المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَبَنَاتُ قَيْنٍ: اسْمُ مَوْضِعٌ كَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ فِي زَمَانِ عَبْدَ - لسان العرب - جـ ١٣

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌ن

- ‌حرف النون

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل الظاء المعجمة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء المثناة تحتها

- ‌ه

- ‌حرف الهاء

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء المهملة

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌ فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء المثناة تحتها

الفصل: وَبَنَاتُ قَيْنٍ: اسْمُ مَوْضِعٌ كَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ فِي زَمَانِ عَبْدَ

وَبَنَاتُ قَيْنٍ: اسْمُ مَوْضِعٌ كَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ فِي زَمَانِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانٍ؛ قَالَ عُوَيْف القَوافي:

صَبَحْناهم غَداةَ بناتِ قَيْنٍ

مُلَمْلَمةً، لَهَا لَجَبٌ، طَحونا

وَيُقَالُ لِبَنِي القَيْن مِنْ بَنِي أَسد: بَلْقَيْنِ، كَمَا قَالُوا بَلْحرث وبَلْهُجَيم، وَهُوَ مِنْ شَوَاذِّ التَّخْفِيفِ، وإِذا نَسَبْتَ إِليهم قُلْتَ قَيْنيٌّ وَلَا تَقُلْ بَلْقَيْنِيٌّ. ابْنُ الأَعرابي: القَيْنةُ الفَقْرة مِنَ اللَّحْمِ، والقَيْنة الْمَاشِطَةُ، والقَيْنة المغَنّية. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ لِلْمَاشِطَةِ مُقَيِّنة لأَنها تزَين الْعَرَائِسَ وَالنِّسَاءَ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: قَوْلُهُمْ فُلَانَةُ قَيْنةٌ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الصَّانِعَةُ. والقَيْنُ: الصَّانِعُ. قَالَ خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ: كنتُ قَيْناً فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَي صَانِعًا. والقَيْنةُ: هِيَ الأَمة، صَانِعَةً كَانَتْ أَو غَيْرَ صَانِعَةٍ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: كُلُّ عَبْدٍ عِنْدَ الْعَرَبِ قَيْنٌ، والأَمة قَيْنة، قَالَ: وَبَعْضُ النَّاسِ يَظُنُّ القَيْنة الْمُغَنِّيَةَ خَاصَّةً، قَالَ: وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

دَخَلَ أَبو بَكْرٍ وَعِنْدَ عَائِشَةَ، رضي الله عنهما، قَيْنَتان تُغَنّيان فِي أَيام مِنًى

؛ القَينة: الأَمة غَنَّتْ أَو لَمْ تُغَنِّ والماشطةُ، وَكَثِيرًا مَا يُطْلَقُ عَلَى الْمُغَنِّيَةِ فِي الإِماء، وَجَمْعُهَا قَيْناتٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَهَى عَنْ بَيْعِ القَيْنات

أَي الإِماء المغَنّيات، وَتُجْمَعُ عَلَى قِيانٍ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ

سَلْمَانَ: لَوْ بَاتَ رجلٌ يُعْطي البِيضَ القِيانَ، وَفِي رِوَايَةٍ: يُعْطي القِيان البيضَ، وَبَاتَ آخَرُ يقرأُ الْقُرْآنَ لرأَيتُ أَن ذِكْرَ اللَّهِ أَفضلُ

؛ أَراد بالقِيان الإِماء أَو الْعَبِيدَ. والقَيْنة: الدُّبر، وَقِيلَ: هِيَ أَدنى فَقْرة مِنْ فِقَر الظَّهْرِ إِليه، وَقِيلَ: هِيَ القَطَنُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْوِرْكَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ الهَزْمة الَّتِي هُنالك. وَفِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ:

وإِن فِي جَسَدِهِ أَمثال القُيون

؛ جَمْعُ قَيْنة وَهِيَ الفَقارة مِنْ فَقار الظَّهْرِ، والهَزْمة الَّتِي بَيْنَ غُراب الْفَرَسِ وعَجْب ذنَبه، يُرِيدُ آثَارَ الطَّعَنات وَضَرَبَاتِ السُّيُوفِ، يَصِفُهُ بِالشَّجَاعَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: والقَيْنة مِنَ الْفَرَسِ نُقْرة بَيْنَ الغُراب والعَجُز فِيهَا هَزْمة. والقَيْنانِ: مَوْضِعُ الْقَيْدِ مِنَ الْفَرَسِ وَمِنْ كُلِّ ذِي أَربع يَكُونُ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ مَوْضِعَ القَيْد مِنْ قَوَائِمِ الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ. وَفِي الصِّحَاحِ: القَيْنان مَوْضِعُ الْقَيْدِ مِنْ وَظِيفَيْ يَد الْبَعِيرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

دَانَى لَهُ القَيْدُ فِي دَيمومةٍ قُذُفٍ

قَيْنَيْه، وانحسَرَتْ عَنْهُ الأَناعِيمُ

يُرِيدُ جَمْعَ الأَنعام وَهِيَ الإِبل. اللَّيْثُ: القَيْنان الوَظيفان لِكُلِّ ذِي أَربع، والقَين مِنَ الإِنسان كَذَلِكَ. وقانَني اللهُ عَلَى الشيءِ يَقِينُني: خَلَقني. والقانُ: شَجَرٌ مِنْ شَجَرِ الْجِبَالِ، زَادَ الأَزهري يَنْبُتُ فِي جِبَالِ تِهَامَةَ، تُتخذ مِنْهُ القِسِيُّ، اسْتَدَلَّ عَلَى أَنها يَاءٌ لِوُجُودِ ق ي ن وَعَدَمِ ق ون؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

يأْوي إِلى مُشْمَخِرّاتٍ مُصَعِّدةٍ

شُمٍّ، بهنَّ فُروعُ القانِ والنَّشَمِ

وَاحِدَتُهُ: قانةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وأَبي حنيفة.

‌فصل الكاف

كأن: كَأَنَ: اشتَدَّ. وكَأَنْتُ: اشْتَدَدْت وكأَنَّ، بِالتَّشْدِيدِ: ذُكِرَتْ في ترجمة أَنن.

كبن: الكَبْنُ: عَدْوٌ لَيِّنٌ فِي اسْترسال. كَبَن الرجلُ يَكْبِنُ كُبوناً وكَبْناً إِذا لَيَّن عَدْوَه؛ وأَنشد اللَّيْثُ «1» :

(1). قوله [وأنشد الليث] أي العجاج وعجزه كما في التكملة:

خزاية والخفر الخزيّ

الخزاية بفتح الخاء المعجمة: الاستحياء، والخفر ككتف: شديد الحياء، والخزيّ: فعيل

ص: 352

يَمور وَهْوَ كابِنٌ حَيِيُ

وَقِيلَ: هُوَ أَن يُقَصِّر فِي العَدْو. قَالَ الأَزهري: الكَبْن فِي العَدْوِ أَن لَا يَجْهَدَ نَفْسَه ويَكُفَّ بعضَ عَدْوِه، كَبَنَ الفرسُ يَكْبِنُ كَبْناً وكُبُوناً. وَفِي حَدِيثِ الْمُنَافِقِ:

يَكْبِنُ فِي هَذِهِ مَرَّةً وَفِي هَذِهِ مَرَّةً

أَي يَعْدُو. يُقَالُ: كَبَنَ يَكْبِنُ كُبوناً إِذا عَدَا عَدْواً لَيِّناً. والكُبُونُ: السُّكُونُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبَّاقٍ الدُّبَيْرِيّ:

واضِحَة الخَدِّ شَرُوب لِلَّبَنْ،

كأَنَّها أُمُّ غَزَالٍ قَدْ كَبَنْ

أَي سَكَنَ. وكَبَنَ الثوبَ يَكْبِنُه ويَكْبُنُه كَبْناً: ثَنَاهُ إِلى دَاخِلٍ ثُمَّ خاطَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَرَّ بفُلانٍ وَهُوَ سَاجِدٌ وَقَدْ كَبَنَ ضَفِيرَتَيْه وشَدَّهما بنِصاح

أَي ثَنَاهُمَا وَلَوَاهُمَا. وَرَجُلٌ كُبُنٌّ وكُبُنَّة: مُنْقَبِضٌ بَخِيلٌ كَزٌّ لَئِيمٌ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَرْفَعُ طَرْفه بُخْلًا، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُنَكِّسُ رأْسه عَنْ فعل الخير والمعروف؛ قال الخنساء:

فَذَاكَ الرُّزْءُ عَمْرَكَ لَا كُبُنٌّ،

ثَقيلُ الرأْسِ يَحْلُم بالنَّعِيقِ

وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:

يَسَرٍ، إِذا كانَ الشِّتاءُ، ومُطْعِمٍ

للَّحْمِ، غيرِ كُبُنَّةٍ عُلْفُوفِ

وَاسْتَشْهَدَ الْجَوْهَرِيُّ بِشِعْرِ عُمَير بْنُ الجَعْدِ الخُزاعي:

يَسَرٍ، إِذا هَبَّ الشتاءُ وأَمْحَلُوا

فِي القَوْمِ، غيرِ كُبُنَّةٍ عُلْفُوفِ

التَّهْذِيبُ: الْكِسَائِيُّ رَجُلٌ كُبُنَّة وامرأَة كُبُنَّةٌ لِلَّذِي فِيهِ انْقِبَاضٌ، وأَنشد بَيْتَ الْهُذَلِيِّ: واكْبَأَنَّ اكبِئْناناً إِذا تَقَبَّضَ. والكُبُنَّة: الخُبْزة الْيَابِسَةُ. والكُبُنُّ: الخُبْز لأَن فِي الخُبْز تَقَبُّضاً وتَجَمُّعاً. وَرَجُلٌ مَكْبُون الأَصابع: مِثل الشَّثْنِ. وكَبَنَ الرجلُ كَبْناً: دَخَلَتْ ثَنَايَاهُ مِنْ أَسفلُ وَمِنْ فوقُ إِلى غارِ الفَم. وكَبَنَ هدِيَّتَه عنَّا يَكْبِنُها كَبْناً: كفَّها وصَرَفَها؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: مَعْنَى هَذَا صَرَفَ هَدِيَّتَه وَمَعْرُوفَهُ عَنْ جِيرَانِهِ وَمَعَارِفِهِ إِلى غَيْرِهِمْ. وكلُّ كَفٍّ كَبْنٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: كلُّ كَبْنٍ كَفٌّ. يُقَالُ: كَبَنْتُ عَنْكَ لِسَانِي أَي كَفَفْتُهُ، وَفَرَسٌ كُبُنٌّ. ابْنُ سِيدَهْ: وَفَرَسٌ فِيهِ كُبْنَةٌ وكَبَنٌ لَيْسَ بِالْعَظِيمِ وَلَا القَمِيء. والكُبانُ: دَاءٌ «1» . يأْخذ الإِبل، يُقَالُ مِنْهُ: بَعِيرٌ مَكْبُونٌ. وكَبَنَ لَهُ الظَّبْيُ وكَبَنَ الظَّبْيُ واكْبَأَنَّ إِذا لَطَأَ بالأَرض. واكبَأَنَّ الرَّجُلُ: انْكَسَرَ، واكْبَأَنَّ: انْقَبَضَ؛ قَالَ مُدْرِكُ بنُ حِصْنٍ:

يَا كَرَواناً صُكَّ فاكْبَأَنَّا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شاهدُه قَوْلُ أَبَّاقٍ الدُّبَيْرِيّ:

كأَنها أُمُّ غَزالٍ قَدْ كَبَنْ

أَي قَدْ تَثَنَّى وَنَامَ؛ وأَنشد لِآخَرَ:

فَلَمْ يَكْبَئِنُّوا، إِذ رَأَوْنِي، وأَقْبَلَتْ

إِليَّ وُجُوهٌ كالسُّيُوفِ تَهَلَّلُ

وَفَسَّرَهُ أَبو عَمْرٍو الشَّيْباني فَقَالَ: كَبَنَ شَفَنَ. والكُبُونُ: الشُّفُونُ. ابْنُ بُزُرْج: المُكْبَئِنُّ الَّذِي قَدِ احْتَبى وأَدخل مِرْفَقَيْه فِي حُبْوَتِه ثُمَّ خَضَعَ بِرَقَبَتِهِ وبرأْسه عَلَى يَدَيْهِ، قَالَ: والمُكْبَئِنُّ والمُقْبَئِنُّ المُنْقَبِضُ المُنْخَنِسُ. والكُبْنَةُ:

(1). قوله [والكبان داء إلخ] وطعام لأَهل اليمن وهو سحيق الذرة المبلولة يجعل في مراكن صغار ويوضع في التنور فإذا نضج واحمرّ وجهه أُخرج

ص: 353

لُعْبة للأَعراب، تُجْمَعُ كُبَناً؛ وأَنشد:

تَدَكَّلَتْ بَعْدِي وأَلْهَتْها الكُبَنْ «1»

. أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ مَكْبُون، والأُنثى مَكْبُونة، وَالْجَمْعُ المَكابينُ، وَهُوَ الْقَصِيرُ القَوائمِ الرَّحِيبُ الجَوْفِ الشَّخْتُ العِظامِ، وَلَا يَكُونُ المَكبُون أَقْعَسَ. وكَبْنُ الدَّلْوِ: شَفَتُها، وَقِيلَ: مَا ثُنِيَ مِنَ الْجِلْدِ عِنْدَ شَفَةِ الدَّلْوِ فَخُرِزَ. الأَصمعي: الكَبْنُ مَا ثُنِيَ مِنَ الْجِلْدِ عِنْدَ شَفَةِ الدَّلْوِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ الكَبْنُ والكَبْلُ، بِاللَّامِ وَالنُّونِ؛ حَكَاهُ عَنِ الْفَرَّاءِ، تَقُولُ مِنْهُ: كَبَنْتُ الدَّلْوَ، بِالْفَتْحِ، أَكْبِنُها، بِالْكَسْرِ، إِذا كَفَفْتَ حَوْلَ شَفَتِها. وكَبَنْتُ عَنِ الشَّيْءِ: عَدَلْتُ. وكَبَنْتُ الشيءَ: غَيَّبْتُه، وَهُوَ مِثْلُ الخَبْنِ. وكَبَنَ فُلَانٌ سَمِنَ والكِبْنَةُ: السِّمَنُ قَالَ قَعْنَبُ بنُ أُم صَاحِبٍ يَصِفُ جَمَلًا

ذَا كِبْنَةٍ يَمْلأُ التَّصْدِيرَ مَحْزِمُه،

كأَنه حينَ يُلْقَى رَحْلُه فَدَنُ

كتن: الكَتَنُ الدَّرَنُ والوَسَخُ وأَثر الدُّخان فِي الْبَيْتِ وكَتِنَ الوَسَخُ عَلَى الشَّيْءِ كَتَناً لَصِقَ بِهِ والكَتَنُ التَّلَزُّجُ والتَّوَسُّخُ التَّهْذِيبُ فِي كَتِلَ يُقَالُ كَتِنَتْ جَحافلُ الْخَيْلِ مِنْ أَكل العُشْب إِذا لَصِقَ بِهِ أَثَرُ خُضْرَته، وكَتِلَتْ، بِالنُّونِ وَاللَّامِ، إِذا لَزِجَتْ ولَكِزَ بِهَا مَاؤُهُ فتَلَبَّدَ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ

والعَيْرُ يَنْفُخُ فِي المَكْنانِ قَدْ كَتِنَتْ

مِنْهُ جَحافِلُه، والعَضْرَسِ [العِضْرِسِ] الثُّجَرِ «2»

المَكْنَانُ نَبْتٌ بأَرض قَيْسٍ، وَاحِدَتُهُ مَكْنانة، وَهِيَ شَجَرَةٌ غَبْراء صَغِيرَةٌ وَقَالَ الْقَزَّازُ المَكْنانُ نباتُ الرَّبِيعِ، وَيُقَالُ المَوْضِعُ الَّذِي يَنْبُتُ فِيهِ، والعِضْرِسُ شَجَرٌ، والثُّجَرُ جَمْعُ ثُجْرة، وَهِيَ القِطْعَة مِنْهُ وَيُقَالُ الثُّجَر للرَّيَّان، وَيُرْوَى الثَّجِرُ أَي المُجْتَمِعُ فِي نَبَاتِهِ وَفِي حَدِيثِ

الْحَجَّاجِ أَنه قَالَ لامرأَة إِنَّكِ لَكَتُونٌ لَفُوتٌ لَقُوفٌ

الكَتُونُ اللَّزُوقُ مِنْ كَتِنَ الْوَسَخُ عَلَيْهِ «3» إِذَا لَزِقَ بِهِ والكَتَنُ لَطْخُ الدُّخَانِ بِالْحَائِطِ أَي أَنها لَزُوق بِمَنْ يَمَسُّها أَو أَنها دَنِسةُ العِرْضِ اللَّيْثُ الكَتَنُ لَطْخ الدخانِ بِالْبَيْتِ والسَّوادِ بالشَّفَة وَنَحْوِهِ يُقَالُ لِلدَّابَّةِ إِذا أَكلت الدَّرِينَ قَدْ كَتِنَتْ جَحافِلُها أَي اسْوَدَّتْ قَالَ الأَزهري غَلِطَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ إِذا أَكلت الدَّرِينَ، لأَن الدَّرِينَ مَا يَبِسَ مِنَ الكَلإِ وأَتى عَلَيْهِ حَوْلٌ فاسْوَدَّ وَلَا لَزَجَ لَهُ حينئذٍ فَيَظْهَرُ لَوْنُهُ فِي الجَحافل، وإِنما تَكْتَنُ الجَحافل مِنْ مَرْعَى العُشْبِ الرَّطْبِ يَسِيلُ مَاؤُهُ فيَتَراكَبُ وَكَبُه ولَزَجُه عَلَى مَقَامِّ الشَّاءِ ومَشَافِرِ الإِبل وجَحافِل الْحَافِرِ، وإِنما يَعْرِف هَذَا مِنْ شَاهَدَهُ وثافَنَه، فأَما مَنْ يَعْتَبِرُ الأَلفاظ وَلَا مُشَاهَدَةَ لَهُ فإِنه يُخْطِئ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ، قَالَ وَبَيْتُ ابْنِ مُقْبِلٍ يُبَيِّنُ لَكَ مَا قُلْتُهُ، وَذَلِكَ أَن المَكْنَانَ والعِضْرِسَ ضَرْبَانِ مِنَ البُقُول غَضَّان رَطْبانِ، وإِذا تَناثر وَرَقُهما بَعْدَ هَيْجهما اخْتَلَطَ بقَمِيمِ العُشْب غيرُهما فَلَمْ يَتَمَيَّزَا مِنْهَا وسِقاء كَتِنٌ إِذا تَلَزَّجَ بِهِ الدَّرَنُ وكَتِنَ الخِطْرُ [الخَطْرُ] تَراكَبَ عَلَى عَجُز الْفَحْلِ مِنَ الإِبل أَنشد يعقوب لابن مقبل:

(1). قوله [تدكلت إلخ] عجزه كما في التكملة:

وَنَحْنُ نَعْدُو فِي الْخَبَارِ والجرن

وتدكلت أي تدللت

(2)

. قوله [في المكنان] بميم مفتوحة ونونين هذا هو الصواب وتقدم إنشاده في ثجر غير هذا والصحيح ما هنا

(3)

. قوله [من كتن الوسخ إلخ] وقيل هي من كتن صدره إذا دوي أي دوية الصدر منطوية على ريبة وغش، وعن أبي حاتم ذاكرت به الأَصمعي فقال هو حديث موضوع ولا أعرف أصل الكتون، كذا بهامش النهاية

ص: 354

ذَعَرْتُ بِهِ العَيْرَ مُسْتَوْزياً،

شَكِيرُ، جَحافِلهِ قَدْ كَتِنْ

مُسْتَوْزِيًا مُنْتَصِبًا مُرْتَفِعًا، والشَّكِيرُ الشَّعَرُ الضَّعِيفُ، يَعْنِي أَن أَثر خُضرة العُشب قَدْ لَزِق بِهِ أَبو عَمْرٍو الكَتَنُ تُرَابُ أَصل النَّخْلَةِ والكَتَنُ الْتِزَاقُ العَلف بفَيْدَي جَحْفلَتي الْفَرَسِ، وَهُمَا صِمغاها والكَتَّان، بِالْفَتْحِ مَعْرُوفٌ، عَرَبِيٌّ سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يُخَيَّس ويُلقى بعضُه عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَكْتَن وَحَذَفَ الأَعشى مِنْهُ الأَلف لِلضَّرُورَةِ وَسَمَّاهُ الكَتَن فَقَالَ

هُوَ الواهِبُ المُسْمِعات الشُّرُوبَ،

بَيْنَ الحَرير وبَينَ الكَتَنْ

كَمَا حَذَفَهَا ابْنُ هَرْمة فِي قَوْلِهِ

بَيْنا أُحَبِّرُ مَدْحاً عادَ مَرْثِيةً،

هَذَا لعَمْري شَرٌّ دِينُه عِدَدُ

دِينه دأْبه، والعِدَد العِداد، وَهُوَ اهْتياج وَجَعِ اللَّديغ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ زَعَمَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنها لُغَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنما حُذِفَ لِلْحَاجَةِ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَلَمْ أَسمع الكَتَن فِي الكَتَّان إِلَّا فِي شِعْرِ الأَعشى وَيُقَالُ لَبِسَ الماءُ كَتَّانه إِذا طَحلَب واخْضَرَّ رأْسُه قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ

أَسَفْنَ المَشافِرَ كَتَّانَهُ،

فأَمْرَرْنَهُ مُستَدِرّاً فَجالا

أَسَفْنَ يَعْنِي الإِبل أَي أَشْمَمْنَ مَشافِرَهن كَتَّانَ الْمَاءِ، وَهُوَ طُحْلبه وَيُقَالُ أَراد بكَتَّانه غُثاءَه، وَيُقَالُ أَراد زَبَد الْمَاءِ، فأَمْرَرْنه أَي شَربْنه مِنَ المُرور، مُستدِرّاً أَي أَنه اسْتَدَرَّ إِلى حُلوقها فجَرى فِيهَا، وَقَوْلُهُ فَجَالَا أَي جَالَ إِليها والكِتْن والكَتِن القَدَحُ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ المصنَّف وَمِثْلُهَا مِنَ الرِّجَالِ المَكمور، وَهُوَ الَّذِي أَصاب الكاتِنُ كَمَرَتَه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ وَلَا أَعرفه، وَالْمَعْرُوفُ الخاتِنُ وكتانة اسْمُ مَوْضِعٍ قَالَ كُثَيِّرٌ عَزَّةَ

أَجَرَّتْ خُفوفاً مِنْ جَنوبِ كُتانةٍ

إِلى وَجْمةٍ، لَمَّا اسْجَهرَّتْ حَرورُها «1»

وكُتانة هَذِهِ كَانَتْ لِجَعْفَرَ بْنِ إِبراهيم بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ كُتانة، بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ التَّاءِ، نَاحِيَةٌ مِنْ أَعراض الْمَدِينَةِ لِآلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبي طَالِبٍ.

كثن: الكُثْنة نَوَرْدَجة تُتَّخَذُ من آسٍ وأَغصان خِلافٍ، تُبْسَط وتُنضَّد عَلَيْهَا الرَّيَاحِينُ ثُمَّ تُطْوى، وإِعرابه كُنْثَجة، وبالنَّبَطيَّة الكُثْنى، مَضْمُومُ الأَول مَقْصُورٌ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ الكُثْنة مِنَ القَصب وَمِنَ الأَغصان الرَّطْبةِ الوَريقة، تُجْمَعُ وتُحْزَمُ وَيُجْعَلُ فِي جَوْفِهَا النَّوْرُ أَو الجَنى، قَالَ وأَصلها نبَطيَّةً كُثْنى

كدن: الكِدْنةُ السَّنامُ بَعِيرٌ كَدِنٌ عظيمُ السَّنام، وَنَاقَةٌ كَدِنةٌ والكِدْنةُ القُوَّة والكِدْنة والكُدْنة جَمِيعًا كَثْرَةُ الشَّحْمِ وَاللَّحْمِ، وَقِيلَ هُوَ الشَّحْمُ وَاللَّحْمُ أَنفسهما إِذا كَثُرا، وَقِيلَ هُوَ الشَّحْمُ وَحْدَهُ عَنْ كُرَاعٍ، وَقِيلَ هُوَ الشَّحْمُ الْعَتِيقُ يَكُونُ لِلدَّابَّةِ وَلِكُلِّ سَمِينٍ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، يَعْنِي بِالْعَتِيقِ الْقَدِيمِ وامرأَة ذاتُ كِدْنة [كُدْنة] أَي ذَاتُ لَحْمٍ قَالَ الأَزهري وَرَجُلٌ ذُو كِدْنة [كُدْنة] إِذا كَانَ سَمِينًا

(1). قوله [أجرت] كذا بالأصل والتكملة والمحكم والذي في ياقوت أجدّت، بالدال المهملة، بمعنى سلكت وعليه فخفوفاً جمع خف بضم الخاء المعجمة بمعنى الأَرض الغليظة ووجمة جانب فعرى بكسر فسكون مقصور جبل تدفع شعابه في غيقة من أرض ينبع

ص: 355

غَلِيظًا أَبو عَمْرٍو إِذا كَثُرَ شَحْمُ النَّاقَةِ وَلَحْمُهَا فَهِيَ المُكْدَنة وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِنه لَحَسَنُ الكِدْنة [الكُدْنة]، وبعر ذو كِدْنة [كُدْنة]، وَرَجُلٌ كَدِنٌ وامرأَة كَدِنة ذَاتُ لَحْمٍ وَشَحْمٍ وفي حدث

سَالِمٍ أَنه دَخَلَ عَلَى هِشَامٍ فَقَالَ لَهُ إِنك لحَسنُ الكِدْنة، فَلَمَّا خَرَجَ أَخذته قَفْقَفة فَقَالَ لِصَاحِبِهِ أَترى الأَحوَلَ لَقَعَني بِعَيْنِهِ الكِدْنة

، بِالْكَسْرِ وَقَدْ تُضَمُّ غِلَظُ الْجِسْمِ وَكَثْرَةُ اللَّحْمِ وَنَاقَةٌ مُكْدَنة ذَاتُ كِدْنة والكِدْنُ والكَدْنُ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ الثوبُ الَّذِي يَكُونُ على الخِدْر، وقل هُوَ مَا تُوَطِّئُ بِهِ المرأَة لِنَفْسِهَا فِي الْهَوْدَجِ مِنَ الثِّيَابِ، وَفِي الْمُحْكَمِ هُوَ الثَّوْبُ الَّذِي تُوَطِّئُ بِهِ المرأَةُ لِنَفْسِهَا فِي الْهَوْدَجِ، وَقِيلَ هُوَ عَباءَة أَو قَطِيفَةٌ تُلْقيها المرأَة عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهَا ثُمَّ تَشُدُّ هَوْدجها عَلَيْهِ وتَثْني طَرَفي العَباءَة مِنْ شِقَّي الْبَعِيرِ وتَخُلُّ مؤَخَّر الكِدْن ومُقدَّمه فَيَصِيرُ مِثْلَ الخُرْجَين تُلْقي فِيهَا بُرْمَتها وَغَيْرَهَا مِنْ مَتَاعِهَا وأَداتها مِمَّا تَحْتَاجُ إِلى حَمْلِهِ، وَالْجَمْعُ كُدُون أَبو عَمْرٍو الكُدُون الَّتِي توَطِّئُ بِهَا المرأَة لِنَفْسِهَا فِي الْهَوْدَجِ، قَالَ وَقَالَ الأَحمرُ هِيَ الثِّيَابُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْخُدُورِ، وَاحِدُهَا كِدْنٌ والكَدْنُ والكِدْنُ مَرْكَب مِنْ مَراكب النِّسَاءِ والكَدْن والكِدْن الرَّحْل قَالَ الرَّاعِي

أَنَخْنَ جِمالهنَّ بذاتِ غِسْلٍ،

سَراةَ اليومِ يَمْهَدْنَ الكُدونا

والكِدْنُ شَيْءٌ مِنْ جُلود يُدَقُّ فِيهِ كالهاوُن وَفِي الْمُحْكَمِ الكِدْنُ جلدُ كراعٍ يُسْلَخُ ويُدبَغ وَيُجْعَلُ فِيهِ الشيءُ فيُدَقُّ فِيهِ كَمَا يُدَقُّ فِي الهاوُن، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كُدُونٌ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ

هُمُ أَطْعَمُونا ضَيْوَناً ثُمَّ فَرْتَنى،

ومَشَّوْا بِمَا فِي الكِدْنِ شَرَّ الجَوازِلِ

الجَوْزَلُ السَّمُّ، ومَشَّوْا دَافُوا، والضَّيْوَنُ ذكَرُ السَّنانير والكَوْدانة النَّاقَةُ الْغَلِيظَةُ الشَّدِيدَةُ قَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ

حَمَلَتْهُ بازِلٌ كَوْدانةٌ

فِي مِلاطٍ ووِعاءٍ كالجِرابِ

وكَدِنَتْ شَفَتُه كَدَناً، فَهِيَ كَدِنةٌ اسْودَّت مِنْ شيءٍ أَكَله، لُغَةٌ فِي كَتِنَتْ، وَالتَّاءُ أَعلى ابْنُ السِّكِّيتِ كَدِنتْ مَشَافِرُ الإِبل وكَتِنَتْ إِذا رَعتِ العشبَ فاسْوَدَّت مشافرُها مِنْ مَائِهِ وغلُظَت وكَدِنُ النَّبَاتِ غَلِيظُهُ وأُصوله الصُّلبة وكَدِنَ النباتُ لَمْ يَبْقَ إِلا كَدِنُه والكَدَانةُ الهُجْنةُ والكَوْدَنُ والكَوْدَنِيُّ البِرْذَوْنُ الهَجِينُ، وَقِيلَ هُوَ الْبَغْلُ وَيُقَالُ للبِرْذَوْنِ الثَّقيلِ كَوْدَنٌ، تَشْبِيهًا بِالْبَغْلِ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ

فغادَرْتُها مِنْ بَعْدِ بُدْنٍ رَذِيَّةً،

تُغالي عَلَى عُوجٍ لَهَا كَدِناتِ

تُغالي أَي تسيرُ مُسْرِعةً والكَدِناتُ الصِّلابُ، وَاحِدَتُهَا كَدِنةٌ وَقَالَ جَندل بْنُ الرَّاعِي

