الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ مِنْ أَهل الْيَمَنِ، قَالَ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: إِنَّا أَهلُ قاهٍ، فَإِذَا كَانَ قاهُ أَحَدِنا دَعا مَنْ يُعِينه فعَمِلُوا لَهُ فأَطعَمَهُم وسَقاهم مِنْ شرابٍ يُقَالُ لَهُ المِزْرُ، فَقَالَ: أَله نَشْوَةٌ؟ قَالَ: نعَمْ، قَالَ: فَلَا تَشْرَبوه
؛ أَبو عُبَيْدٍ: القاهُ سُرْعةُ الإِجابة وحُسْنُ المُعاونة، يَعْنِي أَن بعْضَهم يُعاوِنُ بَعْضًا فِي أَعْمالِهم وأَصلُه الطاعةُ، وَقِيلَ: مَعْنَى الْحَدِيثِ إنَّا أَهلُ طاعةٍ لِمَنْ يَتَمَلَّكُ عَلَيْنَا، وَهِيَ عادَتُنا لَا نَرى خِلافَها، فَإِذَا أَمَرَنا بأَمْرٍ أَو نَهانا عَنْ أَمْرٍ أَطَعْناه، فَإِذَا كَانَ قَاهُ أَحَدِنا أَي ذُو قاهِ أَحَدِنا دَعانا إِلَى مَعُونتِه فأَطْعَمَنا وسَقانا. قَالَ ابْنُ الأَثير: ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْقَافِ وَالْيَاءِ، وَجَعَلَ عَيْنَهُ مُنْقَلِبَةً عَنْ يَاءٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الأَثير إِلَّا فِي قَوَهَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا لِي عنْدَه جاهٌ وَلَا لِي عَلَيْهِ قاهٌ
أَي طاعةٌ. الأَصمعي: القاهُ والأَقْهُ الطاعةُ. يُقَالُ: أَقاهَ الرجلُ وأَيْقَهَ. الدِّينَوَرِيُّ: إِذَا تَناوَبَ أَهلُ الجَوْخانِ فَاجْتَمَعُوا مَرَّة عِنْدَ هَذَا وَمَرَّةً عِنْدَ هَذَا وتعاوَنُوا عَلَى الدِّياسِ، فَإِنَّ أَهل الْيَمَنِ يسمُّون ذَلِكَ القاهَ. ونَوْبةُ كلِّ رَجُلٍ قاهُهُ، وَذَلِكَ كَالطَّاعَةِ لَهُ عَلَيْهِمْ لأَنه تَناوُبٌ قَدْ أَلْزَمُوه أَنفسهم، فَهُوَ واجبٌ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ فِي قوه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَاهَ أَصلُه قَيَهَ، وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنْ يَقَه، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ اسْتَيْقَه الرجلُ إِذَا أَطاعَ، فَكَانَ صَوَابُهُ أَن يَقُولَ فِي التَّرْجَمَةِ قَيه، وَلَا يَقُولُ قوَه، قَالَ: وَحُجَّةُ الجوهري أَنه يقال الوفْهُ بِمَعْنَى القاهِ، وَهُوَ الطاعةُ، وَقَدْ وَقِهْتُ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنه مِنَ الْوَاوِ؛ وأَما قَوْلُ المُخَبَّل:
ورَدُّوا صُدورَ الخَيْلِ حَتَّى تنَهْنَهُوا
…
إِلَى ذِي النُّهَى، واسْتَيْقَهُوا للمُحلِّم «1»
. أَي أَطاعوه، إِلَّا أَنه مَقْلُوبٌ، قدَّمَ الْيَاءَ عَلَى الْقَافِ وَكَانَتِ القافُ قبْلَها، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: جَذَبَ وجَبَذَ، وَيُرْوَى: واسْتَيْدَهوا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ إن الْمَقْلُوبَ هُوَ القاهُ دُونَ اسْتَيْقَهوا. وَيُقَالُ: اسْتَوْدَه واسْتَيْدَه إِذَا انْقادَ وأَطاعَ، وَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ. ابْنُ سِيدَهْ: والقاهُ سُرْعةُ الإِجابةِ فِي الأَكل، قَالَ: وإِنما قَضَيْنا بأَن أَلفَ قَاهٍ ياءٌ لِقَوْلِهِمْ فِي مَعْنَاهُ أَيْقَهَ واسْتَيْقَهَ أَي أَطاعَ، وَمَا جَاءَ مِنْ هَذَا الْبَابِ لَمْ يُقَلْ فِيهِ أَيْقَهَ وَلَا تبيَّنَت فِيهِ الياءُ بوجهٍ حُمِل عَلَى الْوَاوِ. وأَيقَهَ أَي فَهِمَ. يُقَالُ: أَيْقِهْ لِهَذَا أَيِ افْهَمْهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.
