المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل السين المهملة - لسان العرب - جـ ١٣

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌ن

- ‌حرف النون

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل الظاء المعجمة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء المثناة تحتها

- ‌ه

- ‌حرف الهاء

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء المهملة

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌ فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء المثناة تحتها

الفصل: ‌فصل السين المهملة

قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: سأَلت أَبا حَاتِمٍ والأَصمعي عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفَاهُ، قَالَ: وأَظنه بطَسْتٍ رَحْرَحَةٍ، بِالْحَاءِ، وَهِيَ الْوَاسِعَةُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ إِنَاءٌ رَحْرَحٌ ورَحْراحٌ، فأَبدلوا الْهَاءَ مِنَ الْحَاءِ كَمَا قَالُوا مَدَهْتُ فِي مَدَحْتُ، وَمَا شَاكَلَهُ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ؛ قَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ الأَنباري: هَذَا بعيدٌ جِدّاً لأَن الْهَاءَ لَا تُبْدَلُ مِنَ الْحَاءِ إِلَّا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي اسْتَعْمَلَتِ الْعَرَبُ فِيهَا ذَلِكَ، وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا لأَن الَّذِي يُجِيزُ الْقِيَاسَ عَلَيْهَا يُلْزَمُ أَن تُبْدَلَ الْحَاءُ هَاءً فِي قَوْلِهِمْ رَحَلَ الرَّحْلَ، وَفِي قَوْلِهِ عز وجل: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ؛ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَإِنَّمَا هُوَ دَرَهْرَهة فأَخطأَ الرَّاوِي فأَسقط الدَّالَ. يُقَالُ للكَوْكَبة الوَقَّادَة تَطْلُع مِنَ الأُفُقِ دارِئَةً بِنُورِهَا: دَرَهْرَهة، كأَنه أَراد طَسّاً بَرَّاقةً مُضيئة. وَفِي التَّهْذِيبِ: طَسْتٌ رَحْرَحٌ ورَهْرَةٌ ورَحْراحٌ ورَهْراهٌ إِذَا كَانَ وَاسِعًا قَرِيبَ الْقَعْرِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ جِسْمٌ رَهْرَهةٌ أَي أَبيض مِنَ النَّعْمة، يُرِيدُ طَسْتاً بَيْضَاءَ مُتَلأْلِئَةً، وَيُرْوَى بَرَهْرَهة، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. ورَهْرَهَ مائدَتَه إِذَا وَسّعها سَخَاءً وَكَرَمًا. الأَزهري: الرَّهَّةُ الطَّسْتُ الْكَبِيرَةُ. وَالسَّرَابُ يَتَرَهْرَهُ ويَتَرَيَّهُ إِذَا تَتَابَعَ لَمَعانُه. ورَهْرَهَ بالضأْن: مقلوبٌ مِنْ هَرْهَرَ؛ حَكَاهُ يعقوب.

روه: راهَ الشيءُ رَوْهاً: اضْطرب، وَالِاسْمُ الرُّواهُ، يَمَانِيَّةٌ.

ريه: الرَّيْهُ والتَّرَيُّه: جَرْيُ السَّرَابِ عَلَى وَجْهِ الأَرض، وَقِيلَ: مَجِيئُهُ وَذَهَابُهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا جَرى مِنْ آلِهِ المُرَيَّهِ

وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:

كأَنَّ رَقْراقَ السَّرابِ الأَمْرَهِ

يَسْتَنُّ فِي رَيْعانِه المُرَيَّهِ «1»

. كأَنه رُيِّهَ أَو رَيَّهَتْه الهاجرةُ. وتَرَيَّه السرابُ: تَرَيَّعَ. والمُرَيَّهُ المُرَيَّعُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: يَتَمَيَّعُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا لَا يَسْتَقِيمُ لَهُ وَجْهٌ، والله أَعلم.

‌فصل الزاي

زفه: الأَزهريُّ خَاصَّةً: رَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ الزَّافِهُ السَّرابُ، والسافِهُ الأَحمق.

زله: زَلِه زَلَهاً: زَمِعَ وطَمِعَ. الأَزهري: الزَّلَهُ مَا يَصِلُ إِلَى النَّفْسِ مِنْ غَمِّ الْحَاجَةِ أَو هَمٍّ مِنْ غَيْرِهَا؛ وأَنشد:

وَقَدْ زَلِهَتْ نفْسي مِنَ الجَهْدِ، وَالَّذِي

أُطالِبُه شَقْنٌ، وَلَكِنَّهُ نَذْلُ

الشَّقْنُ: الْقَلِيلُ الوَتِحُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. ابْنُ الأَعرابي: الزَّلْهُ التَّحَيُّرُ «2» . والزَّلْهُ نَوْرُ الرَّيْحَانِ وحُسْنُه، والزَّلْهُ الصَّخْرة الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا الساقي.

زمه: زَمِهَ يومُنا زَمَهاً: اشتدَّ حَرُّه كدَمِهَ.

‌فصل السين المهملة

سبه: السَّبَهُ: ذَهَابُ الْعَقْلِ مِنَ الهَرَم. وَرَجُلٌ مَسْبُوه ومُسَبَّهٌ وسَباهٍ: مُدَلَّهٌ ذاهبُ الْعَقْلِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

ومُنْتَخَبٍ كأَنَّ هالَة أُمّه

سَباهِي الفُؤادِ مَا يَعيش بمعْقُولِ

(1). قوله [كَأَنَّ رَقْرَاقَ السَّرَابِ الْأَمْرَهِ] روي: عليه رقراق، وروي: يعلوه رقراق، وروي الأمقه بدل الأمره وهما بمعنى واحد

(2)

. قوله [الزله التحير إلخ] الزله في هذه الثلاثة بفتح فسكون بخلاف ما قبلها فإنه بالتحريك كما نص عليه المجد والصاغاني

ص: 494

هالَةُ هُنَا: الشمسُ. ومُنْتَخَبٌ: حَذِرٌ كأَنه لذَكاء قَلْبِهِ فَزِعٌ، وَيُرْوَى: كأَنَّ هالَة أُمُّهُ أَي هُوَ رَافِعُ رأْسه صُعُداً كأَنه يَطْلُبُ الشَّمْسَ، فكأَنها أُمه. وَرَجُلٌ مَسْبُوهُ الفُؤاد: مِثْلُ مُدَلَّه العَقْلِ، وَهُوَ المُسَبَّهُ أَيضاً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

قالتْ أُبَيْلى لِي وَلَمْ أُسَبَّهِ:

مَا السِّنُّ إِلَّا غَفْلَةُ المُدَلَّهِ

أُبَيْلى: اسْمُ امرأَة. قَالَ الْمُفَضَّلُ: السُّباهُ سَكْتَةٌ تأْخذ الإِنسانَ يَذْهَبُ مِنْهَا عقلُه، وَهُوَ مَسْبُوهٌ. وَقَالَ كُرَاعٌ: السُّباهُ، بِضَمِّ السِّينِ، الذاهبُ الْعَقْلِ، وَهُوَ أَيضاً الَّذِي كأَنه مَجْنُونٌ مِنْ نَشاطه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَا أَنه غَلِطَ، إِنَّمَا السُّباهُ ذَهَابُ الْعَقْلِ أَو نَشَاطُ الَّذِي كأَنه مَجْنُونٌ. اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ مِسَبَّهُ الْعَقْلِ ومُسَمَّهُ الْعَقْلِ أَي ذَاهِبُ الْعَقْلِ. وَرَجُلٌ سَباهِيُّ العَقْل إِذَا كَانَ ضَعِيفَ الْعَقْلِ. وَرَجُلٌ سَبِهٌ وسَباهٌ وسَباهٍ وسباهِيَةٌ: متكبر.