جُنادِبٌ لاحِقٌ بالرأْسِ مَنكِبُه،

كأَنه كَوْدَنٌ يَمْشي بكَلَّابِ

الكَوْدَنُ البِرْذَوْنُ والكَوْدَنِيُّ مِنَ الفِيَلةِ أَيضاً، وَيُقَالُ للفِيلِ أَيضاً كَوْدَنٌ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ

خَلِيليَّ عُوجَا مِنْ صُدُورِ الكَوادِنِ

إِلى قَصْعَةٍ، فِيهَا عُيُونُ الضيَّاوِنِ

قَالَ شبَّه الثَّرِيدة الزُّرَيْقاءَ بِعُيُونِ السَّنانير لِمَا فِيهَا مِنَ الزَّيْتِ الْجَوْهَرِيُّ الكَوْدَنُ البِرْذَوْنُ يُوكَفُ وَيُشَبَّهُ بِهِ الْبَلِيدُ يُقَالُ مَا أَبْيَنَ الكَدَانَة

ص: 356

فِيهِ أَي الهُجْنَةَ والكَدَنُ أَن تُنْزحَ الْبِئْرُ فَيَبْقَى الكَدَرُ وَيُقَالُ أَدْرِكوا كَدَنَ مائِكم أَي كَدَرَه قَالَ أَبو مَنْصُورٍ الكَدَنُ والكَدَرُ والكَدَلُ وَاحِدٌ وَيُقَالُ كَدِنَ الصِّلِّيانُ إِذا رُعِيَ فُرُوعُه وبقِيَتْ أُصُولُه والكِدْيَوْنُ التُّرابُ الدُّقاقُ عَلَى وَجْهِ الأَرض قَالَ أَبو دُواد، وَقِيلَ لِلطِّرِمَّاحِ

تيَمَّمْتُ بالكِدْيَوْنِ كَيْ لَا يَفُوتَني،

مِنَ المَقْلةِ البَيْضاء، تَقْرِيظُ باعِقِ

يَعْنِي بالمَقْلةِ الحصاةَ الَّتِي يُقْسَمُ بِهَا الْمَاءُ فِي المَفاوِزِ، وَبِالتَّقْرِيظِ مَا يُثْنَى بِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وتقَدَّسَ، وَبِالْبَاعِقِ المُؤَذِّن، وَقِيلَ الكِدْيَوْنُ دُقاقُ السِّرْقين يُخْلَطُ بِالزَّيْتِ فتُجْلى بِهِ الدُّروع، وَقِيلَ هُوَ دُرْدِيُّ الزَّيْتِ، وَقِيلَ هُوَ كُلُّ مَا طُلِيَ بِهِ مِنْ دُهْن أَو دَسَم قَالَ النَّابِغَةُ يَصِفُ دُرُوعًا جُلِيَتْ بالكِدْيَوْنِ والبَعر

عُلِينَ بكِدْيَوْنٍ وأُبْطِنَّ كُرَّةً،

فَهُنَّ وِضَاءٌ صافِياتُ الغَلائِل

وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ ضَافِيَاتِ الْغَلَائِلِ وَفِي الصِّحَاحِ الكِدْيَوْن مِثَالُ الفِرْجَوْنِ دُقاقُ التُّرَابِ عَلَيْهِ دُرْديُّ الزَّيْت تُجْلى بِهِ الدُّروع وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ وكُدَيْنٌ اسْمٌ. والكَوْدَنُ رَجُلٌ مِنْ هُذيْل والكِدَانُ خَيْطٌ يُشَدُّ فِي عُروةٍ فِي وسَطِ الغَرْبِ يُقَوِّمُه لِئَلَّا يضطربَ فِي أَرجاء الْبِئْرِ عَنِ الهجَري وأَنشد

بُوَيْزِلٌ أَحْمَرُ ذُو لحْمٍ زِيَمْ،

إِذا قصَرْنا مِنْ كِدانِه بَغَمْ

والكِدانُ شُعْبةٌ مِنَ الْحَبْلِ يُمْسَكُ الْبَعِيرُ بِهِ أَنشد أَبو عَمْرٍو

إِن بَعِيريْك لَمُخْتَلَّانِ،

أَمْكِنْهما مِنْ طَرَفِ الكِدَانِ

كذن: اللَّيْثُ الكَذَّانة حِجارة كأَنها المَدَرُ فِيهَا رَخاوة، وَرُبَّمَا كَانَتْ نخِرةً، وَجَمْعُهَا الكَذَّانُ، يُقَالُ إِنها فَعْلانة وَيُقَالُ فَعّالة أَبو عَمْرٍو الكَذَّانُ الْحِجَارَةُ الَّتِي لَيْسَتْ بصُلبة وَفِي حَدِيثِ

بِنَاءِ الْبَصْرَةِ فَوَجَدُوا هَذَا الكَذَّانَ فَقَالُوا مَا هَذِهِ البَصْرةُ الكَذَّانُ

والبَصْرة حِجَارَةٌ رِخْوَةٌ إِلى الْبَيَاضِ، وَهُوَ فَعّال وَالنُّونُ أَصلية، وَقِيلَ: فَعْلان والنون زائدة

كرن: الكِرَانُ العُودُ، وَقِيلَ الصَّنْجُ قَالَ لَبِيدٌ

صَعْلٌ كسافِلةِ القَناةِ وظِيفُه،

وكأَنَّ جُؤْجُؤَه صَفِيحُ كِرانِ

وَفِي رِوَايَةٍ كسافِلةِ القَنا ظُنْبُوبُه، وَالْجَمْعُ أَكْرِنةٌ والكَرِينَةُ المُغَنِّيَةُ الضَّارِبَةُ بالعُود أَو الصَّنْجِ وَفِي حَدِيثِ

حَمْزَةَ، رضي الله عنه فغَنَّتْه الكَرِينة

أَي المغنة الضَّارِبَةُ بالكِرانِ، والكِنَّارة نحوٌ منه والكِرْيَوْنُ وادٍ بِمِصْرَ، حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ

تولَّتْ سِراعاً عِيرُها، وكأَنها

دَوافِعُ بالكِريَوْن ذاتُ قُلوعِ

وَقِيلَ هُوَ خَلِيجٌ يُشَقُّ مِنْ نِيلِ مِصْرَ، صَانَهَا اللَّهُ تَعَالَى

كردن: الكِرْدِينُ الفأْسُ الْعَظِيمَةُ، لَهَا رأْس وَاحِدٌ، وَهُوَ الكَرْدَنُ [الكِرْدَنُ] أَيضاً وكِرْدينٌ لَقَبُ مُسْمِعِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ التَّهْذِيبُ ابْنُ الأَعرابي خُذْ بقَرْدَنِه وكَرْدَنِه وكَرْدِه أَي بِقَفَاهُ الأَصمعي يُقَالُ ضرَبَ كَرْدَنَه أَي عُنُقَه، وَبَعْضُهُمْ يقول ضرب قَرْدَنه.

ص: 357

كرزن: الْجَوْهَرِيُّ الكِرْزِنُ والكِرْزِين، بِالْكَسْرِ، فأْس مِثْلُ الكِرْزِم والكِرْزِيم عَنِ الْفَرَّاءِ، وَفِي حَدِيثِ

أُمِّ سَلَمة مَا صَدَّقْتُ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، حَتَّى سمعْتُ وقْعَ الْكِرَازِينَ

ابْنُ سِيدَهْ الكَرْزَنُ والكِرْزِنُ والكِرْزِينُ الفأْس لَهَا رأْسٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ الكِرْزِينُ نحوُ المِطْرَقة، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ الكَرْزَنُ، بِفَتْحِ الْكَافِ وَالزَّايِ جَمِيعًا، الفأْس لَهَا حَدٌّ قَالَ وأَحسِبُني قَدْ سَمِعْتُ الكِرْزَنَ، بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَفِي الْحَدِيثِ

عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبيه قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ الخَنْدَق فأَخذ الكِرْزِينَ يَحْفِرُ فِي حَجر إِذ ضَحِكَ، فسُئل مَا أَضْحَكَك؟ فَقَالَ مِنْ نَاسٍ يُؤْتَى بِهِمْ مِنْ قِبَلِ المَشْرِق فِي الكُبُول يُساقون إِلى الْجَنَّةِ وَهُمْ كَارِهُونَ

قَالَ الشَّاعِرُ

فَقَدْ جعَلَتْ أَكْبادُنا تَحْتَوِيكُمُ،

كَمَا تَحْتَوي سُوقُ العِضاهِ الكَرازِنا

قَالَ أَبو عَمْرٍو إِذا كَانَ لَهَا حَدٌّ وَاحِدٌ فَهِيَ فأْس، وكَرْزَن وكِرْزِنٌ، وَالْجَمْعُ كَرازِينُ وكرازِنُ، وَقَالَ غَيْرُهُ الكَرازِنُ مَا تَحْتَ مِيرَكَةِ الرَّحْلِ وأَنشد

وقَفْتُ فِيهِ ذاتَ وجْهٍ ساهِمِ،

تُنْبي الكَرازِينَ بصُلبٍ زاهِمِ

كركدن: ابْنُ الأَعرابي الكَرْكَدَّنُ دَابَّةٌ عَظِيمَةُ الخَلْقِ يُقَالُ إِنها تَحْمِلُ الفِيلَ عَلَى قرْنِها، ثَقَّلَ الدَّالَّ مِنَ الكَرْكَدَّنِ

كسطن: أَبو عَمْرٍو القَسْطانُ والكَسْطانُ الغُبار، وكَسْطَلٌ وقَسْطَلٌ وكَسْطَنٌ وأَنشد

حَتَّى إِذا مَا الشمسُ هَمَّتْ بعَرَجْ،

أَهابَ راعِيها فثارَتْ برَهَجْ،

تُثير كَسْطانَ مَراغ ذِي وَهَجْ

كشن: الكُشْنَى، مَقْصُورٌ نَبْتٌ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ هُوَ الكِرْسِنَّةُ «1»

كشخن: قَالَ فِي الكَشْمَخِ بقلة تكون في رمال بَنِي سَعْدٍ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ أَقمْتُ فِي رِمَالِ بَنِي سَعْدٍ فَمَا رأَيت كَشْمَخةً وَلَا سَمِعْتُ بِهَا وَمَا أُراها عَرَبِيَّةً، وَكَذَلِكَ الكَشْخَنة مُوَلَّدة لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي تَرْجَمَةِ كشخ

كعن: حَكَى الأَزهري عَنْ أَبي عَمْرٍو الإِكْعان فُتور النَّشَاطِ، وَقَدْ أَكْعَن إِكْعاناً وأَنشد لطَلْق بْنِ عَديٍّ يَصِفُ نَعَامَتَيْنِ شَدَّ عَلَيْهِمَا فارسٌ

والمُهْرُ فِي آثارِهِنَّ يَقْبِصُ

قَبْصاً تَخالُ الهِقْلَ مِنْهُ يَنْكُصُ

حَتَّى اشْمَعلَّ مُكْعِناً مَا يَهْبَصُ

قَالَ وأَنا وَاقِفٌ فِي هَذَا الْحَرْفِ

كفن: الكَفَنُ مَعْرُوفٌ ابْنُ الأَعرابي الكَفْنُ التَّغْطِيَةُ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ وَمِنْهُ سُمِّيَ كَفَنُ الْمَيِّتِ لأَنه يَسْتُرُهُ ابْنُ سِيدَهْ الكَفَنُ لِبَاسُ الْمَيِّتِ مَعْرُوفٌ، وَالْجَمْعُ أَكفان، كَفَنه يكْفِنُه كَفْناً وكَفَّنه تَكْفِيناً وَيُقَالُ: مَيِّتٌ مَكْفونٌ ومُكَفَّنٌ؛ وَقَوْلُ إمرئِ الْقَيْسِ:

عَلَى حَرَجٍ كالقَرِّ يَحْمِلُ أَكفاني

أَراد بأَكْفانه ثِيَابَهُ الَّتِي تُواريه، وَوَرَدَ ذِكْرُ الكَفَن فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:

إِذا كَفَنَ أَحدُكم أَخاه فلْيُحْسِن كَفْنَه

، أَنه بِسُكُونِ

(1). قوله [هو الكرسنة] ضبطت في القاموس بكسر الكاف والسين وضبطها عاصم بفتحهما وضبطت في التكملة بالشكل بكسر الكاف وفتح السين

ص: 358

الْفَاءِ عَلَى الْمَصْدَرِ أَي تَكْفِينَهُ، قَالَ: وَهُوَ الأَعم لأَنه يَشْتَمِلُ عَلَى الثَّوْبِ وَهَيْئَتِهِ وَعَمَلِهِ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ فِيهِ الْفَتْحُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

فأَهدى لَنَا شَاةً وكَفَنَها

أَي مَا يُغَطِّيها مِنَ الرُّغْفان. وَيُقَالُ: كَفَنْتُ الخُبزةَ فِي المَلَّة إِذا وارَيْتَها بِهَا. والكَفْنُ: غزْل الصُّوف. وكَفَن الرجلُ الصوفَ: غَزَله. اللَّيْثُ: كَفَن الرجلُ يَكْفِنُ أَي غَزَلَ الصُّوفَ. والكَفْنةُ: شَجَرَةٌ مِنْ دِقِّ الشَّجَرِ صَغِيرَةٌ جَعْدة، إِذا يَبستْ صَلُبتْ عِيدانُها كأَنها قِطَعٌ شُقِّقتْ عَنِ القَنا، وَقِيلَ: هِيَ عُشْبة مُنْتَشِرَةُ النَبْتة عَلَى الأَرض تَنبُتُ بالقِيعان وبأَرض نجدٍ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكَفْنة مِنْ نَبَاتِ القُفّ، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا وكَفَنَ يَكْفِنُ: اخْتلى الكَفْنة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُهُ:

يَظَلُّ فِي الشاءِ يَرْعاها ويَعْمِتُها،

ويَكْفِن الدهرَ إِلَّا رَيْث يَهْتَبِد

فَقَدْ قِيلَ: مَعْنَاهُ يَخْتَلي مِنَ الكَفْنة لمَراضع الشَّاءِ؛ قَالَهُ أَبو الدُّقَيْش، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَغْزِلُ الصُّوفَ؛ رَوَاهُ اللَّيْثُ؛ وَرَوَى عَمْرٌو عَنْ أَبيه هَذَا الْبَيْتَ:

فَظَلَّ يَعْمِتُ فِي قَوْطٍ وراجِلةٍ،

يُكَفِّتُ الدَّهْرَ إِلَّا رَيْثَ يَهْتَبِدُ

قَالَ: يُكَفِّتُ يَجْمع ويحْرص إِلا سَاعَةَ يَقْعُدُ يَطَّبِخُ الهَبيدَ، وَالرَّاجِلَةُ: كَبْش الرَّاعِي يحْملُ عَلَيْهِ مَتَاعَهُ، وَيُقَالُ لَهُ الكَرَّاز. وَطَعَامٌ كَفْنٌ: لَا مِلْح فِيهِ. وَقَوْمٌ مُكْفِنُون: لَا مِلح عِنْدَهُمْ؛ عَنِ الهَجَريّ. قَالَ: وَمِنْهُ

قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، عليه السلام، فِي كِتَابِهِ إِلى عَامِلِهِ مَصْقَلة بْنِ هُبَيرة: مَا كَانَ عَلَيْكَ أَن لَوْ صُمْتَ لِلَّهِ أَياماً، وتصدَّقْتَ بِطَائِفَةٍ مِنْ طَعَامِكَ مُحْتَسِباً، وأَكلت طَعامَكَ مِراراً كَفْناً، فإِن تِلْكَ سيرةُ الأَنبياء وآدابُ الصَّالِحِينَ.

