الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُرِيدُ مُتَغَيِّرًا، فَإِنْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهُوَ أَيضاً مِمَّا بُدِّلتْ نُونُهُ يَاءً، ونُرَى، وَاللَّهُ أَعلم، أَن مَعْنَاهُ مأْخوذ مِنَ السَّنَة أَي لَمْ تُغَيِّرْهُ السِّنُون. وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَحمد بْنِ يَحْيَى فِي قَوْلِهِ لَمْ يَتَسَنَّهْ
، قَالَ: قرأَها أَبو جَعْفَرٍ وشَيْبة ونافعٌ وَعَاصِمٌ بِإِثْبَاتِ الْهَاءِ، إِنْ وَصَلُوا أَو قَطَعُوا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ، وَوَافَقَهُمْ أَبو عَمْرٍو فِي لَمْ يَتَسَنَّهْ
وَخَالَفَهُمْ فِي اقْتَدِهْ، فَكَانَ يَحْذِفُ الْهَاءَ مِنْهُ فِي الْوَصْلِ وَيُثْبِتُهَا فِي الْوَقْفِ، وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَحْذِفُ الْهَاءَ مِنْهُمَا فِي الْوَصْلِ وَيُثْبِتُهَا فِي الْوَقْفِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَجود ما قيل في أَصل السَّنَةِ سُنَيْهة، عَلَى أَن الأَصل سَنْهَةٌ كَمَا قَالُوا الشَّفَةُ أَصلها شَفْهَة، فَحُذِفَتِ الْهَاءُ، قَالَ: وَنَقَصُوا الْهَاءَ مِنَ السَّنَةِ كَمَا نَقَصُوهَا مِنَ الشَّفَةِ لأَن الْهَاءَ ضَاهَتْ حُرُوفَ اللِّينِ الَّتِي تَنْقُصُ مِنَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ والأَلف، مِثْلَ زِنَةٍ وثُبَةٍ وعِزَةٍ وعِضَةٍ، وَالْوَجْهُ فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَتَسَنَّهْ
، بِإِثْبَاتِ الْهَاءِ فِي الْوَقْفِ والإِدراج، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبي عَمْرٍو، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ سَنِهَ الطعامُ إِذَا تَغَيَّرَ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ حمَإٍ مَسْنُون، فأَبدلوا مَنْ يَتَسَنَّنْ كَمَا قَالُوا تظنَّيْتُ وقَصَّيْتُ أَظفاري.
سنبه: الأَزهري فِي الرُّبَاعِيِّ: مَضَتْ سَنْبَةٌ مِنَ الدَّهْرِ وسَنْبَهةٌ وسَبَّةٌ من الدهر.
سهنسه: حَكَى اللِّحْيَانِيُّ: سِهِنْساهُ [سِهِنْساهِ] ادْخُلْ مَعَنَا، وسِهِنْساهُ [سِهِنْساهِ] اذْهَبْ مَعَنَا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ شَيْءٌ قُلْتَ سِهِنْساهِ قَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا. الْفَرَّاءُ: افْعَلْ هَذَا سِهِنْساهِ وسِهِنْساهُ افْعَلْه آخِرَ كُلِّ شَيْءٍ؛ ثَعْلَبٌ: وَلَا يُقَالُ هَذَا إِلَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لَا يُقَالُ فَعَلْتُهُ سِهِنْساهِ وَلَا فَعَلْتُه آثِرَ ذي أَثِيرٍ.
سهه: رُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: العَيْنانِ وِكاءُ السَّهِ فَإِذَا نَامَتَا اسْتَطْلَقَ الوِكاءُ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: السَّهُ حَلْقَةُ الدُّبُرِ، قَالَ الأَزهري: السَّهُ [السَّهْ] مِنَ الْحُرُوفِ الناقصةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ سَتَهَ لأَن أَصلها سَتَهٌ، بِوَزْنِ فَرَسٍ، وَجَمْعُهَا أَسْتاه كأَفراس، فَحُذِفَتِ الْهَاءُ وَعُوِّضَ مِنْهَا الْهَمْزَةُ، فَقِيلَ اسْتٌ، فَإِذَا رَدَدْتَ إِلَيْهَا الْهَاءَ وَهِيَ لَامُهَا وَحَذَفْتَ الْعَيْنَ الَّتِي هِيَ التَّاءُ انْحَذَفَتِ الْهَمْزَةُ الَّتِي جيءَ بِهَا عِوَضَ الْهَاءِ، فَتَقُولُ سَهٌ، بِفَتْحِ السِّينِ. وَيُرْوَى فِي الْحَدِيثِ:
وِكاءُ السَّتِ
، بِحَذْفِ الْهَاءِ وإِثبات الْعَيْنِ، وَالْمَشْهُورُ الأَول، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ:
أَن الإِنسان مَهْمَا كَانَ مُسْتَيْقِظًا كَانَتِ اسْتُه كالمشدودةِ المَوْكِيّ عَلَيْهَا، فَإِذَا نَامَ انْحَلَّ وِكاؤُها
، كَنَّى بِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الحَدَثِ وَخُرُوجِ الرِّيحِ، وَهُوَ مِنْ أَحسن الكناياتِ وأَلطفها.