سته: السَّتْهُ والسَّتَهُ والاسْتُ: مَعْرُوفَةٌ، وَهُوَ مِنَ الْمَحْذُوفِ المُجْتَلَبَةِ لَهُ أَلفُ الْوَصْلِ، وَقَدْ يُسْتَعَارُ ذَلِكَ لِلدَّهْرِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

إِذَا كَشَفَ اليومُ العَماسُ عَنِ اسْتِهِ،

فَلَا يَرْتَدي مِثْلي وَلَا يَتَعَمَّمُ

يَجُوزُ أَن تَكُونَ الْهَاءُ فِيهِ رَاجِعَةً إِلَى الْيَوْمِ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ رَاجِعَةً إِلَى رَجُلٍ مَهْجُوٍّ، وَالْجَمْعُ أَسْتاهٌ، قَالَ عَامِرُ بْنُ عُقَيْل السَّعْدِيُّ وَهُوَ جَاهِلِيٌّ:

رِقابٌ كالمَواجِنِ خاظِياتٌ،

وأَسْتاهٌ عَلَى الأَكْوارِ كُومُ

خاظياتٌ: غِلاظٌ سِمانٌ. وَيُقَالُ: سَهٌ وسُهٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى بِحَذْفِ الْعَيْنِ؛ قَالَ:

أُدْعُ أُحَيْحاً باسْمِه لَا تَنْسَهْ،

إنَّ أُحَيْحاً هِيَ صِئْبانُ السَّهْ

الْجَوْهَرِيُّ: والاسْتُ العَجُزُ، وَقَدْ يُرادُ بِهَا حَلْقة الدُّبُرِ، وأَصله سَتَهٌ عَلَى فَعَل، بِالتَّحْرِيكِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَن جَمْعَهُ أَسْتاه مِثْلَ جَمَل وأَجمال، وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ مثل جِزْعٍ وقُفْل اللَّذَيْنِ يُجْمَعَانِ أَيضاً عَلَى أَفعال، لأَنك إِذَا رَدَدْتَ الْهَاءَ الَّتِي هِيَ لَامُ الْفِعْلِ وَحَذَفْتَ الْعَيْنَ قُلْتَ سَهٌ، بِالْفَتْحِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ أَوْسٌ:

شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمِينُها،

وأَنْتَ السَّهُ السُّفْلى، إِذَا دُعِيَت نَصْر

يَقُولُ: أَنْتَ فِيهِمْ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِ مِنَ النَّاسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

العينُ وِكاءُ السَّهِ

، بِحَذْفِ عَيْنِ الْفِعْلِ؛ وَيُرْوَى:

وِكاءُ السَّتِ

، بِحَذْفِ لَامِ الْفِعْلِ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُسْتَذَلُّ: أَنت الاسْتُ السُّفْلى وأَنت السَّهُ السُّفْلى. وَيُقَالُ لأَرْذالِ النَّاسِ: هَؤُلَاءِ الأَسْتاه، ولأَفاضلهم: هَؤُلَاءِ الأَعْيانُ والوُجوهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ فِيهِ سَتٌ أَيضاً، لُغَةٌ ثَالِثَةٌ؛ قَالَ ابْنُ رُمَيْضٍ العَنْبَرِيّ:

يَسِيلُ عَلَى الحاذَيْنِ والسَّتِ حَيْضُها،

كَمَا صَبَّ فوقَ الرُّجْمَةِ الدَّمِ ناسِكُ

وَقَالَ أَوس بْنُ مَغْراءَ:

لَا يُمْسِكُ السَّتَ إلَّا رَيْثَ يُرْسِلُها،

إِذَا أَلَحَّ عَلَى سِيسَائِه العُصُمُ

يَعْنِي إِذَا أَلح عَلَيْهِ بِالْحَبْلِ ضَرطَ. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: فِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ: سَهٌ وسَتٌ واسْتٌ. والسَّتَهُ: عِظَمُ الاسْتِ. والسَّتَهُ: مَصْدَرُ الأَسْتَهِ، وَهُوَ الضَّخْمُ الاسْتِ. وَرَجُلٌ أَسْتَهُ: عَظِيمُ الاسْتِ بَيِّنُ السَّتَهِ إِذَا كَانَ كَبِيرَ العَجُز، والسُّتاهِيُّ والسُّتْهُم مِثْلُهُ. الْجَوْهَرِيُّ: والمرأَة سَتْهاءُ وسُتْهُمٌ،

ص: 495

وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَإِذَا نَسَبْتَ إِلَى الاسْتِ قُلْتَ سَتَهِيٌّ، بِالتَّحْرِيكِ، وَإِنْ شِئْتَ اسْتِيٌّ، تَرَكْتَهُ عَلَى حَالِهِ، وسَتِهٌ أَيضاً، بِكَسْرِ التَّاءِ، كَمَا قَالُوا حَرِحٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَجُلٌ حَرِحٌ أَي مُلازمٌ للأَحْراحِ، وسَتِهٌ مُلازم للأَسْتاهِ. قَالَ: والسَّيْتَهِيُّ الَّذِي يَتَخَلَّفُ خَلْفَ الْقَوْمِ فَيَنْظُرُ فِي أَسْتاهِهم؛ قَالَتِ الْعَامِرِيَّةُ:

لَقَدْ رأَيتُ رَجُلًا دُهْرِيَّا،

يَمْشِي وَراءَ القومِ سَيْتَهِيَّا

ودُهْرِيٌّ: مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي دَهْرٍ بَطْن مِنْ كَلْبٍ. والسَّتِهُ: الطالبُ للاسْتِ، وَهُوَ عَلَى النَّسَبِ، كَمَا يُقَالُ رَجُلٌ حَرِحٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: التَّمْثِيلُ لِسِيبَوَيْهِ. ابْنُ سِيدَهْ: رَجُلٌ أَسْتَهُ، وَالْجَمْعُ سُتْهٌ وسُتْهانٌ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وامرأَة سَتْهاء كَذَلِكَ. وَرَجُلٌ سُتْهُمٌ، والأُنثى سُتْهُمة كَذَلِكَ، الْمِيمُ زَائِدَةٌ. وَيُقَالُ لِلْوَاسِعَةِ مِنَ الدُّبر: سَتْهاء وسُتْهُمٌ، وَتَصْغِيرُ الاسْتِ سُتَيْهَةٌ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: رَجُلٌ سُتْهُم إِذَا كَانَ ضَخْمَ الاسْتِ، وسُتاهِيٌّ مِثْلُهُ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. قَالَ النَّحْوِيُّونَ: أَصل الاسْتِ سَتْهٌ، فَاسْتَثْقَلُوا الْهَاءَ لِسُكُونِ التَّاءِ، فَلَمَّا حَذَفُوا الْهَاءَ سَكَنَتِ السِّينُ فَاحْتِيجَ إِلَى أَلف الْوَصْلِ، كَمَا فُعِلَ بالاسْمِ والابْنِ فَقِيلَ الاسْتُ، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ السَّهْ، بِالْهَاءِ، عِنْدَ الْوَقْفِ يَجْعَلُ التَّاءَ هِيَ السَّاقِطَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا هَاءً عِنْدَ الْوَقْفِ وَتَاءً عِنْدَ الإِدراج، فَإِذَا جَمَعُوا أَوْ صَغَّروا رَدُّوا الْكَلِمَةَ إِلَى أَصلها فَقَالُوا فِي الْجَمْعِ أَسْتاهٌ، وَفِي التَّصْغِيرِ سُتَيْهة، وَفِي الْفِعْلِ سَتِهَ يَسْتَهُ فَهُوَ أَسْتَهُ. وَفِي حَدِيثِ المُلاعَنَةِ:

إِنْ جَاءَتْ بِهِ مُسْتَهاً جَعْداً فَهُوَ لِفُلَانٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ حَمْشاً فَهُوَ لِزَوْجِهَا

؛ أَراد بالمُسْتَه الضَّخْمَ الأَلْيَتَيْنِ، كأَنه يُقَالُ أُسْتِه فَهُوَ مُسْتَهٌ، كَمَا يُقَالُ أُسْمِنَ فَهُوَ مُسْمَنٌ، وَهُوَ مُفْعَلٌ مِنَ الاسْتِ، قَالَ: ورأَيت رَجُلًا ضَخْمَ الأَرداف كَانَ يُقَالُ لَهُ أَبو الأَسْتاهِ. وَفِي حَدِيثِ

الْبَرَاءِ: مرَّ أَبو سُفْيَانَ ومعاويةُ خَلْفَهُ وَكَانَ رَجُلًا مُسْتَهاً.

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَلِلْعَرَبِ فِي الاسْتِ أَمثالٌ، مِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ: تَقُولُ الْعَرَبُ مَا لَكَ اسْتٌ مَعَ اسْتِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَدَدٌ وَلَا ثَرْوة مِنْ مَالٍ وَلَا عُدَّة مِنْ رِجَالٍ، تَقُولُ فاسْتُه لَا تُفَارِقُهُ، وَلَيْسَ لَهُ مَعَهَا أُخرى مِنْ رِجَالٍ وَمَالٍ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَقَالَتِ الْعَرَبُ إِذَا حدّثَ الرجلُ حَدِيثًا فخَلَّط فِيهِ أَحاديث الضَّبُعِ اسْتَها «3» . وَذَلِكَ أَنها تُمَرَّغُ فِي التُّرَابِ ثُمَّ تُقْعِي فَتَتَغَنَّى بِمَا لَا يَفْهَمُهُ أَحد فَذَلِكَ أَحاديثها اسْتَها، وَالْعَرَبُ تَضَعُ الاسْتَ موضعَ الأَصل فَتَقُولُ مَا لَكَ فِي هَذَا الأَمر اسْتٌ وَلَا فَمٌ أَي مَا لَكَ فِيهِ أَصل وَلَا فَرْعٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

فَمَا لَكُمُ اسْتٌ في العُلالا وَلَا فَمُ

واسْتُ الدَّهْرِ: أَوَّلُ الدَّهْرِ. أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ كَانَ ذَلِكَ عَلَى اسْتِ الدَّهْرِ وَعَلَى أُسِّ الدَّهْرِ أَي عَلَى قِدَمِ الدَّهْرِ؛ وأَنشد الإِيادِيُّ لأَبي نُخَيْلَة:

مَا زالَ مَجْنُونًا عَلَى اسْتِ الدَّهْرِ،

ذَا حُمُقٍ يَنْمِي، وعَقْل يَحْرِي «4»

. أَي لَمْ يَزَلْ مَجْنُونًا دَهْرَهُ كُلَّهُ. وَيُقَالُ: مَا زَالَ فلانٌ عَلَى اسْت الدهرِ مَجْنُونًا أَي لَمْ يَزَلْ يُعْرَفْ بِالْجُنُونِ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ فِي عِلْمِ الرجلِ بِمَا يَلِيه دُونَ غَيْرِهِ: اسْتُ البائِن أَعْلَمُ؛ والبائنُ: الحالبُ الَّذِي لَا

(3). قوله [أحاديث الضبع استها] ضبط في التكملة والتهذيب استها في الموضعين بالنصب

(4)

. قوله [ذا حمق] الذي في التهذيب: في بدن، وفي التكملة: في جسد

ص: 496

يَلي العُلْبةَ، وَالَّذِي يَلِي العُلْبة يُقَالُ لَهُ المُعَلِّي. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُسْتَذلُّ ويُسْتَضْعف: اسْتُ أُمِّك أَضْيَقُ واسْتُكَ أَضْيَقُ مِنْ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا. وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ إِذَا استُذِلُّوا واسْتُخِفَّ بِهِمْ: باسْتِ بَنِي فُلانٍ، وَهُوَ شَتْمٌ لِلْعَرَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الحُطَيئة:

فبِاسْتِ بَني عَبْسٍ وأَسْتاهِ طَيِءٍ،

وباسْتِ بَني دُودانَ حَاشَا بَني نَصْرِ «1»

. وسَتَهْتُه أَسْتَهُه سَتْهاً: ضربتُ اسْتَه. وَجَاءَ يَسْتَهُه أَي يَتْبعه مِنْ خَلْفِهِ لَا يُفَارِقُهُ لأَنه يَتْلُو اسْتَه؛ وأَما قَوْلُ الأَخطل:

وأَنتَ مكانُك مِنْ وائلٍ،

مَكانَ القُرادِ مِنَ اسْتِ الجَملْ

فَهُوَ مَجَازٌ لأَنهم لَا يَقُولُونَ فِي الْكَلَامِ اسْتُ الجَمل. الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ فِيمَا قرأْتُ بِخَطِّهِ: الْعَرَبُ تُسَمِّي بَنِي الأَمة بَني اسْتِها؛ قَالَ: وأَقرأَني ابنُ الأَعرابي للأَعشى:

أَسَفَهاً أَوْعَدْتَ يَا ابْنَ اسْتِهَا،

لَسْتَ عَلَى الأَعْداءِ بالقادِرِ

وَيُقَالُ لِلَّذِي وَلَدَتْهُ أَمَة: يَا ابْنَ اسْتِها، يَعْنُونَ اسْتَ أَمة وَلَدَتْهُ أَنه وُلِدَ مِنِ اسْتِها. وَمِنْ أَمثالهم فِي هَذَا الْمَعْنَى: يَا ابْنَ اسْتِها إِذَا أَحْمَضَتْ حِمارَها. قَالَ المؤرِّجُ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَلَى رأْسه وَصِيفَةٌ رُوقَةٌ فأَحَدَّ النَّظَر إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: أَتُعْجِبُكَ؟ فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لأَمير الْمُؤْمِنِينَ فِيهَا فَقَالَ: أَخبرني بِسَبْعَةِ أَمثال قِيلَتْ فِي الاسْتِ وَهِيَ لَكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: اسْتُ الْبَائِنِ أَعْلَمُ، فَقَالَ: وَاحِدٌ، قَالَ: صَرَّ عَلَيْهِ الغَزْوُ اسْتَهُ، قَالَ: اثْنَانِ، قَالَ: اسْتٌ لَمْ تُعَوَّدِ المِجْمَر، قَالَ: ثَلَاثَةٌ، قَالَ: اسْتُ المَسْؤول أَضْيَقُ، قَالَ: أَربعة، قَالَ: الحُرُّ يُعْطِي والعَبْدُ تَأْلَمُ اسْتُهُ، قَالَ: خَمْسَةٌ، قَالَ الرَّجُلُ: اسْتي أَخْبَثِي، قَالَ: سِتَّةٌ، قَالَ: لَا ماءَكِ أَبْقَيْتِ وَلَا هَنَكِ أَنْقَيْتِ، قَالَ سُلَيْمَانُ: لَيْسَ هَذَا فِي هَذَا، قَالَ: بَلَى أَخذتُ الجارَ بالجارِ كَمَا يأْخذ أَمير الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ أَوَّل مَنْ أَخذ الْجَارَ بِالْجَارِ، قَالَ: خُذْها لَا بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا قَوْلُهُ: صَرَّ عَلَيْهِ الغَزْوُ اسْتَهُ لأَنه لَا يَقْدِرُ أَن يُجَامِعَ إِذَا غَزَا.