فصل الكاف
كبه: الأَزهري قَالَ فِي حَدِيثِ
حُذَيْفَةَ: قَالَ لَهُ رجلٌ قَدْ نُعِتَ لَنَا المسيحُ الدجَّال وَهُوَ رجلٌ عريضُ الكَبْهةِ
، أَراد الجَبْهةَ، وأَخرج الْجِيمَ بَيْنَ مَخرجها وَمَخْرَجِ الْكَافِ، وَهِيَ لُغَةُ قومٍ مِنَ الْعَرَبِ، ذَكَرَهَا سِيبَوَيْهِ مَعَ سِتَّةِ أَحرف أُخرى وَقَالَ: إِنَّهَا غَيْرُ مُستحسنة وَلَا كثيرةٌ فِي لُغَةِ مَنْ تُرْضَى عربيَّتُه.
كته: كتَهَه كَتْهاً: ككدَهَهُ.
كده: الكَدْهُ بِالْحَجَرِ ونحوهِ: صَكٌّ يؤَثِّرُ أَثراً شَدِيدًا، وَالْجَمْعُ كُدُوهٌ. وَقَدْ كَدَهَه وكَدَّهَهُ. وكَدَهَ الشيءَ وكَدَّهَهُ: كَسَّره؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وخافَ صَقْعَ القارعاتِ الكُدَّهِ
وسقطَ مِنَ السَّطْح فتَكَدَّهَ وتَكَدَّحَ أَي تكَسَّر. وكَدَهَ لأَهْلِه كَدْهاً: كسَبَ لَهُمْ فِي مَشقَّةٍ. وكَدَهَ يَكْدَهُ: لُغَةٌ فِي كَدَحَ يَكْدَحُ. يُقَالُ: هُوَ يَكْدَحُ لعِيالهِ ويَكْدَهُ لعيالِه أَي يَكْسِبُ لَهُمْ. وَيُقَالُ: كَدَهَه الهَمُّ يَكْدَهُه كَدْهاً إذا
(1). قوله [وردوا صدور إلخ] في التكملة ما نصه والرواية: فسدوا نحور القوم، ويروى: فشكوا نحور الخيل
أَجْهَدَه؛ قَالَ أُسامة الْهُذَلِيُّ يَصِفُ الحُمُر:
إِذَا نُضِحَتْ بِالْمَاءِ وازْدادَ فَوْرُها،
…
نَجا، وَهُوَ مَكْدوهٌ منَ الْغَمِّ ناجِدُ
يَقُولُ: إِذَا عَرِقَت الحُمُر وفارَت بالغَلْي نَجَا العَيْرُ. والناجدُ: الَّذِي قَدْ عَرِقَ. وكَدَهَ رأْسَه بالمُشْط وكَدَّهَه: فَرَقَهُ بِهِ، وَالْحَاءُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لُغَةٌ. والكَدْهُ: الغلَبةُ. ورجلٌ مَكْدُوهٌ: مَغْلُوبٌ. وَقَدْ كَهَدَ وأَكْهَدَ وكَدَهَ وأَكْدَهَ كلُّ ذَلِكَ إذا أَجْهَده الدُّؤُوب. وَيُقَالُ: فِي وَجْهِهِ كُدُوهٌ وكُدوحٌ أَي خُموشٌ. وَيُقَالُ: أَصابه شَيْءٌ فكَدَهَ وجْهَه، وبه كَدْهٌ وكُدوهٌ.
