن الشهادة بالفضل إلى هيئة منظمة معينة لا تقتضي بالضرورة الانتساب إلى هذه الهيئة أو المنظمة.

وفيما يخصني لقد بذلت شطرا من حياتي في سبيل الحركة الإصلاحية، وشهدت في مناسبات مختلفة بالفضل لجمعية العلماء التي قامت في الجزائر بنشر العلم والدين، وتكلمت مرات في معاهدها دون أن أكون عضوا من أعضائها (1).

إن عصرنا يقدر كما هو معلوم، فكرة ((الالتزام))، والأدب الملتزم أي الالتزام في صفوف هيئات معينة، ولكنني أشعر بأن المثقف قد يؤدي رسالته في حياة بلاده الاجتماعية بفعالية أكبر، من دون أن يكون ملتزما بهذا النوع من الالتزام، أي منخرطا في إطار معين حيث يجد نفسه أحيانا ملتزما نحو الحزبية.

وعلى كل وفيما يتصل بفعالية الكاتب على وجه الخصوص، فإنني على رأي دو هامل فيما يرى، بالنسبة إلى توزيع المسؤوليات في وطن معين، وإنني أستعير منه هذه الخاتمة القوية لكلامه عندما يقول: ((وعليه فإن الكاتب إذا

(1) وعلى الأصح دون أن تدعوني هذه الجمعية للمساهمة في شؤونها الإدارية حتى ولو قدمت لها الطلب من أجل ذلك في بعض الظروف القاسية في حلبة الصراع الفكري.

ص: 140

أراد أن يؤدي رسالته كما ينبغي فإنه يجب عليه أن يبقى حراً ومنعزلا، أو بعبارة أخرى لا منتميا)).

ومهما يكن من الأمر فإن هذه الرسالة في جوهرها وبصورة عامة منوطة بموقف الفرد من الجماعة.

إنه من شر ما يكون بالنسبة إلى مصلحة وطن، أن يكون هذا الموقف مجرد تقليد. فإذا تخلى النقد عن حقه للتقليد والرضا بالواقع فإن القضية تنتهي عند التسوية، من أسفل، في الحياة الأخلاقية والفكرية، فتجمد الأفكار والطاقات الاجتماعية، وينتهي التقدم في الوطن.

إن البلاد التي أدركت هذا الخطر- كانجلترا- تعتزم على تكوين معارضة بجانب الحزب الذي يتولى الحكم، لتقوم في النطاق السياسي ((بواجب)) النقد. وليس هذا ((الواجب)) بالشيء البسيط، فهو يتضمن معنيين، أحدهما يتصل بالجانب الأخلاقي عندما يؤدي النقد وظيفة ((الشهادة)) للحكم القائم بأنه أصاب، ويتصل الثاني بالجانب الفني في صورة ((حكم)) على أعمال الذين بيدهم مقاليد السياسة.

وهكذا ترتبط فعالية النقد بشرطين: الإخلاص للشهادة، والكفاءة للحكم.

ولا يغني شرط منهما عن الآخر، إذ لو توفرت الكفاءة اللازمة للجانب الفني، وحدها، فربما تكون ((المهارة)) في السياسة مجرد شعوذة ودجل، كما لو توفر الشرط الأخلاقي، الإخلاص، دون الشرط الفني، فمن الممكن أن تكون السياسة في أيدي صبيان مخلصين في منتهى البساطة.

وفي كلتا الحالتين، فإِن ((النقد)) لا يقوم بدوره فهو لن يقوّم اعوجاجا، ولن يصلح فساداً، لأنه أعرج لا يمشي على رجلين، فلا يأتي بما يقوّم الأشياء، ولا بما يكمل ويوسع معانيها، ولا بما يهدي الأعمال إلى طريق الرشاد.

والشيوعيون تمرنوا أكثر من غيرهم على هذا الأسلوب وأدركوا هذه الحقائق، لأنهم مارسو االنقد، وما يسمونه ((النقد الذاتي)) على وجه الخصوص،

ص: 141

الذي يكشفون به ما يطلق عليه عندهم ((النزعة الانحرافية)).

ولكن هذه الاعتبارات، المتصلة بالجانب العملي في السياسة تفرض على النقد أن لا يكون غامضا، ملتويا، مغلقاً كلغز يكون مفتاحه في يد صاحبه فقط

بل يجب أن يكون برهانا واضحاً بيناً مفتوحا لكل عقل حتى يفهمه ((القارئ)) وهو غالبا ما يكون رجل الشعب، دون تكلف، يفهمه كي يستفيد منه عن علم أو ليرفضه عن يقين.

إنه من الممكن أن يرى أحد القراء اعوجاجاً فيما أكتب، وأن يتفضل بتوجيه نقده لي، فمرحباً بهذا النقد وشكرا لصاحبه ما دام واضحاً في مبرراته وبرهانه حتى أستفيد منه، لا مجرد قول تمليه وتصحبه العاطفة.

وفيما يخصني فإنني- بقدر المستطاع- كنت دائما حريصاً على أن أقدم للقارئ ما يمكن من الوضوح فيما أكتب، حتى أمكنه من أداء واجب النقد، إن رأى لذلك مسوغاً.

ويبقى أن النقد يجب أن لا يكون موقف عداء يتبادل فيه خصمان الشتم والضرب

بالأقلام والجمل

بل موقفا فكرياً يتبادل فيه اثنان آراءهما.

فعندما أنتقد نشاطنا الاجتماعي وأتهمه بـ ((الذَرية)) أي بعدم الاتصال في الجهد والمبادرات، فإنني مع كل أسف لا أتصور وضعاً بل أصفه كما هو

ذلك أنني أرى نشاطنا يبدأ فجأة ويذهب كذلك

كأنه وثبة برغوث

ولنعتبر على سبيل المثال كم، منذ نهاية الحرب، ظهرت مجلة في بلادنا ثم اختفت بالسرعة نفسها.

ولكن فلنغض الطرف عن مثل هذا السؤال، حتى لا يقال إنني أنتهز فرصة

فمن يكتب حسب الفرص غير جدير بالكتابة، وربما هذا ما جعل دو هامل يقول، فيما يخص مهمة الكاتب:((إنها ليست مهمة يتمتع صاحبها بالراحة))

ولكن ماذا كان يقول لو كانت له تجربة من يعيش في البلاد المستعمرة؟

ص: 142