المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌سِيكُولُوجِيَّةُ الاِسْتِعْمَارِ الجمهورية الجزائرية في 26/ 3/ 1954 ــ لست أريد أن أقدم - في مهب المعركة

[مالك بن نبي]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم

- ‌مقدّمة

- ‌مقَدِّمَة المؤلف

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُالاِسْتِعْمَارُ تَحْتَ الْمِجْهَرِ

- ‌سِيكُولُوجِيَّةُ الاِسْتِعْمَارِ

- ‌الاِسْتِعْمَارُ يَفْتَحُ وِجْهَةٌ ثَالِثَةٌ فِي التَّارِيخِ

- ‌الْفَوْضَى الْاِسْتِعْمَارِيَّةُ

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِيفِي السِّيَاسَةِ

- ‌حِقْدٌ عَلَى الإِسْلَامِ

- ‌تَعْلِيقٌ

- ‌الْمَلِكُ مُحَمَّدَ بْنُ يُوسُفَ ((يَعتَرِفُ))

- ‌بِلَا خَوْفٍ وَمِنْ دُونِ تَأْنِيبٍ

- ‌مِنَ الْمُؤْتَمَرَاتِ إِلَى الْمُؤَامَرَاتِ

- ‌مِنْ مُؤْتَمَرِ كُولُومْبُو إِلَى مُؤْتَمَرِ جِنِيفْ

- ‌أَقْلَامُ وَأَبْوَاقُ الاِسْتِعْمَارِ

- ‌تَعْليِقٌ

- ‌رَجُلٌ وَوَجْهَانِ

- ‌بَصِيصُ الْأَمَلِ

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُفِي الْحَقْلِ الْاِجْتِمَاعِيِّ

- ‌مِنْ أَجْلِ إِصْلَاحِ التُّرَابِ الْجَزَائِريِّ

- ‌قَضِيَّةُ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ

- ‌تَهَوُّرٌ أَمْ تَطَوُّرٌ

- ‌ضَرُورَةُ مُؤْتَمَرٍ جَزَائِرِيٍ لِتَوْجِيهِ الْعَمَلِ

- ‌تَعْلِيقٌ

- ‌تَفَاهَاتٌ جَزَائِرِيَّةٌ

- ‌بَاعَةُ الْحَضَارَةِ

- ‌ثَمَنُ حَظَارَتِنَا

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُفِي حَدِيقَةِ الثَّقَافَةِ

- ‌بَيْنَ الْأَفْكَارِ الْمَيْتَةِ وَالْأَفْكَارِ الْقَاتِلَةِ

- ‌أُكْتُبْ بِضَمِيرِكَ

- ‌النَّقْدُ السَّلِيمُ

- ‌وِحْدَةُ الثَّقَافَةِ فِي الْهِنْدِ

- ‌تَحِيَّةٌ إِلَى دَاعِيَةِ اللَّاعُنْفِ

- ‌رُومَان رُولَان وَرِسَالَةُ الْهِنْدِ

- ‌الْأَسَاسُ الْغَيْبِيِّ لِفَلْسَفَةِ الْإِنْسَانِ فِي الْإِسْلَامِ

- ‌الدِّرَاسَاتُ الْحَدِيثَةُ وَالتَّصَوُّفُ الْإِسْلَامِيُّ

الفصل: ‌ ‌سِيكُولُوجِيَّةُ الاِسْتِعْمَارِ الجمهورية الجزائرية في 26/ 3/ 1954 ــ لست أريد أن أقدم

‌سِيكُولُوجِيَّةُ الاِسْتِعْمَارِ

الجمهورية الجزائرية في 26/ 3/ 1954

ــ

لست أريد أن أقدم كتابا يدرس الاستعمار على طريقة التحليل النفسي، وبالخصوص لأن هذا الكتاب ظهر سنة 1948، وحاز على الشهرة حين ظهوره.

ولست أريد ذلك من ناحية أخرى، لأنني أعلم خطورة الظروف التي تحيط بالشباب الجزائري، في اللحظة الحاسمة التي يمر بها وهو يتطلع لـ ((الحقيقة الفعالة)) (1) أكثر مما يتطلع إلى حقيقة نظرية مجردة، ربما لا نفي بحقها إن لم يسبق لنا أن باشرنا أفكار فرويد والأساتذة الآخرين الذين أسسوا معه علم النفس.

ولكن بالنسبة إلى هذا الجانب النظري، فلنقتصر على الإشارة إلى النبذذ التي وفق الناشر في وضعها على غلاف الكتاب، كي يعطينا فكرة عن شخصية صاحبه وعن صلته بعلم النفس

وهكذا يعطينا فعلا صورة ملخصة عن شخصية المسيو منوني، وعن اهتمامه بمشكلات علم النفس حيث كان يدرسها مع الأستاذ شارل بلونديل، عندما شغل بمدغشقر، كرسي الدراسات الفلسفية الذي أسسه هناك الأستاذ هنري بولهان، ثم استمر في تكوينه الخاص بمعية الدكتور لا كان بباريس.