والكَفْنة: شجر.

كمن: كَمَنَ كُمُوناً: اخْتَفى. وكَمَن لَهُ يَكْمُن كُموناً وكَمِن: استَخْفى. وكمنَ فلانٌ إِذا اسْتَخْفَى فِي مَكْمَنٍ لَا يُفْطَنُ لَهُ. وأَكْمَن غيرَه: أَخفاه. وَلِكُلِّ حَرْفٍ مَكْمَنٌ إِذا مَرَّ بِهِ الصوتُ أَثاره. وكلُّ شيءٍ اسْتَتَرَ بشيءٍ فَقَدْ كَمَن فِيهِ كُموناً. وَفِي الْحَدِيثِ:

جاءَ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، وأَبو بَكْرٍ، رضي الله عنه، فكَمَنا فِي بَعْضِ حِرار الْمَدِينَةِ

أَي اسْتَتَرَا وَاسْتَخْفَيَا؛ وَمِنْهُ الكَمِينُ فِي الْحَرْبِ مَعْرُوفٌ، والحِرار: جَمْعُ حَرَّة وَهِيَ الأَرض ذَاتُ الْحِجَارَةِ السُّود، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الكَمينُ فِي الْحَرْبِ الذينَ يَكْمُنون. وأَمرٌ فِيهِ كَمِينٌ أَي فِيهِ دَغَلٌ لَا يُفْطَن لَهُ. قَالَ الأَزهري: كَمِينٌ بِمَعْنَى كامِن مِثْلَ عَليم وَعَالِمٍ. وَنَاقَةٌ كَمُونٌ: كَتُوم للِّقاح، وَذَلِكَ إِذا لَقِحَتْ، وَفِي الْمُحْكَمِ: إِذا لَمْ تُبَشِّر بذَنبها وَلَمْ تَشُل، وإِنما يُعْرَف حملُها بشَوَلان ذنَبِها. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: نَاقَةٌ كَمُونٌ إِذا كَانَتْ فِي مُنْيَتِها وَزَادَتْ عَلَى عَشْرِ لَيَالٍ إِلى خَمْسَ عَشْرَةَ لَا يُسْتَيْقَنُ لِقاحُها. وحُزْنٌ مُكْتَمِنٌ فِي الْقَلْبِ: مُخْتَفٍ. والكُمْنةُ: جَرَبٌ وحُمْرة تَبقى فِي الْعَيْنِ مِنْ رَمَدٍ يُساء علاجُه فتُكْمَن، وَهِيَ مَكْمونة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

سِلاحُها مُقْلَةٌ تَرَقْرَقُ لَمْ

تَحْذَلْ بِهَا كُمْنةٌ وَلَا رَمَدُ

وَفِي الْحَدِيثِ

عَنْ أَبي أُمامة الْبَاهِلِيِّ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَنْ قَتْلِ عَوامر الْبُيُوتِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ والأَبْتَر، فإِنهما يُكْمِنان الأَبصارَ أَو يُكْمِهان وتَخْدِجُ مِنْهُ النِّسَاءُ.

قَالَ

ص: 359

شَمِرٌ: الكُمْنةُ ورَمٌ فِي الأَجفان، وَقِيلَ: قَرْحٌ فِي الْمَآقِي، وَيُقَالُ: حِكَّة ويُبْسٌ وحُمْرة؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

تَأَوَّبَني الداءُ الَّذِي أَنا حاذِرُهْ،

كما اعتاد «2»

مِنَ الليلِ عائِرُهْ

. وَمَنْ رَوَاهُ بِالْهَاءِ يُكْمِهان، فَمَعْنَاهُ يُعْمِيان، مِنَ الأَكْمه وَهُوَ الأَعمى، وَقِيلَ: هُوَ وَرَمٌ فِي الجَفْن وغِلَظٌ، وَقِيلَ: هُوَ أُكالٌ يأْخذ فِي جَفْنِ الْعَيْنِ فتحمرُّ لَهُ فَتَصِيرُ كأَنها رَمْدَاءُ، وَقِيلَ: هِيَ ظُلْمَةٌ تأْخذ فِي الْبَصَرِ، وَقَدْ كَمِنَتْ عينُه تَكْمَنُ كُمْنة شَدِيدَةً وكُمِنَتْ. والمُكْتَمِنُ: الحَزينُ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

عَواسِفُ أَوْساطِ الجُفونِ يَسُفْنَها

بمُكْتَمِنٍ، مِنْ لاعِج الحُزْنِ، واتِنِ

المُكْتَمِنُ: الْخَافِي الْمُضْمِرُ، والواتِنُ: الْمُقِيمُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي خَلَصَ إِلى الوَتِينِ. والكَمُّون، بِالتَّشْدِيدِ: مَعْرُوفٌ حَبٌّ أَدقُّ مِنَ السِّمْسِم، وَاحِدَتُهُ كَمُّونةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الكَمُّون عَرَبِيٌّ مَعْرُوفٌ يَزْعُمُ قَوْمٌ أَنه السَّنُّوتُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فأَصبَحْتُ كالكَمُّون ماتَتْ عُروقُه،

وأَغصانُه مِمَّا يُمَنُّونَه خُضْرُ

ودارَةُ مَكْمِنٍ «3» : مَوْضِعٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. ومَكْمِنٌ: اسْمُ رَمْلَةٍ فِي دِيَارِ قَيْسٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:

بدارَةِ مَكْمِنٍ ساقتْ إِليها

رِياحُ الصَّيْفِ أَرْآماً وعِينَا

كنن: الكِنُّ والكِنَّةُ والكِنَانُ: وِقاء كُلِّ شيءٍ وسِتْرُه. والكِنُّ: الْبَيْتُ أَيضاً، وَالْجَمْعُ أَكْنانٌ وأَكِنةٌ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَمْ يُكَسِّرُوهُ عَلَى فُعُلٍ كَرَاهِيَةَ التَّضْعِيفِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً

. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

فَلَمَّا رأَى سُرْعَتَهم إِلى الكِنِّ ضَحِكَ

؛ الكِنُّ: مَا يَرُدُّ الحَرَّ والبرْدَ مِنَ الأَبنية وَالْمَسَاكِنِ، وَقَدْ كَننْتُه أَكُنُّه كَنّاً. وَفِي الْحَدِيثِ:

عَلَى مَا اسْتَكَنَ

أَي اسْتَتَر. والكِنُّ: كلُّ شيءٍ وَقَى شَيْئًا فَهُوَ كِنُّه وكِنانُه، وَالْفِعْلُ مِنْ ذَلِكَ كَنَنْتُ الشَّيْءَ أَي جَعَلْتُهُ فِي كِنٍّ. وكَنَّ الشيءَ يَكُنُّه كَنّاً وكُنوناً وأَكَنَّه وكَنَّنَه: سَتَرَهُ؛ قَالَ الأَعلم:

أَيَسْخَطُ غَزْوَنا رجلٌ سَمِينٌ

تُكَنِّنُه السِّتارةُ والكنِيفُ؟

وَالِاسْمُ الكِنُّ، وكَنَّ الشيءَ فِي صَدْرِهِ يَكُنُّه كَنّاً وأَكَنَّه واكْتَنَّه كَذَلِكَ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:

إِذا البَخِيلُ أَمَرَ الخُنُوسا

شَيْطانُه وأَكْثَر التَّهْوِيسا

فِي صَدْرِهِ، واكتَنَّ أَن يَخِيسا

وكَنَّ أَمْرَه عَنْهُ كَنّاً: أَخفاه. واسْتَكَنَّ الشيءُ: استَتَر؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:

وَلَمْ يتَنوَّرْ نارَه الضيفُ مَوْهِناً

إِلى عَلَمٍ لَا يستَكِنُّ مِنَ السَّفْرِ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَكَنَّ الشيءَ: سَتَره. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ

؛ أَي أَخفَيْتم. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جاءَ كنَنتُ فِي الأَمرين «4» . جميعاً؛ قال المُعَيْطِيُّ:

(2). كذا بياض بالأصل

(3)

. قوله [ودارة مكمن] ضبطها المجد كمقعد، وضبطها ياقوت كالتكملة بكسر الميم

(4)

. قوله [في الأمرين] أي الستر والصيانة من الشمس والإسرار في النفس كما يعلم من الوقوف على عبارة الصحاح الآتية في قوله: وَكَنَنْتُ الشَّيْءَ سَتَرْتُهُ وَصُنْتُهُ

ص: 360

قَدْ يكْتُمُ الناسُ أَسراراً فأَعْلَمُها،

وَمَا يَنالُون حَتَّى المَوْتِ مَكْنُوني

قَالَ الْفَرَّاءُ: لِلْعَرَبِ فِي أَكنَنْتُ الشيءَ إِذا ستَرْتَه لُغَتَانِ: كنَنْتُه وأَكنَنْتُه بِمَعْنًى؛ وأَنشَدُوني:

ثلاثٌ مِنْ ثَلاثِ قُدامَياتٍ،

مِنَ اللَّائي تَكُنُّ مِنَ الصَّقِيعِ

وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ: تُكِنُّ مِنْ أَكنَنْتُ. وكَنَنْتُ الشيءَ: سَتْرتُه وصُنْتُه مِنَ الشَّمْسِ. وأَكنَنْتُه فِي نَفْسِي: أَسْرَرْتُه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: كنَنْتُه وأَكنَنْتُه بِمَعْنًى فِي الكِنِّ وَفِي النَّفس جَمِيعًا، تَقُولُ: كَنَنْتُ الْعِلْمَ وأَكنَنْتُه، فَهُوَ مَكْنونٌ ومُكَنٌّ. وكَنَنْتُ الجاريةَ وأَكنَنْتُها، فَهِيَ مَكْنونة ومُكَنَّة؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ

؛ أَي مَسْتُورٌ مِنَ الشَّمْسِ وَغَيْرِهَا. والأَكِنَّةُ: الأَغطِيَةُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ*

، وَالْوَاحِدُ كِنانٌ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:

هاجَ ذَا القَلْبَ مَنْزِلُ

دارِسُ العَهْدِ مُحْوِلُ

أَيُّنا باتَ لَيْلَةً

بَيْنَ غُصْنَينِ يُوبَلُ

تحتَ عَيْنٍ كِنَانُنا،

ظِلُّ بُرْدٍ مُرَحَّلُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده:

بُرْدُ عَصْبٍ مُرَحَّلُ

قَالَ: وأَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ:

تحتَ ظِلٍّ كِنانُنا،

فَضْلُ بُرْدٍ يُهَلَّلُ «1»

. واكتَنَّ واسْتَكَنَّ: اسْتَتَر. والمُسْتَكِنَّةُ: الحِقْدُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

وَكَانَ طَوى كَشْحاً عَلَى مُستكِنَّةٍ،

فَلَا هُوَ أَبْداها وَلَمْ يتَجَمْجَمِ

وكَنَّه يَكُنُّه: صَانَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ

؛ وأَما قَوْلُهُ: لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ

وبَيْضٌ مَكْنُونٌ

، فكأَنه مَذْهَبٌ لِلشَّيْءِ يُصانُ، وإِحداهما قَرِيبَةٌ مِنَ الأُخرى. ابْنُ الأَعرابي: كَنَنْتُ الشيءَ أَكُنُّه وأَكنَنْتُه أُكِنُّه، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَكْنَنْتُ الشيءَ إِذا سَتْرتَه، وكنَنْتُه إِذا صُنتَه. أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَبي زَيْدٍ: كنَنْتُ الشيءَ وأَكنَنْتُه فِي الكِنِّ وَفِي النَّفْسِ مثلُها. وتَكَنَّى: لزِمَ الكِنَّ. وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: رأَيت

عِلْجاً يَوْمَ القادِسية قَدْ تَكَنَّى وتحَجَّى فقَتلْتُه؛ تحجَّى أَي زَمزَمَ. والأَكنانُ: الغِيرانُ وَنَحْوُهَا يُسْتكَنُّ فِيهَا، وَاحِدُهَا كِنٌّ وتجْمَعُ أَكِنَّة، وَقِيلَ: كِنانٌ وأَكِنَّة. واسْتكَنَّ الرجلُ واكْتَنَّ: صَارَ فِي كِنٍّ. واكتَنَّتِ المرأَةُ: غطَّتْ وجْهَها وسَتَرَتْه حَياءً مِنَ النَّاسِ. أَبو عَمْرٍو: الكُنَّةُ والسُّدَّةُ كالصُّفَّةِ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ، والظُّلَّة تَكُونُ بِبَابِ الدَّارِ. وَقَالَ الأَصمعي: الكُنَّة هِيَ الشيءُ يُخْرِجُه الرجلُ مِنْ حَائِطِهِ كالجَناحِ وَنَحْوِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والكُنَّة، بِالضَّمِّ، جَنَاحٌ تُخْرِجُه مِنَ الْحَائِطِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّقِيفة تُشْرَعُ فوقَ بَابِ الدَّارِ، وَقِيلَ: الظُّلَّة تَكُونُ هُنَالِكَ، وَقِيلَ: هُوَ مُخْدَع أَو رَفٌّ يُشْرَعُ فِي الْبَيْتِ، وَالْجَمْعُ كِنَانٌ وكُنّات. والكِنانة: جَعْبة السِّهام تُتَّخذُ مِنْ جُلود لَا خَشب فِيهَا أَو مِنْ خَشَبٍ لَا جُلُودَ فِيهَا. اللَّيْثُ: الكِنَانة كالجَعْبة غَيْرَ أَنها صَغِيرَةٌ تُتَّخَذُ للنَّبْل. ابْنُ دُرَيْدٍ: كِنانة النَّبْل إِذا كَانَتْ مِنْ أَدم، فإِن كانت من

(1). قوله [يهلل] كذا بالأصل مضبوطاً ولم نعثر عليه في غير هذا المحل ولعله مهلهل

ص: 361

خَشَبٍ فَهُوَ جَفِير. الصِّحَاحُ: الكِنانةُ الَّتِي تُجْعَلُ فِيهَا السِّهَامُ .. والكَنَّةُ، بِالْفَتْحِ: امرأَة الِابْنِ أَو الأَخ، وَالْجَمْعُ كَنائِنُ، نَادِرٌ كأَنهم تَوَهَّمُوا فِيهِ فَعِيلة وَنَحْوَهَا مِمَّا يُكْسَرُ عَلَى فَعَائِلَ. التَّهْذِيبُ: كُلُّ فَعْلةٍ أَو فِعْلة أَو فُعْلة مِنْ بَابِ التَّضْعِيفِ فإِنها تُجْمَعُ عَلَى فَعائل، لأَن الْفِعْلَةَ إِذا كَانَتْ نَعْتًا صَارَتْ بَيْنَ الْفَاعِلَةِ والفَعيل وَالتَّصْرِيفُ يَضُمُّ فَعْلًا إِلى فَعِيلٍ، كَقَوْلِكَ جَلْدٌ وجَلِيد وصُلْبٌ وصَليب، فردُّوا الْمُؤَنَّثَ مِنْ هَذَا النَّعْتِ إِلى ذَلِكَ الأَصل؛ وأَنشد:

يَقُلْنَ كُنَّا مرَّةً شَبائِبا

قَصَرَ شابَّةً فَجَعَلَهَا شَبَّةً ثُمَّ جَمَعَهَا عَلَى الشَّبائب، وقال: هِيَ حَنَّتُه وكَنَّتُه وفِراشه وإِزاره ونهْضَتُه ولِحافه كُلُّهُ وَاحِدٌ. وَقَالَ الزِّبرقان بْنُ بدْر: أَبغَضُ كَنائني إِليَّ الطُّلَعةُ الخُبَأَة، وَيُرْوَى: الطُّلَعةُ القُبَعة، يَعْنِي الَّتِي تَطَلَّعُ ثُمَّ تُدْخِلُ رأْسَها فِي الكِنَّة. وَفِي حَدِيثِ

أُبَيٍّ أَنه قَالَ لعُمَر وَالْعَبَّاسِ وَقَدِ استأْذنا عَلَيْهِ: إِن كَنَّتكُما كَانَتْ تُرَجِّلُني

؛ الكَنَّةُ: امرأَة الِابْنِ وامرأَة الأَخ، أَراد امرأَته فَسَمَّاهَا كَنَّتَهُما لأَنه أَخوهما فِي الإِسلام؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

ابْنِ الْعَاصِ: فجاءَ يتَعاهدُ كَنَّتَه

أَي امرأَة ابْنِهِ. والكِنَّةُ والاكْتِنانُ: البَياضُ. والكانونُ: الثَّقيلُ الوَخِم ابْنُ الأَعرابي: الْكَانُونُ الثَّقِيلُ مِنَ النَّاسِ؛ وأَنشد لِلْحُطَيْئَةِ:

أَغِرْبالًا إِذا اسْتُودِعْت سِرّاً،

وَكَانُونًا عَلَى المُتَحدِّثِينا؟

أَبو عَمْرٍو: الكَوانينُ الثُّقلاء مِنَ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ الْكَانُونُ الَّذِي يَجْلِسُ حَتَّى يَتحَصَّى الأَخبارَ والأَحاديث ليَنقُلها؛ قَالَ أَبو دَهْبل:

وَقَدْ قَطَعَ الْوَاشُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا،

ونحنُ إِلى أَن يُوصَل الحبْلُ أَحوَجُ

فَليْتَ كوانِينا مِنْ أهْلي وأَهلها،

بأَجْمَعِهم فِي لُجَّة البحرِ، لَجَّجوا

الْجَوْهَرِيُّ: والكانونُ والكانونةُ المَوْقِدُ، والكانونُ المُصْطَلى. وَالْكَانُونَانِ: شَهْرَانِ فِي قَلْبِ الشِّتَاءِ، رُوميَّة: كَانُونُ الأَوَّل، وكانونُ الْآخَرُ؛ هَكَذَا يُسَمِّيهِمَا أَهل الرُّومِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَانِ الشَّهْرَانِ عِنْدَ الْعَرَبِ هُمَا الهَرَّاران والهَبَّاران، وَهُمَا شَهْرَا قُماحٍ وقِماحٍ. وَبَنُو كُنَّة: بطنٌ مِنَ الْعَرَبِ نُسِبُوا إِلى أُمِّهم، وَقَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ بِفَتْحِ الْكَافِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ بَنُو كُنَّة، بِضَمِّ الْكَافِ، قَالَ: وَكَذَا قَالَ أَبو زَكَرِيَّا؛ وأَنشد:

غَزالٌ ما رأَيتُ الْيَوْمَ

فِي دارِ بَني كُنَّهْ

رَخِيمٌ يَصْرَعُ الأُسْدَ

عَلَى ضَعْفٍ مِنَ المُنَّهْ

ابْنُ الأَعرابي: كَنْكَنَ إِذا هرَب. وكِنانة: قَبِيلَةٍ مِنْ مُضَر، وَهُوَ كِنانة بْنُ خُزَيمة بْنِ مُدْرِكة بْنِ إلياسِ بْنِ مُضَر. وَبَنُو كِنانة أَيضاً: من تَغْلِبَ بن وائلٍ وَهُم بَنُو عِكَبٍّ يُقَالُ لَهُمْ قُرَيْشُ تَغْلِبَ «1» .

كهن: الكاهنُ: مَعْرُوفٌ. كَهَنَ لَهُ يَكْهَنُ ويكهُنُ وكَهُنَ كَهانةً وتكَهَّنَ تكَهُّناً وتَكْهِيناً، الأَخير نَادِرٌ: قَضى لَهُ بِالْغَيْبِ. الأَزهري: قَلَّما يُقَالُ إِلا تكَهَّنَ الرجلُ. غَيْرُهُ: كَهَن كِهانةً مِثْلَ كَتَب يكتُب كِتابة إِذا تكَهَّنَ، وكَهُن كَهانة

(1). زاد المجد كالصاغاني: كنكن إذا كسل وقعد في البيت. ومن أسماء زمزم المكنونة، وقال الفراء: النسبة إلى بني كنة بالضم كني وكني بالضم والكسر

ص: 362

إِذا صَارَ كاهِناً. وَرَجُلٌ كاهِنٌ مِنْ قَوْمٍ كَهَنةٍ وكُهَّان، وحِرْفتُه الكِهانةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَهَى عَنْ حُلْوان الْكَاهِنِ

؛ قَالَ: الكاهِنُ الَّذِي يَتعاطي الخبرَ عَنِ الْكَائِنَاتِ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ ويدَّعي مَعْرِفَةَ الأَسرار، وَقَدْ كَانَ فِي الْعَرَبِ كَهَنةٌ كشِقٍّ وَسَطِيحٍ وَغَيْرِهِمَا، فَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَزْعُم أَن لَهُ تَابِعًا مِنَ الْجِنِّ ورَئِيّاً يُلقي إِليه الأَخبار، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَزْعُمُ أَنه يَعْرِفُ الأُمور بمُقدِّمات أَسباب يَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى مَوَاقِعِهَا مِنْ كَلَامِ مَنْ يسأَله أَو فِعْلِهِ أَو حَالِهِ، وَهَذَا يخُصُّونه بِاسْمِ العَرَّاف كَالَّذِي يدَّعي مَعْرِفَةَ الشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ وَمَكَانِ الضَّالَّةِ وَنَحْوِهِمَا. وَمَا كَانَ فلانٌ كاهِناً وَلَقَدْ كَهُنَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ أَتى كاهِناً أَو عَرَّافاً فَقَدْ كَفَر بِمَا أُنزِل عَلَى مُحَمَّدٍ

أَي مَنْ صَدَّقهم. وَيُقَالُ: كَهَن لَهُمْ إِذا قَالَ لَهُمْ قولَ الكَهَنة. قَالَ الأَزهري: وَكَانَتِ الكَهانةُ فِي الْعَرَبِ قَبْلَ مَبْعَثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا بُعث نَبِيّاً وحُرِسَت السَّمَاءُ بالشُّهُب ومُنِعت الجنُّ والشياطينُ مِنَ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ وإِلقائه إِلى الكَهَنةِ بَطَلَ عِلْمُ الكَهانة، وأَزهق اللَّهُ أَباطيلَ الكُهَّان بالفُرْقان الَّذِي فَرَقَ اللَّهُ، عز وجل، بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وأَطلع اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيَّهُ، صلى الله عليه وسلم، بالوَحْيِ عَلَى مَا شاءَ مِنْ عِلْمِ الغُيوب الَّتِي عَجَزت الكَهنةُ عَنِ الإِحاطة بِهِ، فَلَا كَهانةَ الْيَوْمَ بِحَمْدِ اللَّهِ ومَنِّه وإِغنائه بِالتَّنْزِيلِ عَنْهَا. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ

مِنْ أَتى كَاهِنًا

، يَشْتَمِلُ عَلَى إِتيان الْكَاهِنِ والعرَّاف والمُنَجِّم. وَفِي حَدِيثِ الجَنين:

إِنما هَذَا مِنْ إِخوان الكُهَّان

؛ إِنما قَالَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ أَجل سَجْعِه الَّذِي سَجَع، وَلَمْ يَعِبْه بِمُجَرَّدِ السَّجْع دُونَ مَا تضمَّن سَجْعُه مِنَ الْبَاطِلِ، فإِنه قَالَ: كَيْفَ نَدِيَ مَنْ لَا أَكَلَ وَلَا شَرِب وَلَا اسْتَهلَّ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلّ، وإِنما ضرَب الْمَثَلَ بالكُهَّان لأَنهم كَانُوا يُرَوِّجون أَقاويلهم الْبَاطِلَةَ بأَسجاع تَرُوقُ السَّامِعِينَ، ويسْتَمِيلون بِهَا الْقُلُوبَ، ويَستصغون إِليها الأَسْماع، فأَما إِذا وَضَع السَّجع فِي مَوَاضِعِهِ مِنَ الْكَلَامِ فَلَا ذمَّ فِيهِ، وَكَيْفَ يُذَمُّ وَقَدْ جاءَ فِي كَلَامِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، كَثِيرًا، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ مُفْرَدًا وَجَمْعًا وَاسْمًا وَفِعْلًا وَفِي الْحَدِيثِ:

إِن الشَّيَاطِينَ كَانَتْ تَسْترِقُ السمعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وتُلقيه إِلى الكَهَنة، فتَزيدُ فِيهِ مَا تزيدُ وتَقْبلُه الكُفَّار منهم.

والكاهِنُ أَيضاً فِي كَلَامِ الْعَرَبِ»

: الَّذِي يَقُومُ بأَمر الرَّجُلِ ويَسْعى فِي حَاجَتِهِ وَالْقِيَامِ بأَسبابه وأَمر حُزانته. والكاهِنان: حَيَّان. الأَزهري: يُقَالُ لقُرَيْظة والنَّضير الكاهِنانِ، وَهُمَا قَبِيلا الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ، وَهُمْ أَهل كِتَابٍ وفَهْمٍ وَعِلْمٍ. وَفِي حديثٍ مَرْفُوعٍ:

أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: يَخْرُجُ مِنَ الكاهِنَين رجلٌ يقرأُ الْقُرْآنَ قِرَاءَةً لَا يقرأُ أَحد قِرَاءَتَهُ

؛ قِيلَ: إِنه مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ القُرَظِيّ وَكَانَ مِنْ أَولادهم، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كل من تعاطى عِلْمًا دَقِيقًا كاهِناً، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُسَمِّي الْمُنَجِّمَ والطبيبَ كاهناً.

كون: الكَوْنُ: الحَدَثُ، وَقَدْ كَانَ كَوْناً وكَيْنُونة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَكُرَاعٍ، والكَيْنونة فِي مَصْدَرِ كانَ يكونُ أَحسنُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ فِي ذَوَاتِ الْيَاءِ مِمَّا يُشْبِهُ زِغْتُ وسِرْتُ: طِرْتُ طَيْرُورَة وحِدْتُ حَيْدُودَة فِيمَا لَا يُحْصَى مِنْ هَذَا الضَّرْبِ، فأَما ذَوَاتُ الْوَاوِ مِثْلَ قُلْتُ ورُضْتُ، فإِنهم لَا يَقُولُونَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَتى عَنْهُمْ فِي أَربعة أَحرف: مِنْهَا الكَيْنُونة مِنْ كُنْتُ، والدَّيْمُومة مِنْ دُمْتُ، والهَيْعُوعةُ مِنَ الهُواع، والسَّيْدُودَة مِنْ سُدْتُ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَكُونَ كَوْنُونة،

(2). قوله [والكاهن أيضاً إلخ] ويقال فيه: الكاهل باللام كما في التكملة

ص: 363

وَلَكِنَّهَا لَمَّا قَلَّتْ فِي مَصَادِرِ الْوَاوِ وَكَثُرَتْ فِي مَصَادِرِ الياءِ أَلحقوها بِالَّذِي هُوَ أَكثر مَجِيئًا مِنْهَا، إِذ كَانَتِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ مَتَقَارِبَتَيِ الْمَخْرَجِ. قَالَ: وَكَانَ الْخَلِيلُ يَقُولُ كَيْنونة فَيْعولة هِيَ فِي الأَصل كَيْوَنونة، الْتَقَتْ مِنْهَا يَاءٌ وواوٌ والأُولى مِنْهُمَا سَاكِنَةٌ فَصَيَّرَتَا يَاءً مُشَدَّدَةً مِثْلَ مَا قَالُوا الهَيِّنُ مَنْ هُنْتُ، ثُمَّ خَفَّفُوهَا فَقَالُوا كَيْنونة كَمَا قَالُوا هَيْنٌ لَيْنٌ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَقَدْ ذَهَبَ مَذْهباً إِلا أَن الْقَوْلَ عِندي هُوَ الأَول؛ وَقَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ عُرْفُطة، جَاهِلِيٌّ:

لَمْ يَكُ الحَقُّ سوَى أَنْ هاجَهُ

رَسْمُ دارٍ قَدْ تَعَفَّى بالسَّرَرْ

إِنما أَراد: لَمْ يَكُنِ الْحَقُّ، فَحَذَفَ النُّونَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَكَانَ حُكْمُهُ إِذا وَقَعَتِ النُّونُ مَوْقِعًا تُحَرَّكُ فِيهِ فتَقْوَى بِالْحَرَكَةِ أَن لَا يَحْذِفَها لأَنها بِحَرَكَتِهَا قَدْ فَارَقَتْ شِبْهَ حُرُوفِ اللِّينِ، إِذ كُنَّ لَا يَكُنَّ إِلا سَوَاكِنَ، وحذفُ النُّونِ مِنْ يَكُنْ أَقبح مِنْ حَذْفِ التَّنْوِينِ وَنُونِ التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ، لأَن نُونَ يَكُنْ أَصل وَهِيَ لَامُ الْفِعْلِ، وَالتَّنْوِينُ وَالنُّونُ زَائِدَانِ، فَالْحَذْفُ مِنْهُمَا أَسهل مِنْهُ فِي لَامِ الْفِعْلِ، وَحَذْفُ النُّونِ أَيضاً مِنْ يَكُنْ أَقبح مِنْ حَذْفِ النُّونِ مِنْ قَوْلِهِ: غَيْرَ الَّذِي قَدْ يُقَالُ مِلْكذب، لأَن أَصله يَكُونُ قَدْ حُذِفَتْ مِنْهُ الْوَاوُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فإِذا حَذَفْتَ مِنْهُ النُّونَ أَيضاً لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ أَجحفت بِهِ لِتَوَالِيَ الْحَذْفَيْنِ، لَا سِيَّمَا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، قَالَ: وَلَكَ أَيضاً أَن تَقُولَ إِن مِنْ حرفٌ، وَالْحَذْفُ فِي الْحَرْفِ ضَعِيفٌ إِلا مَعَ التَّضْعِيفِ، نَحْوَ إِنّ وربَّ، قَالَ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ جِنِّي، قَالَ: وأَرى أَنا شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَن يَكُونَ جَاءَ بِالْحَقِّ بعد ما حَذْفِ النُّونِ مِنْ يَكُنْ، فَصَارَ يكُ مِثْلَ قَوْلِهِ عز وجل: وَلَمْ يَكُ شَيْئاً

