الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل الغين المعجمة
غره: غَرِهَ بِهِ: كغَرِيَ.
فصل الفاء
فره: فَرُهَ الشيءُ، بِالضَّمِّ، يَفْرُهُ فَرَاهَةً وفَراهِيَةً وَهُوَ فارِهٌ بيِّنُ الفَراهةِ والفُروهةِ؛ قَالَ:
ضَوْرِيَّةٌ أُولِعْتُ باشتِهارِها،
…
ناصِلَةُ الحَقْوَينِ مِنْ إزارِها
يُطْرِقُ كلْبُ الحَيِّ مِنْ حِذارِها،
…
أَعْطَيْتُ فِيهَا، طائِعاً أَوكارِها،
حَدِيقَةً غَلْباءَ فِي جِدارِها،
…
وفَرَساً أُنْثى وعَبْداً فارِها
الْجَوْهَرِيُّ: فارِهٌ نَادِرٌ مِثْلُ حَامِضٍ، وَقِيَاسُهُ فَرِيهٌ وحَمِيضٌ، مِثْلُ صَغُر فَهُوَ صَغِير ومَلُحَ فَهُوَ مَلِيح. وَيُقَالُ للبِرْذَوْنِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ: فارِهٌ بيِّنُ الفُروهةِ والفَراهِيَة والفَراهَةِ؛ وَالْجَمْعُ فُرْهة مِثْلُ صاحِبٍ وصُحْبة، وفُرْهٌ أَيضاً مِثْلُ بَازِلٍ وبُزْلٍ وَحَائِلٌ وحُولٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما فُرْهَة فَاسْمٌ لِلْجَمْعِ، عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَلَيْسَ بِجَمْعٍ لأَن فَاعِلًا لَيْسَ مِمَّا يكسَّر عَلَى فُعْلة، قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلْفَرَسِ فارِهٌ إِنَّمَا يُقَالُ فِي الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَالْكَلْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي التَّهْذِيبِ: يُقَالُ بِرْذَوْنٌ فارِهٌ وَحِمَارٌ فارِهٌ إِذَا كَانَا سَيُورَيْن، وَلَا يُقَالُ لِلْفَرَسِ إِلَّا جَوادٌ، وَيُقَالُ لَهُ رَائِعٌ. وَفِي حَدِيثِ
جُرَيْجٍ: دابَّةٌ فارِهَة
أَي نَشيطة حادَّة قَوِيَّة؛ فأَما قَوْلُ عديِّ بْنِ زَيْدٍ في صِفَةِ فَرَسٍ:
فصافَ يُفَرِّي جُلَّه عَنْ سَراتِه،
…
يَبُذُّ الجِيادَ فارِهاً مُتَتايعا
فَزَعَمَ أَبو حَاتِمٍ أَن عَدِيّاً لَمْ يَكُنْ لَهُ بَصَرٌ بِالْخَيْلِ، وَقَدْ خُطِّئَ عَديٌّ فِي ذَلِكَ، والأُنثى فارِهَةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كَانَ الأَصمعي يُخَطِّئ عدي بْنِ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ:
فنَقَلْنا صَنْعَهُ، حَتَّى شَتا
…
فارِهَ البالِ لَجُوجاً فِي السَّنَنْ
قَالَ: لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِالْخَيْلِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: بيتُ عديٍّ الَّذِي كَانَ الأَصمعي يُخَطِّئه فِيهِ هُوَ قَوْلُهُ:
يَبُذُّ الجِيادَ فَارِهًا مُتَتايعا
وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:
أَعْطى لفارِهةٍ حُلْوٍ توابِعُها
…
مِنَ المَواهب لَا تُعْطى عَلَى حَسَد
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: إِنَّمَا يَعْنِي بِالْفَارِهَةِ القَيْنة وَمَا يَتْبعُها مِنَ المَواهب، والجمعُ فَوارِهُ وفُرُهٌ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ لأَن فاعلة لَيْسَ مِمَّا يُكسَّر عَلَى فُعُلٍ. وَيُقَالُ: أَفْرَهت فُلانةُ إِذَا جاءَت بأَوْلادٍ فُرَّهَةٍ أَي مِلاحٍ. وأَفْرَهَ الرجلُ إِذَا اتَّخَذَ غُلاماً فارِهاً، وَقَالَ: فارِهٌ وفُرْهٌ مِيزَانُهُ نائبٌ ونُوب. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: جاريةٌ فارِهةٌ إِذَا كَانَتْ حَسْناءَ مَلِيحَةً. وغلامٌ فارِهٌ: حَسَنُ الْوَجْهِ، وَالْجَمْعُ فُرْه. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي بَابِ نَفقة المَماليك وَالْجَوَارِي: إِذَا كَانَ لهنَّ فَراهةٌ زِيدَ فِي كِسْوَتهنَّ ونفقتِهِنَّ؛ يُرِيدُ بالفَراهة الحُسْنَ والمَلاحةَ. وأَفْرَهَت الناقةُ، فَهِيَ مُفْرِه ومُفْرهة إِذَا كَانَتْ تُنْتَج الفُرْهَ، ومُفَرِّهة أَيضاً؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ جَعْدَةَ الثَّعْلَبِيُّ:
فإنَّكَ يومَ تَأْتيني حَريباً،
…
تَحِلُّ عَليَّ يَوْمَئِذٍ نُذورُ
تَحِلُّ عَلَى مُفَرِّهَةٍ سِنادٍ،
…
عَلَى أَخفافِها عَلَقٌ يمُورُ
ابْنُ سِيدَهْ: نَاقَةٌ مُفْرِهة تَلِد الفُرْهَة؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
ومُفْرِهَةٍ عَنْسٍ قَدَرْتُ لِساقِها،
…
فَخَرَّت كَمَا تَتابَعَ الرِّيحُ بالقَفْلِ
وَيُرْوَى: كَمَا تَتايَع. والفارِهُ: الحاذِقُ بِالشَّيْءِ. والفُرُوهَةُ والفَراهةُ والفَراهِيةُ: النَّشاطُ. وفَرِهَ، بِالْكَسْرِ: أَشِرَ وبَطِرَ. وَرَجُلٌ فَرِهٌ: نَشيطٌ أَشِرٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:
وتَنْحِتُون مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَرِهينَ
؛ فَمَنْ قرأَه كَذَلِكَ فَهُوَ منْ هَذَا شَرِهين بَطِرين، وَمَنْ قرأَه فارِهِينَ
فَهُوَ مِنْ فَرُه، بِالضَّمِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ هَذَا الْمَوْضِعِ: قَالَ ابْنُ وَادْعٍ العَوْفي:
لَا أَسْتَكِينُ، إِذَا مَا أَزْمَةٌ أَزَمَتْ،
…
وَلَنْ تَراني بخيرٍ فارهَ الطَّلَبِ
قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَى فارِهِين حاذقِين، قَالَ: والفَرِحُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، بِالْحَاءِ، الأَشِرُ البَطِر. يُقَالُ: لَا تَفْرحْ أَي لَا تَأْشَرْ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ؛ فَالْهَاءُ هَاهُنَا كأَنها أُقِيمت مُقام الْحَاءِ. والفَرَهُ: الفَرَحُ. والفَرِهُ: الفَرِحُ. وَرَجُلٌ فارِهٌ: شديدُ الأَكل؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وَقَالَ عبدٌ لرجلٍ أَراد أَن يَشْتَرِيَه: لَا تَشْتَرني، آكُلُ فارِهاً وأَمْشِي كَارِهًا.
فطه: فَطِهَ الظهرُ فَطَهاً: كفَزِرَ.
فقه: الفِقْهُ: الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ والفهمُ لَهُ، وغلبَ عَلَى عِلْم الدِّينِ لسِيادَتِه وَشَرَفِهِ وفَضْلِه عَلَى سَائِرِ أَنواع الْعِلْمِ كَمَا غَلَبَ النجمُ عَلَى الثُّرَيَّا والعُودُ عَلَى المَنْدَل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: واشْتِقاقهُ مِنَ الشَّقِّ والفَتْح، وَقَدْ جَعَله العُرْفُ خَاصًّا بِعِلْمِ الشَّرِيعَةِ، شَرَّفَها اللَّهُ تَعَالَى، وتَخْصيصاً بِعِلْمِ الْفُرُوعِ مِنْهَا. قَالَ غَيْرُهُ: والفِقْهُ فِي الأَصل الفَهْم. يُقَالُ: أُوتِيَ فلانٌ فِقْهاً فِي الدِّينِ أَي فَهْماً فِيهِ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ
؛ أَي ليَكونوا عُلَماء بِهِ، وفَقَّهَه اللهُ؛
وَدَعَا النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلِّمْه الدِّينَ وفَقِّهْه فِي التأْويل
أَي فَهِّمْه تأْويلَه وَمَعْنَاهُ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعاءه، وَكَانَ مِنْ أَعلم النَّاسِ فِي زَمَانِهِ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. وفَقِه فِقْهاً: بِمَعْنَى عَلِم عِلْماً. ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ فَقُه فَقاهَةً وَهُوَ فَقِيهٌ مِنْ قَوْمٍ فُقَهاءَ، والأُنثى فَقِيهة مِنْ نِسْوةٍ فقائِهَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: نِسْوَةٌ فُقَهاء، وَهِيَ نَادِرَةٌ، قَالَ: وَعِنْدِي أَن قَائِلَ فُقَهاء مِنَ الْعَرَبِ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَاءِ التأْنيث، وَنَظِيرُهَا نِسْوَةٌ فُقَراء. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَقُه الرَّجُلُ فَقَهاً وفِقْهاً وفَقِه «2» . وفَقِه الشيءَ: عَلِمَه. وفَقَّهَه وأَفْقَهَه: عَلَّمه. وَفِي التَّهْذِيبِ: وأَفْقَهْتُه أَنا أَي بَيَّنْتُ لَهُ تَعَلُّم الفِقْه. ابْنُ سِيدَهْ: وفَقِهَ عَنْهُ، بِالْكَسْرِ، فَهِمَ. وَيُقَالُ: فَقِهَ فلانٌ عَنِّي مَا بَيَّنْتُ لَهُ يَفْقَه فِقْهاً إِذَا فَهِمَه. قَالَ الأَزهري: قَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ كِلَابٍ وَهُوَ يَصِف لِي شَيْئًا فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ كَلَامِهِ قَالَ أَفَقِهْتَ؟ يُرِيدُ أَفَهِمْتَ. وَرَجُلٌ فَقُهٌ: فَقِيهٌ، والأُنثى فَقُهةٌ. وَيُقَالُ لِلشَّاهِدِ: كَيْفَ فَقاهَتُك لِمَا أَشْهَدْناك، وَلَا يُقَالُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. الأَزهري: وأَما فَقُه، بِضَمِّ الْقَافِ، فَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي النُّعُوتِ. يُقَالُ: رَجُلٌ فَقِيهٌ، وَقَدْ فَقُهَ يَفْقُه فَقاهةً إِذَا صارَ فَقيهاً وسادَ الفُقَهاءَ. وَفِي حَدِيثِ
سَلْمان: أَنه نَزَلَ عَلَى نَبَطِيَّةٍ بِالْعِرَاقِ فَقَالَ لَهَا: هَلْ هُنَا مكانٌ نَظيف أُصَلي فِيهِ؟ فَقَالَتْ: طَهِّرْ قَلْبَك وصَلِّ حَيْثُ شِئْتَ، فَقَالَ سَلْمَانُ: فَقِهَتْ
أَي فَهِمَتْ وفَطِنَتْ للحقِّ والمَعْنى الَّذِي أَرادَتْ، وَقَالَ شَمِرٌ: مَعْنَاهُ أَنها فَقِهَتْ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي خاطَبَتْه، وَلَوْ قَالَ فَقُهَتْ كَانَ معناه
(2). قوله [وفقه] بعد قوله [وفقهاً] كذا بالأَصل. وبالوقوف على عبارة ابن سيدة تعلم أن فقه كعلم ليس من كلام البعض وإن كان لغة في فقه بالضم ولعلها تكررت من النساخ
صارَت فَقيهةً. يُقَالُ: فَقِهَ عَنِّي كَلَامِي يَفْقَه أَي فَهِمَ، وَمَا كَانَ فَقيهاً وَلَقَدْ فَقُه وفَقِه. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: أَعْجَبَنِي فَقاهَتُه أَي فِقْهُه. وَرَجُلٌ فَقيهٌ: عالمٌ. وَكُلُّ عَالِمٍ بِشَيْءٍ فَهُوَ فَقيهٌ؛ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ مَا يَفْقَه وَمَا يَنْقَه؛ مَعْنَاهُ لَا يَعْلم وَلَا يَفْهَم. ونَقِهْتُ الحديثَ أَنْقَهُه إِذَا فَهِمْته. وفَقِيه الْعَرَبِ: عالمُ الْعَرَبِ. وتَفَقَّه: تَعاطى الفِقْهَ. وفاقَهْتُه إِذَا باحَثْته فِي الْعِلْمِ. والفِقْهُ: الفِطْنةُ. وَفِي الْمَثَلِ: خيرُ الفِقْه مَا حاضَرْت بِهِ، وشَرُّ الرَّأْي الدَّبَريُّ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ: قَالَ لِي أَعرابي شَهِدْتُ عَلَيْكَ بالفِقهِ أَي الفِطْنةِ. وفَحْلٌ فَقيهٌ: طَبٌّ بالضِّراب حاذِقٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لعَنَ اللهُ النائحةَ والمُسْتَفْقِهةَ
؛ هِيَ الَّتِي تُجاوِبُها فِي قَوْلِهَا لأَنها تتَلَقَّفُه وتتَفَهَّمُه فتُجيبها عَنْهُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: الفَقْهةُ المَحالةُ فِي نُقْرة الْقَفَا؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وتَضْرِب الفَقْهةَ حَتَّى تَنْدَلِق
قَالَ: وَهِيَ مقلوبة من الفَهْقة.
فكه: الفاكهةُ: معروفةٌ وأَجْناسُها الفَواكهُ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا فَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كُلُّ شَيْءٍ قَدْ سُمِّيَ مِنَ الثِّمار فِي القُرآن نَحْوُ العِنَب والرُّمّان فَإِنَّا لَا نُسَمِّيه فَاكِهَةً، قَالَ: وَلَوْ حَلَفَ أَن لَا يأْكل فَاكِهَةً فأَكل عِنَبًا ورُمّاناً لَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ يكنْ حَانِثًا. وَقَالَ آخَرُونَ: كلُّ الثِّمار فاكهةٌ، وَإِنَّمَا كُرِّرَ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ
؛ لتَفْضِيل النخلِ والرُّمَّان عَلَى سَائِرِ الْفَوَاكِهِ دُونَهما، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؛ فَكَرَّرَ هَؤُلَاءِ لِلتَّفْضِيلِ عَلَى النَّبِيِّين وَلَمْ يَخْرُجوا مِنْهُمْ. قَالَ الأَزهري: وَمَا عَلِمْتُ أَحداً مِنَ الْعَرَبِ قَالَ إنَّ النخيلَ والكُرومَ ثِمارُها لَيْسَتْ مِنَ الْفَاكِهَةِ، وَإِنَّمَا شَذَّ قَوْلُ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ فِي هَذِهِ المسأَلة عَنْ أَقاويل جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الأَمصار لِقِلَّةِ عِلْمِهِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ وعلمِ اللُّغَةِ وتأْويلِ القُرآن الْعَرَبِيِّ المُبين، وَالْعَرَبُ تَذْكُر الأَشياء جُمْلَةً ثُمَّ تَخُصُّ مِنْهَا شَيْئًا بِالتَّسْمِيَةِ تَنْبِيهًا عَلَى فَضْلٍ فِيهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ؛ فَمَنْ قَالَ إِنَّ جِبْريلَ ومِيكالَ لَيْسَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ لإِفْرادِ اللَّهِ عز وجل إِيَّاهُمَا بِالتَّسْمِيَةِ بَعْدَ ذِكْر الْمَلَائِكَةِ جُمْلةً فَهُوَ كَافِرٌ، لأَن اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى ذَلِكَ وبَيَّنه، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ إِنَّ ثمرَ النخلِ والرُّمانِ لَيْسَ فَاكِهَةً لإِفراد اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمَا بِالتَّسْمِيَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْفَاكِهَةِ جُمْلة فَهُوَ جَاهِلٌ، وَهُوَ خلافُ الْمَعْقُولِ وخلافُ لُغَةِ الْعَرَبِ. ورجلٌ فَكِهٌ: يأْكل الفاكِهةَ، وفاكِهٌ: عِنْدَهُ فَاكِهَةٌ، وكلاهُما عَلَى النَّسَب. أَبو مُعَاذٍ النَّحْوِيُّ: الْفَاكِهُ الَّذِي كَثُرَتْ فاكِهتُه، والفَكِهُ: الَّذِي يَنالُ مِنْ أَعراضِ الناسِ، والفاكهانِيُّ: الَّذِي يَبِيعُ الفاكهةَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يُقَالُ لِبَائِعِ الْفَاكِهَةِ فَكَّاه، كَمَا قَالُوا لَبّان ونَبّال، لأَن هَذَا الضَّرْبَ إِنَّمَا هُوَ سَمَاعِيٌّ لَا اطِّراديّ. وفَكَّهَ القومَ بالفاكِهة: أَتاهم بِهَا. وَالْفَاكِهَةُ أَيضاً: الحَلْواءُ عَلَى التَّشْبِيهِ. وفَكَّهَهُم بمُلَح الْكَلَامِ: أَطْرَفَهُم، والاسمُ الفكِيهةُ والفُكاهةُ، بِالضَّمِّ، وَالْمَصْدَرُ الْمُتَوَهَّمُ فِيهِ الْفِعْلُ الفَكاهةُ. الْجَوْهَرِيُّ: الفَكاهةُ، بِالْفَتْحِ، مصدرُ فَكِهَ الرجلُ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ فَكِهٌ إِذَا كَانَ طَيِّبَ النَّفْس مَزّاحاً، والفاكهُ المزّاحُ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: كَانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ مَعَ صَبِيٍ
؛ الفاكهُ: المازحُ. وَفِي حَدِيثِ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنه كَانَ مِنْ أَفْكَهِ الناسِ إِذَا خَلَا مَعَ أَهله
؛
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَربعٌ لَيْسَ غِيبَتُهن بغيبةٍ، مِنْهُمُ المُتَفَكِّهون بالأُمَّهات
؛ هُمُ الَّذِينَ يَشْتُمُونَهُنَّ مُمازِحِين. والفُكاهةُ، بِالضَّمِّ: المِزاحُ، وَقِيلَ: الفاكهُ ذُو الفُكاهة كَالتَّامِرِ واللَّابن. والتَّفاكُهُ: التَّمازُحُ. وفاكَهْتُ القومَ مُفاكَهةً بمُلَحِ الكلامِ والمِزاحِ، والمُفاكهَةُ: المُمازحَةُ. وَفِي الْمَثَلِ: لَا تُفاكِه أَمَهْ وَلَا تَبُلْ عَلَى أَكَمَهْ. والفَكِهُ: الطَّيِّبُ النَّفْسِ، وَقَدْ فَكِهَ فَكَهاً. أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ فَكِهٌ وفاكِهٌ وفَيْكَهان، وَهُوَ الطَّيِّبُ النَّفْسِ المزَّاحُ؛ وأَنشد:
إِذَا فَيْكهانٌ ذُو مُلاءٍ ولِمَّةٍ،
…
قَلِيلُ الأَذَى، فِيمَا يُرَى الناسُ، مُسْلِمُ
وفاكَهْتُ: مازَحْتُ. وَيُقَالُ للمرأَة: فَكِهةٌ، وَلِلنِّسَاءِ فَكِهات. وتَفَكَّهْتُ بِالشَّيْءِ: تَمَتَّعْتُ بِهِ. وَيُقَالُ: تَرَكْتُ القومَ يتَفَكَّهُون بفلانٍ أَي يَغْتابونه ويتَناولونَ مِنْهُ. والفَكِهُ: الَّذِي يُحَدِّث أَصحابَه ويُضْحِكُهم. وفَكِهَ مِنْ كَذَا وَكَذَا وتفَكَّه: عَجِبَ. تَقُولُ: تفَكَّهْنا مِنْ كَذَا وَكَذَا أَيْ تعَجَّبْنا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عز وجل: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ
؛ أَي تتَعجَّبُونَ مِمَّا نَزَلَ بِكُمْ فِي زَرْعِكم. وَقَوْلُهُ عز وجل: فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ
؛ أَي نَاعِمَيْنِ مُعْجبينَ بِمَا هُمْ فِيهِ، وَمَنْ قرأَ فَكِهينَ يَقُولُ فَرِحِين. والفاكِهُ: النَّاعِمُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ
. والفَكِهُ: المُعْجب. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: لَوْ سَمِعْتَ حَدِيثَ فُلَانٍ لَمَا فَكِهْتَ لَهُ أَي لَمَا أَعجبك. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ
؛ أَي مُتعجِّبون ناعِمون بِمَا هُمْ فِيهِ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي صِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ: فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ
، بالأَلف، ويقرأُ فَكِهُون، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ حَذِرُون وحاذِرُون؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: لَمَّا قُرِئَ بِالْحَرْفَيْنِ فِي صِفَةِ أَهل الْجَنَّةِ عُلِمَ أَن مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. أَبو عُبَيْدٍ: تَقُولُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ يَتَفَكَّه بِالطَّعَامِ أَو بالفاكهةِ أَو بأَعْراضِ النَّاسِ إِنَّ فُلَانًا لَفَكِهٌ بِكَذَا وَكَذَا؛ وأَنشد:
فَكِهٌ إِلَى جَنْبِ الخِوانِ، إِذَا غَدتْ
…
نَكْباء تَقْطَعُ ثابتَ الأَطْنابِ
والفَكِهُ: الأَشِرُ البَطِرُ. والفاكِهُ: مِنَ التَّفَكُّهِ. وَقُرِئَ: ونَعْمةٍ كَانُوا فِيهَا فَكِهينَ، أَي أَشِرينَ، وفاكِهِينَ
أَي نَاعِمَيْنِ. التَّهْذِيبُ: أَهل التَّفْسِيرِ يَخْتَارُونَ مَا كَانَ فِي وَصْفِ أَهل الْجَنَّةِ فاكِهِينَ*
، وَمَا فِي وَصْفِ أَهْلِ النَّارِ فَكِهِينَ أَي أَشِرينَ بَطِرين. قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ فاكِهِينَ
؛ قَالَ: مُعْجبين بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قُرِئَ فَكِهينَ وفاكِهِينَ
جَمِيعًا، وَالنَّصْبُ عَلَى الْحَالِ، وَمَعْنَى فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ
أَي مُعْجبين. والتَّفَكُّهُ: التنَدُّمُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ
؛ مَعْنَاهُ تَنَدَّمُون، وَكَذَلِكَ تَفَكَّنُون، وَهِيَ لُغَةٌ لِعُكْل. اللِّحْيَانِيُّ: أَزْدُ شَنُوءَة يَقُولُونَ يتَفكَّهُون، وتميمٌ تقولُ يتَفَكَّنُون أَي يتندَّمُون. ابْنُ الأَعرابي: تفَكَّهْتُ وتفَكَّنْتُ أَي تندَّمْت. وأَفْكَهَتِ النَّاقَةُ إِذَا رأَيت فِي لَبَنِهَا خُثورةً شِبْهَ اللِّبَإِ. والمُفْكِه مِنَ الإِبلِ: الَّتِي يُهَراق لَبَنُها عِنْدَ النِّتاج قَبْلَ أَن تَضَعَ، وَالْفِعْلُ كَالْفِعْلِ. وأَفْكَهَت الناقةُ إِذَا دَرَّتْ عِنْدَ أَكل الرَّبِيعِ قَبْلَ أَن تَضَع، فَهِيَ مُفْكِهٌ. قَالَ شَمِرٌ: نَاقَةٌ مُفْكِهةٌ ومُفْكِهٌ، وَذَلِكَ إِذَا أَقْرَبَتْ فاسْتَرْخَى صَلَواها وعَظُمَ ضَرْعُها وَدَنَا نِتاجها؛ قَالَ الأَحْوص:
بَنِي عَمِّنا، لَا تَبْعَثُوا الحَرْبَ، إِنَّنِي
…
أَرى الحربَ أَمْسَتْ مُفْكِهاً قَدْ أَصَنَّتِ
قَالَ شَمِرٌ: أَصَنَّت استَرْخى صَلَواها وَدَنَا
نِتاجُها؛ وأَنشد:
مُفْكِهة أَدْنَتْ عَلَى رأْسِ الوَلَدْ،
…
قَدْ أَقْرَبَتْ نَتْجاً، وحانَ أَنْ تَلِدْ
أَيْ حانَ وِلادُها. قَالَ: وَقَوْمٌ يَجْعَلُونَ المُفْكِهة مُقْرِباً مِنَ الإِبل وَالْخَيْلِ والحُمُر وَالشَّاءِ، وبعضُهم يَجْعَلُهَا حِينَ اسْتَبَانَ حَمَلُهَا، وَقَوْمٌ يَجْعَلُونَ المُفْكِهةَ والدافِعَ سَواء. وفاكهٌ: اسْمٌ. والفاكهُ: ابنُ المُغِيرة المَخْزُوميّ عَمُّ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. وفُكَيْهةُ: اسْمُ امرأَة، يَجُوزُ أَن يَكُونَ تَصْغِيرُ فَكِهةٍ الَّتِي هِيَ الطَّيِّبةُ النَّفْس الضَّحوكُ، وأَن يَكُونَ تصغيرَ فاكهةٍ مُرَخَّماً؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
تقولُ إِذَا استَهْلَكْتُ مَالًا لِلَذَّة
…
فُكَيْهةُ: هَشَّيْءٌ بكَفَّيْكَ لائِقُ؟
يُرِيدُ: هلْ شيءٌ.
فهه: فَهَّ عَنِ الشَّيْءِ يَفَهُّ فَهّاً: نَسِيَه. وأَفَهَّهُ غيرهُ: أَنْساه. والفَهُّ: الكليلُ اللسانِ العَييُّ عَنْ حَاجَتِهِ، والأُنثى فَهَّةٌ، بِالْهَاءِ. والفَهِيهُ والفَهْفَهُ: كالفَهِّ. وَقَدْ فَهِهْتَ وفَهَهْتَ تَفَهُّ وتَفِهُّ فَهّاً وفَهَهاً وفَهَاهةً أَي عَيِيتَ؛ وفَهَّ العَيِيُّ عَنْ حَاجَتِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: الفَهَّةُ والفَهاهةُ العِيُّ. يُقَالُ: سَفِيه فَهِيهٌ، وفَهَّهُ اللَّهُ. وَيُقَالُ: خَرَجَتْ لحاجةٍ فأَفَهَّني عَنْهَا فلانٌ حَتَّى فَهِهْتُ أَي أَنْسانِيها. ابْنُ الأَعرابي: أَفَهَّني عَنْ حَاجَتِي حَتَّى فَهِهْتُ فَهَهاً أَي شَغَلني عَنْهَا حَتَّى نَسِيتُها، ورجلٌ فَهٌّ وفَهِيهٌ؛ وأَنشد:
فَلَمْ تُلْفِني فَهّاً، وَلَمْ تُلْفِ حُجَّتي
…
مُلَجْلَجَةً أَبْغي لَهَا مَنْ يُقِيمُها
ابْنُ شُمَيْلٍ: فَهَّ الرجلُ فِي خُطْبَتِه وحُجَّتِه إِذَا لَمْ يُبالِغْ فِيهَا وَلَمْ يَشْفِها، وَقَدْ فَهِهْتَ فِي خُطْبَتِكَ فَهاهةً. قَالَ: وَتَقُولُ أَتَيْتُ فُلَانًا فبَيَّنْتُ لَهُ أَمري كلَّه إِلَّا شَيْئًا فَهِهْتُه أَي نَسِيتُه. وفهْفَهَ إِذَا سَقَطَ مِنْ مرتبةٍ عَالِيَةٍ إِلَى سُفْلٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا سَمِعتُ مِنْكَ فَهَّةً فِي الإِسلام قَبْلَها
، يَعْنِي السَّقْطةَ والجَهْلة ونحوَها. وَفِي حَدِيثِ
أَبي عُبَيْدَةَ بْنِ الجرَّاح: أَنه قَالَ لِعُمَرَ، رضي الله عنه، حِينَ قَالَ لَهُ يَوْمَ السَّقِيفةِ ابْسُطْ يَدَك أُبايِعْك: مَا رأَيت مِنْك فَهَّةً فِي الإِسلام قَبْلَها، أَتُبايِعُني وفيكمُ الصِّدِّيقُ ثانيَ اثْنَينِ
؟ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الفَهَّة مِثْلُ السَّقْطةِ والجَهْلةِ ونحوِها. يُقَالُ: فَهَّ يَفَهُّ فَهاهةً وفَهِه فَهُوَ فَهٌّ وفَهِيهٌ إِذَا جَاءَتْ مِنْهُ سَقْطةٌ مِنَ العِيِّ وغيره.
فوه: اللَّيْثُ: الفُوهُ أَصلُ بِنَاءِ تأْسِيسِ الفمِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِمَّا يَدُّلُّك عَلَى أَن الأَصل فِي فمٍ وفُو وَفَا وَفِي هاءٌ حُذِفَت مِنْ آخِرِهَا قولُهم لِلرَّجُلِ الكثيرِ الأَكلِ فَيِّهٌ، وامرأَة فَيِّهةٌ. وَرَجُلٌ أَفْوَهُ: عظيمُ الفَم طويلُ الْأَسْنَانِ. ومَحالةٌ فَوْهاء إِذَا طَالَتْ أَسنانها الَّتِي يَجْري الرِّشاءُ فِيهَا. ابْنُ سِيدَهْ: الفاهُ والفُوهُ والفِيهُ والفَمُ سواءٌ، والجمعُ أَفواهٌ. وَقَوْلُهُ عز وجل: ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ
؛ وكلُّ قولٍ إِنَّمَا هُوَ بِالْفَمُ، إِنَّمَا الْمَعْنَى لَيْسَ فِيهِ بيانٌ وَلَا بُرْهانٌ، إِنَّمَا هُوَ قولٌ بالفمِ وَلَا مَعْنَى صَحِيحًا تَحْتَه، لأَنهم مُعْتَرِفُونَ بأَنّ اللهَ لَمْ يتَّخِذْ صَاحِبَةً فَكَيْفَ يَزْعُمون أَنَّ لَهُ وَلَدًا؟ أَما كونُه جمعَ فُوهٍ فبَيِّنٌ، وأَما كَوْنُهُ جَمْعَ فِيهٍ فَمِنْ بَابِ ريحٍ وأَرْواحٍ إِذْ لَمْ نسْمَعْ أَفْياهاً؛ وأَما كونُه جمعَ فاهٍ فَإِنَّ الِاشْتِقَاقَ يؤْذن أَن فَاهًا مِنَ الْوَاوِ لِقَوْلِهِمْ مُفَوَّةٌ، وأَما كَوْنُهُ جَمْعَ فَمٍ فلأَنَّ أَصلَ فَمٍ فَوَهٌ، فحُذِفت الْهَاءُ كَمَا حُذِفَتْ مِنْ سَنةٍ فِيمَنْ قَالَ عامَلْتُ مُسانَهةً، وَكَمَا حُذِفت مِنْ شاةٍ وَمِنْ شَفَةٍ وَمِنْ عِضَةٍ وَمِنَ اسْتٍ، وَبَقِيَتِ الْوَاوُ طَرَفًا مُتَحَرِّكَةً فَوَجَبَ إبدالُها أَلفاً لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا فَبَقِيَ فًا،
وَلَا يَكُونُ الِاسْمُ عَلَى حَرْفَيْنِ أَحدُهما التنوينُ، فأُبْدل مكانَها حرفٌ جَلْدٌ مُشاكِلٌ لَهَا، وَهُوَ الميمُ لأَنهما شَفَهِيَّتان، وَفِي الْمِيمِ هُوِيٌّ فِي الفَمِ يُضارِعُ امتدادَ الواوِ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: العربُ تَسْتَثْقِلُ وُقوفاً عَلَى الهاءِ والحاءِ والواوِ والياءِ إِذَا سَكَنَ مَا قبلَها، فتَحْذِفُ هَذِهِ الحروفَ وتُبْقي الاسمَ عَلَى حَرْفَيْنِ كَمَا حَذَفُوا الواوَ مِنْ أَبٍ وأَخٍ وغَدٍ وهَنٍ، والياءَ مِنْ يَدٍ ودَمٍ، والحاءَ مِنْ حِرٍ، والهاءَ مِنْ فُوهٍ وشَفةٍ وشاةٍ، فَلَمَّا حَذَفُوا الهاءَ مِنْ فُوهٍ بَقِيَتِ الْوَاوُ سَاكِنَةً، فَاسْتَثْقَلُوا وُقُوفًا عَلَيْهَا فَحَذَفُوهَا، فَبَقِيَ الِاسْمُ فَاءً وَحْدَهَا فَوَصَلُوهَا بِمِيمٍ ليصيرَ حَرْفَيْنِ، حرفٌ يُبْتَدأُ بِهِ فيُحرَّك، وحرفٌ يُسْكَت عَلَيْهِ فيُسَكَّن، وَإِنَّمَا خَصُّوا الْمِيمَ بِالزِّيَادَةِ لِمَا كَانَ فِي مَسْكَنٍ، والميمُ مِنْ حُرُوفِ الشَّفَتين تَنْطَبِقَانِ بِهَا، وأَما مَا حُكِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَفْمامٌ فَلَيْسَ بِجَمْعِ فَمٍ، أَنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ مَلامِحَ ومَحاسِنَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَن فَماً مفتوحُ الْفَاءِ وُجُودك إِيَّاهَا مَفْتُوحَةً فِي هَذَا اللَّفْظِ، وأَما مَا حَكَى فِيهَا أَبو زَيْدٍ وغيرهُ مِنْ كسْرِ الْفَاءِ وضمِّها فضرْبٌ مِنَ التَّغْيِيرِ لَحِقَ الكلمةَ لإِعْلالِها بِحَذْفِ لامِها وَإِبْدَالِ عيْنِها؛ وأَما قَوْلُ الرَّاجِزِ:
يَا لَيْتَها قَدْ خَرَجَتْ مِنْ فُمِّهِ،
…
حَتَّى يَعودَ المُلْك فِي أُسْطُمِّهِ
يُرْوَى بِضَمِّ الْفَاءِ مِنْ فُمِّه، وفتحِها؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْقَوْلَ فِي تَشْدِيدِ الْمِيمِ عِنْدِي أَنه لَيْسَ بِلُغَةٍ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ، أَلا تَرَى أَنك لَا تَجِدُ لِهَذِهِ المُشدَّدةِ الميمِ تصَرُّفاً إِنَّمَا التصرُّفُ كُلُّهُ عَلَى ف وهـ؟ مِنْ ذَلِكَ قولُ اللَّهِ تَعَالَى: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ
؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَا لَغْوٌ وَلَا تأْثِيمَ فِيهَا،
…
وَمَا فاهُوا بِهِ أَبداً مُقِيمُ
وَقَالُوا: رجلٌ مُفَوَّه إِذَا أَجادَ القولَ؛ وَمِنْهُ الأَفْوَهُ للواسعِ الفمِ، وَلَمْ نسْمَعْهم قَالُوا أَفْمام وَلَا تفَمَّمت، وَلَا رَجُلٌ أَفَمّ، وَلَا شَيْئًا مِنْ هَذَا النَّحْوِ لَمْ نَذْكُرْهُ، فَدَلَّ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى تصَرُّفِ الْكَلِمَةِ بِالْفَاءِ وَالْوَاوِ وَالْهَاءِ عَلَى أَن التَّشْدِيدَ فِي فَمٍّ لَا أَصل لَهُ فِي نَفْسِ الْمِثَالِ، إِنَّمَا هُوَ عارضٌ لَحِقَ الْكَلِمَةَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِذَا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْتَه أَن التَّشْدِيدَ فِي فَمٍّ عَارِضٌ لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ، فمِنْ أَيْنَ أَتَى هَذَا التَّشْدِيدُ وَكَيْفَ وجهُ دخولهِ إِيَّاهَا؟ فَالْجَوَابُ أَن أَصل ذَلِكَ أَنهم ثَقَّلوا الميمَ فِي الْوَقْفِ فَقَالُوا فَمّ، كَمَا يَقُولُونَ هَذَا خالِدّ وَهُوَ يَجْعَلّ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَجْرَوُا الْوَصْلَ مُجْرَى الْوَقْفِ فَقَالُوا هَذَا فَمٌّ ورأَيت فَمّاً، كَمَا أَجْرَوُا الوصلَ مُجْرَى الْوَقْفِ فِيمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ عَنْهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ:
ضَخْمٌ يُحِبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمَّا
وَقَوْلِهِمْ أَيضاً:
ببازِلٍ وَجْنَاءَ أَو عَيْهَلِّ،
…
كأَنَّ مَهْواها، عَلَى الكَلْكَلِّ،
مَوْقِعُ كَفَّيْ راهِبٍ يُصَلِّي
يُرِيدُ: العَيْهَلَ والكَلْكَلَ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَهَذَا حُكْمُ تَشْدِيدِ الْمِيمِ عِنْدِي، وَهُوَ أَقوى مِنْ أَن تَجْعَل الكلمةَ مِنْ ذَوَاتِ التَّضْعِيفِ بِمَنْزِلَةِ هَمٍّ وَحَمٍّ، قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ فَإِذَا كَانَ أَصلُ فَمٍ عِنْدَكَ فَوَه فَمَا تَقُولُ فِي قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
هُمَا نَفَثا فِي فيَّ مِنْ فَمَوَيْهِما،
…
عَلَى النّابِحِ العاوِي، أَشدَّ رِجام
وَإِذَا كَانَتِ الْمِيمُ بَدَلًا مِنَ الْوَاوَ الَّتِي هِيَ عَيْنٌ فَكَيْفَ جَازَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؟ فَالْجَوَابُ: أَن أَبا عليٍّ حَكَى لَنَا عَنْ أَبي بَكْرٍ وأَبي إِسْحَاقَ أَنهما ذَهَبَا إِلَى أَن الشَّاعِرَ جمعَ بَيْنَ العِوَض والمُعَوَّض عَنْهُ، لأَن الْكَلِمَةَ
مَجْهورة مَنْقُوصَةٌ، وأَجاز أَبو عَلِيٍّ فِيهَا وَجْهًا آخرَ، وَهُوَ أَن تَكُونَ الواوُ فِي فمَوَيْهِما لَامًا فِي مَوْضِعِ الْهَاءِ مِنْ أَفْواه، وَتَكُونُ الْكَلِمَةُ تَعْتَقِبُ عَلَيْهَا لامانِ هاءٌ مَرَّةٌ وواوٌ أُخرى، فَجَرَى هَذَا مَجْرى سَنةٍ وعِضَةٍ، أَلا تَرَى أَنهما فِي قَوْلِ سِيبَوَيْهِ سَنَوات وأَسْنَتُوا ومُساناة وعِضَوات واوانِ؟ وتَجِدُهما فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ لَيْسَتْ بسَنْهاء وَبَعِيرٌ عاضِهٌ هَاءَيْنِ، وَإِذَا ثَبَتَ بِمَا قدَّمناه أَن عَيْنَ فَمٍ فِي الأَصل واوٌ فَيَنْبَغِي أَن تقْضِيَ بِسُكُونِهَا، لأَن السُّكُونَ هُوَ الأَصل حَتَّى تَقومَ الدلالةُ عَلَى الحركةِ الزَّائِدَةِ. فَإِنْ قُلْتَ: فهلَّا قضَيْتَ بِحَرَكَةِ الْعَيْنِ لِجَمْعِك إِيَّاهُ عَلَى أَفْواهٍ، لأَن أَفْعالًا إِنَّمَا هُوَ فِي الأَمر الْعَامِّ جمعُ فَعَلٍ نَحْوُ بَطَلٍ وأَبْطالٍ وقَدَمٍ وأَقْدامٍ ورَسَنٍ وأَرْسانٍ؟ فَالْجَوَابُ: أَن فَعْلًا مِمَّا عينُه واوٌ بابُه أَيضاً أَفْعال، وَذَلِكَ سَوْطٌ وأَسْواطٌ، وحَوْض وأَحْواض، وطَوْق وأَطْواق، ففَوْهٌ لأَن عينَه واوٌ أَشْبَهُ بِهَذَا مِنْهُ بقَدَمٍ ورَسَنٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والفُوه أَصلُ قولِنا فَم لأَن الْجَمْعَ أَفْواهٌ، إِلَّا أَنهم اسْتَثْقَلُوا اجتماعَ الْهَاءَيْنِ فِي قَوْلِكَ هَذَا فُوهُه بالإِضافة، فَحَذَفُوا مِنْهُ الْهَاءَ فَقَالُوا هَذَا فُوه وفُو زيدٍ ورأَيت فَا زيدٍ، وَإِذَا أَضَفْتَ إِلَى نَفْسِكَ قُلْتَ هَذَا فِيَّ، يَسْتَوِي فِيهِ حالُ الرَّفْعِ والنصبِ والخفضِ، لأَن الواوَ تُقْلَبُ ياءً فتُذْغَم، وَهَذَا إِنَّمَا يُقَالُ فِي الإِضافة، وَرُبَّمَا قَالُوا ذَلِكَ فِي غَيْرِ الإِضافة، وَهُوَ قَلِيلٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
خالَطَ، مِنْ سَلْمَى، خياشِيمَ وَفَا
…
صَهْباءَ خُرْطوماً عُقاراً قَرْقَفَا
وصَفَ عُذوبةَ ريقِها، يَقُولُ: كأَنها عُقارٌ خالَط خَياشِيمَها وَفَاهَا فكَفَّ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده الْفَرَّاءُ:
يَا حَبَّذَا عَيْنا سُلَيْمَى والفَما
قَالَ الْفَرَّاءُ: أَراد والفَمَانِ يَعْنِي الفمَ والأَنْفَ، فثَنَّاهُما بِلَفْظِ الفمِ للمُجاوَرةِ، وأَجاز أَيضاً أَن يَنْصِبَه عَلَى أَنه مَفْعُولٌ معَه كأَنه قَالَ مَعَ الْفَمِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُنصَب بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ كأَنه قَالَ وأُحِبُّ الفمَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الفمُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ إِلَّا أَنه اسْمٌ مقصورٌ بِمَنْزِلَةِ عَصاً، وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فِي تَرْجَمَةِ فمم. وَقَالُوا: فُوك وفُو زيدٍ، فِي حدِّ الإِضافة وَذَلِكَ فِي حَدِّ الرَّفْعِ، وَفَا زيدٍ وَفِي زيدٍ فِي حدِّ النَّصْبِ وَالْجَرِّ، لأَن التَّنْوِينَ قَدْ أُمِنَ هَاهُنَا بِلُزُومِ الإِضافة، وَصَارَتْ كأَنها مِنْ تَمَامِهِ؛ وأَما قَوْلُ الْعَجَّاجِ:
خالطَ مِنْ سَلْمَى خَياشِيمَ وَفَا
فَإِنَّهُ جاءَ بِهِ عَلَى لُغَةِ مَنْ لَمْ يُنَوِّنْ، فَقَدْ أُمِنَ حذْف الأَلف لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ كَمَا أُمِنع فِي شاةٍ وَذَا مالٍ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا كلَّمْتُه فاهُ إِلَى فِيَّ، وَهِيَ مِنَ الأَسماء الْمَوْضُوعَةِ مَوْضِعَ الْمَصَادِرِ وَلَا ينفردُ مِمَّا بَعْدَهُ، وَلَوْ قلتَ كلَّمتُه فاهُ لَمْ يَجُزْ، لأَنك تُخْبِر بقُرْبِك مِنْهُ، وأَنك كلَّمْتَه وَلَا أَحَدَ بَيْنَكَ وبينَه، وَإِنْ شِئْتَ رَفَعْتَ أَي وَهَذِهِ حالُه. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ كلَّمتُه فَاهُ إِلَى فِيَّ أَي مُشافِهاً، ونصْبُ فاهٍ عَلَى الْحَالِ، وَإِذَا أَفْرَدُوا لَمْ يَحْتَمِلِ الواوُ التَّنْوِينَ فَحَذَفُوهَا وعوَّضوا مِنَ الهاءِ مِيمًا، قَالُوا هَذَا فمٌ وفَمَانِ وفَمَوان، قال: ولو كان الميمُ عِوَضاً مِنَ الْوَاوِ لَمَا اجْتَمَعَتَا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الميمُ فِي فَمٍ بدلٌ مِنَ الْوَاوِ، وَلَيْسَتْ عِوَضاً مِنَ الهاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ فَماً مَقْصُورٌ مِثْلُ عَصًا، قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ جَاءَ تثنيةُ فَمَوانِ؛ وأَنشد:
يَا حَبَّذا وَجْهُ سُلَيْمى والفَما،
…
والجِيدُ والنَّحْرُ وثَدْيٌ قَدْ نَما
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: أَقْرَأَنِيها رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فاهُ إِلَى فِيَ
أَي مُشافَهةً وتَلْقِيناً، وَهُوَ نصبٌ عَلَى الْحَالِ بِتَقْدِيرِ الْمُشْتَقِّ، وَيُقَالُ فِيهِ: كلَّمني فُوهُ إِلَى فِيَّ بِالرَّفْعِ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، قَالَ: وَمِنْ أَمثالهم فِي بَابِ الدُّعَاءِ عَلَى الرجُل الْعَرَبُ تَقُولُ: فاهَا لِفِيك؛ تُرِيدُ فَا الدَّاهِيَةِ، وَهِيَ مِنَ الأَسماء الَّتِي أُجْرِيت مُجْرَى الْمَصْدَرِ الْمَدْعُوِّ بِهَا عَلَى إِضْمَارِ الْفِعْلِ غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ إظهارهُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: فاهَا لِفِيك، غَيْرُ مُنَوَّنٍ، إِنَّمَا يُرِيدُ فَا الداهيةِ، وَصَارَ بَدَلًا مِنَ اللَّفْظِ بِقَوْلِهِ دَهاكَ اللهُ، قَالَ: ويَدُلُّك عَلَى أَنه يُريدُ الداهيةَ قَوْلُهُ:
وداهِية مِنْ دَواهي المَنونِ
…
يَرْهَبُها الناسُ لَا فَا لَهَا
فَجَعَلَ لِلدَّاهِيَةِ فَمًا، وكأَنه بدلٌ مِنْ قَوْلِهِمْ دَهاكَ اللَّهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الخَيْبة لَكَ. وأَصله أَنه يريدُ جَعَل اللهُ بفِيك الأَرضَ، كَمَا يُقَالُ بِفِيكَ الحجرُ، وَبِفِيكَ الأَثْلبُ؛ وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَلْهُجَيْم:
فقلتُ لَهُ: فاهَا بفِيكَ، فَإِنَّهَا
…
قَلوصُ امرئٍ قارِيكَ مَا أَنتَ حاذِرهُ
يَعْنِي يَقْرِيك مِنَ القِرَى، وأَورده الْجَوْهَرِيُّ: فَإِنَّهُ قلوصُ امْرِئٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُ إِنْشَادِهِ فَإِنَّهَا، وَالْبَيْتُ لأَبي سِدْرة الأَسَديّ، وَيُقَالُ الهُجَيْميّ. وَحُكِيَ عَنْ شَمِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ فَاهًا بفِيك، منوَّناً، أَي أَلْصَقَ اللهُ فاكَ بالأَرضِ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ فاهَا لفِيكَ، غَيْرُ مُنوَّن، دُعاء عَلَيْهِ بِكَسْرِ الفَمِ أَي كَسَر اللَّهُ فَمَك. قَالَ: وَقَالَ سيبويه فاهَا لفِيكَ، غيرُ منوَّن، إِنَّمَا يُرِيدُ فَا الداهيةِ وَصَارَ الضميرُ بَدَلًا مِنَ اللَّفْظِ بِالْفِعْلِ، وأُضْمِرَ كَمَا أُضمر للتُّرب والجَنْدَل، وَصَارَ بَدَلًا مِنَ اللَّفْظِ بِقَوْلِهِ دَهاكَ اللَّهُ، وَقَالَ آخَرُ:
لئِنْ مالكٌ أَمْسَى ذَلِيلًا، لَطالَما
…
سَعَى للَّتي لَا فَا لَهَا، غَيْرَ آئِبِ
أَراد لَا فَمَ لَهَا وَلَا وَجْه أَي لِلدَّاهِيَةِ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
وَلَا أَقولُ لِذِي قُرْبَى وآصِرةٍ:
…
فَاهَا لِفِيكَ عَلَى حالٍ مِنَ العَطَبِ
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الصَّغِيرِ الفمِ: فُو جُرَذٍ وفُو دَبَى، يُلَقَّب بِهِ الرَّجُلُ. وَيُقَالُ للمُنْتِن ريحِ الفمِ: فُو فَرَسٍ حَمِرٍ. وَيُقَالُ: لَوْ وَجَدتُ إِلَيْهِ فَا كَرِشٍ أَي لَوْ وَجَدْتُ إِلَيْهِ سَبِيلًا. ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي فِي تَثْنِيَةِ الفمِ فَمَانِ وفَمَيانِ وفَموانِ، فأَما فَمانِ فَعَلَى اللَّفْظِ، وأَما فَمَيانِ وفَمَوانِ فَنَادِرٌ؛ قَالَ: وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ فِي قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ:
هُما نَفَثا فِي فِيَّ مِنْ فَمَوَيْهِما
إِنَّهُ عَلَى الضَّرُورَةِ. والفَوَهُ، بِالتَّحْرِيكِ: سَعَةُ الفمِ وعِظَمُه. والفَوَهُ أَيضاً: خُروجُ الأَسنانِ مِنَ الشَّفَتينِ وطولُها، فَوِهَ يَفْوَهُ فَوَهاً، فَهُوَ أَفْوَهُ، والأُنثى فَوْهاء بيِّنا الفَوَهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الخَيْل. وَرَجُلٌ أَفْوَهُ: واسعُ الفمِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ الأَسد:
أَشْدَق يَفْتَرُّ افْتِرارَ الأَفْوَهِ
وَفَرَسٌ فَوْهاءِ شَوْهاء: وَاسِعَةُ الْفَمِ فِي رأْسها طُولٌ. والفَوَهُ فِي بَعْضِ الصِّفَاتِ: خروجُ الثَّنايا العُلْيا وطولُها. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: طُولُ الثَّنَايَا الْعُلْيَا يُقَالُ لَهُ الرَّوَقُ، فأَما الفَوَهُ فَهُوَ طُولُ الأَسنانِ كلِّها. ومَحالةٌ فَوْهاء: طَالَتْ أَسنانُها الَّتِي يَجْري الرِّشاءُ بَيْنَهَا. وَيُقَالُ لِمُحَالَةِ السانِيةِ إِذَا طَالَتْ أَسْنانُها: إِنَّهَا لَفَوْهاءُ بيِّنة الفَوَهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
كَبْداء فَوْهاء كجَوْزِ المُقْحَم
وَبِئْرٌ فَوْهاء: واسَعةُ الفمِ. وطَعْنةٌ فَوْهاءُ: واسعةٌ. وفاهَ بِالْكَلَامِ يَفُوهُ: نَطَقَ ولَفَظَ بِهِ؛ وأَنشد لأُمَيَّةَ:
وَمَا فاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقيمُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ يائيَّة وواويَّة. أَبو زَيْدٍ: فاهَ الرَّجُلِ يَفُوه فَوْهاً إِذَا كَانَ مُتكلِّماً. وَقَالُوا: هُوَ فاهٌ بجُوعِه إِذَا أَظْهَرَه وباحَ بِهِ، والأَصل فائِهٌ بجُوعِه فَقِيلَ فاهٌ كَمَا قَالُوا جُرُفٌ هارٌ وهائرٌ. ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ رَجُلٌ فاوُوهةٌ يَبُوح بكلِّ مَا فِي نَفْسِهِ وفاهٌ وفاهٍ. وَرَجُلٌ مُفَوَّهٌ: قادرٌ عَلَى المَنْطِق وَالْكَلَامِ، وَكَذَلِكَ فَيِّهٌ. ورجلٌ فَيِّهٌ: جَيِّدُ الكلامِ. وفَوَّهَه اللَّهُ: جعَلَه أَفْوَهَ. وفاهَ بِالْكَلَامِ يَفُوه: لَفَظَ بِهِ. وَيُقَالُ: مَا فُهْتُ بكلمةٍ وَمَا تَفَوَّهْتُ بِمَعْنًى أَي مَا فتَحْتُ فمِي بِكَلِمَةٍ. والمُفَوَّهُ: المِنْطِيقُ. وَرَجُلٌ مُفَوَّهُ يفُوهُ بِهَا. وإِنه لذُو فُوَّهةٍ أَي شديدُ الكلامِ بَسِيطُ اللِّسان. وفاهاهُ إِذَا ناطَقَه وفاخَرَه، وهافاهُ إِذَا مايَلَه إِلَى هَواه. والفَيِّهُ أَيضاً: الجيِّدُ الأَكلِ. وَقِيلَ: الشديدُ الأَكلِ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ، فَيْعِل، والأُنثى فَيِّهةٌ كثيرةُ الأَكل. والفَيِّهُ: المُفَوَّهُ المِنْطِيقُ أَيضاً. ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ فَيِّهٌ ومُفَوَّهٌ إِذَا كَانَ حسَنَ الكلامِ بَلِيغًا فِي كَلَامِهِ. وَفِي حَدِيثِ الأَحْنَفِ: خَشِيت أَن يَكُونَ مُفَوَّهاً أَي بَلِيغًا مِنْطِيقاً، كَأَنَّهُ مأْخوذ مِنَ الفَوَهِ وَهُوَ سَعةُ الفمِ. وَرَجُلٌ فَيِّهٌ ومُسْتَفِيهٌ فِي الطَّعَامِ إِذَا كَانَ أَكُولًا. الْجَوْهَرِيُّ: الفَيِّهُ الأَكولُ، والأَصْلُ فَيْوِهٌ فأُدْغم، وَهُوَ المِنْطيقُ أَيضاً، والمرأَةُ فَيِّهةٌ. واستَفاهَ الرجلُ اسْتِفاهةً واسْتِفاهاً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، فَهُوَ مُسْتَفِيهٌ: اشتَدَّ أَكْلُه بَعْدَ قِلَّة، وَقِيلَ: اسْتَفاهَ فِي الطَّعَامِ أَكثَرَ مِنْهُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يخصَّ هَلْ ذَلِكَ بعدَ قلَّةٍ أَم لَا؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ يَصِفُ شِبْلَيْن:
ثُمَّ اسْتَفاها فلمْ تَقْطَعْ رَضاعَهما
…
عن التَّصَبُّب لَا شَعْبٌ وَلَا قَدْعُ
اسْتَفاها: اشتَدَّ أَكْلُهما، والتَّصَبُّبُ: اكْتساءُ اللحمِ للسِّمَنِ بَعْدَ الفِطامِ، والتَّحلُّم مثلُه، والقَدْعُ: أَن تُدْفَعَ عَنِ الأَمر تُريدُه، يُقَالُ: قَدَعْتُه فقُدِعَ قَدْعاً. وَقَدِ اسْتَفاهَ فِي الأَكل وَهُوَ مُسْتَفِيهٌ، وَقَدْ تَكُونُ الاسْتِفاهةُ فِي الشَّرابِ. والمُفَوَّهُ: النَّهِمُ الَّذِي لَا يَشْبَع. وَرَجُلٌ مُفَوَّهٌ ومُسْتَفِيهٌ أَي شديدُ الأَكلِ. وشَدَّ مَا فَوَّهْتَ فِي هَذَا الطَّعَامِ وتفَوَّهْتَ وفُهْتَ أَي شَدَّ مَا أَكَلْتَ. وإِنه لمُفَوَّه ومُسْتَفِيهٌ فِي الْكَلَامِ أَيضاً، وَقَدِ اسْتَفاهَ اسْتِفاهةً فِي الأَكل، وَذَلِكَ إِذَا كُنْتَ قليلَ الطَّعْم ثُمَّ اشتَدَّ أَكْلُك وازْدادَ. وَيُقَالُ: مَا أَشَدَّ فُوَّهَةَ بعيرِك فِي هَذَا الكَلإِ، يُرِيدُونَ أَكْلَه، وَكَذَلِكَ فُوّهة فرَسِك ودابَّتِك، وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: أَفْواهُها مَجاسُّها؛ الْمَعْنَى أَن جَوْدةَ أَكْلِها تَدُّلك عَلَى سِمَنِها فتُغْنيك عَنْ جَسِّها، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سَقَى فلانٌ إِبلَه عَلَى أَفْواهِها، إِذَا لَمْ يَكُنْ جَبَى لَهَا الماءَ فِي الْحَوْضِ قَبْلَ ورُودِها، وإِنما نزَعَ عَلَيْهَا الماءَ حِينَ وَرَدَتْ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: سَقَى إبلَه قَبَلًا. وَيُقَالُ أَيضاً: جَرَّ فلانٌ إبلَه عَلَى أَفْواهِها إِذَا تَرَكَهَا تَرْعَى وتسِير؛ قَالَهُ الأَصمعي؛ وأَنشد:
أَطْلَقَها نِضْوَ بُلَيٍّ طِلْحِ،
…
جَرّاً على أَفْواهِها والسُّجْحِ «3» .
(3). قوله [على أفواهها والسجح] هكذا في الأصل والتهذيب هنا، وتقدم إنشاده في مادة جرر أفواههن السجح