كره: الأَزهري: ذِكْرِ اللَّهِ عز وجل الكَرْهَ والكُرْهَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي فَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا، فَرُوِيَ عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى أَنه قَالَ قرأَ نَافِعٌ وأَهل الْمَدِينَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ
بِالضَّمِّ فِي هَذَا الْحَرْفِ خَاصَّةً، وَسَائِرِ الْقُرْآنِ بِالْفَتْحِ، وَكَانَ عَاصِمٌ يَضُمُّ هَذَا الْحَرْفَ أَيضاً، واللذيْنِ فِي الأَحقاف: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً
، ويقرأُ سائرَهُن بِالْفَتْحِ، وَكَانَ الأَعمشُ وحمزةُ والكسائيُّ يَضُمُّون هَذِهِ الحروفَ الثلاثةَ، وَالَّذِي فِي النِّسَاءِ: لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً
، ثم قرؤوا كلَّ شَيْءٍ سِوَاهَا بِالْفَتْحِ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحابنا نَخْتَارُ مَا عَلَيْهِ أَهل الْحِجَازِ أَن جَمِيعَ مَا فِي الْقُرْآنِ بِالْفَتْحِ إِلَّا الَّذِي فِي الْبَقَرَةِ خَاصَّةً، فَإِنَّ الْقُرَّاءَ أَجمعوا عَلَيْهِ. قَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: ولا أَعلم بين الأَحْرُف الَّتِي ضمَّها هَؤُلَاءِ وَبَيْنَ الَّتِي فَتَحُوهَا فَرْقاً فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَا فِي سُنَّةٍ تُتَّبع، وَلَا أَرى النَّاسَ اتَّفَقُوا عَلَى الْحَرْفِ الَّذِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ خَاصَّةً إِلَّا أَنه اسْمٌ، وَبَقِيَّةُ الْقُرْآنِ مصادرُ، وَقَدْ أَجمع كَثِيرٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ أَن الكَرْهَ والكُرْهَ لُغتانِ، فبأَيِّ لُغَةٍ وَقَعَ فجائِزٌ، إِلَّا الْفَرَّاءَ فَإِنَّهُ زَعَمَ أَن الكُرْهَ مَا أَكْرهْتَ نَفْسَك عَلَيْهِ، والكَرْه مَا أَكْرَهَكَ غيرُكَ عَلَيْهِ، تَقُولُ: جئْتُكَ كُرْهاً وأَدْخَلْتَني كَرْهاً، وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ
؛ يُقَالُ كَرِهْتُ الشيءَ كَرْهاً وكُرْهاً وكَراهةً وكَرَاهِيَةً، قَالَ: وَكُلُّ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل مَنْ الكرْه فَالْفَتْحُ فِيهِ جَائِزٌ، إِلَّا فِي هَذَا الْحَرْفِ الذي في هذه الْآيَةِ، فَإِنَّ أَبا عُبَيْدٍ ذَكَرَ أَن الْقُرَّاءَ مُجْمِعون عَلَى ضمِّه، قَالَ: وَمَعْنَى كَراهِيَتِهم القِتالَ أَنهم إِنَّمَا كَرِهُوه عَلَى جِنْسِ غِلَظِه عَلَيْهِمْ ومشقَّتِه، لَا أَن الْمُؤْمِنِينَ يَكْرَهُونَ فَرْضَ اللَّهِ، لأَن