الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَارِضٌ بَشَرِيُّ يَشْغَلُه مِنْ أُمور الأُمّة والملَّة وَمَصَالِحِهِمَا عَدَّ ذَلِكَ ذَنْبًا وَتَقْصِيرًا، فيَفْزَعُ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يَعْنِي أَنه يتَغَشَّى القلبَ مَا يُلْبِسُه؛ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يَغْشَى شَيْئًا حَتَّى يُلْبِسَه فَقَدَ غِينَ عَلَيْهِ. وغانَتْ نفْسُه تَغِينُ غَيْناً: غَثَتْ. والغَيْنُ: الْعَطَشُ، غانَ يَغِينُ. وغانتِ الإِبلُ: مثلُ غامَتْ. والغِينة، بِالْكَسْرِ: الصَّدِيدُ، وَقِيلَ: مَا سَالَ مِنَ الْمَيِّتِ، وَقِيلَ: مَا سَالَ مِنَ الْجِيفَةِ. والغَيْنةُ، بِالْفَتْحِ: اسْمُ أَرض؛ قَالَ الرَّاعِي:
ونَكَّبْنَ زُوراً عن مُحَيَّاةَ بعد ما
…
بَدَا الأَثْلُ، أَثْلُ الغَيْنةِ المُتَجاوِرُ.
وَيُرْوَى الغِينة «1» . الْفَرَّاءُ: يُقَالُ هُوَ آنَسُ مِنْ حُمَّى الغِينِ. والغِينُ: مَوْضِعٌ لأَن أَهلها يُحَمُّون كَثِيرًا.
فصل الفاء
فتن: الأَزهري وَغَيْرُهُ: جِماعُ مَعْنَى الفِتْنة الِابْتِلَاءُ والامْتِحانُ وَالِاخْتِبَارُ، وأَصلها مأْخوذ مِنْ قَوْلِكَ فتَنْتُ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ إِذا أَذبتهما بِالنَّارِ لِتُمَيِّزَ الرَّدِيءَ مِنَ الجيِّدِ، وَفِي الصِّحَاحِ: إِذا أَدخلته النَّارَ لِتَنْظُرَ مَا جَوْدَتُه، وَدِينَارٌ مَفْتُون. والفَتْنُ: الإِحْراقُ، وَمِنْ هَذَا قَوْلِهِ عز وجل: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ
؛ أَي يُحْرَقون بِالنَّارِ. وَيُسَمَّى الصَّائِغُ الفَتَّان، وَكَذَلِكَ الشَّيْطَانُ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلْحِجَارَةِ السُّود الَّتِي كأَنها أُحْرِقَتْ بِالنَّارِ: الفَتِينُ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ
، قَالَ: يُقَرَّرونَ وَاللَّهِ بِذُنُوبِهِمْ. ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة. ابْنُ الأَعرابي: الفِتْنة الِاخْتِبَارُ، والفِتْنة المِحْنة، والفِتْنة الْمَالُ، والفِتْنة الأَوْلادُ، والفِتْنة الكُفْرُ، والفِتْنةُ اختلافُ النَّاسِ بِالْآرَاءِ، والفِتْنةُ الإِحراق بِالنَّارِ؛ وَقِيلَ: الفِتْنة فِي التأْويل الظُّلْم. يُقَالُ: فُلَانٌ مَفْتُونٌ بِطَلَبِ الدُّنْيَا قَدْ غَلا فِي طَلَبِهَا. ابْنُ سِيدَهْ: الفِتْنة الخِبْرَةُ. وَقَوْلُهُ عز وجل: إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ
؛ أَيْ خِبْرَةً، وَمَعْنَاهُ أَنهم أُفْتِنوا بِشَجَرَةِ الزَّقُّوم وكذَّبوا بِكَوْنِهَا، وَذَلِكَ أَنهم لَمَّا سَمِعُوا أَنها تَخْرُجُ فِي أَصل الْجَحِيمِ قَالُوا: الشَّجَرُ يَحْتَرِقُ فِي النَّارِ فَكَيْفَ يَنْبُت الشجرُ فِي النَّارِ؟ فَصَارَتْ فِتْنَةً لَهُمْ. وَقَوْلُهُ عز وجل: رَبَّنا لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
، يَقُولُ: لَا تُظْهِرْهُم عَلَيْنَا فيُعْجبُوا وَيَظُنُّوا أَنهم خَيْرٌ مِنَّا، فالفِتْنة هَاهُنَا إِعجاب الْكُفَّارِ بِكُفْرِهِمْ. وَيُقَالُ: فَتَنَ الرجلُ بالمرأَة وافْتَتَنَ، وأَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ: فتَنَتْه المرأَةُ إِذا وَلَّهَتْه وأَحبها، وأَهل نَجْدٍ يَقُولُونَ: أَفْتَنَتْه؛ قَالَ أَعْشى هَمْدانَ فَجَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ:
لئِنْ فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمْسِ أَفْتَنَتْ
…
سَعِيداً، فأَمْسَى قَدْ قَلا كلَّ مُسْلِم
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ جِنِّي وَيُقَالُ هَذَا الْبَيْتُ لِابْنِ قيسٍ، وَقَالَ الأَصمعي: هَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ مُخَنَّثٍ وَلَيْسَ بثَبَتٍ، لأَنه كَانَ يُنْكِرُ أَفْتَنَ، وأَجازه أَبو زَيْدٍ؛ وَقَالَ هُوَ فِي رَجَزِ رُؤْبَةَ يَعْنِي قَوْلَهُ:
يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ
وَقَوْلُهُ أَيضاً:
إِني وبعضَ المُفْتِنِينَ داوُدْ،
…
ويوسُفٌ كادَتْ بِهِ المَكايِيدْ
قَالَ: وَحَكَى
أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجُ فِي أَماليه بِسَنَدِهِ عَنِ الأَصمعي قَالَ: حدَّثنا عُمر بْنُ أَبي زَائِدَةَ قَالَ حَدَّثَتْنِي أُم عَمْرٍو بِنْتُ الأَهْتم قَالَتْ: مَرَرْنا وَنَحْنُ جَوَارٍ بِمَجْلِسٍ فِيهِ سَعِيدُ بْنُ جُبير، وَمَعَنَا جَارِيَةٌ تُغَنِّي بِدُفٍ
(1). قوله [ويروى الغينة] أي بكسر الغين كما صرح به ياقوت
مَعَهَا وَتَقُولُ:
لَئِنْ فَتَنَتْنِي لَهْيَ بالأَمس أَفتنت
…
سَعِيدًا، فأَمسى قَدْ قَلَا كُلَّ مُسْلِمِ
وأَلْقى مَصابيحَ القِراءةِ، واشْترى
…
وِصالَ الغَواني بالكتابِ المُتَمَّمِ
فَقَالَ سَعِيدٌ: كَذَبْتُنَّ كذَبْتنَّ.