؛ فَلَمَّا قَدَّرَهُ يَك، جاء بالحق بعد ما جَازَ الْحَذْفُ فِي النُّونِ، وَهِيَ سَاكِنَةٌ تَخْفِيفًا، فَبَقِيَ مَحْذُوفًا بِحَالِهِ فَقَالَ: لَمْ يَكُ الحَقُّ، وَلَوْ قَدَّره يَكُنْ فَبَقِيَ مْحَذُوفًا، ثُمَّ جَاءَ بِالْحَقِّ لَوَجَبَ أَن يَكْسِرَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فيَقْوَى بِالْحَرَكَةِ، فَلَا يَجِدُ سَبِيلًا إِلى حَذْفِهَا إِلا مُسْتَكْرَهًا، فَكَانَ يَجِبُ أَن يَقُولَ لَمْ يَكُنِ الْحَقُّ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الخَنْجَر بْنُ صَخْرٍ الأَسدي:

فإِنْ لَا تَكُ المِرآةُ أَبْدَتْ وَسامةً،

فَقَدْ أَبْدَتِ المِرآةُ جَبْهةَ ضَيْغَمِ

يُرِيدُ: فإِن لَا تَكُنِ الْمِرْآةُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَمْ يَكْ أَصله يَكُونُ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهَا لَمْ جَزَمَتْهَا فَالْتَقَى سَاكِنَانِ فَحُذِفَتِ الْوَاوُ فَبَقِيَ لَمْ يَكُنْ، فَلَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ حَذَفُوا النُّونَ تَخْفِيفًا، فإِذا تَحَرَّكَتْ أَثبتوها، قَالُوا لَمْ يَكُنِ الرجلُ، وأَجاز يُونُسُ حَذْفَهَا مَعَ الْحَرَكَةِ؛ وأَنشد:

إِذا لَمْ تَكُ الحاجاتُ مِنْ همَّة الفَتى،

فَلَيْسَ بمُغْنٍ عنكَ عَقْدُ الرَّتائِمِ

وَمِثْلُهُ مَا حَكَاهُ قُطْرُب: أَن يُونُسَ أَجاز لَمْ يكُ الرَّجُلُ مُنْطَلِقًا؛ وأَنشد بَيْتَ الْحَسَنِ بْنِ عُرْفُطة:

لَمْ يَكُ الحَقُّ سِوَى أَن هاجَه

والكائنة: الْحَادِثَةُ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: أَنا أَعْرِفُكَ مُذْ كُنْتَ أَي مُذْ خُلِقْتَ، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ. ابْنُ الأَعرابي: التَّكَوُّنُ التَّحَرُّك، تَقُولُ الْعَرَبُ لِمَنْ تَشْنَؤُه: لَا كانَ وَلَا تَكَوَّنَ؛ لَا كَانَ: لَا خُلِقَ، وَلَا تَكَوَّن: لَا تَحَرَّك أَي مَاتَ. وَالْكَائِنَةُ: الأَمر الْحَادِثُ. وكَوَّنَه فتَكَوَّن: أَحدَثَه فَحَدَثَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فإِن الشَّيْطَانَ لَا يتَكَوَّنُني

، وَفِي رِوَايَةٍ:

لَا يتَكَوَّنُ عَلَى صُورَتِي

«1» . وكَوَّنَ الشيءَ: أَحدثه.

(1). قوله [على صورتي] كذا بالأصل، والذي في نسخ النهاية:

في صورتي

، أَي يتشبه بي ويتصور بصورتي، وحقيقته يصير كائناً في صورتي

ص: 364

وَاللَّهُ مُكَوِّنُ الأَشياء يُخْرِجُهَا مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ. وَبَاتَ فُلَانٌ بكِينةِ سَوْءٍ وبجِيبةِ سَوْءٍ أَي بِحَالَةِ سَوءٍ. وَالْمَكَانُ: الْمَوْضِعُ، وَالْجَمْعُ أَمْكِنة وأَماكِنُ، توهَّموا الْمِيمَ أَصلًا حَتَّى قَالُوا تَمَكَّن فِي الْمَكَانِ، وَهَذَا كَمَا قَالُوا فِي تَكْسِيرِ المَسِيل أَمْسِلة، وَقِيلَ: الْمِيمُ فِي الْمَكَانِ أَصل كأَنه مِنَ التَّمَكُّن دُونَ الكَوْنِ، وَهَذَا يُقَوِّيهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَكْسِيرِهِ عَلَى أَفْعِلة؛ وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ فِي جَمْعِهِ أَمْكُنٌ، وَهَذَا زَائِدٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى أَن وَزْنَ الْكَلِمَةِ فَعَال دُونَ مَفْعَل، فَإِنْ قُلْتَ فَإِنَّ فَعَالًا لَا يُكْسَرُ عَلَى أَفْعُل إِلَّا أَن يَكُونَ مُؤَنَّثًا كأَتانٍ وآتُنٍ. اللَّيْثُ: الْمَكَانُ اشتقاقُه مَنْ كَانَ يَكُونُ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَثُرَ فِي الْكَلَامِ صَارَتِ الْمِيمُ كأَنها أَصلية، والمكانُ مُذَكَّرٌ، قِيلَ: تَوَهَّمُوا «1» . فِيهِ طَرْحَ الزَّائِدِ كأَنهم كَسَّروا مَكَناً وأَمْكُنٌ، عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، مِمَّا كُسِّرَ عَلَى غَيْرِ مَا يُكَسَّرُ عَلَيْهِ مثلُه، ومَضَيْتُ مَكانتي ومَكِينَتي أَيْ عَلَى طِيَّتي. والاستِكانة: الْخُضُوعُ. الْجَوْهَرِيُّ: والمَكانة الْمَنْزِلَةُ. وفلانٌ مَكِينٌ عِنْدَ فُلَانٍ بَيِّنُ الْمَكَانَةِ. وَالْمَكَانَةُ: الْمَوْضِعُ. قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ

؛ قَالَ: وَلَمَّا كَثُرَ لُزُومُ الْمِيمِ تُوُهِّمت أَصلية فَقِيلَ تَمَكَّن كَمَا قَالُوا مِنَ الْمِسْكِينِ تَمَسْكَنَ؛ ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ ذَلِكَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَكِينٌ فَعِيل ومَكان فَعال ومَكانةٌ فَعالة لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا مِنَ الكَوْن فَهَذَا سهوٌ، وأَمْكِنة أَفْعِلة، وأَما تَمَسْكَنَ فَهُوَ تَمَفْعل كتَمَدْرَع مُشْتَقًّا مِنَ المِدْرَعة بِزِيَادَتِهِ، فَعَلَى قِيَاسِهِ يَجِبُ فِي تمكَّنَ تمَكْونَ لأَنه تمفْعل عَلَى اشْتِقَاقِهِ لَا تمكَّنَ، وتمكَّنَ وَزْنُهُ تفَعَّلَ، وَهَذَا كُلُّهُ سَهْوٌ وَمَوْضِعُهُ فَصْلُ الْمِيمِ مِنْ بَابِ النُّونِ، وَسَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ. وَكَانَ وَيَكُونُ: مِنَ الأَفعال الَّتِي تَرْفَعُ الأَسماء وَتَنْصِبُ الأَخبار، كَقَوْلِكَ كَانَ زَيْدٌ قَائِمًا وَيَكُونُ عَمْرٌو ذَاهِبًا، وَالْمَصْدَرُ كَوْناً وَكَيَانًا. قَالَ الأَخفش فِي كِتَابِهِ الْمَوْسُومِ بِالْقَوَافِي: وَيَقُولُونَ أَزَيْداً كُنْتَ لَهُ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: ظَاهِرُهُ أَنه مَحْكِيٌّ عَنِ الْعَرَبِ لأَن الأَخفش إِنَّمَا يَحْتَجُّ بِمَسْمُوعِ الْعَرَبِ لَا بِمَقِيسِ النَّحْوِيِّينَ، وَإِذَا كَانَ قَدْ سَمِعَ عَنْهُمْ أَزيداً كُنْتَ لَهُ، فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ خَبَرِ كَانَ عَلَيْهَا، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُفَسِّرُ الْفِعْلَ النَّاصِبَ الْمُضْمَرَ إِلَّا بِمَا لَوْ حُذِفَ مَفْعُولُهُ لَتَسَلَّطَ عَلَى الِاسْمِ الأَول فَنَصَبَهُ، أَلا تَراكَ تَقُولُ أَزيداً ضَرَبْتَهُ، وَلَوْ شِئْتَ لَحَذَفْتَ الْمَفْعُولَ فتسلطتْ ضَرَبْتَ هَذِهِ الظَّاهِرَةُ عَلَى زَيْدٍ نَفْسِهِ فَقُلْتَ أَزيداً ضَرَبْتَ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ أَزيداً كُنْتَ لَهُ يَجُوزُ فِي قِيَاسِهِ أَن تَقُولَ أَزيداً كُنْتَ، ومثَّل سِيبَوَيْهِ كَانَ بِالْفِعْلِ المتعدِّي فَقَالَ: وَتَقُولُ كُنّاهمْ كَمَا تَقُولُ ضَرَبْنَاهُمْ، وَقَالَ إِذَا لَمْ تَكُنْهم فَمَنْ ذَا يَكُونُهم كَمَا تَقُولُ إِذَا لَمْ تَضْرِبْهُمْ فَمَنْ ذَا يَضْرِبُهُمْ، قَالَ: وَتَقُولُ هُوَ كائِنٌ ومَكُونٌ كَمَا تَقُولُ ضَارِبٌ وَمَضْرُوبٌ. غَيْرُهُ: وَكَانَ تَدُلُّ عَلَى خَبَرٍ ماضٍ فِي وَسَطِ الْكَلَامِ وَآخِرِهِ، وَلَا تَكُونُ صلَةً فِي أَوَّله لأَن الصِّلَةَ تَابِعَةٌ لَا مَتْبُوعَةٌ؛ وَكَانَ فِي مَعْنَى جَاءَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

إِذَا كانَ الشِّتاءُ فأَدْفئُوني،

فإنَّ الشَّيْخَ يُهْرِمُه الشِّتاءُ

قَالَ: وَكَانَ تأْتي بِاسْمٍ وَخَبَرٍ، وتأْتي بِاسْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ خَبَرُهَا كَقَوْلِكَ كَانَ الأَمْرُ وَكَانَتِ الْقِصَّةُ أَيْ وَقَعَ الأَمر وَوَقَعَتِ الْقِصَّةُ، وَهَذِهِ تُسَمَّى التَّامَّةَ الْمُكْتَفِيَةَ؛ وَكَانَ تَكُونُ جَزَاءً، قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: اخْتُلِفَ النَّاسُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا

؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ هَاهُنَا صِلَةٌ، وَمَعْنَاهُ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ هُوَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا، قَالَ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ كَانَ هَاهُنَا شَرْطٌ وَفِي الْكَلَامِ تعَجبٌ، وَمَعْنَاهُ مَنْ يكن

(1). قوله [قيل توهموا إلخ] جواب قوله فإن قيل فهو من كلام ابن سيدة، وما بينهما اعتراض من عبارة الأزهري وحقها التأخر عن الجواب كما لا يخفى

ص: 365

فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا فَكَيْفَ يُكَلَّمُ، وأَما قَوْلُهُ عز وجل: وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً

، وَمَا أَشبهه فَإِنَّ أَبا إِسْحَاقَ الزَّجَّاجَ قَالَ: قَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي كَانَ فَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً لِعِبَادِهِ. وَعَنْ عِبَادِهِ قَبْلَ أَن يَخْلُقَهُمْ، وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ الْبَصْرِيُّونَ: كأَنَّ الْقَوْمَ شاهَدُوا مِنَ اللَّهِ رَحْمَةً فأُعْلِمُوا أَن ذَلِكَ لَيْسَ بِحَادِثٍ وأَن اللَّهَ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ، وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ النَّحْوِيِّينَ: كانَ وفَعَل مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَنْزِلَةِ مَا فِي الْحَالِ، فَالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعلم،. وَاللَّهُ عَفُوٌّ غَفُور؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: الَّذِي قَالَهُ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ أَدْخَلُ فِي الْعَرَبِيَّةِ وأَشْبَهُ بِكَلَامِ الْعَرَبِ، وأَما الْقَوْلُ الثَّالِثُ فَمَعْنَاهُ يؤُول إِلَى مَا قَالَهُ الْحَسَنُ وَسِيبَوَيْهِ، إلَّا أَنَّ كَوْنَ الْمَاضِي بِمَعْنَى الْحَالِ يَقِلُّ، وصاحبُ هَذَا الْقَوْلِ لَهُ مِنَ الْحُجَّةِ قَوْلُنَا غَفَر اللَّهُ لِفُلَانٍ بِمَعْنَى لِيَغْفِر اللَّهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْحَالِ دَلِيلٌ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ وَقَعَ الْمَاضِي مؤدِّياً عَنْهَا اسْتِخْفَافًا لأَن اخْتِلَافَ أَلفاظ الأَفعال إِنَّمَا وَقَعَ لِاخْتِلَافِ الأَوقات. وَرَوِيَ عَنِ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ عز وجل: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ

؛ أَي أَنتم خَيْرُ أُمة، قَالَ: وَيُقَالُ مَعْنَاهُ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمة فِي عِلْمِ اللَّهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَعوذ بِكَ مِنَ الحَوْر بَعْدَ الكَوْنِ

، قَالَ ابْنُ الأَثير: الكَوْنُ مَصْدَرُ كَانَ التامَّة؛ يُقَالُ: كَانَ يَكُونُ كَوْناً أَي وُجِدَ واسْتَقَرَّ، يَعْنِي أَعوذ بِكَ مِنَ النَّقْصِ بَعْدَ الْوُجُودِ وَالثَّبَاتِ، وَيُرْوَى:

بَعْدَ الكَوْرِ

، بِالرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَوْضِعِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: كَانَ إِذَا جَعَلْتَهُ عِبَارَةً عَمَّا مَضَى مِنَ الزَّمَانِ احْتَاجَ إِلَى خَبَرٍ لأَنه دَلَّ عَلَى الزَّمَانِ فَقَطْ، تَقُولُ: كَانَ زَيْدٌ عَالِمًا، وَإِذَا جَعَلْتَهُ عِبَارَةً عَنْ حُدُوثِ الشَّيْءِ وَوُقُوعِهِ اسْتُغْنَى عَنِ الْخَبَرِ لأَنه دَلَّ عَلَى مَعْنًى وَزَمَانٍ، تَقُولُ: كانَ الأَمْرُ وأَنا أَعْرفُه مُذْ كَانَ أَي مُذْ خُلِقَ؛ قَالَ مَقَّاسٌ الْعَائِذِيُّ:

فِداً لبَني ذُهْلِ بْنِ شَيْبانَ ناقَتي،

إِذَا كَانَ يومٌ ذُو كواكبَ أَشْهَبُ

قَوْلُهُ: ذُو كَوَاكِبَ أَي قَدْ أَظلم فبَدَتْ كواكبُه لأَن شَمْسَهُ كَسَفَتْ بِارْتِفَاعِ الْغُبَارِ فِي الْحَرْبِ، وَإِذَا كَسَفَتِ الشَّمْسُ ظَهَرَتِ الْكَوَاكِبُ؛ قَالَ: وَقَدْ تَقَعُ زَائِدَةً لِلتَّوْكِيدِ كَقَوْلِكَ كَانَ زَيْدٌ مُنْطَلِقًا، وَمَعْنَاهُ زِيدٌ مُنْطَلِقٌ؛ قَالَ تَعَالَى: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً*

