المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُ قَوْلِهِ كَذِبًا وَمَيْنًا قَوْلُ الأَفْوه الأَوْدِيّ: وَفِينَا - لسان العرب - جـ ١٣

[ابن منظور]

فهرس الكتاب

- ‌ن

- ‌حرف النون

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الخاء المعجمة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌فصل الظاء المعجمة

- ‌فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء المثناة تحتها

- ‌ه

- ‌حرف الهاء

- ‌فصل الألف

- ‌فصل الباء الموحدة

- ‌فصل التاء المثناة فوقها

- ‌فصل الثاء المثلثة

- ‌فصل الجيم

- ‌فصل الحاء المهملة

- ‌فصل الدال المهملة

- ‌فصل الذال المعجمة

- ‌فصل الراء المهملة

- ‌فصل الزاي

- ‌فصل السين المهملة

- ‌فصل الشين المعجمة

- ‌فصل الصاد المهملة

- ‌فصل الضاد المعجمة

- ‌فصل الطاء المهملة

- ‌ فصل العين المهملة

- ‌فصل الغين المعجمة

- ‌فصل الفاء

- ‌فصل القاف

- ‌فصل الكاف

- ‌فصل اللام

- ‌فصل الميم

- ‌فصل النون

- ‌فصل الهاء

- ‌فصل الواو

- ‌فصل الياء المثناة تحتها

الفصل: قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُ قَوْلِهِ كَذِبًا وَمَيْنًا قَوْلُ الأَفْوه الأَوْدِيّ: وَفِينَا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُ قَوْلِهِ كَذِبًا وَمَيْنًا قَوْلُ الأَفْوه الأَوْدِيّ:

وَفِينَا للقِرَى نارٌ يُرَى عندها

للضَّيْفِ رُحْبُ وسَعَه

والرُّحْبُ والسَّعة وَاحِدٌ؛ وَكَقَوْلِ لَبِيدٍ:

فأَصْبِح طاوِياً حَرِصاً خَمِيصاً،

كنَصْلِ السيفِ حُودِثَ بالصِّقالِ

وَقَالَ المُمزَّقُ العبدِيّ:

وهُنَّ عَلَى الرَّجائز واكِناتٌ،

طَويلاتُ الذَّوائبِ والقُرونِ

وَالذَّوَائِبُ وَالْقُرُونُ وَاحِدٌ. وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ: عَبَسَ وَبَسَرَ، وَفِيهِ: لَا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً، وَفِيهِ: فِجاجاً سُبُلًا، وفيه: غَرابِيبُ سُودٌ، وَقَوْلُهُ: فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً؛ وجمعُ المَيْنِ مُيُونٌ. ومانَ يَمينُ مَيْناً: كَذِبَ، فَهُوَ مَائِنٌ أَي كَاذِبٌ. وَرَجُلٌ مَيُونٌ ومَيّانٌ: كذَّاب. ووُدُّ فلانٍ مُتَمايِنٌ، وفلانٌ مُتماينُ الوُدِّ إِذا كَانَ غَيْرَ صَادِقِ الخُلَّةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

رُوَيْدَ عَلِيّاً جُدَّ مَا ثَدْيُ أُمِّهِمْ

إِلينا، ولكنْ وُدُّهم مُتَمايِنُ

وَيُرْوَى مُتيامِن أَي مَائِلٌ إِلى اليَمن. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، فِي ذَمِّ الدُّنْيَا: فَهِيَ الجامِحَةُ الحَرُونُ والمائنةُ الخَؤُون.

وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ:

خرَجْتُ مُرابِطاً لَيْلَةً مَحْرَسي إِلى المِيناء

؛ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُرْفَأُ فِيهِ السفنُ أَي تُجْمع وتُرْبَطُ؛ قِيلَ: هُوَ مِفْعال مِنَ الوَنْيِ الفُتُورِ لأَن الريحَ يَقِلُّ فِيهِ هُبوبها، وَقَدْ يُقْصَرُ فَيَكُونُ عَلَى مِفْعَل، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ.