فصل الشين المعجمة
شبه: الشِّبْهُ والشَّبَهُ والشَّبِيهُ: المِثْلُ، وَالْجَمْعُ أَشْباهٌ. وأَشْبَه الشيءُ الشيءَ: مَاثَلَهُ. وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ أَشْبَه أَباه فَمَا ظَلَم. وأَشْبَه الرجلُ أُمَّه: وَذَلِكَ إِذَا عَجَزَ وضَعُفَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَصْبَحَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ أُمِّهِ،
…
مِنْ عِظَمِ الرأْسِ وَمِنْ خُرْطُمِّهِ أَراد مِنْ خُرْطُمِهِ
فَشُدِّدَ لِلضَّرُورَةِ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي الخُرْطُوم، وَبَيْنَهُمَا شَبَه بِالتَّحْرِيكِ، وَالْجَمْعُ مَشَابِهُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَمَا قَالُوا مَحاسِن ومَذاكير. وأَشْبَهْتُ فُلَانًا وشابَهْتُه واشْتَبَه عَلَيَّ وتَشابَه الشيئانِ واشْتَبَها: أَشْبَهَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحِبَه. وَفِي التَّنْزِيلِ: مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ
. وشَبَّهه إِياه وشَبَّهَه بِهِ مَثَّلَهُ. والمُشْتَبِهاتُ مِنَ الأُمور: المُشْكِلاتُ. والمُتَشابِهاتُ: المُتَماثِلاتُ. وتَشَبَّهَ فلانٌ بِكَذَا. والتَّشْبِيهُ: التَّمْثِيلُ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ:
وذَكَر فِتْنَةً فَقَالَ تُشَبَّهُ مُقْبِلَةً وتُبَيِّنُ مُدْبِرَةً
؛ قَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ أَن الْفِتْنَةَ إِذَا أَقبلت شَبَّهَتْ عَلَى الْقَوْمِ وأَرَتْهُمْ أَنهم عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَدْخُلُوا فِيهَا ويَرْكَبُوا مِنْهَا مَا لَا يَحِلُّ، فَإِذَا أَدبرت وَانْقَضَتْ بانَ أَمرُها، فعَلِمَ مَنْ دخل فيهاأَنه كَانَ عَلَى الْخَطَأِ. والشُّبْهةُ: الالتباسُ. وأُمورٌ مُشْتَبِهةٌ ومُشَبِّهَةٌ «2» : مُشْكِلَة يُشْبِهُ بعضُها بَعْضًا؛ قَالَ:
واعْلَمْ بأَنَّك فِي زَمانِ
…
مُشَبِّهاتٍ هُنَّ هُنَّهْ
وَبَيْنَهُمْ أَشْباهٌ أَي أَشياءُ يتَشابهون فِيهَا. وشَبَّهَ عَلَيْهِ: خَلَّطَ عَلَيْهِ الأَمْرَ حَتَّى اشْتَبه بِغَيْرِهِ. وَفِيهِ مَشابهُ مِنْ فُلَانٍ أَي أَشْباهٌ، وَلَمْ يَقُولُوا فِي وَاحِدَتِهِ مَشْبَهةٌ، وَقَدْ كَانَ قِيَاسُهُ ذَلِكَ، لَكِنَّهُمُ اسْتَغْنَوْا بشَبَهٍ عَنْهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ مَلامِح ومَذاكير؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَمْ يَسْرِ رجلٌ قَطُّ لَيْلَةً حَتَّى يُصْبِحَ إِلَّا أَصْبَح وَفِي وَجْهِهِ مَشابِهُ مِنْ أُمِّه. وَفِيهِ شُبْهَةٌ مِنْهُ أَي شَبَهٌ. وَفِي حَدِيثِ الدِّياتِ:
دِيَةُ شِبْهِ العَمْدِ أَثْلاثٌ
؛ هُوَ أَن تَرْمِيَ إِنساناً بشيءٍ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ أَن يَقْتُل مِثْلُه، وَلَيْسَ مِنْ غَرَضِكَ قَتْلُهُ، فيُصادِفَ قَضاءً وقَدَراً فيَقَعَ فِي مَقْتَلٍ فيَقْتُل، فَيَجِبُ فِيهِ الديةُ دُونَ الْقِصَاصِ. وَيُقَالُ: شَبَّهْتُ هَذَا بِهَذَا، وأَشْبَه فلانٌ فُلَانًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ يُشْبِهُ بعضُها بَعْضًا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ
، فَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: الْمُتَشَابِهَاتُ الم الر، وَمَا اشْتَبه عَلَى الْيَهُودِ مِنْ هَذِهِ وَنَحْوِهَا.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا لَوْ كَانَ صَحِيحًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ مُسَلَّماً لَهُ، وَلَكِنَّ أَهل الْمَعْرِفَةِ بالأَخبار وَهَّنُوا إسْنادَه، وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَذْهَبُ إِلَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ أَنه قَالَ: الْمُحْكَمَاتُ مَا لَمْ يُنْسَخْ، والمُتَشابِهات مَا قَدْ نُسِخَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: المُتَشابِهاتُ هِيَ الآياتُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي ذِكْرِ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ ضَرْبَ قَوْلِه: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ، وضَرْبَ قولِه: وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ؛ فَهَذَا الذي تَشَابَهَ عَلَيْهِمْ، فأَعْلَمهم اللَّهُ الوَجْهَ الَّذِي يَنْبَغِي أَن يَسْتَدِلُّوا بِهِ عَلَى أَن هَذَا المُتَشابِهَ عَلَيْهِمْ كَالظَّاهِرِ لَوْ تَدَبَّرُوه فَقَالَ: وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ، أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ
؛ أَي إِذَا كُنْتُمْ أَقررتم بالإِنشاء وَالِابْتِدَاءِ فَمَا تُنْكِرُونَ مِنَ الْبَعْثِ والنُّشور، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهل الْعِلْمِ وَهُوَ بَيِّنٌ وَاضِحٌ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ عز وجل: فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ
؛ أَي أَنهم طَلَبُوا تَأْوِيلَ بَعْثِهِمْ وإِحيائهم فأَعلم اللَّهُ أَن تأْويل ذَلِكَ وَوَقْتَهُ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عز وجل، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ؛ يُرِيدُ قِيَامَ السَّاعَةِ وَمَا وُعِدُوا مِنَ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَاللَّهُ أَعلم. وأَما قَوْلُهُ: وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً
، فَإِنَّ أَهل اللُّغَةِ قَالُوا مَعْنَى مُتَشابِهاً
يُشْبِهُ بعضُه بَعْضًا فِي الجَوْدَة والحُسْن، وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مُتَشابِهاً
يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي الصُّورَةِ وَيَخْتَلِفُ فِي الطَّعْم، وَدَلِيلُ الْمُفَسِّرِينَ قَوْلُهُ تَعَالَى: هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ؛
(2). قوله [ومشبهة] كذا ضبط في الأصل والمحكم، وقال المجد: مشبهة كمعظمة
لأَن صُورتَه الصورةُ الأُولى، ولكنَّ اختلافَ الطَّعْمِ مَعَ اتِّفَاقِ الصُّورَةِ أَبلغُ وأَغرب عِنْدَ الْخَلْقِ، لَوْ رأَيت تُفَّاحًا فِيهِ طَعْمُ كُلِّ الْفَاكِهَةِ لَكَانَ نِهَايَةً فِي العَجَبِ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ:
آمِنُوا بمُتَشابهِه واعْمَلُوا بمُحْكَمِه
؛ المُتَشابه: مَا لَمْ يُتَلَقَّ مَعْنَاهُ مِنْ لَفْظِهِ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما إِذَا رُدَّ إِلَى المُحْكم عُرف مَعْنَاهُ، وَالْآخَرُ مَا لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهِ، فالمُتَتَبِّعُ لَهُ مُبْتَغٍ لِلْفِتْنَةِ لأَنه لَا يَكَادُ يَنْتَهِي إِلَى شَيْءٍ تَسْكُنُ نَفْسُه إِلَيْهِ. وَتَقُولُ: فِي فُلَانٍ شَبَهٌ مِنْ فُلَانٍ، وَهُوَ شِبْهُه وشَبَهُه وشَبِيهُه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ الرَّمْلَ:
وبالفِرِنْدادِ لَهُ أُمْطِيُّ،
…
وشَبَهٌ أَمْيَلُ مَيْلانيُ
الأُمْطِيُّ: شَجَرٌ لَهُ عِلْكٌ تَمْضَغُه الأَعراب. وَقَوْلُهُ: وشَبَهٌ، هُوَ اسْمُ شَجَرٍ آخَرَ اسْمُهُ شَبَهٌ، أَمْيَلُ: قَدْ مَالَ، مَيْلانيُّ: مِنَ المَيل. وَيُرْوَى: وسَبَطٌ أَمْيَلُ، وَهُوَ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ أَيضاً.