والفِتْنةُ: إِعجابُك بِالشَّيْءِ، فتَنَه يَفْتِنُه فَتْناً وفُتُوناً، فَهُوَ فاتِنٌ، وأَفْتَنَه؛ وأَباها الأَصمعي بالأَلف فأَنشد بَيْتَ رُؤْبَةَ:
يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ
فَلَمْ يُعْرَفِ الْبَيْتُ فِي الأُرجوزة؛ وأَنشد الأَصمعي أَيضاً:
لَئِنْ فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمسِ أَفتنتْ
فَلَمْ يَعْبأْ بِهِ، وَلَكِنَّ أَهل اللُّغَةِ أَجازوا اللُّغَتَيْنِ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: فتَنَه جَعْلَ فِيهِ فِتْنةً، وأَفْتَنه أَوْصَلَ الفِتْنة إِلَيْهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِذا قَالَ أَفْتَنْتُه فَقَدْ تَعَرَّضَ لفُتِنَ، وإِذا قَالَ فتَنْتُه فَلَمْ يتعرَّض لفُتِنَ. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: أُفْتِنَ الرجلُ، بِصِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، أَي فُتِنَ. وَحَكَى الأَزهري عَنِ ابْنِ شُمَيْلٍ: افْتَتَنَ الرجلُ وافْتُتِنَ لُغَتَانِ، قَالَ: وَهَذَا صَحِيحٌ، قَالَ: وأَما فتَنْتُه ففَتَنَ فَهِيَ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: فُتِنَ الرجلُ يُفْتَنُ فُتُوناً إِذا أَراد الْفُجُورَ، وَقَدْ فتَنْته فِتْنةً وفُتُوناً، وَقَالَ أَبو السَّفَر: أَفْتَنْتُه إِفْتاناً، فَهُوَ مُفْتَنٌ، وأُفْتِنَ الرَّجُلُ وفُتِنَ، فَهُوَ مَفْتُون إِذا أَصابته فِتْنة فَذَهَبَ مَالُهُ أَو عَقْلُهُ، وَكَذَلِكَ إِذا اخْتُبِرَ. قَالَ تَعَالَى: وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً
. وَقَدْ فتَنَ وافْتَتَنَ، جَعَلَهُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا، وفتَّنْتُه تَفْتِيناً فَهُوَ مُفَتَّنٌ أَي مَفْتُون جِدًّا. والفُتُون أَيضاً: الافْتِتانُ، يتعدَّى وَلَا يتعدَّى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: قَلْبٌ فاتِنٌ أَي مُفْتَتِنٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
رَخِيمُ الكلامِ قَطِيعُ القِيامِ،
…
أَمْسى فُؤادي بِهَا فاتِنا
والمَفْتُونُ: الفِتْنة، صِيغَ الْمَصْدَرُ عَلَى لَفْظِ الْمَفْعُولِ كالمَعْقُول والمَجْلُودِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ
؛ قَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَى المَفْتُونِ الَّذِي فُتِنَ بِالْجُنُونِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مَعْنَى الْبَاءِ الطَّرْحُ كأَنه قَالَ أَيُّكم المَفْتُونُ؛ قَالَ أَبو إِسحق: وَلَا يَجُوزُ أَن تَكُونَ الْبَاءُ لَغْواً، وَلَا ذَلِكَ جَائِزٌ فِي العربِية، وَفِيهِ قَوْلَانِ لِلنَّحْوِيِّينَ: أَحدهما أَن المفْتُونَ هَاهُنَا بِمَعْنَى الفُتُونِ، مَصْدَرٌ عَلَى الْمَفْعُولِ، كَمَا قَالُوا مَا لَهُ مَعْقُولٌ وَلَا مَعْقُودٌ رَأْيٌ، وَلَيْسَ لِفُلَانٍ مَجْلُودٌ أَي لَيْسَ لَهُ جَلَدٌ وَمِثْلُهُ المَيْسُورُ والمَعْسُورُ كأَنه قَالَ بأَيِّكم الفُتون، وَهُوَ الجُنون، وَالْقَوْلُ الثَّانِي فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ فِي أَيِّ الفَريقينِ المَجْنونُ أَي فِي فِرْقَةِ الإِسلام أَو فِي فِرْقَةِ الْكُفْرِ، أَقامَ الْبَاءَ مُقَامَ فِي؛ وَفِي الصِّحَاحِ: إِن الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ
زَائِدَةٌ كَمَا زِيدَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً*؛ قَالَ: والمَفْتُون الفِتْنةُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ كالمَحْلُوفِ والمَعْقول، وَيَكُونُ أَيُّكم الِابْتِدَاءَ وَالْمَفْتُونُ خَبَرُهُ؛ قَالَ: وَقَالَ الْمَازِنِيُّ المَفتون هُوَ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قَبْلَهُ خَبَرُهُ كَقَوْلِهِمْ بِمَنْ مُرورُك وَعَلَى أَيِّهم نُزُولُك، لأَن الأَول فِي مَعْنَى الظَّرْفِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِذا كَانَتِ الْبَاءُ زَائِدَةً فَالْمَفْتُونُ الإِنسان، وَلَيْسَ بِمَصْدَرٍ، فإِن جُعِلَتِ الْبَاءُ غَيْرَ زَائِدَةٍ فَالْمَفْتُونُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الفُتُونِ. وافْتَتَنَ فِي الشَّيْءِ: فُتِن فِيهِ. وفتَنَ إِلى النساءِ فُتُوناً وفُتِنَ إِليهن: أَراد الفُجُور بهنَّ. والفِتْنة: الضَّلَالُ والإِثم. والفاتِنُ: المُضِلُّ عَنِ الْحَقِّ. والفاتِنُ: الشَّيْطَانُ لأَنه يُضِلُّ العِبادَ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَة: المُسْلم أَخو المُسْلم يَسَعُهُما الماءُ والشجرُ وَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى الفَتَّانِ
؛ الفَتَّانُ: الشيطانُ الَّذِي يَفْتِنُ النَّاسَ بِخداعِه وَغُرُورِهِ وتَزْيينه الْمَعَاصِي، فإِذا نَهَى الرجلُ أَخاه عَنْ ذَلِكَ فَقَدْ
أَعانه عَلَى الشَّيْطَانِ. قَالَ: والفَتَّانُ أَيضاً اللِّصُّ الَّذِي يَعْرِضُ للرُّفْقَةِ فِي طَرِيقِهِمْ فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَن يَتَعَاوَنُوا عَلَى اللِّصِّ، وَجَمْعُ الفَتَّان فُتَّان، وَالْحَدِيثُ يُرْوَى بِفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا، فَمَنْ رَوَاهُ بِالْفَتْحِ فَهُوَ وَاحِدٌ وَهُوَ الشَّيْطَانُ لأَنه يَفْتِنُ الناسَ عَنِ الدِّينِ، وَمَنْ رَوَاهُ بِالضَّمِّ فَهُوَ جَمْعُ فاتِنٍ أَي يُعاوِنُ أَحدُهما الآخرَ عَلَى الَّذِينَ يُضِلُّون الناسَ عَنِ الْحَقِّ ويَفْتِنونهم، وفَتَّانٌ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ فِي الفِتْنة، وَمِنَ الأَول قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
أَفَتَّانٌ أَنت يَا مُعَاذُ؟
وَرَوَى الزَّجَّاجُ عَنِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ
؛ اسْتَعْمَلْتُمُوهَا فِي الفِتْنة، وَقِيلَ: أَنَمْتُموها. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً
؛ أَي أَخلَصناكَ إِخلاصاً. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي
؛ أَي لَا تُؤْثِمْني بأَمرك إِيايَ بِالْخُرُوجِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَيَسِّرٍ لِي فآثَمُ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وقيل إِن المنافقين هَزَؤُوا بِالْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالُوا يُرِيدُونَ بَنَاتِ الأَصفر فَقَالَ: لَا تَفْتِنِّي أَي لَا تَفْتِنِّي بِبَنَاتِ الأَصفر، فأَعلم اللَّهُ سبحانه وتعالى أَنهم قَدْ سقَطوا فِي الفِتْنةِ أَي فِي الإِثم. وفتَنَ الرجلَ أَي أَزاله عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ
؛ أَي يُمِيلُونك ويُزِيلُونك. ابْنُ الأَنباري: وَقَوْلُهُمْ فتَنَتْ فُلَانَةُ فُلاناً، قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ أَمالته عَنِ الْقَصْدِ، والفِتْنة فِي كَلَامِهِمْ مَعْنَاهُ المُمِيلَةُ عَنِ الْحَقِّ. وَقَوْلُهُ عز وجل: مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ
: فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: لَا تَقْدِرون أَن تَفْتِنُوا إِلا مَنْ قُضِيَ عَلَيْهِ أَن يَدْخُلَ النَّارَ، وعَدَّى بفاتِنين بِعَلَى لأَن فِيهِ مَعْنَى قَادِرِينَ فعدَّاه بِمَا كَانَ يُعَدَّى بِهِ قَادِرِينَ لَوْ لفِظَ بِهِ، وَقِيلَ: الفِتْنةُ الإِضلال فِي قَوْلِهِ: مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ
؛ يَقُولُ مَا أَنتم بِمُضِلِّين إِلا مَنْ أَضَلَّه اللَّهُ أَي لَسْتُمْ تُضِلُّونَ إِلا أَهلَ النَّارِ الَّذِينَ سَبَقَ عِلْمُ اللَّهِ فِي ضَلَالِهِمْ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ
، وأَهل نَجْدٍ يَقُولُونَ
بمُفْتِنينَ
مِنْ أَفْتَنْتُ والفِتْنةُ: الجُنون، وَكَذَلِكَ الفُتُون. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ
؛ مَعْنَى الفِتْنة هَاهُنَا الْكُفْرُ، كَذَلِكَ قَالَ أَهل التَّفْسِيرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والفِتْنةُ الكُفْر. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ*
. والفِتْنةُ: الفَضِيحة. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ فَضِيحَتَهُ، وَقِيلَ: كُفْرَهُ، قال أَبو إِسحق: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ اختِبارَه بِمَا يَظْهَرُ بِهِ أَمرُه. والفِتْنة: الْعَذَابُ نَحْوُ تَعْذِيبِ الْكُفَّارِ ضَعْفَى الْمُؤْمِنِينَ فِي أَول الإِسلام ليَصُدُّوهم عَنِ الإِيمان، كَمَا مُطِّيَ بلالٌ عَلَى الرَّمْضاء يُعَذَّبُ حَتَّى افْتَكَّه أَبو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فأَعتقه. والفِتْنةُ: مَا يَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ مِنَ الْقِتَالِ. والفِتْنةُ: الْقَتْلُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
؛ قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ يُونُسَ: عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ
؛ أَي يَقْتُلَهُمْ؛ وأَما قَوْلُ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: إِني أَرى الفِتَنَ خِلالَ بُيوتِكم
، فإِنه يَكُونُ الْقَتْلُ وَالْحُرُوبُ وَالِاخْتِلَافُ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ إِذا تَحَزَّبوا، وَيَكُونُ مَا يُبْلَوْنَ بِهِ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا وَشَهَوَاتِهَا فيُفْتَنُونَ بِذَلِكَ عَنِ الْآخِرَةِ وَالْعَمَلِ لَهَا.
وَقَوْلُهُ، عليه السلام: مَا تَرَكْتُ فِتْنةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ
؛ يَقُولُ: أَخاف أَن يُعْجُبوا بهنَّ فَيَشْتَغِلُوا عَنِ الْآخِرَةِ وَالْعَمَلِ لَهَا. والفِتْنةُ: الاختِبارُ. وفتَنَه يَفْتِنُه: اختَبَره. وَقَوْلُهُ عز وجل: أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ
: قِيلَ: مَعْنَاهُ يُخْتَبَرُونَ بِالدُّعَاءِ إِلى الْجِهَادِ، وَقِيلَ: يُفْتَنُونَ بإِنزال الْعَذَابِ وَالْمَكْرُوهِ.