اللَّهَ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ إِلَّا مَا فِيهِ الْحِكْمَةُ وَالصَّلَاحُ. وَقَالَ اللَّيْثُ فِي الكَرْه والكُرْه: إِذَا ضمُّوا أَو خَفَّضُوا قَالُوا كُرْهٌ، وَإِذَا فَتَحُوا قَالُوا كَرْهاً، تَقُولُ: فعلتُه عَلَى كُرْهٍ وَهُوَ كُرْهٌ، وَتَقُولُ: فعلتُه كَرْهاً، قَالَ: والكَرْهُ المكروهُ؛ قَالَ الأَزهري: وَالَّذِي قَالَهُ أَبو الْعَبَّاسِ وَالزَّجَّاجُ فحسَنٌ جَمِيل، وَمَا قَالَهُ اللَّيْثُ فَقَدْ قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ عِنْدَ النحويِّين بالبَيِّنِ الْوَاضِحِ. الْفَرَّاءُ: الكُرْه، بِالضَّمِّ، المَشقَّةُ. يُقَالُ: قُمْتُ عَلَى كُرْهٍ أَي عَلَى مشقَّةٍ. قَالَ: وَيُقَالُ أَقامني فُلَانٌ عَلَى كَرْهٍ، بِالْفَتْحِ، إِذَا أَكرهك عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ الْفَرَّاءِ قولُه سُبْحَانَهُ: وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً
؛ وَلَمْ يَقْرَأْ أَحد بِضَمِّ الْكَافِ. وَقَالَ سبحانه وتعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ
؛ وَلَمْ يَقْرَأْ أَحد بِفَتْحِ الْكَافِ فَيَصِيرُ الكَره، بِالْفَتْحِ، فِعْلُ المضْطَرّ، والكُرْه، بِالضَّمِّ، فِعْلُ الْمُخْتَارِ. ابْنُ سِيدَهْ: الكَرْهُ الإِباءُ والمشَقَّةُ تُكَلَّفُها فتَحْتَمِلُها، والكُرْهُ، بِالضَّمِّ، المشقةُ تحْتَمِلُها مِنْ غَيْرِ أَن تُكَلَّفها. يُقَالُ: فعلَ
ذَلِكَ كَرْهاً وَعَلَى كُرْهٍ. وَحَكَى يَعْقُوبُ: أَقامَني عَلَى كَرْهٍ وكُرْهٍ، وَقَدْ كَرِهَه كَرْهاً وكُرْهاً وكَراهَةً وكراهِيةً ومَكْرَهاً ومَكْرَهةً؛ قَالَ:
لَيْلَةُ غُمَّى طامِسٌ هِلالُها،
…
أَوْغَلْتُها ومُكْرَهٌ إيغالُها
وأَنشد ثَعْلَبٌ:
تَصَيَّدُ بالحُلْوِ الحَلالِ، وَلَا تُرَى
…
عَلَى مَكْرَهٍ يَبْدُو بِهَا فيَعيبُ
يَقُولُ: لَا تَتَكَلَّمُ بِمَا يُكْرَه فيَعيبُها. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِسْباغ الوُضوء عَلَى المَكارِه
؛ ابْنُ الأَثير: جَمْعُ مَكْرَهٍ وَهُوَ مَا يَكْرَههُ الإِنسان ويشقُّ عَلَيْهِ. والكُرْهُ، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ: المَشَقَّةُ؛ الْمَعْنَى أَن يَتَوَضَّأَ مَعَ الْبَرْدِ الشَّدِيدِ والعِلَلِ الَّتِي يَتَأَذَّى مَعَهَا بمسِّ الْمَاءِ، وَمَعَ إعْوازِه والحاجةِ إِلَى طَلَبِهِ والسَّعْي فِي تَحْصِيلِهِ أَو ابْتِياعِه بالثَّمن الْغَالِي وَمَا أَشبه ذَلِكَ مِنْ الأَسْباب الشاقَّة. وَفِي حَدِيثِ
عُبَادَةَ: بايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَلَى المَنْشَطِ والمَكْرَه