حَيْثُ انْحَنى ذُو اللِّمَّةِ المَحْنِيُ
حَيْثُ انْحَنَى: يَعْنِي هَذَا الشَّبَه. ذُو اللِّمَّةِ: حَيْثُ نَمَّ العُشْبُ؛ وشَبَّهه بلِمَّةِ الرأْس، وَهِيَ الجُمَّة.
فِي بَيْضِ وَدْعانَ بِساطٌ سِيُ
بَيْضُ وَدْعانَ: موضعٌ. أَبو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: وشَبَّه الشيءُ إِذَا أَشْكَلَ، وشَبَّه إِذَا سَاوَى بَيْنَ شَيْءٍ وَشَيْءٍ، قَالَ: وسأَلته عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً
، فَقَالَ: لَيْسَ مِنَ الاشْتِباهِ المُشْكِل إِنَّمَا هُوَ مِنَ التشابُه الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: المُشْتَبِهاتُ مِنَ الأُمور المُشْكِلاتُ. وَتَقُولُ: شَبَّهْتَ عليَّ يَا فلانُ إِذَا خَلَّطَ عَلَيْكَ. واشْتَبَه الأَمْرُ إِذَا اخْتَلَطَ، واشْتَبه عليَّ الشيءُ. وَتَقُولُ: أَشْبَهَ فلانٌ أَباه وأَنت مِثْلُهُ فِي الشِّبْهِ والشَّبَهِ. وَتَقُولُ: إِنِّي لَفِي شُبْهةٍ مِنْهُ، وحُروفُ الشِّينِ يُقَالُ لَهَا أَشْباهٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يكونُ سَواءً فإِنها أَشْباهٌ كَقَوْلِ لَبِيدٍ فِي السَّواري وتَشْبيه قوائمِ النَّاقَةِ بِهَا:
كعُقْرِ الهاجِريِّ، إِذَا ابْتَناهُ،
…
بأَشْباهٍ خُذِينَ عَلَى مِثالِ
قَالَ: شَبَّه قَوَائِمَ نَاقَتِهِ بالأَساطين. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وغيرُه يَجْعَلُ الأَشباهَ فِي بَيْتِ لَبِيدٍ الآجُرَّ لأَن لَبِنَها أَشْباهٌ يُشْبِه بعضُها بَعْضًا، وَإِنَّمَا شَبَّه نَاقَتَهُ فِي تَمَامِ خَلْقِها وحَصانةِ جِبِلَّتها بقَصْر مَبْنِيٍّ بِالْآجُرِّ، وجمعُ الشُّبْهةِ شُبَهٌ، وَهُوَ اسْمٌ مِنَ الاشْتِباهِ.
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: اللَّيَنُ يُشَبَّهُ عَلَيْهِ
«1» . وَمَعْنَاهُ أَن المُرْضِعَة إِذَا أَرْضَعَتْ غُلَامًا فإِنه يَنْزِعُ إِلَى أَخلاقِها فيُشْبِهُها، وَلِذَلِكَ يُختار للرَّضاعِ امرأةٌ حَسَنَةُ الأَخلاقِ صحيحةُ الْجِسْمِ عاقلةٌ غيرُ حَمْقاء. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ زيادٍ السَّهْمِيّ قَالَ: نَهَى رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَن تُسْتَرْضَعَ الحمْقاء فَإِنَّ اللَّبنَ يُشَبَّه.
وَفِي الْحَدِيثِ:
فَإِنَّ اللَّبَنَ يَتَشَبَّهُ.
والشِّبْهُ والشَّبَهُ: النُّحاس يُصْبَغُ فيَصْفَرُّ. وَفِي التَّهْذِيبِ: ضَرْبٌ مِنَ النُّحَاسِ يُلْقى عَلَيْهِ دواءٌ فيَصْفَرُّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سُمِّيَ بِهِ لأَنه إِذَا فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ أَشْبَه الذهبَ بِلَوْنِهِ، وَالْجَمْعُ أَشْباهٌ، يُقَالُ: كُوزُ شَبَهٍ وشِبْهٍ بِمَعْنًى؛ قَالَ المَرَّارُ:
تَدينُ لمَزْرُورٍ إِلَى جَنْب حَلْقَةٍ،
…
مِنَ الشِّبْهِ، سَوَّاها برِفْقٍ طَبِيبُها
أَبو حَنِيفَةَ: الشَّبَهُ شَجَرَةٌ كَثِيرَةُ الشَّوْك تُشْبِهُ
(1). قوله [اللين يشبه عليه] ضبط يشبه في الأَصل والنهاية بالتثقيل كما ترى، وضبط في التكملة بالتخفيف مبنياً للمفعول
السَّمُرَةَ وَلَيْسَتْ بِهَا. والمُشَبَّهُ: المُصْفَرُّ مِنَ النَّصِيِّ. والشَّباهُ: حَبٌّ عَلَى لَوْنِ الحُرْفِ يُشْرَبُ لِلدَّوَاءِ. والشَّبَهانُ: نَبْتٌ يُشْبِهُ الثُّمام، وَيُقَالُ لَهُ الشَّهَبانُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والشَّبَهانُ والشُّبُهانُ ضَرْبٌ مِنَ العِضاه، وَقِيلَ: هُوَ الثُّمامُ، يَمانية؛ حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ:
بوادٍ يَمانٍ يُنْبِتُ الشَّثَّ صَدْرُهُ،
…
وأَسْفَلُه بالمَرْخِ والشَّبَهانِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ الْبَيْتُ للأَحْوَل اليَشْكُري، وَاسْمُهُ يَعْلى، قَالَ: وَتَقْدِيرُهُ وَيَنْبُتُ أَسفلُه المَرْخَ؛ عَلَى أَن تَكُونَ الْبَاءُ زَائِدَةً، وإِن شِئْتَ قَدَّرْتَه: ويَنْبُتُ أَسفلُه بالمَرْخِ، فَتَكُونُ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ لَمَّا قَدَّرْتَ الْفِعْلَ ثُلَاثِيًّا. وَفِي الصِّحَاحِ: وَقِيلَ الشَّبَهانُ هُوَ الثُّمامُ مِنَ الرَّيَاحِينِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والشَّبَهُ كالسَّمُرِ كَثِيرُ الشَّوْكِ.