والفَتْنُ: الإِحرَاق بِالنَّارِ. وفتَنَ الشيءَ فِي النَّارِ يَفْتِنُه: أَحرقه. والفَتِينُ مِنَ الأَرض: الحَرَّةُ الَّتِي قَدْ أَلْبَسَتْها كُلَّها حجارةٌ سُودٌ كأَنها مُحْرَقة، وَالْجَمْعُ فُتُنٌ. وَقَالَ شَمِرٌ: كُلُّ مَا غَيَّرَتْهُ النارُ عَنْ حَالِهِ فَهُوَ مَفْتُون، وَيُقَالُ للأَمة السَّوْدَاءِ مَفْتونة لأَنها كالحَرَّةِ فِي السَّوَادِ كأَنها مُحْترقَة؛ وَقَالَ أَبو قَيْسِ بنُ الأَسْلَتِ:
غِراسٌ كالفَتائِنِ مُعْرَضاتٌ،
…
عَلَى آبارِها، أَبداً عُطُونُ
وكأَنَّ وَاحِدَةَ الفَتائن فَتينة، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْوَاحِدَةُ فَتِينة، وَجَمْعُهَا فَتِين؛ قَالَ الكميتُ:
ظَعَائِنُ مِنْ بَنِي الحُلَّافِ، تَأْوي
…
إِلى خُرْسٍ نَواطِقَ، كالفَتِينا «2»
. فَحَذَفَ الْهَاءَ وَتَرَكَ النُّونَ مَنْصُوبَةً، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: كالفِتِينَا. وَيُقَالُ: وَاحِدَةُ الفِتِينَ فِتْنَةٌ مِثْلُ عِزَةٍ وعِزِينَ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ فِتُونَ فِي الرَّفْعِ، وفِتِين فِي النَّصْبِ وَالْجَرِّ، وأَنشد بَيْتَ الْكُمَيْتِ. والفِتْنَةُ: الإِحْراقُ. وفَتَنْتُ الرغيفَ فِي النَّارِ إِذا أَحْرَقْته. وفِتْنَةُ الصَّدْرِ: الوَسْواسُ. وفِتْنة المَحْيا: أَن يَعْدِلَ عَنِ الطَّرِيقِ. وفِتْنَةُ المَمات: أَنْ يُسْأَلَ فِي الْقَبْرِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا
؛ أَي أَحرقوهم بِالنَّارِ المُوقَدَةِ فِي الأُخْدُود يُلْقُون المؤْمنين فِيهَا ليَصُدُّوهم عَنِ الإِيمان. وَفِي حَدِيثِ
الْحَسَنِ: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ
؛ قَالَ: فَتَنُوهم بِالنَّارِ
أَي امْتَحَنُوهم وَعَذَّبُوهُمْ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى امْتِحانَ عَبِيدِهِ الْمُؤْمِنِينَ باللَّأْواءِ ليَبْلُوَ صَبْرَهم فيُثيبهم، أَو جَزَعَهم عَلَى مَا ابْتلاهم بِهِ فَيَجْزِيهم، جَزاؤُهم فِتْنةٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَلَمْ، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ
؛ جاءَ فِي التَّفْسِيرِ: وَهُمْ لَا يُبْتَلَوْنَ فِي أَنفسهم وأَموالهم فيُعْلَمُ بِالصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ الصادقُ الإِيمان مِنْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ
وَهُمْ لَا يُمْتَحَنُون بِمَا يَبِينُ بِهِ حَقِيقَةُ إِيمانهم؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
؛ أَي اخْتَبَرْنا وابْتَلَيْنا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى مُخْبِراً عَنِ المَلَكَيْنِ هارُوتَ ومارُوتَ: إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ
؛ مَعْنَاهُ إِنما نَحْنُ ابتلاءٌ واختبارٌ لَكُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الْمُؤْمِنُ خُلِقَ مُفَتَّناً
أَي مُمْتَحَناً يمتَحِنُه اللَّهُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ يَتُوبُ ثُمَّ يَعُودُ ثُمَّ يَتُوبُ، مِنْ فَتَنْتُه إِذا امْتَحنْتَه. وَيُقَالُ فِيهِمَا أَفْتَنْتُه أَيضاً، وَهُوَ قَلِيلٌ: قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِيمَا أَخرجه الاخْتِبَار لِلْمَكْرُوهِ، ثمَّ كَثُر حَتَّى اسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى الإِثم وَالْكُفْرِ وَالْقِتَالِ والإِحراق والإِزالة والصَّرْفِ عَنِ الشَّيْءِ. وفَتَّانَا القَبْرِ: مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ. وَفِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ:
وإِنكم تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ
؛ يُرِيدُ مُساءَلة مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، مِنَ الفتنةِ الِامْتِحَانِ، وَقَدْ كَثُرَتِ اسْتِعَاذَتُهُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَبِي تُفْتَنونَ وعنِّي تُسْأَلونَ
أَي تُمْتَحَنُون بِي فِي قُبُورِكُمْ ويُتَعَرَّف إِيمانُكم بنبوَّتي. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه سَمِعَ رَجُلًا يتعوَّذ مِنَ الفِتَنِ فَقَالَ: أَتَسْأَلُ رَبَّك أَن لَا يَرْزُقَك أَهْلًا وَلَا مَالًا؟
تَأَوَّلَ قَوْلَهُ عز وجل: أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ*
، وَلَمْ يُرِدْ فِتَنَ القِتالِ والاختلافِ. وَهُمَا فَتْنَانِ أَي ضَرْبانِ ولَوْنانِ؛ قَالَ نَابِغَةُ بَنِي جَعْدة:
هُمَا فَتْنَانِ مَقْضِيٌّ عَلَيْهِ
…
لِسَاعَتِه، فآذَنَ بالوَداعِ
(2). قوله [من الحلاف] كذا بالأصل بهذا الضبط، وضبط في نسخة من التهذيب بفتح الحاء المهملة
الْوَاحِدُ: فَتْنٌ؛ وَرَوَى أَبو عَمْرٍو الشَّيْبانيّ قَوْلَ عُمَرَ بْنِ أَحمر الْبَاهِلِيِّ:
إِمّا عَلَى نَفْسِي وإِما لَهَا،
…
والعَيْشُ فِتْنَان: فَحُلْوٌ ومُرّ
قَالَ أَبو عَمْرٍو: الفِتْنُ النَّاحِيَةُ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: فَتْنانِ، بِفَتْحِ الْفَاءِ، أَي حَالَانِ وفَنَّانِ، قَالَ ذَلِكَ أَبو سَعِيدٍ قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَنَّانِ أَي ضَرْبانِ. والفِتانُ، بِكَسْرِ الْفَاءِ: غِشاء يَكُونُ للرَّحْل مِنْ أَدَمٍ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فثَنَيْت كَفِّي والفِتانَ ونُمْرُقي،
…
ومَكانُهنَّ الكُورُ والنِّسْعانِ
والجمع فُتُنٌ.
فجن: الفَيْجَنُ والفَيْجَلُ: السَّذاب؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَلَا أَحسبها عَرَبِيَّةً صَحِيحَةً. وَقَدْ أَفْجَنَ الرجلُ إِذا دَامَ عَلَى أَكل السَّذاب.
فحن: الأَزهري: أَمَّا فَحَنَ فأَهمله اللَّيْثُ: قَالَ: وفَيْحانُ اسْمُ مَوْضِعٍ، قَالَ: وأَظنه فَيْعالٌ مِنْ فَحَنَ. والأَكثر أَنه فَعْلان مِنَ الأَفْيَح، وَهُوَ الواسِعُ، وسمَّت الْعَرَبُ المرأَة فَيْحُونة.
فدن: الفَدَنُ: القَصْرُ المَشِيدُ؛ قَالَ المُثَقِّبُ العَبْديّ:
يُنْبِي تَجاليدِي وأَقْتادَها
…
ناوٍ، كرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ
وَالْجَمْعُ أَفْدانٌ؛ وأَنشد
كَمَا تَرَاطَنَ فِي أَفْدانِها الرُّومُ
وَبِنَاءٌ مُفَدَّنٌ: طَوِيلٌ. والفَدانُ، بِتَخْفِيفِ الدَّالِ: الَّذِي يَجْمَعُ أَداةَ الثَّوْرَيْنِ فِي القِرانِ للحَرْثِ، وَالْجَمْعُ أَفْدِنَةٌ وفُدُنٌ. والفَدَّانُ: كالفَدَانِ، فَعَّال بِالتَّشْدِيدِ، وَقِيلَ: الفَدَّانُ الثَّوْرُ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الفَداَّنُ الثَّوْرَانِ اللَّذَانِ يُقْرَنَانِ فَيُحْرَثُ عَلَيْهِمَا، قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا فدانٌ. أَبو عَمْرٍو: الفَدَّانُ وَاحِدُ الفَدَادِينِ، وَهِيَ الْبَقَرُ الَّتِي يُحْرَثُ بِهَا؛ قَالَ أَبو تُرَابٍ: أَنشدني أَبو خَلِيفَةَ الحُصَيْنِيُّ لِرَجُلٍ يَصِفُ الجُعَل:
أَسْوَدُ كَاللَّيْلِ، وَلَيْسَ بِاللَّيْلِ،
…
لَهُ جناحانِ، وَلَيْسَ بالطَّيْر،
يَجُرُّ فَداَّناً، وَلَيْسَ بالثَّوْر
فَجَمَعَ بَيْنَ الرَّاءِ وَاللَّامِ فِي الْقَافِيَةِ وَشَدَّدَ الفَدَّانَ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ الفَدَان، بِتَخْفِيفِ الدَّالِ. وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: تَقُولُ الْعَامَّةُ الفَدَّان، وَالصَّوَابُ الفَدَان، بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ وَرَوَاهُ عَنْهُ أَصحابه فَدَان، بِالتَّخْفِيفِ، وَجَمَعَهُ عَلَى أَفْدِنة وَقَالَ: العِيَانُ حَدِيدَةٌ تَكُونُ فِي مَتَاعِ الفَدَان، وَضَبَطُوا الفَدَان بِالتَّخْفِيفِ. قَالَ: وأَما الفَدَّان، بِالتَّشْدِيدِ، فَهُوَ الْمَبْلَغُ الْمُتَعَارَفُ، وَهُوَ أَيضاً الثَّوْرُ الَّذِي يُحْرَثُ بِهِ، وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ أَبي الْحَسَنِ الصِّقِلِّي فِي تَرْجَمَةِ عَيْنٍ قَالَ: الفدَان، بِالتَّخْفِيفِ، الْآلَةُ التي يحرث بها. والفَدَّان أَيضاً: المَزْرَعة. وفُدَيْنٌ والفُدَيْنُ: مَوْضِعٌ. والفَدَنُ صِبْغ أَحمر.