فها نحن قد تزودنا بخبرة كافية عن مؤهلات المؤلف- إذا صح التعبير- لاستخدام علم النفس التحليلي في مثل هذا الموضوع، وهو يعرف قيمة هذه الوسيلة العلمية، ويعرف أنها ليست معصومة ولا مطلقة في اكتشاف الحقيقة، وهو يعلم زيادة عن هذا أن ميدان علم النفس التحليلي محدود، يختلف عن ميدان

(1) كتبت هذه السطور قبل اندلاع الثورة الجزائرية بسبعه أشهر.

ص: 17

علم الأخلاق وميدان علم الحياة، أو علم ما قبل التاريخ

ويستدل على هذا بنكتة طريفة يذكر فيها مغامرة بعثة علمية، ذهبت إلى إفريقيا الوسطى من أجل دراسة بعض العينات من القردة، فاكتشفت، أو اعتقدت أنها اكتشفت، حالة نفسية معينة تميز تلك القردة بينما يكشف علم النفس التحليلي أن تلك الحالة لا يمكن أن تكون إلا حالة ((أنا)) متحضر.

وهذه القصة المضحكة تعني أحد شيئين: إما أن الحالات النفسية ليست محددة بالكائنات التي تتصف بها، وأن علم النفس التحليلي أكبر خطأ حدث في تاريخ العلوم، وإما أن البعثة العلمية أخطأت في استخدام هذا العلم حتى إننها التقطت صورة نفسية، اعتقدت أنها صورة القردة المدروسة، بينما هي صورة الدارسين

منعكسة على موضوع دراستهم.

وعندما يذكر منوني هذه القصة الطريفة، فإنه يشعرنا بأن الغرور الذي يسمى ((الانحراف المهني)) لا يستولي على عقله، وهذه المناعة من الخطأ الذي يقع فيه من يجمد على المنهج، تزيد في قيمة الدراسة التي يقدمها إلينا منوني، خصوصا وأننا نعتبر هذه القصة من حيث الموضوع أكثر مما نعتبرها من حيث المنهج.

إِن الواقع الاستعماري يهمنا في حد ذاته، قبل كل شيء، فالكتاب يلقي الضوء الكشاف على هذا الواقع، ولكنه يكشف لنا مجهولات أخرى، لا تتصل مباشرة بالموضوع، فتخرج هذه المجهولات من ظلمة جهلنا لتصبح في ضوئه معلومات جديدة تثري بصفة عامة دائرة معارفنا، مثل تلك الفكرة التي يعطيها منوني عن التناسب الغريب الموجود بين ((وحدة المكان)) أو الجانب الموضوعي و ((وحدة الإنسان)) أو الجانب الذاتي، فيفسر المؤلف بذلك النزعة العنصرية، أي الشيء الأساسي في نفسية الاستعمار، على أنها أثر لفاصل نفسي يجزىء الذات أو وحدة الـ ((أنا))، عناما يسقط هذا الفاصل الذاتي على سطخ الجانب الموضوعي ((وحدة النوع البشري)) فيجزئه إِلى جزأين، أحدهما له السلطة

ص: 18

والسيادة، والآخر عليه السمع والطاعة، كما يعتقد من يدين بالعنصرية.

وفكرة هذا الفاصل الذاتي شيء جدير بكل اهتمام في دراسة الواقع الاستعماري كظاهرة، والمؤلف يبين هذا الفاصل في الضمير الأوروبي، ولكن دون أن يحدد نقطة بدايته في التاربخ، وربما طابقت هذه النقطة اليوم الذي اكتشفت فيه أوروبا، في أعماق نفسها، ما أطلقت عليه ((ابن المستعمرات))، أو ((الإنسان الملون)).

وحيث لم يكن لدينا، أكثر مما لدى منوني، من معطيات التاريخ ما يكفي لتحديد تاريخ هذا الانفصال في الضمير الأوروبي، فقد كنا في دراسة سابقة (1) قدرنا هذا التاريخ بصورة تقريبية في العهد الروماني، في العهد الذي كانت فيه الحروب الفينيقية، بما تتصف به من شدة معاملة تعبر عنها تلك الكلمة المأثورة التي كان يرددها كاتون في كل مناسبة ((لا بد أن تحطم قرطاجة)) كانت تلك الحروب إرهاصا للحروب الاسعمارية كأنها تنذر بتلك المذبحة التي ستحدث في أمريكا يوم ينزل بأراضيها بيزار.