؛ يَعْنِي المَحْبوبَ والمَكْروهَ، وَهُمَا مَصْدَرَانِ. وَفِي حَدِيثِ الأُضْحية:
هَذَا يومٌ اللحمُ فِيهِ مكروهٌ
، يَعْنِي أَن طلَبَه فِي هَذَا الْيَوْمِ شاقٌّ. قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا قَالَ أَبو مُوسَى، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن هَذَا اليومَ يُكْرَه فِيهِ ذبحُ شاةٍ للَّحم خاصَّة، إِنَّمَا تُذْبَحُ للنُّسُكِ وَلَيْسَ عِنْدِي إِلَّا شاةُ لَحْمٍ لَا تُجْزِي عَنِ النُّسُك، هَكَذَا جَاءَ فِي مُسْلِمٍ اللَّحْمُ فِيهِ مكروهٌ، وَالَّذِي جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ
هَذَا يومٌ يُشْتَهى فِيهِ اللحْمُ
، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خُلِقَ المكروهُ يَوْمَ الثَّلاثاءِ، وخُلِقَ النُّورُ يومَ الأَرْبعاء
؛ أَرادَ بالمَكْرُوهِ هَاهُنَا الشرَّ لِقَوْلِهِ:
وخُلقَ النُّورُ يومَ الأَرْبِعاء
، والنُّورُ خيرٌ، وَإِنَّمَا سُمّيَ الشرُّ مَكْروهاً لأَنه ضدُّ الْمَحْبُوبِ. ابْنُ سِيدَهْ: واسْتَكْرَهَه ككَرِهَهُ. وَفِي الْمَثَلِ: أَساءَ كارهٌ مَا عَمِلَ، وَذَلِكَ أَن رَجُلًا أَكْرَهَه آخرُ عَلَى عملٍ فأَساءَ عملَه، يضربُ هَذَا لِلرَّجُلِ يَطْلُب الْحَاجَةَ فَلَا يُبالِغ فِيهَا؛ وَقَوْلُ الخَثْعَمِيَّة:
رأَيتُ لهمْ سِيماءَ قَوْمٍ كَرِهْتُهم،
…
وأَهْلُ الغَضَى قَوْمٌ عليَّ كِرامُ
إِنَّمَا أَراد كَرِهْتُهم لَهَا أَو مِنْ أَجْلِها. وشيءٌ كَرْهٌ: مكروهٌ؛ قَالَ:
وحَمْلَقَتْ حَوْلِيَ حَتَّى احْوَلَّا
…
مَأْقانِ كَرْهانِ لَهَا واقْبَلَّا
وَكَذَلِكَ شيءٌ كَريةٌ ومكروهٌ. وأَكْرَهَه عَلَيْهِ فتكارَهَه. وتكَرَّهَ الأَمْرَ: كَرِهَه. وأَكْرهْتُه: حَمَلْتُه عَلَى أَمْرٍ هُوَ لَهُ كارهٌ، وَجَمْعُ الْمَكْرُوهِ مَكارِهُ. وامرأَة مُسْتَكْرِهة: غُصِبَتْ نَفْسَها فأُكْرِهَتْ عَلَى ذَلِكَ. وكَرَّهَ إِلَيْهِ الأَمْرَ تكرِيهاً: صيَّره كَرِيهًا إِلَيْهِ، نَقِيضُ حَبَّبَه إِلَيْهِ، وَمَا كانَ كَرِيهاً وَلَقَدْ كَرُهَ كَراهةً؛ وَعَلَيْهِ توجَّه مَا أَنشده ثَعْلَبٌ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
حَتَّى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْهَبا
…
أَمْلَحَ، لَا لَذّاً وَلَا مُحَبَّبا،
أَكْرَهَ جِلْبابٍ لِمَنْ تَجَلْبَبا
إِنَّمَا هُوَ مِنْ كَرُه لَا مِنْ كَرِهْت، لأَن الجِلْبابَ لَيْسَ بكارهٍ، فَإِذَا امْتَنَعَ أَن يُحْمَل عَلَى كَرِهَ إِذِ الكُرْه إِنَّمَا هُوَ لِلْحَيَوَانِ لَمْ يُحْمَلْ إِلَّا عَلَى كَرُهَ الَّذِي هُوَ لِلْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ. وأَمْرٌ كَريهٌ: مَكروهٌ. ووَجْهٌ كَرْهٌ وكَريهٌ: قبيحٌ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنه يُكْرَه. وأَتَيْتك كَراهينَ أَنْ تَغْضَبَ أَي كَراهيةَ أَن تَغْضبَ. وَجِئْتُكَ عَلَى كَراهينَ أَي