سده: السَّدَهُ والسُّداهُ: شَبِيهٌ بالدَّهَشِ، وقد سُدِهَ.

سفه: السَّفَهُ والسَّفاهُ والسَّفاهة: خِفَّةُ الحِلْم، وَقِيلَ: نَقِيضُ الحِلْم، وأَصله الْخِفَّةُ وَالْحَرَكَةُ، وَقِيلَ: الْجَهْلُ وَهُوَ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. وَقَدْ سَفِهَ حِلْمَه ورأْيَه ونَفْسَه سَفَهاً وسَفاهاً وسَفاهة: حَمَلَهُ عَلَى السَّفَهِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هَذَا هُوَ الْكَلَامُ الْعَالِي، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ سَفُه، وَهِيَ قَلِيلَةٌ. وَقَوْلُهُمْ: سَفِهَ نَفْسَهُ وغَبِنَ رَأْيَه وبَطِرَ عَيْشَه وأَلِمَ بَطْنَه ووَفِقَ أَمْرَه ورَشِدَ أَمْرَه، كَانَ الأَصلُ سَفِهَتْ نفسُ زَيْدٍ ورَشِدَ أَمْرُه، فَلَمَّا حُوِّل الْفِعْلُ إِلَى الرَّجُلِ انْتَصَبَ مَا بَعْدَهُ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ، لأَنه صَارَ فِي مَعْنَى سَفَّهَ نَفْسَه، بِالتَّشْدِيدِ؛ هَذَا قَوْلُ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكِسَائِيِّ، وَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ تَقْدِيمُ هَذَا الْمَنْصُوبِ كَمَا يَجُوزُ غلامَه ضَرَبَ زيدٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَمَّا حُوِّل الفعلُ مِنَ النَّفْسِ إِلَى صَاحِبِهَا خَرَجَ مَا بَعْدَهُ مُفَسِّراً لِيَدُلَّ عَلَى أَن السَّفَه فِيهِ، وَكَانَ حُكْمُهُ أَن يَكُونَ سَفِه زيدٌ نَفْساً، لأَن المُفَسِّر لَا يَكُونُ إِلَّا نَكِرَةً، وَلَكِنَّهُ تُرِكَ عَلَى إِضَافَتِهِ وَنُصِبَ كَنَصْبِ النَّكِرَةِ تَشْبِيهًا بِهَا، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ تَقْدِيمُهُ لأَن الْمُفَسِّرَ لَا يتقدَّم؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ: ضِقْتُ بِهِ ذَرْعاً وطَبْتُ بِهِ نَفْساً، وَالْمَعْنَى ضَاقَ ذَرْعي بِهِ وَطَابَتْ

(1). قوله [فباست بني عبس] الذي في الجوهري: بني قيس، لكن صوب الصاغاني الأول

ص: 497

نَفْسِي بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ

؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: اخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ فِي مَعْنَى سَفِهَ نَفْسه وَانْتِصَابِهِ، فَقَالَ الأَخفش: أَهل التأْويل يَزْعُمُونَ أَن الْمَعْنَى سَفَّه نفسَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: إِلَّا مَنْ سَفِهَ الحقَّ، مَعْنَاهُ مَنْ سَفَّه الحقَّ، وَقَالَ يُونُسُ النَّحْوِيُّ: أُراها لُغَةً ذَهَبَ يُونُسُ إِلَى أَن فَعِلَ لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا أَنَّ فَعَّلَ لِلْمُبَالَغَةِ، فَذَهَبَ فِي هَذَا مَذْهَبَ أَهل التأْويل، وَيَجُوزُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ سَفِهْتُ زَيْدًا بِمَعْنَى سَفَّهْتُ زَيْدًا؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مَعْنَى سَفِهَ نفسَه أَهلك نفسَه وأَوْبَقَها، وَهَذَا غَيْرُ خَارِجٍ مِنْ مَذْهَبِ يُونُسَ وأَهل التأْويل؛ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: إِنَّ نَفْسَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّفْسِيرِ، وَقَالَا: التَّفْسِيرُ فِي النَّكِرَاتِ أَكثر نَحْوَ طِبْتُ بِهِ نَفْساً وقَرِرْتُ بِهِ عَيْنًا، وَقَالَا: إِنَّ أَصل الْفِعْلِ كَانَ لَهَا ثُمَّ حوِّل إِلَى الْفَاعِلِ؛ أَراد أَن قَوْلَهُمْ طِبْتُ بِهِ نَفْسًا مَعْنَاهُ طَابَتْ نَفْسِي بِهِ، فَلَمَّا حُوِّلَ الْفِعْلُ إِلَى صَاحِبِ النَّفْسِ خَرَجَتِ النفسُ مُفَسِّرة، وأَنكر الْبَصْرِيُّونَ هَذَا الْقَوْلَ، وَقَالُوا إِنَّ الْمُفَسِّرَاتِ نَكِرَاتٌ وَلَا يَجُوزُ أَن تُجْعَلَ الْمَعَارِفُ نَكِرَاتٍ، وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: إِنَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ

؛ مَعْنَاهُ إِلَّا مَنْ سَفِهَ فِي نَفْسِهِ أَي صَارَ سَفِيهًا، إِلَّا أَن فِي حُذِفَتْ كَمَا حُذِفَتْ حُرُوفَ الْجَرِّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا جُناحَ عليكم أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكم؛ المعنى أَن تَسْتَرْضِعُوا لأَولادكم، فَحُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ مِنْ غَيْرِ ظَرْفٍ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:

نُغالي اللَّحْمَ للأَضْيافِ نِيّاً،

ونَبْذُلُه إِذَا نَضِجَ القُدورُ

الْمَعْنَى: نُغَالِي بِاللَّحْمِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْقَوْلُ الْجَيِّدُ عِنْدِي فِي هَذَا أَن سَفِهَ فِي مَوْضِعِ جَهِلَ، وَالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعلم، إِلَّا مَنْ جَهِل نَفْسَه أَي لَمْ يُفَكِّرْ فِي نَفْسِهِ فَوَضَعَ سَفِهَ فِي مَوْضِعِ جَهِلَ، وعُدِّيَ كَمَا عُدِّيَ، قَالَ: فَهَذَا جَمِيعُ مَا قَالَهُ النَّحْوِيُّونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ: وَمِمَّا يقوِّي قَوْلَ الزَّجَّاجِ الْحَدِيثُ الثابتُ الْمَرْفُوعُ حِينَ

سُئِلَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، عَنِ الكِبْر فَقَالَ: الكِبْرُ أَن تَسْفَهَ الحَقَّ وتَغْمِطَ الناسَ

، فَجَعَلَ سَفِهَ وَاقِعًا مَعْنَاهُ أَنْ تَجْهَلَ الْحَقَّ فَلَا تَرَاهُ حَقًّا، وَاللَّهُ أَعلم. وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: أَصلُ السَّفَهِ الخِفَّةُ، وَمَعْنَى السَّفِيهِ الخفيفُ الْعَقْلِ، وَقِيلَ أَي سَفِهَتْ نَفْسُه أَيْ صَارَتْ سَفِيهَةً، وَنُصِبَ نَفْسَهُ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمُحَوَّلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّمَا البَغْيُ مَنْ سَفِهَ الحقَ

أَي مِنْ جَهِلَهُ، وَقِيلَ: مَنْ جَهِلَ نَفْسَهُ، وَفِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ إِنَّمَا الْبَغْيُ فِعْلُ مَنْ سَفِهَ الحقَّ. والسَّفَهُ فِي الأَصل: الخِفَّة والطَّيْشُ. وَيُقَالُ: سَفِهَ فلانٌ رأْيه إِذَا جَهِلَهُ وَكَانَ رأْيه مُضْطَرِبًا لَا اسْتِقَامَةَ لَهُ. والسَّفيه: الْجَاهِلُ. وَرَوَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ:

مِنْ سَفَهِ الحَقِ

، عَلَى أَنه اسْمٌ مُضَافٌ إِلَى الْحَقِّ، قَالَ: وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحدهما على أَن يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْجَارِ وَإِيصَالِ الْفِعْلِ كَانَ الأَصلُ سَفِهَ عَلَى الْحَقِّ، وَالثَّانِي أَن يُضَمَّنَ مَعْنَى فِعْلٍ مُتَعَدٍّ كَجَهِلَ، وَالْمَعْنَى الاستخفاف بالحق وأَن لا يَرَاهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الرُّجْحان والرَّزانة. الأَزهري: رَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ الزّافِهُ السَّرابُ والسافِهُ الأَحمق. ابْنُ سِيدَهْ: سَفِهَ عَلَيْنَا وسَفُهَ جَهِلَ، فَهُوَ سَفِيهٌ، وَالْجَمْعُ سُفَهاء وسِفَاهٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كَما آمَنَ السُّفَهاءُ

؛ أَي الجُهّال. وَالسَّفِيهُ: الْجَاهِلُ، والأُنثى سَفِيهَةٌ، وَالْجَمْعُ سَفِيهات وسَفائِهُ وسُفَّهٌ وسِفاهٌ. وسَفَّه الرجلَ: جَعَلَهُ سَفِيهًا. وسَفَّهَهُ: نَسَبَهُ إِلَى السَّفَه، وسافَهه مُسافَهة. يُقَالُ: سَفِيه لَمْ يَجِدْ مُسافِهاً. وسَفَّه الجهلُ حِلْمَه: أَطاشه وأَخَفَّه؛ قَالَ:

وَلَا تُسَفِّهُ عِنْدَ الوِرْد عَطْشَتُها

أَحلامَنا، وشَريبُ السَّوْءِ يَضْطرِمُ

وسَفِهَ نفْسَه: خَسِرَها جَهْلًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا

ص: 498

تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَلَغَنَا أَنهم النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ الصِّغَارُ لأَنهم جُهّال بِمَوْضِعِ النَّفَقَةِ. قَالَ: وَرُوِيَ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: النساءُ أَسْفَهُ السُّفهاء.

وَفِي التَّهْذِيبِ: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ

، يَعْنِي المرأَة وَالْوَلَدَ، وَسُمِّيَتْ سَفِيهَةً لِضَعْفِ عَقْلِهَا، ولأَنها لَا تُحْسِنُ سِيَاسَةَ مَالِهَا، وَكَذَلِكَ الأَولاد مَا لَمْ يُؤنَس رُشْدُهم.

وقولُ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَتُسَفِّه أَحْلامنا

، مَعْنَاهُ أَتُجَهِّلُ أَحْلامَنا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً

؛ السَّفِيهُ: الخفيفُ الْعَقْلِ مِنْ قَوْلِهِمْ تَسَفَّهَتِ الرِّياحُ الشيءَ إِذَا اسْتَخَفَّتْهُ فَحَرَّكَتْهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: السَّفِيهُ الْجَاهِلُ وَالضَّعِيفُ الأَحمق؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْجَاهِلُ هَاهُنَا هُوَ الْجَاهِلُ بالأَحكام لَا يُحْسِنُ الإِملال وَلَا يَدْرِي كَيْفَ هُوَ، وَلَوْ كَانَ جَاهِلًا فِي أَحواله كُلِّهَا مَا جَازَ لَهُ أَن يُداين؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَعْنَاهُ إِنْ كَانَ جَاهِلًا أَو صَغِيرًا. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّفِيهُ الْجَاهِلُ بالإِملال. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا خطأٌ لأَنه قَدْ قَالَ بَعْدَ هَذَا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ. وسَفُه عَلَيْنَا، بِالضَّمِّ، سَفاهاً وسَفاهَةً وسَفِهَ، بِالْكَسْرِ، سَفَهاً، لُغَتَانِ، أَي صَارَ سَفِيهًا، فَإِذَا قَالُوا سَفِهَ نَفْسَه وسَفِهَ رَأْيَه لَمْ يَقُولُوهُ إلَّا بِالْكَسْرِ، لأَن فَعُلَ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا. ووادٍ مُسْفَه: مَمْلُوءٌ كأَنه جَازَ الحدَّ فسَفُهَ، فمُسْفَه عَلَى هَذَا مُتَوَهَّم مِنْ بَابٍ أَسْفَهْتُه وَجَدْته سَفِيهًا؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ الرِّقاع:

فَمَا بِهِ بَطْنُ وادٍ غِبَّ نَضْحَتِه،

وَإِنْ تَراغَبَ، إِلَّا مُسْفَهٌ تَئِقُ

والسَّفَهُ: الخِفَّة. وَثَوْبٌ سَفِيهٌ لَهْلَهٌ سَخِيف. وتَسَفَّهَتِ الرياحُ: اضطَرَبت: وتَسَفَّهت الريحُ الغُصونَ: حرَّكتها وَاسْتَخَفَّتْهَا؛ قَالَ:

مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِماحٌ تَسَفَّهَتْ

أَعالِيَها مَرُّ الرِّياحِ النَّواسِمِ

وتَسَفَّهَتِ الريحُ الشجرَ أَي مَالَتْ بِهِ. وَنَاقَةٌ سَفِيهة الزِّمامِ إِذَا كَانَتْ خَفِيفَةَ السَّيْرِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ سَيْفًا:

وأَبْيَضَ مَوْشِيِّ القَمِيصِ نَصَبْتُه

عَلَى ظَهْرِ مِقْلاتٍ سَفِيهٍ جَديلُها

يَعْنِي خفيفٍ زِمامُها، يُرِيدُ أَن جَدِيلَهَا يَضْطَرِبُ لِاضْطِرَابِ رأْسها. وسافَهَتِ الناقةُ الطريقَ إِذَا خَفَّتْ فِي سَيْرِهَا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَحْدُو مَطِيَّاتٍ وقَوْماً نُعَّسا