فرن: الفُرْنُ: الَّذِي يُخْبَزُ عَلَيْهِ الفُرْنيُّ، وَهُوَ خُبْز غَلِيظٌ نُسِبَ إِلى مَوْضِعِهِ، وَهُوَ غَيْرُ التَّنُّورِ؛ قَالَ أَبو خِراشٍ الهُذَلِيُّ يَمْدَحُ دُبَيَّة السُّلَمِيّ:
نُقاتِلُ جُوعَهمْ بمُكَلَّلاتٍ
…
مِنَ الفُرْنِيِّ، يَرْعَبُها الجَميلُ
وَيُرْوَى: نُقابل، بِالْبَاءِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ
يُقَابَلُ بِالْيَاءِ وَالْبَاءِ، وَالضَّمِيرُ يَعُودُ إِلى دُبَيَّة؛ وَقَبْلَهُ:
فنِعْمَ مُعَرَّسُ الأَضْيافِ تَذْحى،
…
رِحالَهُمُ، شآمِيَةٌ بَلِيلُ
يُقَالُ: ذَحاه يَذْحُوه ويَذْحَاه طَرَدَهُ، بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ. وَقَالَ الخليلُ: الفُرنيّ طَعَامٌ، وَاحِدَتُهُ فُرْنِيَّةٌ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الفُرْن شَيْءٌ يُخْتَبَز فِيهِ، قَالَ: وَلَا أَحسبه عَرَبِيًّا. غَيْرُهُ: الفُرْنُ المَخْبَز، شَامِيَّةٌ، وَالْجَمْعُ أَفْرانٌ. والفُرنْيَّةُ: الخُبْزَة المُسْتديرة الْعَظِيمَةُ، مَنْسُوبَةٌ إِلى الفُرْنِ. والفُرْنِيُّ: طَعَامٌ يُتَّخَذُ، وَهِيَ خُبْزَة مُسَلَّكَة مُصَعْنَبَة مَضْمُومَةُ الْجَوَانِبِ إِلى الْوَسَطِ، يُسَلَّكُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ ثُمَّ تُرَوَّى لَبَنًا وَسَمْنًا وسُكَّراً، وَاحِدَتُهُ فُرْنِيَّة. والفارِنَة: خَبَّازة هَذَا الفُرْنِيّ الْمَذْكُورِ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ المُخْتَبَزُ فُرْناً. وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الْعَرَبِ: فإِذا هِيَ مِثْلُ الفُرْنِيَّة الْحَمْرَاءِ. والفُرْنِيُّ: الرَّجُلُ الغليظُ الضخمُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وطاحَ، فِي المَعْرَكةِ، الفُرْنِيُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والفُرْنِيُّ أَيضاً الضَّخْمُ مِنَ الْكِلَابِ، وأَنشد بَيْتَ العجاج هذا.
فرتن: أَبو سَعِيدٍ: الفَرْتَنَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ «1» . تَشْقِيقُ الْكَلَامِ والاهْتِماشُ فِيهِ. يُقَالُ: فُلَانٌ يُفَرْتِنُ فَرْتَنةً. وفَرْتَنَى: الأَمَةُ والزانيةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنه ثُلَاثِيٌّ عَلَى رأْي ابْنِ حَبِيبٍ، وأَن نُونَهُ زَائِدَةٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ: الفَرْتَنى معرَّفاً بالأَلف وَاللَّامِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الهَلُوكُ والمُومِسَة. وفَرَتَ الرجلُ يَ 9 فْرُتُ فَرْتاً: فَجَر؛ قَالَ: وأَما سِيبَوَيْهِ فَجَعَلَهُ رُبَاعِيًّا. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ للأَمة الفَرْتَنَى. وَابْنُ الفَرْتَنَى: وَهُوَ ابْنُ الأَمةِ البَغِيِّ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الأَمة فَرْتَنَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ الأَحْوَلُ ابْنُ فَرْتَنَى وَابْنُ تُرْنَى يُقَالَانِ لِلَّئِيمِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: فَرْتَنَى الأَمةُ، وَكَذَلِكَ تُرْنَى؛ قَالَ الأَشهب بْنُ رُمَيْلَةَ.
أَتانِيَ مَا قَالَ البَعِيثُ ابنُ فَرْتَنَى،
…
أَلم تَخْشَ، إِذ أَوْعَدْتَها، أَن تُكَذّبا؟
وَقَالَ جَرِيرٌ:
أَلم تَرَ أَنِّي، إِذ رَمَيْتُ ابْنَ فَرْتَنَى
…
بصَمَّاءَ، لَا يَرْجُو الحياةَ أَمِيمُها
وَقَالَ أَيضاً:
مَهْلًا بَعِيثُ، فإِنَّ أُمَّكَ فَرْتَنَى
…
حَمْراءُ، أَثْخَنَتِ العُلُوجَ رُداما
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَراد الأَمة، وَكَانَتْ أُمُّ البَعِيثِ حمراءَ مِنْ سَبْي أَصْفَهان، وَابْنُ تُرْنَى ذَكَرَهُ فِي تَرَنَ. وفَرْتَنَى، مَقْصُورٌ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
عَفا ذُو حُساً مِنْ فَرْتَنَى فالفَوارِعُ،
…
فَجَنْبا أَرِيكٍ، فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ
وفَرْتَنَى أَيضاً: قَصْرٌ بمَرْوِ الرُّوذِ كَانَ ابْنُ خَازِمٍ قَدْ حَاصَرَ فِيهِ زُهَيْرَ بْنُ ذُؤَيْبٍ العَدَوِيّ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الهَزَارْمَرْدُ.
فرجن: الفِرْجَونُ: المِحَسَّةُ. وَقَدْ فَرْجَنَ الدابةَ بالفِرْجَوْن أَي بالمِحَسَّة أَي حَسَّها، وَاللَّهُ تعالى أَعلم.
فرزن: الفِرْزانُ: مِنْ لُعَبِ الشِّطْرَنْج، أَعجمي مُعَرَّبٌ، وَجَمْعُهُ فَرَازِينُ «2» .
فرسن: الفُرَاسِنُ والفِرْسَانُ مِنَ الأُسْد، واعْتَدَّ سِيبَوَيْهِ الفِرْناسَ ثُلَاثِيًّا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. والفِرْسِنُ: فِرْسِنُ الْبَعِيرِ، وهي مؤنثة، وجمعها
(1). قوله [الفرتنة عند العرب إلخ] وهي أيضاً بهذا الضبط: التقارب في المشي كما في القاموس والتكملة
(2)
. الفرزان، في الشطرنج، الملَكَة
فَراسِنُ. وَفِي الفَراسِنِ السُّلامَى: وَهِيَ عِظَامُ الفِرْسِن وقَصَبُها، ثُمَّ الرُّسْغ فَوْقَ ذَلِكَ، ثُمَّ الوَظِيفُ، ثُمَّ فَوْقَ الوَظِيفِ مِنْ يَدِ الْبَعِيرِ الذِّراعُ، ثُمَّ فَوْقَ الذِّرَاعِ العَضُدُ، ثُمَّ فَوْقَ العَضُدِ الكتفُ، وَفِي رِجْلِهِ بَعْدَ الفِرْسِنِ الرُّسغُ ثُمَّ الوظيفُ ثُمَّ السَّاقُ ثُمَّ الْفَخْذُ ثُمَّ الوَرِكُ، وَيُقَالُ لِمَوْضِعِ الفِرْسِن مِنَ الْخَيْلِ الحافرُ ثُمَّ الرُّسْغُ. والفِرْسِنُ مِنَ الْبَعِيرِ: بِمَنْزِلَةِ الْحَافِرِ مِنَ الدَّابَّةِ، قَالَ: وَرُبَّمَا اسْتُعِيرَ فِي الشَّاةِ. قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ: النُّونُ زَائِدَةٌ لأَنها مِنْ فَرسْتُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَالَّذِي لِلشَّاةِ هُوَ الظِّلْفُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ فِرسِنَ شَاةٍ
؛ الفِرْسِنُ: عَظْمٌ قَلِيلُ اللَّحْمِ، وَهُوَ خُفَّ البعير كالحافر للدابة.