كُرْه؛ قَالَ الحُطَيْئة:
مُصاحبةٍ عَلَى الكَراهينِ فارِكِ «2»
. أَي عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَهِيَ لُغَةٌ. اللِّحْيَانِيُّ: أَتَيْتُك كَراهينَ ذَلِكَ وكَراهيةَ ذَلِكَ بِمَعْنَى وَاحِدٍ. والكَرِيهةُ: النازلةُ والشدَّةُ فِي الحرْبِ، وَكَذَلِكَ كَرائهُ نَوازلُ الدَّهْرِ. وَذُو الكَريهةِ: السَّيْفُ الَّذِي يَمْضِي عَلَى الضَّرائِب الشِّدادِ لَا يَنْبُو عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا. قَالَ الأَصمعي: مِنْ أَسماء السُّيُوفِ ذُو الكَريهة، وَهُوَ الَّذِي يَمْضِي فِي الضَّرَائِبِ. الأَزهري: وَيُقَالُ للأَرض الصُّلْبةِ الْغَلِيظَةِ مِثْلَ القفِّ وَمَا قارَبَهُ كَرْهةٌ. وَرَجُلٌ ذُو مَكْروهةٍ أَي شِدَّةٌ؛ قَالَ:
وَفَارِسٌ فِي غِمار المَوْتِ مُنْغَمِس
…
إِذَا تأَلَّى عَلَى مَكْروهة صَدَقا
وَرَجُلٌ كَرْهٌ: مُتَكرِّهٌ. وَجَمَلٌ كَرْهٌ: شَدِيدُ الرأْس؛ وأَنشد:
كَرْه الحَجاجَينِ شَدِيدُ الأَرْآد
والكَرْهاء: أَعْلى النُّقْرة، هُذَليَّة، أَراد نُقْرَة القَفا. والكَرْهاءُ: الوَجْهُ والرّأْسُ أَجْمَع.
كفه: ابْنُ الأَعرابي: الكافِهُ رئيسُ العَسْكَرِ، وَهُوَ الزَّويرُ وَالْعَمُودُ والعِمادُ والعُمْدةُ والعُمْدانُ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا حَرْفٌ غَرِيبٌ.
كمه: الكَمَه فِي التَّفْسِيرِ: العَمَى الَّذِي يُولَدُ بِهِ الإِنسانُ. كَمِهَ بَصَرُهُ، بِالْكَسْرِ، كَمَهاً وَهُوَ أَكْمَه إِذَا اعْتَرَتْهُ ظُلْمَة تَطْمِسُ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَإِنَّهُمَا يُكْمِهانِ الأَبْصارَ
، والأَكْمَهُ: الَّذِي يُولَدُ أَعمى. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ
؛ والفعلُ كالفِعل، وَرُبَّمَا جَاءَ الكَمَه فِي الشِّعْرِ العَمَى الْعَارِضُ؛ قَالَ سُوَيْد:
كَمِهَتْ عَيْناهُ لَمَّا ابْيَضَّتا،
…
فهْوَ يَلْحَى نَفْسَه لَمَّا نَزَعْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مُسْتعاراً مِنْ قَوْلِهِمْ كَمِهَتِ الشمسُ إِذَا عَلَتْها غُبْرَةٌ فأَظْلَمت، كَمَا تُظْلِمُ العينُ إِذَا عَلَتْها غُبْرَةُ العَمَى، وَيَجُوزُ أَيضاً أَن يَكُونَ مُسْتَعَارًا مِنْ قَوْلِهِمْ كَمهَ الرجلُ إِذَا سُلِبَ عَقْلُه، لأَنّ العينَ بالكَمَهِ يُسْلَبُ نُورُها، وَمَعْنَى الْبَيْتِ أَن الحَسَدَ قَدْ بَيَّضَ عَيْنَيْهِ كَمَا قَالَ رُؤْبَةُ:
بَيَّضَ عَيْنيهِ العَمَى المُعَمِّي
وَذَكَرَ أَهلُ اللُّغَةِ: أَن الكَمَهَ يَكُونُ خِلْقةً وَيَكُونُ حادِثاً بَعْدَ بَصَرٍ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ الثَّانِي فُسِّرَ هَذَا الْبَيْتِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَرُبَّمَا قَالُوا لِلْمَسْلُوبِ العقلِ أَكْمَه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
هَرَّجْتُ فارْتَدَّ ارْتِدادَ الأَكْمَهِ
…
فِي غائلاتِ الحائرِ المُتَهْتِهِ
ابْنُ الأَعرابي: الأَكْمَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ وَلَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الأَكْمَهُ الأَعْمَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ فيتحيَّر ويَترَدَّدُ. وَيُقَالُ: إِنَّ الأَكْمَه الَّذِي تَلِدُه أُمُّه أَعمى؛ وأَنشد بَيْتَ رُؤْبَةُ:
هَرَّجتُ فارْتَدَّ ارْتِدادَ الأَكْمَهِ
فوَصَفهُ بالهَرْج، وَذَكَرَ أَنه كالأَكْمَهِ فِي حالِ هَرْجِه. وكَمِهَ النهارُ إِذَا اعْتَرَضتْ فِي شَمْسِه غُبْرَةٌ. وكَمِهَ الرجلُ: تغيَّر لوْنُه. والكامِهُ: الَّذِي يَركبُ رأْسَه لَا يَدْري أَيْنَ يتَوَجَّه. يُقَالُ: خَرَجَ يتَكَمَّهُ فِي الأَرض.
كنه: كُنْهُ كلِّ شيءٍ قَدْرُه ونِهايتُه وغايَتُه. يُقَالُ: اعْرِفْه كُنْهَ المعرفةِ، وَفِي بعض المعاني:
(2). قوله [مصاحبة إلخ] صدره كما في التكملة:
وبكر فلاها عن نعيم غزيرة
كُنْهُ كلِّ شيءٍ وَقْتُه ووَجْهُه. تَقُولُ: بلَغْتُ كُنْهَ هَذَا الأَمر أَي غايَته، وَفَعَلْتُ كَذَا فِي غَيْرِ كُنْهِه؛ وأَنشد:
وإنَّ كلامَ المَرْءِ فِي غَيْرِ كُنْهِه
…
لَكالنَبْلِ تَهْوِي لَيْسَ فِيهَا نِصالُها
الْجَوْهَرِيُّ: لَا يُشْتقُّ مِنْهُ فِعْلٌ، وَقَوْلُهُمْ: لَا يَكْتَنِهُه الوصفُ بِمَعْنَى لَا يَبْلغ كُنْهَه، كلامٌ مولَّد. الأَزهري: اكْتَنَهْتُ الأَمرَ اكْتِناهاً إِذَا بلَغْتَ كُنْهَه. ابْنُ الأَعرابي: الكُنْه جَوْهَرُ الشَّيْءِ، والكُنْهُ الوقتُ، تَقُولُ: تَكَلَّم فِي كُنْهِ الأَمر أَي فِي وقْتِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ قَتَلَ مُعاهَداً فِي غَيْرِ كُنْهِه
، يَعْنِي مَنْ قَتَلَه فِي غَيْرِ وَقْتِهِ أَو غايةِ أَمره الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ قَتْلُهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
لَا تَسْأَلِ المرأَةُ طَلاقَها فِي غَيْرِ كُنْهِه
أَي فِي غَيْرِ أَن تَبْلُغَ مِنَ الأَذَى إِلَى الْغَايَةِ الَّتِي تُعْذَرُ فِي سُؤال الطَّلَاقِ مَعَهَا. والكُنْهُ: نهايةُ الشَّيْءِ وَحَقِيقَتُهُ.