شده: شَدَهَ رأْسَه شَدْهاً: شَدَخَه. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما قَوْلُهُمُ السَّدْهُ فِي الشَّدْهِ، وَرَجُلٌ مَسْدُوه فِي مَعْنَى مَشْدُوه، فَيَنْبَغِي أَن تَكُونَ السِّينُ بَدَلًا مِنَ الشِّينِ لأَن الشِّينَ أَعم تَصَرُّفاً. وشُدِهَ الرجلُ شَدَهاً وشُدْهاً: شُغِل: وَقِيلَ: تَحَيَّر، وَالِاسْمُ الشُّداهُ. الأَزهري: شُدِهَ الرجلُ دُهِشَ، فَهُوَ دَهِشٌ ومَشْدُوهٌ شَدَهاً، وَقَدْ أَشْدَهَه كَذَا. أَبو زَيْدٍ: شُدِهَ الرجلُ شَدْهاً «1» . فَهُوَ مَشْدُوهٌ: دُهِشَ، وَالِاسْمُ الشُّدْهُ والشَّدَهُ مِثْلُ البُخْلِ والبَخَلِ، وَهُوَ الشُّغْل لَيْسَ غَيْرَهُ. وَقَالَ: شُدِهَ الرجلُ شُغِلَ لَا غَيْرُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمْ يَجعَلْ شُدِهَ مِنَ الدَّهَشِ كَمَا يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنه مَقْلُوبٌ مِنْهُ، وَاللُّغَةُ الْعَالِيَةُ دَهِشَ، عَلَى فَعِلَ، وأَما الشَّدْهُ فَالدَّالُ ساكنة.
شره: الشَّرَهُ: أَسْوَأُ الحِرْصِ، وَهُوَ غَلَبَةُ الحِرْصِ، شَرهَ شَرَهاً فَهُوَ شَرهٌ وشَرْهانُ. وَرَجُلٌ شَرهٌ: شَرْهانُ النَّفْسِ حَريصٌ. والشَّرِهُ والشَّرْهانُ: السريعُ الطَّعْمِ الوَحِيُّ، وَإِنْ كَانَ قليلَ الطَّعْمِ. وَيُقَالُ: شَرِهَ فلانٌ إِلَى الطَّعَامِ يَشْرَهُ شَرَهاً إِذَا اشْتَدَّ حِرْصُه عَلَيْهِ. وسَنة شَرْهاء: مُجْدِبة؛ عَنِ الْفَارِسِيِّ. وقولُهم: هَيا «2» . شَراهِيا، مَعْنَاهُ يَا حيُّ يا قيُّومُ بالعِبْرانِيَّةِ.
شفه: الشَّفَتانِ مِنَ الإِنسان: طَبَقا الفمِ، الواحدةُ شَفةٌ، منقوصةُ لامِ الفعلِ ولامُها هاءٌ، والشَّفةُ أَصلها شَفَهةٌ لأَن تَصْغِيرَهَا شُفَيْهة، وَالْجَمْعُ شِفاه، بِالْهَاءِ، وَإِذَا نسَبْتَ إِلَيْهَا فأَنْت بِالْخِيَارِ، إِن شئتَ تَرَكْتَهَا عَلَى حَالِهَا وقلتَ شفِيٌّ مثال دَمِيٍّ ويَدِيٍّ وعَدِيٍّ، وَإِنْ شِئْتَ شَفَهيٌّ، وَزَعَمَ قَوْمٌ أَن النَّاقِصَ مِنَ الشَّفَةِ وَاوٌ لأَنه يُقَالُ فِي الْجَمْعِ شَفَواتٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، رحمه الله: الْمَعْرُوفُ فِي جَمْعِ شَفةٍ شِفاهٌ، مكَسَّراً غيرَ مُسَلَّم، وَلَامُهُ هَاءٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْبَصْرِيِّينَ، وَلِهَذَا قَالُوا الْحُرُوفَ الشَّفَهِيَّةُ وَلَمْ يَقُولُوا الشَّفَوِيَّة، وَحَكَى الْكِسَائِيُّ إِنَّه لغَلِيظُ الشِّفاهِ كأَنه جعَل كلَّ جزءٍ مِنَ الشَّفة شَفةً ثُمَّ جمَع عَلَى هَذَا. اللَّيْثُ: إِذَا ثَلَّثُوا الشَّفةَ قَالُوا شَفَهات وشَفَوات، وَالْهَاءُ أَقْيَسُ وَالْوَاوُ أَعمُّ، لأَنهم شَبَّهوها بالسَّنَواتِ ونُقْصانُها حَذْفُ هائِها. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ هَذِهِ شَفةٌ فِي الْوَصْلِ، وشَفهٌ بِالْهَاءِ، فَمَنْ قَالَ شَفةٌ قَالَ كَانَتْ في
(1). قوله [شده الرجل شدهاً إلخ] جاء المصدر محركاً وبضم أو فتح فسكون كما في القاموس وغيره
(2)
. قوله [وقولهم هيا إلخ] مثله في التهذيب، والذي في التكملة ما نصه: قال الصاغاني هذا غلط وليس هذا اللفظ من هذا التركيب في شيء أعني تركيب شره، وبعضهم يقول آهيا شراهيا مثل عاهيا وكل ذلك تصحيف وتحريف وإنما هو إهيا بكسر الهمزة وسكون الهاء وأشر بالتحريك وسكون الراء وبعده إهيا مثل الأَول وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ جَلَّ ذكره، ومعنى إهيا أشر إهيا الأَزلي الذي لم يزل، هكذا أقرأنيه حبر من أحبار اليهود بعدن أبين
الأَصل شَفَهة فحذِفت الْهَاءُ الأَصلية وأُبْقِيَتْ هاءُ العلامةِ للتأْنيث، ومَنْ قَالَ شَفَه بِالْهَاءِ أَبْقَى الْهَاءَ الأَصلية. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشَّفَةُ للإِنسان وَقَدْ تُسْتَعار لِلْفَرَسِ قَالَ أَبو دُوَادٍ:
فبِتْنا جُلوساً عَلَى مُهْرِنا،
…
نُنَزِّعُ مِنْ شَفَتيْهِ الصَّفارا