مُسافِهاتٍ مُعْمَلًا مُوَعَّسا

أَراد بالمُعْمَلِ المُوعَّسِ الطريقَ الْمَوْطُوءَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما قَوْلُ خَلَفِ بْنِ إِسْحاَقَ البَهْرانيّ:

بعَثْنا النَّواعِجَ تَحْتَ الرِّحالْ،

تَسافَهُ أَشْداقُها فِي اللُّجُمْ

فَإِنَّهُ أَراد أَنها تَترامى بلُغامِها يَمْنةً ويَسْرَة، كَقَوْلِ الجَرْمي:

تَسافَهُ أَشْداقُها باللُّغامْ،

فتَكْسُو ذَفارِيَها والجُنُوبا

فَهُوَ مِنْ تَسافُهِ الأَشْداق لَا تَسافُهِ الجُدُلِ، وأَما المُبَرّدُ فَجَعَلَهُ مِنْ تَسافُه الجُدُل، والأَول أَظهر. وسَفِه الماءَ يَسْفَهُه سَفْهاً: أَكثر شُرْبَهُ فَلَمْ يَرْوَ، وَاللَّهُ أَسْفَهه إِيَّاهُ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: سَفِهْتُ الماءَ وسافَهْتُه شَرِبْتَهُ بِغَيْرِ رِفْقٍ. وسَفِهْتُ الشرابَ، بِالْكَسْرِ، إِذَا أَكثرت مِنْهُ فَلَمْ تَرْوَ، وأَسْفَهَكَه اللَّهُ. وسافَهْتُ الدَّنَّ أَو الوَطْبَ: قاعَدْتُه فشَرِبْتُ مِنْهُ سَاعَةً بَعْدَ سَاعَةٍ. وسافَهْتُ الشرابَ إِذَا أَسرفت

ص: 499

فِيهِ؛ قَالَ الشَّمَّاخ:

فَبِتُّ كأَنني سافَهْتُ صِرْفاً

مُعَتَّقَةً حُمَيَّاها تَدُورُ

الأَزهري: رَجُلٌ ساهِفٌ وسافِهٌ شَدِيدُ الْعَطَشِ. ابْنُ الأَعرابي: طَعَامٌ مَسْهَفَة ومَسْفَهة إِذَا كَانَ يَسْقِي الماءَ كَثِيرًا. وسَفَهْتُ وسَفِهْتُ، كِلَاهُمَا، شُغِلْتُ أَو شَغَلْتُ. وسَفِهْتُ نَصِيبِي: نَسِيتُه؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وتَسَفَّهْتُ فُلَانًا عَنْ مَالِهِ إِذَا خَدَعْتَهُ عَنْهُ. وتَسَفَّهْتُ عَلَيْهِ إِذَا أَسمعته.

سله: سَليهٌ مَليهٌ: لَا طَعْمَ لَهُ، كَقَوْلِكَ سَلِيخٌ مَليخٌ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ الأَسْلَهُ الَّذِي يَقُولُ أَفعل فِي الْحَرْبِ وأَفعل، فَإِذَا قَاتَلَ لَمْ يُغْنِ شَيْئًا؛ وأَنشد:

وَمِنْ كلِّ أَسْلَهَ ذِي لُوثَةٍ،

إِذَا تُسْعَرُ الحَرْبُ لَا يُقْدِمُ

سمه: سَمَه البعيرُ والفرسُ فِي شَوْطه يَسْمَه، بِالْفَتْحِ فِيهِمَا، سُمُوهاً: جَرَى جَرْيًا وَلَمْ يَعْرِفِ الإِعْياءَ، فَهُوَ سامِهٌ، وَالْجَمْعُ سُمَّهٌ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:

يَا لَيْتَنا والدَّهْرَ جَرْيَ السُّمَّهِ

أَراد: لَيْتَنَا وَالدَّهْرُ نَجْرِي إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ؛ وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:

ليتَ المُنى والدّهْرَ جَرْيُ السُّمَّه

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَبَعْدَهُ:

لِلَّهِ دَرُّ الغانياتِ المُدَّهِ

قَالَ: وَيُرْوَى فِي رَجَزِهِ جَرْيُ، بِالرَّفْعِ عَلَى خَبَرِ لَيْتَ، وَمَنْ نصبه فعلى المصدر أَي يَجْرِيَ جَرْيَ السُّمَّه أَي لَيْتَ الدَّهْرَ يَجْرِي بِنَا فِي مُنانا إِلَى غَيْرِ نهاية ينتهي إِليها. والسُّمَّهُ والسُّمَّهى والسُّمَّيْهى، كُلُّهُ: الْبَاطِلُ وَالْكَذِبُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: مِنْ أَسْمَاءِ الْبَاطِلِ قَوْلُهُمُ السُّمَّهُ. يُقَالُ: جَرَى فلانٌ جَرْيَ السُّمَّهِ. وَيُقَالُ: ذَهَبَ فِي السُّمَّيْهى أَي فِي الْبَاطِلِ. الْجَوْهَرِيُّ: جَرى فلانٌ السُّمَّهى أَي جَرَى إِلَى غَيْرِ أَمر يَعْرِفُهُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: إِذَا مَشَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ السُّمَّيْهى فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهَا

؛ هِيَ، بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ: التَّبَخْتُر مِنَ الْكِبْرِ، قَالَ: وَهُوَ فِي غَيْرِ هَذَا الباطلُ وَالْكَذِبِ. الْفَرَّاءُ: وَذَهَبَتْ إِبلُه السُّمَيْهى، عَلَى مِثَالِ وَقَعُوا فِي خُلَيْطى، تَفَرَّقَتْ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَقِيلَ: السُّمَيْهى التَّفَرُّقُ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنْ أَيِّ الْحَيَوَانِ كَانَ. الْفَرَّاءُ: ذَهَبَتْ إبلُه السُّمَّيْهى والعُمَّيْهى والكُمَّيْهى أَي لَا يُدْرَى أَين ذَهَبَتْ. والسُّمَّهى: الهواءُ بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لِلْهَوَاءِ اللُّوحُ والسُّمَّهى والسُّمَّيْهى. النَّضْر: يُقَالُ ذَهَبَ فِي السُّمَّهِ والسُّمَّهى أَي فِي الرِّيحِ وَالْبَاطِلِ. وسَمَّهَ الرجلُ إبلَه: أَهملها، وَهِيَ إِبِلٌ سُمَّهٌ؛ هَذَا قَوْلُ أَبي حَنِيفَةَ، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ، لأَن سُمَّهٌ لَيْسَ عَلَى سَمَّهَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى سَمَهَ. والسُّمَّهُ: أَن يَرْمِيَ الرجلُ إِلى غَيْرِ غَرَضٍ. وَبَقِيَ القومُ سُمَّهاً أَي مُتَلَدِّدين؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: كَثُرَ عيالُ رجل من طيِء مِنْ بَنَاتٍ وَزَوْجَةٍ فَخَرَجَ بِهِنَّ إِلَى خَيْبر يُعَرِّضُهُنَّ لحُمّاها، فَلَمَّا وَرَدَهَا قَالَ:

قُلْتُ لِحُمَّى خَيْبَرَ: اسْتَعِدِّي

هَذِي عِيالي، فاجْهَدي وجِدِّي

وباكِري بصَالِبٍ ووِرْدِ،

أَعانَكِ اللهُ عَلَى ذَا الجُنْدِ

قَالَ: فأَصابته الْحُمَّى فَمَاتَ، وَبَقِيَ عِيَالُهُ سُمَّهاً مُتَلَدِّدينَ.