وإذا كان منوني يقتصر على اعتبار الأشياء في العهد الاستعماري الحديث، فإنه اعمى هذا قد قدر العوامل الاقتصادية والسياسية والستراتيجية التي تتصل بالنزعة الاستعمارية اتصالا تكوينيا، مع ذلك فهو يعتبر أن هذه العوامل كلها ((تؤدي مفعولها، كأسباب، في عقول مهيأة نفسيا)).

وهذا الاعتبار يمثل إلى حد ما المدخل المنهجي الذي ندخل به إِلى نظرية منوني، حيث ينشأ عنها مفهوم أولي يسميه ((موقفا استعماريا)).

إن ((الموقف الاستعماري)) ينشأ في نظر منوني كل مرة ينعكس فيها الـ ((أنا)) الأوروبي خارج إطار أوروبا، أي كل مرة يقع فيها اتصال بين ((الأوروبي)) و ((الأهلي))

(1) كتاب شروط النهضة، فصل المعامل الاستعماري.

ص: 19

وإننا لنعرف، عن طريق علم الأجناس، معرفة كافية من هو الأول، ولكن من هو الثاني؟

الجواب هو: أن كل رجل غير أوروبي فهو ((أهلي)) بتعبير اللغة الفرنسية (( Indigène)) أو بتعبير اللغة الإِنجليزية (( Native)).

وأما شذوذ اتصالهما، الذي ينشىء الموقف الاستعماري فإنه صادر عن الفرق، الذي يلاحظه المؤلف، بين ((حرب استعمارية)) ومجرد حرب، يعبر عنها بالمصطلح العادي.

فنحن ندرك أن الدراسة منذ مقدمتها الأولى، ستتخذ اتجاهين: أحدهما خاص بدراسة ((المستعمِر)) والآخر خاص بدراسة ((المستعمَر))، وأن المعطيات النفسية الخاصة بهذين الاتجاهين هي التي تصوغ بالتالي التركيب الذي يطلق عليه منوني ((المواقف الاستعمارية)).

ولا شك أننا كنا ننتظر في الكتاب بعض الملامح، التي تعودنا، بمقتضى تجربتنا كمستعمَرين، أن نرى فيها ملامح ((المستعمِر)) ولكننا نتساءل هل يعترف المستعمَر، مثل ابن جزيرة مدغشقر الذي كان موضوع دراسة منوني على وجه الخصوص، هل يعترف بتلك الصورة التي يعطيها له منوني عندما يسمه بتلك السمة التي يطلق عليها مركب التبعية Complèxe de dépendance؟

ومهما يكن في الأمر فربما كان الشعور بالذات يحس بمعاكسة سواء عند ((المستعمَر)) إن لم يعترف بهذه الوصمة التي يصفه بها منوني، أو عند ((المستعمِر)) عندما يشعر أن المؤلف كشف بعض ملامحه الخفية، مثل تلك الوصمة التي يصف بها، الأوروبي في المستعمرات، على أنه لا يطلب فقط الفائدة المادية ولكنه يرغب أيضا في بعض الملذات النفسية الخطيرة.

فكل من عنده فكرة مسبقة عن بعض المذابح التي سجلها التاريخ في رصيد الاستعمار منذ سنة 1945، ويعرف ما كان فيها من تفنن سادي في الوحشية،

ص: 20

يدرك إلى أي نوع من ((الملذات)) يشير المؤلف بهذه الكلمة.

ومهما يكن من أمر، فإن الصديق الباريسي الذي عرفني بمنوني، أراد أن يلفت نظري بصورة ما، إلى وجه تشابه بين ما يسم به المؤلف شخصية الملغاش أي ابن المستعمرات بصفة عامة عندما يصفها بـ ((مركب التبعية))، وبين الحالة الخاصة التي تكون عليها الشعوب المستعمَرة، وقد أشرت إليها في بعض دراساتي بمصطلح ((قابلية الاستعمار)).

ولكنني لا أرى وجه التشابه الذي يشير إليه صديقي على أنه ذو مدى بعيد، هذا إذا أخذنا في حسابنا العناصر الخاصة بكلتا النظريتين ولسنا نتساءل هنا!! هل سلوك التبعية الذي اتخذه المؤلف موضوع الدراسة في البيئة الملغاشية، هو خاص بهذه البيئة، أم إنه يتعدى حدودها ويكون قاسما مشتركاً لكل البلاد المستعمرة بالصورة التي يعتقدها صاحب الكتاب!! إنني لا أتصور في الشمال الأفريقي مريضا يقول للطبيب الذي عالجه وشفاه:((أنت الآن أوروبيني)) أي أن يجعل بينه وبين رجل آخر صلة الملكية، التي تعبر عن ((سلوك تابع)) وعن موقف استعماري ينشئه تلقائيا سلوك فرد ملغاشي إزاء طبيب أوروبي عالجه.