فرصن: فَرْصَنَ الشيءَ: قَطَعَهُ؛ عن كراع.
فرعن: الفَرْعَنَةُ: الكِبْرُ والتَّجَبُّر. وفِرْعَوْنُ كُلِّ نَبِيٍّ مَلِكُ دَهْره؛ قَالَ القَطامِي:
وشُقَّ البَحْرُ عَنْ أَصحابِ مُوسَى،
…
وغُرِّقَتِ الفَراعِنَةُ الكِفارُ
الكِفارُ: جَمْعُ كَافِرٍ كَصَاحِبٍ وَصِحَابٍ، وَفِرْعَوْنُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنْ هَذَا، وإِنما تَرَكَ صَرْفَهُ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ لأَنه لَا سَمِيَّ لَهُ كإِبليس فِيمَنْ أَخذه مِنْ أَبْلَسَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن فِرْعَوْنَ هَذَا العَلَم أَعجميٌّ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُصْرَفْ. الْجَوْهَرِيُّ: فِرْعَوْنُ لَقَبُ الْوَلِيدِ بْنِ مُصْعَبٍ مَلِكِ مِصْرَ. وكلُّ عاتٍ فِرْعَوْنٌ، والعُتاةُ: الْفَرَاعِنَةُ. وَقَدْ تَفَرْعَنَ وَهُوَ ذُو فَرْعَنَة أَي دَهاءٍ وتَكَبُّر. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَخَذَنا فِرْعَوْنُ هَذِهِ الأُمة.
الأَزهري: مِنَ الدُّرُوع الفِرْعَوْنِيَّةُ؛ قَالَ شَمِرٌ: هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلى فِرْعَوْنِ مُوسَى، وَقِيلَ: الفِرْعَوْنُ بِلُغَةِ القِبْط التّمسَاح، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى ابْنُ خَالَوِيهْ عَنِ الْفَرَّاءِ فُرْعُون، بِضَمِّ الْفَاءِ، لُغَةٌ نَادِرَةٌ.
فشن: فَيْشُونُ: اسْمُ نَهَرٍ؛ حَكَاهُ صاحبُ الْعَيْنِ عَلَى أَنه قَدْ يَكُونُ فَعْلُوناً، وإِن لَمْ يَحْكِ سِيبَوَيْهِ هَذَا الْبِنَاءَ. اللَّيْثُ: فَيْشُون اسْمُ نَهَرٍ، وأَفْشِيُونُ أَعجمي.
فطن: الفِطْنَةُ: كَالْفَهْمِ. والفِطْنَة: ضِدُّ الغَباوة. وَرَجُلٌ فَطِنٌ بَيِّنُ الفِطْنة والفَطَنِ وَقَدْ فَطَنَ لِهَذَا الأَمر، بِالْفَتْحِ، يَفْطُنُ فِطْنَة وفَطُنَ فَطْناً وفَطَناً، وفُطُناً وفُطُونة وفَطانة وفَطَانية، فَهُوَ فاطِنٌ لَهُ وفَطُون وفَطِين وفَطِنٌ وفَطُنٌ وفَطْنٌ وفَطُونة، وَقَدْ فَطِنَ، بِالْكَسْرِ، فِطْنة وفَطَانة وفَطَانيةً، وَالْجَمْعُ فُطْنٌ، والأُنثى فَطِنَة؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
إِلى خِدَبٍّ سَبِطٍ ستِّيني،
…
طَبٍّ بذاتِ قَرْعِها فَطُونِ
وَقَالَ الْآخَرُ:
قالتْ، وكنتُ رَجُلًا فَطِينَا:
…
هَذَا لَعَمْرُ اللهِ إِسْرائينا
وَقَالَ قَيْسُ بنُ عاصمٍ فِي الْجَمْعِ
لَا يَفْطُنُونَ لعَيْبِ جارِهِمِ،
…
وهُمُ لِحِفْظِ جِوارِه فُطْنُ
والمُفاطَنَةُ: مُفَاعلة مِنْهُ. اللَّيْثُ: وأَما الفَطِنُ فَذُو فِطْنَةٍ للأَشياء، قَالَ: وَلَا يَمْتَنِعُ كُلُّ فِعْلٍ مِنَ النُّعُوتِ مِنْ أَن يُقَالَ قَدْ فَعُلَ وفَطُنَ أَي صَارَ فَطِناً إِلَّا الْقَلِيلُ. وفَطَّنه لِهَذَا الأَمر تَفْطِيناً: فَهَّمَه. وَفِي الْمَثَلِ: لَا يُفطِّنُ القارَةَ إِلا الحِجارة؛ القارةُ: أُنثى الذِّئبَةِ. وفاطَنَةُ فِي الْحَدِيثِ: راجَعَه؛ قَالَ الرَّاعِي:
إِذا فاطَنَتْنا فِي الحديثِ تَهَزْهَزَتْ
…
إِليها قلوبٌ، دُونَهُنَّ الجَوانِحُ
وَيُقَالُ: فَطِنْتُ إِليه وَلَهُ وَبِهِ فِطْنَةً وفَطانة. وَيُقَالُ: لَيْسَ لَهُ فُطْنٌ أَي فِطْنةٌ.
فكن: فَكَنَ فِي الْكَذِبِ: لَجَّ ومَضى. وتَفَكَّنَ: تأَسَّفَ وتَلَهَّفَ، وَقِيلَ: هُوَ التَّلَهُّفُ على الشيءِ يفوتك بعد ما ظَنَنْتَ أَنك ظَفِرْتَ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ التَّنَدُّمُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَا خارِب، إِن فَاتَهُ زادُ ضَيْفِه
…
يَعَضُّ عَلَى إِبْهامه، يَتَفَكَّنُ «1»
ابْنُ الأَعرابي: الفُكْنَةُ النَّدَامَةُ، وَقِيلَ: النَّدَامَةُ عَلَى الْفَائِتِ، والتَّفَكُّنُ: التَّنَدُّمُ عَلَى مَا فَاتَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُ العالِم مَثلُ الحَمَّةِ مِنَ الْمَاءِ يأْتيها البُعَداءُ وَيَتْرُكُهَا القُرَباءُ، حَتَّى إِذا غَاضَ ماؤُها بَقِيَ قَوْمُهُ يَتَفَكَّنُونَ
، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَتَفَكَّنُونَ أَي يَتَنَدَّمُون «2» . اللِّحْيَانِيُّ: أَزْدُ شَنُوأَةَ يَقُولُونَ يَتَفَكَّهُون، وَتَمِيمٌ تَقُولُ يَتَفَكَّنُون، وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ أَي تَعَجَّبُونَ، وَقَالَ عِكْرِمة: تَنَدَّمُونَ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: تَفَكَّهْتُ وتَفَكَّنْتُ أَي تَنَدَّمْتُ، قَالَ رُؤْبَةُ:
أَما جَزاءُ العارِفِ المُسْتَيْقِنِ
…
عندَك، إِلا حاجةُ التَّفَكُّنِ
أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ مُزاحِماً يَقُولُ تَفَكَّنَ وتَفَكَّرَ وَاحِدٌ، واللَّه أَعلم.
فلن: فُلانٌ وفُلانَةُ: كِنَايَةٌ عَنْ أَسماء الْآدَمِيِّينَ. والفُلانُ والفُلانَةُ: كِنَايَةٌ عَنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّينَ. تَقُولُ الْعَرَبُ: رَكِبْتُ الفُلانَ وحَلَبْتُ الفُلانة. ابْنُ السَّرَّاج: فُلانٌ كِنَايَةٌ عَنِ اسْمٍ سُمِّيَ بِهِ المُحَدَّثُ عَنْهُ، خَاصٌّ غَالِبٌ. وَيُقَالُ فِي النِّدَاءِ: يَا فُلُ فَتُحْذَفُ مِنْهُ الأَلف وَالنُّونُ لِغَيْرِ تَرْخِيمٍ، وَلَوْ كَانَ تَرْخِيمًا لَقَالُوا يَا فُلا، قَالَ: وَرُبَّمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ ضَرُورَةً؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
فِي لَجَّةٍ، أَمْسِكْ فُلَانًا عَنْ فُلِ
وَاللُّجَّةُ: كَثْرَةُ الأَصوات، وَمَعْنَاهُ أَمسك فُلَانًا عَنْ فُلَانٍ. وفلانٌ وفلانةُ: كِنَايَةٌ عَنِ الذَّكَرِ والأُنثى مِنَ النَّاسِ، قَالَ: وَيُقَالُ فِي غَيْرِ النَّاسِ الفُلانُ والفُلانَةُ بالأَلف وَاللَّامِ. اللَّيْثُ: إِذا سُمِّيَ بِهِ إِنسان لَمْ يَحْسُنْ فِيهِ الأَلف وَاللَّامُ. يُقَالُ: هَذَا فلانٌ آخَرُ لأَنه لَا نَكِرَةَ لَهُ، ولكن العرب إِذا سَمَّوْابه الإِبلَ قَالُوا هَذَا الفُلانُ وَهَذِهِ الفُلانة، فإِذا نُسِبْتَ قُلْتَ فلانٌ الفُلانِيُّ، لأَن كُلَّ اسْمٍ يُنْسَبُ إِليه فإِن الْيَاءَ الَّتِي تَلْحَقُهُ تُصَيِّرُهُ نَكِرَةً، وبالأَلف وَاللَّامِ يَصِيرُ مَعْرِفَةً فِي كُلِّ شَيْءٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَقُولُ لَقِيتُ فُلَانًا، إِذا كَنَيْت عَنِ الْآدَمِيِّينَ قُلْتَهُ بِغَيْرِ أَلف وَلَامٍ، وإِذا كَنَيْتَ عَنِ الْبَهَائِمِ قُلْتَهُ بالأَلف وَاللَّامِ؛ وأَنشد فِي تَرْخِيمِ فُلَانٍ:
وهْوَ إِذا قِيلَ لَهُ: وَيْهاً، فُلُ
…
فإِنه أَحْجِ بِه أَن يَنْكَلُ
وهْو إِذا قِيلَ لَهُ: وَيْهاً، كُلُ
…
فإِنه مُوَاشِكٌ مُسْتَعْجِلُ
وَقَالَ الأَصمعي فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبو تُرَابٍ: يُقَالُ قُمْ يَا فُلُ وَيَا فُلاه، فَمَنْ قَالَ يَا فُلُ فَمَضَى فَرَفَعَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ فَقَالَ قُمْ يَا فُلُ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
يقالُ لمِثْلِي: وَيْهاً فُلُ
وَمَنْ قَالَ يَا فُلاه فسكن أَثبت الْهَاءَ فَقَالَ قُلْ ذَلِكَ يَا فُلاه، وإِذا مَضَى قَالَ يَا فُلا قُلْ ذَلِكَ، فَطَرَحَ وَنَصَبَ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: قَوْلُهُمْ يَا فُلُ ليس بترخيم
(1). 1 قوله «ولا خارب» الذي في نسخة من التهذيب: ولا خائب.