؛ وَقَالَ أَبو جُندب الهُذَلي:

وكنتُ، إِذَا جَارِي دَعَا لمَضُوفةٍ،

أُشَمِّرُ حَتَّى يَنْصُفَ الساقَ مِئْزَري

وَإِنَّمَا يُخْبِرُ عَنْ حَالِهِ وَلَيْسَ يُخْبِرُ بِكُنْتُ عمَّا مَضَى مِنْ فِعْلِهِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ انْقِضَاءِ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ: كَانَ تَكُونُ بِمَعْنَى مَضَى وتَقَضَّى، وَهِيَ التَّامَّةُ، وتأْتي بِمَعْنَى اتِّصَالِ الزَّمَانِ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعٍ، وَهِيَ النَّاقِصَةُ، وَيُعَبِّرُ عَنْهَا بِالزَّائِدَةِ أَيضاً، وتأْتي زَائِدَةً، وتأَتي بِمَعْنَى يَكُونُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الزَّمَانِ، وَتَكُونُ بِمَعْنَى الْحُدُوثِ وَالْوُقُوعِ؛ فَمِنْ شَوَاهِدِهَا بِمَعْنَى مَضَى وَانْقَضَى قَوْلُ أَبي الْغُولِ:

عَسَى الأَيامُ أَن يَرْجِعنَ

قَوْمًا كَالَّذِي كَانُوا

وَقَالَ ابْنُ الطَّثَرِيَّة:

فَلَوْ كنتُ أَدري أَنَّ مَا كانَ كائنٌ،

وأَنَّ جَدِيدَ الوَصْلِ قَدْ جُدَّ غابِرُهْ

وَقَالَ أَبو الأَحوصِ:

كَمْ مِن ذَوِي خُلَّةٍ قبْلي وقبْلَكُمُ

كَانُوا، فأَمْسَوْا إِلَى الهِجرانِ قَدْ صَارُوا

وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:

ثُمَّ أَضْحَوْا كأَنهُم لَمْ يَكُونوا،

ومُلُوكاً كَانُوا وأَهْلَ عَلاءِ

ص: 366

وَقَالَ نَصْرُ بْنُ حَجَّاجٍ وأَدخل اللَّامَ عَلَى مَا النَّافِيَةِ:

ظَنَنتَ بيَ الأَمْرَ الَّذِي لَوْ أَتَيْتُه،

لَمَا كَانَ لِي، فِي الصَّالِحِينَ، مَقامُ

وَقَالَ أَوْسُ بْنُ حجَر:

هِجاؤُكَ إلَّا أَنَّ مَا كَانَ قَدْ مَضَى

عَليَّ كأَثْوابِ الْحَرَامِ المُهَيْنِم

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدٍ الأَعلى:

يَا لَيْتَ ذَا خَبَرٍ عَنْهُمْ يُخَبِّرُنا،

بَلْ لَيْتَ شِعْرِيَ، مَاذَا بَعْدَنا فَعَلُوا؟

كُنَّا وَكَانُوا فَمَا نَدْرِي عَلَى وَهَمٍ،

أَنَحْنُ فِيمَا لَبِثْنا أَم هُمُ عَجِلُوا؟

أَي نَحْنُ أَبطأْنا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:

فَكَيْفَ إِذَا مَرَرْتَ بدارِ قَوْمٍ،

وجيرانٍ لَنَا كانُوا كرامِ

وَتَقْدِيرُهُ: وجيرانٍ لَنَا كرامٍ انْقَضَوْا وَذَهَبَ جُودُهم؛ وَمِنْهُ مَا أَنشده ثَعْلَبٌ:

فَلَوْ كنتُ أَدري أَنَّ مَا كَانَ كائنٌ،

حَذِرْتُكِ أَيامَ الفُؤادُ سَلِيمُ «1» .

ولكنْ حَسِبْتُ الصَّرْمَ شَيْئًا أُطِيقُه،

إِذَا رُمْتُ أَو حاوَلْتُ أَمْرَ غَرِيمِ

وَمِنْهُ مَا أَنشده الْخَلِيلُ لِنَفْسِهِ:

بَلِّغا عنِّيَ المُنَجِّمَ أَني

كافِرٌ بِالَّذِي قَضَتْه الكَواكِبْ،

عالِمٌ أَنَّ مَا يكُونُ وَمَا كانَ

قَضاءٌ مِنَ المُهَيْمِنِ واجِبْ

وَمِنْ شَوَاهِدِهَا بِمَعْنَى اتصالِ الزمانِ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعٍ قولُه سبحانه وتعالى: وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً*

؛ أَيْ لَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ؛ وَقَالَ الْمُتَلَمِّسُ:

وكُنَّا إِذَا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه،

أَقَمْنا لَهُ مِنْ مَيْلِهِ فتَقَوَّما

وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

وَكُنَّا إِذَا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّه،

ضَرَبْناه تحتَ الأُنْثَيَينِ عَلَى الكَرْدِ

وَقَوْلُ قَيْسِ بْنِ الخَطِيم:

وكنتُ امْرَأً لَا أَسْمَعُ الدَّهْرَ سُبَّةً

أُسَبُّ بِهَا، إلَّا كَشَفْتُ غِطاءَها

وَفِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ أَيضاً: إِنَّ هَذَا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً

؛ وَفِيهِ: إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً

؛ وَفِيهِ: كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا

. وَمِنْ أَقسام كَانَ النَّاقِصَةِ أَيضاً أَن تأْتي بِمَعْنَى صَارَ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ

؛ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ

؛ وَفِيهِ: فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا

؛ وَفِيهِ: وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا

؛ وَفِيهِ: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا

؛ وَفِيهِ: وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها

؛ أَي صِرْتَ إِلَيْهَا؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:

بتَيْهاءَ قَفْرٍ، والمَطِيُّ كأَنَّها

قَطا الحَزْنِ، قَدْ كانَتْ فِراخاً بُيوضُها

وَقَالَ شَمْعَلَةُ بْنُ الأَخْضَر يَصِفُ قَتْلَ بِسْطامِ بْنِ قَيْسٍ:

فَخَرَّ عَلَى الأَلاءَة لَمْ يُوَسَّدْ،

وَقَدْ كانَ الدِّماءُ لَهُ خِمارَا

وَمِنْ أَقسام كَانَ النَّاقِصَةِ أَيضاً أَنْ يَكُونَ فِيهَا ضميرُ الشأْن والقِصَّة، وَتُفَارِقُهَا مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ وجهاً لأَن

(1). قوله [أيام الفؤاد سليم] كذا بالأَصل برفع سليم وعليه ففيه مع قوله غريم أقواء

ص: 367

اسْمَهَا لَا يَكُونُ إِلَّا مُضْمَرًا غَيْرَ ظَاهِرٍ، وَلَا يَرْجِعُ إِلَى مَذْكُورٍ، وَلَا يُقْصَدُ بِهِ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ، وَلَا يؤَكد بِهِ، وَلَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ، وَلَا يُبْدَلُ مِنْهُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا فِي التَّفْخِيمِ، وَلَا يُخْبَرُ عَنْهُ إِلَّا بِجُمْلَةٍ، وَلَا يَكُونُ فِي الْجُمْلَةِ ضَمِيرٌ، وَلَا يتقدَّم عَلَى كَانَ؛ وَمِنْ شَوَاهِدِ كَانَ الزَّائِدَةِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

باللهِ قُولُوا بأَجْمَعِكُمْ:

يَا لَيْتَ مَا كانَ لَمْ يَكُنِ

وَكَانَ الزائدةُ لَا تُزادُ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا تُزادُ حَشْواً، وَلَا يَكُونُ لَهَا اسْمٌ وَلَا خَبَرٌ، وَلَا عَمَلَ لَهَا؛ وَمِنْ شَوَاهِدِهَا بِمَعْنَى يَكُونُ لِلْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الزَّمَانِ قَوْلُ الطِّرمَّاح بْنِ حَكِيمٍ:

وَإِنِّي لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ مَا مَضَى

مِنَ الأَمْرِ، واسْتِنْجازَ مَا كانَ فِي غَدِ

وَقَالَ سَلَمَةُ الجُعْفِيُّ:

وكُنْتُ أَرَى كالمَوْتِ مِنْ بَيْنِ سَاعَةٍ،

فكيفَ بِبَيْنٍ كانَ مِيعادُه الحَشْرَا؟

وَقَدْ تأْتي تَكُونُ بِمَعْنَى كَانَ كقولِ زيادٍ الأَعْجَمِ:

وانْضَخْ جَوانِبَ قَبْرِهِ بدِمائها،

ولَقَدْ يَكُونُ أَخا دَمٍ وذَبائِح

وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِير:

وَلَقَدْ يَكُونُ عَلَى الشَّبابِ بَصِيرَا

قَالَ: وَقَدْ يَجِيءُ خَبَرُ كَانَ فِعْلًا مَاضِيًّا كَقَوْلِ حُمَيْدٍ الأَرْقَطِ:

وكُنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ والتَّبْدِينَا

والهَمَّ مِمَّا يُذْهِلُ القَرِينَا

وَكَقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:

وكُنَّا وَرِثْناه عَلَى عَهْدِ تُبَّعٍ،

طَوِيلًا سَوارِيه، شَديداً دَعائِمُهْ

وَقَالَ عَبْدَةُ بنُ الطَّبِيبِ:

وكانَ طَوَى كَشْحاً عَلَى مُسْتَكِنَّةٍ،

فَلا هُوَ أَبْداها وَلَمْ يَتَجَمْجَمِ

وَهَذَا الْبَيْتُ أَنشده فِي تَرْجَمَةِ كَنَنَ وَنَسَبَهُ لِزُهَيْرٍ، قَالَ: وَتَقُولُ كانَ كَوْناً وكَيْنُونة أَيضاً، شَبَّهُوهُ بالحَيْدُودَة والطَّيْرُورة مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، قَالَ: ولم يجيء مِنَ الْوَاوِ عَلَى هَذَا إِلَّا أَحرف: كَيْنُونة وهَيْعُوعة ودَيْمُومة وقَيْدُودَة، وأَصله كَيّنُونة، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، فَحَذَفُوا كَمَا حَذَفُوا مِنْ هَيِّنٍ ومَيِّتٍ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَالُوا كَوْنُونة لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلُول، وأَما الْحَيْدُودَةُ فأَصله فَعَلُولة بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَسَكَنَتْ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ:

أَصل كَيّنُونة كَيْوَنُونة، وَوَزْنُهَا فَيْعَلُولة، ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً فَصَارَ كَيّنُونة، ثُمَّ حُذِفَتِ الْيَاءُ تَخْفِيفًا فَصَارَ كَيْنُونة، وَقَدْ جَاءَتْ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى الأَصل؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ أَنشدني النَّهْشَلِيُّ:

قَدْ فارَقَتْ قَرِينَها القَرِينَه،

وشَحَطَتْ عَنْ دارِها الظَّعِينه

يَا ليتَ أَنَّا ضَمَّنَا سَفِينه،

حَتَّى يَعُودَ الوَصْل كَيّنُونه

قَالَ: والحَيْدُودَة أَصل وَزْنِهَا فَيْعَلُولة، وَهُوَ حَيْوَدُودَة، ثُمَّ فَعَلَ بِهَا مَا فَعَلَ بكَيْنونة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَاعْلَمْ أَنه يُلْحَقُ بِبَابِ كَانَ وأَخواتها كُلُّ فِعْلٍ سُلِبَ الدِّلالةَ عَلَى الحَدَث، وجُرِّدَ لِلزَّمَانِ وَجَازَ فِي الْخَبَرِ عَنْهُ أَن يَكُونَ مَعْرِفَةً وَنَكِرَةً، وَلَا يَتِمُّ الْكَلَامُ دُونَهُ، وَذَلِكَ مِثْلُ عادَ ورَجَعَ وآضَ وأَتى وَجَاءَ وأَشباهها كَقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: يَأْتِ بَصِيراً؛ وَكَقَوْلِ الخوارج لابن عَبَّاسٍ: مَا جَاءَتْ حاجَتُك أَي مَا صَارَتْ؛ يُقَالُ لِكُلِّ طَالِبِ أَمر يَجُوزُ أَن يَبْلُغَه وأَن لَا يَبْلُغَهُ. وَتَقُولُ: جَاءَ زيدٌ الشريفَ أَي صَارَ

ص: 368

زيدٌ الشريفَ؛ وَمِنْهَا: طَفِق يَفْعَلُ، وأَخَذ يَكْتُب، وأَنشأَ يَقُولُ، وجَعَلَ يَقُولُ. وَفِي حَدِيثِ

تَوْبةِ كَعْبٍ: رأَى رَجُلًا لَا يَزُول بِهِ السَّرابُ فَقَالَ كُنْ أَبا خَيْثَمة

أَي صِرْهُ. يُقَالُ لِلرَّجُلِ يُرَى مِنْ بُعْدٍ: كُن فُلَانًا أَي أَنت فُلَانٌ أَو هُوَ فُلَانٌ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه دَخَلَ الْمَسْجِدَ فرأَى رَجَلًا بَذَّ الْهَيْئَةِ، فَقَالَ: كُنْ أَبا مُسْلِمٍ

، يَعْنِي الخَوْلانِيَّ. وَرَجُلٌ كُنْتِيٌّ: كَبِيرٌ، نُسِبَ إِلَى كُنْتُ. وَقَدْ قَالُوا كُنْتُنِيٌّ، نُسِبَ إِلَى كُنْتُ أَيضاً، وَالنُّونُ الأَخيرة زَائِدَةٌ؛ قَالَ:

وَمَا أَنا كُنْتِيٌّ، وَلَا أَنا عاجِنُ،

وشَرُّ الرِّجال الكُنْتُنِيُّ وعاجِنُ

وَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَن إِخْرَاجَهُ عَلَى الأَصل أَقيس فَتَقُولُ كُونِيٌّ، عَلَى حَدِّ مَا يُوجِبُ النَّسَبَ إِلَى الْحِكَايَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا شَاخَ هُوَ كُنْتِيٌّ، كأَنه نُسِبَ إِلَى قَوْلِهِ كُنْتُ فِي شَبَابِي كَذَا؛ وأَنشد:

فأَصْبَحْتُ كُنْتِيّاً، وأَصْبَحْتُ عاجِناً،

وشَرُّ خِصَالِ المَرْءِ كُنْتُ وعاجِنُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

إِذَا مَا كُنْتَ مُلْتَمِساً لِغَوْثٍ،

فَلَا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كبيرِ

فَلَيْسَ بِمُدْرِكٍ شَيْئًا بَسَعْيٍ،

وَلَا سَمْعٍ، وَلَا نَظَرٍ بَصِيرِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه دَخَلَ المسجدَ وعامَّةُ أَهله الكُنْتِيُّونَ

