المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وعليه فكلمة بيدو، إِذا ما راجعناها في قاموس هذا الوزير - في مهب المعركة

[مالك بن نبي]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌مقدّمة

- ‌مقَدِّمَة المؤلف

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُالاِسْتِعْمَارُ تَحْتَ الْمِجْهَرِ

- ‌سِيكُولُوجِيَّةُ الاِسْتِعْمَارِ

- ‌الاِسْتِعْمَارُ يَفْتَحُ وِجْهَةٌ ثَالِثَةٌ فِي التَّارِيخِ

- ‌الْفَوْضَى الْاِسْتِعْمَارِيَّةُ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِيفِي السِّيَاسَةِ

- ‌حِقْدٌ عَلَى الإِسْلَامِ

- ‌تَعْلِيقٌ

- ‌الْمَلِكُ مُحَمَّدَ بْنُ يُوسُفَ ((يَعتَرِفُ))

- ‌بِلَا خَوْفٍ وَمِنْ دُونِ تَأْنِيبٍ

- ‌مِنَ الْمُؤْتَمَرَاتِ إِلَى الْمُؤَامَرَاتِ

- ‌مِنْ مُؤْتَمَرِ كُولُومْبُو إِلَى مُؤْتَمَرِ جِنِيفْ

- ‌أَقْلَامُ وَأَبْوَاقُ الاِسْتِعْمَارِ

- ‌تَعْليِقٌ

- ‌رَجُلٌ وَوَجْهَانِ

- ‌بَصِيصُ الْأَمَلِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُفِي الْحَقْلِ الْاِجْتِمَاعِيِّ

- ‌مِنْ أَجْلِ إِصْلَاحِ التُّرَابِ الْجَزَائِريِّ

- ‌قَضِيَّةُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ

- ‌تَهَوُّرٌ أَمْ تَطَوُّرٌ

- ‌ضَرُورَةُ مُؤْتَمَرٍ جَزَائِرِيٍ لِتَوْجِيهِ الْعَمَلِ

- ‌تَعْلِيقٌ

- ‌تَفَاهَاتٌ جَزَائِرِيَّةٌ

- ‌بَاعَةُ الْحَضَارَةِ

- ‌ثَمَنُ حَظَارَتِنَا

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُفِي حَدِيقَةِ الثَّقَافَةِ

- ‌بَيْنَ الْأَفْكَارِ الْمَيْتَةِ وَالْأَفْكَارِ الْقَاتِلَةِ

- ‌أُكْتُبْ بِضَمِيرِكَ

- ‌النَّقْدُ السَّلِيمُ

- ‌وِحْدَةُ الثَّقَافَةِ فِي الْهِنْدِ

- ‌تَحِيَّةٌ إِلَى دَاعِيَةِ اللَّاعُنْفِ

- ‌رُومَان رُولَان وَرِسَالَةُ الْهِنْدِ

- ‌الْأَسَاسُ الْغَيْبِيِّ لِفَلْسَفَةِ الْإِنْسَانِ فِي الْإِسْلَامِ

- ‌الدِّرَاسَاتُ الْحَدِيثَةُ وَالتَّصَوُّفُ الْإِسْلَامِيُّ

الفصل: وعليه فكلمة بيدو، إِذا ما راجعناها في قاموس هذا الوزير

وعليه فكلمة بيدو، إِذا ما راجعناها في قاموس هذا الوزير فإنها تعني شيئاً آخر، كأنه أراد أن يقول بالتلميح:((يجب أن نوقف الإسلام عند حده)).

ولا ندري مع هذا، إذا كان سيادة الوزير يتمتع بالسلطة الأخلاقية التي تخوله أن يتكلم باسم المسيحية: فهل له سلطة الباشا الجلاوي عندما يتحدث عن تقاليد الإسلام؟

ولكن بقطع النظر عن السلطة الأخلاقية، التي لها من يمثلها بشكل أفضل، فإنه يجب أن نعترف له بسلطة الحكم.

وعندما يتحدث وزير خارجية ((الوحدة الفرنسية)) ويقول: إنه يجب إيقاف الإِسلام عند حده، فإننا نشعر بخطورة الموقف على مستوى الفرد الذي له ضمير إسلامي.

فالمسلم يتساءل فعلا، هل له حق الحياة في الشمال الأفريقي، أم حل عليه واجب الهجرة، إثر جلالة الملك على طريق المنفى ....

‌تَعْلِيقٌ

إننا نرى من الواجب أن نعيد إلى هذه المقالة الضوء الذي كانت تلقيه عليها الظروف التي أحاطت برفع الملك محمد الخامس إلى المنفى، حتى يدرك القارئ في صميم الواقع حقيقة تعليقنا- في كتاب الصراع الفكري وبصورة عابرة- عن العلاقات المتسترة التي تنشأ أحياناً في البلاد المستعمَرة بين الاستعمار وبعض القادة السياسيين في تلك البلاد.