وربما لا يكفي هذا كمقياس نميز به بين التبعية بمصطلح منوني وبين القابلية للاستعمار بالمصطلح الذي استخدمته، وهو ليس موضوع حديثنا بخصوص هذا التمييز إلا بصفة عابرة ومن أجل رفع الشبهة، لذا نقتصر على القول الذي يوضحه مما سيأتي: إن الفرق بين الحالتين اللتين يعبر عنهما كلا المصطلحين هو أننا من ناحية في مواجهة مركب مجتمع (المجتمع التابع) يكون قد بلغ حالة الركود وانتهى إلى التوازن الجامد بتطور نفساني طبيعي، أو فطري بينما نكون من ناحية أخرى أمام وضع مجتمع قد وصل إلى حالة الركود إثر نكسة اجتماعية، أي أننا في الحالة الأولى أمام مجتمع متماسك متجانس تكون الصلات العمودية فيه ((الأسرة)) أداة تماسك قوي للمجموعة كلها وفي الحالة الثانية أمام مجمتع متفكك منقسم إلى ذرات، تكون الصلات الأفقية فيه ((المجتمع))

ص: 21

تلك التي من شأنها أن تربط المجموعة- شعبا أم أمة- قد تحللت نهائيا.

ويمكن أن نضيف إلى هذا المقياس الاجتماعي عنصرا نفسانيا يزيد في توضيح الفرق الذي نشير إليه: فالمجتمع الذي يعنيه منوني ينشىء مع الاستعمار صلة نفسية اجتماعية بينما ينشىء المجتمع الذي نعنيه صلة اجتماعيه نفسيه أي إن الأولوية في الحالة الأولى للعنصر النفساني، بينما الأولوية للعنصر الاجتماعي في الحالة الثانية.

ومهما يكن من أمر فإن مركب التبعية في نظر المؤلف يكون عند ((الأهلي)) شيئا نظيراً أو مقابلاً للنزعة الاستعمارية عند الأوروبي.

وهذان العنصران يكونان بطبيعة الحال موضوع فحص مدقق إذ أنهما يكونان الهيكل النظري الذي بنيت عليه الدراسة التي نتحدث في شأنها وندخل فيها هكذا بهذه التمهيدات مع ما يضيف إليها منوني من توضيحات لازمه، كالفرق بين الشخصية وهي ما تعطيه الوراثة الاجتماعية وانتاج الحضارة وبين ((الفرد)) وهو ثمرة كمية سلالية معينة. وهكذا يتبين أن الشيء الذي يطبع سلوك الفرد ليس لونه، أي الكمية السلالية، ولكن ثقافة البيئة التي ينشأ فيها.

وعليه فالبحث يتجه في هذا الاتجاه، فالمؤلف يدرس من ناحية التطور الذي أدى إلى ظهور النزعة الاستعمارية في أوروبا، ومن ناحية أخرى التطور الذي أدى إلى ظهور مركب التبعية بمدغشقر على سبيل المثال.

وفي كلتا الحالتين يرجع المؤلف- طبقا لمنهج علم النفس التحليلي- إلى مرحلة الطفولة.

فهو يرى أن ((التبعية)) تنشأ من شعور الطفل بعجزه، ذلك الشعور الذي يتكون وينمو عند الطفل الملغاشي بقدر ما يشاهد من قوة وحول عند والديه، وعند والده على وجه الخصوص، فيشعر أمامهما بمركب نقص، يحاول التخلص منه بتحويره إلى ((مركب تبعية)): المركب الذي ينزع من الطفل الفكرة والرغبة

ص: 22

في تكوين إرادة وسلطة شخصيتين، حيث لا يرى فيهما جدوى، بل يراهما مستحيلتين.

وعليه لا يبقى للطفل الملغاشي، في نظر المؤلف إلا أن يتقبل هذا الوضع كشيء طبيعي، ويرى في سلطة والديه الجبارة شيئا لازما لراحته، بل ((المرجع الأعلى)) عند الحاجة، أي أن الطفل ((الأهلي)) سيضع تلك السلطة في المكان الذي تضع فيه أوروبا مبدأ دينيا، ويلاحظ المؤلف في هذا السياق أن ((فرار الأوروبي)) من ((سلطة واقعية)) باسم ((سلطة معنوية))، هو الشيء الذي يكون العنصر الأول للتمييز بين الحالتين، إذ أن هذا ((الفرار)) هو ما طبع الحضارة الغربية وحدد حركتها التطورية.

وعلى كل، فإن الطفل- أينما كان- يخشى حالة ((الضياع)) Abandon ويعمل في الحقل العائلي كي لا يقع في ضياع ما.