ميسن: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: المَيْسُوسَنُ شَرَابٌ، وَهُوَ معرَّب. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: رأَى فِي بَيْتِهِ المَيْسُوسَنَ فَقَالَ أَخْرِجُوه فإِنه رِجْسٌ

؛ هُوَ شَرَابٌ تَجْعَلُهُ النِّسَاءُ فِي شُعُورِهِنَّ، وَهُوَ معرَّب، وَذَكَرَهُ الأَزهري فِي أَسن مِنْ ثُلَاثِي الْمُعْتَلِّ، وَعَادَ أَخرجه في الرباعي.

ميكايين: مِيكايين وَمِيكَايِيلُ: مِنْ أَسماء الملائكة.

‌فصل النون

نتن: النَّتْنُ: الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ، نقيضُ الفَوْحِ، نَتَنَ نَتْناً ونَتُنَ نَتانَةً وأَنْتَنَ، فَهُوَ مُنْتِنٌ ومِنْتِنٌ ومُنْتُنٌ ومِنْتِينٌ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما مُنْتِنٌ فَهُوَ الأَصل ثُمَّ يَلِيهِ مِنْتِنٌ، وأَقلها مُنْتُنٌ، قَالَ: فأَما مَنْ قَالَ إِنَّ مُنْتِنٌ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنْتَنَ ومِنْتِنٌ مِنْ قَوْلِهِمْ نَتُنَ الشيءُ فإِن ذَلِكَ لُكْنة مِنْهُ. وَقَالَ كُرَاعٌ: نَتُنَ فَهُوَ مُنْتِنٌ، لَمْ يأْت فِي الْكَلَامِ فَعُلَ فَهُوَ مُفْعِلٌ إِلا هَذَا، قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي مِنْتِن: كُسِرَتِ الْمِيمُ إِتْبَاعًا لِلتَّاءِ لأَن مِفْعِلًا لَيْسَ مِنَ الأَبنية. ونَتّنه غَيْرُه تَنْتِيناً أَي جعله مُنْتِناً. قَالَ: وَيُقَالُ قَوْمٌ مَناتينُ؛ قَالَ ضَبُّ بنُ نُعْرَة:

قالتْ سُليْمى: لَا أُحِبُّ الجَعْدِينْ،

وَلَا السِّباطَ، إِنهم مَناتِينْ

قَالَ: وَقَدْ قَالُوا مَا أَنْتَنه. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَا بالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ دَعُوها فإِنها مُنْتِنة

أَي مَذْمُومَةٌ فِي الشَّرْعِ مُجْتَنِبَةٌ مَكْرُوهَةٌ كَمَا يُجْتَنَبُ الشيءُ المُنْتِنُ؛ يُرِيدُ قَوْلَهُمْ: يَا لَفُلانٍ. وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ:

لَوْ كَانَ المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ حَيّاً فَكَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لأَطْلَقْتُهم لَهُ

، يَعْنِي أُسارى بَدْرٍ، وَاحِدُهُمْ نَتِنٌ كزَمِنٍ وزَمْنَى، سَمَّاهُمْ نَتْنَى لِكُفْرِهِمْ كَقَوْلِهِ

ص: 426

تَعَالَى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ نتَنَ اللَّحْمُ وَغَيْرُهُ يَنْتِنُ وأَنْتَن يُنْتِنُ، فَمَنْ قَالَ نَتَنَ قَالَ مِنْتِنٌ، وَمَنْ قَالَ أَنْتَنَ فَهُوَ مُنْتِنٌ، بِضَمِّ الْمِيمِ، وَقِيلَ: مِنْتِنٌ كَانَ فِي الأَصل مِنْتِينٌ، فَحَذَفُوا المدَّة، وَمِثْلُهُ مِنْخِر أَصله مِنْخِير، وَالْقِيَاسُ أَن يُقَالَ نَتَنَ فَهُوَ ناتِنٌ، فَتَرَكُوا طَرِيقَ الْفَاعِلِ وَبَنَوْا مِنْهُ نَعْتًا عَلَى مِفْعِيل، ثُمَّ حَذَفُوا المدَّة. والنَّيْتُونُ: شَجَرٌ مُنْتِنٌ؛ عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والنَّيْتُونُ شَجَرَةٌ خَبِيثَةٌ مُنْتِنة؛ قَالَ جَرِيرٌ:

حَلُّوا الأَجارِعَ مِنْ نَجْدٍ، وَمَا نزَلُوا

أَرْضاً بِهَا يَنْبُتُ النَّيْتُونُ والسَّلَعُ

قال: ووزنه فَيْعُول.