؛ هُمُ الشُّيوخُ الَّذِينَ يَقُولُونَ كُنَّا كَذَا، وكانَ كَذَا، وَكُنْتُ كَذَا، فكأَنه مَنْسُوبٌ إِلَى كُنْتُ. يُقَالُ: كأَنك وَاللَّهِ قَدْ كُنْتَ وصِرْتَ إِلَى كانَ وكُنْتَ أَي صرتَ إِلَى أَن يُقَالَ عَنْكَ: كانَ فُلَانٌ، أَو يُقَالُ لك في حال الهَرَم: كُنْتَ مَرَّةً كَذَا، وَكُنْتَ مَرَّةً كَذَا. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ كَنَتَ: ابْنُ الأَعرابي كَنَتَ فلانٌ فِي خَلْقِه وَكَانَ فِي خَلْقِه، فَهُوَ كُنْتِيٌّ وكانِيٌّ. ابْنُ بُزُرْج: الكُنْتِيُّ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ؛ وأَنشد:

قَدْ كُنْتُ كُنْتِيّاً، فأَصْبَحْتُ عاجِناً،

وشَرُّ رِجال الناسِ كُنْتُ وعاجِنُ

يَقُولُ: إِذَا قَامَ اعْتَجَن أَي عَمَدَ عَلَى كُرْسُوعه، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الكُنْتِيُّ الْكَبِيرُ؛ وأَنشد:

فَلَا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كَبِيرِ

وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

فاكتَنِتْ، لَا تَكُ عَبْداً طائِراً،

واحْذَرِ الأَقْتالَ مِنَّا والثُّؤَرْ

قَالَ أَبو نَصْرٍ: اكْتَنِتْ ارْضَ بِمَا أَنت فِيهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الاكْتناتُ الْخُضُوعُ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:

مُسْتَضْرِعٌ مَا دَنَا منهنَّ مُكْتَنِتٌ

للعَظْمِ مُجْتَلِمٌ مَا فَوْقَهُ فَنَعُ

قَالَ الأَزهري: وأَخبرني الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ لَا يُقَالُ فَعَلْتُني إِلَّا مِنَ الْفِعْلِ الَّذِي يتعدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، مِثْلَ ظَنَنْتُني ورأَيْتُني، ومُحالٌ أَن تَقُولَ ضَرَبْتُني وصَبَرْتُني لأَنه يُشْبِهُ إِضَافَةَ الْفِعْلِ إِلَى نِي، وَلَكِنْ تَقُولُ صَبَرْتُ نَفْسِي وضَرَبْتُ نَفْسِي، وَلَيْسَ يُضَافُ مِنَ الْفِعْلِ إِلَى نِي إِلَّا حَرْفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قَوْلُهُمْ كُنْتي وكُنْتُني؛ وأَنشد:

وَمَا كُنْتُ كُنْتِيّاً، وَمَا كُنْت عاجِناً،

وشَرُّ الرجالِ الكُنْتُنِيُّ وعاجِنُ

فَجَمَعَ كُنْتِيّاً وكُنْتُنيّاً فِي الْبَيْتِ. ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: قِيلَ لصَبِيَّةٍ مِنَ الْعَرَبِ مَا بَلَغَ الكِبَرُ مِنْ أَبيك؟ قَالَتْ: قَدْ عَجَنَ وخَبَزَ وثَنَّى وثَلَّثَ

ص: 369

وأَلْصَقَ وأَوْرَصَ وكانَ وكَنَتَ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وأَخبرني سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: الكُنْتُنِيُّ فِي الْجِسْمِ، والكَانِيُّ فِي الخُلُقِ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي إِذَا قَالَ كُنْتُ شَابًّا وَشُجَاعًا فَهُوَ كُنْتِيٌّ، وَإِذَا قَالَ كانَ لِي مَالٌ فكُنْتُ أُعطي مِنْهُ فَهُوَ كانِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ فِي بَابِ الْمَجْمُوعِ مُثَلَّثاً: رَجُلٌ كِنْتَأْوٌ وَرَجُلَانِ كِنْتَأْوان وَرِجَالٌ كِنْتَأْوُونَ، وَهُوَ الْكَثِيرُ شَعَرِ اللِّحْيَةِ الكَثُّها؛ وَمِنْهُ: جَمَلٌ سِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوان وسِندَأْوُونَ، وَهُوَ الْفَسِيحُ مِنَ الإِبل فِي مِشْيَتِه، وَرَجُلٌ قِنْدَأْوٌ وَرَجُلَانِ قِنْدَأْوان وَرِجَالٌ قِنْدَأْوُون، مَهْمُوزَاتٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ المسجدَ وَعَامَّةُ أَهله الكُنْتِيُّون، فقلتُ: مَا الكُنْتِيُّون؟ فَقَالَ: الشُّيُوخُ الَّذِينَ يَقُولُونَ كانَ كَذَا وَكَذَا وكُنْتُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: دارَتْ رَحَى الإِسلام عليَّ خَمْسَةً وثَلاثين، ولأَنْ تَمُوتَ أَهلُ دارِي أَحَبُّ إليَّ مِنْ عِدَّتِهم مِنَ الذِّبَّان والجِعْلانِ.

قَالَ شَمِرٌ: قَالَ الْفَرَّاءُ تَقُولُ كأَنَّك وَاللَّهِ قَدْ مُتَّ وصِرْتَ إِلَى كانَ، وكأَنكما مُتُّمَا وَصِرْتُمَا إِلَى كَانَا، وَالثَّلَاثَةُ كَانُوا؛ الْمَعْنَى صِرْتَ إِلَى أَن يُقَالَ كانَ وأَنت مَيِّتٌ لَا وأَنت حَيٌّ، قَالَ: وَالْمَعْنَى لَهُ الْحِكَايَةُ عَلَى كُنْت مَرَّةً للمُواجهة وَمَرَّةً لِلْغَائِبِ، كَمَا قَالَ عَزَّ مِنْ قائلٍ: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وسَيُغْلَبُون؛ هَذَا عَلَى مَعْنَى كُنْتَ وكُنْتَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وكُلُّ أَمْرٍ يَوْمًا يَصِيرُ كَانَ. وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ: كأَنِّي بِكَ وَقَدْ صِرْتَ كانِيّاً أَي يُقَالُ كَانَ وللمرأَة كانِيَّة، وَإِنْ أَردت أَنك صِرْتَ مِنَ الهَرَم إِلَى أَن يُقَالَ كُنْت مَرَّةً وكُنْت مَرَّةً، قِيلَ: أَصبحتَ كُنْتِيّاً وكُنْتُنِيّاً، وَإِنَّمَا قَالَ كُنْتُنِيّاً لأَنه أَحْدَثَ نُونًا مَعَ الْيَاءِ فِي النِّسْبَةِ لِيَتَبَيَّنَ الرَّفْعُ، كَمَا أَرادوا تَبين النَّصبِ فِي ضَرَبني، وَلَا يَكُونُ مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ، تَقُولُ: جَاءَ الْقَوْمُ لَا يَكُونُ زيداً، ولا تستعمل إلى مُضْمَرًا فِيهَا، وكأَنه قَالَ لَا يَكُونُ الْآتِي زَيْدًا؛ وَتَجِيءُ كَانَ زَائِدَةً كَقَوْلِهِ:

سَراةُ بَني أَبي بَكْرٍ تَسامَوْا

عَلَى كانَ المُسَوَّمةِ العِرابِ

أَي عَلَى المُسوَّمة العِراب. وَرَوَى الْكِسَائِيُّ عَنِ الْعَرَبِ: نَزَلَ فُلَانٌ عَلَى كَانَ خَتَنِه أَي نزَل عَلَى خَتَنِه؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:

جادَتْ بكَفَّيْ كانَ مِنْ أَرمى البَشَرْ

أَي جَادَتْ بكفَّي مَنْ هُوَ مِنْ أَرمى الْبَشَرِ؛ قَالَ: وَالْعَرَبُ تُدْخِلُ كَانَ فِي الْكَلَامِ لَغْوًا فَتَقُولُ مُرَّ عَلَى كَانَ زيدٍ؛ يُرِيدُونَ مُرَّ عَلَى زيدٍ فأَدخل كَانَ لَغْوًا؛ وأَما قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

فكيفَ وَلَوْ مَرَرْت بدارِ قومٍ،

وجِيرانٍ لَنَا كَانُوا كِرامِ؟

ابْنُ سِيدَهْ: فَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَن كَانَ هُنَا زائدة، وقال أَبو العباس: إِنَّ تَقْدِيرَهُ وجِيرانٍ كِرامٍ كَانُوا لَنَا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا أَسوغ لأَن كَانَ قَدْ عَمِلَتْ هَاهُنَا فِي مَوْضِعِ الضَّمِيرِ وَفِي مَوْضِعٍ لَنَا، فَلَا مَعْنًى لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْهِ مِنْ أَنها زَائِدَةٌ هُنَا، وَكَانَ عَلَيْهِ كَوْناً وكِياناً واكْتانَ: وَهُوَ مِنَ الكَفالة. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ أَبو زَيْدٍ اكْتَنْتُ بِهِ اكْتِياناً وَالِاسْمُ مِنْهُ الكِيانةُ، وكنتُ عَلَيْهِمْ أَكُون كَوْناً مِثْلُهُ مِنَ الْكَفَالَةِ أَيضاً ابْنُ الأَعرابي: كَانَ إِذَا كَفَل. والكِيانةُ: الكَفالة، كُنْتُ عَلَى فلانٍ أكُونُ كَوْناً أَي تَكَفَّلْتُ بِهِ. وَتَقُولُ: كُنْتُكَ وكُنْتُ إِيَّاكَ كَمَا تَقُولُ ظَنَنْتُكَ زَيْدًا وظَنْنتُ زَيْدًا إِياك، تَضَعُ الْمُنْفَصِلَ مَوْضِعَ الْمُتَّصِلَ فِي الْكِنَايَةِ عَنْ الِاسْمِ وَالْخَبَرِ، لأَنهما مُنْفَصِلَانِ فِي الأَصل، لأَنهما مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ؛ قَالَ

ص: 370

أَبو الأَسود الدُّؤَلِيِّ:

دَعِ الخمرَ تَشربْها الغُواةُ، فَإِنَّنِي

رأيتُ أَخاها مُجْزِياً لمَكانِها

فَإِنْ لَا يَكُنها أَو تَكُنْه، فَإِنَّهُ

أَخوها، غَذَتْهُ أُمُّهُ بلِبانِها

يَعْنِي الزَّبِيبَ. والكَوْنُ: وَاحِدُ الأَكْوان. وسَمْعُ الْكِيَانِ: كتابٌ لِلْعَجَمِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سَمْعُ الْكِيَانِ بِمَعْنَى سَماعِ الكِيان، وسَمْعُ بِمَعْنَى ذِكْرُ الْكِيَانِ، وَهُوَ كِتَابٌ أَلفه أَرَسْطو. وكِيوانُ زُحَلُ: القولُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي خَيْوان، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَالْمَانِعُ لَهُ مِنَ الصَّرْفِ الْعُجْمَةُ، كَمَا أَن الْمَانِعَ لخَيْوان مِنَ الصَّرْفِ إِنَّمَا هُوَ التأْنيث وَإِرَادَةُ البُقْعة أَو الأَرض أَو القَرْية. والكانونُ: إِنْ جَعَلْتَهُ مِنَ الكِنِّ فَهُوَ فاعُول، وَإِنْ جَعَلْتَهُ فَعَلُولًا عَلَى تَقْدِيرِ قَرَبُوس فالأَلف فِيهِ أَصلية، وَهِيَ مِنَ الْوَاوِ، سُمِّيَ بِهِ مَوْقِدُ النار.

كين: الكَيْنُ: لحمةُ داخلِ فرجِ المرأَة. ابْنُ سِيدَهْ: الكَيْنُ لَحْمُ باطنِ الْفَرْجِ، والرَّكَب ظَاهِرُهُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

غَمَزَ ابنُ مُرَّةَ، يَا فَرَزْدَقُ، كَيْنَها

غَمْزَ الطَّبِيبِ نَغانِغَ المَعْذُورِ

يَعْنِي عمرانَ بْنَ مُرَّةَ المِنْقَريّ، وَكَانَ أَسَرَ جِعْثِنَ أُخت الْفَرَزْدَقِ يَوْمَ السِّيدان؛ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ جَرِيرٌ أَيضاً:

هُمُ ترَكوها بعد ما طَالَتِ السُّرى

عَواناً، ورَدُّوا حُمْرةَ الكَيْنِ أَسودا

وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ جَرِيرٌ أَيضاً:

يُفَرِّجُ عِمْرانُ بنُ مُرَّةَ كَيْنَها،

ويَنْزُو نُزاءَ العَيْر أَعْلَقَ حائلُهْ

وَقِيلَ: الكَيْنُ الغُدَدُ الَّتِي هِيَ دَاخِلُ قُبُل المرأَة مثلُ أَطراف النَّوى، وَالْجَمْعُ كُيون. والكَيْنُ: البَظْرُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وكَيْنُ المرأَة: بُظارتها؛ وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:

يَكْوينَ أَطرافَ الأُيورِ بالكَيْن،

إِذَا وَجَدْنَ حَرَّةً تَنَزَّيْن

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَهَذَا يَجُوزُ أَن يُفَسَّرَ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ. واسْتَكانَ الرَّجُلُ: خَضَعَ وذَلّ، جَعَلَهُ أَبو عَلِيٍّ اسْتَفْعَلَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَغَيْرُهُ يَجْعَلُهُ افْتَعَلَ مِنَ المَسْكَنة، وَلِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ تَعْلِيلٌ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ. وباتَ فلانٌ بكِينةِ سَوْءٍ، بِالْكَسْرِ، أَي بِحَالَةِ سَوْءِ. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ أَكانَه اللَّهُ يُكِينُه إِكَانَةً أَي أَخضعه حَتَّى اسْتَكان وأَدخل عَلَيْهِ مِنَ الذُّلِّ مَا أَكانه؛ وأَنشد:

لعَمْرُك مَا يَشْفي جِراحٌ تُكينُه،

ولكِنْ شِفائي أَن تَئِيمَ حَلائِلُهْ

قَالَ الأَزهري: وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ

؛ مِنْ هَذَا، أَي مَا خَضَعُوا لِرَبِّهِمْ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ اسْتَكانَ أَي خَضَعَ: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه مِنَ السَّكِينة وَكَانَ فِي الأَصل اسْتَكَنوا، افْتَعَلَ مِنْ سَكَن، فمُدَّتْ فَتْحَةُ الْكَافِ بالأَلف كَمَا يمدُّون الضَّمَّةَ بِالْوَاوِ وَالْكَسْرَةَ بِالْيَاءِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: فأَنْظُورُ أَي فأَنظُرُ، وشِيمال فِي مَوْضِعِ الشِّمال، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنه اسْتِفْعَالٌ مِنْ كَانَ يَكُونُ. ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الكَيْنةُ النَّبِقةُ، والكَيْنة الكَفالة، والمُكْتانُ الكَفِيلُ. وكائِنْ مَعْنَاهَا مَعْنَى كَمْ فِي الْخَبَرِ وَالِاسْتِفْهَامِ، وَفِيهَا لُغَتَانِ: كَأيٍّ مثْلُ كَعَيِّنْ، وكائِنْ مِثْلُ كاعِنْ. قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ لزِرِّ بْنِ حُبَيْش: كَأَيِّنْ تَعُدُّون سُورَةَ الأَحزاب أَي كَمْ تَعُدُّونها آيَةً؛ وَتُسْتَعْمَلُ فِي الْخَبَرِ وَالِاسْتِفْهَامِ مِثْلَ كَمْ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَشهر لُغَاتِهَا كأَيٍّ، بِالتَّشْدِيدِ، وَتَقُولُ فِي الْخَبَرِ

ص: 371