فالقانون العام، هو أن ((التبعية العائلية)) تنشىء المشكلة السيكلوجية نفسها في كل مكان، والمأساة نفسها التي تواجه الصبيان، ولكن الحل لهذه المشكلة وهذه المأساة هو الذي يختلف من مكان إلى آخر: فالطفل الأوروبي، حسب رأي المؤلف، يصفي مركب التبعية العائلية بكبته أو بتبخيره (أي يحوله إلى حالة أخرى) فيتقبل مواجهة ((حالة الضياع))، ويتمثل الـ ((أنا)) عنده مركب النقص الذي ينشأ عن هذه الحالة، بينما يتقبل الطفل الأهلي ((حالة التبعية)) كي يتخلص من مركب النقص ومن الشعور بـ ((الضياع)).

وهكذا تنشأ، وفق رأي المؤلف، شخصيتان، ترتبط الأولى بـ ((علاقة عمودية)) ((حماية الأجداد المهيمنة)) والأخرى تواجه ((عقدة الضياع)) وتتغلب عليها لأنها تتقبل أخطار ((اللا-تبعية)).

وهذه الاعتبارات كلها تكون، في نظر المؤلف، المقدمة النفسية لما يسميه ((الموقف الاستعماري)) الذي يتحقق كلما يتدخل الأوروبي بصورة واقعية في

ص: 23

دائرة ((الحياة الأهلية))، وقد نتصور أن هذا ((التدخل)) يحدث غالبا خلال حرب استعمارية تكون نتيجتها الأولى تبديد أو تعكير شبكة الصلات التقليدية التي تربط ((الأهلي)) بالوسط الذي يعيش فيه، كاشفة له فجأة عدم جدواها، أمام صلات جديدة يفرضها المستعمر في صورة ((حماية)) على البلاد المحتلة، ويتقبلها ابن البلاد كتعويض عن الصلات التقليدية التي كانت ترتبط بها راحته الشخصية، وفي هذا الوضع الجديد تمتزج، كما يرى المؤلف، صورة ((الإِنسان الأبيض)) عند ((الإنسان الأهلي)((بالأغوار النفسية البعيدة عن الشعور، حيث تمتزج بصورة الجد الطوطمي)).

وإذا كان هذا الامتزاج واقعيا، كما يعتقد المؤلف، فإننا نتصور أثره في الحياة الاجتماعية والفردية، ولكن الوثائق التي يستند لها في هذه القضية ليست كلها مسلمات لا تحتمل المناقشة، وبالأخص الوثيقة التي تناولها من الأدب الشعبي، كتلك الأقطوعة التي يقول فيها الشاعر الملغاشي:

كيف فتح أهل أوروبا البلاد؟!

إن هؤلاء الرجال المدهشين أتوا من وراء البحار بسرعة!

والبلاد التي فتحوها أصبحت آمنة.

لم يبق فيها قطاع طرق ولا عبيد لأنهم حرروا.

إن أصحاب العيون الزرقاء أولوا حول وقوة.

إن هذه العينة من الأدب الشعبي الملغاشي لا تقنعنا، لأننا غير واثقين من أنه التعبير الحقيقي عن الفكر الشعبي بمدغشقر، ولأننا نعرف عينات من هذا الأدب في الجزائر، ونعرف أنها لا تعبر عن الروح الشعبي الجزائري، بل نشعر أنها ملفقة تحت إشراف إِدارة الشؤون الأهلية، ونعرف أن الأدب المأجور لا يخص بلاداً دون أخرى، ولا عصراً دون عصر.

ومما يؤيد وجهة نظرنا، هو أن المؤلف نفسه، يعترف، بملاحظة على الهامش

ص: 24

تنطق ((بالتقديرات السياسية المغامرة)) التي يعتمد عليها الاستعمار، فهو أحياناً يدعم ويبرر وجوده في المستعمرات بمثل هذه الشهادات.

ومهما يكن الأمر، فإن رسم ((الشخصية التابعة)) بما تستلزم من السمات، يرسم، على صورة ما، الجانب ((الأهلي)) فقط في الكتاب الذي يكتمل، بطبيعة الحال، بجانب ((أوروبي)) ملازم للنزعة أو ((الرسالة)) الاستعمارية.

فهذه الرسالة تغور جذورها في أعماق الشخصية الأوروبية كما يراها منوني، فتجعلها مطابقة لشخصية ديكارت، بل هو صانعها، لأنه يمثل في نظره الإنسان الذي تخلص من ((رعاية الأمومة)) وتقبل شعور ((الضياع)) كشعور باستقلاله، كشعور بانتصاره على ((خشية الضياع)) مبرهنا بذلك على ثمن وطريق أي تحرر يغنم به الفرد.