(2)
. 2 في النهاية:
حَتَّى إِذَا غَاضَ مَاؤُهَا بقي قوم يتفكَّنون
أي يتندمون والفكنة الندامة على الفائت.
وَلَكِنَّهَا كَلِمَةٌ عَلَى حِدَةٍ. ابْنُ بُزُرْج: يَقُولُ بَعْضُ بَنِي أَسدٍ يَا فُلُ أَقبل وَيَا فُلُ أَقبلا وَيَا فُلُ أَقبلوا، وَقَالُوا للمرأَة فِيمَنْ قَالَ يَا فُلُ أَقْبِلْ: يَا فُلانَ أَقبلي، وَبَعْضُ بَنِي تَمِيمٍ يَقُولُ يَا فُلانَةُ أَقبلي، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ يَا فُلاةُ أَقبلي. وَقَالَ غَيْرُهُمْ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ يَا فُلُ أَقبل، وَلِلِاثْنَيْنِ يَا فُلانِ، وَيَا فُلُونَ لِلْجَمْعِ أَقبلوا، وللمرأَة يَا فُلَ أَقْبِلي، وَيَا فُلَتانِ، وَيَا فُلاتُ أَقْبِلْنَ، نَصَبَ فِي الْوَاحِدَةِ لأَنه أَراد يَا فُلَة، فَنَصَبُوا الْهَاءَ. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فلانٌ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
يَقُولُ اللَّهُ عز وجل أَي فُلْ أَلم أُكْرِمْكَ وأُسَوِّدْكَ؟
مَعْنَاهُ يَا فلانُ، قَالَ: وَلَيْسَ تَرْخِيمًا لأَنه لَا يُقَالُ إِلا بِسُكُونِ اللَّامِ، وَلَوْ كَانَ تَرْخِيمًا لَفَتَحُوهَا أَو ضَمُّوهَا؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَيْسَتْ تَرْخِيمًا وإِنما هِيَ صِيغَةٌ ارْتُجِلَتْ فِي بَابِ النِّدَاءِ، وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ؛ وأَنشد:
فِي لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلَانًا عَنْ فُلِ
فَكَسَرَ اللَّامَ لِلْقَافِيَّةِ. قَالَ الأَزهري: لَيْسَ بِتَرْخِيمِ فُلانٍ، وَلَكِنَّهَا كَلِمَةٌ عَلَى حِدَةٍ، فَبَنُو أَسد يُوقِعُونَها عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَغَيْرُهُمْ يُثَنِّي وَيَجْمَعُ وَيُؤَنِّثُ؛ وَقَالَ قَوْمٌ: إِنه تَرْخِيمُ فُلَانٍ، فَحُذِفَتِ النُّونُ لِلتَّرْخِيمِ والأَلف لِسُكُونِهَا، وَتُفْتَحُ اللَّامُ وَتُضَمُّ عَلَى مَذْهَبَيِ التَّرْخِيمِ. وَفِي حَدِيثِ
أُسامة فِي الْوَالِي الْجَائِرِ: يُلْقى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتابُه فَيُقَالُ لَهُ أَي فُلْ أَين مَا كُنْتَ تَصِفُ.
وَقَوْلُهُ عز وجل: يَا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: لَمْ أَتخذ فُلَانًا الشيطانَ خَلِيلًا، قَالَ: وتصديقُه: وَكَانَ الشَّيْطَانُ للإِنسان خَذُولًا؛ قَالَ: وَيُرْوَى أَن عُقْبة بْنِ أَبي مُعَيْطٍ هُوَ الظَّالِمُ هَاهُنَا، وأَنه كَانَ يأْكل يَدَيْهِ نَدَماً، وأَنه كَانَ عَزْمٌ عَلَى الإِسلام فَبَلَغَ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ فَقَالَ لَهُ أُميةُ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حرامٌ إِن أَسلمت وإِن كَلَّمْتُكَ أَبداً فَامْتَنَعَ عُقْبَةُ مِنَ الإِسلام، فإِذا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَكل يَدَيْهِ نَدَمًا، وَتَمَنَّى أَنه آمَنَ وَاتَّخَذَ مَعَ الرَّسُولِ إِلى الْجَنَّةِ سَبِيلًا وَلَمْ يَتَّخِذْ أُمية بْنِ خَلَفٍ خَلِيلًا، وَلَا يَمْتَنِعُ أَن يَكُونَ قَبُولُهُ مِنْ أُمية مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ وإِغوائه. وفُلُ بْنُ فُلٍ: مَحْذُوفٌ، فأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ: لَا يُقَالُ فُل يَعْنِي بِهِ فُلَانٌ إِلا فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِهِ:
فِي لَجَّةٍ، أَمسك فُلَانًا عَنْ فُلِ
وأَما يَا فُلْ الَّتِي لَمْ تُحْذَفُ مِنْ فُلَانٍ فَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلا فِي النِّدَاءِ، قَالَ: وإِنما هُوَ كَقَوْلِكَ يَا هَناه، وَمَعْنَاهُ يَا رَجُلُ. وفلانٌ: اسْمُ رَجُلٍ. وَبَنُو فُلان: بَطنٌ نَسَبُوا إِليه، وَقَالُوا فِي النَّسَبِ الفُلانيّ كَمَا قَالُوا الهَنِيّ، يَكْنُونَ بِهِ عَنْ كُلِّ إِضافة. الخليلُ: فلانٌ تَقْدِيرُهُ فُعال وَتَصْغِيرُهُ فُلَيِّنٌ، قَالَ: وَبَعْضٌ يَقُولُ هُوَ فِي الأَصل فُعْلانٌ حُذِفَتْ مِنْهُ وَاوٌ، قَالَ: وَتَصْغِيرُهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فُلَيَّانٌ، وكالإِنسان حُذِفَتْ مِنْهُ الْيَاءُ أَصله إِنْسِيان، وَتَصْغِيرُهُ أُنَيْسِيانُ، قَالَ: وَحُجَّةُ قولهم فُلُ بن فُلٍ كَقَوْلِهِمْ هَيُّ بْنُ بَيٍّ وهَيَّانُ بنُ بَيَّانَ. وَرُوِيَ عَنِ الْخَلِيلِ أَنه قَالَ: فلانٌ نُقْصانُه يَاءٌ أَو وَاوٌ مِنْ آخِرِهِ، وَالنُّونُ زَائِدَةٌ، لأَنك تَقُولُ فِي تَصْغِيرِهِ فُلَيَّانٌ، فَيَرْجِعُ إِليه مَا نَقَصَ وَسَقَطَ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ فلانٌ مِثْلَ دُخانٍ لَكَانَ تَصْغِيرُهُ فُلَيِّنٌ مِثْلُ دُخَيِّنٍ، وَلَكِنَّهُمْ زَادُوا أَلفاً وَنُونًا عَلَى فُلَ؛ وأَنشد لأَبي النَّجْمِ:
إِذْ غَضِبَتْ بالعَطَنِ المُغَرْبَلِ،
…
تُدافِعُ الشِّيبَ وَلَمْ تُقَتَّلِ،
فِي لَجَّةٍ، أَمْسِكْ فُلَانًا عن فُلِ
فلسطن: فِلَسْطِينُ، بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ: الكورَةُ الْمَعْرُوفَةُ فيما بين الأُرْدُنّ وديار مِصْرَ، حَمَاهَا اللَّهُ
تَعَالَى، وأُمُّ بِلَادِهَا بيتُ المَقْدِسِ.