ص: 500

وسَمَه الرجلُ سَمْهاً، فَهُوَ سامِهٌ: دُهِشَ. وَرَجُلٌ سامِهٌ: حَائِرٌ، مِنْ قَوْمٍ سُمَّهٍ. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ رَجُلٌ مُسَمَّهُ العَقْل ومُسَبَّهُ العَقْلِ أَي ذَاهِبُ الْعَقْلِ. والسُّمَّهى: مُخاطُ الشَّيْطَانِ. والسُّمَّهَةُ: خُوصٌ يُسَفُّ ثُمَّ يُجْمَعُ، يُجْعَلُ شَبِيهًا بالسُّفْرة.

سنه: السَّنَةُ: واحدةُ السِّنين. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: السَّنَة العامُ مَنْقُوصَةٌ، وَالذَّاهِبُ مِنْهَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَاءً وَوَاوًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ فِي جَمْعِهَا سَنَهات وسَنَوات، كَمَا أَن عِضَةً كَذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ عِضاهٌ وعِضَواتٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الدَّلِيلُ عَلَى أَن لَامَ سَنَةٍ وَاوٌ قَوْلُهُمْ سَنَواتٌ؛ قَالَ ابنُ الرِّقاعِ:

عُتِّقَتْ فِي القِلالِ مِنْ بَيْتِ رأْسٍ

سَنَواتٍ، وَمَا سَبَتْها التِّجارُ

والسَّنةُ مُطْلَقَةً: السنةُ المُجْدِبةُ، أَوْقَعُوا ذَلِكَ عَلَيْهَا إِكباراً لَهَا وَتَشْنِيعًا وَاسْتِطَالَةً. يُقَالُ: أَصابتهم السَّنَةُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ سَنَهاتٌ وسِنُون، كَسَرُوا السِّينَ لِيُعْلَمَ بِذَلِكَ أَنه قَدْ أُخرج عَنْ بَابِهِ إِلَى الْجَمْعِ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، وقد قالوا سِنيناً؛ أَنشد الْفَارِسِيُّ:

دَعانِيَ مِنْ نَجْدٍ، فإنَّ سِنينَه

لَعِبْنَ بِنَا شِيباً، وشَيَّبْنَنا مُرْدَا

فَثَبَاتُ نُونِهِ مَعَ الإِضافة يَدُلُّ عَلَى أَنها مُشَبَّهَةٌ بِنُونِ قِنِّسْرين فِيمَنْ قَالَ هَذِهِ قِنِّسْرينُ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ هَذِهِ سِنينٌ، كَمَا تَرَى، ورأَيت سِنيناً فَيُعْرِبُ النُّونَ، وَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهَا نُونَ الْجَمْعِ فَيَقُولُ هَذِهِ سِنُونَ ورأَيت سِنِينَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ

؛ أَي بالقُحُوط. والسَّنةُ: الأَزْمة، وأَصل السَّنَة سَنْهة بِوَزْنِ جَبْهةٍ، فَحُذِفَتْ لَامُهَا وَنُقِلَتْ حَرَكَتُهَا إِلَى النُّونِ فَبَقِيَتْ سَنَةً، لأَنها مِنْ سَنَهَت النخلةُ وتَسَنَّهَتْ إِذَا أَتى عَلَيْهَا السِّنونَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَسَنَّهَتْ إِذَا أَتى عَلَيْهَا السِّنُونَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ إِنَّ أَصلها سَنَوَةٌ بِالْوَاوِ، فَحُذِفَتْ كَمَا حُذِفَتِ الْهَاءُ لِقَوْلِهِمْ تَسَنَّيْتُ عِنْدَهُ إِذَا أَقمت عِنْدَهُ سَنةً، وَلِهَذَا يُقَالُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ استأْجرته مُسانَهة ومُساناةً، وَتَصْغِيرُهُ سُنَيْهَة وسُنَيَّة، وتُجْمَعُ سَنَواتٍ وسَنَهاتٍ، فَإِذَا جَمَعْتَهَا جَمْعَ الصِّحَّةِ كَسَرْتَ السِّينَ فَقُلْتَ سِنينَ وسِنُونَ، وَبَعْضُهُمْ بضمها وَيَقُولُ سُنُونَ، بِالضَّمِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: سِنينٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فِي النَّصْبِ وَالرَّفْعِ وَالْجَرِّ، وَيُجْعَلُ الإِعراب عَلَى النُّونِ الأَخيرة، فَإِذَا أَضفتها عَلَى الأَول حَذَفْتَ نُونَ الْجَمْعِ للإِضافة، وَعَلَى الثَّانِي لَا تَحْذِفُهَا فَتَقُولُ سِنِي زيدٍ وسِنِينَ زيدٍ. الْجَوْهَرِيُّ: وأَما مَنْ قَالَ سِنينٌ ومِئِينٌ وَرَفَعَ النُّونَ فَفِي تَقْدِيرِهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه فِعْلِينٌ مثلِ غِسْلِينٍ، مَحْذُوفَةً، إِلَّا أَنه جَمْعٌ شاذ، وقد يجئ فِي الْجُمُوعِ مَا لَا نَظِيرَ لَهُ نَحْوَ عِدىً؛ هَذَا قَوْلُ الأَخفش، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنه فَعِيلٌ، وَإِنَّمَا كَسَرُوا الْفَاءَ لِكَسْرَةِ مَا بَعْدَهَا، وَقَدْ جَاءَ الْجَمْعُ عَلَى فَعِيلٍ نَحْوَ كَلِيبٍ وعَبيدٍ، إِلَّا أَن صَاحِبَ هَذَا الْقَوْلِ يَجْعَلُ النُّونَ فِي آخِرِهِ بَدَلًا مِنَ الْوَاوِ وَفِي الْمِائَةِ بَدَلًا مِنَ الْيَاءِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سِنين لَيْسَ بِجَمْعِ تَكْسِيرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْمٌ مَوْضُوعٌ لِلْجَمْعِ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ عِدىً لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْجُمُوعِ، وَهْمٌ لأَن عِدىً نَظِيرُهُ لِحىً وفِرىً وجِرىً، وَإِنَّمَا غَلَّطه قولُهم إِنَّهُ لَمْ يأْت فِعَلٌ صِفَةً إِلَّا عِدىً وَمَكَانًا سِوىً. وقولُه تعالى: ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ

. قَالَ الأَخفش: إِنَّهُ بَدَلٌ مِنْ ثَلَاثٍ وَمِنَ المائة أَي لبثوا ثلثمائة مِنَ السِّنِينَ. قَالَ: فَإِنْ كَانَتِ السِّنُون تَفْسِيرًا لِلْمِائَةِ فَهِيَ جَرٌّ، وَإِنْ كَانَتْ تَفْسِيرًا لِلثَّلَاثِ فَهِيَ نَصْبٌ، والعربُ تَقُولُ تَسَنَّيْتُ عِنْدَهُ وتَسَنَّهْتُ عِنْدَهُ. وَيُقَالُ: هَذِهِ بِلادٌ سِنِينٌ أَي جَدْبةٌ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