الصَّفارُ: يبيسُ البُهْمَى وَلَهُ شوكٌ يَعْلَقُ بجَحافِل الخَيْل، وَاسْتَعَارَ أَبو عُبَيْدٍ الشَّفةَ للدَّلْوِ فَقَالَ: كَبْنُ الدَّلْوِ شَفَتُها، وَقَالَ: إِذَا خُرِزَتِ الدَّلْوُ فَجَاءَتْ الشَّفةُ مَائِلَةً قِيلَ كَذَا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَا أَدري أَمِنَ الْعَرَبِ سَمِع هَذَا أَمْ هُوَ تعبيرُ أَشْياخِ أَبي عُبَيْدٍ. وَرَجُلٌ أَشْفَى إِذَا كَانَ لَا تَنْضَمُّ شَفَتاهُ كالأَرْوَقِ قَالَ: وَلَا دليلَ عَلَى صِحَّتِهِ. وَرَجُلٌ شُفاهِيٌّ، بِالضَّمِّ: عظيمُ الشَّفةِ، وَفِي الصِّحَاحِ: غَليظُ الشَّفتَيْن. وشافَهَه: أَدْنَى شَفتَه مِنْ شَفته فكَلَّمَه، وكلَّمه مُشافَهةً، جاؤوا بِالْمَصْدَرِ عَلَى غَيْرِ فِعْله وَلَيْسَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قِيلَ مثلُ هَذَا، لَوْ قُلْتَ كَلَّمْتُه مُفاوَهةً لَمْ يَجُزْ إِنَّمَا تَحْكي مِنْ ذَلِكَ مَا سُمِع؛ هَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: المُشافَهةُ المُخاطَبةُ مِنْ فِيكَ إِلَى فِيهِ. والحروفُ الشَّفهِيَّةُ: الْبَاءُ وَالْفَاءُ والميمُ، وَلَا تَقُلْ شَفَوِيَّةٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: وَيُقَالُ لِلْفَاءِ وَالْبَاءِ وَالْمِيمِ شَفَوِيَّةٌ، وشَفَهِيَّةٌ لأَن مَخْرَجَها مِنَ الشَّفة لَيْسَ للِّسانِ فِيهَا عمَلٌ. وَيُقَالُ: مَا سَمِعْتُ مِنْهُ ذَاتَ شَفةٍ أَي مَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً. وَمَا كَلَّمْتُه ببِنْتِ شَفةٍ أَي بكلمةٍ. وفلانٌ خفيفُ الشَّفَةِ أَي قليلُ السُّؤال للنَّاسِ. وَلَهُ فِي النَّاسِ شَفَةٌ حسَنةٌ أَي ثناءٌ حسَنٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إنَّ شَفةَ الناسِ عَلَيْكَ لحسَنةٌ أَي ثَناءَهم عَلَيْكَ حسَنٌ وذِكْرهم لَكَ، وَلَمْ يَقُلْ شِفاهُ النَّاسِ. ورجلٌ شافِهٌ: عَطْشانُ لَا يَجِد مِنَ الْمَاءِ مَا يَبُلُّ بِهِ شَفتَه؛ قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقبل:
فكمْ وطِئْنا بِهَا مِنْ شافِهٍ بَطَلٍ،
…
وكَمْ أَخَذْنا مِن أنفالٍ نُفادِيها
ورجلٌ مشْفوهٌ: يَسْأَله الناسُ كَثِيرًا. وماءٌ مَشْفُوهٌ: كثيرُ الشارِبةِ، وَكَذَلِكَ المالُ والطعامُ. وَرَجُلٌ مَشْفوهٌ إِذَا كثُرَ سؤالُ النَّاسِ إِيَّاهُ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ، مِثْلُ مَثْمودٍ ومَضْفوفٍ ومَكْثورٍ عَلَيْهِ. وأَصبحْتَ يَا فلانُ مَشْفوهاً مَكْثوراً عَلَيْكَ: تُسْأَلُ وتُكلَّم؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ، رحمه الله: وَقَدْ يَكُونُ المَشْفوهُ الَّذِي أَفْنَى مالَه عيالُه ومَنْ يَقُوتُه؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ يَصِفُ صَائِدًا:
عَارِي الأَشاجِعِ مَشْفوهٌ، أَخو قَنَصٍ،
…
مَا يُطْعِمُ العَينَ نَوْماً غيرَ تَهْوِيمِ
والشَّفْهُ: الشَّغْلُ. يُقَالُ: شَفَهَني عَنْ كَذَا أَي شَغَلني. وَنَحْنُ نَشْفَه عَلَيْكَ المَرْتَع والماءَ أَي نشْغَلُه عَنْكَ أَي هُوَ قَدْرُنا لَا فَضْلَ فِيهِ. وشُفِهَ مَا قِبَلَنا شَفْهاً: شُغِلَ عَنْهُ. وَقَدْ شَفَهني فلانٌ إِذَا أَلَحَّ عَلَيْكَ فِي المسأَلة حَتَّى أَنْفَد مَا عِنْدك. وماءٌ مَشْفوهٌ: بِمَعْنَى مَطْلوب. قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمعه لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي قَدْ كثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ كأَنَّهم نزَحُوه بشِفاهِهِم وشَغَلُوه بِهَا عَنْ غَيرِهم. وَقِيلَ: ماءٌ مَشْفوهٌ مَمْنوعٌ مِنْ وِرْدِه لقِلَّتِه. ووَرَدْنا مَاءً مَشْفوهاً: كثيرَ الأَهلِ. وَيُقَالُ: مَا شَفَهْتُ عَلَيْكَ مِنْ خَبرِ فلانٍ شَيْئًا وَمَا أَظنُّ إبِلَك إِلَّا ستَشْفَه عَلَيْنَا الماءَ أَي تَشْغَلُه. وفلانٌ مَشْفوهٌ عنَّا أَي مَشْغول عنَّا مَكْثورٌ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا صَنَع لأَحَدِكم خادِمُه طَعاماً فليُقْعِدْه مَعَهُ، فَإِنْ كَانَ مَشْفوهاً فليَضَعْ فِي يدِه مِنْهُ أُكْلةً أَو أُكْلَتَين
؛
المَشْفوهُ: القليلُ، وأَصله الْمَاءُ الَّذِي كَثُرَتْ عَلَيْهِ الشِّفاه حَتَّى قَلَّ، وَقِيلَ: أَراد فَإِنْ كَانَ مَكْثوراً عَلَيْهِ أَي كَثُرت أَكَلَتُه. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: شَفَهْتُ نَصيبي، بِالْفَتْحِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وردَّ ثَعْلَبٌ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَقَالَ: وإنما هُوَ سَفِهْتُ أَي نَسِيت.
شقه: فِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ حَتَّى يُشْقِهَ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: جَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ الإِشْقاه أَن يَحْمَرَّ ويَصْفَرَّ، وَهُوَ مِنْ أَشْقَح يُشْقِح، فأَبدل مِنَ الْحَاءِ هَاءً، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَيَجُوزُ فِيهِ التشديد.
شكه: شاكَهَ الشيءَ مُشاكَهةً وشِكاهاً: شابَهَهُ وشاكَله ووافقَه وقارَبه. وَهُمَا يتَشاكَهان أَي يتَشابهانِ. والمُشاكَهةُ المُشابَهةُ والمُقارَبةُ. وَفِي أَمثال الْعَرَبِ قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ يُفْرِطُ فِي مدْحِ الشَّيْءِ: شاكِهْ أَبا فلانٍ أَي قارِبْ فِي الْمَدْحِ وَلَا تُطْنِبْ، كَمَا يُقَالُ: بِدُونِ ذَا يَنْفَقُ الْحِمَارُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
عَلَوْنَ بأَنْماطٍ عِتاقٍ وكِلَّةٍ،
…
وِرَادٍ حَواشِيها مُشاكِهَةِ الدَّمِ
وأَصل مثَل العربِ: شاكِهْ أَبا فلانٍ، أَنَّ رَجُلًا رأَى آخرَ يَعْرِضُ فَرَسًا لَهُ عَلَى البيع، فقال لَهُ: هَذَا فَرَسُك الَّذِي كنتَ تَصِيدُ عَلَيْهِ الوَحْشَ، فَقَالَ لَهُ: شاكِهْ أَبا فُلَانٍ أَي قارِبْ فِي الْمَدْحِ. وأَشْكَهَ الأَمر: مِثْلُ أَشْكَلَ.
شهه: شَهْ: حِكَايَةُ كلامٍ شِبْه الانْتهار. وشَهْ: طائرٌ شِبْهُ الشَّاهِينِ وَلَيْسَ بِهِ، أَعجميٌّ.
شوه: رَجُلٌ أَشْوَهُ: قبيحُ الوجهِ. يُقَالُ: شاهَ وجْهُه يَشُوه، وَقَدْ شوَّهَه اللهُ عز وجل، فَهُوَ مُشَوَّه؛ قَالَ الحُطيْئة:
أَرى ثَمَّ وَجْهاً شَوَّهَ اللهُ خَلْقَه،
…
فقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ، وقُبِّحَ حامِلُهْ
شاهَت الوجوهُ تَشُوهُ شَوْهاً: قَبُحَت. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَنه رَمى المُشْرِكينَ يومَ حُنَيْنٍ بكفٍّ مِنْ حَصًى وَقَالَ شاهَت الْوُجُوهُ، فهَزَمَهم اللَّهُ تَعَالَى
؛ أَبو عَمْرٍو: يَعْنِي قَبُحَت الوُجوهُ. وَرَجُلٌ أَشْوَهُ وامرأَة شَوْهاء إِذَا كَانَتْ قَبيحةً، وَالِاسْمُ الشُّوهَة. وَيُقَالُ للخُطْبة الَّتِي لَا يُصَلَّى فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: شَوْهاء. وَفِيهِ: قَالَ لِابْنِ صَيّادٍ: شَاهَ الوَجْهُ. وتَشَوَّه لَهُ أَي تنَكَّر لَهُ وتغَوَّل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لصَفْوان بْنِ المُعَطَّل حِينَ ضرَبَ حَسَّانَ بِالسَّيْفِ: أَتَشَوَّهْتَ عَلَى قَوْمِي أَنْ هَداهُم اللَّهُ للإِسلام
أَي أَتنَكَّرْتَ وتقَبَّحْتَ لَهُمْ، وجعلَ الأَنصارَ قومَه لنُصْرَتِهم إِيَّاهُ. وَإِنَّهُ لَقبيح الشَّوَهِ والشُّوهةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِي، والشَّوْهاءُ: العابِسةُ، وقيل: المَشْؤومَةُ، والإِسمُ مِنْهَا الشَّوَهُ. والشَّوَهُ: مصدرُ الأَشْوَه والشَّوْهاء، وَهُمَا الْقَبِيحَا الوجهِ والخِلْقة. وَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الخَلْق لَا يُوافِق بعضُه بَعْضًا أَشْوَهُ ومُشَوَّه. والمُشَوَّهُ أَيضاً: القبيحُ العَقلِ، وَقَدْ شاهَ يَشُوهُ شَوْهاً وشُوهةً وشَوِهَ شَوَهاً فِيهِمَا. والشُّوهةُ: البُعْدُ، وَكَذَلِكَ البُوهةُ. يُقَالُ: شُوهةً وبُوهةً، وَهَذَا يُقَالُ فِي الذَّمِّ. والشَّوَه: سُرعةُ الإِصابَةِ بِالْعَيْنِ، وَقِيلَ: شدَّةُ الإِصابةِ بِهَا، وَرَجُلٌ أَشْوَه. وشاهَ مالَه: أَصابَه بِعَيْنٍ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وتَشَوَّه: رَفَع طَرْفه إِلَيْهِ ليُصِيبَه بِالْعَيْنِ. وَلَا تُشَوِّهْ عليَّ وَلَا تَشَوَّه عَلَيَّ أَي لَا تَقُل مَا أَحْسَنَهُ فتُصِيبَني بِالْعَيْنِ، وخَصَّصه الأَزهري فَرَوَى عَنْ أَبي الْمَكَارِمِ: إِذَا سَمِعْتَني أَتكلم فَلَا تُشَوِّه عَلَيَّ أَي لَا تَقُلْ مَا أَفْصَحَكَ فتُصِيبَني بِالْعَيْنِ. وفلانٌ يتَشوَّهُ أَموالَ الناسِ ليُصيبَها بِالْعَيْنِ. اللَّيْثُ: الأَشْوَهُ السريعُ الإِصابة بِالْعَيْنِ، والمرأَةُ شَوْهاء. أَبو عَمْرٍو: إِنَّ نَفْسَهُ لتَشُوهُ إِلَى كَذَا أَي
تَطْمَح إِليه. ابْنُ بُزُرْج: يُقَالُ رَجُلٌ شَيُوهٌ، وَهُوَ أَشْيَهُ الناسِ، وإِنه يَشُوهُه ويَشِيهُه أَي يَعِينُه. اللِّحْيَانِيُّ: شُهْتُ مالَ فلانٍ شَوْهاً إِذا أَصَبْته بعَيْني. وَرَجُلٌ أَشْوَهُ بَيِّنُ الشَّوَهِ وامرأَةٌ شَوْهاءُ إِذا كَانَتْ تُصِيبُ الناسَ بعَيْنها فتَنْفُذُ عَيْنُها. والشائِهُ: الحاسدُ، وَالْجَمْعُ شُوَّهٌ؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الأَصمعي. وشاهَهُ شَوْهاً: أَفزعه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، فأَنا أَشُوهُه شَوْهاً. وَفَرَسٌ شَوْهاء، صفةٌ محمودةٌ فِيهَا: طويلةٌ رائِعة مُشْرِفةٌ، وَقِيلَ: هِيَ المُفْرِطةُ رُحْب الشِّدْقَيْنِ والمَنْخَرَيْنِ، وَلَا يُقَالُ فَرَسٌ أَشْوَهُ إِنما هِيَ صِفَةٌ للأُنثى، وَقِيلَ: فَرَسٌ شَوْهاء وَهِيَ الَّتِي فِي رأْسها طُول وَفِي مَنْخَرَيْها وفَمِها سَعةٌ. والشَّوْهاء: القبيحةُ. والشَّوْهاءُ: المَلِيحةُ والشَّوْهاء: الواسِعةُ الْفَمِ. والشَّوْهاء: الصغيرةُ الْفَمِ؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ يَصِفُ فَرَسًا:
فهْيَ شَوْهاءُ كالجُوالِق، فُوها
…
مُسْتَجافٌ يَضِلُّ فِيهِ الشَّكِيمُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والشَّوْهاء فرسُ حَاجِبِ بْنِ زُرارة؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
وأَفْلَتَ حاجِبٌ تحْتَ العَوالي،
…
عَلَى الشَّوْهاء، يَجْمَحُ فِي اللِّجام
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ الزُّبَيْرِ: شَوَّه اللهُ حُلُوقَكمْ
أَي وَسَّعها. وَقِيلَ: الشَّوْهاءُ مِنَ الخَيْل الحَديدةُ الفُؤادِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: فَرَسٌ شَوْهاء إِذا كَانَتْ حَديدةَ الْبَصَرِ، وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ أَشْوَهُ؛ قَالَ: وَيُقَالُ هُوَ الطَّوِيلُ إِذا جُنِّبَ. والشَّوَهُ: طُولُ العُنُقِ وارتفاعُها وإِشرافُ الرأْسِ، وفرسٌ أَشْوَهُ. والشَّوَهُ: الحُسْنُ. وامرأَة شَوْهاء: حَسنَةٌ، فَهُوَ ضدٌّ؛ قَالَ الشَّاعِرِ:
وبِجارةٍ شَوْهاءَ تَرْقُبُني،
…
وحَماً يَظَلُّ بمَنْبِذِ الحِلْسِ
وَرُوِيَ عَنْ مُنْتَجِع بْنِ نَبْهان أَنه قَالَ: امرأَة شَوْهاءُ إِذا كَانَتْ رَائِعَةً حَسَنةً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ بَيْنا أَنا نائمٌ رأَيتُني فِي الجَنَّة فإِذا امرأَةٌ شَوْهاءُ إِلى جَنْبِ قصرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ قَالُوا: لعُمَرَ.
وَرَجُلٌ شَائِهُ الْبَصَرِ وشاهٍ: حديدُ البصرِ، وَكَذَلِكَ شَاهِي البصرِ. والشاةُ: الْوَاحِدُ مِنَ الْغَنَمِ، يَكُونُ لِلذَّكَرِ، والأُنثى، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَنِ الْخَلِيلِ: هَذَا شاةٌ بِمَنْزِلَةِ هَذَا رحمةٌ مِنْ رَبِّي، وَقِيلَ: الشاةُ تَكُونُ مِنَ الضأْن والمَعز والظِّباءِ والبَقَر والنعامِ وحُمُرِ الْوَحْشِ؛ قَالَ الأَعشى:
وحانَ انْطِلاقُ الشّاةِ مِنْ حَيْثُ خَيَّما
الْجَوْهَرِيُّ: والشاةُ الثَّوْرُ الوَحْشِيّ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ إِلا لِلذَّكَرِ، وَاسْتُشْهِدَ بِقَوْلِ الأَعشى مِنْ حَيْثُ خَيَّما؛ قَالَ: وَرُبَّمَا شَبَّهوا بِهِ المرأَة فأَنثوه كَمَا قَالَ عَنْتَرَةُ:
يَا شاةَ مَا قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لَهُ
…
حَرُمَتْ عليَّ، ولَيْتَها لَمْ تَحْرُمِ
فأَنثها؛ وَقَالَ طَرَفَةُ:
مُؤَلَّلتانِ تَعْرِفُ العِتْقَ فِيهِمَا
…
كسامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَلَ مُفْرَدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِلَبِيدٍ:
أَو أَسْفَع الخَدَّيْنِ شَاةُ إِرانِ
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَجُوبُ بيَ الفَلاةَ إِلى سَعيدٍ،
…
إِذا مَا الشاةُ فِي الأَرْطاةِ قَالَا
وَالرِّوَايَةُ:
فوَجَّهْتُ القَلُوصَ إِلى سعيدٍ
وَرُبَّمَا كُنِيَ بِالشَّاةِ عَنِ المرأَة أَيضاً؛ قَالَ الأَعشى:
فَرمَيْتُ غَفْلَةَ عَيْنِه عَنْ شاتِه،
…
فأَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبها وطِحالَها
وَيُقَالُ لِلثَّوْرِ الْوَحْشِيِّ: شاةٌ. الْجَوْهَرِيُّ: تشَوَّهْتُ شَاةً إِذا اصْطَدْته. والشاةُ: أَصلها شاهَةٌ، فَحُذِفَتِ الْهَاءُ الأَصلية وأُثبتت هَاءُ الْعَلَامَةِ الَّتِي تَنْقلِبُ تاءَ فِي الإِدْراج، وَقِيلَ فِي الْجَمْعِ شِيَاهٌ كَمَا قَالُوا مَاءٌ، والأَصل ماهَة وَمَاءَةٌ، وَجَمَعُوهَا مِياهاً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْجَمْعُ شاءٌ، أَصله شاهٌ وشِياهٌ وشِوَاهٌ وأَشاوِهُ وشَوِيٌّ وشِيْهٌ وشَيِّهٌ كسَيِّدٍ، الثلاثةُ اسمٌ لِلْجَمْعِ، وَلَا يُجْمَعُ بالأَلف وَالتَّاءِ كَانَ جِنْسًا أَو مُسَمًّى بِهِ، فأَما شِيْه فَعَلَى التَّوْفِيَةِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ فُعُلًا كأَكَمةٍ وأُكُمٍ شُوُهٌ، ثُمَّ وَقَعَ الإِعلال بالإِسكان، ثُمَّ وَقَعَ الْبَدَلُ لِلْخِفَّةِ كعِيدٍ فِيمَنْ جَعَلَهُ فُعْلًا، وأَما شَوِيٌّ فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَصله شَوِيهٌ عَلَى التَّوْفِيَةِ، ثُمَّ وَقَعَ الْبَدَلُ لِلْمُجَانَسَةِ لأَن قَبْلَهَا وَاوًا وَيَاءً، وَهُمَا حَرْفَا عِلَّةٍ، وَلِمُشَاكَلَةِ الْهَاءِ الْيَاءَ، أَلا تَرَى أَن الْهَاءَ قَدْ أُبدلت مِنَ الْيَاءِ فِيمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: ذِهْ فِي ذِي؟ وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ شَوِيٌّ عَلَى الْحَذْفِ فِي الْوَاحِدِ وَالزِّيَادَةِ فِي الْجَمْعِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ لأْآلٍ فِي التَّغْيِيرِ، إِلَّا أَن شَوِيّاً مُغَيَّرٌ بِالزِّيَادَةِ ولأْآلٌ بِالْحَذْفِ، وأَما شَيِّهٌ فَبيِّنٌ أَنه شَيْوِهٌ، فأُبدلت الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِهَا ومجاورَتها الْيَاءَ. غَيْرُهُ: تَصْغِيرُهُ شُوَيْهة، وَالْعَدَدُ شِياهٌ، وَالْجَمْعُ شاءٌ، فإِذا تَرَكُوا هَاءَ التأْنيث مَدُّوا الأَلف، وإِذا قَالُوهَا بِالْهَاءِ قَصَرُوا وَقَالُوا شاةٌ، وَتُجْمَعُ عَلَى الشَّوِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الشاءُ والشَّويُّ والشَّيِّهُ واحدٌ؛ وأَنشد:
قالتْ بُهَيَّةُ: لَا يُجاوِرُ رَحْلَنا
…
أَهلُ الشَّوِيِّ، وعابَ أَهلُ الجامِلِ «3»
. وَرَجُلٌ كثيرُ الشاةِ وَالْبَعِيرِ: وَهُوَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ لأَن الأَلف وَاللَّامَ لِلْجِنْسِ. قَالَ: وأَصل الشَّاةِ شاهَةٌ لأَن تَصْغِيرَهَا شُوَيْهة. وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي تَصْغِيرِهَا شُوَيَّةٌ، فأَما عَيْنُهَا فَوَاوٌ، وإِنما انْقَلَبَتْ فِي شِياهٍ لِكَسْرَةِ الشِّينِ، والجمعُ شِياهٌ بِالْهَاءِ أَدنى فِي الْعَدَدِ، تَقُولُ ثلاثُ شِياهٍ إِلى الْعَشْرِ، فإِذا جاوَزْتَ فَبِالتَّاءِ، فإِذا كَثَّرْتَ قُلْتَ هَذِهِ شاءٌ كَثِيرَةٌ. وَفِي حَدِيثِ
سوادَةَ بنِ الرَّبيع: أَتَيْتُه بأُمِّي فأَمَر لَهَا بشِياهِ غنمٍ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما أَضافها إِلَى الْغَنَمِ لأَن الْعَرَبَ تُسَمِّي الْبَقَرَةَ الْوَحْشِيَّةَ شَاةً فَمَيَّزَهَا بالإِضافة لِذَلِكَ، وجمعُ الشاءِ شَوِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ الصَّدَقَةِ:
وَفِي الشَّوِيِّ فِي كُلِّ أَربعين وَاحِدَةٌ
؛ الشَّوِيُّ: اسْمُ جَمْعٍ لِلشَّاةِ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعٌ لَهَا نَحْوَ كلْبٍ وكَلِيبٍ، ومنه
كتابُه لقَطَنِ بْنِ حَارِثَةَ: وَفِي الشَّوِيِّ الوَرِيِّ مُسِنَّة.
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه سُئِلَ عَنِ المُتْعة أَيُجْزئُ فِيهَا شاةٌ، فَقَالَ: مَا لِي وللشَّوِيِ
أَي الشَّاءِ، وَكَانَ مَذْهَبُهُ أَن الْمُتَمَتِّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلى الْحَجِّ تَجِبُ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ. وتَشَوَّه شَاةً: اصْطادَها. وَرَجُلٌ شاوِيٌّ: صاحبُ شَاءٍ؛ قَالَ:
ولَسْتُ بشاويٍّ عَلَيْهِ دَمامَةٌ،
…
إِذا مَا غَدَا يَغْدُو بقَوْسٍ وأَسْهُمِ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لمُبَشِّرِ بْنِ هُذَيْلٍ الشَّمْخِيِّ:
ورُبَّ خَرْقٍ نازحٍ فَلاتُهُ،
…
لَا يَنْفَعُ الشاوِيَّ فِيهَا شاتُهُ
(3). قوله [لَا يُجَاوِرُ رَحْلَنَا أَهْلُ الشويّ وعاب إلخ] هكذا في الأصل يجاور بالراء، وعاب بالعين المهملة. وفي شرح القاموس: لا يجاوز بالزاي