فلكن: قَوْسٌ فَيْلَكُونٌ: عَظِيمَةٌ؛ قال الأَسوَدُ ابنُ يَعفُرَ:
وكائِنْ كَسَرْنا مِنْ هَتُوفٍ مُرِنَّةٍ،
…
عَلَى القومِ، كانتْ فَيْلكُونَ المَعابِلِ
وَذَلِكَ أَنه لَا تُرْمى المعابلُ وَهِيَ النِّصال المُطَوَّلة إِلا عَلَى قَوْسٍ عَظِيمَةٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الفَيْلَكُونُ البَرْدِيُّ «1» ، هُوَ فَيعَلُول.
فنن: الفَنُّ: وَاحِدُ الفُنُون، وَهِيَ الأَنواع، والفَنُّ الحالُ. والفَنُّ: الضَّرْبُ مِنَ الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ أَفنان وفُنونٌ، وَهُوَ الأُفْنُون. يُقَالُ: رَعَيْنا فُنُونَ النَّباتِ، وأَصَبْنا فُنُونَ الأَموال؛ وأَنشد:
قَدْ لَبِسْتُ الدَّهْرَ مِنْ أَفْنانِه،
…
كُلَّ فَنٍّ ناعِمٍ مِنْهُ حَبِرْ
والرجلُ يُفَنِّنُ الْكَلَامَ أَي يَشْتَقُّ فِي فَنٍّ بَعْدَ فنٍّ، والتَّفَنُّنُ فِعْلك. وَرَجُلٌ مِفَنٌّ: يأْتي بِالْعَجَائِبِ، وامرأَة مِفَنَّة. وَرَجُلٌ مِعَنٌّ مِفَنٌّ: ذُو عَنَنٍ وَاعْتِرَاضٍ وَذُو فُنُون مِنَ الْكَلَامِ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ:
إِنَّ لَنَا لكَنَّه مِعَنَّةً مِفَنَّه
وافْتَنَّ الرَّجُلُ فِي حَدِيثِهِ وَفِي خُطْبته إِذا جَاءَ بالأَفانين، وَهُوَ مثلُ اشْتَقَّ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فافْتَنَّ، بَعْدَ تَمامِ الوِرْدِ، ناجِيةً،
…
مثْلَ الهِرَاوَةِ ثِنْياً بِكْرُها أَبِدُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ افْتَنَّ فِي هَذَا الْبَيْتِ بِقَوْلِهِمُ افْتَنَّ الرَّجُلُ فِي حَدِيثِهِ وخُطْبته إِذا جَاءَ بالأَفانين، قَالَ: وَهُوَ مثلُ اشْتَقَّ، يُرِيدُ أَن افْتَنَّ فِي الْبَيْتِ مُسْتَعَارٌ مِنْ قَوْلِهِمُ افْتَنَّ الرَّجُلُ فِي كَلَامِهِ وَخُصُومَتِهِ إِذا تَوَسَّعَ وَتَصَرَّفَ، لأَنه يُقَالُ افْتَنَّ الحمارُ بأُتُنه واشْتَقَّ بِهَا إِذا أَخذ فِي طَرْدِها وسَوْقها يَمِينًا وَشِمَالًا وَعَلَى اسْتِقَامَةٍ وَعَلَى غَيْرِ اسْتِقَامَةٍ؛ فَهُوَ يَفْتَنُّ فِي طَرْدِها أَفانينَ الطَّرْدِ؛ قَالَ: وَفِيهِ تَفْسِيرٌ آخَرُ وَهُوَ أَن يَكُونَ افْتَنَّ فِي الْبَيْتِ مِنْ فَنَنْتُ الإِبلَ إِذا طَرَدْتَهَا، فَيَكُونُ مِثْلَ كسَبْته واكتَسَبْته فِي كَوْنِهِمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَيَنْتَصِبُ نَاجِيَةً بأَنه مَفْعُولٌ لافْتَنَّ مِنْ غَيْرِ إِسقاط حَرْفِ جَرٍّ، لأَن افْتَنَّ الرَّجُلُ فِي كَلَامِهِ لَا يتعدَّى إِلا بِحَرْفِ جَرٍّ؛ وَقَوْلُهُ: ثِنياً بِكْرُهَا أَبِدُ أَي وَلَدَت بَطْنَين، وَمَعْنَى بِكْرُها أَبِدٌ أَي وَلَدُها الأَول قَدْ تَوَحَّشَ مَعَهَا. وافْتَنَّ: أَخذ فِي فُنُونٍ مِنَ الْقَوْلِ. والفُنُونُ: الأَخلاطُ مِنَ النَّاسِ. وإِن الْمَجْلِسَ لَيَجْمَعُ فُنُوناً مِنَ النَّاسِ أَي نَاسًا لَيْسُوا مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ. وفَنَّنَ الناسَ: جَعَلَهُمْ فُنُوناً. والتَّفْنينُ: التَّخْلِيطُ؛ يُقَالُ: ثوبٌ فِيهِ تَفْنين إِذا كَانَ فِيهِ طَرَائِقُ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسه. والفَنَّانُ فِي شِعْرِ الأَعشى: الحمارُ؛ قَالَ: الْوَحْشِيُّ الَّذِي يأْتي بفُنُونٍ مِنَ العَدْوِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَبَيْتُ الأَعشى الَّذِي أَشار إِليه هُوَ قَوْلُهُ:
وإِنْ يَكُ تَقْرِيبٌ مِنَ الشَّدِّ غالَها
…
بمَيْعَةِ فَنَّانِ الأَجارِيِّ، مُجْذِمِ
والأَجارِيُّ: ضُروبٌ مِنْ جَرْيه، وَاحِدُهَا إِجْرِيّا، والفَنُّ: الطَّرْدُ. وفَنَّ الإِبلَ يَفُنُّها فَنّاً إِذا طَرَدَهَا؛ قَالَ الأَعشى:
والبِيضُ قَدْ عَنَسَتْ وَطَالَ جِرَاؤُها،
…
ونَشَأْنَ فِي فَنٍّ وَفِي أَذْوادِ
وفَنَّه يَفُنُّه فَنّاً إِذا طَرَدَهُ. والفَنُّ: العَناء. فنَنْتُ الرجلَ أَفُنُّه فَنّاً إِذا عَنَّيْتَه، وفنَّه يَفُنُّه فَنّاً:
(1). قوله [الفيلكون البردي] وأيضاً القار أو الزفت كما في القاموس والتكملة
عَنَّاه؛ قَالَ:
لأَجْعَلَنْ لِابْنَةٍ عَمْروٍ فَنَّا،
…
حَتَّى يَكُونَ مَهْرُها دُهْدُنَّا
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: فَنًّا أَيْ أَمْرًا عَجَباً، وَيُقَالُ: عَناءً أَيْ آخُذُ عَلَيْهَا بالعَناء حَتَّى تَهَبَ لِي مَهْرَها. والفَنُّ: المَطْلُ. والفَنُّ: الغَبْنُ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ، وَالْمَصْدَرُ كَالْمَصْدَرِ. وامرأَة مِفَنَّة: يَكُونُ مِنَ الغَبْنِ وَيَكُونُ مِنَ الطَّرْدِ والتَّغْبِيَة. وأُفْنُونُ الشَّبابِ: أوَّله، وَكَذَلِكَ أُفْنُونُ السَّحَابِ. والفَنَنُ: الغُصْنُ الْمُسْتَقِيمُ طُولًا وعَرْضاً؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
والفَنَنُ الشَّارِقُ والغَرْبيُ
والفَنَنُ: الغُصْنُ، وَقِيلَ: الغُصْنُ القَضِيب يَعْنِي الْمَقْضُوبَ، والفَنَنُ: مَا تشَعَّبَ مِنْهُ، وَالْجَمْعُ أَفْنان. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُجاوِزُوا بِهِ هَذَا الْبِنَاءَ. والفَنَنُ: جَمْعُهُ أَفْنانٌ، ثُمَّ الأَفانِينُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ رَحىً:
لَهَا زِمامٌ مِنْ أَفانِينِ الشَّجَرْ
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مِنَا أَنْ ذَرَّ قَرْنُ الشمسِ، حَتَّى
…
أغاثَ شَرِيدَهمْ فَنَنُ الظَّلام
فَإِنَّهُ اسْتَعَارَ لِلظُّلْمَةِ أَفْناناً، لأَنها تسْتُر الناسَ بأَستارها وأَوراقِها كَمَا تَسْتُرُ الْغُصُونَ بأَفنانها وأَوراقها. وَشَجَرَةٌ فَنْواءُ: طَوِيلَةُ الأَفْنانِ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ذَواتا أَفْنانٍ
؛ قَالَ: ظِلُّ الأَغصانِ عَلَى الحِيطانِ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ ذَواتا أغصانٍ، وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ ذَوَاتَا أَلوان، وَاحِدُهَا حِينَئِذٍ فَنّ وفَنَنٌ، كَمَا قَالُوا سَنٌّ وسَنَنٌ وعَنٌّ وعَنَنٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: واحدُ الأَفنان إِذَا أَردت بِهَا الأَلوان فَنٌّ، وَإِذَا أردْتَ بِهَا الأَغصان فَوَاحِدُهَا فَنَنٌ. أَبو عَمْرٍو: شَجَرَةٌ فَنْواء ذَاتُ أَفنان. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ يَنْبَغِي فِي التَّقْدِيرِ فَنَّاء. ثَعْلَبٌ: شَجَرَةٌ فَنَّاء وفَنْواء ذَاتُ أَفْنانٍ، وأَما قَنْواء، بِالْقَافِ، فَهِيَ الطَّوِيلَةُ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الفُنُون تَكُونُ فِي الأَغصان، والأَغصان تَكُونُ فِي الشُّعَبِ، والشُّعَبُ تَكُونُ فِي السُّوق، وَتُسَمَّى هَذِهِ الفُروعُ، يَعْنِي فروعَ الشَّجَرِ، الشَّذَبَ، والشَّذَبُ العِيدانُ الَّتِي تَكُونُ فِي الفُنون. وَيُقَالُ للجِذعِ إِذَا قُطِعَ عِنْدَ الشَّذَب: جِذْعٌ مُشَذَّبٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
يُرادَا عَلَى مِرْقاةِ جِذْعٍ مُشَذَّبِ
يُرادا أَيْ يُدارا. يُقَالُ: رادَيْتُه ودارَيْتُه. والفَنَنُ: الفَرْع مِنَ الشَّجَرِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَفِي حَدِيثِ سِدْرة المُنْتَهَى:
يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّ الفَنَنِ مائةَ سَنةٍ.