ص: 501

بمُنْخَرَقٍ تَحِنُّ الرِّيحُ فيهِ

حَنِينَ الجُلْبِ [الجِلْبِ] في البَلَدِ السِّنينِ

الأَصمعي: أَرضُ بني فلان سَنَةٌ إِذَا كَانَتْ مُجْدِبةً. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وبُعِثَ رائدٌ إِلَى بَلَدٍ فَوَجَدَهُ مُمْحِلًا فَلَمَّا رَجَعَ سُئلَ عَنْهُ فَقَالَ السَّنَةُ، أَراد الجُدُوبة. وَفِي الْحَدِيثِ:

اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى مُضَر بالسَّنة

؛ السَّنَةُ: الجَدْبُ. يُقَالُ: أَخذتهم السنةُ إِذَا أَجْدبوا وأُقحِطُوا، وَهِيَ مِنَ الأَسماء الْغَالِبَةِ نَحْوَ الدَّابَّةِ فِي الْفَرَسِ وَالْمَالِ فِي الإِبل، وَقَدْ خَصُّوهَا بِقَلْبِ لَامِهَا تَاءً فِي أَسْنَتُوا إِذَا أَجْدبوا. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه كَانَ لَا يُجيز نِكَاحًا عامَ سَنَةٍ

أَي عامَ جَدْبٍ، يَقُولُ: لَعَلَّ الضِّيقَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى أَن يُنْكِحُوا غيرَ الأَكْفاء، وَكَذَلِكَ حَدِيثُهُ الْآخَرُ:

كَانَ لَا يَقْطَعُ فِي عَامِ سنةٍ

، يَعْنِي السارقَ. وَفِي حَدِيثِ

طَهْفَة: فأَصابتنا سُنَيَّةٌ حمراءُ

أَي جَدْبٌ شَدِيدٌ، وَهُوَ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ عَلَى قُرَيْشٍ:

أَعنِّي عَلَيْهِمْ بسِنينَ كسِني يوسفَ

؛ هِيَ الَّتِي ذَكَرها اللهُ فِي كِتَابِهِ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ أَي سَبْعُ سِنِينَ فِيهَا قَحْطٌ وجَدْبٌ، والمُعاملة مِنْ وَقْتِهَا مُسانَهةٌ. وسانَهه مُسانَهةً وسِنَاهاً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: عامَلَه بالسَّنةِ أَو استأْجره لَهَا. وسَانَهتِ النخلةُ، وَهِيَ سَنْهاءُ: حَمَلَتْ سَنَةً وَلَمْ تَحْمِلْ أُخرى؛ فأَما قَوْلُ بَعْضِ الأَنصار، هُوَ سُوَيْد بْنُ الصَّامِتِ:

فلَيْسَتْ بسَنهاء وَلَا رُجَّبِيَّةٍ،

ولكنْ عَرايا فِي السِّنينِ الجَوائحِ

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَمْ تُصِبْهَا السَّنةُ المُجْدِبة. والسَّنْهاء: الَّتِي أَصابتها السنةُ المُجْدِبةُ، وَقَدْ تَكُونُ النخلةَ الَّتِي حَمَلَتْ عَامًا وَلَمْ تَحْمِلْ آخَرَ، وَقَدْ تَكُونُ الَّتِي أَصابها الجَدْبُ وأَضَرَّ بِهَا فنَفَى ذَلِكَ عَنْهَا. الأَصمعي: إِذَا حَمَلَتِ النَّخْلَةُ سَنَةً وَلَمْ تَحْمِلْ سَنَةً قِيلَ قَدْ عاوَمَتْ وسانَهَتْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقَالُ للسَّنَة الَّتِي تَفْعَلُ ذَلِكَ سَنْهاء. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ

، وَهُوَ أَن يَبِيعَ ثَمَرَةَ نَخْلِهِ لأَكثر مِنْ سَنَةٍ؛ نَهَى عَنْهُ لأَنه غَرَرٌ وبيعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ، وَهُوَ مِثْلُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ:

أَنه نَهَى عَنِ المُعاومة.

وَفِي حَدِيثِ

حَليمةَ السَّعْدِيةِ: خَرَجْنَا نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاء بِمَكَّةَ فِي سنةٍ سَنْهاء

أَي لَا نباتَ بِهَا وَلَا مَطَرَ، وَهِيَ لَفْظَةٌ مَبْنِيَّةٌ مِنْ السَّنةِ كَمَا يُقَالُ لَيْلَةٌ لَيْلاءُ ويومٌ أَيْوَمُ، وَيُرْوَى:

فِي سَنَةٍ شَهْباء.

وأَرضُ بَنِي فُلَانٍ سَنَةٌ أَي مُجْدِبة. أَبو زَيْدٍ: طَعَامٌ سَنِةٌ وسَنٍ إِذَا أَتتْ عَلَيْهِ السِّنُونَ. وسَنِهَ الطعامُ والشرابُ سَنَهاً وتَسَنَّه: تَغَيَّرَ، وَعَلَيْهِ وَجَّهَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ

؛ والتَّسَنُّهُ: التَّكَرُّجُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الخُبْزِ وَالشَّرَابِ وَغَيْرِهِ، تَقُولُ مِنْهُ: خُبْزٌ مُتَسَنِّهٌ. وَفِي الْقُرْآنِ: لَمْ يَتَسَنَّهْ

؛ لَمْ تُغَيِّرْهُ السِّنُونَ، وَمَنْ جَعَلَ حَذْفَ السَّنَةِ وَاوًا قرأَ لَمْ يَتَسنَّ، وَقَالَ سانَيته مُساناة، وإِثبات الْهَاءِ أَصوب. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَمْ يَتَسَنَّهْ

؛ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِمُرُورِ السِّنِينَ عَلَيْهِ، مأْخوذ مِنَ السَّنَةِ، وَتَكُونُ الْهَاءُ أَصلية مِنْ قَوْلِكَ بِعْتُهُ مُسانهة، تُثْبِتُ وَصْلًا وَوَقْفًا، وَمَنْ وَصَلَهُ بِغَيْرِ هَاءٍ جَعَلَهُ مِنَ المُساناة لأَن لَامَ سَنَةٍ تَعْتَقِبُ عَلَيْهَا الْهَاءُ وَالْوَاوُ، وَتَكُونُ زَائِدَةً صِلَةً بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ؛ فَمَنْ جَعَلَ الْهَاءَ زَائِدَةً جَعَلَ فَعَلْتَ مِنْهُ تَسَنَّيْتَ، أَلا تَرَى أَنك تَجْمَعُ السَّنَةَ سَنَوَاتٍ فَيَكُونُ تَفَعَّلْتُ عَلَى صِحَّةٍ؟ وَمَنْ قَالَ فِي تَصْغِيرِ السَّنَةِ سُنينة، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا، جَازَ أَن يَقُولَ تَسَنَّيْتُ تَفَعَّلْتُ، أُبدلت النُّونُ يَاءً لَمَّا كَثُرَتِ النُّونَاتُ، كَمَا قَالُوا تَظَنَّيْتُ وأَصله الظَّنُّ، وَقَدْ قَالُوا هُوَ مأْخوذ مِنْ قَوْلِهِ عز وجل: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*؛

ص: 502