المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تفسير قوله تعالى: {إلا اللمم} - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٢٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ قياس عقد التأمين على عقد المضاربة:

- ‌ قياس عقد التأمين على ضمان المجهول وضمان ما لم يجب:

- ‌ قياس عقد التأمين على ضمان خطر الطريق

- ‌قياس عقد التأمين على نظام التقاعد:

- ‌ قياس التأمين على نظام العواقل في الإسلام:

- ‌ قياس التأمين على عقد الحراسة:

- ‌ قياس التأمين على الإيداع:

- ‌ قياس التأمين على ما عرف بقضية تجار البز مع الحاكة

- ‌ التأمين فيه مصلحة

- ‌الفتاوى

- ‌ الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر

- ‌ للمسافر سفر قصر أن يفطر في سفره سواء كان ماشيا، أو راكبا

- ‌ طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعوة الكفار إلى الإسلام

- ‌ حكم الشعر والغناء والموسيقى

- ‌ محدثات الأمور وما معناها

- ‌ دعاء ختم القرآن لشيخ الإسلام ابن تيمية

- ‌نداء جاه النبي والرسول صلى الله عليه وسلم عند النهوض من المجلس، أو نداء رضا الوالدين

- ‌ كيف نرد على القائلين بأن (الله في كل مكان)

- ‌ تحية المسجد

- ‌ الفرق بين السحر والعين

- ‌ انحناء الرأس لمسلم عند التحية

- ‌ إبليس من الجن، أو من الملائكة

- ‌ لماذا سمي الدين الإسلامي (بالإسلام)

- ‌ حكم النذر في الإسلام

- ‌ القراءة في كتاب دلائل الخيرات

- ‌ الطرق التي يدخل بها الشيطان على الإنسان

- ‌ الاجتماع في دعاء ختم القرآن

- ‌ هل ترى ليلة القدر عيانا

- ‌ تفسير قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ}

- ‌بيان التوحيد والتحذير من الشرك

- ‌ توحيد الربوبية

- ‌ توحيد الألوهية:

- ‌ توحيد الأسماء والصفات:

- ‌ بيان الشرك:

- ‌حدوث الشرك في العالم وسببه:

- ‌ظهور الشرك في هذه الأمة:

- ‌معنى الشهادة في اللغة وفي اصطلاح الفقهاء

- ‌مباحث السنة عند الأصوليين

- ‌تعريف السنة في اللغة والاصطلاح:

- ‌أنواع السنة

- ‌منزلة السنة من القرآن من حيث الرتبة

- ‌منزلة السنة من القرآن من جهة ما ورد فيها من أحكام

- ‌خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌دلالة فعل الرسول صلى الله عليه وسلمعلى الحكم الشرعي

- ‌تقسيم السنة من حيث وصولها إلينا

- ‌الاحتجاج بالحديث المرسل

- ‌آراء العلماء في الاحتجاج بالحديث المرسل

- ‌خبر الواحد الصحيح إذا خالف القياس

- ‌خبر الواحد الصحيح إذا نسيه الراوي أو عمل بخلافه

- ‌الاحتجاج بخبر الواحد الصحيح فيما تعم به البلوى

- ‌ المراجع

- ‌توطئة

- ‌موضوع الرسالة:

- ‌النص المحقق

- ‌التحذير من التعامل بالربا وبيان سوء عاقبته

- ‌مقابلة مع سماحة الرئيس العامأجرتها صحيفة الراية السودانية

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ تفسير قوله تعالى: {إلا اللمم}

أماراتها وكان الصحابة رضي الله عنهم يستدلون عليها بعلامات ولكن عدم رؤيتها لا يمنع حصول فضلها لمن قامها إيمانا واحتسابا؛ فالمسلم ينبغي له أن يجتهد في تحريها في العشر الأواخر من رمضان كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم طلبا للأجر والثواب فإذا صادف قيامه إيمانا واحتسابا هذه الليلة نال أجرها، وإن لم يعلمها قال صلى الله عليه وسلم:«من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (1)» وفي رواية أخرى «من قامها ابتغاءها، ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (2)» (صحيح البخاري - 4/ 221)(وصحيح مسلم 760).

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن من علاماتها طلوع الشمس صبيحتها لا شعاع لها وكان أبي بن كعب يقسم على أنها ليلة سبع وعشرين ويستدل بهذه العلامة، والراجح أنها متنقلة في ليالي العشر كلها وأوتارها أحرى وليلة سبع وعشرين آكد الأوتار في ذلك، ومن اجتهد في العشر كلها في الصلاة والقرآن والدعاء وغير ذلك من وجوه الخير أدرك ليلة القدر بلا شك وفاز بما وعد الله من قامها إذا فعل ذلك إيمانا واحتسابا والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

(1) صحيح البخاري الصوم (1901)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (760)، سنن الترمذي الصوم (683)، سنن النسائي الصيام (2202)، سنن أبو داود الصلاة (1372)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 241)، سنن الدارمي الصوم (1776).

(2)

صحيح البخاري الأدب (6049)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 318)، سنن الدارمي الصوم (1781).

ص: 187

ومحل السؤال هنا هو قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ} (1) ونفيد بأن علماء التفسير رحمهم الله اختلفوا في تفسير ذلك، وذكروا أقوالا في معناه أحسنها قولان:

أحدهما: أن المراد به ما يلم به الإنسان من صغائر الذنوب؛ كالنظرة والاستماع لبعض ما لا يجوز من محقرات الذنوب وصغائرها ونحو ذلك.

وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من السلف. واحتجوا على ذلك بقوله سبحانه في سورة النساء: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (2).

قالوا: فالمراد بالسيئات المذكورة في هذه الآية هي صغائر الذنوب وهي اللمم؛ لأن كل إنسان يصعب عليه التحرز من ذلك.

فمن رحمة الله سبحانه أن وعد المؤمنين بغفران ذلك لهم إذا اجتنبوا الكبائر، ولم يصروا على الصغائر. وأحسن ما قيل في تعريف الكبائر: إنها المعاصي التي فيها حد في الدنيا؛ كالسرقة والزنا والقذف وشرب المسكر، أو فيها وعيد في الآخرة بغضب من الله، أو لعنة أو نار؛ كالربا والغيبة والنميمة والسب والشتم، ومما يدل على غفران الصغائر، واجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة: فزنا العين النظر، وزنا اللسان الكلام، وزنا الأذن الاستماع، وزنا اليد البطش. وزنا الرجل الخطى، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك، أو يكذبه (3)» .

(1) سورة النجم الآية 32

(2)

سورة النساء الآية 31

(3)

صحيح البخاري الاستئذان (6243)، صحيح مسلم القدر (2657)، سنن أبو داود النكاح (2152)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 536).

ص: 188

ومن الأدلة على وجوب الحذر من الصغائر والكبائر جميعا، وعدم الإصرار عليها قوله سبحانه:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (1){أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (2) القول الثاني: أن المراد باللمم هو ما يلم به الإنسان من المعاصي، ثم يتوب إلى الله من ذلك كما في، الآية السابقة، وهي قوله تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} (3) وقوله سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (4). وما جاء في معنى ذلك من الآيات الكريمات وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون (5)» .

ولأن كل إنسان معرض للخطأ، والتوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب وهي المشتملة على الندم على ما وقع من المعصية والإقلاع منها والعزيمة الصادقة على ألا يعود إليها خوفا من الله سبحانه وتعظيما له ورجاء مغفرته.

ومن تمام التوبة إذا كانت المعصية تتعلق بحق الآدميين؛ كالسرقة والغصب والقذف والضرب والسب والغيبة ونحو ذلك، أن يعطيهم حقوقهم أو يستحلهم منها إلا إذا كانت المعصية غيبة وهي الكلام في العرض ولم يتيسر استحلال صاحبها حذرا من وقوع شر أكثر فإنه يكفي في ذلك أن يدعو بظهر الغيب وأن يذكره بما يعلم من صفاته

(1) سورة آل عمران الآية 135

(2)

سورة آل عمران الآية 136

(3)

سورة آل عمران الآية 135

(4)

سورة النور الآية 31

(5)

سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2499)، سنن ابن ماجه الزهد (4251)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 198).

ص: 189

الطيبة، وأعماله الحسنة في الأماكن التي اغتابه فيها ولا حاجة إلى إخباره بغيبته إذا كان يخشى الوقوع في شر أكثر.

وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وأن يحفظنا وإياكم من كل سوء، وأن يمن علينا جميعا بالاستقامة على دينه والسلامة من أسباب غضبه والتوبة إليه سبحانه من جميع ما يخالف شرعه، إنه جواد كريم.

الرئيس العام

لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد

ص: 190