كهكه: الكَهَّةُ: الناقةُ الضخمةُ المُسِنَّة. الأَزهري: نَاقَةٌ كَهَّةٌ وكَهَاةٌ، لُغَتَانِ، وَهِيَ الضَّخْمَةُ المُسنَّة الثَّقِيلَةُ. والكَهَّةُ: العجوزُ أَو النابُ، مَهْزُولَةً كَانَتْ أَو سَمِينَةً. وَقَدْ كَهَّت الناقةُ تَكِهُّ كُهوهاً إِذَا هَرِمَت. ابْنُ الأَعرابي: جَارِيَةٌ كَهْكاهةٌ وهَكْهاكةٌ إِذَا كَانَتْ سَمِينَةً. وكَهَّ الرجلُ: اسْتُنْكِهَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الْجَوْهَرِيُّ: وكَهَّ السَّكْرانُ إِذَا اسْتَنْكَهْتَه فكَهَّ فِي وَجْهِك. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ كَهَّ فِي وجْهِي أَي تنفَّسَ، والأَمْرُ مِنْهُ كَهَّ وكِهَّ، وَقَدْ كَهِهْتُ أَكَهُّ وكَهَهْتُ أكِهُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن ملَكَ الموتِ قَالَ لِمُوسَى، عليهما السلام، وَهُوَ يريدُ قبْضَ رُوحِه: كُهَّ فِي وَجْهِي، ففَعل، فقبَضَ رُوحَه
، أَي افْتَحْ فاكَ وتنفَّسْ. يُقَالُ: كَهَّ يَكُهُّ وكُهَّ يَا فُلَانُ أَي أَخْرِجْ نفَسَك، وَيُرْوَى كَهْ، بِهَاءٍ وَاحِدَةٍ مُسكَّنة بِوَزْنِ خَفْ، وَهُوَ مِنْ كاهَ يَكاهُ بِهَذَا الْمَعْنَى. والكَهْكَهةُ: ترديدُ البعيرِ هَدِيرَه، وكَهْكَهَ الأَسدُ فِي زئيرِه كَذَلِكَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: كأَنه حكايةُ صوْتِه، والأَسدُ يُكَهْكِه فِي زَئِيرِهِ؛ وأَنشد:
سامٍ عَلَى الزَّأْآرةِ المُكَهْكِه
والكَهْكَهةُ: حِكَايَةُ صوتِ الزَّمْرِ؛ قَالَ:
يَا حَبَّذا كَهْكَهةُ الغَواني،
…
وحَبَّذا تَهانُفُ الرَّواني
إلىَّ يومَ رِحْلةِ الأَظْعانِ
والكَهْكَهةُ فِي الضَّحِكِ أَيضاً، وَهُوَ فِي الزَّمْرِ أَعْرَفُ مِنْهُ فِي الضَّحِكِ. وكَهْ كَهْ: حكايةُ الضحِك. وَفِي التَّهْذِيبِ: وكَهْ حكايةُ الكُهَكِه. ورجلٌ كُهاكِهٌ: الَّذِي تَرَاهُ إِذَا نظرتَ إِلَيْهِ كأَنه ضاحكٌ وَلَيْسَ بِضَاحِكٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ الحجاجُ قَصِيرًا أَصفرَ كُهاكِهةً
، التَّفْسِيرُ لَشَمِرٍ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنْ الكَهْكهةِ القهقهةِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي النِّهَايَةِ:
أَصعرَ كُهاكِهاً
، وَفَسَّرَهُ كَذَلِكَ. وكَهْكَهَ المَقْرُورُ: تنفَّسَ فِي يدِه ليُسخِّنَها بنفَسه مِنْ شِدَّةِ البرْد فَقَالَ كَهْ كَهْ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
وكهْكَهَ الصَّرِدُ المَقْرُورُ فِي يدِه،
…
واستَدْفأَ الكلْبُ فِي المأْسورِ ذِي الذِّئَبِ
وَهُوَ أَن يتنفَّس فِي يَدِهِ إِذَا خَصِرَت. وَشَيْخٌ كَهْكَمٌ: وَهُوَ الَّذِي يُكَهْكِهُ فِي يَدِهِ؛ قَالَ:
يَا رُبَّ شَيْخٍ، مِنْ لُكَيْزٍ كَهْكَمِ،
…
قَلَّصَ عَنْ ذاتِ شَبابٍ حَذْلَمِ
والكَهْكاهةُ مِنَ الرِّجَالِ: المُتَهيِّبُ؛ قَالَ أَبو الْعِيَالِ