نثن: نَثَنَ اللحمُ نَثْناً ونَثَناً: تغَيَّر.

نحن: نَحْنُ: ضَمِيرٌ يُعْنَى بِهِ الاثنانِ وَالْجَمِيعُ المُخْبرون عَنْ أَنفسهم، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضَّمِّ، لأَن نَحْنُ تَدُلُّ عَلَى الْجَمَاعَةِ وجماعةُ الْمُضْمَرَيْنِ تَدُلُّ عَلَيْهِمُ الْمِيمُ أَو الْوَاوُ نَحْوَ فَعَلُوا وأَنتم، وَالْوَاوُ مِنْ جِنْسِ الضَّمَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ حَرَكَةِ نَحْنُ فحرِّكت بِالضَّمِّ لأَن الضَّمَّ مِنَ الْوَاوِ، فأَما قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ: نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ، فَلَا بُدَّ أَن تَكُونَ النُّونُ الأُولى مُخْتَلَسَةَ الضَّمَّةِ تَخْفِيفًا وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَحَرِّكَةِ، فأَما أَن تَكُونَ سَاكِنَةً وَالْحَاءُ قَبْلَهَا سَاكِنَةً فخطأٌ. الْجَوْهَرِيُّ: نَحْنُ كَلِمَةٌ يُعْنَى بِهَا جَمْعُ أَنا مِنْ غَيْرِ لَفْظِهَا، وحرِّك آخِرُهُ بِالضَّمِّ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ لأَن الضَّمَّةَ مِنْ جِنْسِ الْوَاوِ الَّتِي هِيَ عَلَامَةُ الْجَمْعِ، وَنَحْنُ كِنَايَةٌ عَنْهُمْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَا يَصِحُّ قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ إِن الْحَرَكَةَ فِي نَحْنُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ لأَن اخْتِلَافَ صِيَغِ الْمُضْمَرَاتِ يَقُومُ مَقَامَ الإِعراب، وَلِهَذَا بُنِيَتْ عَلَى حَرَكَةٍ مِنْ أَوّل الأَمر نَحْوَ هُوَ وَهِيَ وأَنا فعلتُ كَذَا، لِكَوْنِهَا قَدْ تَنَزَّلَتْ مَنْزِلَةَ مَا الأَصلُ فِي التَّمْكِينِ، قَالَ: وإِنما بُنِيَتْ نَحْنُ عَلَى الضَّمِّ لِئَلَّا يَظُنَّ بِهَا أَنها حَرَكَةُ الْتِقَاءِ سَاكِنَيْنِ، إِذ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ يُحَرَّكُ بِهِمَا مَا الْتَقَى فِيهِ سَاكِنَانِ نَحْوَ رَدَّ ومدّ وشدّ.

نرسن: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: أَبو حَاتِمٍ تَمْرَةٌ نِرْسِيانِية، النُّونُ مَكْسُورَةٌ، وَالْجَمْعُ نِرْسِيانٌ، والله أَعلم.

ننن: قَالَ الأَزهري فِي أَواخر بَابِ النُّونِ: النَّنُّ الشعَر الضعيف.

نون: النُّونُ: الْحُوتُ، وَالْجَمْعُ أَنْوانٌ ونِينانٌ، وأَصله نُونانٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ النُّونِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام: يَعْلَمُ اختِلافَ النِّينانِ فِي الْبِحَارِ الغامِراتِ.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:

ن وَالْقَلَمِ

، قَالَ الْفَرَّاءُ: لَكَ أَن تُدْغِمَ النُّونَ الأَخيرة وَتُظْهِرَهَا، وإِظهارها أَعجب إِليَّ لأَنها هِجَاءٌ، وَالْهِجَاءُ كَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَإِنِ اتَّصَلَ، وَمَنْ أَخفاها بَنَاهَا عَلَى الِاتِّصَالِ، وَقَدْ قرأَ الْقُرَّاءُ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَكَانَ الأَعمش وَحَمْزَةُ يُبَيِّنَانِهَا وَبَعْضُهُمْ يَتْرُكُ الْبَيَانَ، وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ ن الحوتُ الَّذِي دُحِيَت عَلَيْهِ سبعُ الأَرضين، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ ن الدَّواةُ، وَلَمْ يجىء فِي التَّفْسِيرِ كَمَا فُسِّرَتْ حُرُوفُ الْهِجَاءِ، فالإِدغام كَانَتْ مِنْ حُرُوفِ الْهِجَاءِ أَو لَمْ تَكُنْ جَائِزٌ وَالتَّبْيِينُ جَائِزٌ، والإِسكان لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ إِلَّا وَفِيهِ حَرْفُ الْهِجَاءِ، قَالَ الأَزهري: ن وَالْقَلَمِ

، لَا يَجُوزُ فِيهِ غَيْرُ الْهِجَاءِ، أَلا تَرَى أَن كُتَّاب الْمُصْحَفِ كَتَبُوهُ ن

؟ وَلَوْ أُريد بِهِ الدَّواةُ أَوِ الْحُوتُ لِكُتِبَ نُونٌ. الحسنُ وقتادةُ فِي قَوْلِهِ ن وَالْقَلَمِ

، قَالَا: الدواةُ وَالْقَلَمُ. وَما يَسْطُرُونَ، قَالَ: وَمَا يَكْتُبُونَ. وَرُوِيَ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَمُ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ وَمَا أَكتب؟ قَالَ: القَدَر، قَالَ: فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ، ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ ثُمَّ بَسَطَ الأَرضَ عَلَيْهَا،

ص: 427

فَاضْطَرَبَتِ النُّونُ فَمَادَتِ الأَرض فَخَلَقَ الْجِبَالَ فأَثبتها بِهَا، ثُمَّ قرأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ

، قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي بَابِ إِخفاء النُّونِ وإِظهارها: النونُ مَجْهُورَةٌ ذَاتُ غُنَّةٍ، وَهِيَ تُخْفَى مَعَ حُروُفِ الْفَمِ خَاصَّةً، وَتَبِينُ مَعَ حُرُوفِ الْحَلْقِ عامَّة، وإِنما خَفِيَتْ مَعَ حُرُوفِ الْفَمِ لِقُرْبِهَا مِنْهَا، وَبَانَتْ مَعَ حُرُوفِ الْحَلْقِ لِبُعْدِهَا مِنْهَا، وَكَانَ أَبو عَمْرٍو يُخْفِي النُّونَ عِنْدَ الْحُرُوفِ الَّتِي تُقَارِبُهَا وَذَلِكَ أَنها مِنْ حُرُوفِ الْفَمِ كَقَوْلِكَ: مَنْ قَالَ وَمَنْ كَانَ وَمَنْ جَاءَ. قَالَ اللَّه تَعَالَى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ*، عَلَى الإِخفاء، فأَما بَيَانُهَا عِنْدَ حُرُوفِ الْحَلْقِ السِّتَّةِ فإِن هَذِهِ السِّتَّةَ تَبَاعَدَتْ مِنْ مَخْرَجِهَا، وَلَمْ تَكُنْ مِنْ قَبِيلِهَا وَلَا مِنْ حَيِّزِهَا فَلَمْ تخفَ فِيهَا، كَمَا أَنها لَمْ تُدْغَمْ فِيهَا، وَكَمَا أَنَّ حُرُوفَ اللِّسَانِ لَا تُدْغَمُ فِي حُرُوفِ الْحَلْقِ لِبُعْدِهَا مِنْهَا، وإِنما أُخفيت مَعَ حُرُوفِ الْفَمِ كَمَا أُدغمت فِي اللَّامِ وأَخواتها كَقَوْلِكَ: مِنْ أَجلك، مِنْ هُنَا، مَنْ خَافَ، مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ، مِنْ عليَّ، مِنْ عَلَيْكَ. قَالَ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُجْرِي الْغَيْنَ وَالْخَاءَ مَجْرَى الْقَافِ وَالْكَافِ فِي إِخفاء النُّونِ مَعَهُمَا، وَقَدْ حَكَاهُ النَّضِرُ عَنِ الْخَلِيلِ قَالَ: وإِليه ذَهَبَ سِيبَوَيْهِ. قَالَ اللَّه تَعَالَى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ، إِن شِئْتَ أَخفيت وإِن شِئْتَ أَبنت. وَقَالَ الأَزهري فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: النُّونُ حَرْفٌ فِيهِ نُونَانِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ، وَهِيَ مَدَّةٌ، وَلَوْ قِيلَ فِي الشِّعْرِ نن كَانَ صَوَابًا. وقرأَ أَبو عَمْرٍو نُونْ جَزْمًا، وقرأَ أَبو إِسحاق نونِ جَرًّا، وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: النُّونُ تُزَادُ فِي الأَسماء والأَفعال، فأَما فِي الأَسماء فإِنها تُزَادُ أَوَّلًا فِي نَفْعَلُ إِذا سُمِّيَ بِهِ، وَتُزَادُ ثَانِيًا فِي جُنْدبٍ وجَنَعْدَلٍ، وَتُزَادُ ثَالِثَةً فِي حَبَنْطَى وسَرَنْدَى وَمَا أَشبهه، وَتُزَادُ رَابِعَةً فِي خَلْبَنٍ وضَيْفَنٍ وعَلْجَنٍ ورَعْشَنٍ، وَتُزَادُ خَامِسَةً فِي مِثْلِ عُثْمَانَ وَسُلْطَانٍ، وَتُزَادُ سَادِسَةً فِي زَعْفَران وكَيْذُبانٍ، وَتُزَادُ سَابِعَةً فِي مِثْلِ عَبَيْثَران، وَتُزَادُ عَلَامَةً لِلصَّرْفِ فِي كُلِّ اسْمٍ مُنْصَرِفٍ، وَتُزَادُ فِي الأَفعال ثَقِيلَةً وَخَفِيفَةً، وَتُزَادُ فِي التثنية والجمع وفي الأَمر فِي جَمَاعَةِ النِّسَاءِ، وَالنُّونُ حَرْفُ هِجَاءٍ مَجْهورٌ أَغَنُّ، يَكُونُ أَصلًا وَبَدَلًا وَزَائِدًا، فالأَصل نَحْوُ نُونِ نَعَمْ وَنُونِ جَنْبٍ، وأَما الْبَدَلُ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلى أَن النُّونَ فِي فَعْلان فَعْلَى بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ فَعْلاء، وَإِنَّمَا دَعَاهُمْ إِلى الْقَوْلِ بِذَلِكَ أَشياء: مِنْهَا أَن الْوَزْنَ فِي الْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ فِي فَعْلانَ وفَعْلَى واحدٌ، وأَن فِي آخِرِ فَعْلان زَائِدَتَيْنِ زِيدَتَا مَعًا والأُولى مِنْهُمَا أَلف سَاكِنَةٌ، كَمَا أَن فَعْلَانَ كَذَلِكَ، وَمِنْهَا أَن مُؤَنَّثَ فَعْلَانَ عَلَى غَيْرِ بِنَائِهَا، وَمِنْهَا أَنَّ آخِرَ فَعْلاء هَمْزَةُ التأْنيث كَمَا أَن آخِرَ فَعْلَانَ نُونًا تَكُونُ فِي فَعَلْنَ نَحْوُ قُمْنَ وَقَعَدْنَ علامةَ تأْنيث، فَلَمَّا أَشبهت الْهَمْزَةُ النُّونَ هَذَا الِاشْتِبَاهَ وتقاربتا هذا التقارُبَ، لم يَخْلُ أَن تَكُونَا أَصليتين كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قَائِمَةٌ غَيْرُ مُبْدَلَةٍ مِنْ صَاحِبَتِهَا، أَو تَكُونُ إِحداهما مُنْقَلِبَةً عَنِ الأُخرى، فَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنهما لَيْسَتَا بأَصلين بَلِ النُّونُ بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ قَوْلُهُمْ فِي صَنْعاء وبَهْراء، يَدُلُّ عَلَى أَنها فِي بَابِ فَعْلان، فَعْلَى بَدَلُ هَمْزَةِ فَعْلاءَ، وَقَدْ يَنْضَافُ إِليه مقوِّياً لَهُ قَوْلَهُمْ فِي جَمْعِ إِنسان أَناسِيّ، وَفِي ظَرِبانَ ظَرابيّ، فَجَرَى هَذَا مَجْرَى قَوْلِهِمْ صَلْفاء وصَلافي وخَبْراء وخَبارِي، فردُّهم النُّونَ فِي إِنسان وظَرِبانٍ يَاءً فِي ظَرابيّ وأَناسيّ، وردُّهم هَمْزَةَ خَبْراء وصَلْفاء يَاءً، يَدُلُّ عَلَى أَن الْمَوْضِعَ لِلْهَمْزَةِ، وأَن النُّونَ دَاخِلَةٌ عَلَيْهَا. الْجَوْهَرِيُّ: النُّونُ حَرْفٌ مِنَ الْمُعْجَمِ، وَهُوَ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَاتِ، وَقَدْ تَكُونُ للتأْكيد تَلْحَقُ الْفِعْلَ الْمُسْتَقْبَلَ بَعْدَ لَامِ الْقَسَمِ كَقَوْلِكَ: واللَّه لأَضربن زَيْدًا، وَتَلْحَقُ بَعْدَ ذَلِكَ الأَمر وَالنَّهْيَ تَقُولُ: اضْرِبْنَ زَيْدًا وَلَا تَضْرِبْنَ عَمْرًا، وَتَلْحَقُ فِي الِاسْتِفْهَامِ تَقُولُ: هَلْ تَضْرِبْنَ زَيْدًا؟ وَبَعْدَ الشَّرْطِ كَقَوْلِكَ: إِما تَضْرِبْنَ زيداً أَضربه، إِذا زِدْتَ عَلَى إِن مَا زِدْتَ عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ

ص: 428

نُونَ التَّوْكِيدِ. قَالَ تَعَالَى: فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ. وَتَقُولُ فِي فِعْلِ الِاثْنَيْنِ: لَتَضْرِبانِّ زَيْدًا يَا رَجُلَانِ، وَفِي فِعْلِ الْجَمَاعَةِ: يَا رجالُ اضْرِبُنَّ زَيْدًا، بِضَمِّ الْبَاءِ، وَيَا امرأَةُ اضْرِبِنَّ زَيْدًا، بِكَسْرِ الْبَاءِ، وَيَا نِسْوَةُ اضْرِبنانّ زَيْدًا، وأَصله اضربْنِنّ، بِثَلَاثِ نُونَاتٍ، فَتَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بأَلف وَتُكْسَرُ النُّونُ تَشْبِيهًا بِنُونِ التَّثْنِيَةِ، قَالَ: وَقَدْ تَكُونُ نُونُ التَّوْكِيدِ خَفِيفَةً كَمَا تَكُونُ مُشَدَّدَةً، إِلا أَن الْخَفِيفَةَ إِذا اسْتَقْبَلَهَا سَاكِنٌ سَقَطَتْ، وإِذا وَقَفْتَ عَلَيْهَا وَقَبْلَهَا فَتْحَةً أَبدلتها أَلفاً كَمَا قَالَ الأَعشى:

وَذَا النُّصُبِ المَنْصُوبَ لَا تَنْسُكَنَّه،

وَلَا تَعْبُدَ الشَّيطانَ واللَّهَ فاعْبُدَا

قَالَ: وَرُبَّمَا حُذِفَتْ فِي الْوَصْلِ كَقَوْلِ طَرَفة:

اضْرِبَ عَنْكَ الهُمومَ طارقَها،

ضَرْبَكَ بالسَّوْطِ قَوْنسَ الفَرسِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ مَصْنُوعٌ عَلَى طَرَفَةَ، وَالْمُخَفَّفَةُ تَصْلُحُ فِي مَكَانِ المشدَّدة إِلا فِي مَوْضِعَيْنِ: فِي فِعْلِ الِاثْنَيْنِ يَا رَجُلَانِ اضْرِبانّ زَيْدًا، وَفِي فِعْلِ جَمَاعَةِ الْمُؤَنَّثِ يَا نِسْوَةُ اضْرِبْنانِّ زَيْدًا، فإِنه لَا يَصْلُحُ فِيهِمَا إِلا الْمُشَدَّدَةُ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ بِنُونِ التَّثْنِيَةِ، قَالَ: وَيُونُسُ يُجِيزُ الْخَفِيفَةَ هَاهُنَا أَيضاً، قَالَ: والأَول أَجوَد. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: إِنما لَمْ يَجُزْ وُقُوعُ النُّونِ الْخَفِيفَةِ بَعْدَ الأَلف لأَجل اجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ عَلَى غَيْرِ حَدِّه، وَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمُشَدَّدَةِ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِ السَّاكِنِيْنِ إِذا كَانَ الثَّانِي مُدْغَمًا والأَول حَرْفَ لِينٍ. والتَّنْوين والتَّنْوينة: معروف. ونوّن الاسم: أَلحقه التَّنْوِينَ. وَالتَّنْوِينُ: أَن تُنَوِّنَ الِاسْمَ إِذا أَجريته، تَقُولُ: نَوَّنْتُ الِاسْمَ تَنْوِينًا، وَالتَّنْوِينُ لَا يَكُونُ إِلا فِي الأَسماء. والنُّونة: الْكَلِمَةُ مِنَ الصَّوَابِ. والنُّونة: النُّقْبة فِي ذَقَن الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ. وَفِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ: أَنه رأَى صَبِيًّا مَلِيحًا فَقَالَ: دَسِّمُوا نُونَته

أَي سَوِّدوها لِئَلَّا تُصِيبَهُ الْعَيْنُ، قَالَ: حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. الأَزهري: هِيَ الخُنْعُبة والنُّونة والثُّومةُ والهَزْمة والوَهْدَة والقَلْدَة والهَرْتَمَة والعَرْتَمَة والحَثْرَمة، قَالَ اللَّيْثُ: الخُنْعُبة مَشَقُّ مَا بَيْنَ الشاربينِ بحِيال الوَتَرة، الأَزهري: قَالَ أَبو تُرَابٍ: أَنشدني جَمَاعَةٌ مِنْ فُصَحَاءَ قَيْسٍ وأَهلِ الصدْق مِنْهُمْ:

حامِلةٌ دَلْوُك لَا مَحْمُولَهْ،

مَلأَى مِنَ الْمَاءِ كَعَيْنِ النُّونَهْ

فَقُلْتُ لَهُمْ: رَوَاهَا الأَصمعي كعَيْنِ المُولَه فَلَمْ يَعْرِفُوهَا، وَقَالُوا: النُّونة السَّمَكَةُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُولَهُ الْعَنْكَبُوتُ. وَيُقَالُ لِلسَّيْفِ الْعَرِيضِ الْمَعْطُوفِ طَرَفَي الظُّبَةِ: ذُو النُّونَيْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

قَرَيْتُك فِي الشَّرِيطِ إِذا التَقَينا،

وَذُو النُّونَيْنِ يومَ الحَرْبِ زَيْني

الْجَوْهَرِيُّ: والنُّونُ شَفْرةُ السَّيفِ، قَالَ الشَّاعِرُ:

بذِي نُونينِ فَصَّالٍ مِقَطِّ

وَالنُّونُ: اسْمُ سَيْفٍ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وأَنشد:

سأَجْعَلُه مكانَ النُّونِ مِنِّي

وَقَالَ: يَقُولُ سأَجعل هَذَا السَّيْفَ الَّذِي اسْتَفَدْتَهُ مَكَانَ ذَلِكَ السَّيْفِ الْآخَرِ. وَذُو النُّونِ: سيفٌ كَانَ لِمَالِكِ ابن زُهَيْرٍ أَخِي قَيْسِ بْنِ زُهَيْر، فَقَتَلَهُ حَمَلُ بنُ بَدْرٍ وأَخذ مِنْهُ سيفَه ذَا النُّونِ، فَلَمَّا كَانَ يومُ الهَباءة قَتَلَ الحرثُ بْنُ زُهَيْرٍ حَمَلَ بْنَ بَدْرٍ وأَخذ مِنْهُ ذَا النون، وفيه يقول الحرث بْنُ زُهَيْرٍ:

ويُخْبرُهم مكانُ النُّونِ مِنِّي،

وَمَا أُعْطِيتُه عَرَقَ الخِلالِ

ص: 429