وامرأَة فَنْواء: كَثِيرَةُ الشَّعَرِ، وَالْقِيَاسُ فِي كُلِّ ذَلِكَ فَنَّاء، وشعَر فَيْنان؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: مَعْنَاهُ أَن لَهُ فُنُونًا كأَفنانِ الشَّجَرِ، وَلِذَلِكَ صُرِفَ، وَرَجُلٌ فَيْنان وامرأَة فَينانة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ لأَن الْمُذَكَّرَ فَيْنان مَصْرُوفٌ مُشْتَقٌّ مِنْ أَفنان الشَّجَرِ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: امرأَة فَيْنَى كَثِيرَةُ الشَّعَرِ، مَقْصُورٌ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ هَذَا كَمَا حَكَاهُ فَحُكْمُ فَيْنان أَنْ لَا يَنْصَرِفَ، قَالَ: وأُرى ذَلِكَ وهَماً مِنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَهلُ الْجَنَّةِ مُرْدٌ مُكَحَّلون أُولو أَفانِين
؛ يُرِيدُ أُولو شُعور وجُمَم. وأَفانِينُ: جَمْعُ أَفنان، وأَفنانٌ: جَمْعُ فَنَنٍ، وَهُوَ الخُصلة مِنَ الشَّعَرِ، شُبِّهَ بِالْغُصْنِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَنْفُضْنَ أَفنانَ السَّبيبِ والعُذَرْ
يَصِفُ الخيلَ ونَفْضَها خُصَل شَعَرِ نَوَاصِيهَا وأَذنابها؛ وَقَالَ المَرَّار:
أَعَلاقَةً أُمَّ الوُلَيِّد، بعدَ ما
…
أَفْنانُ رأْسِك كالثَّغام المُخْلِسِ؟
يَعْنِي خُصَلَ جُمَّة رأْسِه حِينَ شَابَ. أَبو زَيْدٍ: الفَينان الشَّعَرُ الطَّوِيلُ الحسَنُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: فَيْنانٌ فَيعال مِنَ الفَنَن، وَالْيَاءِ زَائِدَةٌ. التَّهْذِيبُ: وَإِنْ أَخذت قَوْلَهُمْ شَعَرٌ فَيْنانٌ مِنَ الفَنَن وَهُوَ الْغُصْنُ صَرَفْتَهُ فِي حَالَيِ النَّكِرَةِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَإِنْ أَخذته مِنَ الفَيْنة وَهُوَ الْوَقْتُ مِنَ الزَّمَانِ أَلحقته بِبَابِ فَعْلان وفَعْلانة، فَصَرَفْتَهُ فِي النَّكِرَةِ وَلَمْ تَصْرِفْهُ فِي الْمَعْرِفَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
جاءَت امرأَةٌ تَشْكُو زوجَها فَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: تُرِيدينَ أَنْ تزَوَّجِي ذَا جُمَّةٍ فَينانة عَلَى كُلِّ خُصلة مِنْهَا شَيْطَانٌ
؛ الشَّعَرُ الفَيْنانُ: الطَّوِيلُ الْحَسَنُ، وَالْيَاءُ زَائِدَةٌ. وَيُقَالُ: فَنَّنَ فلانٌ رأْيه إِذَا لَوَّنه وَلَمْ يَثْبُتُ عَلَى رأْي وَاحِدٍ. والأَفانِينُ: الأَساليب، وَهِيَ أَجناس الْكَلَامِ وطُرُقه. وَرَجُلٌ مُتفَنِّنٌ أَيْ ذُو فُنون. وتَفنَّنَ: اضْطَرَبَ كالفَنَن. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَفنَّن اضْطَرَبَ وَلَمْ يَشْتقَّه مِنَ الفَنن، والأَول أَولى؛ قَالَ:
لَوْ أَن عُوداً سَمْهَريّاً مِنْ قَنا،
…
أَوْ مِنْ جِيادِ الأَرْزَناتِ أَرْزَنا،
لَاقَى الَّذِي لاقَيْتُه تَفنَّنا
والأُفْنونُ: الْحَيَّةُ، وَقِيلَ: الْعَجُوزُ، وَقِيلَ: الْعَجُوزُ المُسِنَّة، وَقِيلَ: الدَّاهِيَةُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ أَحمر فِي الأُفْنون الْعَجُوزِ:
شَيْخٌ شآمٍ وأُفْنونٌ يَمانِيةٌ،
…
مِنْ دُونِها الهَوْلُ والمَوْماة والعِلَلُ
وَقَالَ الأَصمعي: الأُفْنون مِنَ التَّفَنُّن؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَبَيْتُ ابْنِ أَحمر شَاهِدٌ لِقَوْلِ الأَصمعي، وقولُ يَعْقُوبَ إنَّ الأُفْنون الْعَجُوزُ بعِيدٌ جِدًّا، لأَنَّ ابنَ أَحمر قَدْ ذَكَرَ قَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ مَا يَشْهَد بأَنها مَحْبُوبَتُهُ، وَقَدْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا القَفْرُ والعِلل. والأُفْنون مِنَ الغُصن: المُلتفُّ. والأُفنون: الجَرْيُ الْمُخْتَلِطُ مِنْ جَرْي الْفَرَسِ وَالنَّاقَةِ. والأُفنون: الْكَلَامُ المُثبَّجُ مِنْ كَلَامِ الهِلْباجة. وأُفْنون: اسْمُ امرأَة، وَهُوَ أَيضاً اسْمُ شَاعِرٍ سُمِّيَ بأَحد هَذِهِ الأَشياء. والمُفَنَّنة مِنَ النِّسَاءِ: الْكَبِيرَةُ السَّيِّئَةُ الخُلُق؛ وَرَجُلٌ مُفَنَّنٌ كَذَلِكَ. والتَّفْنِينُ: فِعْلُ الثَّوْب إِذَا بَلِيَ فتفَزَّرَ بعضُه مِنْ بَعْضٍ، وَفِي الْمُحْكَمِ: التَّفْنِينُ تفَزُّر الثَّوْبِ إِذَا بَليَ مِنْ غَيْرِ تَشَقُّقٍ شَدِيدٍ، وَقِيلَ: هُوَ اخْتِلَافُ عمَله برِقَّة فِي مَكَانٍ وَكَثَافَةٍ فِي آخَرَ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الأَعرابي قَوْلَ أَبانَ بْنِ عُثْمَانَ: مَثَلُ اللَّحْن فِي الرَّجُلِ السَّريِّ ذِي الْهَيْئَةِ كالتَّفنِين فِي الثَّوْبِ الجيِّد. وَثَوْبٌ مُفَنَّنٌ: مُخْتَلِفٌ. ابْنُ الأَعرابي: التَّفْنِينُ البُقعة السَّخيفة السَّمِجة الرَّقِيقَةُ فِي الثَّوْبِ الصَّفِيقِ وَهُوَ عَيْبٌ، والسَّريُّ الشَّرِيفُ النَّفِيسُ مِنَ النَّاسِ. والعربُ تَقُولُ كنتُ بِحَالِ كَذَا وَكَذَا فَنَّةً مِنَ الدَّهْرِ وفَيْنةً مِنَ الدَّهْرِ وضَرْبة مِنَ الدَّهْرِ أَيْ طرَفاً مِنَ الدَّهْرِ. والفَنِينُ: وَرَمٌ فِي الإِبط وَوَجَعٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فَلَا تَنْكِحي، يَا أَسْمَ، إِنْ كنتِ حُرَّةً
…
عُنَيْنةَ نَابًا نُجَّ عَنْهَا فَنِينُها
نَصَبَ نَابًا عَلَى الذَّمِّ أَوْ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ عُنَينة أَيْ هُوَ فِي الضَّعْفِ كَهَذِهِ النَّابِ الَّتِي هَذِهِ صِفَتُها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَكَذَا وَجَدْنَاهُ بِضَبْطِ الحامِض نُجَّ، بِضَمِّ النُّونِ، وَالْمَعْرُوفُ نَجَّ. وَبَعِيرٌ فَنِينٌ ومَفْنون: بِهِ وَرَمٌ فِي إِبِطِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا مارَسْت ضِغْناً لابنِ عَمّ،
…
مِراسَ البَكْر فِي الإِبِطِ الفَنِينا
أَبو عُبَيْدٍ: اليَفَنُ، بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْفَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ،