المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الحاء المهملة - لسان العرب - جـ ١٣

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌ن

- ‌حرف النون

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل الظاء المعجمة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء المثناة تحتها

- ‌ه

- ‌حرف الهاء

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء المهملة

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌ فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء المثناة تحتها

الفصل: ‌فصل الحاء المهملة

الجَوْنان طرَفا القَوْس. والجَوْنُ: اسمُ فَرْسٍ فِي شِعْرِ لَبِيدٍ:

تَكاثَرَ قُرْزُلٌ، والجَوْنُ فِيهَا،

وعَجْلى والنَّعامةُ والخَيالُ.

وأَبو الجَوْن: كُنْية النَّمِرِ؛ قَالَ القَتَّال الْكِلَابَيُّ:

وَلِي صاحِبٌ فِي الْغَارِ هَدَّكَ صاحِباً،

أَبو الجَوْن، إِلَّا أَنه لَا يُعَلَّل

. وَابْنَةُ الجَوْن: نَائِحَةٌ مِنْ كِنْدةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ المُثَقَّب العَبْدي:

نَوْح ابْنَةِ الجَوْنِ عَلَى هالِكٍ،

تَنْدُبُه رَافِعَةَ المِجْلَدِ

. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمَعَرِّيُّ فِي قَصِيدَتِهِ الَّتِي رَثى فِيهَا الشَّرِيفَ الظَّاهِرَ المُوسَوِيّ فَقَالَ:

مِنْ شَاعِرٍ للبَيْن قَالَ قَصِيدَةً،

يَرْثي الشَّرِيفَ عَلَى رَوِيّ القافِ

جَوْنٌ كبِنْتِ الجَوْن يَصْدَحُ دَائِبًا،

ويَميسُ فِي بُرْدِ الجُوَيْن الضَّافي

عقرتْ رَكائبك ابنُ دَأْيةَ عَادِيًا،

أَيّ امْرِئٍ نَطِقٍ وأَيّ قَوافِ

بُنِيَت عَلَى الإِيطاءِ، سَالِمَةً مِنَ الإِقْواءِ

والإِكْفاءِ والإِصْرافِ

. والجَوْنانِ: مُعاوية وحسَّان بْنُ الجَوْن الكِنْدِيّان؛ وإيَّاهما عَنَى جريرٌ بِقَوْلِهِ:

أَلم تَشْهَد الجَوْنَين والشِّعْبَ والغَضى،

وشَدَّاتِ قَيْسٍ، يومَ دَيْر الجَماجِم؟

ابْنُ الأَعرابي: التَّجَوُّن تَبْييضُ بابِ العَرُوس. والتَّجوُّنُ: تَسْويدُ بَابِ الْمَيِّتِ. والأَجْؤُن: أَرض مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ رُؤْبَةُ: بَيْنَ نَقَى المُلْقَى وَبَيْنَ الأَجْؤُنِ «1» .

‌فصل الحاء المهملة

حبن: الحَبَنُ: داءٌ يأْخذ فِي الْبَطْنِ فيعظُم مِنْهُ ويَرِمُ، وَقَدْ حَبِنَ، بِالْكَسْرِ، يَحْبَنُ حَبَناً، وحُبِن حَبْناً وَبِهِ حَبَنٌ. وَرَجُلٌ أَحْبَنُ، والأَحْبَنُ: الَّذِي بِهِ السِّقْيُ. والحَبَنُ: أَن يَكُونَ السِّقْيُ فِي شَحْم الْبَطْنِ فَيَعْظُمُ الْبَطْنُ لِذَلِكَ، وامرأَةٌ حَبْناء. وَيُقَالُ لِمَنْ سَقَى بطنُه: قَدْ حَبِنَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا أَحْبَنَ أَصاب امرأَةً فَجُلِدَ بأُثْكُولِ النَّخْلِ

؛ الأَحْبَنُ: المُسْتَسْقي، مِنَ الحَبَن، بِالتَّحْرِيكِ، وَهُوَ عِظَمُ الْبَطْنِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

تَجَشّأَ رجلٌ فِي مجلسٍ، فَقَالَ لَهُ رجلٌ: دَعَوْتَ عَلَى هَذَا الطعامِ أَحداً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَجَعَلَهُ اللَّهُ حَبَناً وقُداداً

؛ القُدادُ وجعُ البَطْن. وَفِي حَدِيثِ

عُرْوَةَ: أَن وَفْدَ أَهل النَّارِ يَرْجِعُونَ زُبّاً حُبْناً

؛ الحُبْنُ: جمعُ الأَحْبَنِ؛ وَفِي شِعْرِ جَنْدَل الطُّهَويّ:

وعُرّ عَدْوَى مِنْ شُغافٍ وحَبَنْ

قَالَ: الحَبَنُ الماءُ الأَصْفَرُ. والحَبْناءُ مِنَ النِّساء: الضخمةُ البطنِ تَشْبِيهًا بِتِلْكَ. وحَبِنَ عَلَيْهِ: امتلأَ جوفُه غَضَبًا. الأَزهري: وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب قَالَ: رأَيت فُلَانًا مُحْبَئِنّاً ومُقْطَئِرّاً ومُصْمَعِدّاً أَي ممتلِئاً غَضَبًا. والحِبْنُ: مَا يَعْتَري فِي الْجَسَدِ فيقِيحُ ويَرِمُ، وجمعُه حُبونٌ. والحِبْنُ: الدُّمَّلُ، وسمِّي الحِبْنُ دُمَّلًا عَلَى جِهَةِ التَّفَاؤُلِ، وَكَذَلِكَ سُمِّيَ السِّحْر طَبّاً. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنه رخَّصَ فِي دمِ الحُبونِ،

وَهِيَ الدَّمامِيل، واحدُها حِبْنٌ

(1). قوله [بين إلخ] صدره كما في التكملة: دَارٌ كَرَقْمِ الْكَاتِبِ الْمُرَقِّنِ. وضبط فيها دار بالرفع وقال فيها فتهمز الواو لأَن الضمة عليها تستثقل

ص: 104

وحِبْنةٌ، بِالْكَسْرِ، أَي أَن دَمَها معفُوٌّ عَنْهُ إِذَا كَانَ فِي الثَّوْبِ حالةَ الصَّلَاةِ. قَالَ ابْنُ بُزُرْج: يُقَالُ فِي أَدْعية مِنَ الْقَوْمِ يَتَداعَوْن بِهَا صَبَّ اللَّهُ عليكَ أُمَّ حُبَيْنٍ ماخِضاً، يَعْنونَ الدماميلَ. والحِبْنُ والحِبْنةُ: كالدُّمَّل. وقَدَمٌ حَبْناءُ: كَثِيرَةُ لحمِ البَخَصةِ حَتَّى كأَنها وَرِمةٌ. والحِبْنُ: القِرْدُ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وحَمامةٌ حَبْناءُ: لَا تَبيضُ. وَابْنُ حَبْناءَ: شاعرٌ مَعْرُوفٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ. وأُمُّ حُبَيْنٍ: دُوَيْبَّة عَلَى خِلْقةِ الحِرْباء عريضةُ الصَّدْرِ عظيمةُ الْبَطْنِ، وَقِيلَ: هِيَ أُنثى الحِرْباء. وَرُوِيَ عَنِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَنه رأَى بِلَالًا وَقَدْ خَرَجَ بطنُه فَقَالَ: أُمُّ حُبَيْنٍ

، تَشْبيهاً لَهُ بِهَا، وَهَذَا مِنْ مَزْحِه، صلى الله عليه وسلم، أَراد ضِخَمَ بطنِه؛ قَالَ أَبو ليْلى: أُمُّ حُبَيْنٍ دُوَيْبَّة عَلَى قَدْرِ الخُنْفُساء يَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ وَيَقُولُونَ لَهَا:

أُمَّ حُبَيْنٍ، انْشُرِي بُرْدَيْكِ،

إنَّ الأَميرَ والجٌ عليكِ،

ومُوجِع بسَوْطِه جَنْبَيْكِ

فتنْشُر جَناحَيْها؛ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ فِيمَا رَوَاهُ ثَعْلَبٌ:

وأُمّ حُبَيْنٍ قَدْ رَحَلْتِ لحاجةٍ

برَحْلٍ عِلافِيٍّ، وأَحْقَبْتِ مِزْوَداً

. وهُما أُمَّا حُبَيْنٍ، وَهُنَّ أُمَّهاتُ حُبَيْنٍ، بِإِفْرَادِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ؛ وَقَوْلُ جَرِيرٍ:

يقولُ المُجْتَلون عَروس تَيْم

سَوىً أُمُّ الحُبَيْنِ ورأْسُ فِيلِ

. إِنَّمَا أَراد أُمّ حُبَيْن، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ، فَزَادَ اللَّامَ فِيهَا ضَرُورَةً لإِقامة الْوَزْنِ، وأَراد سَوَاءً فَقَصَرَ ضَرُورَةً أَيضاً. وَيُقَالُ لَهَا أَيضاً حُبَيْنة؛ وأَنْشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

طَلَعْتُ عَلَى الحَرْبِيّ يَكْوي حُبَيْنةً

بسَبْعةِ أَعْوادٍ مِنَ الشُّبُهانِ

. الْجَوْهَرِيُّ: أُمُّ حُبَيْنٍ دُوَيْبَّة، وَهِيَ مَعْرِفة مِثْلُ ابْنِ عِرْس وأُسامةَ وَابْنِ آوَى وسامِّ أَبْرَصَ وَابْنِ قِتْرة إِلَّا أَنه تعريفُ جنسٍ، وَرُبَّمَا أُدْخِل عَلَيْهِ الأَلفُ وَاللَّامَ، ثُمَّ لَا تَكُونُ بِحَذْفِ الأَلف وَاللَّامِ مِنْهَا نَكِرَةً، وَهُوَ شاذٌّ؛ وأَورد بَيْتَ جَرِيرٍ أَيضاً:

شَوى أُمِّ الحُبَيْنِ ورأْسُ فِيل

. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي تَفْسِيرِهِ: يَقُولُ: شَواها شَوى أُمِّ الحُبَيْنِ ورأْسُها رأْسُ فِيل، قَالَ: وأُمُّ حُبَيْنٍ وأُمُّ الحُبَيْن مِمَّا تَعاقَب عَلَيْهِ تعريفُ الْعَلَمِيَّةِ وتعريفُ اللَّامِ، وَمِثْلُهُ غُدْوة والغُدْوة، وفَيْنة والفَيْنة، وَهِيَ دابَّة عَلَى قَدْرِ كَفِّ الإِنسان؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هِيَ أَعْرَضُ من الغَطاء وَفِي رأْسِها عِرَضٌ؛ وَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ: هِيَ دابَّة غَبْراء لَهَا قوائمُ أَربعٌ وَهِيَ بِقِدْرِ الضِّفْدَعة الَّتِي لَيْسَتْ بضَخْمة، فَإِذَا طَرَدها الصِّبْيان قَالُوا لَهَا:

أُمَّ الحُبَيْنِ، انْشُرِي بُرْدَيكِ،

إِنَّ الأَميرَ ناظرٌ إليكِ.

فَيَطْرُدُونَهَا حَتَّى يُدْرِكها الإِعْياء، فَحِينَئِذٍ تَقِفُ عَلَى رِجْلَيْها مُنْتَصِبَةً وتَنْشُر لَهَا جَناحَيْن أَغْبَرَيْن عَلَى مِثْلِ لَوْنها، وَإِذَا زادُوا فِي طَرْدِها نَشَرَتْ أَجنحة كُنَّ تَحْتَ ذَيْنِك الْجَنَاحَيْنِ لَمْ يُرَ أَحسَنُ لَوْنًا مِنْهُنَّ، مَا بَيْنَ أَصْفَرَ وأَحْمَرَ وأَخْضَرَ وأَبْيَضَ وهنَّ طرائقُ بعضُهن فَوْقَ بَعْضٍ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَهِيَ فِي الرِّقَّة عَلَى قدرِ أَجْنِحة الفَراشِ، فَإِذَا رَآهَا الصِّبْيَانُ قَدْ فَعَلَتْ ذَلِكَ تَرَكُوهَا، وَلَا يُوجَدُ لَهَا وَلَدٌ وَلَا فَرْخ؛ قَالَ ابْنُ حَمْزَةَ: الصَّحِيحُ عِنْدِي أَن هَذِهِ الصِّفَةَ صِفَةُ أُمّ عُوَيْفٍ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أُمُ

ص: 105

عُوَيْفٍ دابَّةٌ صغيرةٌ ضخمةُ الرأْسِ مخضرَّة، لَهَا ذنبٌ وَلَهَا أَربعةُ أَجْنِحةٍ، مِنْهَا جَنَاحَانِ أَخْضَران، إِذَا رأَت الإِنسان قَامَتْ عَلَى ذَنَبِهَا ونشَرت جَناحَيْها؛ قَالَ الْآخَرُ:

يَا أُمَّ عَوْفٍ انْشُري بُرْدَيْكِ،

إنَّ الأَميرَ واقفٌ عليكِ،

وضاربٌ بالسَّوْطِ مَنْكِبَيْكِ

وَيُرْوَى: أُمَّ عُوَيْفٍ، قَالَ: وَهَذِهِ الأَسماء «1» . الَّتِي تُكْتبُ بِهَا هَذِهِ الْمَعَارِفُ وأُضيفت إِلَيْهَا غَيْرُ معرِّفة لَهَا؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

كأُمّ حُبَيْنٍ لَمْ ترَ الناسُ غيرَها،

وغابَتْ حُبَيْنٌ حينَ غابَتْ بنُو سَعْد.

وَمِثْلُهُ لأَبي الْعَلَاءِ المعرِّي:

يَتَكَنَّى أَبَا الوَفاءِ رجالٌ

مَا وجَدنا الوَفاءَ إلَّا طَرِيحا

وأَبو جَعْدة ذُؤالةُ، مَن جَعْدةُ؟

لَا زَالَ حَامِلًا تَتْرِيحَا

وابنَ عِرْس عَرَفْتُ، وابنَ بَريحٍ،

ثُمَّ عِرْساً جَهِلْته وبَريحا

. وأَما ابنُ مَخاضٍ وابنُ لَبُونٍ فَنَكِرَتَانِ يتعرَّفان بالأَلف وَاللَّامِ تَعْرِيفَ جِنْسٍ. وَفِي حَدِيثِ

عُقْبَةَ: أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ وَلَا تصلُّوا صَلَاةَ أُمِّ حُبَيْنٍ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ دُوَيْبَّة كالحِرْباء عظيمةُ البطنِ، إِذَا مَشَتْ تُطَأْطِئ رأْسَها كَثِيرًا وترفعُه لعِظَم بَطْنِهَا، فَهِيَ تقعُ عَلَى رأْسها وتقومُ، فشبَّه بِهَا صلاتَهم فِي السُّجُودِ مِثْلَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ:

فِي نَقْرة الْغُرَابِ.

والحَبْنُ: الدِّفْلى «2» . وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَبْنُ شَجَرَةُ الدِّفْلى، أَخْبر بِذَلِكَ بعضُ أَعراب عُمانَ. والحُبَيْنُ وحَبَوْنَنٌ وحِبَوْنَنٌ: أَسماء. وحَبَوْنَن: اسمُ وَادٍ؛ عَنِ السِّيرَافِيِّ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْبَحْرَيْنِ، وَرَوَى ثَعْلَبٌ: حَبَوْنَى، بأَلف غَيْرِ مُنَوَّنَةٍ؛ وأَنشد:

خَلِيلَيَّ، لَا تسْتَعْجِلا وتَبَيَّنا

بِوادِي حَبَوْنَى، هَلْ لهنَّ زَوالُ؟

وَلَا تَيْأَسا مِنْ رحمةِ اللَّهِ، وادْعُوَا

بوادِي حَبَوْنَى أَن تَهُبَّ شَمالُ

. قَالَ: والأَصل حَبَوْنَنٌ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ، وَإِنَّمَا أَبدل النُّونَ أَلفاً لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ فأَعلَّه؛ قَالَ وَعْلة الْجَرْمِيُّ:

وَلَقَدْ صَبَحتُكُم ببَطْنِ حَبَوْنَنٍ،

وعلَيَّ إِنْ شَاءَ الإِلهُ ثَناءُ

. وَقَالَ أَبو الأَخْزَر الحُمَّاني:

بالثِّنْيِ مِنْ بِئْشةَ أَو حَبَوْنَن

وأَنشد ابْنُ خَالَوَيْهِ:

سَقى أَثْلَةٌ بالفِرْقِ فِرْقِ حَبَوْنَنٍ،

مِنَ الصَّيفِ، زَمْزامُ العشِيّ صَدُوق.

حتن: الحَتْنُ والحِتْنُ: المِثْلُ والقِرْنُ والمُساوِي. وَيُقَالُ: هُمَا حَتْنانِ وحِتْنانِ أَي سِيَّانِ، وَذَلِكَ إِذَا تَساويا فِي الرَّمْي. وتَحاتَنُوا: تساوَوْا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَفَحِتْنُه فلانٌ

؛ الحِتْنُ الحَتْنُ، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ: المِثْلُ والقِرْنُ. والمُحاتَنةُ: المُساواةُ، وكلُّ اثْنَيْنِ لَا يَتخالفانِ فَهُمَا حَتْنانِ، وَهُمَا حَتْنان وتِرْبان مُسْتَوِيان، وَهُمْ أَحْتانٌ أَتْنانٌ. والمحاتَنةُ: المسُاواةُ. والتَّحاتُنُ: التساوِي والتَّبارِي. وَالْقَوْمُ حَتَنى وحَتْنى أَي مُسْتَوونَ أَو مُتشابِهُون؛ الأَخيرة عَنْ ثَعْلَبٍ. ووقَعَت النَّبْلُ حَتَنَى أَي

(1). قوله [وهذه الأَسماء إلخ] هكذا في الأَصل ولم نعثر عليها في المحكم ولا التهذيب والصحاح

(2)

. قوله [والحبن الدفلى] في القاموس: والحبن بالفتح شجر الدفلى، وضبط في التكملة والمحكم بالتحريك

ص: 106

مُتَسَاوِيَةً. وتحاتَنَ الرَّجُلان: تَرامَيا فَكَانَ رَمْيهُما وَاحِدًا، وَالِاسْمُ الحَتْنى؛ وَفِي الْمَثَلِ:

الحَتَنَى لَا خيرَ فِي سَهْم زَلَجْ

. وَهُوَ رَجَزٌ. وَالزَّالِجُ مِنَ السِّهَامِ: الَّذِي مَرَّ عَلَى وَجْهِ الأَرض حَتَّى وقَع فِي الهدَف وَلَمْ يُصب الْقِرْطَاسَ، وَهُوَ مثَلٌ فِي تَتْمِيمِ الإِحسان ومُوالاتِه. ووقَعَت السِّهامُ فِي الهدَف حَتَنَى أَي مُتقاربة المَواقع ومُتساويَتَها؛ أَنشد الأَصمعي:

كأَنَّ صَوْتَ ضَرْعِها تُساجِلُ،

هاتِيك هَاتَا حَتَنَى تُكايِلُ،

لَدْمُ العُجَى تَلْكُمُها الجَنادِلُ

. والحَتَنُ: متابعةُ السِّهام المُقَرْطِسَة أَي الَّتِي تُصِيب القِرْطاس؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وَهَلْ غَرَضٌ يَبْقَى عَلَى حَتَن النَّبْل؟

وحَتِنَ الحَرُّ: اشتدَّ. ويومٌ حاتِنٌ: اسْتَوَى أَوَّله وآخرُه فِي الْحَرِّ. وتحاتَنَ الدمعُ: وقَعَ دَمْعَتَيْن دَمعَتَيْن، وَقِيلَ: تتابَع مُتساوياً؛ قَالَ الطِّرماح:

كأَنَّ العُيونَ المُرْسَلاتِ، عَشِيَّةً،

شَآبيبُ دَمْعِ العَبْرَة المُتَحاتِن

. والحَتَنُ: مِنْ قَوْلِكَ تحاتَنَت دُموعُه إِذَا تتابَعَت. وتحاتَنَت الخِصال فِي النِّصال: وَقَعَتْ فِي أَصل الْقِرْطَاسِ عَلَى تقَارُبٍ أَو تساوٍ. الأَزهري: الخَصْلةُ كُلُّ رَمِيَّةٍ لَزِمَت الْقِرْطَاسَ مِنْ غَيْرِ أَن تُصيبَه، قَالَ: إِذَا وَقَعَتْ خَصَلاتٌ فِي أَصل القِرْطاس قِيلَ تَحاتَنَت أَي تتابَعَت، قَالَ: وأَهلُ النِّضَال يَحْسَبُونَ كُلَّ خَصْلَتَيْن مُقَرْطِسةً، قَالَ: وَإِذَا تصارَع الرَّجُلان فصُرع أَحدُهما وَثَبَ ثُمَّ قَالَ:

الحَتَنَى لَا خَيْرَ فِي سَهْمٍ زَلَج

. وَقَوْلُهُ الحَتَنَى أَي عاوِدِ الصِّراع، والزّالجُ: السَّهمُ الَّذِي يَقَعُ بالأَرض ثُمَّ يُصِيبُ القِرْطاسَ، قَالَ: والتَّحاتُنُ التَّبارِي؛ قَالَ النَّابغة يَصِفُ الرِّياح واختلافَها:

شَمال تُجاذِبْها الجَنُوبُ بعَرْضِها،

ونَزْعُ الصَّبَا مُورَ الدَّبُورِ يُحاتِنُ

. والمُحْتَتِنُ: الشيءُ الْمُسْتَوِي لَا يُخَالِفُ بعضُه بَعْضًا، وَقَدِ احْتَتَنَ؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِهِ:

كأَنَّ صَوْتَ شُخْبِها المُحْتانِ،

تحتَ الصَّقِيعِ، جَرْشُ أُفْعُوانِ

. فَإِنَّهُ قَالَ: يَعْنِي اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف كَيْفَ هَذَا إِنَّمَا مَعْنَاهُ عِنْدِي المُحْتَتِنُ أَي الْمُسْتَوِي، ثُمَّ حَذَفَ تَاءَ مُفْتَعل فَبَقِيَ المُحْتَن، ثُمَّ أَشبع الْفَتْحَةَ فَقَالَ المُحْتان كَقَوْلِهِ:

ومِن عَيْبِ الرِّجالِ بمُنتزَاحِ

. أَراد بمنتَزَحٍ فأَشْبَع. واحْتَتَنَ الشَّيءُ: استَوى؛ قَالَ الطِّرماح:

تِلْكَ أَحْسابُنا، إِذَا احْتَتَنَ الخَصْلُ،

ومُدَّ المَدَى مَدَى الأَعْراضِ.

احْتَتَنَ الخَصْلُ أَي اسْتَوَى إصابةُ المُتَناضِلَيْن. والخَصْلةُ: الإِصابةُ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ سِنُّ فلانٍ وتِنُّه وحِتْنُه إِذَا كَانَ لِدَتَه على سِنِّه. وجئْ بِهِ مِنْ حَتْنِك أَي مِنْ حَيْثُ كَانَ. وحَوْتَنان: موضعٌ، وَقِيلَ: حَوْتَنانان وادِيانِ فِي بِلَادِ قَيْس كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقَالُ لَهُ حَوْتَنان؛ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ فَقَالَ:

ثُمَّ اسْتَغاثُوا بماءٍ لَا رِشاءَ لَهُ

مِنْ حَوْتَنانَيْن، لَا مِلْح وَلَا زَنَن

. وَلَا زَنَن أَي لَا ضيِّق قَلِيلٌ. وَيُقَالُ: رَمَى القومُ

ص: 107

فَوَقَعَتْ سِهامُهم حَتَنَى أَي مُسْتَوِيَةً لَمْ يَفْضُل واحدٌ مِنْهُمْ أَصحابَه. ابْنُ الأَعرابي: رَمَى فأَحْتَن إِذَا وَقَعَتْ سِهامُه كلُّها فِي مَوْضِعٍ واحد.

حثن: الحَثَنُ: حِصْرِمُ العِنَب، وَقِيلَ: هُوَ إِذَا كَانَ الحبُّ كرؤُوس الذَّرِّ، واحدتُه بِالْهَاءِ. وحُثُنٌ: موضعٌ جاءَ فِي شِعْرِ هُذَيْلٍ، وَهُوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بِبِلَادِهِمْ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ خُوَيْلِدٍ الْهُذَلِيُّ:

أَرى حُثُناً أَمْسَى ذَليلًا كأَنه

تُراثٌ، وخَلَّاه الصِّعاب الصَّعاتِر.

حجن: حَجَنَ العُودَ يَحْجِنُه حَجْناً وحَجَّنَه: عطَفَه. والحَجَنُ والحُجْنةُ والتحَجُّن: اعْوجاج الشَّيْءِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: اعوِجاجُ الشَّيْءِ الأَحْجَنِ. والمِحْجَنُ والمِحْجَنَةُ: العَصَا المُعْوَجَّةُ. الْجَوْهَرِيُّ: المِحْجَنُ كالصَّوْلَجانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يَسْتَلِم الرُّكْنَ بمِحْجَنَهِ

؛ المِحْجَنُ: عَصاً مُعَقَّفة الرأْس كالصَّوْلجان، قَالَ: وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وكلُّ مَعْطُوفٍ مُعْوجّ كَذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

قَدْ صَرَّح السَّيْرُ عَنْ كُتْمانَ، وابتُذِلَت

وَقْعُ المَحاجِنِ بالمَهْرِيَّةِ الذُّقُنِ

. أَراد: وابتُذِلَت المَحَاجِنُ، وأَنَّثَ الوَقْعَ لإِضافته إِلَى المَحاجِن. وفلانٌ لَا يَرْكُضُ المِحْجَن أَي لَا غَنَاءَ عِنْدِهِ، وأَصل ذَلِكَ أَن يُدْخَلَ مِحْجَن بَيْنَ رِجْلَي الْبَعِيرِ، فإنْ كَانَ البعيرُ بَليداً لَمْ يَرْكُض ذَلِكَ المِحْجَنَ، وَإِنْ كَانَ ذَكِيّاً رَكَض المِحْجَن ومضَى. والاحْتِجانُ: الفعلُ بالمِحْجَن. والصَّقْرُ أَحْجَنُ المِنْقارِ. وصقرٌ أَحْجَنُ المَخالِب: مُعَوَجُّها. ومِحْجَنُ الطائِرِ: مِنْقَارُه لاعْوِجاجِهِ. والتَّحْجِينُ: سِمةٌ مُعْوَجَّة، اسْمٌ كالتَّنْبيتِ والتَّمْتين. وَيُقَالُ: حَجَنْت البعيرَ فأَنا أَحْجِنُه، وَهُوَ بَعِيرٌ مَحْجون إِذَا وُسِمَ بِسِمَة المِحْجَن، وَهُوَ خَطٌّ فِي طرَفِهِ عَقْفة مِثْلُ مِحْجَنِ الْعَصَا. وأُذُنٌ حَجْنَاءُ: مائلةُ أَحد الطرَفين مِنْ قِبَل الْجَبْهَةِ سُفْلًا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي أَقْبَل أَطراف إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخرى قِبَل الجَبْهة، وكلُّ ذَلِكَ مَعَ اعْوِجاج. الأَزهري: الحُجْنةُ مصدرٌ كالحَجَن، وَهُوَ الشعرُ الَّذِي جُعودته فِي أَطرافه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَشَعْرٌ حَجِنٌ وأَحْجَنُ مُتَسَلْسِلٌ مُسْتَرْسِلٌ رَجِلٌ، فِي أَطْرافه شيءٌ مِنْ جُعودةٍ وتكسُّرٍ. وَقِيلَ: مُعَقّف متداخلٌ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: الأَحْجَنُ الشعَرُ الرَّجِلُ. والحُجْنةُ: الرَّجَلُ. والسَّبِطُ: الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ حُجْنة. قَالَ الأَزهري: وَمِنَ الأُنوف أَحْجَنُ. وأَنْف أَحْجَنُ: مُقْبِل الرَّوْثةِ نحوَ الفمِ، زَادَ الأَزهري: واستأْخرت ناشِزتاه قُبْحاً. والحُجْنةُ: مَوْضِعٌ أَصابه اعْوِجاجٌ مِنَ الْعَصَا. والمِحْجَن: عَصًا فِي طرَفها عُقَّافة، وَالْفِعْلُ بِهَا الاحْتِجان. ابْنُ سِيدَهْ: الحُجْنةُ موضعُ الاعْوِجاج. وحُجْنةُ المِغْزَل، بِالضَّمِّ: هِيَ المُنْعَقِفةُ فِي رأْسه. وَفِي الْحَدِيثِ:

توضَع الرحِمُ يومَ الْقِيَامَةِ لَهَا حُجْنةٌ كحُجْنةِ المِغْزَل

أَي صِنّارتِه المُعْوَجَّة فِي رأْسه الَّتِي يُعَلَّق بِهَا الخيطُ يُفْتَلُ للغَزْل، وكلُّ مُتَعَقِّفٍ أَحْجَنُ. والحُجْنةُ: مَا اختَزَنْتَ مِنْ شَيْءٍ واخْتَصَصْتَ بِهِ نَفْسَكَ؛ الأَزهري: وَمِنْ ذَلِكَ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا اختصَّ بِشَيْءٍ لِنَفْسِهِ قَدِ احْتَجَنه لِنَفْسِهِ دُونَ أَصحابه. والاحْتِجانُ: جمعُ الشَّيْءِ وضمُّه إِلَيْكَ، وَهُوَ افْتِعال مِنَ المِحْجَن. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا أَقْطَعَك العَقيقَ لتَحْتَجنَه

أَي تتملَّكه دُونَ النَّاسِ. واحْتَجَن الشيءَ: احْتَوَى عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ ذِي يَزَن: واحْتَجَنّاه دُونَ غَيْرِنَا.

واحْتَجَنَ عَلَيْهِ: حَجَر. وحَجِنَ عَلَيْهِ حَجَناً: ضَنَّ. وحَجِنَ بِهِ: كحَجِيَ بِهِ، وَهُوَ نَحْوُ الأَول. وحَجِنَ

ص: 108

بِالدَّارِ: أَقام. وحُجْنَةُ الثُّمامِ وحَجَنَتُه: خُوصتُه. وأَحْجَنَ الثُّمامُ: خَرَجَتْ حُجْنَتُه، وَهِيَ خُوصُهُ. وَفِي حَدِيثِ

أُصَيْل حِينَ قَدِمَ مِنْ مَكَّةَ: فسأَله رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: تركتُها قَدْ أَحْجَنَ ثُمامُها وأَعْذَقَ إذْخِرُها وأَمْشَرَ سَلَمُها، فَقَالَ: يَا أُصَيْل، دَعِ القلوبَ تَقِرُّ

، أَي بَدَا وَرَقُه «3». والثُّمام نَبْتٌ مَعْرُوفٌ. والحَجَنُ: قَصَدٌ ينبُت فِي أَعراض عِيدان الثُّمام والضِّعةِ. والحَجَنُ: القُضْبانُ القِصَارُ الَّتِي فِيهَا الْعِنَبُ، واحدتُه حَجَنة. وَإِنَّهُ لمِحْجَنُ مالٍ: يَصْلُح المالُ عَلَى يَدَيْهِ ويُحْسِن رِعْيَته والقيامَ عَلَيْهِ؛ قَالَ نَافِعُ بْنُ لَقِيطٍ الأَسدي:

قَدْ عَنَّتَ الجَلْعَدُ شَيْخاً أَعْجَفا،

مِحْجَنَ مالٍ أَينَمَا تَصَرَّفا

. واحْتِجانُ المالِ: إصْلاحُه وجَمْعُه وضَمُّ مَا انْتَشَرَ مِنْهُ. واحْتِجانُ مالِ غيرِك: اقتِطاعُه وسَرِقتُه. وصاحبُ المِحْجَن فِي الْجَاهِلِيَّةِ: رجلٌ كَانَ مَعَهُ محجَن، وَكَانَ يقْعُد فِي جادَّة الطَّرِيقِ فيأْخذ بمحْجنِه الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ مِنْ أَثاث المارَّة، فَإِنْ عُثِرَ عَلَيْهِ اعْتَلَّ بأَنه تَعَلَّقَ بمحْجنه، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ:

كَانَ يَسْرِقُ الحاجَّ بمحْجَنِه. فإِذا فُطِنَ بِهِ قَالَ تعلَّق بمِحْجَني

، وَالْجَمْعُ مَحاجِنُ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:

وجَعلَت المَحاجِنُ تُمْسِكُ رِجَالًا.

وحَجَنْت الشيءَ واحْتَجَنْتُه إِذَا جَذَبْتَه بالمِحْجَنِ إِلَى نَفْسِك؛ وَمِنْهُ قولُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ فِي وصيَّتِه: عَلَيْكُمْ بِالْمَالِ واحْتِجانِه، وَهُوَ ضمُّكَه إِلَى نفْسِك وإِمساكُكَ إِيَّاهُ. وحَجَنَه عَنِ الشَّيْءِ: صَدَّه وصَرَفه؛ قَالَ:

وَلَا بُدَّ للمَشْعُوفِ مِنْ تَبَعِ الهَوى،

إِذَا لَمْ يَزَعْه مِنْ هَوَى النَّفْسِ حاجِنُ

والغَزْوَةُ الحَجُونُ: الَّتِي تُظهر غَيْرَهَا ثُمَّ تُخَالِفُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ويُقْصَدُ إِلَيْهَا، وَيُقَالُ: هِيَ الْبَعِيدَةُ قَالَ الأَعشى:

وَلَا بُدَّ مِنْ غَزوةٍ، فِي الرَّبيع،

حَجُونٍ تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكورا

. وَيُقَالُ: سِرْنا عقَبةً حَجُوناً أَي بَعِيدَةً طَوِيلَةً. والحَجُونُ: موضعٌ بِمَكَّةَ نَاحِيَةٌ مِنَ الْبَيْتِ؛ قَالَ الأَعشى:

فَمَا أَنتَ مِنْ أَهل الحَجُونِ وَلَا الصَّفا،

وَلَا لَكَ حَقُّ الشِّرْبِ فِي مَاءِ زَمْزَم

. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَجونُ، بِفَتْحِ الْحَاءِ، جبلٌ بِمَكَّةَ وَهِيَ مَقْبُرة. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الحرث بْنِ مُضاض بْنِ عَمْرٍو يتأَسَّف عَلَى الْبَيْتِ، وَقِيلَ هو للحرث الجُرْهمي:

كأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الحَجونِ إِلَى الصَّفا

أَنِيسٌ، وَلَمْ يَسْمُر بمكَّة سامِرُ

بَلى نَحْنُ كُنّا أَهلَها، فأَبادَنا

صُروفُ اللَّيَالِي والجُدودُ العواثِرُ

. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ عَلَى الحَجُون كَئيباً.

وَقَالَ ابْنُ الأَثير: الحَجُونُ الجبلُ المُشْرِف مِمَّا يَلي شِعْب الجَزَّارين بِمَكَّةَ، وَقِيلَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ فِيهِ اعْوِجاج، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ الأَوَّل، وَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ. والحَوْجَنُ، بِالنُّونِ: الوَرْدُ الأَحمر؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَدْ سمَّوْا حَجْناً وحُجَيْناً وحَجْناءَ وأَحْجَنَ، وَهُوَ أَبو بَطْنٍ مِنْهُمْ، ومِحْجَناً، وَهُوَ مِحْجَن بْنُ عُطارِد العَنْبَريّ شَاعِرٌ مَعْرُوفٌ؛ وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ مَا صُورَتُهُ: والحَجِنُ المرأَةُ القليلةُ الطَّعْم؛ قَالَ الشَّمَّاخِ:

وَقَدْ عَرِقَتْ مَغابِنُها، وجادَتْ

بِدرَّتِها قِرَى حَجِنٍ قَتِينِ

. قَالَ: والقَتِينُ مثل الحَجِين أَيضاً، أَراد بالحَجِن

(3). الضمير عائد إلى الثمام

ص: 109

قُراداً، وَجَعَلَ عَرَق هَذِهِ النَّاقَةِ قُوتاً لَهُ، وَهَذَا الْبَيْتُ بِعَيْنِهِ ذَكَرَهُ الأَزهري وَابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ جحن، بِالْجِيمِ قَبْلَ الْحَاءِ، فإِما أَن يَكُونَ الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ وَجَدَ لَهُ وَجْهًا فَنَقَلَهُ أَو وَهم فيه.

حذن: الحُذُنَّتان: الأُذُنان، بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

يَا ابنَ الَّتِي حُذُنَّتاها باعُ

. وتُفْرَد فَيُقَالُ: حُذُنَّة. وَرَجُلٌ حُذُنَّة وحُذُنٌّ: صَغِيرُ الأُذنين خفيفُ الرأْسِ. وحُذْنُ الرجُلِ وحُذْلُه: حُجْزَتُه. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَن دخَل حَائِطًا فلْيأْكُلْ مِنْهُ غيرَ آخذٍ فِي حُذْنِه شَيْئًا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ مِثْلُ الحُذْل، بِاللَّامِ، وَهُوَ طرفُ الإِزار أَو حُجْزةُ الْقَمِيصِ وطرَفُه. والحَوْذانةُ: بَقْلة مِنْ بُقول الرِّيَاضِ؛ قَالَ الأَزهري: رأَيتُها فِي رِياض الصَّمّان وقِيعانِها، وَلَهَا نَوْر أَصفرُ رائحتُه طيبة، وتجمع الحَوْذانَ.

حرن: حَرَنتِ الدابةُ تَحْرُن حِراناً وحُراناً وحَرُنَتْ، لُغَتَانِ، وَهِيَ حَرونٌ: وَهِيَ الَّتِي إِذا استُدِرَّ جَرْيُها وقَفَتْ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي ذَوَاتِ الْحَوَافِرِ خاصَّة، ونظيرُه فِي الإِبل اللِّجانُ والخِلاءُ، وَاسْتَعْمَلَ أَبو عُبَيْدٍ الحِرانَ فِي النَّاقَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا خَلأَت وَلَا حَرَنَتْ وَلَكِنْ حَبَسَها حابِسُ الفِيل.

وَفَرَسٌ حَرُونٌ مِنْ خَيْل حُرُنٍ: لَا يَنْقادُ، إِذا اشْتَدَّ بِهِ الجَرْيُ وَقَف. وَقَدْ حَرَنَ يَحْرُنُ حُرُوناً وحَرُنَ، بِالضَّمِّ أَيضاً: صَارَ حَرُوناً، وَالِاسْمُ الحِرانُ. والحَرُونُ: اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لباهِلَة، إِلَيْهِ تُنْسَبُ الْخَيْلُ الحَرُونِيَّة. والحَرُونُ: اسْمُ فَرَسِ مُسْلم بْنِ عمروٍ الباهليِّ فِي الإِسلام كَانَ يُسابِق الخيلَ، فإِذا اسْتُدرَّ جَرْيه وقَف حَتَّى تكادَ تسْبِقُه، ثُمَّ يَجْرِي فيسبِقها، وَفِي الصِّحَاحِ: حَرون اسمُ فرسِ أَبي صَالِحٍ مُسْلم بْنِ عمروٍ الْبَاهِلِيِّ وَالِدِ قُتَيْبة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا مَا قُريش خَلَا مُلْكُها،

فإِنَّ الخِلافةَ فِي باهِلَهْ

لِرَبِّ الحَرونِ أَبي صَالِحٍ،

وَمَا ذَاكَ بالسُّنَّة العادلَهْ

. وَقَالَ الأَصمعي: هُوَ مِنْ نَسْل أَعوج، وَهُوَ الحَرون بْنُ الأَثاثيّ بْنِ الخُزَز بْنِ ذِي الصُّوفة بْنِ أَعْوج، قَالَ: وَكَانَ يسبِق الخيلَ ثمَ يَحْرُن حَتَّى تَلْحَقَه، فإِذا لَحِقَتْه سبَقها ثُمَّ حرَن ثُمَّ سبَقَها، وَقِيلَ: الحَرونُ فرسُ عُقبة بْنِ مُدْلِجٍ، وَمِنْهُ قِيلَ لِحَبِيبِ بْنِ المهلَّب أَو مُحَمَّدِ بْنِ المُهلَّب الحَرُون، لأَنه كَانَ يَحْرُنُ فِي الْحَرْبِ فَلَا يَبْرَحُ، اسْتُعِيرَ ذَلِكَ لَهُ وإِنما أَصله فِي الْخَيْلِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حَرَنَت الناقةُ قَامَتْ فَلَمْ تَبْرَحْ، وخَلأَت بركَتْ فَلَمْ تَقُمْ؛ والحَرونُ فِي قَوْلِ الشَّمَّاخِ:

وَمَا أَرْوَى، وإِن كَرُمَتْ عَلَيْنَا،

بأَدْنَى مِنْ مُوَقَّفةٍ حَرونِ

. هِيَ الَّتِي لَا تَبْرَحُ أَعلى الجَبل مِنَ الصَّيْد. وَيُقَالُ: حَرَن فِي الْبَيْعِ إِذَا لَمْ يَزِد وَلَمْ يَنْقُص. والمَحارينُ مِنَ النَّحْل: اللَّواتي يَلْصَقْنَ بالخَلِيَّة حَتَّى يُنْتزَعْنَ بالمَحابِض؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

كأَنَّ أَصْواتَها، مِنْ حَيْثُ نسمَعُها،

نَبْضُ المَحابضِ يَنْزِعْنَ المَحارِينا

. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الهاءُ فِي أَصواتها تعودُ عَلَى النَّواقيس فِي بيتٍ قَبْله، والمَحابضُ: عِيدانٌ يُشارُ بِهَا العسلُ، قَالَ: والمَحارينُ جَمْعُ مِحْرانٍ، وَهُوَ مَا حَرُنَ عَلَى الشَّهْد مِنَ النَّحْلِ فَلَا يَبْرَح عَنْهُ؛ الأَزهري: المَحارينُ مَا يموتُ مِنَ النَّحْلِ فِي عَسَلِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: المَحارينُ

ص: 110

مِنَ الْعَسَلِ مَا لَزِقَ بالخلِيَّة فعَسُر نَزْعُه، أُخذ مِنْ قَوْلِكَ حَرُن بِالْمَكَانِ حُرونة إِذَا لَزِمَهُ فَلَمْ يُفارِقْه، وكأَنَّ العسلَ حَرُن فعسُر اشتِيارُه؛ قَالَ الرَّاعِي:

كِناس تَنوفةٍ ظَلَّت إِليها

هِجانُ الوَحْشِ حَارِنَةً حُرونا

. وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ حَارِنَةً: متأَخرة، وَغَيْرُهُ يَقُولُ: لازِمة. والمَحارينُ: الشِّهادُ، وَهِيَ أَيضاً حَبّات القُطن، واحدتُها مِحْرانٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ بَيْتِ ابْنِ مُقْبِلٍ: يَخْلِجْنَ المَحارينا. وحَرّان: اسْمُ بَلَدٍ، وَهُوَ فَعّال، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فَعْلانَ، وَالنِّسْبَةُ إِليه حَرْنانيٌّ، كَمَا قَالُوا مَنانيّ فِي النِّسْبَةِ إِلَى مَانِي، وَالْقِيَاسُ مانَوِيّ، وحَرّاني عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ. وحُرَينٌ: اسمٌ. وَبَنُو حِرْنَة: بُطَين «1» .

حردن: الحِرْدَوْنُ: دُوَيْبَّة تُشبِه الحِرْباءَ تَكُونُ بِنَاحِيَةِ مصرَ، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَهِيَ مليحةٌ مُوشَّاة بأَلوانٍ ونُقَط، قَالَ: وَلَهُ نِزْكانِ كَمَا أَنَّ للضَّبِّ نِزْكَيْن.

حرذن: الحِرْذَوْنُ: العَظَاءَةُ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَهِيَ غَيْرُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. والحِرْذَوْنُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يُرْكَبُ حَتَّى لَا تَبقى فِيهِ بقيَّة. الْجَوْهَرِيُّ: الحِرْذَوْنُ دُوَيْبَّة، بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَيُقَالُ: هُوَ ذكرُ الضَّبِّ.

حرسن: الحُرْسُونُ: البعيرُ الْمَهْزُولُ؛ عَنِ الْهَجَرِيِّ؛ وأَنشد لعَمّار بْنِ البَوْلانِيّة الْكَلْبِيِّ:

وَتَابِعٌ غَيْرُ مَتْبُوعٍ، حَلائلُه

يُزْجِينَ أَقْعِدَةً حُدْباً حَراسِينا

. والقصيدةُ الَّتِي فِيهَا هَذَا الْبَيْتُ مجرورةُ الْقَوَافِي؛ وأَولها:

وَدَّعْتُ نَجْداً، وَمَا قلْبي بمَحْزونِ،

وداعَ مَنْ قَدْ سَلا عَنْهَا إِلَى حينِ

. الأَزهري عَنْ أَبي عَمْرٍو: إبِلٌ حَراسِينُ عِجافٌ مَجْهُودَةٌ؛ وَقَالَ:

يَا أُمَّ عَمْروٍ، مَا هداكِ لِفِتْيةٍ

وخُوصٍ حَراسينٍ شَديدٍ لُغوبُها

أَبو عَمْرٍو: الحراسيمُ والحراسينُ السِّنون المُقْحِطات.

حرشن: حَرْشَنٌ: اسْمٌ. والحُرْشونُ: جنسٌ مِنَ الْقُطْنِ لَا ينْتَفِشُ وَلَا تُدَيّثُه المَطارِقُ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:

كَمَا تَطايَر مَنْدُوفُ الحَراشينِ

. والحُرْشونُ: حَسَكةٌ صَغِيرَةٌ صُلْبة تتعلَّق بِصُوفِ الشَّاةِ، وأَنشد البيت أَيضاً.

حزن: الحُزْنُ والحَزَنُ: نقيضُ الفرَح، وَهُوَ خلافُ السُّرور. قَالَ الأَخفش: وَالْمِثَالَانِ يَعْتَقِبان هَذَا الضَّرْبَ باطِّرادٍ، والجمعُ أَحْزانٌ، لَا يكسَّر عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ حَزِنَ، بِالْكَسْرِ، حَزَناً وتحازَنَ وتحَزَّن. وَرَجُلٌ حَزْنانٌ ومِحْزانٌ: شَدِيدُ الحُزْنِ. وحَزَنَه الأَمرُ يَحْزُنُه حُزْناً وأَحْزَنَه، فَهُوَ مَحْزونٌ ومُحْزَنٌ وحَزِينٌ وحَزِنٌ؛ الأَخيرة عَلَى النَّسب، مِنْ قَوْمٍ حِزانٍ وحُزَناءَ. الْجَوْهَرِيُّ: حَزَنَه لغةُ قُرَيْشٍ، وأَحْزَنه لغةُ تَمِيمٍ، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ إِذَا حَزَنه أَمرٌ صلَّى

أَي أَوْقَعه فِي الحُزْن، وَيُرْوَى بِالْبَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ، واحْتزَنَ وتحَزَّنَ بِمَعْنًى؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

بَكَيْتُ والمُحْتَزَن البَكِيُّ،

وإِنما يأْتي الصِّبا الصّبِيُ

. وفلانٌ يقرأُ بالتَّحْزين إِذَا أَرَقَّ صَوْتَه. وقال سيبويه:

(1). قوله [وبنو حرنة بطين] كذا في الأَصل والمحكم بكسر فسكون، وفي القاموس والتكملة بكسر الحاء والراء وشد النون

ص: 111

أَحْزَنَه جَعَلَهُ حَزِيناً، وحَزَنَه جعلَ فِيهِ حُزْناً، كأَفْتَنَه جَعَلَهُ فاتِناً، وفَتَنه جعلَ فِيهِ فِتنَة. وعامُ الحُزْنِ «2» . العامُ الَّذِي مَاتَتْ فِيهِ خديجةُ، رضي الله عنها، وأَبو طَالِبٍ فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عامَ الحُزْنِ؛ حَكَى ذَلِكَ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَمَاتَا قَبْل الهِجرة بِثَلَاثِ سِنِينَ. اللَّيْثُ: لِلْعَرَبِ فِي الحُزْن لغتانِ، إِذَا فَتَحُوا ثَقَّلوا، وَإِذَا ضَمُّوا خَفَّفوا؛ يُقَالُ: أَصابَه حَزَنٌ شَدِيدٌ وحُزْنٌ شَدِيدٌ؛ أَبو عَمْرٍو: إِذَا جَاءَ الحزَن مَنْصُوبًا فتَحوه، وَإِذَا جَاءَ مَرْفُوعًا أَو مَكْسُورًا ضَمُّوا الْحَاءَ كَقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ

؛ أَي أَنه فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً

؛ أَي أَنه فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ. وَقَالَ: شْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ

، ضمُّوا الْحَاءَ هَاهُنَا؛ قَالَ: وَفِي اسْتِعْمَالِ الْفِعْلِ مِنْهُ لُغَتَانِ: تَقُولُ حَزَنَني يَحْزُنُني حُزْناً فأَنا مَحْزونٌ، وَيَقُولُونَ أَحْزَنَني فأَنا مُحْزَنٌ وَهُوَ مُحْزِنٌ، وَيَقُولُونَ: صوْتٌ مُحْزِنٌ وأَمرٌ مُحْزِن، وَلَا يَقُولُونَ صَوْتٌ حازنٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ حَزَنه يَحْزُنه، وأَكثر القرَّاء قرؤوا: وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ

، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ

؛ وأَما الْفِعْلُ اللَّازِمُ فإِنه يُقَالُ فِيهِ حَزِنَ يَحْزَنُ حَزَناً لَا غَيْرُ. أَبو زَيْدٍ: لَا يَقُولُونَ قَدْ حَزَنَه الأَمْرُ، وَيَقُولُونَ يَحْزُنُه، فَإِذَا قَالُوا أَفْعَلَه اللَّهُ فَهُوَ بالأَلف. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ حِينَ ذَكَر الغَزْوَ وذَكَر مَنْ يَغْزو وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَقَالَ: إِنَّ الشيطانَ يُحَزِّنُه

أَي يُوَسْوِس إِلَيْهِ ويُندِّمُه وَيَقُولُ لَهُ لِمَ تَرَكْتَ أَهْلَكَ ومالَكَ؟ فَيَقَعُ فِي الحُزْنِ ويبْطلُ أَجْرُه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ

؛ قَالُوا فِيهِ: الحَزَنُ هَمُّ الغَداءِ والعَشاءِ، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مَا يَحْزُن مِنْ حَزَنِ معاشٍ أَو حَزَنِ عذابٍ أَو حَزَنِ موتٍ، فَقَدْ أَذهبَ اللهُ عَنْ أَهل الجنَّة كلَّ الأَحْزانِ. والحُزَانةُ، بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ: عِيَالُ الرَّجُلِ الَّذِينَ يَتَجَزَّنُ بأَمْرهم وَلَهُمْ. اللَّيْثُ: يَقُولُ الرجلُ لِصَاحِبِهِ كَيْفَ حَشَمُك وحُزانَتُك أَي كَيْفَ مَنْ تَتَحَزَّن بأَمْرِهم. وَفِي قَلْبِهِ عَلَيْكَ حُزانةٌ أَي فِتْنةٌ «3» . قَالَ: وَتُسَمَّى سَفَنْجقانِيَّةُ الْعَرَبِ عَلَى الْعَجَمِ فِي أَول قُدومهم الَّذِي اسْتَحَقُّوا بِهِ مِنَ الدُّورِ وَالضِّيَاعِ مَا اسْتَحَقوا حُزانةً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحُزانةُ قَدْمةُ العربِ عَلَى الْعَجَمِ فِي أَوّل قُدُومِهِمُ الَّذِي اسْتَحَقُّوا بِهِ مَا اسْتَحقُّوا مِنَ الدُّورِ والضِّياع؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا كُلُّهُ بِتَخْفِيفِ الزَّايِ عَلَى فُعَالة. والسَّفَنْجَقانيَّة: شَرْطٌ كَانَ لِلْعَرَبِ عَلَى الْعَجَمِ بِخُراسان إِذَا أَخذوا بَلَدًا صُلْحاً أَن يَكُونُوا إِذَا مرَّ بِهِمُ الْجُيُوشُ أَفذاذاً أَو جماعاتٍ أَن يُنْزلوهم ويَقْرُوهم، ثُمَّ يُزَوِّدوهم إِلَى ناحيةٍ أُخرى. والحَزْنُ: بلادٌ للعَربِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَزْنُ مَا غلُظَ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ حُزُونٌ وَفِيهَا حُزُونةٌ؛ وَقَوْلُهُ:

الحَزْنُ بَابًا والعَقورُ كَلْباً

. أَجرى فِيهِ الِاسْمَ مُجْرى الصِّفَةِ، لأَن قَوْلَهُ الحَزْنُ بَابًا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ الوَعْر بَابًا والمُمْتَنِع بَابًا. وَقَدْ حَزُنَ المكانُ حُزونةً، جاؤوا بِهِ عَلَى بِنَاءِ ضِدِّه وَهُوَ قَوْلُهُمْ: مكانٌ سَهْلٌ وَقَدْ سَهُل سُهولة. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ المُسَيَّب: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، أَراد أَن يُغَيِّرَ اسمَ جدِّه حَزْنٍ ويُسَمِّيَه سَهْلًا

(2). قوله [وعام الحزن] ضبط في الأَصل والقاموس بضم فسكون وصرح بذلك شارح القاموس، وضبط في المحكم بالتحريك

(3)

. قوله [حزانة أي فتنة] ضبط في الأَصل بضم الحاء وفي المحكم بفتحها

ص: 112

فأَبى، وَقَالَ: لَا أُغيِّر اسْمًا سَمَّاني بِهِ أَبي، قَالَ: فَمَا زَالَتْ فِينَا تِلْكَ الحُزونةُ بَعْدُ.

والحَزْنُ: المكانُ الْغَلِيظُ، وَهُوَ الخَشِنُ. والحُزونةُ: الخُشونة؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

الْمُغِيرَةِ: مَحْزون اللِّهْزِمة

أَي خَشِنها أَو أَنَّ لِهْزِمَته تَدَلَّتْ مِنَ الْكَآبَةِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ

الشَّعْبِيِّ: أَحْزَنَ بِنَا المنزلُ

أَي صَارَ ذَا حُزونةٍ كأَخْصَبَ وأَجْدَبَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ قولهم أَحْزَنَ وأَسْهَلَ إِذَا رَكِبَ الحَزْنَ والسَّهْلَ، كأَنَّ المنزلَ أَرْكَبَهم الحُزونةَ حَيْثُ نَزلوا فِيهِ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَزْنُ حَزْنُ بَنِي يربوعٍ، وَهُوَ قُفٌّ غَلِيظٌ مَسِيرُ ثلاثِ ليالٍ فِي مِثْلِها، وَهِيَ بعيدةٌ مِنَ الْمِيَاهِ فَلَيْسَ تَرْعاها الشاءُ وَلَا الحُمُر، فَلَيْسَ فِيهَا دِمَنٌ وَلَا أَرْواث. وبعيرٌ حَزْنِيٌّ: يَرْعَى الحَزْنَ مِنَ الأَرض. والحَزْنةُ: لُغَةٌ فِي الحَزْنِ؛ وقولُ أَبي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ مَطَرًا:

فَحَطَّ، مِنَ الحُزَنِ، المُغْفِراتِ،

والطَّيْرُ تَلْثَقُ حَتَّى تَصِيحا

. قَالَ الأَصمعي: الحُزَنُ الْجِبَالُ الغلاظُ، الْوَاحِدَةُ حُزْنة مِثْلُ صُبْرةٍ وصُبَر، والمُغْفِراتُ: ذواتُ الأَغفار، والغُفْرُ: وَلَدُ الأُرْوية، والمُغْفِرات مفعولٌ بِحَطَّ، وَمَنْ رَوَاهُ فأَنزلَ مِنْ حُزَنِ المُغْفِراتِ حُذِفَ التَّنْوِينُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وتَلْثَق حَتَّى تَصِيحَا أَي ممَّا بِهَا مِنَ الْمَاءِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ الهذلي:

وأَكْسُوا الحُلَّة الشَّوْكاءَ خِدْني،

وبَعْضُ الخَيْرِ فِي حُزَنٍ وِراطِ «1»

. والحَزْنُ مِنَ الدوابِّ: مَا خَشُنَ، صفةٌ، والأُنْثَى حَزْنةٌ؛ والحَزْنُ: قبيلةٌ مِنْ غَسَّانَ وَهُمُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ الأَخطل فِي قَوْلِهِ:

تَسْأَلُه الصُّبْرُ مِنْ غَسَّان، إذْ حَضروا،

والحَزْنُ: كَيْفَ قَراكَ الغِلْمةُ الجَشَرُ؟

وأَورده الْجَوْهَرِيُّ: كَيْفَ قَرَاهُ الْغِلْمَةُ الْجَشَرُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّوَابُ كَيْفَ قَراك كَمَا أَورده غَيْرُهُ أَي الصُّبْرُ تسأَل عُمَيْر بنَ الحُباب، وَكَانَ قَدْ قُتِل، فَتَقُولُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ: كَيْفَ قَراكَ الغِلمةُ الجشَر، وَإِنَّمَا قَالُوا لَهُ ذَلِكَ لأَنه كَانَ يَقُولُ لَهُمْ: إِنَّمَا أَنتم جَشَرٌ، والجَشَرُ: الَّذِينَ يَبِيتون مَعَ إِبِلِهِمْ فِي مَوْضِعِ رَعْيِها وَلَا يَرْجِعُونَ إِلى بُيُوتِهِمْ. والحَزْنُ: بلادُ بَنِي يربوعٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

وَمَا لِيَ ذَنْبٌ، إنْ جَنُوبٌ تَنَفَّسَتْ

بِنَفْحةِ حَزْنِيٍّ مِنَ النَّبْتِ أَخضرا

. قَالَ هَذَا رَجُلٌ اتُّهم بِسَرَق بَعِير فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ عِنْدِي إنَّما نَزَع إِلَى الحَزْن الَّذِي هُوَ هَذَا البَلَد، يَقُولُ: جَاءَتِ الجَنُوبُ بريحِ البَقْلِ فنَزَع إِلَيْهَا؛ والحَزْنُ فِي قَوْلَ الأَعشى:

مَا رَوْضَةٌ، مِنْ رِياضِ الحَزْن، مُعْشِبَةٌ

خَضْراءَ جادَ عَلَيْهَا مُسْبِلٌ هَطِلُ

. موضعٌ مَعْرُوفٌ كَانَتْ تَرْعَى فِيهِ إِبِلُ المُلوك، وَهُوَ مِنْ أَرض بَنِي أَسَدٍ. قَالَ الأَزهري: فِي بِلَادِ العَرب حَزْنانِ: أَحدهما حَزْن بَنِي يَرْبوعٍ، وَهُوَ مَرْبَعٌ مِنْ مَرابعِ العرَب فِيهِ رياضٌ وقِيعانٌ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ مَنْ تَرَبَّعَ الحَزْنَ وتَشَتَّى الصَّمَّانَ وتَقَيَّظَ الشَّرَفَ فَقَدْ أَخْصَبَ، والحَزْنُ الآخرُ مَا بَيْنَ زُبالة فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مُصْعِداً فِي بِلَادِ نَجْد، وَفِيهِ غِلَظٌ وارتفاعٌ، وَكَانَ أَبو عَمْرٍو يَقُولُ: الحَزْنُ والحَزْمُ الغَليظُ مِنَ الأَرض، وَقَالَ غَيْرُهُ: الحَزْمُ مِنَ الأَرض مَا احْتَزم من السَّيْل من

(1). قوله [وبعض الخير] أنشده في مادة شوك: وبعض القوم

ص: 113

نَجَوات المُتُون والظُّهور، وَالْجَمْعُ الحُزُوم. والحَزْنُ: مَا غَلُظ مِنَ الأَرض فِي ارْتفاعٍ، وَقَدْ ذُكِرَ الحَزْم فِي مَكَانِهِ. قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: أَوَّلُ حُزُونِ الأَرض قِفافُها وجِبالُها وقَواقِيها وخَشِنُها ورَضْمُها، وَلَا تُعَدُّ أَرضٌ طَيِّبَةٌ، وَإِنْ جَلُدَتْ، حَزْناً، وجمعُها حُزُون، قَالَ: وَيُقَالُ حَزْنَةٌ وحَزْن. وأَحْزَن الرجلُ إِذَا صَارَ فِي الحَزْن. قَالَ: وَيُقَالُ للحَزْن حُزُن لُغَتان؛ وأَنشد قول ابنِ مُقْبل:

مَرَابِعُهُ الحُمْرُ مِنْ صَاحَةٍ،

ومُصْطَافُهُ فِي الوُعُولِ الحُزُنْ

. الحُزُن: جَمْعُ حَزْن. وحُزَن: جَبَلٌ؛ وَرُوِيَ بَيْتُ أَبي ذُؤَيْبٍ الْمُتَقَدِّمُ:

فأَنْزَلَ مِنْ حُزَن المُغْفِرات

. وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ مِنْ حُزُن، بِضَمِّ الْحَاءِ وَالزَّايِ. والحَزُون: الشَّاةُ السيِّئة الخُلق. والحَزينُ: اسْمُ شَاعِرٍ، وَهُوَ الْحَزِينُ الكِنانيُّ، وَاسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُهَيب، وَهُوَ الْقَائِلُ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ووفَد إِلَيْهِ إِلَى مِصْرَ وَهُوَ وَالِيهَا يمدحُه فِي أَبيات مِنْ جُمْلَتِهَا:

لمَّا وقَفْت عَلَيْهِمْ فِي الجُموع ضُحًى،

وَقَدْ تَعَرَّضَتِ الحُجَّابُ والخَدَمُ،

حَيَّيْتُه بسَلامٍ وَهُوَ مُرْتَفِقٌ،

وضَجَّةُ القَوْمِ عِنْدَ الْبَابِ تَزْدَحِمُ

فِي كَفِّه خَيزُرانٌ رِيحُه عَبِق،

فِي كَفِّ أَرْوَعَ فِي عِرْنِينِه شَمَمُ

يُغْضِي حَياءً ويُغْضَى مِنْ مَهابَتِهِ،

فَمَا يُكَلَّمُ إلَّا حِينَ يَبْتَسِمُ «1»

وَهُوَ الْقَائِلُ أَيضاً يَهْجُو إِنْسَانًا بالبُخل:

كأَنَّما خُلِقَتْ كَفَّاه منْ حَجَرٍ،

فَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ والنَّدَى عَمَلُ،

يَرَى التَّيَمُّمَ فِي بَرٍّ وَفِي بَحَرٍ،

مَخَافَةَ أَنْ يُرى فِي كَفِّه بَلَلُ.

حزبن: الحَيْزَبونُ: الْعَجُوزُ مِنَ النِّسَاءِ؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:

إِذَا حَيْزَبونٌ تُوقِدُ النار، بعدَ ما

تَلفَّعتِ الظَّلْماء مِنْ كلِّ جانِبِ

وَنَاقَةٌ حَيزَبون: شَهْمة حَديدة؛ وَبِهِ فسَّر ثَعْلَبٌ قَوْلَ الْحَذْلَمِيِّ يَصِفُ إِبِلًا:

تَلْبِطُ فِيهَا كلُّ حَيْزَبونِ

قَالَ الْفَرَّاءُ: أَنشدني أَبو الْقَمْقَامِ:

يَذْهَب مِنْهَا كلُّ حَيزَبونِ

مانِعة بِغَيْرِهَا زَبونِ

الحَيزَبون: الْعَجُوزُ. والحَيزَبون: السَّيِّئَةُ الْخُلُقِ، وَهُوَ هَاهُنَا السَّيِّئَةُ الخُلق أَيضاً.

حسن: الحُسْنُ: ضدُّ القُبْح وَنَقِيضُهُ. الأَزهري: الحُسْن نَعْت لِمَا حَسُن؛ حَسُنَ وحَسَن يَحْسُن حُسْناً فِيهِمَا، فَهُوَ حاسِنٌ وحَسَن؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْجَمْعُ مَحاسِن، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كأَنه جَمْعُ مَحْسَن. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: احْسُنْ إِنْ كنتَ حاسِناً، فَهَذَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنَّهُ لَحَسَن، يُرِيدُ فِعْل الْحَالِ، وَجَمْعُ الحَسَن حِسان. الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ قَدْ حَسُن الشيءُ، وَإِنْ شِئْتَ خَفَّفْت الضَّمَّةَ فَقُلْتَ: حَسْنَ الشيءُ، وَلَا يَجُوزُ أَن تنقُل الضَّمَّةَ إِلَى الْحَاءِ لأَنه خبَرٌ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ النقْل إِذَا كَانَ بِمَعْنَى الْمَدْحِ أَو الذَّم لأَنه يُشبَّه فِي جَوَازِ النَّقْل بنِعْم وبِئْس، وَذَلِكَ أَن الأَصل فِيهِمَا نَعِم وبَئِس، فسُكِّن ثَانِيهِمَا ونقِلتْ حَرَكَتُهُ إِلَى مَا قَبْلَهُ، فَكَذَلِكَ كلُّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا؛ قَالَ سَهْمُ بْنُ

(1). روي البيتان الأَخيران للفرزدق من قصيدته في مدح زين العابدين: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته.

ص: 114

حَنْظَلَةَ الغَنَوي:

لَمْ يَمْنَعِ الناسُ مِنِّي مَا أَردتُ، وَمَا

أُعْطِيهمُ مَا أَرادوا، حُسْنَ ذَا أَدَبا

. أَراد: حَسُن هَذَا أَدَباً، فخفَّف ونقَل. وَرَجُلٌ حَسَنٌ بَسَن: إِتْبَاعٌ لَهُ، وامرأَة حَسَنة، وَقَالُوا: امرأَة حَسْناء وَلَمْ يَقُولُوا رَجُلٌ أَحْسَن، قَالَ ثَعْلَبٌ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يُقَالَ لأَنَّ الْقِيَاسَ يُوجِبُ ذَلِكَ، وَهُوَ اسْمٌ أُنِّث مِنْ غَيْرِ تَذْكير، كَمَا قَالُوا غُلَامٌ أَمرَد وَلَمْ يَقُولُوا جَارِيَةٌ مَرْداء، فَهُوَ تَذْكِيرٌ مِنْ غَيْرِ تأْنيث. والحُسّان، بِالضَّمِّ: أَحسَن مِنَ الحَسَن. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ حُسَان، مخفَّف، كحَسَن، وحُسّان، وَالْجَمْعُ حُسّانونَ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُكَسَّر، استغْنَوْا عَنْهُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، والأُنثى حَسَنة، وَالْجَمْعُ حِسان كَالْمُذَكَّرِ وحُسّانة؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:

دارَ الفَتاةِ الَّتِي كُنّا نَقُولُ لَهَا:

يَا ظَبْيةً عُطُلًا حُسّانةَ الجِيدِ

. وَالْجَمْعُ حُسّانات، قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِنَّمَا نَصَبَ دارَ بِإِضْمَارِ أَعني، وَيُرْوَى بِالرَّفْعِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَسِين وحُسَان وحُسّان مِثْلُ كَبير وكُبَار وكُبَّار وعَجيب وعُجاب وعُجَّاب وَظَرِيفٍ وظُراف وظُرَّاف؛ وَقَالَ ذُو الإِصبع:

كأَنَّا يَوْمَ قُرَّى

إِنَّما نَقْتُل إِيَّانَا

قِياماً بَيْنَهُمْ كلُّ

فَتًى أَبْيَضَ حُسّانا

. وأَصل قَوْلِهِمْ شَيْءٌ حَسَن حَسِين لأَنه مِنْ حَسُن يَحْسُن كَمَا قَالُوا عَظُم فَهُوَ عَظِيم، وكَرُم فَهُوَ كَرِيمٌ، كَذَلِكَ حَسُن فَهُوَ حَسِين، إِلَّا أَنه جَاءَ نَادِرًا، ثُمَّ قُلِبَ الفَعِيل فُعالًا ثُمَّ فُعّالًا إِذَا بُولِغَ فِي نَعْته فَقَالُوا حَسَنٌ وحُسَان وحُسّان، وَكَذَلِكَ كَرِيمٌ وكُرام وكُرّام، وَجَمْعُ الحَسْناء مِنَ النِّسَاءِ حِسانٌ وَلَا نَظِيرَ لَهَا إِلَّا عَجْفاء وعِجاف، وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ أَحْسَن، إِنَّمَا تَقُولُ هُوَ الأَحْسن عَلَى إِرَادَةِ التَّفْضِيلِ، وَالْجَمْعُ الأَحاسِن. وأَحاسِنُ الْقَوْمِ: حِسانهم. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُون أَكنافاً

، وَهِيَ الحُسْنَى. والحاسِنُ: القَمَر. وحسَّنْتُ الشيءَ تحْسيناً: زَيَّنتُه، وأَحسَنْتُ إِلَيْهِ وَبِهِ، وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ يُوسُفَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ

؛ أَي قَدْ أَحسن إِلَيَّ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَحسَنْتُ بفلانٍ وأَسأْتُ بفلانٍ أَي أَحسنت إِلَيْهِ وأَسأْت إِلَيْهِ. وَتَقُولُ: أَحْسِنْ بِنَا أَي أَحسِنْ إِلَيْنَا وَلَا تُسِئْ بِنَا؛ قَالَ كُثيِّر:

أَسِيئي بِنَا أَو أَحْسِنِي، لَا مَلومةٌ

لَدَيْنا، وَلَا مَقْلِيَّةٌ إنْ تَقَلَّتِ

. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى

؛ قِيلَ أَراد الْجَنَّةَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ

؛ فالحُسْنى هِيَ الْجَنَّةُ، والزِّيادة النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ سِيدَهْ: والحُسْنى هُنَا الْجَنَّةُ، وَعِنْدِي أَنها المُجازاة الحُسْنى. والحُسْنى: ضدُّ السُّوأَى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً

. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قرأَ

الأَخفش وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنى

، فَقُلْتُ: هَذَا لَا يَجُوزُ، لأَن حُسْنى مِثْلُ فُعْلى، وَهَذَا لَا يَجُوزُ إِلَّا بالأَلف وَاللَّامِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا نصُّ لَفْظِهِ، وَقَالَ قَالَ ابْنُ جِنِّي: هَذَا عِنْدِي غيرُ لَازِمٍ لأَبي الْحَسَنِ، لأَن حُسْنى هُنَا غَيْرُ صِفَةٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مصدرٌ بِمَنْزِلَةِ الحُسْن كَقِرَاءَةِ غَيْرِهِ: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً

، وَمِثْلُهُ فِي الفِعْل والفِعْلى: الذِّكْرُ والذِّكْرى، وَكِلَاهُمَا مَصْدَرٌ، وَمِنَ الأَول البُؤسُ والبُؤسى والنُّعْم والنُّعْمى، وَلَا يُسْتَوْحَش مِنْ

ص: 115

تَشْبِيهِ حُسْنى بذِكرى لِاخْتِلَافِ الحركات، فسيبويه قَدْ عَمل مثلَ هَذَا فَقَالَ: ومثلُ النَّضْرِ الحَسَن إلَّا أَن هَذَا مُسَكَّن الأَوْسَط، يَعْنِي النَّضْرَ، وَالْجَمْعُ الحُسْنَيات «1» . والحُسَنُ، لَا يَسْقُطُ مِنْهُمَا الأَلف وَاللَّامُ لأَنها مُعاقبة، فأَما قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:

وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنى

، فَزَعَمَ الْفَارِسِيُّ أَنه اسْمُ المصدر، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً

، أَي قَوْلًا ذَا حُسْنٍ والخِطاب لِلْيَهُودِ أَي اصْدُقوا فِي صِفَةِ مُحَمَّدٍ، صلى الله عليه وسلم. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى أَنه قَالَ: قَالَ بَعْضُ أَصحابنا اخْترْنا حَسَناً لأَنه يُرِيدُ قَوْلًا حَسَناً، قَالَ: والأُخرى مَصْدَرُ حَسُنَ يَحسُن حُسْناً، قَالَ: وَنَحْنُ نَذْهَبُ إِلى أَن الحَسَن شيءٌ مِنَ الحُسْن، والحُسْن شيءٌ مِنَ الْكُلِّ، وَيَجُوزُ هَذَا وَهَذَا، قَالَ: واخْتار أَبو حَاتِمٍ حُسْناً، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قرأَ حُسْناً بِالتَّنْوِينِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحدهما وَقُولُوا لِلنَّاسِ قَوْلًا ذَا حُسْنٍ، قَالَ: وَزَعَمَ الأَخفش أَنه يَجُوزُ أَن يَكُونَ حُسْناً فِي مَعْنَى حَسَناً، قَالَ: وَمَنْ قرأَ حُسْنى فَهُوَ خَطَأٌ لَا يَجُوزُ أَن يقرأَ بِهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ

؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: الحُسْنَيان الموتُ أَو الغَلَبة، يَعْنِي الظفَر أَو الشَّهَادَةُ، وأَنَّثَهُما لأَنه أَراد الخَصْلتَين، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ

؛ أَي بِاسْتِقَامَةٍ وسُلوك الطَّرِيقِ الَّذِي درَج السَّابِقُونَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً

؛ يَعْنِي إِبراهيم، صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ، آتَيناه لِسانَ صِدْقٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ

؛ الصلواتُ الْخَمْسُ تكفِّر مَا بَيْنَهَا. والحَسَنةُ: ضدُّ السيِّئة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها

؛ وَالْجَمْعُ حَسَنات وَلَا يُكسَّر. والمَحاسنُ فِي الأَعمال: ضدُّ المَساوي. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ*

؛ الَّذِينَ يُحْسِنون التأْويلَ. وَيُقَالُ: إِنه كَانَ يَنْصر الضَّعِيفَ ويُعين الْمَظْلُومَ ويَعُود الْمَرِيضَ، فَذَلِكَ إِحْسانه. وقوله تعالى: وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ*

؛ أَي يَدْفَعُونَ بِالْكَلَامِ الحَسَن مَا وردَ عَلَيْهِمْ مِنْ سَيِءِ غَيْرِهِمْ. وَقَالَ أَبو إِسحق فِي قَوْلِهِ عز وجل: ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ

؛ قَالَ: يَكُونَ تَمَامًا عَلَى المُحْسِن، الْمَعْنَى تَمَامًا مِنَ اللَّهِ عَلَى المُحْسِنين، وَيَكُونُ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَن عَلَى الَّذِي أَحْسَنه مُوسَى مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ واتِّباع أَمره، وَقَالَ: يُجْعل الَّذِي فِي مَعْنَى مَا يُرِيدُ تَمَامًا عَلَى مَا أَحْسَنَ مُوسَى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ*

؛ قِيلَ: هُوَ أَن يأْخذَ مِنْ مَالِهِ مَا سَتَرَ عَوْرَتَه وسَدَّ جَوعَتَه. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ

؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَتَّبع الرَّسُولَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ

؛ أَحْسَنَ يَعْنِي حَسَّنَ، يَقُولُ حَسَّنَ خَلْقَ كلِّ شيءٍ، نَصَبَ خلقَه عَلَى الْبَدَلِ، وَمَنْ قرأَ خَلَقه فَهُوَ فِعْلٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى

، تأْنيث الأَحسن. يُقَالُ: الِاسْمُ الأَحْسَن والأَسماء الحُسْنى؛ وَلَوْ قِيلَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ الحُسْن لَجاز؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى؛ لأَن الْجَمَاعَةَ مؤَنثة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً

؛ أَي يَفْعَلُ بِهِمَا مَا يَحْسُنُ حُسْناً. وقوله تعالى: اتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ

؛ أَي اتَّبعوا الْقُرْآنَ، وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ: نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ

، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً

؛ أَي نِعْمةً، وَيُقَالُ حُظوظاً حسَنة. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ

، أَي نِعْمة، وَقَوْلُهُ: إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ

، أَي غَنيمة وخِصب،

(1). قوله [والجمع الحسنيات] عبارة ابن سيدة بعد أن ساق جميع ما تقدم: وقيل الحسنى العاقبة والجمع إلخ فهو راجع لقوله وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى

ص: 116

وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ، أَي مَحْلٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها

؛ أَي يَعْمَلُوا بحَسَنِها، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ نَحْوَ مَا أَمَرنا بِهِ مِنَ الِانْتِصَارِ بَعْدَ الظُّلْمِ، والصبرُ أَحسَنُ مِنَ القِصاص والعَفْوُ أَحسَنُ. والمَحاسِنُ: الْمَوَاضِعُ الحسَنة مِنَ البَدن. يُقَالُ: فُلَانَةٌ كَثِيرَةُ المَحاسِن؛ قَالَ الأَزهري: لَا تَكَادُ الْعَرَبُ توحِّد المَحاسِن، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدُهَا مَحْسَن؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بالقويِّ وَلَا بِذَلِكَ الْمَعْرُوفِ، إِنما المَحاسِنُ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ وَجُمْهُورِ اللُّغَوِيِّينَ جمعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِذا نسبْتَ إِلى مَحَاسِنٍ قُلْتَ مَحاسِنيّ، فَلَوْ كَانَ لَهُ وَاحِدٌ لرَدَّه إِليه فِي النَّسَبِ، وإِنما يُقَالُ إِن واحدَه حَسَن عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَمِثْلُهُ المَفاقِر والمَشابِه والمَلامِح وَاللَّيَالِي. وَوَجْهٌ مُحَسَّن: حَسَنٌ، وحسَّنه اللَّهُ، لَيْسَ مِنْ بَابِ مُدَرْهَم ومفؤود كَمَا ذَهَبَ إِليه بَعْضُهُمْ فِيمَا ذُكِر. وطَعامٌ مَحْسَنةٌ لِلْجِسْمِ، بِالْفَتْحِ: يَحْسُن بِهِ. والإِحْسانُ: ضدُّ الإِساءة. وَرَجُلٌ مُحْسِن ومِحسان؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ مَا أَحسَنَه؛ أَبو الْحَسَنِ: يَعْنِي منْ هَذِهِ، لأَن هَذِهِ الصِّيغَةَ قَدِ اقْتَضَتْ عِنْدَهُ التَّكْثِيرَ فأَغْنَتْ عَنْ صِيغَةِ التَّعَجُّبِ. وَيُقَالُ: أَحْسِنْ يَا هَذَا فإِنك مِحْسانٌ أَي لَا تَزَالُ مُحْسِناً.

وَفَسَّرَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، الإِحسانَ حِينَ سأَله جِبْرِيلُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَسَلَامُهُ، فَقَالَ: هُوَ أَن تَعْبُدَ اللَّهَ كأَنك تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإِنه يَراك

، وَهُوَ تأْويلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ

؛ وأَراد بالإِحسان الإِخْلاص، وَهُوَ شرطٌ فِي صِحَّةِ الإِيمان والإِسلام مَعًا، وَذَلِكَ أَن مَنْ تلفَّظ بِالْكَلِمَةِ وَجَاءَ بِالْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ إِخْلاص لَمْ يَكُنْ مُحْسِناً، وإِن كَانَ إِيمانُه صَحِيحًا، وَقِيلَ: أَراد بالإِحسان الإِشارةَ إِلى المُراقبة وحُسْن الطَّاعَةِ، فَإِنَّ مَنْ راقَبَ اللهَ أَحسَن عمَله، وَقَدْ أَشار إِليه فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ:

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإِنه يَرَاكَ

، وَقَوْلُهُ عز وجل: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ

؛ أَي مَا جزاءُ مَنْ أَحْسَن فِي الدُّنيا إِلا أَن يُحْسَنَ إِليه فِي الْآخِرَةِ. وأَحسَنَ بِهِ الظنَّ: نقيضُ أَساءَه، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الإِحسان والإِنعام أَن الإِحسانَ يَكُونُ لنفسِ الإِنسان وَلِغَيْرِهِ، تَقُولُ: أَحْسَنْتُ إِلى نَفْسِي، والإِنعامُ لَا يَكُونُ إِلا لِغَيْرِهِ. وكتابُ التَّحاسين: خِلَافُ المَشْق، ونحوُ هَذَا يُجْعَل مَصْدَرًا ثُمَّ يُجْمَعُ كالتَّكاذِيب والتَّكاليف، وَلَيْسَ الجمعُ فِي الْمَصْدَرِ بفاشٍ، وَلَكِنَّهُمْ يُجْرُون بَعْضَهُ مُجْرى الأَسماء ثُمَّ يَجْمَعُونَهُ. والتَّحاسينُ: جمعُ التَّحْسِين، اسْمٌ بُنِيَ عَلَى تَفْعيل، ومثلُه تَكاليفُ الأُمور، وتَقاصيبُ الشَّعَرِ مَا جَعُدَ مِنْ ذَوائِبه. وَهُوَ يُحْسِنُ الشيءَ أَي يَعْمَله، ويَسْتَحْسِنُ الشيءَ أَي يَعُدُّه حَسَناً. وَيُقَالُ: إِني أُحاسِنُ بِكَ الناسَ. وَفِي النَّوَادِرِ: حُسَيْناؤُه أَن يَفْعَلَ كَذَا، وحُسَيْناه مِثْلُه، وَكَذَلِكَ غُنَيْماؤه وحُمَيْداؤه أَي جُهْدُه وغايتُه. وحَسَّان: اسْمُ رَجُلٍ، إِن جَعَلْتَهُ فعَّالًا مِنَ الحُسْنِ أَجْرَيْتَه، وإِن جَعَلْتَه فَعْلَانَ مِنَ الحَسِّ وَهُوَ القَتْل أَو الحِسِّ بِالشَّيْءِ لَمْ تُجْرِه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنه مِنَ الحِسِّ أَو مِنَ الحَسِّ، وَقَالَ: ذَكَرَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنه فَعَّالٌ مِنَ الحُسْنِ، قَالَ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وتصغيرُ فعَّالٍ حُسَيْسِين، وتصغيرُ فَعْلانَ حُسَيْسان. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَسَنٌ وحُسَيْن يقالانِ بِاللَّامِ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى إِرادة الصِّفَةِ، وَقَالَ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما الَّذِينَ قَالُوا الحَسَن، فِي اسْمِ الرَّجُلِ، فَإِنَّمَا أَرادوا أَن يَجْعَلُوا الرجلَ هُوَ الشيءَ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَجْعلوه سُمِّيَ بِذَلِكَ،

ص: 117

وَلَكِنَّهُمْ جَعَلُوهُ كأَنه وصفٌ لَهُ غَلَب عَلَيْهِ، وَمَنْ قَالَ حَسَن فَلَمْ يُدْخِل فِيهِ الأَلفَ واللامَ فَهُوَ يُجْريه مُجْرَى زيدٍ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فِي ليلةٍ ظَلْماءَ حِنْدِسٍ وعندَه الحَسَنُ والحُسَيْنُ، رضي الله عنهما، فسَمِعَ تَوَلْوُلَ فاطمةَ، رضوانُ اللَّهِ عَلَيْهَا، وَهِيَ تُنادِيهما: يَا حَسَنانِ يَا حُسَيْنانِ فَقَالَ: الْحَقا بأُمّكما

؛ غَلَّبَت أَحدَ الِاسْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ كَمَا قَالُوا العُمَران لأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ، رضي الله عنهما، والقَمَران لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ كَقَوْلِهِمُ الجَلَمانُ للجَلَم، والقَلَمانُ للمِقْلامِ، وَهُوَ المِقْراضُ، وَقَالَ: هَكَذَا رَوَى سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ، بِضَمِّ النُّونِ فِيهِمَا جَمِيعًا، كأَنه جَعَلَ الِاسْمَيْنِ اسْمًا وَاحِدًا فأَعطاهما حَظَّ الِاسْمِ الْوَاحِدِ مِنَ الإِعراب. وَذَكَرَ الْكَلْبِيُّ أَن فِي طيِء بَطْنَيْن يُقَالُ لَهُمَا الحسَن والحُسَيْن. والحَسَنُ: اسمُ رَمْلَةٍ لِبَنِي سَعْد؛ وَقَالَ الأَزهري: الحَسَنُ نَقاً فِي دِيَارِ بَنِي تَمِيمٍ مَعْرُوفٌ، وَجَاءَ فِي الشِّعْرِ الحَسَنانُ، يُرِيدُ الحَسَنَ وَهُوَ هَذَا الرملُ بِعَيْنِهِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قُتِل بِهَذِهِ الرَّمْلَةِ أَبو الصَّهْباء بِسْطامُ بنُ قيْس بنِ خالدٍ الشَّيْبانيِّ، يَوْمَ النَّقَا، قتَله عاصِمُ بْنُ خَلِيفةَ الضَّبِّي، قَالَ: وهما جَبَلانِ أَو نَقَوانِ، يُقَالُ لأَحد هذين الجَبَلَيْن الحَسَن؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَنَمة الضَّبّيّ فِي الحَسَن يَرْثِي بِسْطَامَ بنَ قَيْس:

لأُمِّ الأَرضِ وَيْلٌ مَا أَجَنَّتْ،

بحيثُ أَضَرَّ بالحَسَنِ السَّبيلُ

. وَفِي حَدِيثِ

أَبي رَجاء العُطارِدِيِّ: وَقِيلَ لَهُ مَا تَذْكُر؟ فَقَالَ: أَذْكُرُ مَقْتَلَ بِسْطام بنِ قَيْسٍ على الحَسَنِ

؛ هو بِفَتْحَتَيْنِ: جَبَل مَعْرُوفٌ مِنْ رَمْلٍ، وَكَانَ أَبو رَجَاءٍ قَدْ عُمِّر مِائَةً وثمانِياً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وإِذا ثُنِّيَتْ قُلْتَ الحَسَنانِ؛ وأَنشد ابْنُ سِيدَهْ فِي الحَسَنين لشَمْعَلة بْنِ الأَخْضَر الضَّبِّيّ:

ويوْمَ شَقيقةِ الحَسَنَيْنِ لاقَتْ

بَنُو شَيْبان آجَالًا قِصارا

شَكَكْنا بالأَسِنَّة، وهْيَ زُورٌ،

صِماخَيْ كَبْشِهم حَتَّى اسْتَدارا

فَخَرَّ عَلَى الأَلاءةِ لَمْ يُوَسَّدْ،

وَقَدْ كَانَ الدِّماءُ لَهُ خِمارا

قَوْلُهُ: وَهِيَ زُورٌ يَعْنِي الخيلَ، وأَنشد فِيهِ ابنُ بَرِّيٍّ لِجَرِيرٍ:

أَبَتْ عيْناكِ بالحَسَنِ الرُّقادا،

وأَنْكَرْتَ الأَصادِقَ والبِلادا

وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ فِي حُسَيْن جَبَلٍ:

تَركْنَا، بالنَّواصِف مِنْ حُسَيْنٍ،

نساءَ الحيِّ يَلْقُطْنَ الجُمانا.

فحُسَيْنٌ هَاهُنَا: جبلٌ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَحْسَنَ الرجلُ إِذا جَلَسَ عَلَى الحَسَنِ، وَهُوَ الكثيبُ النَّقِيّ الْعَالِي، قَالَ: وَبِهِ سُمِّيَ الْغُلَامُ حَسَناً. والحُسَيْنُ: الجبَلُ الْعَالِي، وَبِهِ سُمِّيَ الْغُلَامُ حُسَيْناً. والحَسَنانِ: جبلانِ، أَحدُهما بإِزاء الْآخَرِ. وحَسْنَى: مَوْضِعٌ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِذا ذكَر كُثيِّر غَيْقةَ فَمَعَهَا حَسْنَى، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ حِسْيٌ، وإِذا لَمْ يَذْكُرْ غيْقةَ فحِسْمَى. وَحَكَى الأَزهري عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ: الحَسَنُ شَجَرُ الأَلاء مُصْطفّاً بكَثيب رمْلٍ، فالحسَنُ هُوَ الشجرُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحُسْنِه ونُسِبَ الكثيبُ إِليه فَقِيلَ نَقا الحَسَنِ، وَقِيلَ: الحَسَنةُ جبلٌ أَمْلَسُ شاهقٌ لَيْسَ بِهِ صَدْعٌ، والحَسَنُ جمعُه؛ قَالَ أَبو صعْتَرة البَوْلانِيُّ:

ص: 118

فَمَا نُطْفةٌ مِنْ حَبِّ مُزْنٍ تَقاذَفَتْ

بِهِ حَسَنُ الجُودِيّ، والليلُ دامِسُ

. وَيُرْوَى: بِهِ جَنْبَتا الجُودِيِّ، والجودِيُّ وادٍ، وأَعلاه بأَجَأَ فِي شواهِقها، وأَسفلُه أَباطحُ سهلةٌ، ويُسَمِّي الحَسَنةَ أَهلُ الْحِجَازِ المَلقَة.

حشن: الحَشَنُ: الوسَخُ؛ قَالَ:

بِرُغَثاوَيْهِ مُبِيناً حَشَنُه

والحَشَنُ أَيضاً: اللَّزِجُ مِنْ دَسَمِ البدَنِ، وَقِيلَ: هُوَ الوسخُ الَّذِي يتَراكَبُ فِي دَاخِلِ الوَطْبِ، وَقَدْ حشِنَ السِّقَاءُ يَحْشَنُ حَشَناً، فَهُوَ حَشِنٌ: أَنْتَنَ، وأَحْشَنْتُه أَنا إِحْشاناً إِذا أَكْثَرْتَ استِعْمالَه بِحَقْنِ اللَّبَنِ فِيهِ، وَلَمْ تَتَعَهَّدْه بالغَسْل، وَلَا بِمَا يُنَظِّفُه مِنَ الوَضَر والدَّرَن، فأَرْوَحَ وتغيَّر باطنُه ولَزِق بِهِ وَسَخُ اللَّبَنِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

وإِن أَتاها ذُو فِلاقٍ وحَشَنْ،

تُعارِض الكَلْبَ، إِذا الكلبُ رَشَنْ.

يَعْنِي وَطْباً تَفَلَّقَ لبنُه ووَسِخَ فَمُه. وحُشِنَ عَنِ الوطبِ: كَثُر وَسَخُ اللَّبن عَلَيْهِ فقُشِر عَنْهُ؛ هَذِهِ رِوَايَةُ ثَعْلَبٍ، وأَما ابْنُ الأَعرابي فَرَوَاهُ: حُشِرَ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهان: مِنْ حِشَانةٍ

أَي سِقاءٍ مُتغيِّر الرِّيحِ. والحِشْنةُ: الحِقْدُ؛ أَنشد الأُمَوِيّ:

أَلا لَا أَرَى ذَا حِشْنةٍ فِي فؤادِه

يُجَمْجِمُها، إِلَّا سيَبْدُو دَفينُها

. وَقَالَ شَمِرٌ: وَلَا أَعرف الحِشْنةَ، قَالَ: وأُراه مأْخوذاً مِنْ حَشِنَ السِّقاء إِذا لَزِق بِهِ وَضَرُ اللبَنِ. والمُحْشَئنُّ: الغَضْبان، وَالْخَاءُ لُغَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والتَّحَشُّن الِاكْتِسَابُ؛ وأَنشد لأَبِي مَسْلَمَة المُحاربيِّ:

تَحشّنْتُ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ لَعَلَّنِي

بعاقبةٍ أُغْني الضعيفَ الحَزَوَّرا

. قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ التَّحَشُّنُ التوسُّخ. والحَشَنُ الوسَخُ، قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي هَذَا الْفَصْلِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذكرُ حُشَّانٍ، وَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ، أُطُمٌ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ عَلَى طريقِ قُبورِ الشُّهداء.

حصن: حَصُنَ المكانُ يَحْصُنُ حَصانةً، فَهُوَ حَصِين: مَنُع، وأَحْصَنَه صاحبُه وحَصَّنه. والحِصْنُ: كلُّ مَوْضِعٍ حَصِين لَا يُوصَل إِلى مَا فِي جَوْفِه، وَالْجَمْعُ حُصونٌ. وحِصْنٌ حَصِينٌ: مِنَ الحَصانة. وحَصَّنْتُ الْقَرْيَةَ إِذا بنيتَ حولَها، وتَحَصَّنَ العَدُوُّ. وَفِي حَدِيثِ

الأَشعث: تَحَصَّنَ فِي مِحْصَنٍ

«2» . المِحْصَنُ: القصرُ والحِصْنُ. وتَحَصَّنَ إِذا دَخَلَ الحِصْنَ واحْتَمى بِهِ. ودرْعٌ حَصِين وحَصِينة: مُحْكمَة؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

همُ كَانُوا اليَدَ اليُمْنى، وَكَانُوا

قِوامَ الظَّهْرِ والدِّرعَ الحَصِينا.

وَيُرْوَى: اليدَ العُلْيا، وَيُرْوَى: الوُثْقَى؛ قَالَ الأَعشى:

وكلُّ دِلاصٍ، كالأَضاةِ، حَصِينةٍ،

تَرَى فَضْلَها عَنْ رَبِّها يَتَذَبْذَبُ «3»

. وَقَالَ شَمِرٌ: الحَصِينة مِنَ الدُّرُوعِ الأَمينة المُتدانية الحِلَق الَّتِي لَا يَحِيكُ فِيهَا السِّلاح؛ قَالَ عَنْترة العَبْسيُّ:

فَلَقَّى أَلَّتي بَدَناً حَصِيناً،

وعَطْعَطَ مَا أَعَدَّ مِنَ السِّهام

. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ دَاوُدُ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ

(2). قوله [في محصن] كذا ضبط في الأَصل، وقال شارح القاموس كمنبر، والذي في بعض نسخ النهاية كمقعد

(3)

. قوله [عن ربها] كذا في الأَصل، وفي التهذيب والمحكم عن ريعها

ص: 119

وَالسَّلَامُ: وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ:

قُرئ لِيُحْصِنَكم

ولِتُحْصِنَكم

وَلِنُحَصِّنَكُمْ

، فَمَنْ قرأَ ليُحْصِنكم فَالتَّذْكِيرُ لِلَّبُوس، وَمَنْ قرأَ لتُحْصِنَكم ذَهَبَ إِلى الصَّنْعَةِ، وإِن شِئْتَ جَعَلْتَهُ لِلدِّرْعِ لأَنها هِيَ اللبوسُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، وَمَعْنَى ليُحْصِنَكم لِيَمْنَعَكُمْ ويُحْرِزَكم، وَمَنْ قرأَ لِنُحْصِنَكم، بِالنُّونِ، فَمَعْنَى لنُحْصِنَكم نحنُ، الفعلُ لِلَّهِ عز وجل. وامرأَة حَصانٌ، بِفَتْحِ الْحَاءِ: عَفِيفَةٌ بَيِّنة الحَصانةِ والحُصْنِ ومتزوّجَةٌ أَيضاً مِنْ نِسْوَةٍ حُصُنٍ وحَصاناتٍ، وحاصِنٌ مِنْ نِسْوَةٍ حَواصِنَ وحاصِنات، وَقَدْ حَصُنَت تَحْصُنُ حِصْناً وحُصْناً وحَصْناً إِذا عَفَّتْ عَنِ الرِّيبة، فَهِيَ حَصانٌ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

الحُصْنُ أَدْنى، لَوْ تآيَيْتهِ،

مِنْ حَثْيِكِ التُّرْبَ عَلَى الرَّاكِبِ

. وحَصَّنَت المرأَةُ نفسَها وتَحَصَّنَتْ وأَحْصَنَها وحَصَّنها وأَحْصَنَت نَفْسَهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها

. وَقَالَ شَمِرٌ: امرأَة حَصانٌ وحاصِنٌ وَهِيَ الْعَفِيفَةُ، وأَنشد:

وحاصِن منْ حاصِنات مُلْسِ

مِنَ الأَذَى، وَمِنْ قِرافِ الوَقْسِ

. وَفِي الصِّحَاحِ: فَهِيَ حاصِنٌ وحَصانٌ وحَصْناء أَيضاً بَيِّنة الحَصانةِ. والمُحْصَنةُ: الَّتِي أَحصنها زَوْجُهَا، وَهُنَّ المُحْصَنات، فَالْمَعْنَى أَنهن أُحْصِنَّ بأَزْواجِهنَّ. والمُحْصَنات: العَفائِفُ مِنَ النِّسَاءِ. وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ: كلامُ الْعَرَبِ كلُّه عَلَى أَفْعَلَ فَهُوَ مُفْعِل إِلا ثَلَاثَةَ أَحرف: أَحْصَنَ فَهُوَ مُحْصَنٌ، وأَلْفَجَ فَهُوَ مُلْفَجٌ، وأَسْهَبَ فِي كلامِهِ فَهُوَ مُسْهَب؛ زَادَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَسْهَمَ فَهُوَ مُسْهَم. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الإِحْصان والمُحْصَناتِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وأَصل الإِحْصانِ المنعُ، والمرأَة تَكُونُ مُحْصَنة بالإِسلام والعَفافِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالتَّزْوِيجِ. يُقَالُ: أَحْصَنَت المرأَة، فَهِيَ مُحْصَنة ومُحْصِنَة، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ. والمُحْصَنُ، بِالْفَتْحِ: يَكُونُ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ؛ وَفِي شِعْرِ حسَّان يُثْني عَلَى عَائِشَةَ، رضي الله عنها:

حَصَانٌ رَازانٌ مَا تُزَنُّ بِريبةٍ،

وتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحومِ الغَوافِل

. وكلُّ امرأَةٍ عفيفةٍ مُحْصَنةٌ ومُحْصِنَةٌ، وكلُّ امرأَة متزوِّجة مُحْصَنةٌ، بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ؛ وَقَالَ:

أَحْصَنُوا أُمَّهُمُ مِنْ عَبْدِهم،

تِلْكَ أَفْعالُ القِزام الوَكَعهْ

أَي زَوَّجُوا. والوَكَعة: جَمْعُ أَوْكَعَ. يُقَالُ: عبدٌ أَوْكَعُ، وَكَانَ قياسُهُ وُكع، فشُبِّه بفاعِل فجُمِع جَمْعَه، كَمَا قَالُوا أَعْزَل وعُزَّل كأَنه جَمْعُ عازِل؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَجمع القرَّاء عَلَى نَصْبِ الصَّادِ فِي الْحَرْفِ الأَول مِنَ النِّسَاءِ، فَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي فَتْحِ هَذِهِ لأَن تأْويلها ذَوَاتُ الأَزواج يُسْبَيْنَ فيُحِلُّهنَّ السِّباء لِمَنْ وطِئها مِنَ المالِكين لَهَا، وَتَنْقَطِعُ العِصْمةُ بينهنَّ وَبَيْنَ أَزواجهن بأَن يَحِضْنَ حَيْضَةً ويَطْهُرْنَ مِنْهَا، فأَما سِوَى الْحَرْفِ الأَول فالقُرَّاءُ مُخْتَلِفُونَ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَكْسِرُ الصَّادَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْتَحُهَا، فمَنْ نَصَبَ ذَهَبَ إِلى ذَوَاتِ الأَزواج اللَّاتِي قَدْ أَحْصَنَهُنَّ أَزواجُهن، ومَنْ كسَر ذهبَ إِلى أَنهن أَسْلَمْنَ فأَحْصَنَّ أَنفسهن فهنَّ مُحْصِنات. قَالَ الْفَرَّاءُ: والمُحْصَنات مِنَ النِّسَاءِ، بِنَصْب الصَّادِ، أَكثر فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. وأَحْصَنَتْ المرأَةُ: عَفَّت، وأَحْصَنَها زَوْجُها، فَهِيَ مُحْصَنة ومُحْصِنة. وَرَجُلٌ مُحْصَنٌ: متزوِّج،

ص: 120

وَقَدْ أَحْصَنَه التزوّجُ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَحْصَنَ الرجلُ تزوجَ، فَهُوَ مُحصَن، بِفَتْحِ الصَّادِ فِيهِمَا نَادِرٌ. قَالَ الأَزهري: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ

؛ فَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قرأَ:

فَإِذَا أَحْصَنَ

، وَقَالَ: إِحْصانُ الأَمةِ إِسلامُها، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا: فَإِذا أُحْصِنَ

، عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، وَيُفَسِّرُهُ:

فإِذا أُحْصِنَّ بِزَوْجٍ

، وَكَانَ لَا يرَى عَلَى الأَمة حَدًّا مَا لَمْ تُزَوَّجْ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَرَى عَلَيْهَا نِصْفَ حَدِّ الحرَّة إِذا أَسلمت وإِن لَمْ تُزَوَّجْ، وَبِقَوْلِهِ يقولُ فُقَهَاءُ الأَمصار، وَهُوَ الصَّوَابُ. وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وأَبو عَمْرٍو وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ: فَإِذا أُحْصِنَ

، بِضَمِّ الأَلف، وقرأَ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ مثلَه، وأَما أَبو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ فَقَدْ فَتَحَ الأَلف، وقرأَ حمزة والكسائي

فإِذا أُحْصَنَ

، بِفَتْحِ الأَلف، وقالَ شَمِرٌ: أَصلُ الحَصانةِ المنعُ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: مَدِينةَ حَصينة ودِرْعٌ حَصِينة؛ وأَنشد يُونُسُ:

زَوْجٌ حَصَانٌ حُصْنُها لَمْ يُعْقَم

. وَقَالَ: حُصْنُها تَحْصِينُها نفسَها. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ*

؛ قَالَ: مُتَزَوِّجين غَيْرَ زُناةٍ، قَالَ: والإِحْصانُ إِحْصانُ الْفَرْجِ وَهُوَ إِعْفافُه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَحْصَنَتْ فَرْجَها*

؛ أَي أَعفَّتْه. قَالَ الأَزهري: والأَمة إِذا زُوِّجَتْ جازَ أَن يُقَالَ قَدْ أُحْصِنَت لأَن تَزْوِيجَهَا قَدْ أَحْصَنَها، وَكَذَلِكَ إِذا أُعْتِقَتْ فَهِيَ مُحْصَنة، لأَن عِتْقَها قَدْ أَعَفَّها، وَكَذَلِكَ إِذا أَسْلَمت فإِن إِسْلامَها إِحْصانٌ لَهَا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا بناءٌ حَصِينٌ وامرأَة حَصَان، فَرقوا بَيْنَ البِنَاء والمرأَةِ حِينَ أَرادُوا أَن يُخْبِرُوا أَن الْبِنَاءَ مُحْرِز لِمَنْ لجأَ إِليه، وأَن المرأَة مُحْرِزة لفَرْجها. والحِصَانُ: الفحلُ مِنَ الْخَيْلِ، وَالْجَمْعُ حُصُنٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: قَوْلُهُمْ فرَسٌ حِصانٌ بَيِّنُ التحصُّن هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الحَصانةِ لأَنه مُحْرِز لِفَارِسِهِ، كَمَا قَالُوا فِي الأُنثى حِجْر، وَهُوَ مَنْ حَجَر عَلَيْهِ أَي مَنَعَهُ. وتَحَصَّنَ الفَرسُ: صارَ حِصاناً. وَقَالَ الأَزهري: تَحَصَّنَ إِذا تَكَلَّف ذَلِكَ، وخَيْلُ الْعَرَبِ حُصونها. قَالَ الأَزهري: وهُمْ إِلى الْيَوْمِ يُسَمُّونها حُصوناً ذُكورَها وإِناثَها، وَسُئِلَ بَعْضُ الحُكَّام عَنْ رجلٍ جَعَلَ مَالًا لَهُ فِي الحُصونِ فَقَالَ: اشْتَرُوا خَيْلًا واحْمِلوا عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ ذَهَبَ إِلى قَوْلِ الْجُعْفِيِّ:

وَلَقَدْ عَلِمْتُ عَلَى تَوَقِّي الرَّدَى

أَن الحُصونَ الخَيْلُ، لَا مَدَرُ القُرى

. وَقِيلَ: سُمِّيَ الفرسُ حِصاناً لأَنه ضُنَّ بِمَائِهِ فَلَمْ يُنْزَ إِلا عَلَى كَرِيمَةٍ، ثُمَّ كثُر ذَلِكَ حَتَّى سَمَّوا كلَّ ذَكَر مِنَ الْخَيْلِ حِصاناً، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي السِّلاحَ كلَّه حِصْناً؛ وَجَعَلَ ساعِدةُ الْهُذَلِيُّ النّصالَ أَحْصِنة فَقَالَ:

وأَحْصِنةٌ ثُجْرُ الظُّباتِ كأَنَّها،

إِذا لَمْ يُغَيِّبْها الجفيرُ، جَحِيمُ

. الثُّجْرُ: العراضُ، وَيُرْوَى: وأَحصَنه ثجرُ الظُّبَاتِ أَي أَحْرَزَه؛ وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:

وَمَا أَدْرِي، وسَوْفَ إِخالُ أَدْرِي،

أَقومٌ آلُ حِصْنٍ أَم نِساءُ

يُرِيدُ حِصْنَ بنَ حُذَيْفَةَ الفزاريَّ. والحَواصِنُ مِنَ النِّسَاءِ: الحَبالى؛ قَالَ:

تُبِيل الحَواصِنُ أَبْوالَها

والمِحْصَنُ «4» .: القُفْلُ. والمِحْصَنُ أَيضاً: المِكْتلةُ

(4). زاد في المحكم: وأَحصنت المرأَة حملت وكذلك الأَتان، قال رؤبة:

قد أَحصنت مثل دعاميص الرفق

أَجنة في مستكنات الحلق

عدّاه لما كان معناه حملت، والمحصن القفل إِلخ

ص: 121

الَّتِي هِيَ الزَّبيلُ، وَلَا يُقَالُ مِحْصَنة. والحِصْنُ: الهِلالُ. وحُصَيْنٌ: مَوْضِعٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

أَقول، إِذا مَا أَقلعَ الغَيْثُ عَنْهُمُ:

أَمَا عَيْشُنا يومَ الحُصَيْن بِعَائِدِ؟

والثعلبُ يُكْنى أَبا الحِصْنِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَبو الحُصَيْن كُنْيَةُ الثَّعْلَبِ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

لِلَّهِ دَرُّ أَبي الحُصَيْنِ لقدْ بَدَتْ

مِنْهُ مَكايِدُ حُوَّلِيٍّ قُلَّبِ

. قَالَ: وَيُقَالُ لَهُ أَبو الهِجْرِس وأَبو الحِنْبِص. والحِصْنانِ: موضعٌ، النَّسَبُ إِليه حِصْنيٌّ كَرَاهِيَةَ اجْتِمَاعِ إِعرابين، وَهُوَ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَرَاهِيَةَ اجْتِمَاعِ النُّونَيْنِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وحِصْنانِ بَلَدٌ. قَالَ اليَزِيديُّ: سأَلني والكسائيَّ المهديُّ عَنِ النِّسْبة إِلى الْبَحْرِينِ وإِلى حِصْنَين لِمَ قَالُوا حِصْنِيٌّ وبَحْرانِيٌّ فَقَالَ الْكِسَائِيُّ: كَرِهُوا أَن يَقُولُوا حِصْنانيٌّ لِاجْتِمَاعِ النُّونَيْنِ، وقلتُ أَنا: كَرِهُوا أَن يَقُولُوا بَحْرِيٌّ فيُشْبه النِّسبةَ إِلى البَحْر. وَبَنُو حِصْنٍ: حَيٌّ. والحِصْنُ: ثَعْلبة بْنِ عُكابَة وتَيْم اللاتِ وذُهْل. ومِحْصَن: اسمٌ. ودارةُ مِحْصَن: موضعٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وحُصَيْنٌ: أَبو الرَّاعِي عُبَيْدُ بنُ حُصَيْنٍ النُّمَيْريّ الشَّاعِرُ. وَقَدْ سمَّت العربُ حِصْناً وحَصِيناً.

حضن: الحِضْنُ: مَا دُونُ الإِبْط إِلى الكَشح، وَقِيلَ: هُوَ الصَّدْرُ والعَضُدان وَمَا بَيْنَهُمَا، وَالْجَمْعُ أَحْضانٌ؛ وَمِنْهُ الاحْتِضانُ، وَهُوَ احتمالُك الشيءَ وجعلُه فِي حِضْنِك كَمَا تَحْتَضِنُ المرأَةُ وَلَدَهَا فَتَحْتَمِلُهُ فِي أَحد شِقَّيْها. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه خَرَجَ مُحْتَضِناً أَحَدَ ابْنَي ابْنَتِه

أَي حامِلًا لَهُ فِي حِضْنه. والحِضْنُ: الجَنْبُ، وَهُمَا حِضْنانِ. وَفِي حَدِيثِ

أُسيدِ بْنِ حُضَير: أَنه قَالَ لِعَامِرِ بْنِ الطُّفَيل اخْرُجْ بِذِمَّتِك لِئَلَّا أُنْفِذَ حِضْنَيْك.

والمُحْتَضَنُ: الحِضْنُ؛ قَالَ الأَعشى:

عَرِيضة بُوصٍ، إِذا أَدْبَرَتْ،

هَضِيم الحَشا، شَخْتة المُحْتَضَنْ

البُوصُ: العَجُزُ. وحِضْنُ الضبُع: وِجارُه؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

كَمَا خَامَرَتْ فِي حِضْنِها أُمُّ عامِرٍ،

لَدَى الحَبْلِ، حَتَّى غالَ أَوْسٌ عِيالَها

. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حِضْنُها الموضعُ الَّذِي تُصاد فِيهِ، ولَدى الحَبْل أَي عِنْدِ الحَبْل الَّذِي تصادُ بِهِ، وَيُرْوَى: لِذِي الحَبْلِ أَي لِصَاحِبِ الحَبْل، وَيُرْوَى عالَ، بِعَيْنٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، لأَنه يُحْكى أَن الضَّبُعَ إِذا ماتَتْ أَطْعَمَ الذِّئْبُ جِراءَها، ومَنْ رَوَى غالَ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، فَمَعْنَاهُ أَكَلَ جراءَها. وحَضَنَ الصبيَّ يَحْضُنُه حَضْناً وحَضانةً [حِضانةً] «1».: جَعَلَهُ فِي حِضْنِه وحِضْنا المَفازه: شِقَّاها، وَالْفَلَاةِ نَاحِيَتَاهَا؛ قَالَ:

أَجَزْتُ حِضْنَيْها هِبَلًّا وغْما

. وحِضْنا اللَّيْلِ: جَانِبَاهُ «2» . وحِضْنُ الْجَبَلِ: مَا يُطيف بِهِ، وحِضْنُه وحُضْنُه أَيضاً: أَصْلُه. الأَزهري: حِضْنا الْجَبَلِ نَاحِيَتَاهُ. وحضْنا الرَّجُلِ: جَنْباه. وحِضْنا الشَّيْءِ: جَانِبَاهُ. وَنَوَاحِي كُلِّ شَيْءٍ أَحْضانُه. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وجهه: عَلَيْكُم

(1). قوله [وحضانة] هو بفتح الحاء وكسرها كما في المصباح

(2)

. قوله [وحضنا الليل جانباه] زاد في المحكم: والجمع حضون؛ قال:

وأَزمعت رحلة ماضي الهموم

أَطعن من ظلمات حضونا

. وحضن الجبل إِلخ

ص: 122

بالحِضْنَيْنِ

؛ يُرِيدُ بجَنْبَتَي العَسْكَر؛ وَفِي حَدِيثِ

سَطِيح:

كأَنَّما حَثْحَثَ مِنْ حِضْنَيْ ثَكَنْ.

وحَضَنَ الطائرُ أَيضاً بَيْضَه وَعَلَى بيضِه يَحْضُنُ حَضْناً وحِضانةً وحِضاناً وحُضوناً: رَجَنَ عَلَيْهِ للتَّفْرِيخِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَضَنَ الطائرُ بَيْضَه إِذا ضَمَّه إِلى نَفْسِهِ تَحْتَ جَنَاحَيْهِ، وَكَذَلِكَ المرأَة إِذا حَضَنَتْ وَلَدَهَا. وحمامةٌ حاضِنٌ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَاسْمُ الْمَكَانِ المِحْضَن «1». والمِحْضَنةُ: الْمَعْمُولَةُ لِلْحَمَامَةِ كالقَصْعة الرَّوْحاء مِنَ الطِّينِ. والحَضانةُ: مصدرُ الحاضِنِ وَالْحَاضِنَةِ. والمَحاضنُ: المواضعُ الَّتِي تَحْضُن فِيهَا الْحَمَامَةُ عَلَى بَيْضِهَا، والواحدُ مِحْضَن. وحضَنَ الصبيَّ يَحْضُنه حَضْناً: ربَّاه. والحاضِنُ والحاضِنةُ: المُوَكَّلانِ بالصبيِّ يَحْفَظانِهِ ويُرَبِّيانه. وَفِي حَدِيثِ

عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: عَجِبْتُ لقومٍ طلَبُوا الْعِلْمَ حَتَّى إِذا نَالُوا مِنْهُ صارُوا حُضّاناً لأَبْناء المُلوكِ

أَي مُرَبِّينَ وكافِلينَ، وحُضّانٌ: جمعُ حاضِنٍ لأَن المُرَبِّي والكافِلَ يَضُمُّ الطِّفْلَ إِلى حِضْنِه، وَبِهِ سُمِّيَتِ الحاضنةُ، وَهِيَ الَّتِي تُرَبِّي الطفلَ. والحَضانة، بِالْفَتْحِ: فِعلُها. ونخلةٌ حاضِنةٌ: خَرَجَتْ كَبائِسُها وفارَقتْ كَوافيرَها وقَصُرَت عَراجينُها؛ حَكَى ذَلِكَ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد لِحَبِيبٍ الْقُشَيْرِيِّ:

مِنْ كُلِّ بائنةٍ تُبِينُ عُذُوقَها

عَنْهَا، وحاضِنة لَهَا مِيقار

. وَقَالَ كُرَاعٌ: الحاضِنةُ النخلةُ القصيرةُ العُذوقِ فَهِيَ بائِنة. اللَّيْثُ: احْتَجَنَ فلانٌ بأَمرٍ دُونِي واحْتَضَنَني مِنْهُ وحَضَنَني أَي أَخْرَجَني مِنْهُ فِي نَاحِيَةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ

الأَنصارِ يَوْمَ السَّقيفة حَيْثُ أَرادوا أَن يَكُونَ لَهُمْ شركةٌ فِي الْخِلَافَةِ: فَقَالُوا لأَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه، أَتُريدونَ أَن تَحْضُنونا مِنْ هَذَا الأَمرِ

أَي تُخرِجونا. يُقَالُ: حَضَنْتُ الرجلَ عَنْ هَذَا الأَمر حَضْناً وحَضانةً إِذا نَحَّيْتَه عَنْهُ واسْتَبدَدْتَ بِهِ وَانْفَرَدْتَ بِهِ دُونَهُ كأَنه جعلَه فِي حِضْنٍ مِنْهُ أَي جانبٍ. وحَضَنْتُه عَنْ حَاجَتِهِ أَحْضُنه، بِالضَّمِّ، أَي حَبَسْتُه عَنْهَا، واحتَضَنته عَنْ كَذَا مِثْلَهُ، وَالِاسْمُ الحَضْنُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَضَنَ الرجلَ عن الأَمرِ يَحْضُنُه حَضْناً وحَضانةً واحْتَضَنه خَزَلَه دُونَهُ ومنَعَه مِنْهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عُمَرَ أَيضاً يومَ أَتى سَقِيفةَ بَنِي سَاعِدَةَ للبَيْعة قَالَ: فَإِذَا إِخواننا مِنَ الأَنصار يُريدون أَن يَخْتَزِلوا الأَمرَ دونَنا ويَحْضُنونا عَنْهُ

؛ هَكَذَا رواه ابن جَبَلَةَ وعَليُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنِ أَبي عُبيد، بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ اللَّيْثُ، لأَن اللَّيْثَ جَعَلَ هَذَا الْكَلَامَ للأَنصار، وَجَاءَ بِهِ أَبو عُبيد لعُمَر، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ الَّتِي دَارَ الحديثُ عَلَيْهَا. الْكِسَائِيُّ: حضَنْتُ فُلَانًا عَمَّا يُرِيد أَحْضُنُه حَضْناً وحَضانةً واحتَضَنْتُه إِذا منَعْتَه عَمَّا يُرِيدُ. قَالَ الأَزهري: قَالَ اللَّيْثَ يُقَالُ أَحْضَنَني مِنْ هَذَا الأَمر أَي أَخرَجني مِنْهُ، وَالصَّوَابُ حضَنَني. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ أَوْصَى فَقَالَ: وَلَا تُحْضَنُ زَيْنَبُ عَنْ ذَلِكَ

، يَعْنِي امرأَتَه، أَي لَا تُحْجَبُ عَنِ النظرِ فِي وصِيَّتِه وإِنْفاذِها، وَقِيلَ: مَعْنَى لَا تُحْضَنُ لَا تُحْجَبُ عَنْهُ وَلَا يُقطَعُ أَمرٌ دُونها. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن امرأَة نُعَيْم أَتَتْ رسولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِن نُعَيْماً يُريدُ أَن يَحْضُنَني أَمرَ ابْنَتِي، فَقَالَ: لَا تَحْضُنْها وشاوِرْها.

وحَضَنَ عَنَّا هدِيَّتَه يَحْضُنها حَضْناً: كَفَّها وصَرَفها؛ وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حقيقتُه صَرَفَ معروفَه وهدِيَّته عَنْ جيرانِه ومعارِفه إِلى غَيْرِهِمْ، وَحُكِيَ: مَا حُضِنَت عَنْهُ المروءةُ إِلى غَيْرِهِ أَي مَا صُرِفَت.

(1). قوله [واسم المكان المحضن] ضبط في الأَصل والمحكم كمنبر، وقال في القاموس: واسم المكان كمقعد ومنزل

ص: 123

وأَحْضَنَ بالرَّجُلِ إِحْضاناً وأَحضَنَه: أَزْرَى بِهِ. وأَحْضَنْتُ الرجلَ: أَبْذَيتُ بِهِ. والحِضانُ: أَن تَقْصُرَ إِحدى طُبْيَتَيِ العَنْزِ وتَطولَ الأُخرى جِدًّا، فَهِيَ حَضُونٌ بَيِّنة الحِضان، بِالْكَسْرِ. والحَضُون مِنَ الإِبلِ وَالْغَنَمِ وَالنِّسَاءِ: الشَّطُورُ، وَهِيَ الَّتِي أَحدُ خِلْفَيها أَو ثَدْيَيها أَكبرُ مِنَ الْآخَرِ، وَقَدْ حَضُنَت حِضاناً. والحَضونُ مِنَ الإِبلِ والمِعْزَى: الَّتِي قَدْ ذَهَبَ أَحدُ طُبْيَيها، والاسمُ الحِضانُ؛ هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ، اسْتَعْمَلَ الطُّبْيَ مَكَانَ الخِلْف. والحِضانُ: أَن تكونَ إِحدى الخُصْيَتَينِ أَعظَمَ مِنَ الأُخرى، ورجلٌ حَضونٌ إِذا كَانَ كَذَلِكَ. والحَضون مِنَ الفروجِ: الَّذِي أَحدُ شُفْرَيه أَعظم مِنَ الْآخَرِ. وأَخذَ فلانٌ حقَّه عَلَى حَضْنِه أَي قَسْراً. والأَعنُزُ الحضَنِيَّةُ: ضرْبٌ شديدُ السوادِ، وضربٌ شديدُ الحُمْرة. قَالَ اللَّيْثُ: كأَنها نُسِبَت إِلى حَضَن، وَهُوَ جبَل بقُلَّةِ نجدٍ مَعْرُوفٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

عِمْرانَ بْنِ حُصَينٍ: لَأَنْ أَكونَ عَبْدًا حَبَشِيّاً فِي أَعنُزٍ حضَنِيّاتٍ أَرْعاهُنَّ حَتَّى يُدْرِكَني أَجَلي، أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن أَرميَ فِي أَحدِ الصَّفَّينِ بِسَهْمٍ، أَصبتُ أَم أَخطأْتُ.

والحَضَنُ: العاجُ، فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ. الأَزهري: الحضَنُ نابُ الفِيل؛ وَيُنْشَدُ فِي ذَلِكَ:

تبَسَّمَت عَنْ وَمِيضِ البَرْقِ كاشِرةً،

وأَبرَزَتْ عَنْ هِجانِ اللَّوْنِ كالحَضَنِ

. وَيُقَالُ للأَثافيِّ: سُفْعٌ [حواضِنُ] أَي جَواثِم؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:

وسُفْعٌ عَلَى مَا بينَهُنَّ حَواضِن

يَعْنِي الأَثافيَّ والرَّمادَ. وحَضَنٌ: اسمُ جَبَلٍ فِي أَعالي نَجْدٍ. وَفِي الْمَثَلِ السَّائِرِ: أَنْجَدَ منْ رأَى حَضَناً أَي مَن عايَنَ هَذَا الجَبَلَ فَقَدْ دَخل فِي نَاحِيَةِ نجدٍ. وحَضَنٌ: قبيلةٌ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:

فَمَا جَمَّعْتَ مِنْ حَضَنٍ وعَمْروٍ،

وَمَا حَضَنٌ وعَمروٌ والجِيادا «1»

. وحَضَنٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ:

يَا حَضَنُ بنَ حَضَنٍ مَا تَبْغون

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وحُضَينٌ هُوَ الحُضَينُ بْنُ المُنذِرِ أَحد بَنِي عَمْرِو بْنِ شَيبان بْنِ ذُهْلٍ؛ وَقَالَ أَبو الْيَقْظَانِ: هُوَ حُضَيْنُ بْنُ المنذر بن الحرث بْنُ وَعلَة بْنِ المُجالِدِ بْنِ يَثْرَبيّ بْنِ رَيّان بْنُ الْحَرْثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ شَيبانَ بْنِ ذُهل أَحد بَنِي رَقَاشِ، وَكَانَ شَاعِرًا؛ وَهُوَ الْقَائِلُ لِابْنِهِ غَيّاظ:

وسُمِّيتَ غَيّاظاً، ولَستَ بغائِظٍ

عَدُوّاً، ولكِنَّ الصَّدِيقَ تَغيظُ

عَدُوُّكَ مَسرورٌ، وَذُو الوُدِّ، بِالَّذِي

يَرَى منكَ مِنْ غَيْظٍ، عليكَ كَظِيظُ.

وَكَانَتْ مَعَهُ رايةُ عَلِيِّ بْنِ أَبي طالبٍ، رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، يَوْمَ صِفِّينَ دَفَعَهَا إِليه وعُمْرُهُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ وَفِيهِ يَقُولُ:

لِمَنْ رايَةٌ سَوْداءُ يَخْفِقُ ظِلُّها،

إِذا قِيلَ: قَدِّمْها حُضَينُ، تَقَدَّما؟

ويُورِدُها للطَّعْنِ حَتَّى يُزِيرَها

حِياضَ المَنايا، تَقطُر الموتَ والدَّما.

حطن: التَّهْذِيبُ: أَهمله اللَّيْثُ. والحِطّانُ: التَّيْسُ، فإِن كَانَ فِعّالًا مِثْلَ كِذّابٍ مِنَ الكَذِب فَالنُّونُ أَصلية مِنْ حَطَنَ، وإِن جَعَلْتَهُ فِعْلاناً فَهُوَ مِنَ الحطِّ، وَاللَّهُ أَعلم.

(1). قوله [فما جمعت] في المحكم: بما جمعت. وقوله: والجيادا، لعله نُصب على جعله إِياه مفعولًا معه

ص: 124

حفن: الحَفْنُ: أَخذُكَ الشيءَ بِرَاحَةِ كَفِّكَ والأَصابعُ مضمومةٌ، وَقَدْ حَفَنَ لَهُ بِيَدِهِ حَفْنةً. وحَفَنْتُ لِفُلَانٍ حَفْنَةً: أَعطيتُه قَلِيلًا، وملْءُ كلِّ كفٍّ حَفْنةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ

أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه، فِي حَدِيثِ الشَّفاعةِ: إِنما نَحْنُ حَفْنَةٌ مِنْ حَفَناتِ اللَّهِ

؛ أَراد إِنَّا عَلَى كَثرتِنا قليلٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ كالحَفْنةِ أَي يَسِيرٌ بالإِضافة إِلى مُلْكِه وَرَحْمَتِهِ، وَهِيَ مِلْءُ الكَفِّ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ وَالتَّمْثِيلِ، تَعَالَى اللَّهِ عز وجل عَنِ التَّشْبِيهِ؛ وَهُوَ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ:

حَثْية مِنْ حَثَياتِ رَبِّنا.

الْجَوْهَرِيُّ: الحَفْنةُ مِلْءُ الكَفَّين مِنْ طَعَامٍ. وحَفَنْتُ الشَّيْءَ إِذَا جَرَفْتَه بكِلْتَا يَدَيْكَ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ الشَّيْءِ الْيَابِسِ كَالدَّقِيقِ وَنَحْوِهِ. وحَفَن الماءَ عَلَى رأْسه: أَلقاه بحَفْنَتِه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وحَفَنَ لَهُ مِنْ مَالِهِ حَفْنةً: أَعطاه إِيَّاهَا. وَرَجُلٌ مِحْفَنٌ: كَثِيرُ الحَفْنِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الأَول وَمِنَ الثَّانِي. واحتَفَنَ الشيءَ: أَخذَه لِنَفْسِهِ. وَيُقَالُ: حَفَنَ لِلْقَوْمِ وحَفَا المالَ إِذَا أَعطى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَفْنةً وحَفْوَةً. واحْتَفَنَ الرجلَ احتِفاناً: اقْتَلَعه مِنَ الأَرض. والحُفْنةُ، بِالضَّمِّ: الحُفْرَةُ يَحْفِرُها السيلُ فِي الغَلْظِ فِي مَجرَى الْمَاءِ، وَقِيلَ: هِيَ الحُفْرَةُ أَينما كَانَتْ، وَالْجَمْعُ الحُفَنُ؛ وأَنشد شَمِرٌ:

هَلْ تَعْرِفُ الدارَ تعَفَّتْ بالحُفَنْ

. قَالَ: وَهِيَ قَلْتاتٌ يَحْتَفِرُهَا الْمَاءُ كَهَيْئَةِ البِرَك. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الحُفَنُ نُقَرٌ يَكُونُ الْمَاءُ فِيهَا، وَفِي أَسفلها حَصًى وترابٌ؛ قَالَ: وأَنشدني الإِياديُّ لِعَديِّ بْنِ الرِّقاعِ العامِليِّ:

بِكْر يُرَبِّثُها آثارُ مُنْبَعِقٍ،

تَرَى بِهِ حُفَناً زُرْقاً وغُدْرانا

. وَكَانَ مِحْفَنٌ أَبا بَطْحاءَ، نُسِبَ إِلَيْهِ الدوابُّ البَطْحاوِيَّة. والحَفّانُ: فِراخُ النَّعَامِ، وَهُوَ مِنَ الْمُضَاعَفِ وَرُبَّمَا سَمَّوا صغارَ الإِبل حَفّاناً، وَالْوَاحِدَةُ حَفّانة لِلذَّكَرِ والأُنثى جَمِيعًا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

والحَشْوُ مِنْ حَفّانِها كالحَنْظَلِ

وشاهدُه لفِراخِ النَّعَامِ قولُ الهُذَليِّ:

وإلَّا النَّعامَ وحَفَّانَه،

وطُغْياً مَعَ اللَّهَقِ الناشِطِ

وبنو حُفَينٍ: بطن. وفي الحديث:

أَن المُقَوْقِسَ أَهدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مارِيَةَ من حَفْنٍ

؛ هِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الفاء والنون، قرية من صعيد مصر، ولها ذكر في حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عليٍّ مع معاوية.

حفتن: حَفَيْتَنٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ كُثيِّر عَزَّةَ:

فَقَدْ فُتْنَني لمَّا وَرَدْنَ حَفَيْتَناً،

وهُنَّ عَلَى ماءِ الحُراضَةِ أَبْعَدُ «2» .

حقن: حَقَنَ الشَّيءَ يَحْقُنُه ويَحْقِنُه حَقْناً، فَهُوَ مَحْقُونٌ وحَقِينٌ: حَبَسه. وَفِي الْمَثَلِ: أَبَى الحَقِينُ العِذْرةَ أَي العُذْر، يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَعْتَذِر وَلَا عُذْرَ لَهُ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَصل ذَلِكَ أَن رَجُلًا ضافَ قَوْمًا فاستَسْقاهم لَبَناً، وَعِنْدَهُمْ لبنٌ قَدْ حَقَنُوه فِي وَطْبٍ، فاعْتَلُّوا عَلَيْهِ واعْتَذَروا، فَقَالَ أَبَى الحَقينُ العِذْرةَ أَي أَن هَذَا الحقينَ يُكَذِّبُكم؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي الحَقين للمُخبَّل:

وَفِي إبلٍ ستِّينَ حَسْبُ ظَعِينة،

يَرُوحُ عَلَيْهَا مَخْضُها وحَقينُها

. وحَقَنَ اللبنَ فِي القِرْبة والماءَ فِي السِّقَاءِ كَذَلِكَ.

(2). قوله [الحراضة] في ياقوت هو بالفتح ثم التخفيف ماء لجشم، وقد روي بالضم

ص: 125

وحقَنَ البَوْلَ يَحقُنُه ويَحْقِنُه: حَبَسه حَقْناً، وَلَا يُقَالُ أَحْقَنه وَلَا حَقَنَني هُوَ. وأَحْقَنَ الرجلُ إِذَا جَمَعَ أَنواع اللَّبَنِ حَتَّى يَطِيب. وأَحْقَنَ بولَه إِذَا حَبَسه. وبعيرٌ مِحْقانٌ: يَحْقِنُ البولَ، فَإِذَا بالَ أَكثرَ، وَقَدْ عَمَّ بِهِ الجوهريُّ فَقَالَ: والمِحْقانُ الَّذِي يَحْقِنُ بَوْلَهُ، فإِذا بالَ أَكثرَ مِنْهُ. واحْتَقَنَ المريضُ: احتبَسَ بَوْله. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا رأْيَ لحاقِبٍ وَلَا حاقِن

، فالحاقِنُ فِي الْبَوْلِ، والحاقِبُ فِي الْغَائِطِ، والحاقنُ الَّذِي لَهُ بولٌ شَدِيدٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وَهُوَ حاقِنٌ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

وَهُوَ حَقِنٌ

، حَتَّى يتخفَّفَ الحاقِنُ والحَقِنُ سواءٌ. والحُقْنةُ: دواءٌ يُحْقَنُ بِهِ المريضُ المُحْتَقِنُ، واحْتَقَنَ المريضُ بالحُقْنةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَنه كَرِه الحُقْنةَ

؛ هِيَ أَن يُعطى المريضُ الدواءَ مِنْ أَسفلِه وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ الأَطِبّاء. والحاقِنةُ: المَعِدة صِفَةٌ غَالِبَةٌ لأَنها تحْقِنُ الطعامَ. قَالَ الْمُفَضَّلُ: كلَّما مَلأْتَ شَيْئًا أَو دَسَسْتَه فِيهِ فَقَدْ حقَنْتَه؛ وَمِنْهُ سمِّيت الحُقْنة. والحاقِنةُ: مَا بَيْنَ التَّرْقُوة والعُنُق، وَقِيلَ: الحاقِنتانِ مَا بَيْنَ التَّرْقُوَتين وحَبْلَي العاتِق، وَفِي التَّهْذِيبِ: نُقْرَتا التَّرْقُوتين، وَالْجَمْعُ الحواقِنُ، وَفِي الصِّحَاحِ: الحاقِنةُ النُّقْرَةُ الَّتِي بَيْنَ التَّرْقُوَةِ وَحَبْلِ العاتِق، وَهُمَا حاقِنتان. وَفِي الْمَثَلِ: لأُلْزِقَنَّ حَواقِنَكَ بذَواقِنِك؛ حَواقِنُه: مَا حَقَن الطعامَ مِنْ بَطْنِه، وذواقِنُه: أَسفَل بَطْنه ورُكْبَتاه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الحَواقِنُ مَا سَفُلَ مِنَ الْبَطْنِ، والذَّواقِنُ مَا عَلا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ الحاقِنَتان الهَزْمَتانِ تَحْتَ التَّرْقُوَتَيْنِ، وَقَالَ الأَزهري فِي هَذَا الْمَثَلِ: لأُلْحِقَنَّ حواقِنَك بذواقِنِك، وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي الحاقِنةُ المَعِدة، والذاقِنةُ الذَّقَنُ، وَقِيلَ: الذاقِنةُ طَرَفُ الحُلْقوم. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: تُوفِّي رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بَيْنَ سَحْرِي ونَحْري، وَبَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي وَبَيْنَ شَجْري

، وَهُوَ مَا بَيْنَ اللَّحْيَين. الأَزهري: الحاقِنةُ الوَهْدة الْمُنْخَفِضَةُ بَيْنَ التَّرْقُوتين مِنَ الحَلْق. ابْنُ الأَعرابي: الحَقْلَةُ والحَقْنةُ وجعٌ يَكُونُ فِي الْبَطْنِ، وَالْجَمْعُ أَحْقالٌ وأَحْقانٌ. وحَقَنَ دَمَ الرجلِ: حَلَّ بِهِ القتلُ فأَنْقذَه. واحْتَقَنَ الدَّمُ: اجْتَمَعَ فِي الْجَوْفِ. قَالَ الْمُفَضَّلُ: وحقَنَ اللهُ دمَه حَبَسه فِي جِلْدِهِ ومَلأَه بِهِ؛ وأَنشد فِي نعتِ إِبِلٍ امتلأَتْ أَجوافُها:

جُرْداً تَحَقَّنَتْ النَّجِيلَ، كأَنما

بجلُودِهِنَّ مدارجُ الأَنْبار

. قَالَ اللَّيْثُ: إِذَا اجْتَمَعَ الدمُ فِي الْجَوْفِ مِنْ طَعْنةٍ جائفةٍ تَقُولُ احْتَقَنَ الدمُ فِي جَوْفِهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

فحَقَنَ لَهُ دَمَه.

يُقَالُ: حَقَنْتُ لَهُ دَمَه إِذَا مَنَعْتَ مِنْ قَتْلِه وإراقَتِه أَي جَمعْتَه لَهُ وحبَسْتَه عَلَيْهِ. وحقَنْتُ دَمه: منعتُ أَن يُسْفَك. ابْنُ شُمَيْلٍ: المُحْتقِنُ مِنَ الضُّروع الْوَاسِعُ الفَسيحُ، وَهُوَ أَحسنُها قَدْرًا، كأَنما هُوَ قَلْتٌ مُجْتَمِعٌ مُتَصعِّد حسنٌ، وَإِنَّهَا لمُحْتقِنةُ الضرعِ. ابْنُ سِيدَهْ: وحقَن اللبنَ فِي السِّقاء يَحْقُنُه حَقْناً صبَّه فِيهِ ليُخرج زُبْدَتَه. والحَقينُ: اللبنُ الَّذِي قَدْ حُقِنَ فِي السِّقاء، حَقنْتُه أَحْقُنُه، بِالضَّمِّ: جَمَعْتُهُ فِي السِّقَاءِ وَصَبَبْتُ حليبَه عَلَى رائِبه، وَاسْمُ هَذَا اللَّبَنِ الحَقينُ. والمِحْقَنُ: الَّذِي يُجعل فِي فمِ السِّقاءِ والزِّقّ ثُمَّ يُصب فِيهِ الشَّرَابُ أَو الْمَاءُ. قَالَ الأَزهري: المِحْقن القِمَعُ الَّذِي يُحْقَن بِهِ اللبنُ فِي السِّقَاءِ، وَيَجُوزُ أَن يُقَالَ لِلسِّقَاءِ نَفْسِهِ مِحْقَن، كَمَا يُقَالُ لَهُ مِصْرَب ومِجزَم، قَالَ: وَكُلُّ ذَلِكَ مَحْفُوظٌ عَنِ الْعَرَبِ. واحْتَقنَتِ الرَّوْضةُ: أَشرفت جوانبُها عَلَى سَرارِها؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.

ص: 126

حلن: الحُلّانُ: الجدْي، وَقِيلَ: هُوَ الجَدْيُ الَّذِي يُشَقُّ عَلَيْهِ بَطْنُ أُمه فَيَخْرُجُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ فُعّالٌ مُبْدَلٌ مِنْ حُلّام، وَهُمَا بِمَعْنًى؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

فِداكَ كلُّ ضَئِيلِ الجِسْمِ مُخْتَشِع

وَسْطَ المَقامةِ، يَرْعى الضَّأْنَ أَحياناً

تُهْدَى إِلَيْهِ ذِراعُ الجَدْي تَكْرِمةً،

إِمَّا ذَبِيحًا، وَإِمَّا كَانَ حُلّانا.

يُرِيدُ: أَن الذِّرَاعَ لَا تُهْدَى إِلَّا لِمَهينٍ ساقطٍ لقلَّتها وَحَقَارَتِهَا، وَرُوِيَ:

إِمَّا ذَكِيًّا، وَإِمَّا كَانَ حُلّانا.

والذَّبيحُ: الْكَبِيرُ الَّذِي قَدْ أَدرك أَن يُضَحَّى بِهِ وَصَلَحَ أَن يُذْبح للنُّسك. والحُلَّان: الجدْيُ الصَّغِيرُ وَلَا يَصْلُحُ للنُّسُك وَلَا للذَّبْح، وَقِيلَ: الذَّكيُّ الَّذِي ماتَ، وَإِنَّمَا جَازَ أَكْلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لأَنه لَمَّا وُلِد جُعِل فِي أُذنه حَزٌّ، عَلَى مَا نَشْرَحُهُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَإِنْ جَعَلْتَهُ مِنَ الْحَلَالِ فَهُوَ فُعْلان، وَالْمِيمُ مُبْدَلَةٌ مِنْهُ؛ وَقَالَ الأَصمعي: الحُلَّامُ والحُلَّان، بِالْمِيمِ وَالنُّونِ، صِغار الْغَنَمِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الحُلَّان الحَمَل الصَّغِيرُ يَعْنِي الْخَرُوفَ، وَقِيلَ: الحُلَّان لُغَةٌ فِي الحُلّام كأَنَّ أَحَدَ الْحَرْفَيْنِ بدلٌ مِنْ صَاحِبِهِ، قَالَ: فإِن كَانَ ذَلِكَ فَهُوَ ثلاثيٌّ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه قَضى فِي فِداءِ الأَرنب، إِذَا قتلَه المُحْرِم، بِحُلَّان

، هُوَ الحُلَّام، وَقَدْ فُسِّر فِي الْحَدِيثِ أَنه الحَمَل. الأَصمعي: وَلد الْمِعْزَى حُلَّامٌ وحُلَّان. ابْنُ الأَعرابي: الحُلَّام والحُلَّان وَاحِدٌ، وَهُمَا مَا يُولد مِنَ الْغَنَمِ صَغِيرًا، وَهُوَ الَّذِي يَخُطُّون عَلَى أُذنه إِذَا وُلِدَ خَطّاً فَيَقُولُونَ ذَكَّيْناه، فَإِنْ مَاتَ أَكَلوه. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: ذُكِرَ أَن أَهل الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا إِذَا وَلَّدوا شَاةً عَمَدوا إِلَى السَّخْلَةِ فشَرَطوا أُذنَها وَقَالُوا وَهُمْ يَشْرِطون: حُلَّان حُلَّان أَي حَلالٌ بِهَذَا الشَّرْط أَن تُؤْكَلَ، فَإِنْ مَاتَتْ كَانَ ذكاتُها عِنْدَهُمْ ذَلِكَ الشرْط الَّذِي تقدَّم، وَهُوَ مَعْنَى قول ابن أَحمر، قَالَ: وسُمّي حُلّاناً إِذَا حُلَّ مِنَ الرّبْق فأَقبَل وأَدْبر، وَنُونُهُ زَائِدَةٌ، وَوَزْنُهُ فُعْلان لَا فُعّال. وَفِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ، رضي الله عنه: أَنه قَضَى فِي أُم حُبَينٍ يقتُلها المُحْرِم بحُلَّان

، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:

ذُبِح عثمانُ كَمَا يُذْبَح الحُلَّانُ

أَي أَن دَمَهُ أُبْطِل كَمَا يُبْطَل دمُ الحلَّان. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ فِي الضَّبِّ حُلَّانٌ، وَفِي اليَرْبُوع جَفْرة. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي الحُلَّان: إِنَّ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ أَحدهم إِذَا وُلِد لَهُ جَدْيٌ حَزَّ فِي أُذنه حَزّاً وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ عَاشَ فقَنيٌّ، وَإِنْ مَاتَ فذَكِيٌّ، فَإِنْ عَاشَ فَهُوَ الَّذِي أَراد، وَإِنْ مَاتَ قَالَ قَدْ ذكيْتُه بالحُزِّ فَاسْتَجَازَ أَكله بِذَلِكَ؛ وَقَالَ مُهَلْهِل:

كلُّ قَتيلٍ فِي كُلَيبٍ حُلَّانْ،

حَتَّى يَنالَ القَتْلُ آلَ شَيْبانْ.

وَيُرْوَى: حُلَّام وآلَ هَمَّام، وَمَعْنَى حُلَّان هَدَرٌ وفِرْغٌ. وحُلْوان الْكَاهِنُ: مِنَ الحَلاوة، نذكره في حلا.

حلزن: الحَلَزُون: دَابَّةٌ تَكُونُ فِي الرِّمْث، بِفَتْحِ الْحَاءِ واللام.

حلقن: الحُلْقانةُ والحُلْقانُ مِنَ البُسْر: مَا بَلَغَ الإِرْطابُ ثلُثَيه، وَقِيلَ: الحُلْقانةُ لِلْوَاحِدِ، والحُلْقان لِلْجَمْعِ، وَقَدْ حَلْقَن البُسْرُ، وَهُوَ مُحَلْقِن إِذَا بلغ الإِرْطابُ ثلثيه، وقيل: نُونُهُ زَائِدَةٌ. ورُطَبٌ مُحَلقِمٌ ومحَلقِنٌ، وَهِيَ الحُلقانةُ والحُلقامةُ، وَهِيَ الَّتِي بَدَا فِيهَا النضْجُ مِنْ قِبَل قِمَعها، فإِذا أَرطبتْ مِنْ قِبَل الذَّنَب فَهِيَ التَّذْنوبةُ. أَبو عُبَيْدٍ: يُقَالُ للبُسْر إِذَا بَدَا فِيهِ الإِرْطاب مِنْ قِبَل ذنَبه مُذَنّب، فإِذا

ص: 127

بَلَغَ فِيهِ الإِرْطابُ نِصْفَهُ فهو مُجَزَّعٌ، فإِذا بلغ ثلثيه فهو حُلْقان ومُحَلقِن.

حمن: الحَمْن والحَمْنانُ: صِغَارُ القِرْدان، وَاحِدَتُهُ حَمْنة وحَمْنانة. وأَرض مُحْمِنة: كَثِيرَةُ الحَمْنان. والحَمْنانُ: ضربٌ مِنْ عِنَبِ الطَّائِفِ، أَسود إِلَى الْحُمْرَةِ «1» . قَلِيلُ الْحَبَّةِ، وَهُوَ أَصغر الْعِنَبِ حَبًّا، وَقِيلَ: الحَمْنان الحبُّ الصِّغَارُ الَّتِي بَيْنَ الْحَبِّ العِظام. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَمْنانةُ قُراد، وَفِي التَّهْذِيبِ: القُراد أَول مَا يَكُونُ وَهُوَ صَغِيرٌ لَا يَكَادُ يُرى مِنْ صِغَرِهِ، يُقَالُ لَهُ قَمْقامة، ثُمَّ يَصِيرُ حَمْنانة، ثُمَّ قُرَادًا، ثُمَّ حَلَمة، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: ثُمَّ علٌّ وطِلحٌ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: كَمْ قَتَلْتَ مِنْ حَمْنانةٍ

؛ هو من ذَلِكَ. وحَمْنةُ، بِالْفَتْحِ، اسْمُ امرأَة؛ قِيلَ: هِيَ أَحد الْجَائِينَ عَلَى عَائِشَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا، بالإِفك. والحَوْمانةُ: وَاحِدَةُ الحَوامين، وَهِيَ أَماكن غِلَاظٌ مُنقادة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ:

أَمِنْ آلِ أَوفى دِمْنةٌ لَمْ تَكَلَّمِ

بحَوْمانةِ الدَّرَّاجِ، فالمُتَثَلَّم

. وَلَمْ يَرْوِ أَحدٌ بحَوْمانة الدُّرَّاج، بِضَمِّ الدَّالِّ، إلَّا أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ بِفَتْحِ الدَّالِ. والدُّرّاج الَّذِي هُوَ الحَيْقُطان: مَضْمُومٌ عِنْدَ النَّاسِ كُلِّهِمْ إِلَّا ابْنَ دُرَيْدٍ، فإِنه فَتَحَهَا، قَالَ أَبو خَيرة: الحَوْمانُ وَاحِدَتُهَا حَوْمانة، وَجَمْعُهَا حوامِين، وَهِيَ شقائقُ بين الجبال، وهي أَطيبُ الحُزونة، وَلَكِنَّهَا جَلَدٌ لَيْسَ فيها آكام ولا أَبارِق. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الحَوْمان مَا كَانَ فَوْقَ الرَّمل وَدُونَهُ حِينَ تَصْعَدُهُ أَو تَهبطه، وحَمْنانُ مكّةُ؛ قَالَ يَعْلى بْنُ مُسْلم بْنِ قَيْسٍ الشَّكْريّ:

فَليْتَ لَنَا، مِنْ ماءِ حَمْنان، شَرْبةً

مُبَرَّدةً باتَتْ عَلَى طَهَيان

. والطَّهيَان: خَشَبَةٌ يُبرَّد عَلَيْهَا الْمَاءُ. وشَكْرٌ: قَبِيلَةٌ مِنَ الأَزد.

حنن: الحَنّانُ: مِنْ أَسماء اللَّهِ عز وجل. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الحَنّانُ، بِتَشْدِيدِ النُّونِ، بِمَعْنَى الرَّحِيمِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: الحَنَّانُ الرَّحِيمُ بعبادِه، فعّالٌ مِنَ الرَّحْمَةِ لِلْمُبَالَغَةِ؛ الأَزهري: هُوَ بِتَشْدِيدِ النُّونِ صَحِيحٌ، قَالَ: وَكَانَ بعضُ مشايِخنا أَنكر التَّشْدِيدَ فِيهِ لأَنه ذهَب بِهِ إِلَى الحَنين، فاسْتَوحش أَن يَكُونَ الحَنين مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا مَعْنَى الحَنّان الرَّحِيمُ مِنَ الحَنان، وَهُوَ الرَّحْمَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا

؛ أَي رَحْمة منْ لَدُنّا؛ قال أَبو إسحق: الحَنَّانُ فِي صِفَةِ اللَّهِ، هُوَ بِالتَّشْدِيدِ، ذُو الرَّحمة والتعطُّفِ. وَفِي حَدِيثِ

بِلَالٍ: أَنه مَرَّ عَلَيْهِ ورقةُ بْنُ نوْفَل وَهُوَ يُعَذَّب فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ قَتَلْتُموه لأَتَّخِذَنَّه حَناناً

؛ الحَنانُ: الرحمةُ والعطفُ، والحَنَانُ: الرِّزْقُ والبركةُ، أَراد لأَجْعَلَنَّ قَبْرَه موضعَ حَنانٍ أَي مَظِنَّةً منْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فأَتَمَسَّحُ بِهِ مُتَبَرِّكًا، كَمَا يُتمسَّح بِقُبُورِ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ قُتلوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنَ الأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، فَيَرْجِعُ ذَلِكَ عَارًا عَلَيْكُمْ وسُبَّةً عِنْدَ النَّاسِ،

وَكَانَ ورقةُ عَلَى دِينِ عِيسَى، عليه السلام، وَهَلَكَ قُبَيْل مَبْعَثِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، لأَنه قَالَ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، إِن يُدْرِكْنِي يَوْمُك لأَنْصُرَنَّكَ نَصْراً مُؤَزَّراً

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير. وَفِي هَذَا نظرٌ فَإِنَّ بِلَالًا مَا عُذِّب إِلَّا بَعْدَ أَن أَسْلَمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمة وَعِنْدَهَا غلامٌ يُسَمَّى الوليدَ، فَقَالَ: اتَّخَذْتُمْ الوليدَ حَناناً غَيِّرُوا اسمَه

أَي تَتَعَطَّفُون عَلَى هَذَا الِاسْمِ فَتُحِبُّونه، وَفِي رِوَايَةٍ:

(1). قوله [إلى الحمرة] في المحكم: إلى الغبرة

ص: 128

أَنه مِنْ أَسماء الفَراعِنة، فكَرِه أَن يُسَمَّى بِهِ.

والحَنانُ، بِالتَّخْفِيفِ: الرَّحْمَةُ. تَقُولُ: حَنَّ عَلَيْهِ يَحِنُّ حَناناً؛ قَالَ أَبو إِسْحَقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا

؛ أَي وآتَيْناه حَناناً؛ قَالَ: الحَنانُ العَطْفُ وَالرَّحْمَةُ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ: فَقَالَتْ:

حَنانٌ مَا أَتى بِكِ هَاهُنا؟

أَذُو نَسَبٍ أَمْ أَنْتَ بالحَيِّ عارِفُ؟

أَي أَمْرِي حَنانٌ أَو مَا يُصيبُنا حَنانٌ أَي عَطْفٌ وَرَحْمَةٌ، وَالَّذِي يُرْفَع عَلَيْهِ غَيْرُ مستعمَل إظهارُه. وَقَالَ الفَراء فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: وحَناناً مِنْ لَدُنَّا الرحمةُ؛ أَي وَفِعْلُنَا ذَلِكَ رَحْمةً لأَبَوَيْك. وَذَكَرَ

عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنه قَالَ: مَا أَدْري مَا الحَنانُ.

والحَنينُ: الشديدُ مِنَ البُكاءِ والطَّرَبِ، وَقِيلَ: هُوَ صوتُ الطَّرَبِ كَانَ ذَلِكَ عَنْ حُزْنٍ أَو فَرَحٍ. والحَنِينُ: الشَّوْقُ وتَوَقانُ النَّفس، والمَعْنَيان مُتَقَارِبَانِ، حَنَّ إِلَيْهِ يَحِنُّ حَنِيناً فَهُوَ حانٌّ. والاسْتِحْنانُ: الاسْتِطْرابُ. واسْتَحَنَّ: اسْتَطْرَبَ: وحَنَّت الإِبلُ: نَزَعَتْ إِلَى أَوْطانِها أَو أَوْلادِها، والناقةُ تَحِنُّ فِي إِثْرِ ولَدِها حَنِيناً تَطْرَب مَعَ صَوْت، وَقِيلَ: حَنِينُها نِزَاعُها بصوتٍ وبغير يصوتٍ والأَكثر أَن الحَنين بالصَّوْتِ. وتَحَنَّنَت النّاقةُ عَلَى ولدِها: تَعَطَّفَت، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: حنينُ النَّاقَةِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: حَنِينُها صوْتُها إِذَا اشْتَاقَتْ إِلَى وَلَدِها، وحَنينُها نِزَاعُها إِلَى وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

حَنَّت قَلُوصِي أَمْسِ بالأُرْدُنِّ،

حِنِّي فَمَا ظُلِّمْتِ أَن تَحِنِّي

. يُقَالُ: حَنَّ قَلْبي إِليه فَهَذَا نِزاعٌ واشْتِياق مِنْ غَيْرِ صَوْتٍ، وحَنَّت النّاقةُ إِلى أُلَّافِها فَهَذَا صوتٌ مَعَ نِزاعٍ، وَكَذَلِكَ حَنَّتْ إِلى وَلَدِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

يُعارِضْنَ مِلْواحاً كأَنَّ حَنِينَها،

قُبَيْلَ انْفِتاقِ الصُّبْحِ، تَرْجِيعُ زامِرِ

. وَيُقَالُ: حَنَّ عَلَيْهِ أَي عَطَف. وحَنَّ إِليه أَي نزَعَ إِليه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يُصَلِّي فِي أَصل أُسْطُوانةِ جِذْعٍ فِي مَسْجِدِهِ، ثُمَّ تحوَّلَ إِلى أَصلِ أُخرى، فحنَّتْ إِليه الأُولى وَمَالَتْ نحوَه حَتَّى رجَع إِليها فاحْتَضَنها فَسَكَنَتْ.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

أَنه كَانَ يصلِّي إِلى جذْعٍ فِي مَسْجِدِهِ، فَلَمَّا عُمِلَ لَهُ المِنْبَرُ صَعِدَ عَلَيْهِ فحَنَّ الجِذْعُ إِليه

أَي نَزَع وَاشْتَاقَ، قَالَ: وأَصلُ الحَنِينِ ترجيعُ النَّاقَةِ صوْتَها إِثْرَ وَلَدِهَا. وتحانَّت: كحنَّتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ يعقوبُ فِي بَعْضِ شُرُوحِهِ، وَكَذَلِكَ الحَمامَةُ والرجلُ؛

وَسَمِعَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، بِلالًا يُنشِد:

أَلا لَيْتَ شِعْري هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً

بوادٍ وحَوْلي إِذْخِرٌ وجَليلُ؟

فَقَالَ لَهُ: حَنَنْتَ يَا ابنَ السَّوْداء.

والحَنَّانُ: الَّذِي يَحِنُّ إِلى الشَّيْءِ. والحِنَّةُ، بِالْكَسْرِ: رقَّةُ القلبِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَفِي حَدِيثِ

زَيْدِ بْنِ عَمْرو بْنِ نُفَيل: حَنانَيْكَ يَا رَبِ

أَي ارْحَمْني رَحْمَةً بَعْدَ رَحْمَةٍ، وَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ المُثنَّاة الَّتِي لَا يَظْهر فعْلُها كلَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، وَقَالُوا: حَنانَك وحَنانَيْك أَي تَحَنُّناً عليَّ بَعْدَ تَحَنُّن، فَمَعْنَى حَنانَيْك تَحَنَّنْ عليَّ مرَّة بعد أُخرى وحَنانٍ بعد حَناناٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَقُولُ كلَّما كنْتُ فِي رحمةٍ مِنْكَ وخيرٍ فَلَا يَنْقَطِعنَّ،

ص: 129

ولْيَكُنْ مَوْصُولًا بآخرَ مِنْ رحمتِك، هَذَا مَعْنَى التَّثْنِيَةِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا الضَّرْبِ؛ قَالَ طَرَفَةُ:

أَبا مُنْذِرٍ، أَفْنَيْتَ فاسْتَبْقِ بَعْضَنا،

حَنانَيْكَ، بعضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بعضِ

. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُسْتَعْمل مُثَنًّى إِلا فِي حَدِّ الإِضافة. وَحَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: حَنانَيْكَ يَا فُلَانُ افْعَلْ كَذَا وَلَا تَفْعَلْ كَذَا، يذكِّرُه الرَّحمةَ والبِرَّ، وأَنشد بَيْتَ طَرَفَةَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ قَالُوا حَناناً فصَلُوه مِنَ الإِضافة فِي حَدِّ الإِفْراد، وكلُّ ذَلِكَ بدلٌ مِنَ اللَّفْظِ بِالْفِعْلِ، وَالَّذِي يَنْتَصِبُ عَلَيْهِ غيرُ مستعمَلٍ إِظهارُه، كَمَا أَنَّ الَّذِي يَرْتَفِعُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: حَنانَك يَا رَبِّ وحَنانَيْك بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي رحمتَك، وَقَالُوا: سبحانَ اللَّهِ وَحَنانَيْه أَي واسْتِرْحامَه، كَمَا قَالُوا: سبحانَ اللَّهِ ورَيْحانَه أَي اسْتِرْزاقَه؛ وَقَوْلُ إِمرئ الْقَيْسِ:

ويَمْنَعُها بَنُو شَمَجَى بنِ جَرْم

مَعِيزَهُمُ، حَنانَك ذَا الحَنانِ

. فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: مَعْنَاهُ رَحمتَك يا رحمنُ فأَغْنِني عَنْهُمْ، وَرَوَاهُ الأَصمعي: ويَمْنَحُها أَي يُعْطِيها، وفسَّر حَنانَك بِرَحْمَتِكَ أَيضاً أَي أَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رحمتَك وَرِزْقَكَ، فروايةُ ابْنِ الأَعرابي تَسَخُّطٌ وذمٌّ، وَكَذَلِكَ تَفْسِيرُهُ، وروايةُ الأَصمعي تَشكُّرٌ وحمدٌ ودعاءٌ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ تَفْسِيرُهُ، وَالْفِعْلُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِ، وَهُوَ التحنُّنُ. وتَحَنَّنْ عَلَيْهِ: ترحَّمْ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للحُطَيْئة:

تَحَنَّنْ عليَّ، هَداك المَلِيك،

فإِن لكلِّ مقامٍ مَقَالَا

. والحَنانُ: الرحمةُ، والحَنانُ: الرِّزق. والحَنانُ: الْبَرَكَةُ. والحَنانُ: الهَيْبَةُ. والحَنانُ: الوَقار. الأُمَوِيُّ: مَا نَرَى لَهُ حَناناً أَي هَيْبَةً. والتَّحنُّنُ: كالحَنانِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه، لَمَّا قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبةَ بنِ أَبي مُعَيْطٍ: أُقْتَلُ مِنْ بَيْنِ قُرَيش، فَقَالَ عُمَرُ: حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ مِنْهَا

؛ هُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ يَنْتَمي إِلى نسبٍ لَيْسَ مِنْهُ أَو يَدَّعي مَا لَيْسَ مِنْهُ فِي شَيْءٍ، والقِدْحُ، بِالْكَسْرِ: أَحدُ سِهام المَيْسِر، فإِذا كَانَ مِنْ غَيْرِ جَوْهَرِ أَخَواتِه ثُمَّ حرَّكها المُفيض بِهَا خَرَجَ لَهُ صوتٌ يخالِف أَصواتَها فعُرِفَ بِهِ؛ وَمِنْهُ

كِتَابُ عليٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، إِلى مُعَاوِيَةَ: وأَما قَوْلُكَ كَيْتَ وكَيْتَ فَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ مِنْهَا.

والحَنُونُ مِنَ الرِّيَاحِ: الَّتِي لَهَا حَنِينٌ كحَنِين الإِبِل أَي صَوْتٌ يُشْبِه صَوْتَها عِنْدَ الحَنِين؛ قَالَ النَّابِغَةُ:

غَشِيتُ لَهَا مَنازِلَ مُقْفِراتٍ،

تُذَعْذِعُها مُذَعْذعَةٌ حَنُونٌ

وَقَدْ حَنَّتْ واسْتَحَنَّتْ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ لأَبي زُبَيد:

مُسْتَحِنٌّ بِهَا الرِّياحُ، فمَا

يَجْتابُها فِي الظَّلامِ كلُّ هَجُودِ

. وسحابٌ حَنَّانٌ كَذَلِكَ؛ وَقَوْلُهُ:

فاسْتَقْبَلَتْ لَيْلَةَ خِمْسٍ حَنَّانْ

. جَعَلَ الحَنَّان للخِمْس، وإِنما هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلنَّاقَةِ، لَكِنْ لَمَّا بَعُد عَلَيْهِ أَمدُ الوِرْد فحنَّت نسَب ذَلِكَ إِلى الخِمْسِ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَجْلِه. وخِمْسٌ حَنَّانٌ أَي بائصٌ؛ الأَصمعي: أَي لَهُ حَنِينٌ مِن سُرْعَتِه. وامْرأَةٌ حَنَّانةٌ: تَحِنُّ إِلى زَوْجِهَا الأَول وتعطِفُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَحِنُّ عَلَى وَلَدِهَا الَّذِي مِنْ زَوْجِهَا المُفارِقِها. والحَنونُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تَتَزوَّج رِقَّةً عَلَى وَلَدِها إِذا كَانُوا صِغَارًا ليقومَ الزوجُ بأَمرهم، وَفِي بَعْضِ الأَخْبار: أَنَّ رَجُلًا أَوْصى ابْنَهُ

ص: 130

فَقَالَ: لَا تَتَزَوَّجَنَّ حَنَّانةً وَلَا مَنَّانة. وَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِهِ: يَا بُنيَّ إِيَّاكَ والرَّقُوبَ الغَضُوبَ الأَنَّانةَ الحَنَّانَةَ المنَّانةَ؛ الحَنَّانةُ الَّتِي كَانَ لَهَا زوجٌ قَبْلَهُ فَهِيَ تَذْكُره بالتَّحَزُّنِ والأَنينِ والحَنينِ إِليه. الحرَّاني عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ قَالَ: الحَنونُ مِنَ النساءِ الَّتِي تَتَزَوَّج رِقَّةً عَلَى وَلَدِهَا إِذا كَانُوا صِغَارًا ليقومَ الزوجُ بأَمْرِهم. وحَنَّةُ الرَّجل: امرأَتُه؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الفَقْعَسِيّ:

ولَيْلة ذَاتَ دُجًى سَرَيْتُ،

وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُراها لَيْتُ،

ولم تَضِرْني حَنَّةٌ وبَيْتُ.

وَهِيَ طَلَّتُه وكَنِينتُه ونَهضَتُه وحاصِنته وحاضِنتُه. وَمَا لَهُ حانَّةٌ وَلَا آنَّةٌ أَي نَاقَةٌ وَلَا شاةٌ؛ والحَانَّةُ: الناقةُ، والآنَّةُ: الشاةُ، وَقِيلَ: هِيَ الأَمَةُ لأَنها تَئِنُّ مِنَ التَّعَب. الأَزهري: الحَنِينُ لِلنَّاقَةِ والأَنينُ للشاةِ. يُقَالُ: مَا لَهُ حانَّةٌ وَلَا آنَّةٌ أَي مَا لَه شاةٌ وَلَا بَعِيرٌ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا لَهُ حانَّة وَلَا جارَّة، فالحانَّةُ: الإِبلُ الَّتِي تَحِنُّ، والجارَّةُ: الحَمُولةُ تَحْمِلُ المتاعَ والطعامَ. وحَنَّةُ البعيرِ: رُغاؤُه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَا لَهُ حانَّةٌ وَلَا آنَّةٌ أَي ناقةٌ وَلَا شاةٌ، قَالَ: والمُسْتَحِنُّ مِثْله؛ قَالَ الأَعشى:

تَرَى الشَّيخَ مِنْهَا يُحِبُّ الإِيابَ،

يَرْجُفُ كالشارِف المُستَحِنّ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الضميرُ فِي مِنْهَا يَعُودُ عَلَى غَزْوَةٍ فِي بَيْتٍ مُتَقَدِّمٍ؛ وَهُوَ:

وَفِي كلِّ عامٍ لَهُ غزْوةٌ

تَحُتُّ الدَّوابِرَ حَتَّ السَّفَنْ.

قَالَ: والمُسْتَحِنُّ الَّذِي اسْتَحَنَّه الشوقُ إِلى وَطَنِه؛ قَالَ: ومثلُه ليزيدَ بنِ النُّعمانِ الأَشعري:

لَقَدْ تَرَكَتْ فُؤَادَك، مُسْتَحِناً،

مُطَوَّقَةٌ عَلَى غُصْنٍ تَغَنَّى.

وَقَالُوا: لَا أَفْعلُ ذَلِكَ حَتَّى يَحِنَّ الضبُّ فِي إِثْرِ الإِبلِ الصَّادرة، وَلَيْسَ للضبِّ حَنِينٌ إِنما هُوَ مَثَلٌ، وَذَلِكَ لأَنَّ الضبَّ لَا يَرِدُ أَبداً. والطَّسْتُ تَحِنُّ إِذا نُقِرَت، عَلَى التَّشْبِيهِ. وحَنَّت القوسُ حَنيناً: صَوَّتَت، وأَحَنَّها صاحِبُها. وقوسٌ حَنَّانة: تَحِنُّ عِنْدَ الإِنْباضِ؛ وَقَالَ:

وَفِي مَنْكِبَيْ حَنَّانةٍ عُودُ نَبْعَةٍ،

تَخَيَّرَها لِي، سُوقَ مَكَّةَ، بائعُ.

أَي فِي سُوقِ مَكَّةَ؛ وأَنشد أَبو حَنِيفَةَ:

حَنَّانةٌ مِنْ نَشَمٍ أَو تأْلَبِ.

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْقَوْسُ حَنَّانةً اسْمٌ لَهَا عَلَمٌ؛ قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ وَحْدَه، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ أَنَّ الْقَوْسَ تُسَمَّى حَنَّانةً، إِنما هُوَ صِفَةٌ تَغْلِب عَلَيْهَا غَلَبة الِاسْمِ، فإِن كَانَ أَبو حَنِيفَةَ أَراد هَذَا، وإِلَّا فَقَدْ أَساءَ التعبيرَ. وعُودٌ حَنَّانٌ: مُطَرِّب. والحَنَّانُ مِنَ السِّهَامِ: الَّذِي إِذا أُديرَ بالأَناملِ عَلَى الأَباهِيم حَنّ لِعِتْقِ عُودِه والْتئامِهِ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: يُقَالُ لِلسَّهْمِ الَّذِي يُصَوِّت إِذا نَفَّزْته بَيْنَ إِصْبعيك حَنَّان؛ وأَنشد قَوْلَ الْكُمَيْتِ يَصِف السَّهم:

فاسْتَلَّ أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّله،

عِنْدَ الإِدامةِ حَتَّى يَرْنُوَ الطَّرِبُ

. إِدامتُه: تْنفِيزُه، يُعَلِّلُه: يُغَنِّيه بِصَوْتِهِ حَتَّى يَرْنُوَ لَهُ الطَّرِب يَسْتَمِعُ إِليه وَيَنْظُرُ متعجِّباً مِنْ حُسْنِه. وطريقٌ حَنَّانٌ: بَيِّنٌ وَاضِحٌ مُنْبَسِط. وَطَرِيقٌ يَحِنُّ فِيهِ العَوْدُ: يَنْبَسِط. الأَزهري:

ص: 131

اللَّيْثُ الحَنَّةُ خِرْقَةٌ تَلْبَسُهَا المرأَةُ فَتُغَطِّي رأْسها؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا حاقُّ التَّصْحِيفِ، وَالَّذِي أَراد الخْبَّة، بِالْخَاءِ وَالْبَاءِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ، وأَما الحَنَّةُ، بِالْحَاءِ وَالنُّونِ، فَلَا أَصل لَهُ فِي بَابِ الثِّياب. والحَنِينُ والحَنَّةُ: الشَّبَهُ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا تَعْدَمُ ناقةٌ مِنْ أُمِّها حَنِيناً وحَنَّةً أَي شَبَهاً. وَفِي التَّهْذِيبِ: لَا تَعْدَمُ أَدْماءُ مِنْ أُمِّها حنَّةً؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للرجُل يُشْبِهُ الرَّجُلَ، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ أَشْبَه أَباه وأُمَّه؛ قَالَ الأَزهري: والحَنَّةُ فِي هَذَا المَثَلِ العَطْفَةُ والشَّفَقةُ والحِيطةُ. وحَنَّ عَلَيْهِ يَحُنُّ، بِالضَّمِّ، أَي صَدَّ. وَمَا تَحُنُّني شَيْئًا مِنْ شَرِّكَ أَي مَا تَرُدُّه وَمَا تَصْرِفه عَنِّي. وَمَا حَنَّنَ عَنِّي أَي مَا انْثَنَى وَلَا قَصَّرَ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، قَالَ شَمِرٌ: وَلَمْ أَسمع تَحنُنُّي بِهَذَا الْمَعْنَى لِغَيْرِ الأَصمعي. وَيُقَالُ: حُنَّ عَنَّا شَرَّكَ أَي اصْرِفْه. وَيُقَالُ: حَمَلَ فَحَنَّنَ كَقَوْلِكَ حَمَلَ فَهَلَّلَ إِذا جَبُنَ. وأَثَرٌ لَا يُحِنُّ عَنِ الجِلْدِ أَي لَا يَزُولُ؛ وأَنشد:

وإِنَّ لَهَا قَتْلَى فَعَلَّكَ مِنْهُمُ،

وإِلَّا فجُرْحٌ لَا يُحِنُّ عَنِ العَظْمِ

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ يَحِنُّ، وَهَكَذَا أَنشد الْبَيْتَ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. والمَحْنُون مِنَ الحقِّ: المنقوصُ. يُقَالُ: مَا حَنَنْتُك شَيْئًا مِنْ حقِّك أَي مَا نَقَصْتُكَ. والحَنُّونُ: نَوْرُ كلِّ شَجَرَةٍ ونَبْتٍ، واحدتُه حَنُّونةٌ. وحَنَّنَ الشجرُ والعُشْبُ: أَخرج ذَلِكَ. والحِنَّانُ: لُغَةٌ فِي الحِنَّاء؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وَزَيْتٌ حَنِينٌ: مُتَغَيِّرُ الرِّيحِ، وجَوْزٌ حَنِينٌ كَذَلِكَ؛ قَالَ عَبِيدُ بْنُ الأَبرَصِ:

كأَنَّها لِقْوَةٌ طَلُوبُ،

تَحِنُّ فِي وَكْرِهَا القُلُوبُ.