إن القارئ الكريم الذي تتبع بإمعان ما كتبنا في هذه المقالة، قد أدرك أن

ص: 57

الجو الذي يحيط بالحوادث التي نشير إِليها يمكن تحليله إلى ثلاثة عناصر ذاتية وموضوعية:

1) قصة إبعاد الملك في ظروف معينة.

2) موقف الوزير بيدو الشخصي منها كمسيحي متعسب ينتقم من الإسلام.

3) محاولة السلطات الاستعمارية لإضفاء ((اللون المحلي)) عليها، ودور الصحافة الباريسية في تلك المحاولة، كي تعرض إلى الرأي العام القضية على أنها صراع ((محلي)) بين الملك والشخصيات المراكشية التي أشرنا إلى ثلاثة منها.

فالقارئ الذي تتبع مقالتنا بشيء من الامعان، قد شعر لا شك، بأنها كانت مركزة حول هذه النقطة الثالثة بالذات، أي على كشف التدليس الذي كانت تقوم به السلطات الفرنسية، كي تعطي القضية صبغة تناسب السياسة المقررة إزاء مراكش وملكها.

ومن الطبيعي أن تشعر هذه السلطات بشيء من الحرج أمام كل قول يقال، أو سطر يكتب، ليكشف خطتها للرأي العام في ظروف مكهربة تنذر بثورة شاملة في المغرب.

ولا شك أن نصيب مقالتي في هذا الإحراج كان لا يزهد فيه، حتى إنه كان من المتوقع أن ترد تلك السلطات عليه بصورة أم بأخرى.

ماذا كانت الصورة التي ردت بها؟

هنا الحادثة التي نريد عرضها للقارئ كعينة يتصور من خلالها أسلوب ((الصراع الفكري في البلاد المستعمَرة)) في صورته الواقعية كما صورناه له في الكتاب الذي نشرناه بهذا العنوان.

إن الاستعمار كان يستطيع أن يحطم صاحب المقالة بين السبابة والإِبهام، ولكنه لم يكن يريد تحطيم صاحب المقالة ولكن المقالة نفسها، ومن الطبيعي أنه لو مس شخصي بسوء ظاهر في تلك الظروف لكشف أمره بنفسه، كما أنه لو

ص: 58

حاول الرد المباشر على مقالتي بخط يده وفي صحافته لهزئنا من بلادته.

فماذا فعل؟

إنه بكل بساطة أوكل الأمر إلى زعيم سياسي، فكتب هذا الزعيم مقالة في الموضوع، نشرت أسبوعاً بالضبط بعد مقالتي وفي نفس الجريدة- جريدته من مال الشعب- وقال فيها مما قال:((فلهم إذا شاؤوا أن يفسروا القضية إلى جمهورنا، الذي يندفع أحياناً إلى تبسيط الأشياء، على أنها قضية تمت إلى الجنس والدين. أما نحن فنذكرهم أن شخصاً مثل الجلاوي وآخر مثل الكتاني، ينتسبان أيضاً إلى جنسهم وإلى دينهم.)) (الجمهورية الجزائرية 9/ 10/ 1953).

هذا ما كتبه ذلك الزعيم، ولم يقل بطبيعة الحال أنه يرد علينا ولكن القارئ أدرك ذلك من الكلمات نفسها، كما أدرك ما تعني هذه الكلمات ذاتها كتأييد للإستعمار في ظروف يريد أن يصور كل ما حدث فيها على أنه مجرد نزاع بين الملك وبين الجلاوي والكتاني.

إن القارئ أدرك ما يستطيع الاستعمار في البلاد المستعمرة على وجه العموم والبلاد الإِسلامية المسكينة على وجه الخصوص.

ومما يزيد في هول الموقف، أنني حاولت، بعد ما نشر هذا الرد المقنع، حاولت أن أنشر مقالتي باللغة العربية حتى تؤدي مفعولها بصورة مباشرة، فأرسلت بها إلى جريدة جمعية العلماء ((البصائر)) وأوكلت لها أمر الترجمة والنشر.

فلم تفعل شيئاً. لأن جهازها الصحافي باللغة العربية وباللغة الفرنسية، كان كله تحت تصرف عملاء نعرفهم، وأردنا أن نكشف أمرهم في حديثنا مع الشيخ العربي التبسي في مناسبات مختلفة، ولكن دون جدوى، لأن فضيلة الشيخ رغم ما نعرف له من سمو أخلاق، لم يكن يفقه معنى لأسلوب الصراع الفكري. حتى عندما يكون هذا الأسلوب في منتهى الوضوح.

ص: 59