إن المؤلف يرى في ديكارت الرجل الذي حقق أسطورة بوتي بوسيه Petit Pouset (1) واخترع وسيلة الاهتداء إلى الطريق في ((غابة الشك)) كما يرى في المنهج الديكارتي المغامرة التي أتاحت للأوروبي أن يهتدي إلى ((تقديس الوسائل)) محولا ثقته من عالم الطاقات الخفية إلى عالم الطاقات الظاهرة Technique.

إننا ندرك هنا التقدير الذي يخص به المؤلف منهج ديكارت كطريقة تحرر، ولكن يصعب علينا في نفس الوقت إدراك السبب الذي جعل المؤلف، كعضو في لجنة تحضير لبرنامج توجيه مدرسي Pédagogie بمدغشقر، يفضل في هذا البرنامج ترجمة بلزاك على ترجمة ديكارت، كأنه لا يعتقد أن تفكير ديكارت سيقوم في المجتمع الملغاشي بالدور التحرري الذي قام به في المجتمع الغربي، أو كأنه .. يعبر هنا عن موقفه بتلك الطريقة التي يشير إليها هو نفسه عند الغربي، ويسميها ((رد فعل لا شعوري أمام الرجل الملون)) وهو على حد قوله ((رد فعل لا تحدد طبيعته بوضوح)).

(1) هي قصة قزيم يشق طريقه في غابة كثيفة محاطا بالأخطار ومتنقلا من مغامرة إلى أخرى.

ص: 25

ولكن المهم في الأمر، هو أن منوني يصور لنا شخصية الأوروبي بحيث ندرك مباشرة الصلة الدقيقة الموجودة بين الفرد الذي تخلص من ((رعاية الأم)) والذي فارق الوطن الأم: الفرد الذي يغادر وطنه ويشق البحار من أجل أن ((يستعمر)) بلداً بعيداً.

ولكن هذه ((الرسالة الاستعمارية)) تطابق، في نظر المؤلف، حالة نفسية غريبة يحللها بكل دقة في شخص روبنسون كروزويه R.Crusoé وفي شخص آخر، بروسبيرو Prospers في إِحدى قصص شكسبير ((العاصفة)) La Tempète فيكشف في شخصيتهما نزعة يعتبرها أساسية في تحديد الشخصية الاستعمارية ويسميها ((الرغبة في عالم خال من البشر))، وفي هذا السياق نراه يكتشف أيضاً نزعة ابن المستعمرات أي مركب التبعية في شخص كليبان، رفيق بروسبيرو الذي يعيش معه في موقف استعماري حقيقي.

ولكن ((عندما نشر دنييل دوفويه Daniel Defae)) (1) حلمه الذي أودعه في قصته المشهورة، وجدت أوروبا نفسها أنها تحلم الحلم نفسه، أو بعبارة أخرى أن الرغبة في عالم خال من البشر ((صفة نفسية أوروبية شاملة تسم الروح الغربية بصورة عامة)) والمؤلف يرى في هذه السمة بما تشتمل عليه من نزعة ضد البشر، الشيء الذي يحدد الرسالة الاستعمارية في جذورها النفسية.

وكأنه في هذا كله يفسر معطيات النفس بخاصيات المكان، أو الاستعمار كظاهرة تتصل بجغرافية أوروبا التي تحدد نظرتها إلى العالم البعيد.

ولكننا نلاحظ بدورنا أن سحر البعد على العقول لا يخص أرضاً دون أخرى، ولا عصراً دون آخر بينما لا نجد أثر هذا التأثير الغريب على الاستعدادات النفسية كما أثر عليها في أوروبا حتى بعث فيها الروح الاستعمارية، ونلاحظ بوجه خاص أن سحر ((العالم البدائي)) لم يعمل عمله لأول مرة في أوروبا، بل

(1) صاحب قصة Robinson Crusoé

ص: 26

نجد أنه أثر على مكتشفين كبار في عصور أخرى، ووجه أصحاب رحلات كبيرة، مثل ابن بطوطة، والمسعودي وأبو الفداء فجابوا العالم المتوحش الخاص بزمنهم، دون أن تستولي على عقولهم نزعة استعمارية بل كا نوا يجوبون البلاد لمجرد المعرفة والفائدة العلمية.

وإنه لمن خطأ الأبصار أن نتكلم كما تكلم كلود بورديه، في مقالة خصصها لمظاهرة ططوان (1) عن شيء يسميه هذا الصحافي ((الاستعمار العربي بأسبانيا)) وقد بينا في مقالة سابقة أن الاستعمار وجهة ثالثة (2) يدين بها تاريخ الانسانية لأوروبا.

كما أن أسطورة الجزيرة التي تشتمل على سحر البعد وعلى فكرة عالم غير مسكون، ليست خاصة بالأدب الأوروبي، بل نجد أثرها في الأدب العربي في قصة السندباد البحري وفي قصة حي بن يقظان، دون أن نجد فيه أثر النزعة الاستعمارية.

ولكننا نتساءل إذا كانت أسطورة الجزيرة الخالية تعبر حقيقة في الغرب عن الرغبة في عالم دون بشر.

فإننا نعرف بعض مظاهر الفكر الاستعماري بالجزائر حتى أننا نجد أنفسنا ملتزمين بشيء من التحفظ أمام هذا السؤال.

إننا نعرف على وجه المثال حقد الأوروبي الذي يعيش الواقع الاستعماري في بلد مستعمَر على أخيه الذي يأتي مباشرة من الوطن الأم فالحقد يكون واضحاً إِزاء لجنة التنقيب التي تعين في حالة اضطرارية للتنقيب عن بعض المظالم، كما شاهدنا ذلك هذه الأيام بمناسبة اللجنة التي ذهبت لدراسة الموقف بمراكش الآن

كما نتذكر أيضاً كيف قوبل بقسطنطينة من طرف الجالية الأوروبية القاطنة بالمدينة رجل دين كبير هو الكردينال ليينار.

حتى أننا بعدما نتأمل هذه المظاهر كلها، نتساءل عن مقدار الإِصابة والتوفيق

(1) المظاهرة التي قام بها الشعب المراكشي بمنطقة الشمال أيام العدوان الغاشم على شخص جلالة الملك محمد الخامس.

(2)

مقالة نشرت في الموضوع ونترجمها بعد هذه المقالة.

ص: 27

في رأي منوني إلي إِزاء النزعة الاستعمارية، التي يسميها الرغبة في ((عالم دون بشر)) أليس من الأصح أن نسميها الرغبة في عالم بلا شهود؟ لأن كل من ينطوي على مركب الجريمة يحتاط من الشهود ويحقد عليهم، فالأوروبي القاطن بالمستعمرات يحتاط أحياناً من أخيه الذي يأتي زائراً من الوطن، لأنه يخشى منه أن يكون شاهداً على جريمته في سلوكه الاستعماري مع أهل البلد .. فالجزيرة البعيدة تكون إذا بالنسبة إليه بمثابة المكان الذي يجد فيه مأمنه المكان الذي لا تدركه فيه سلطة القوانين والأَخلاق والعادات.

ومهما يكن من الأمر فتحليل منوني يكشف لنا عقدة مرضية في الرسالة الاستعمارية، ولكنه لا يقف فيما يبدو عند الاحتمال الذي تكون فيه، كما نشعر بذلك أحياناً، هذه العقدة عاملا لا حضارياً أو فاسخاً للحضارة، كما يلاحظ ذلك أميه سيبزر في محاضرة ألقاها أخيراً عن المشكلة الاستعمارية.

وهذا العمل الفاسخ للحضارة واضح في ظروف معينة لأن كل مناسبة تتخذ فيها ((فكرة الأوروبي القاطن بالمستعمرات)) الصدارة على فكرة الأوروبي الساكن بالوطن الأم، تكون هذه مناسبة ينتصر فيها الظلم على القانون، والامتياز على الحق، والكسل على العمل، والمادة على الروح. أي أنها مناسبة تنتصر فيها النزعات اللاحضارية على القيم الحضارية، وفيها حركة تنعكس فتصبح سيراً الى الوراء، وعالم ينقلب فيرفع قدميه ويمشي على رأسه.

وعندما ننظر إلى الأشياء هذه النظرة، يعترينا شيء من الدهشة، حينما نرى المؤلف يشاطر أكثر من مرة الرأي الاستعماري الذي يرى أن ((المستعمِر)) أجدر من الأوروبي الذي لم يخرج من بلاده في تفهم القضايا القائمة بين الشعوب المستعمَرة والدول الاستعمارية وأنه أجدر بتحديد سياسة هذه الدول فيما وراء البحار، كان القضية قضية اختصاص في جريمة، على مذهب المسيو كاونه الذي يعتقد فيما يخص تونس، أن المشكلة القائمة هناك ليست بين الشعب التونسي المكافح وفرنسا، ولكن بين هذا الشعب والفئة الاستعمارية التي بيدها السلطة

ص: 28

الحقيقية بتونس اليوم، وأن العقدة ليس حلها بباريس ولكن بتونس، أي في مأمن من القانون ومن ((الشهود)).

فهذه الملاحظات تدل على جانب ضعف وعلى وصمات سوداء في كتاب مشرق بالنور في نواحيه الأخرى .. ولكن ربما وقع المؤلف بما كان يحذر منه، فقد أراد أن يتجنب التورطات السياسية في كتاب يستولي عليه روح العلم إلا أن صاحبه تورط في بعض التعليقات وبعض الاستنتاجات المستعجلة.

ولقد نجد أنفسنا حائرين ونحن نقرأ الكتاب في هذه النقط السوداء: هل نربطها منطقياً بمسلمات الكتاب؟ أم ننسبها إلى ميل في نفس صاحبه إلى المساهمة في بعض الآراء الاستعمارية؟.