وَبَنُو حُنٍّ: حيٌّ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْد: هُمْ بطنٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:

تَجَنَّبْ بَنِي حُنٍّ، فإِن لقاءَهُمْ

كَرِيهٌ، وإِن لَمْ تَلْقَ إِلَّا بِصابِرِ

. والحِنُّ، بِالْكَسْرِ: حيٌّ مِنَ الْجِنِّ، يُقَالُ: مِنْهُمُ الكلابُ السُّودُ البُهْمُ، يُقَالُ: كَلْبٌ حِنِّيٌّ، وَقِيلَ: الحِنُّ ضَرْبٌ مِنَ الْجِنِّ؛ وأَنشد:

يَلْعَبْنَ أَحْواليَ مِنْ حِنٍّ وجِنٌّ.

والحِنُّ: سَفِلَةُ الجِنِّ أَيضاً وضُعَفاؤُهم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لمُهاصِرِ بنِ المُحِلِّ:

أَبيتُ أَهْوِي فِي شيَاطين تُرِنّ،

مُخْتلفٍ نَجْواهُمُ جِنٍّ وحِنّ.

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَن الحِنَّ سَفِلَةُ الجِنِّ، وَلَا عَلَى أَنهم حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ، إِنما يَدُلُّ عَلَى أَن الحِنَّ نوعٌ آخَرُ غَيْرُ الْجِنِّ. وَيُقَالُ: الحِنُّ خَلْقٌ بَيْنَ الْجِنِّ والإِنس. الْفَرَّاءُ: الحِنُّ كِلابُ الجِنِّ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: إِنَّ هَذِهِ الْكِلَابَ الَّتِي لَهَا أَربعُ أَعْيُنٍ مِنَ الحِنِ

؛ فُسِّرَ هَذَا الْحَدِيثُ الحِنُّ حيٌّ مِنَ الجِنِّ. وَيُقَالُ: مَجْنونٌ مَحْنونٌ، ورجلٌ مَحْنونٌ أَي مجنون، وبه حِنَّةٌ حَنَّةٌ أَي جِنَّةٌ. أَبو عَمْرٍو: المَحْنون الَّذِي يُصْرعُ ثُمَّ يُفيق زَمَانًا. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ الحِنُّ الكلابُ السُّود المُعَيَّنة. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: الكِلابُ مِنَ الحِنِّ، وَهِيَ ضَعَفَةُ الجِنِّ، فَإِذَا غَشِيَتْكُم عِنْدَ طَعامِكم فأَلْقُوا لَهُنَّ، فإِنَّ لَهُنَّ أَنْفُساً

؛ جمعُ نَفْسٍ أَي أَنها تُصِيبُ بأَعْيُنِها. وحَنَّةُ وحَنُّونةُ: اسمُ امرأَة، قَالَ اللَّيْثُ: بَلَغَنَا أَن أُمَّ مَرْيَمَ كَانَتْ تُسَمَّى حَنَّةَ. وحُنَيْنٌ: اسمُ وادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ. قَالَ الأَزهري: حُنَيْنٌ اسمُ وادٍ

ص: 132

بِهِ كَانَتْ وَقْعَةُ أَوْطاسٍ، ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ

؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حُنَيْنٌ مَوْضِعٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، فَإِذَا قَصَدْتَ بِهِ الْمَوْضِعَ والبلَد ذكَّرْتَه وصَرفْتَه كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَوْمَ حُنَيْنٍ

، وإِن قصدْتَ بِهِ البلدةَ والبُقْعةَ أَنَّثْته وَلَمْ تَصْرِفْهُ كَمَا قَالَ حَسَّان بْنُ ثَابِتٍ:

نَصَرُوا نَبِيَّهُم وشَدُّوا أَزْرَه بِحُنَيْنَ،

يومَ تَواكُلِ الأَبْطال

. وحُنَيْنٌ: اسمُ رَجُلٍ. وقولُهم لِلرَّجُلِ إِذا رُدَّ عَنْ حاجتِه ورجَعَ بالخَيْبةِ: رَجَعَ بخُفَّيْ حُنَيْنٍ؛ أَصله أَن حُنَيْناً كَانَ رَجُلًا شَرِيفًا ادَّعَى إِلى أَسدِ بنِ هاشمِ بْنُ عبدِ منافٍ، فأَتى إِلى عبدِ المُطَّلب وَعَلَيْهِ خُفَّانِ أَحْمرانِ فَقَالَ: يَا عَمِّ أَنا ابنُ أَسدِ بْنِ هاشمٍ، فَقَالَ لَهُ عبدُ الْمُطَّلِبِ: لَا وثيابِ هاشمٍ مَا أَعْرِفُ شمائلَ هَاشِمٍ فِيكَ فارْجِعْ رَاشِدًا، فانْصَرَف خَائِبًا فَقَالُوا: رجعَ حُنَيْنٌ بِخُفَّيه، فَصَارَ مَثَلًا؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ اسْمُ إِسْكافٍ مِنْ أَهل الحيرةِ، ساوَمه أَعْرابيٌّ بخُفَّيْن فَلَمْ يَشتَرِهما، فغاظَه ذَلِكَ وعلَّقَ أَحَدَ الخُفَّيْنِ فِي طَرِيقِهِ، وتقدَّم وطرَحَ الآخَرَ وكَمَن لَهُ، وجاءَ الأَعرابيُّ فرأَى أَحَدَ الخُفَّيْن فَقَالَ: مَا أَشْبَه هَذَا بِخُفِّ حُنَيْنٍ لَوْ كَانَ مَعَهُ آخرُ اشْتَرَيْتُه فتقدَّم ورأَى الخُفَّ الآخرَ مَطْرُوحًا فِي الطَّرِيقِ، فنزلَ وعَقَلَ بعيرَه وَرَجَعَ إِلى الأَوّل، فَذَهَبَ الإِسكافُ براحِلتِه، وجاءَ إِلى الحَيِّ بِخُفَّيْ حُنَيْنٍ. والحَنَّانُ: موضعٌ يُنْسَبُ إِليه أَبْرَقُ الحَنَّانِ. الْجَوْهَرِيُّ: وأَبْرَقُ الحَنَّانِ موضعٌ. قَالَ ابْنُ الأَثير: الحَنَّانُ رمْلٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لَهُ ذِكْرٌ فِي مَسِير النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، إِلى بَدْرٍ؛ وحَنَانةُ: اسمُ راعٍ فِي قَوْلِ طَرَفَةَ:

نَعاني حَنَانةُ طُوبالةً،

تسفُّ يَبِيساً مِنَ العِشرِقِ.

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَوَاهُ ابْنُ الْقُطَاعِ بَغاني حَنَانةُ، بِالْبَاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَالصَّحِيحُ بِالنُّونِ وَالْعَيْنِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ كَمَا وَقَعَ فِي الأُصول، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا الْبَيْتِ:

فنَفْسَك فانْعَ وَلَا تَنْعَني،

وداوِ الكُلُومَ وَلَا تَبْرَقِ

. والحَنَّانُ: اسمُ فحْلٍ مِنْ خُيولِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ. وحُنٌّ، بِالضَّمِّ: اسْمُ رَجُلٍ. وحَنِينٌ والحَنِينُ «2» . جَمِيعًا: جُمادَى الأُولى اسمٌ لَهُ كالعَلَم؛ وَقَالَ:

وَذُو النَّحْبِ نُؤْمِنْه فيَقْضي نُذورَه،

لَدَى البِيضِ مِنْ نِصْفِ الحَنِين المُقَدَّرِ

وجمعُه أَحِنَّةٌ وحُنُونٌ وحَنَائِنُ. وَفِي التَّهْذِيبِ عَنِ الْفَرَّاءِ وَالْمُفَضَّلِ أَنهما قَالَا: كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ لِجُمادَى الآخِرة حَنِينٌ، وصُرِفَ لأَنه عُني بِهِ الشَّهْرُ.

حنحن: الأَزهري: ابْنُ الأَعرابي حَنْحَنَ إِذا أَشفق.

حون: الحانةُ: موضعُ بَيْعِ الخَمْر؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَظُنُّها فَارِسِيَّةً وأَن أَصلها خَانَةٌ. والتَّحَوُّنُ: الذُّلُّ والهَلاكُ.

حين: الحِينُ: الدهرُ، وَقِيلَ: وَقْتٌ مِنَ الدَّهر مُبْهَمٌ يَصْلُحُ لِجَمِيعِ الأَزمان كُلِّهَا، طَالَتْ أَو قَصُرَتْ، يَكُونُ سَنَةً وأَكثر مِنْ ذَلِكَ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ أَربعين سَنَةً أَو سَبْعَ سِنِينَ أَو سَنَتَيْنِ أَو سِتَّةَ أَشهر أَو شَهْرَيْنِ. والحِينُ: الوقتُ، يُقَالُ: حِينَئِذٍ؛ قَالَ خُوَيْلِدٌ:

كَابِي الرَّمادِ عظيمُ القِدْرِ جَفْنَتُه،

حينَ الشتاءِ، كَحَوْضِ المَنْهَلِ اللَّقِفِ.

والحِينُ: المُدَّة؛ ومنه قوله تعالى:

(2). قوله [وحنين والحنين إِلخ] بوزن أَمير وسكيت فيهما كما في القاموس

ص: 133

هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ

. التَّهْذِيبِ: الحِينُ وَقْتٌ مِنَ الزَّمَانِ، تَقُولُ: حانَ أَن يَكُونَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَحِين، وَيُجْمَعُ عَلَى الأَحيانِ، ثُمَّ تُجْمَعُ الأَحيانُ أَحايينَ، وإِذا بَاعَدُوا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ بَاعَدُوا بإِذ فَقَالُوا: حِينَئذٍ، وَرُبَّمَا خَفَّفُوا هَمْزَةَ إِذ فأَبدلوها يَاءً وَكَتَبُوهَا بِالْيَاءِ. وحانَ لَهُ أَن يَفْعَلَ كَذَا يَحِينُ حِينًا أَي آنَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها

؛ قِيلَ: كلَّ سنةٍ، وَقِيلَ: كُلَّ سِتَّةِ أَشهر، وَقِيلَ: كُلَّ غُدْوةٍ وعَشِيَّة. قَالَ الأَزهري: وَجَمِيعُ مَنْ شاهدتُه مِنْ أَهل اللُّغَةِ يَذْهَبُ إِلى أَن الحِينَ اسْمٌ كَالْوَقْتِ يَصْلُحُ لِجَمِيعِ الأَزمان، قَالَ: فَالْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ عز وجل: تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ

، أَنه يُنْتَفَعُ بِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ لَا يَنْقَطِعُ نَفْعُهَا أَلْبَتَّةَ؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَن الحِينَ بِمَنْزِلَةِ الْوَقْتِ قَوْلُ النَّابِغَةِ أَنشده الأَصمعي:

تَناذَرَها الراقونَ مِنْ سَوْءِ سَمِّها،

تُطَلِّقه حِيناً، وحِيناً تُراجِعُ

. الْمَعْنَى: أَن السَّمَّ يَخِفُّ أَلَمُه وقْتاً وَيَعُودُ وَقْتًا. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ زِمْلٍ: أَكَبُّوا رَواحِلَهم فِي الطَّرِيقِ وَقَالُوا هَذَا حِينُ المَنْزِلِ

أَي وَقْتَ الرُّكُونِ إِلى النُّزُولِ، وَيُرْوَى خَيْرُ الْمَنْزِلِ، بِالْخَاءِ وَالرَّاءِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ

؛ أَي بَعْدَ قِيَامِ الْقِيَامَةِ، وَفِي الْمُحْكَمِ أَي بَعْدَ مَوْتٍ؛ عَنِ الزَّجَّاجِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ

؛ أَي حَتَّى تَنْقَضِيَ المُدَّةُ الَّتِي أُمْهِلوا فِيهَا، وَالْجَمْعُ أَحْيانٌ، وأَحايينُ جَمْعُ الْجَمْعِ، وَرُبَّمَا أَدخلوا عَلَيْهِ التَّاءَ وَقَالُوا لاتَ حِينَ بِمَعْنَى لَيْسَ حِينَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلاتَ حِينَ مَناصٍ

؛ وأَما قَوْلُ أَبي وَجْزة:

العاطِفُونَ تَحِينَ مَا مِنْ عاطفٍ،

والمُفْضِلونَ يَداً، إِذا مَا أَنْعَمُوا

. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قِيلَ إِنه أَراد العاطِفُونَ مِثْلَ الْقَائِمُونَ وَالْقَاعِدُونَ، ثُمَّ إِنه زَادَ التَّاءَ فِي حِينَ كَمَا زَادَهَا الْآخَرُ فِي قَوْلِهِ:

نَوِّلِي قَبْلَ نَأْي دَارِي جُمانَا،

وصِلِينا كَمَا زَعَمْتِ تَلانا

. أَراد الْآنَ، فَزَادَ التَّاءَ وأَلقى حَرَكَةَ الْهَمْزَةِ عَلَى مَا قَبْلَهَا. قَالَ أَبو زَيْدٍ: سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ حَسْبُكَ تَلانَ، يُرِيدُ الْآنَ، فَزَادَ التَّاءَ، وَقِيلَ: أَراد العاطفونَهْ، فأَجراه فِي الْوَصْلِ عَلَى حَدِّ مَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي الْوَقْفِ، وَذَلِكَ أَنه يُقَالُ فِي الْوَقْفِ: هَؤُلَاءِ مسلمونهْ وضاربونَهْ فَتَلْحَقُ الْهَاءُ لِبَيَانِ حَرَكَةِ النُّونِ، كَمَا أَنشدوا:

أَهكذَا يَا طيْب تَفْعَلُونَهْ،

أَعَلَلَا وَنَحْنُ مُنْهِلُونَهْ؟

فَصَارَ التَّقْدِيرُ الْعَاطِفُونَهْ، ثُمَّ إِنه شَبَّهَ هَاءَ الْوَقْفِ بِهَاءِ التأْنيث، فَلَمَّا احْتَاجَ لإِقامة الْوَزْنِ إِلى حَرَكَةِ الْهَاءِ قَلَبَهَا تَاءً كَمَا تَقُولُ هَذَا طَلْحَهْ، فَإِذَا وَصَلْتَ صَارَتِ الْهَاءُ تَاءً فَقُلْتَ: هَذَا طَلْحَتُنَا، فَعَلَى هَذَا قَالَ الْعَاطِفُونَهْ، وَفُتِحَتِ التَّاءُ كَمَا فُتِحَتْ فِي آخِرِ رُبَّتَ وثُمَّتَ وذَيْتَ وكَيْتَ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ «3». بَيْتَ أَبي وَجْزَةَ:

العاطِفُونَ تَحِينَ مَا مِنْ عاطفٍ،

والمُطْعِمونَ زمانَ أَيْنَ المُطْعِمُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشد ابْنُ السِّيرَافِيِّ:

فإِلَى ذَرَى آلِ الزُّبَيْرِ بفَضْلِهم،

نِعْمَ الذَّرَى فِي النائباتِ لَنَا هُمُ

الْعَاطِفُونَ تَحِينَ مَا مِنْ عاطِفٍ،

والمُسْبِغُونَ يَدًا إِذا مَا أَنْعَمُوا

(3). قوله [وأَنشد الجوهري إِلخ] عبارة الصاغاني هو إِنشاد مداخل والرواية:

الْعَاطِفُونَ تَحِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ،

وَالْمُسْبِغُونَ يَدًا إِذا مَا أَنعموا

والمانعون من الهضيمة جارهم،

والحاملون إِذا العشيرة تغرم

وَاللَّاحِقُونَ جِفَانَهُمْ قَمْعَ الذُّرَى

وَالْمُطْعِمُونَ زَمَانَ أَين الْمُطْعِمُ.

ص: 134

قَالَ: هَذِهِ الْهَاءُ هِيَ هَاءُ السَّكْتِ اضْطَرَّ إِلى تَحْرِيكِهَا؛ قَالَ وَمِثْلُهُ:

همُ القائلونَ الخيرَ والآمِرُونَهُ،

إِذا مَا خَشُوا مِنْ مُحْدَثِ الأَمْرِ مُعْظَما.

وحينئذٍ: تَبْعيدٌ لِقَوْلِكَ الْآنَ. وَمَا أَلقاه إِلا الحَيْنَة الحِيْنَة بعد الحَيْنَةِ [الحِيْنَةِ] أَي الحِينَ بَعْدَ الحِينِ. وَعَامَلَهُ مُحايَنَةً وحِياناً: مِنَ الحينِ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ استأْجره مُحايَنَةً وحِياناً؛ عَنْهُ أَيضاً. وأَحانَ مِنَ الحِين: أَزْمَنَ. وحَيَّنَ الشيءَ: جَعَلَ لَهُ حِيناً. وحانَ حِينُه أَي قَرُبَ وَقْتُه. والنَّفْسُ قَدْ حانَ حِينُها إِذا هَلَكَتْ؛ وَقَالَتْ بُثَيْنة:

وإِنَّ سُلُوِّي عَنْ جَميلٍ لساعَةٌ،

مِنَ الدَّهْرِ، مَا حانَتْ وَلَا حانَ حِينُها

. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يُحْفَظْ لِبُثَيْنَةَ غَيْرُ هَذَا الْبَيْتِ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ لمُدْرِك بْنِ حِصْنٍ:

وليسَ ابنُ أُنْثى مائِتاً دُونَ يَوْمِهِ،

وَلَا مُفْلِتاً مِنْ مِيتَةٍ حانَ حِينُها

. وَفِي تَرْجَمَةِ حَيْثُ: كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمَكَانِ، لأَنه ظَرْفٌ في الأَمكنة بمنزلة حِينٍ فِي الأَزمنة. قَالَ الأَصمعي: وَمِمَّا تُخْطِئُ فِيهِ العامَّةُ وَالْخَاصَّةُ بَابُ حِينَ وَحَيْثُ، غَلِطَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ مِثْلُ أَبي عُبَيْدَةَ وَسِيبَوَيْهِ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: رأَيت فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ أَشياء كَثِيرَةً يَجْعَلُ حِينَ حَيْثُ، وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ أَبي عُبَيْدَةَ بِخَطِّهِ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وَاعْلَمْ أَن حِينَ وَحَيْثُ ظَرْفَانِ، فَحِينَ ظَرْفٌ مِنَ الزَّمَانِ، وَحَيْثُ ظَرْفٌ مِنَ الْمَكَانِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدٌّ لَا يُجَاوِزُهُ، قَالَ: وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ جَعَلُوهُمَا مَعًا حَيْثُ، قَالَ: وَالصَّوَابُ أَن تَقُولَ رأَيت حَيْثُ كُنْتَ أَي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ، واذْهَب حَيْثُ شِئْتَ أَي إِلى أَي مَوْضِعٍ شِئْتَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما. وَتَقُولُ: رأَيتك حينَ خَرَجَ الحاجُّ أَي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَهَذَا ظَرْفٌ مِنَ الزَّمَانِ، وَلَا تَقُلْ حَيْثُ خَرَجَ الْحَاجُّ. وَتَقُولُ: ائتِني حينَ مَقْدَمِ الحاجِّ، ولا يجوز حيثُ مَقْدَم الْحَاجِّ، وَقَدْ صَيَّرَ النَّاسُ هَذَا كُلَّهُ حَيْثُ، فلْيَتَعَهَّدِ الرجلُ كَلَامَهُ، فإِذا كَانَ موضعٌ يَحْسُنُ فِيهِ أَيْنَ وأَيُّ موضع فهو حيثُ، لأَن أَيْنَ مَعْنَاهُ حَيْثُ، وَقَوْلُهُمْ حَيْثُ كَانُوا وأَين كَانُوا مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَلَكِنْ أَجازوا الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ، وَاعْلَمْ أَنه يَحْسُن فِي مَوْضِعِ حينَ لَمَّا وإِذ وإِذا ووقت ويوم وساعة ومتى، تقول: رأَيتك لَمَّا جِئْتَ، وحينَ جِئْتَ، وإِذْ جِئْتَ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي تَرْجَمَةِ حَيْثُ. وعَامَلْته مُحايَنة: مِثْلَ مُساوَعة. وأَحْيَنْتُ بِالْمَكَانِ إِذا أَقمت بِهِ حِيناً. أَبو عَمْرٍو: أَحْيَنَتِ الإِبلُ إِذا حانَ لَهَا أَن تُحْلَب أَو يُعْكَم عَلَيْهَا. وَفُلَانٌ يَفْعَلُ كَذَا أَحياناً وَفِي الأَحايِينِ. وتَحَيَّنْتُ رُؤْيَةَ فُلَانٍ أَي تَنَظَّرْتُه. وتَحيَّنَ الوارِشُ إِذا انْتَظَرَ وَقْتَ الأَكل لِيَدْخُلَ. وحَيَّنْتُ النَّاقَةَ إِذا جَعَلْتَ لَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَقْتًا تَحْلِبُهَا فِيهِ. وحَيَّنَ الناقةَ وتَحَيَّنها: حَلَبها مَرَّةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَالِاسْمُ الحِينَةُ؛ قَالَ المُخَبَّلُ يَصِفُ إِبلًا:

إِذا أُفِنَتْ أَرْوَى عِيالَكَ أَفْنُها،

وإِن حُيِّنَتْ أَرْبَى عَلَى الوَطْبِ حَينُها.

وَفِي حَدِيثِ الأَذان:

كَانُوا يَتَحَيَّنُون وقتَ الصَّلَاةِ

أَي يَطْلُبُونَ حِينَها. والحينُ: الوقتُ. وَفِي حَدِيثِ الجِمارِ:

كُنَّا نَتَحَيَّنُ زوالَ الشَّمْسِ.

وَفِي الْحَدِيثِ:

تَحَيَّنُوا نُوقَكم

؛ هُوَ أَن تَحْلُبها مَرَّةً وَاحِدَةً وَفِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ. الأَصمعي: التَّحْيينُ أَن تحْلُبَ النَّاقَةَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً، قَالَ: والتَّوْجِيبُ مِثْلُهُ وَهُوَ كَلَامُ الْعَرَبِ. وإِبل مُحَيَّنةٌ إِذا كَانَتْ لَا

ص: 135