فعندما نرى الكاتب، بعد إدانته ((النزعة الأبوية)) في نفسية الاستعمار أي النزعة التي تجعل المستعمِر يطالب بحق الرقابة على المستعمَر، بدعوى أنه لم يبلغ رشده، نراه بعد ذلك يستخدم استعارة يستعيرها مما كتب الدكتور أندري برج عن ((الإِنسان العصري)) تراه يطبقها على الملقاشي ويحكم عليه بأنه ((لم يدرك بعد سن اليتم)) أي السن الذي يكون فيه الفرد قد تخلص من سلطة الوالدين وهو يشير طبعاً لسلطة الحماية الاستعمارية.

فعندما نقرأ استعارة كهذه في الكتاب، لا نعرف هل نربطها بمقدماته المنطقية، أم ننسبها إلى ورطة يقع فيها صاحبها دون شعور. وهكذا نجد نفوسنا حائرين أمام هذا الحكم ((العلمي)) الذي لا يصيب الحركة الوطنية في مدغشقر فقط، بل يصيب الحركات الوطنية التحررية كلها، وكفاح الشعوب المستعمرة من أجل حريتها، خصوصاً أن المؤلف يقرر بصفة عامة وجود ((نفسية أهلية))، كما كان ليفي بروهل يقرر العقلية البدائية ..

بل إن الكاتب يذهب أكثر من ذلك في اتجاه الفكر الاستعماري، عندما يصور ((النخبة البدائية)) كما صورها ليفي بروهل. ويضع على لسان من يمثلها،

ص: 29

في نظره، أي على لسان التلميذ الملون الذي يقول للأستاذ الأوروبي: إِنك علمتني الكلام كي تتيح لي أن ألعنك به!!.

وعبارة كهذه تشبه إلى حد كبير ما يقوله المستعمرون عن ((الأهالي)) الذين تتاح لهم فرصة التعلم في الكليات الأوروبية، ((إننا نعطي لهؤلاء عصينا كي يجلدونا بها)).

ولكن رغم هذه العبارات، نجد أن النخبة الملونة تتكلم غالب الأحيان في الكتاب لغة كلبيان، (الرجل المقيد بمركب التبعية) وتطالب في النهاية بالطوق وبالعقال: رمزيْ ((التبعية)).

ولكن على تقدير أن هذه العناصر التحليلية تدخل حقيقة فيما يسميه الكاتب ((الموقف الاستعماري))، فهل يوحي الكتاب بطريقة حل وبوسائل الحل لمعالجة هذا الموقف؟.

وقد يتساءل فعلا الكاتب نفسه في نهاية الدراسة: ماذا نفعل؟ ويرد على نفسه بجواب يستقيه من فكرة بداغوجية لفرويد، فيقول:((ومهما نفعل، فإننا لا نصيب في الموضوع)).

ولكن الموقف يخلق ضرورة مواجهته بصورة ما، مهما يكن فيها من الغموض، ولا شك أن تلك الصورة ستنتج من الاتجاهين اللذين اتجه إِليهما التحليل في الكتاب.

ففي اتجاه ابن المستعمرات، يقترح الكاتب تحرير شخصيته من دوافع التبعية، وبعث الروح الديمقراطي في المجتمع الذي يتصف بالتبعية.

فيعرض الكاتب من أجل ذلك عدداً من التوجيهات يراها مناسبة لهذا الغرض المزدوج.

ولكن هذه التوجيهات تبقى كلها، في نظر الكاتب، رهينة وسائل وإمكانيات تقع تحت تصرف الاستعمار، ((لأن المجتمع الاستعماري لا يترك للكائن المستعمر إلا تبعيته)).

ص: 30

ومن ناحية أخرى، فابن المستعمرات نفسه لا يبدو، في نظر الكاتب، مهتماً بإنجاز تطوره بصورة فعالة، حيث يراه في الحقل السياسي مثلا، لا تتجه مطالبه إلى تصفية ((التبعية)).

وهكذا تنتهي الدراسة في دائرة مفرغة تلتقي فيها في نظر الكاتب، نزعات الأوروبي الاستعماري ((المطرود من عالم الآخرين))، ونزعات ابن المستعمرات الذي لم يقم بثورته الفكرية، ولم يحول ثقته من الطاقات الخفية كي يعلقها بوسائل العلم والصناعة.

ولكن أليس الحل خارج هذه الدائرة المفرغة؟ في التطور الذي يدفع الحضارة اليوم إلى الشمول والعالمية، أي إلى حالة سيتضطر فيها الأوروبي إلى تقبل واحترام ((عالم الآخرين)) حيث تجدد فيه فكرته عن الإِنسان.

***

ص: 31